عباد الله! لقد تضمن كتاب الله عز وجل وصايا نافعة، وتوجيهات مفيدة، وقواعد كلية، وأسباباً للسعادة والفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة، ومن هذه الوصايا ما قصه الله عز وجل علينا في كتابه في سورة لقمان، يقول الله عز وجل في هذه السورة: وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ * وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [لقمان:12-19].
حقاً عباد الله! إنها وصايا نافعة، وقواعد كلية، حري بالمسلم وجدير به أن يأخذ بها، وأن يربي نفسه عليها، وأن يربي أولاده على هذه الوصايا التي هي أسباب الفلاح والنجاح، وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ [لقمان:12].
لقمان عبد من عباد الله الصالحين، ليس نبياً من الأنبياء، لكنه عبد من العباد، امتن الله عز وجل عليه بالحكمة.
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كان عبداً حبشياً، وقيل: بأنه من سودان أهل مصر، هذا الرجل لقمان امتن الله عز وجل عليه بالحكمة، والحكمة هي الفقه في الدين، معرفة أحكام الله عز وجل، والعمل بها، وقد ثبت في الصحيح من حديث معاوية رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين).
فنأخذ من هذا عباد الله أن أحكام الشريعة نعمة يمتن الله عز وجل بها على من يشاء من عباده، فحري بالمسلم وجدير به أن يخصص شيئاً من وقته للفقه في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لكي يتعلم شيئاً من أحكام الله عز وجل.
ولنعلم عباد الله أن الله لا يعبد إلا على بصيرة، وقد ذم الله عز وجل الذين يعبدونه على ضلالة غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، والضالون هم كل من عبد الله على جهل وضلال، فيجب على المسلم أن يتعلم من أحكام دينه ما تصح به عباداته ومعاملاته، وما تصح به عقيدته، وليس معذوراً أمام الله عز وجل، والعلم فضله عظيم وأجره كبير، قال الله عز وجل: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [الزمر:9]، وقال سبحانه: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه:114].
وقال ابن المبارك رحمه الله تعالى: لا أعلم مرتبةً بعد مرتبة النبوة أفضل من مرتبة تعلم العلم وتعليمه، وكانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، أي: ترعاهم وتقوم بمصالحهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي آخر، أما هذه الأمة فإنه لا نبي بعد نبيها محمد صلى الله عليه وسلم، لكن الله جعل أهل العلم يقومون مقام الأنبياء في بني إسرائيل، فالعلماء في هذه الأمة بمنزلة الأنبياء في بني إسرائيل، إذ إنهم يقومون على رعاية الناس ورعاية مصالحهم بتعليمهم أحكام دينهم، فحري بالمسلم وجدير به أن يخصص شيئاً من وقته لتعلم أحكام كتاب الله عز وجل.
كذلك أيضاً نأخذ من هذه الآيات درساً آخر: وهو أن يقوم المسلم على أولاده، وأن يربيهم على هذه الوصايا النافعة، فإن الله سبحانه وتعالى لم يذكر هذه الوصايا عن لقمان إلا لكي نحتذيها، ونفعل كما فعل لقمان ، وأن نوصي بذلك أولادنا من البنين والبنات بهذه الوصايا النافعة، والتوجيهات السديدة.
وفي صحيح مسلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء -أي نعمة- شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء -أي مصيبة- صبر فكان خيراً له)، فشكر الله عز وجل خير للمسلم، وسبب للزيادة وثبوت النعم، لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [إبراهيم:7].
والشكر -عباد الله- يكون بأركانه الثلاثة: بالقلب، واللسان، والجوارح، أما القلب فأن يعتقد ويعترف أن هذه النعمة من الله عز وجل، وألا يلتفت قلبه إلى أسباب النعم، وإنما يكون معلقاً قلبه بالله عز وجل.
وأما اللسان فأن يحمد الله ويثني عليه، وأن يلهج لسانه بأسماء الله الحسنى، وصفاته العلى، على ما منّ عليه به من نعم.
وأما الجوارح فأن يسخر هذه النعمة في طاعة الله عز وجل، وألا يستعملها في معصية الله، فيسخر نعمة البصر في قراءة كتاب الله عز وجل، ويسخر نعمة الكلام في قراءة كلام الله عز وجل، والدعوة إليه، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ويسخر نعمة السمع في استماع العلم النافع والدعوة إلى الله.
أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ [لقمان:12].
أي: ثواب هذا الشكر يعود إليه وحده دون غيره، قال الله عز وجل: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46].
هذه هي الوصية الأولى من وصايا لقمان الحكيم وهي الدرس الرابع الذي نأخذه من هذه الآيات، أن المسلم عليه أن يربي نفسه وأولاده على العقيدة الصحيحة، والتوحيد الخالص. إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، أظلم الظلم هو الشرك بالله عز وجل، وما هو الشرك يا عباد الله؟!
ومن العبادات التي يقع بها بعض الناس يصرفونها لغير الله عز وجل عبادة الذبح، وقد قال الله عز وجل: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2]، وقال سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:162]، فالذبح للقبور، أو الذبح للأضرحة والأولياء ونحو ذلك هذا من الشرك الأكبر المخرج عن ملة الإسلام، وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث علي رضي الله تعالى عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من ذبح لغير الله)، أي: دعا عليه بالطرد والإبعاد عن رحمة الله عز وجل.
ومن الشرك عباد الله!: أن تصرف شيئاً من خصائص الربوبية لغير الله عز وجل، كأن تعتقد أن أحداً يخلق كما يخلق الله، أو يدبر كما يدبر الله، أو يملك كما يملك الله، أو أنه يستطيع أن يدبر بلا إذن الله ولا إرادته ولا مشيئته.
المخلوق يخلق ويدبر ويملك، لكن خلقه محصور، لا يستطيع أن يخلق كل شيء، ولا أن يدبر كل شيء، ولا أن يملك كل شيء.
الذي يملك كل شيء هو الله سبحانه وتعالى، الذي يخلق كل شيء هو الله سبحانه وتعالى، الذي يدبر الكون هو الله سبحانه وتعالى.
ومن الشرك الأكبر: أن تصرف شيئاً من خصائص الأسماء والصفات لغير الله عز وجل، كأن تصرف صفة علم الغيب لغير الله عز وجل، وبهذا نعرف خطأ ما يفعله بعض المسلمين عندما يذهبون إلى السحرة والكهنة ويسألونهم ويصدقونهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أتى كاهناً فسأله فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد)، وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً في الحديث الآخر: (لم تقبل له صلاة أربعين يوماً).
فمن أتى الساحر وسأله وصدقه في الغيب المطلق بمعنى أنه يعلم ما في السموات وما في الأرض فهذا كفر أكبر مخرج من الملة، قال الله عز وجل: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ [الأنعام:59]، وقال سبحانه: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النمل:65].
كذلك أيضاً لو أتى الساحر وسأله وصدقه عن الغيب النسبي -أي المضاف- كأن يسأله عن سبب المرض، وعن مكان الضالة والضائع وعن مكان السحر.. ونحو ذلك ويصدقه وهو يعتقد أنه يستقل بذلك، وأن الشياطين لا تخبره، فهذا كفر مخرج من الملة، وإن اعتقد أن الشياطين تخبره، وأنه لا يستقل بذلك فهذا كفر أصغر، وأيضاً لا تقبل له صلاة أربعين يوماً.
ومن أنواعه يا عباد الله: التفات القلوب إلى الأسباب، نعم اتخاذ الأسباب هذا لا يقدح في التوكل، كاتخاذ الطبيب للعلاج، واتخاذ الوظيفة لطلب الرزق ونحو ذلك، هذه الأسباب أمر الله عز وجل بها في كتابه، والنبي صلى الله عليه وسلم في سنته، قال الله عز وجل: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ [الملك:15]، لكن المحذور يا عباد الله! هو أن يلتفت القلب إلى السبب، وأن ينسى المسبب الذي هو الله عز وجل، فعليك دائماً وأبداً يا عبد الله! أن تعلق قلبك بالله عز وجل محبةً ورغبةً ورهبةً وتوكلاً ورجاءً، وألا يلتفت قلبك إلى السبب، لا يلتفت قلبك إلى الطبيب، ولا يلتفت قلبك إلى من جعل الله عز وجل رزقك على يده، بل تنظر إليه أنه مجرد سبب، وأن الذي بيده النفع والضر هو الله عز وجل.
ومن أنواع الشرك الأصغر: الحلف بغير الله عز وجل، قال الله عز وجل: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:22]. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: هو قول الرجل: وحياتي وحياة أبي.. إلى آخره.
فالحلف بحياته أو بحياة أبيه، أو الحلف بالأمانة، أو الحلف بالكعبة ونحو ذلك، هذا كله من الشرك الأصغر، وإن اعتقد أن المحلوف معظم به كتعظيم الله عز وجل فهو شرك أكبر.
ومن الشرك الأصغر عباد الله: الرياء، وهو أن يقوم ويعمل العمل لأجل مراءاة الناس، من أجل نظر فلان إليه، وإذا طرأ عليك الرياء وأنت في عبادة فعلق قلبك بالله عز وجل، ولا يضرك بإذن الله عز وجل.
ومن صور الشرك الأصغر يا عباد الله! تعليق التمائم من الخيوط والحجارة على الأبدان، وعلى الأطفال، وعلى المراكب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من تعلق تميمةً فقد أشرك)، وهذه كلها من الخرافة التي جاء الإسلام بتحرير العقول منها، فهي خيوط وحجارة لا تضر ولا تنفع، فاتخاذها وتعليقها هذا من الشرك الأصغر، وإن اعتقد أنها تنفع وتضر من دون الله عز وجل فهو شرك أكبر.
أسأل الله سبحانه وتعالى بمنه وكرمه أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن ينفعنا بكتابه وما فيه من وصايا وتوجيهات وقواعد، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، وهذا هو الدرس الخامس: أن الشرك ظلم عظيم، وفيه أن الشرك هو أظلم الظلم، وفيه تحريم الظلم، فالظلم يا عباد الله! محرم ولا يجوز، والظلم على مراتب:
أولها: ظلم الله عز وجل، وذلك بأن تشرك مع الله شيئاً، وقد سبق لنا شيء من صور الشرك التي يقع فيها كثير من الناس.
وأما المرتبة الثانية: فأن تظلم نفسك، وذلك بترك الواجبات، وفعل المحرمات.
وأما المرتبة الثالثة: فأن تظلم غيرك في ماله، أو في بدنه، أو في عرضه، وفي حديث جابر : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (واتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)، وفي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب).
والله سبحانه وتعالى يستجيب دعوة المظلوم ولو كانت من كافر، ولو كان الظالم مسلماً، وينصر الله عز وجل الدولة الكافرة إذا كانت عادلة على الدولة المسلمة إذا كانت ظالمة؛ لما في الظلم من شؤم المعصية؛ ولما في العدل من بركة الطاعة، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى [النحل:90].
وفي هذه الآية الدرس السادس: وهو بر الوالدين، فالله سبحانه وتعالى لما ذكر في وصية لقمان أنه وصى ابنه بعدم الشرك به سبحانه ذكر حق الوالدين، والله سبحانه وتعالى في مواضع من القرآن قرن حق الوالدين بحقه سبحانه، وذلك لعظم حق الوالدين، وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [النساء:36]، وقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء:23]، وفي حديث أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قال ذلك ثلاث مرات، قالوا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور)، فحري بالمسلم وجدير به أن يبر والديه بالقول الحسن، وبالنفقة الحلال، وبالصبر على ما يصدر منهما من أذى أو عنت ومشقة، فإنهما تحملا في سبيلك الكثير، وقد قال الله عز وجل في هذه الآية: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ [لقمان:14]، أي: مشقةً على مشقة، وَفِصَالُهُ [لقمان:14] أي: رضاعه فِي عَامَيْنِ [لقمان:14].
فاتقوا الله عباد الله! في آبائكم وأمهاتكم، فرضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين، وفي الحديث (الوالد أوسط أبواب الجنة، فاحفظ هذا الباب أو أضعه).
نسأل الله سبحانه وتعالى بمنه وكرمه أن يوفقنا لبر آبائنا وأمهاتنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
نكمل هذه الوصايا من كتاب الله في الخطبة القادمة، فنسأله سبحانه وتعالى أن يعلمنا، وأن يفقهنا في كتابه وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
اللهم! آمنا في أوطاننا، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم! اجعلهم محكمين لكتابك، وسنة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم.
اللهم! اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت.
اللهم! أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم! عليك بأعداء الدين، اللهم! عليك باليهود الظالمين، والنصارى الحاقدين، اللهم! انصر المسلمين عليهم في كل مكان، اللهم! انصر المسلمين في كل مكان، اللهم! احفظ المسلمين في كل مكان، اللهم! احفظ دماءهم، واحفظ أموالهم، واحفظ أعراضهم، اللهم! فرج كربهم، ونفس عسرتهم، يا ذا الجلال والإكرام!
اللهم! اشف مرضى المسلمين، اللهم! اجعل ما أصابهم كفارةً لسيئاتهم، ورفعةً لدرجاتهم، اللهم! اغفر لموتى المسلمين، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم، ووسع مدخلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
ربنا! هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً.
ربنا! آتنا في الدنية حسنة وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر