تقدم لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمشتري، لكن استثنى من ذلك ثلاث حالات:
الحالة الأولى: إذا باعها قبل بدو الصلاح بشرط القطع في الحال فإن هذا جائز ولا بأس به، يعني: عندك بلح أخضر، لا يجوز أن تبيعه قبل أن يبدو صلاحه، لكن لو بعته على شخص سيقطعه الآن؛ لأنه سينتفع به كعلف للبهائم أو نحو ذلك، فإن هذا جائز ولا بأس به، لأن العلة انتفت.
الحالة الثانية: إذا باعه مع الأصل، أي: ما باع الثمرة وحدها، إنما باع الثمرة والنخيل جميعاً باع الأرض مع الزرع جائز، لأنه هنا ما باع الثمرة منفردة وإنما باع الثمرة مع أصلها، والقاعدة أنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، فيجوز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها تبعاً للأصل.
الحالة الثالثة: إذا باع الثمرة على مالك الأصل فهو جائز، وصورة ذلك: رجل يملك الثمرة، وآخر يملك النخيل، فصاحب الثمرة باعها على من يملك الأصل، فالعلماء يقولون: هذا جائز.
والصحيح أن هذا لا يجوز؛ لأنه داخل في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، فلا يجوز البيع حتى ولو باعها على مالك الأصل.
الشرح:
البغي: هي الزانية التي تفعل الفاحشة، ومهر البغي: هو ما تعطاه على فعلها للفاحشة، أو مقابل الاستمتاع بها.
( وحلوان الكاهن )، الكاهن: هو الذي يدعي معرفة المغيبات المستقبلية، وحلوان الكاهن يعني: أجرته على هذا الادعاء، وسميت هذه الأجرة بالحلوان؛ لأنه يأخذها بلا تعب، فهي عنده شيء حلو يأخذه بلا تعب ولا نصب ولا كد، فحلوان الكاهن معناه: ما يأخذه مقابل كذبه وافترائه من ادعائه بالمغيبات في المستقبل.
وهذا الحديث يدل على تحريم بيع الكلب، وهو شامل للكلب الذي يحرم اقتناؤه، والكلب الذي لا يحرم اقتناؤه، حتى كلب الصيد، أو كلب الحرث، أو كلب الماشية، كل هذه الأشياء يحرم بيعها.
ويدل هذا الحديث أيضاً على تحريم مهر البغي، يعني: ما تأخذه الزانية مقابل فعل الفاحشة، كل هذا محرم ولا يجوز، وهل هناك فرق بين ما إذا كانت مكرهة أو كانت راضية؟ يعني: هذه التي تفعل الفاحشة لا تخلو من أمرين:
الأمر الأول: أن تكون راضية بهذا العمل، فنقول: هذا المهر أو الأجرة التي تأخذها مقابل فعل الفاحشة محرمة ولا تجوز.
الأمر الثاني: أن تكون مكرهة على هذا العمل، فهل يحرم هذا العوض الذي تأخذه أو لا يحرم؟
هذا موضع خلاف بين العلماء رحمهم الله تعالى:
الرأي الأول: أنه لا يحرم لأنها مكرهة، والمكره لا ينسب له فعل.
الرأي الثاني وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أنه يحرم حتى ولو كانت مكرهة؛ لعموم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ( ومهر البغي )، وهذا يشمل ما إذا كانت مكرهة أو غير مكرهة، وهذا القول هو الأقرب، لكن نستثني من ذلك أرش البكارة؛ لأن أرش البكارة إتلاف.
فالصحيح أنها إذا كانت مكرهة فإنه يؤخذ من الزاني لهذه المرأة؛ لأن أرش البكارة نوع من الإتلاف.
وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: مهر البغي محرم حتى ولو كانت مكرهة، لو قيل: يؤخذ من هذا الزاني ويتصدق به، أو يجعل في بيت المال، إلا ما يتعلق بالإتلاف كأرش البكارة فإنه يدفع للمرأة إذا كانت مكرهة، فهذا يكون أحسن ويكون متوجهاً.
وأيضاً: في هذا الحديث تحريم ما يأخذه الكاهن على كهانته، وأن هذا محرم ولا يجوز، وهو من المكاسب الخبيثة.
وفيه أيضاً: تحريم الكهانة، وأنها من باب أولى محرمة.
قوله: ( كسب الحجام خبيث )، سماه النبي صلى الله عليه وسلم خبيثاً مع أنه حلال، فكلمة (خبيث) هنا بمعنى أنه مكروه، وإلا فإن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجرته، فقوله: خبيث، يعني: هذا العمل فيه شيء من الكراهة؛ لأنه يلامس الدماء ونحو ذلك، وخصوصاً في الزمن السابق فإن الحجام يضع المحاجم ثم بعد ذلك يقوم بمص الدم، وقد يتطاير هذا الدم إلى فمه، ففيه ملامسة للنجاسة، وقد تذهب النجاسة إلى شيء من فمه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( كسب الحجام خبيث ).
وأما قوله: ( ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث )، يعني ثمن الكلب محرم، ومهر البغي محرم، وكسب الحجام خبيث، أي: مكروه؛ لأن الدليل قام على أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحاجم أجرته.
ويؤخذ من هذا أن الكلب لا يجوز بيعه، وسواء كان كلباً يقتنى أو كلباً لا يقتنى كما تقدم.
وكذلك أيضاً مهر البغي الزانية محرم ولا يجوز، وسواء كان الزنا برضا أو بإكراه كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
ويؤخذ من هذا أن عمل الحجامة مكروه، وأخذ الأجرة على ذلك مكروه، ولكنه جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحاجم كسبه.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت.
الجواب: دخول المرأة الحائض للمسجد أكثر أهل العلم على تحريمه وأن هذا غير جائز خلافاً للظاهرية، وهذا الذي يظهر والله أعلم من حيث الدليل، فنقول: بالنسبة للحائض وقت الحيض تستغني بآلة التسجيل ونحو ذلك، وتستدرك إن شاء الله، وإذا طهرت تعاود بإذن الله.
الجواب: أنت متى شككت في الماء هل هو طهور أو غير طهور؟ فالأصل الطهارة، والماء إذا تغير بالطهور فإنه لا يسلبه الطهورية، فإذا تغير بالتراب -والتراب أحد الطهورين- فإنه لا يسلبه الطهورية.
الجواب: نحن لا نقول: يجب ثلاثة أحجار، لكن يجب ثلاث مسحات، حتى لو كان الحجر له شعب يكفي حجر واحد، فالعبرة بالمسحات، والحديث ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح مسحتين أو مسح مسحة واحدة، قد يكفي الحجر الواحد في ثلاث مسحات.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر