وتكلمنا على شيء من أحكام الشفعة، وذكرنا من هذه الأحكام: هل تثبت الشفعة للجار أو لا تثبت؟ وذكرنا خلاف أهل العلم رحمهم الله تعالى في هذه المسألة.
هذا موضع خلاف بين العلماء رحمهم الله تعالى، فجمهور العلماء أن الشفعة لا تكون إلا في العقار، لحديث جابر : ( فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة )، والحدود والطرق إنما تكون في العقار.
والرأي الثاني: أن الشفعة في العقار وفي المنقول، وهو رأي الظاهرية، ويستدلون على هذا بصدر الحديث: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم ) فصدر الحديث يدل على أن الشفعة تكون في المنقولات.
انتقال النصيب لا يخلو من ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يكون انتقاله بعوض مالي، فهذا تثبت فيه الشفعة بالاتفاق، مثال ذلك: البيع، البيع هنا انتقال بعوض مالي، فإذا باع الشريك نصيبه فلشريكه أن يشفع.
الحالة الثانية: أن يكون انتقاله بعوض غير مالي، مثال ذلك: لو جعل الشريك نصيبه صداقاً، هنا انتقل النصيب بعوض لكن هذا العوض غير مالي، والعوض هنا الاستمتاع، فالعوض هنا ليس مالياً، فهل تثبت فيه الشفعة أو لا؟
ومثل ذلك أيضاً لو جعلته الزوجة لزوجها عوض خلع، لها نصيب من هذا العقار وخالعت زوجها وأعطته نصيبها من هذا العقار، فهل تثبت الشفعة أو لا تثبت، وغير ذلك من الأعواض؟
هذا موضع خلاف، والمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أن الشفعة لا تثبت، وأنه لابد أن يكون العوض مالياً، فإن كان العوض غير مالي فإن الشفعة لا تثبت، والصواب في ذلك أن الشفعة ثابتة، وأنه سواء كان العوض مالياً أو كان غير مالي، مادام أن الشقص انتقل بعوض نقول: الشفعة تثبت.
الحالة الثالثة: أن يكون انتقال النصيب أو الشقص بغير عوض، كما لو وقفه أو وهبه أو ورثه ونحو ذلك، هنا انتقل النصيب الآن بغير عوض.
رجل وقف نصيبه فهل لشريكه أن يشفع، أو وهبه لزيد من الناس هل لشريكه أن يشفع؟ نقول: هنا له أن يشفع.
الشرح:
والمقصود من كلام أبي هريرة رضي الله تعالى عنه هو إقامة الحجة عليهم بهذا الحديث، يعني: تبليغهم هذا الحديث وتحميلهم الحجة.
الشرط الأول: أن يكون الجار محتاجاً إلى أن يغرز خشبةً في جدار جاره.
الشرط الثاني: أن لا يكون هناك ضرر على جدار الجار.
فمتى توفر الشرطان فإن الشارع أذن له في ذلك.
المشهور من المذهب أنه لا يشترط إذن الجار، وعند جمهور العلماء أنه يشترط إذن الجار.
والصواب في ذلك: أنه لا يشترط إذن الجار؛ لأن الشارع أذن بذلك، فما دام أن الشارع أذن فإنه لا يعتبر إذن الجار.
ويقاس على غرز الخشب لو احتاج الجار إلى جدار جاره في غرز مواسير المياه، أو مواسير الكهرباء، أو غرز وتد لكي يعلق عليه بعض الحوائج أو نحو ذلك، المهم إذا احتاج إلى أن يتصرف بجدار جاره وينتفع، فنقول: هذا جائز بهذين الشرطين.
وفي هذا الحديث: دليل على أن الجار يجب عليه أن يمكن جاره من ذلك، يعني قول أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: (والله لأرمين بها بين أكتافكم) هذا يدل على أن الأخذ بهذه السنة واجب، وأنه لا يجوز للجار أن يمتنع من ذلك.
وفي ذلك أيضاً حسن الجوار.
الرأي الأول: أن الجار أربعون بيتاً من كل جانب، وهذا قال به الحنابلة والشافعية.
والرأي الثاني: أن الجار هو الملاصق، وهذا قال به المالكية.
والرأي الثالث: أن ضابط الجار هم الذين يجتمعون في مسجد الحي، فالذين يجتمعون في مسجد الحي هؤلاء هم الجيران.
والرأي الرابع والأخير: أن هذا راجع إلى العرف، وأنه يختلف باختلاف الزمان والمكان؛ لأن هذا اللفظ جاء مطلقاً على لسان الشارع، وما جاء مطلقاً على لسان الشارع ولم يحده فإنه يرجع في حده إلى العرف، وهذا القول هو الصواب.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر