بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا علماً نافعاً، وارزقنا عملاً صالحاً، ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى.
أما بعد:
إخوتي وأخواتي! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، مرحباً بكم في حلقة جديدة، أبدؤها بالحديث عن شروط الصلاة.
بعدما مضى الكلام معنا عن أبواب من كتاب الطهارة، فيما يتعلق بأنواع النجاسات، وكيفية تطهيرها، والكلام عن المعفوات التي تسامح الشرع فيها، والكلام عن آداب قضاء الحاجة، والكلام عن خصال الفطرة.
بقي معنا الكلام عن أحكام الآنية، والكلام عن الوضوء والتيمم والغسل والمسح على الخفين والعمامة، والمسح على العصابة، والمسح على الجبيرة، وبقي معنا الكلام عن صلاة فاقد الطهورين.
لكن قبل أن نلج في هذه الأبواب أقول: أن للصلاة شروطاً، وهذه الشروط على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: شروط الوجوب.
القسم الثاني: شروط الصحة.
القسم الثالث: شروط الصحة والوجوب معاً.
أما شروط الوجوب فهما اثنان: فالصلاة لا تجب إلا إذا توافر شرطان:
الشرط الأول: البلوغ، فلا تجب الصلاة على غير بالغ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أن ( القلم مرفوع عن الصبي حتى يحتلم )، فلا تجب عليه الصلاة إلا إذا بلغ، لكننا مأمورون بأن نعوده عليها، وأن نأمره بها، وأن نعلمه إياها، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ( مروا أبناءكم بالصلاة، أو مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع ).
الشرط الثاني للوجوب: عدم الإكراه على تركها، فمن أكره على ترك الصلاة فإنها لا تجب عليه؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( إن الله عفا لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه )، وبيّن ربنا جل جلاله أن الإنسان لا يؤاخذ بما يكون منه حال الإكراه، حتى ولو كان الكفر الصراح، قال الله عز وجل: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل:106]، فهذان هما شرطا الوجوب: البلوغ، وعدم الإكراه على تركها.
وأما شروط الصحة فهي ستة:
أولها: الإسلام، فلو أن كافراً صلى فصلاته باطلة، لا يقبلها الله عز وجل منه، وهو الذي قال: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ [النور:39]، وقال سبحانه: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان:23].
ثانياً: ترك المبطلات، فمن شروط صحة الصلاة ألا يأتي الإنسان بما يبطلها، فلا يأكل، ولا يشرب، ولا يضحك، ولا يتكلم في غير مصلحتها، ولا يكثر من الحركة، إلى غير ذلك من المبطلات التي سيأتي بيانها تفصيلاً إن شاء الله.
الشرط الثالث: الطهارة من الحدث؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ).
الشرط الرابع: الطهارة من الخبث؛ لأن الله عز وجل قال: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ [المدثر:4]، وقال سبحانه: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة:6]، وقال: وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [الحج:26]، فلا بد للمصلي أن يكون طاهراً في بدنه وثيابه، ومكانه ومحموله، من سائر النجاسات التي مضى بيانها فيما سبق من هذه الحلقات.
الشرط الخامس بعد الإسلام، وترك المبطلات، والطهارة من الحدث، والطهارة من الخبث: استقبال القبلة؛ لأن الله عز وجل قال: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة:144]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: ( ثم استقبل القبلة وكبر، واقرأ بما تيسر معك من القرآن ).
الشرط السادس: ستر العورة؛ لأن الله تعالى قال: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يقبل الله صلاة حائض بغير خمار )، والحائض المرأة البالغة، فيجب على الرجل والمرأة جميعاً ستر عورتهما في الصلاة، ومعلوم بأن عورة الرجل غير عورة المرأة، فهذه شروط ستة لا تصح الصلاة إلا بها، وهي:
الإسلام، وترك المبطلات، والطهارة من الحدث، والطهارة من الخبث، واستقبال القبلة، وستر العورة.
بعد ذلك: الصلاة لا تجب ولا تصح ممن لم تتوافر فيهم هذه الشروط الستة:
أول هذه الشروط: العقل، فالمجنون لا تجب عليه الصلاة، ولو صلى ما صحت منه؛ لأنه أصلاً لا يكتب عليه ولا له شيء، والقلم مرفوع عنه تماماً، فالمجنون لا تجب عليه الصلاة ولا تصح منه.
ثانياً: دخول الوقت، فقبل دخول الوقت تكون الصلاة غير واجبة، ولو فعلت فلا تصح، فلو أن إنساناً قام الآن فصلى صلاة الفجر مثلاً، أو صلى صلاة الظهر ونوى أنها ليوم غدٍ يوم الأحد الرابع عشر من ربيع، فهذه الصلاة بإجماع المسلمين باطلة؛ لأن سببها ما حصل، وهو دخول الوقت، والله عز وجل قال: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء:103]، وقال: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ [هود:114]، وقال: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ [الإسراء:78]، فلكل صلاة وقت، يعني: له أول وله آخر.
ولذلك نقول: دخول الوقت شرط لوجوب الصلاة، وشرط لصحتها.
ثالثاً: النقاء من دم الحيض والنفاس، فالحائض والنفساء لا تجب عليهما الصلاة، ولو فعلتا فلا تصح منهما.
رابعاً: القدرة على الطهارة المائية أو الترابية، فلو أن إنساناً لم يجد ماءً فإنه يتيمم، لكنه لو لم يجد ماءً ولا صعيداً، يعني: ما وجد ماء ولا تراباً ولا حصباء، يتيمم به مثل: المصلوب، والمحبوس في مكان ليس فيه ماء ولا صعيد، فمثل هذا اختلف أهل العلم فيه، هل يصلي أو لا يصلي؟ على أقوال أربعة: كلها محكية في مذهب مالك رحمه الله تعالى، وهذه الأقوال الأربعة خلاصتها:
القول الأول: يصلي ثم بعد ذلك يقضي احتياطاً متى ما وجد أحد الطهورين، وقد قال بهذا الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله.
القول الثاني: أن الصلاة تسقط عنه، أداءً وقضاءً، يعني: لا يصلي ولا يقضي، وهذا القول حكاه ابن خويز منداد رحمه الله، ناسباً إياه إلى مالك ، زاعماً أنه صحيح من مذهبه، وقد أنكر ذلك الإمام أبو عمر بن عبد البر رحمه الله تعالى، وحكم بأنه قول شاذ غريب مهجور، وأنه لا يصح عن مالك ، فضلاً أن يكون هو الصحيح من مذهبه.
القول الثالث: بأنه يصلي بغير طهور وليس عليه قضاء، حتى لو وجد الماء أو وجد الصعيد فإنه لا يقضي، وهذا هو المشهور من مذهب أحمد رحمه الله، وقال به من المالكية أشهب بن عبد العزيز استدلالاً بالرواية التي في صحيح البخاري عن أمنا عائشة رضي الله عنها، في قصة نزول آية التيمم لما كانوا بالبيداء أو بذات الجيش، وأن الصحابة شكوا إلى أبي بكر رضي الله عنه قالوا: ( أما رأيت ما صنعت عائشة ؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نفد الماء وحضرت الصلاة ولا ماء )، ففي بعض الروايات: فصلوا بغير وضوء، يعني: قبل أن تنزل آية التيمم صلوا بغير وضوء.
وكما قال الحافظ رحمه الله: لم ينكر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أمرهم بالإعادة بعدما نزلت آية التيمم، فدل ذلك على أن فاقد الطهورين يصلي بغير طهور.
القول الرابع: قال به الإمام أبو حنيفة النعمان ، وقال به من المالكية أصبغ : بأنه لا يصلي، لكنه متى ما وجد أحد الطهورين فإنه يتطهر ويقضي.
وقد قال بعضهم:
ومن لم يجد ماءً ولا متيمماً فأربعة الأقوال يحكين مذهباً
يصلي ويقضي عكس ما قال مالك وأصبغ يقضي والأداء لـأشهبا
أصبغ قال: يقضي كما قال أبو حنيفة رحمه الله.
و أشهب بن عبد العزيز قال: يصلي أداءً ولا قضاء عليه، وهو الذي قال به الإمام أحمد رحمة الله عليه.
أما الإمام الشافعي فإنه قال: يصلي ويقضي احتياطاً.
والقول الرابع الذي حكاه ابن خويز منداد رحمه الله: أن الصلاة تسقط عنه أداء وقضاء، وقد زيف هذا القول الإمام أبو عمر بن عبد البر رحمة الله على الجميع.
فشروط الوجوب والصحة معاً ستة، وهذه الشروط تتمثل في: العقل، ودخول الوقت، والنقاء من دم الحيض والنفاس، والقدرة على الطهارة المائية أو الترابية.
الشرط الخامس: بلوغ دعوة الأنبياء، فمن لم تبلغه دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، فلا تجب عليه الصلاة ولا تصح منه؛ لأنه غير مكلف أصلاً، قال الله عز وجل: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء:15].
الشرط السادس: عدم النوم والغفلة، فالإنسان لا يكون نائماً ولا غافلاً، وإلا فالصلاة في حق النائم والغافل ليست واجبة عليه، ولا تصح منه لو فعلها.
إخوتي أخواتي! إذا تبينت هذه الشروط بأنواعها الثلاثة: شروط الوجوب، وشروط الصحة، وشروط الصحة والوجوب معاً، فإنه يمكن في الحلقة الآتية إن شاء الله، أن نشرع في بيانها تفصيلاً.
أسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.
المتصل: فضيلة الشيخ! عندنا إمام يصلي الجمعة بالناس في جامعين، فيصلي الصلاة الأولى في جامع، ثم بعد أن ينتهي يذهب ليصلي في الجامع الثاني، فنحن نسأل: ما حكم صلاتنا نحن الناس في الجامع الثاني؟
الشيخ: تسمع الإجابة عليه إن شاء الله.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: أديت عمرة أنا وزوجتي قبل أسبوع تقريباً، وبعد أن أدينا العمرة ورجعنا إلى الفندق ومعي الأطفال، وأتيت بالمقص لأجل أن أقص من شعرها لقيتها فسخت الحجاب ونسيت أن تقص من رأسها، ما الحكم في هذه الحال؟
السؤال الثاني: قبل سنتين كذلك أنا وزوجتي أيضاً جئنا من السفر مرهقين، فذهبت هي وعملت العمرة وأنا مسكت الأطفال، وبعد ذلك رجعنا إلى الفندق، ثم رجعت وأديت العمرة، في أثناء العمرة أخذني النعاس ونمت، واضطريت اليوم الثاني أن أذهب إلى مسجد عائشة وأحرمت من جديد وجئت بعمرة، وذلك بعد أن خلعت الإحرام ولبست الجلابية؟
الشيخ: تسمع الإجابة إن شاء الله.
المتصل: يا شيخ عبد الحي! رزقت مولوداً، والسنة بأن نذبح بهيمة، فهل يجوز أن نذبح غير الخروف عقيقة؟
الشيخ: تسمع الإجابة إن شاء الله.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: أنا أحلم أن زوجي سكران، أريد أن أعرف تفسير هذا الحلم؟
الشيخ: تسمعين الإجابة إن شاء الله.
المتصل: عندنا امرأة كانت في عدة وفاة زوجها، ثم خرجت لوفاة أخيها أثناء عدة زوجها من القرية إلى المدينة، والمسافة تقريباً ستة وعشرون كيلو، وقالت: بيت أخيها يحبسها، ففعلت عزاء هناك ورجعت بعد العزاء إلى بيت زوجها، نريد رأيكم في هذا؟
السؤال الثاني: عندنا امرأة معتدة، وستنقضي عدتها يوم الجمعة، فالإخوان سألونا وقالوا: ما رأيكم أن تعمل ذبيحة، ويدعى الناس إلى ذلك، فما هو رأيكم في هذا الشيء؟
الشيخ: تسمعين الإجابة إن شاء الله.
المتصل: إنسان كسبه حرام، وأنا أعرف ذلك، ثم ذهبت إليهم وضيفوني، فهل يجوز أن آكل وأشرب في بيتهم؟
الشيخ: تسمع الإجابة إن شاء الله.
المتصل: كلما تكون عندنا مناسبة يأتينا حرامي بالنهار فيسرق متاعنا، وقد حصل هذا ثلاث أو أربع مرات، فواحدة من أنصار السنة قالت لي: تقومين فتقرئين الآية الثلاثين من سورة محمد وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ [محمد:30]، إلى نهاية الآية ثلاث عشرة مرة، وتنومين على هذا الأمر فتقومين وقد رأيت هذا الشخص في المنام، وواحدة قالت لي: تقرئين سورة الضحى سبع مرات، فأنا أريد أن أعرف مدى صحة هذا الكلام؟
الشيخ: تسمعين الإجابة إن شاء الله.
السؤال: أخونا أحمد حسن يسأل عن إمامٍ يصلي الجمعة مرتين، بمعنى أنه يصلي بالناس في مسجد الساعة الواحدة والنصف مثلاً، ثم إذا فرغ ينتقل إلى مسجد آخر، فيخطب ويصلي بالناس؟
الجواب: لا ينبغي أن يتخذ عادة أن يصلي إماماً بالناس مرتين؛ لأمور:
أولاً: الاستدلال بحديث معاذ رضي الله عنه لا ينطبق على هذه الحالة، فإن معاذاً ما كان إماماً في الصلاتين، وإنما كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء، ثم بعد ذلك يذهب فيصلي بقومه، ففي المرة الأولى كان مأموماً، وفي الثانية كان إماماً، أما صاحبنا هذا ففي المرتين هو إمام.
ثانياً: بعض أهل العلم قالوا: كان هذا في أول الإسلام، لما كان في العلماء قلة وندرة وشح، ولم يكن في قوم معاذ من يصلي بهم، فكان معاذ رضي الله عنه مضطراً لفعل ذلك.
ثالثاً: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم في صحة صلاة المفترض خلف المتنفل؛ ولذلك أقول: لا ينبغي لهذا الإمام جزاه الله خيراً أن يفعل ذلك، وأن يتخذها عادة، لكن لو حصل ذلك أحياناً على سبيل الندرة، فنرجو أن لا بأس إن شاء الله.
السؤال: أخونا فرح من السعودية له سؤالان أحدهما أعجب من الآخر: أما السؤال الأول: زوجة أتت بعمرة بارك الله فيها! ثم بعد ذلك نسيت الحلق؟
الجواب: نقول: بأنها مأجورة في عمرتها، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر (أن العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، ما لم تغش الكبائر)، وأمرنا بأن نكثر منها، فقال: ( تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد )، لكن بعض العلماء رحمهم الله يقول: بأن الحلق أو التقصير ليس بنسك، وإنما هو علامة للتحلل وقضاء النسك، قال الله عز وجل: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج:29]، وبعض أهل العلم عدهما من النسك، وأياً كان الأمر فهي ناسية وعليها الآن أن تمسك بشعرها كله وتأخذ قدر أنملة منه، وهذا هو الواجب في حق المرأة، وليس عليها سوى ذلك، والقلم مرفوع عنها لكونها ناسيةً.
السؤال: أخونا فرح غفر الله لنا وله، سؤاله الثاني عجب من العجب: ذهب مع أهله معتمراً، والزوجة ذهبت بالعيال إلى الحرم لتطوف وتسعى، وهو أراد أن يستريح في الفندق؟
الجواب: لا مانع أن الإنسان يستريح، لكن يبقى على إحرامه، ثم بعد ذلك متى ما ارتدت إليه قوته وشعر بالنشاط يذهب فيأتي بالعمرة، فليس بالضرورة أن الإنسان أول ما يصل يذهب فيعتمر، فإن نبينا صلى الله عليه وسلم لما جاء في حجة الوداع بات بذي طوى، فلما أصبح اغتسل صلى الله عليه وسلم ودخل، لكن الإشكال أن صاحبنا بدلاً من أن يبقى على إحرامه لبس المخيط، وهو الجلباب كما قال ثم نام، وقام وخرج إلى الحل إلى التنعيم، فأحرم ثانية وأتى بعمرة.
نقول له: يلزمك دم يا فرح ؛ لأنك قد تحللت قبل أن تأتي بالنسك، فيلزمك دم تذبحه هناك في مكة، ويوزع لفقراء الحرم، لكنني أقول: إن الإنسان إذا وصل إلى مكة ووجد نفسه متعباً، فلا حرج عليه أن يستريح قليلاً، ثم يقوم فيأتي بالنسك وهو في عافية ونشاط.
السؤال: أخونا أبو القاسم رزقه الله مولوداً ويريد أن يعق عنه أو يعمل له السماية، يقول: هل يجوز غير الخروف، فمثلاً يذبح بقرة أو ناقة أو غير ذلك من بهيمة الأنعام؟
الجواب: نقول له: الأفضل أن تذبح شاة، يعني: خروفاً أو نعجةً أو تيساً أو معزة إذا كانت جارية، أما إذا كان غلاماً فلا بد أن تذبح شاتين، وبعض أهل العلم يقول: لا يجزئ غير الغنم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نص على ذلك، فقال: ( عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة واحدة )، ولذلك لا يجزئ غير الغنم، سواء كان من الماعز أو من الضأن، فلا يجزئ أن يكون من البقر أو أن يكون من الإبل.
وبعض أهل العلم قال: بل يجزئ؛ لأن العقيقة كالأضحية، فمثلما يجزئ في الأضحية بهيمة الأنعام، فكذلك يجزئ في العقيقة، والنبي صلى الله عليه وسلم قرن بينها حين قال: ( من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن ).
السؤال: أما أختنا التي اتصلت من شندي فتذكر أنها تحلم بسكران؟
الجواب: وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين، أنا لا أعرف تأويل الأحلام أيها الناس، فلا تسألوني عنها بارك الله فيكم، وأقول كما قالت الملائكة: قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [البقرة:32].
السؤال: أم أسعد من الخرطوم ذكرت أن امرأة معتدة مات أخوها، فخرجت من بيت الزوجية إلى بيت العزاء، وبقيت هناك أياماً، ثم قالت: بأن العدة تجزئ هنا وهناك؟
الجواب: هذه لا شك أنها وقعت في معصية؛ لأن المرأة إذا توفي عنها زوجها فهي مأمورة بأن تتربص مدة العدة في بيت الزوجية، ليست مخيرة في أن تخرج هنا وهناك، وتبيت هنا أياماً وهنا أياماً، ثم تقول: كله من العدة، صحيح كله من العدة، وهذه الأيام محسوبة، ليست مأمورة بقضائها، لكنها آثمة حين خرجت لغير ضرورة، وباتت في بيت العزاء أياماً أو ليالي معدودة لغير ضرورة، ما دام أن الرجل الذي مات قد ترك لزوجته بيتاً، سواء كان مملوكاً أو مؤجراً، فالواجب عليها أن تلزم ذلك البيت ولا تبرحه، اللهم إلا إذا كان البيت في مكان مخوف، أو في أرض وحشة وغربة، ولا تجد من يخدمها ويقوم عليها، ففي هذه الحالة نقول لها: تنتقل إلى مكان آخر.
السؤال: وهذه تقول: إن عدتها تنتهي يوم الجمعة وتريد أن تذبح ذبيحة؟
الجواب: ما هي المناسبة، هل هو ابتهاج بوفاة الزوج مثلاً، الحمد لله أراحها الله منه، أما أنها صدقة عنه؟ أم أن هذه الذبيحة إعلان وإيذان بأن العدة قد انتهت؟ المقصود: أن الذبيحة عند إتمام العدة ليست من السنة، وما ينبغي أن تفعل، إذا أرادت أن تتصدق عن زوجها بإطعام الطعام فلا بأس، لكن ما تربط ذلك بانقضاء العدة.
السؤال: إيمان من بور سودان تذكر أن إنساناً كسبه من حرام، وهي نزلت عليهم ضيفة، يعني: ذهبت تزور هذا الإنسان الذي كسبه من حرام، فقدموا إليها طعاماً أو شراباً فماذا تصنع؟
الجواب: نقول: يا إيمان! زادك الله إيماناً وورعاً، إذا كان هذا الرجل قد تمحض كسبه من حرام، فلا يؤكل له طعام ولا يتذوق منه شراب، اللهم إلا الماء الذي هو شركة بين الناس جميعاً، كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ( الناس شركاء في ثلاثة: الماء، والكلأ، والنار )، لكن هذا الذي كسبه من حرام كله، كما في المخدرات، أو في التبغ، أو في السعوط، أو كان مرابياً، أو إنساناً مرتشياً، وعلمنا أن ماله كله من هذه الجهة، فمثل هذا لا يؤكل طعامه ولا تقبل هديته، أما إذا كان ماله مختلطاً، وهو حال أكثر الناس، نسأل الله العافية، وأن يطعمنا حلالاً وأن يستعملنا صالحين، إذا كان ماله مختلطاً، بمعنى أن الأصل فيه الحل، وفيه شيء من حرام، أو فيه حرام كثير فلا بأس أن نأكل طعامه، ونقبل هديته على نية أنها من الحلال، والأصل في ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل من طعام يهودية، واستسلف من يهودي، ( وتوفي ودرعه مرهونة عند يهودي في آصع من شعير )، ومعلوم أن اليهود كما وصفهم الله عز وجل: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ [المائدة:42]، قال الله عز وجل: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ [النساء:160-161]، فاليهود أكالون للسحت، آخذون للربا، يأكلون أموال الناس بالباطل بشهادة القرآن، لكن لما لم تكن كل أموالهم كذلك، النبي صلى الله عليه وسلم أكل من طعام تلك اليهودية، واستسلف من ذلك اليهودي وتعامل معهم.
وكذلك عبد الله بن عباس لما سئل عن مشاركة اليهودي والنصراني، فقال: لا بأس، فقيل له: إنهم يأكلون السحت، إنهم يبيعون الخمر والخنزير فقال: ليست كل أموالهم كذلك.
الشيخ: أما اللص الذي يطرقكم نهاراً إذا كانت ثمة مناسبة، فمطلوب منكم أن تشددوا الرقابة، وأن تحفظوا المتاع، وأن تأخذوا بالأسباب، وألا تغفلوا عن حفظ حاجياتكم.
أما من قالت: بأنه تقرأ الآية الثلاثين من سورة محمد: وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ [محمد:30]، والأخرى قالت لك: سورة الضحى سبع مرات، فسترين في المنام ذلك اللص، هبي أنك رأيته، فكان ماذا؟ هل سيترتب على هذا حكم فتقطع يده، أو يسجن، أو يجلد، أو يغرم، أو يطالب برد المسروق؟ لا، أبداً؛ لأن الرؤيا المنامية لا يترتب عليها حكم قط، وإنما النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( البينة على المدعي )، فلا بد أن يكون عندك بينة، هذه البينة شهود، أو يوجد المال المسروق عند فلان من الناس، أما مجرد الرؤيا المنامية فلا نرتب عليها أحكاماً، ومثله أيضاً ما يصنعه بعض الجهال حين يقرأ على بعض المرضى، فالمريض يبدأ يتكلم بكلام، ويسجل هذا الكلام، ثم بعد ذلك يرتب عليه أحكاماً، فمثل هذا لا ينبغي ولا يجوز.
السؤال: كنت إنسانة طائشة، وتاركة للصلاة، فهداني الله، وبقيت ما أفوت فرضاً وتزوجت، لكن زوجي تارك للصلاة، فما الحل؟
الجواب: الحل دعوة هذا الزوج إلى الله عز وجل وأمره بالمعروف وحثه على الصلاة، والدعاء له بأن يأخذ الله بناصيته إلى الهدى.
السؤال: هل يجوز الزيادة في عدد الأوراد اليومية، مثلاً: أصبحنا وأصبح الملك لله، بدل ثلاث مرات، أعملها ست مرات؟
الجواب: هي ليست ثلاثاً أصلاً من أجل أن تجعلها ستاً، هي مرة واحدة، أنت جعلتها ثلاثاً، وبعدها ضربت الثلاثة في اثنين فصارت ستة، هذه ليست سنة محمودة يا أخي.
يا أخي الكريم! الأوراد نوعان: هناك أوراد مقيدة بعدد، وهناك أوراد مطلقة.
الأوراد المقيدة بعدد: مثلاً كالتي دبر الصلوات المكتوبات، ( من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وحمد ثلاثاً وثلاثين، وكبر ثلاثاً وثلاثين، ثم قال تمام المائة: لا إله إلا الله .. )، الحديث، هذه مقيدة بعدد، ومثله أيضاً أذكار الصباح والمساء، مثلاً الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( أصبحنا وأصبح الملك لله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) مرة واحدة، ثم علمنا أن يقول مثلاً: ( بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ) ثلاث مرات، وعلمنا أن نقول: ( اللهم أني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك، أنك أنت الله لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وأن محمداً عبدك ورسولك ) أربع مرات، وعلمنا أن نقول: ( حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم )، سبع مرات، فهناك ذكر يقال مرة، وهناك ذكر يقال ثلاث مرات، وذكر أربع مرات، وسبع وعشر مرات؛ كالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، هذه نتقيد بها يا أخي.
بعد ذلك هناك أوراد مطلقة، مثلاً: ( لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة )، قلها ما شاء الله لك أن تقولها، ( سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أربع كلمات لا يضرك بأيهن بدأت )، قلها ما شاء الله لك أن تقولها، الاستغفار، استغفر الله كثيراً، ألف مرة، ألفين، ثلاثة آلاف، عشرة آلاف، لا بأس.
الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً صل عليه إلى ما شاء الله فلا بأس، لكنني أقصد بأن الأوراد المقيدة ينبغي للإنسان أن يتقيد بما ورد عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: أنا مقيم في السعودية في طريق مكة المدينة، وعندنا مسجد في الطريق، والمسافرون كثيرون ويدخلون المسجد في أوقات الصلاة الرباعية، الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء، فلو أن إنساناً ما صلى الظهر ووجد الناس يصلون العصر، فهل يصلي معهم العصر بنية الظهر؟ ونحن العمال في ذلك المكان يختلط علينا الأمر أحياناً، فأنا ما أدري هل إذا أنا وجدت الإمام يصلي صلاة ودخلت معه، هل لي أن أصلي بنية العصر إذا وجدته يصلي الظهر وكيف أصنع؟
السؤال الثاني: بالنسبة للقصر، بعض الناس يدخلون للصلاة مع الإمام المقيم الذي يصلي أربع ركعات، وهذا المأموم لن يصلي إلا ركعتين في صلاة العصر مثلاً، فهل يسلم وحده وبعد ذلك يقوم ويكبر مرة أخرى ثم يكمل ركعتين مع الإمام لأنه يصلي الظهر والعصر قصراً؟
الشيخ: نجيبك إن شاء الله.
المتصل: سمعنا بأن الدخان حرام، وأنا عامل في محطة وفيها بقالة، فالناس يأتون ويسألونني: هل البقالة فيها دخان؟ فإذا دليتهم وقلت: نعم، هل أكون دليتهم على الشر، وإذا قلت: لا، أكون كذاباً، فما أدري كيف أصنع؟
الشيخ: نجيبك إن شاء الله.
المتصل: ما هو الأمرد؟
الشيخ: طيب.
المتصل: أنا بعت لشخص أرضاً بأجل، واشتريت منه عربة بأجل، وبعدما مر شهر، جاء وقال: يا أخي! الأجل أوشك أن ينتهي وأنا أريد أن تعطيني بدل الشيك الذي حررته لي بضاعة، فقمت وأعطيته البضاعة بسعر أكثر من سعر السوق وجعلتها مقابل المبلغ الذي يريده مني، أريد أن أسأل عن صحة هذه المبايعة؟
الشيخ: أبشر.
المتصل: هل الصدقة على المسيحي تجوز؟
الشيخ: طيب، أبشر.
المتصل: هل الصورة التي توضع في البيت حرام؟
الشيخ: طيب.
المتصل: شخص نسي السجدة في الركعة الأولى من صلاة الظهر وما تذكرها إلا بعد السلام؟
الشيخ: نجيبك إن شاء الله.
السؤال: أخونا الحافظ من السعودية يقول: من هو الأمرد؟
الجواب: الأمرد هو الغلام الذي لم ينبت شعر في وجهه، يعني: ما عنده لا شارب ولا لحية، والشريعة نهتنا عن النظر إليه.
الشيخ: وأما عن عملك في البقالة، وأنك تبيع فيها دخاناً، وتبيع فيها سجائر، فنقول: ما يجوز يا حافظ بارك الله فيك! أن تبيع هذه المادة الخبيثة؛ لأنها محرمة باتفاق أهل العلم لثبوت ضررها، ولكونها مضيعة للمال في غير فائدة؛ ولأنها مؤذية لمن يتناولها ومن يخالطونه ومن يجاورونه، والله عز وجل قال: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، ونبينا عليه الصلاة والسلام قال: ( إن الله تعالى إذا حرم شيئاً حرم ثمنه )، فمطلوب منك أمران:
الأمر الأول: نصح مالك البقالة بأن الله عز وجل قد فتح له باب رزق في الحلال الطيب في ما يبيع من أقلام وجبن وزيتون وإحرامات وغير ذلك، وهذا الحرام لا ينبغي أن يخلطه بالحلال.
الأمر الثاني: يجب عليك ألا تبيع هذه المادة، ولكم في المعاريض مندوحة عن الكذب، سألك: هل يوجد دخان؟ قل له: لا، ما يوجد، وتنوي بقلبك الدخان الذي يستعمله النساء للتجمل للأزواج، تقول: لا يوجد دخان، وأنت تقصد ذلك، وما عليك شيء إن شاء الله.
الشيخ: أما الإنسان المسافر إذا صلى خلف إمام متم فأقول: إذا صلى المسافر خلف إمام مقيم فيجب عليه الإتمام ولو لم يدرك إلا التشهد الأخير، فلو أني مسافر فمررت في الطريق بإمام يصلي بالناس، وهذا الإمام مقيم يصلي أربعاً، الظهر، أو العصر، أو العشاء مثلاً، فإنه يجب علي أن أتم الصلاة أربعاً.
وقد سئل ابن عباس رضي الله عنهما: ( ما بال المسافر إذا صلى وحده صلى ركعتين، وإذا صلى خلف مقيم أتم؟ فقال: هي السنة ).
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه )، فهذا والله عجيب، مسافر يصلي خلف مقيم، فإذا صلى معه ركعتين، المقيم قام للثالثة وهو يسلم، ثم يقوم وينوي العصر، يكمل معه الركعتين الأخيرتين، فهذا باطل باتفاق المسلمين، وهذه صلاة باطلة، ولا قيمة لها، وما قال بهذا أحد من أهل العلم، نسأل الله أن يتوب علينا، وأن يفقهنا في ديننا.
السؤال: أخونا حافظ يقول: بأنه يعمل في طريق مكة المدينة، وأنه يمر به قوم مسافرون، ومعلوم بأن المسافر يجمع ويقصر، ويقول بأنه أحياناً يصلي ظهراً خلف من يصلي عصراً، أو يصلي عصراً خلف من يصلي ظهراً؟
الجواب: أولاً: مطلوب منك أن تحافظ على الصلاة مع الجماعة الراتبة، ومع الإمام الراتب المقيم، لكن لو أنك صليت أحياناً خلف مسافرين فإن شاء الله ما يضرك أن تصلي ظهراً خلف من يصلي عصراً، أو العكس، فقد قد قال بعض أهل العلم: بأن هذه الصلاة صحيحة، والأعمال بالنيات، ما دمت قد نويت ظهراً فصلاتك صحيحة، أو نويت عصراً فصلاتك صحيحة.
السؤال: أخونا عبد الرحيم من الدامر، ابتاع سيارة بأجل، يعني: اشترى سيارة من واحد، وحرر له صكاً، يعني: كتب له شيكاً بقيمتها أو ببعض القيمة، ويسأل: قبل أن يحل الأجل جاء صاحب السيارة، وقال له: أنا أرجو أن تعطيني بضاعة بدلاً من الشيك، قال: فبعته بضاعة بأغلى من سعر السوق؟
الجواب: نقول: لا ينبغي ذلك؛ لأن هذه المعاملة تعتريها محاذير:
أول هذه المحاذير: ( النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة )، وهذا حاصل الآن، والمفروض أن نفصل بين الأمرين تماماً، ثم لو فرض بأن هذا الشيك تريد أن تستبدله ببضاعة، فلا بد أن تكون بالسعر الموجود في السوق فراراً من شبهة الربا، هذا الذي أنصحك به يا أخانا عبد الرحيم ، حذراً من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة، وأيضاً فراراً من شبهة الربا.
السؤال: الأخت محاسن تسأل عن الصدقة لغير المسلم؟
الجواب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( في كل كبد رطبة أجر )، لكنني أقول: إذا كان المسلم محتاجاً، وغير المسلم كذلك، فالمسلم أولى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( المسلم أخو المسلم )، وقال: ( ليس منا من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم ).
الشيخ: أما حكم الصور التي في البيت فأقول: إذا كانت محفوظة، ولم تكن معلقة فلا حرج إن شاء الله.
السؤال: أخونا عمر دفع الله يسأل ويقول: بأنه نسي سجدة في الركعة الأولى من صلاة الظهر ولم يتذكر إلا في ختام الصلاة؟
الجواب: يأتي بركعة مكان تلك الركعة التي نسي فيها سجدة، ثم يسجد للسهو قبل سلامه، وتكون صلاته صحيحة إن شاء الله، والسهو ليس عيباً، وهو متصور من كل أحد، وخير البشر وسيد الأئمة صلى الله عليه وسلم سها في صلاته غير مرة، فثبت أنه سلم من اثنتين، وثبت أنه قام من اثنتين، وثبت أنه قام إلى خامسة صلوات الله وسلامه عليه.
السؤال: رجل يصلي أحياناً في بيته ويلبس عراقياً خفيفاً، من تحته لباس قصير يظهر من وراء العراقي، هل تصح صلاته؟ وإذا كانت لا تصح، فهل يقوم بإعادة كل الصلوات التي كان يصليها بهذه الكيفية، مع العلم أنه لا يدري أنها غير صحيحة؟
الجواب: يا عبد الله اعلم أولاً: بأن المطلوب منك في الصلاة أن تكون في زينتك، قال تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31].
ثانياً: من شروط صحة الصلاة ستر العورة، وعورة الرجل من سرته إلى ركبته، ولا تبطل الصلاة إلا إذا انكشفت العورة المغلظة، ونعني بذلك الذكر والأنثيين وما بين الإليتين، أما ما دون ذلك من الفخذ، وما بين السرة والعانة فهذه عورة مخففة، لا تبطل الصلاة بانكشافها، لكن استحب علماؤنا إعادتها في الوقت؛ فلذلك يا صاحب العراقي والسروال صلاتك صحيحة إن شاء الله، لكن لا تصل مرة أخرى بالعراقي الخفيف، والبس جلابية فوق العراقي، أو البس عراقياً ثقيلاً، أو البس سروالاً طويلاً يغطي ما بين سرتك وركبتك، واعلم أن علماءنا قد قالوا: إذا رق ثوب المرء رق دينه، وبالمناسبة في الصيف الناس يسألون عن الصلاة بالحمالات بالكت كما يسمونه، فلا حرج إن شاء الله إذا صلي بها؛ لأن هذه ليست داخلة في العورة.
السؤال: أنا نائم وصائم واحتلمت، فهل يجب عليَّ القضاء؟
الجواب: لا يجب عليك القضاء يا أخي؛ لأن النائم مرفوع عنه القلم، والاحتلام ليس فيه شيء، وهذا يحصل بغير إرادة.
السؤال: في الصلوات التي هي ركعتان كالتراويح، هل نقرأ فيها التشهدين؟
الجواب: نعم، تقرأ إلى ختام التشهد، إلى الصلاة الإبراهيمية، مثل صلاة الصبح وصلاة التراويح، وصلاة النوافل في أغلبها هي ركعتان ركعتان، فتقرأ التشهد إلى خاتمته.
السؤال: من هم الذين لا يجب عليهم قضاء الصلوات بالإجماع؟
الجواب: هناك أناس لا يجب عليهم القضاء باتفاق المسلمين أولهم: الحائض، فالمرأة الحائض لا تصلي ولا تقضي بالإجماع، والنفساء لا تصلي ولا تقضي بالإجماع، والكافر إذا أسلم كذلك، فمثلاً: كافر عمره سبعون سنة، جاء فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، نقول له: صلِ المغرب والعشاء، ولا نطالبه بالظهر والعصر، ولا ما كان قبلهما، المغرب؛ لأن وقته الضروري يمتد إلى ما قبيل طلوع الفجر، وكذلك العشاء، فإذا بقي قبل طلوع الفجر ما يسع أربع ركعات يعني: الثلاث الركعات التي هي المغرب، وإدراك ركعة من العشاء فيجب عليه ذلك.
كذلك المجنون إذا أفاق، إنسان كان مجنوناً ثم شفاه الله عز وجل، فلا نطالبه بقضاء ما مضى، وهذا بالإجماع.
لكن بعد ذلك العلماء يختلفون في المغمى عليه، خاصة إذا كان الإغماء قصيراً، كيوم أو يومين، يقضي أو لا يقضي، عند المالكية لا يقضي.
وكذلك من ترك الصلاة تهاوناً وكسلاً، كإنسان ضائع لا يصلي، ليس بكافر، أو يصلي أحياناً ويدع أحياناً، إذا تاب هل يؤمر بالقضاء أو لا؟
والذي عليه جمهور علماء المسلمين أنه يقضي، وبعض أهل العلم قالوا: لا يقضي؛ لأن ترك الصلاة كفر، سواء كان كسلاً أو جحوداً.
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: صليت العشاء أربع ركعات، وفي الركعة الثالثة قرأت الفاتحة جهراً لغاية وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، ثم تذكرت أنها سرية فأتممت ما تبقى منها سراً، فهل علي شيء؟
السؤال الثاني: ما حكم الرجل الذي يأتي مباشرة إلى الجامع فيؤذن والشبط (الأحذية) عليه؟
السؤال الثالث: يوجد أخوان، أحدهما عنده بيوت وعنده أملاك والثاني ليس في المال مثل أخيه، وأمه أرملة مسكينة وهو بخيل عليها، فما حكم الصلاة خلفه؟
الشيخ: بالنسبة للأخ باشريك الذي جهر في الركعة الثالثة بالفاتحة إلى قوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] أقول له: عليك أن تسجد للسهو بعد السلام؛ لأنك جهرت في موضع السر، وهذه زيادة، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم السر في الركعتين الأخيرتين من العشاء، وأنت جهرت في بعضها، فعليك سجود سهو.
الشيخ: وأما من يؤذن (بشبطه) والشبط لمن لا يعرف: النعال، فأذانه صحيح ليس فيه شيء إن شاء الله، طالما أنه يأتي بالأذان صحيحاً وهو ذكر، والمؤذن لا بد فيه من شروط أربعة: الإسلام، والذكورة، والبلوغ، والعقل.
أما بعد ذلك فكونه متطهراً قائماً مستقبلاً للقبلة، صيتاً حسن الصوت من غير تطريب فهذه كلها من المكملات، فلو أذن جالساً مثلاً، أو أذن لغير القبلة، أو أذن غير متطهر فأذانه صحيح.
السؤال: بالنسبة للأخوين اللذين أمهم أرملة، والأكبر وضعه جيد، والآخر دون ذلك والكبير بخيل، فهل يصلى خلفه؟
الجواب: نعم، نصلي خلفه وبخله عليه، الله يتوب علينا وعليه، ويعفو عنا وعنه، ولكن نذكره بأن البخيل بعيد من الله، بعيد من الناس، وشر البخل أن تكون بخيلاً على أمك يا عبد الله، فاتق الله في نفسك، وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ [البقرة:110]، وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى جميع المرسلين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر