قال المصنف رحمه الله: [وهذا يتبين بالأصل الثاني: وهو أن يقال القول في الصفات كالقول في الذات، فإن الله ليس كمثله شيء؛ لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فإذا كان له ذات حقيقة لا تماثل الذوات، فالذات متصفة بصفات حقيقة لا تماثل صفات سائر الذوات].
هذا هو الأصل الثاني الذي ذكره المصنف رحمه الله في الرد على نفاة الصفات، ومجمله: أن من بدهيات العقول عند المسلمين أجمعين؛ بل وعند غير المسلمين ممن يقرون بالرب سبحانه وتعالى: أن الله سبحانه وتعالى له ذات، وأن ذاته سبحانه وتعالى منزهة عن مشابهة الذوات، فيقول المصنف: فمن أثبت ذاتاً لزمه أن يثبت الصفات، ومن أثبت ذاتاً من غير تشبيه لزمه أن يثبت الصفات من غير تشبيه، وأما أن يقال: إن ثمة ذاتاً، لكنها مجردة عن الصفات والفعل، فهذا من باب التناقض، وهو بمعنى قولنا: إن هذا الشيء موجودٌ ومعدوم.
فيقول: ما دام أنكم تؤمنون بأن لله تعالى ذاتاً، وأنه سبحانه واجب الوجود القائم بنفسه الغني عما سواه ما دام أنكم تؤمنون بهذه الحقيقة في مقام ذاته سبحانه وتعالى، فهذه الحقيقة متضمنة لإثبات الصفات، ولهذا لا يمكن أن يُقال: إن صفاته سبحانه وتعالى هي غيره؛ فإن هذا الاستعمال لما استعمله من استعمله حكم الأئمة بأنه بدعة، والسؤال الذي يقول: هل الصفات غير الذات أم ليست غير الذات؟ فمنهم من يقول: هي غير الذات، ومنهم من يقول: ليست غير الذات، هذا كله من الكلام المجمل المحدث الذي يجب الإعراض عنه؛ بل يقال: إن الله موصوف بصفات الكمال، وهذا من ضرورات العقل.
ولذلك فإنه إذا قيل: إن ثمة ممكناً قائماً حياً؛ لزم أن يكون متصفاً بصفات وأفعال تليق به، وإذا جُرد عن صفاته وأفعاله اللائقة به امتنع وجوده؛ لأن من صفاته الحياة، فإذا جرد عن الحياة أصبح ميتاً عدماً، فكذلك ما يتعلق بالذات، وهذا في حق المخلوق، فالخالق من باب أولى.
وقد انتقل المصنف من مسألة الذات إلى مسألة الصفات لأن مسألة الذات مسألة لا خلاف فيها؛ فإن جميع المسلمين، بل وغير المسلمين المقرين بربوبية الله يقولون بحقيقة عامة، وهي: (أن الله سبحانه وتعالى واجب الوجود، غني عما سواه)، فيقول المصنف: إن هذا المعنى في إثبات الذات يتضمن ضرورة عقلية إثبات الصفة والفعل، أما إذا قيل: لكنه ليس له صفة ولا فعل، فأين وجوب وجوده إذاً؟! وأين أنه غني عما سواه؟!
وقوله: (فإذا كان له ذات حقيقة لا تماثل الذاوت، فالذات متصفة بصفات حقيقة لا تماثل صفات سائر الذوات):
لأن تجرد الذات عن الصفات تجرد ممتنع في العقل، وإن كان ابن سينا استطال على الحقائق العقلية، أي: ظلمها وكذب عليها، وأطال في السفسطة لما قرر مسألة: أن واجب الوجود يمكن أن تنفك ذاته عن الصفات؛ وذلك لأن ابن سينا ينطلق من أساسيات مذهب أرسطو ، ولا نقول بالضرورة: إنه يلتزم كل مذهب أرسطو ، لكنه لا شك ينطلق من أساسيات مذهبه.
وأرسطو طاليس كان يثبت ما يسميه بالعلة، والعلة إما أن تكون علة غائية أو علة فاعلية، وأرسطو يثبت العلة الغائية ويجردها عن الصفة والفعل، ولذلك لم يجعل الإله -تعالى الله عن ذلك- علة فاعلية؛ لأن أرسطو يدرك أن ثمة تناقضاً بين التجريد عن الصفة والفعل، وبين إثبات الفعل؛ ولذلك قال: إنه علة غائية، ومعنى العلة الغائية: أن الأشيـاء تنتهي إليها، فإن الأشياء تنقسم إلى: علة ومعلول، والأشياء تنتهي إلى هذه العلة الغائية.
لكن إذا قيل لـأرسطو : هل العلة الأولى أو العلة الغائية عندك هو الخالق؟ فإنه سيقول: لا، ولكنه فاض عنه فيضاً، أو صدر عنه، كما شرحه ابن سينا وأتمه بنظرية الصدور، ونظرية الفيض، والعقول العشرة، والنفوس التسعة، وغير ذلك من السفسطات العقلية.
إذاً: هذا المذهب الذي يجرده أرسطو عن الصفة والفعل، هو ينطلق من نظرية لا تؤمن بالرب الخالق للعالم، وإنما يثبت رباً غائياً، أي: تنتهي إليه الأشياء فقط، دون أن يكون له فعل، أو اختصاص، أو إرادة، أو ملكوت، أو ما إلى ذلك، ولا شك أن هذا ليس إثباتاً للربوبية؛ لا عند المسلمين ولا عند المشركين؛ لأن المشركين يقولون كما قال الله تعالى عنهم: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لقمان:25] وهذا من بداهة العقول والفطر، فالمقصود: أن ثمة تناقضاً بين مسألة التجريد، وبين مسألة إثبات الفاعل الرب الخالق.
قال المصنف رحمه الله: [فإذا قال السائل: كيف استوى على العرش؟ قيل له -كما قال ربيعة ومالك وغيرهما-: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة؛ لأنه سؤال عما لا يعلمه البشر، ولا يمكنهم الإجابة عنه].
قوله: (الاستواء معلوم):
أي: معلوم في الكتاب والسنة؛ فإن القرآن الكريم، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم قد نطقا بالاستواء، ومعنى ذلك: أنه معلوم اللفظ ومعلوم المعنى، فالاستواء معلوم بالشرع، والشارع -وهو القرآن الكريم وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم- لا يأتي بألفاظ مجردة عن المعاني؛ فإن التكلم بكلام مجرد عن المعنى ممتنع؛ خاصة إذا كان الإنسان يتكلم بكلام منتظم، ويقول: إنه ليس له معنى، فإن هذا ممتنع، ولذلك فإن من يؤمن بالآية يلزمه أن يؤمن بمعناها، أو يلزمه أن يؤمن بمعنى فيها، أياً كان هذا المعنى، وسواء أصاب في تفسيرها أو أخطأ. أما أن يقال: إن الآية موجودة، والمعنى غير موجود، فإن هذا لا يكون، إلا أن يكون اللسان ليس لساناً مناسباً لهذا السامع أو لهذا المتكلم.
إذاً: قوله: (الاستواء معلوم) أي: معلوم المعنى، فإن معنى (استوى على العرش)، أي: علا على العرش، قال تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] أي: الرحمن علا على عرشه واستوى استواءً وعلواً يليق بجلاله، لا كما يقول المؤولة: أنه استولى، ولا كما يقول المفوضة: أنه استوى على العرش، ولا نعلم معنى ذلك.. كيف لا يعلمون والله تعالى قد نطق به في كتابه، وقد قال تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ [النساء:82] ! وهذا من تدبر القرآن.
وقد وقع في بعض كلام أهل العلم في تفسير الاستواء بالجلوس، وهذا اللفظ غلط، وإن قال به من قال، ولا يعتبر به، ولا يُقال: إنه مذهب للسلف، فإن مذهب السلف تراعى فيه أكثر من جهة:
الجهة الأولى: أن الكلمات القرآنية والنبوية دائماً أشرف وأصدق وأتم وأبين من الكلمات التي تكلم بها من تكلم بعدهم، حتى ولو كان المتكلم إماماً عالماً؛ ومن الكلمات القرآنية: الاستواء، والعلو، والفوقية... إلخ.
الجهة الثانية: أن المذهب لا يرد فيه تفسيران للسلف إلا إذا اضطرب عندهم، أما إذا ورد أن بعضهم قال: (استوى على العرش) أي: جلس على العرش، فإن التعبير لا يكون مناسباً؛ لأن كلمة (جلس) في لسان العرب ليست مرادفة في معناها ومرادها لكلمة (استوى)؛ بل فيها قدر من الزيادة، وقدر من التفصيل الذي لم تنطق به الكلمة القرآنية.
وقد يقصد بعض العلماء الذين ينطقون بمثل هذا أحياناً درء التأويل، أي: أنهم يريدون أن يبينوا أننا نحقق الإثبات، فيقعون في قدر من الزيادة؛ إما في اللفظ، وإما في المعنى.
وقد نبه ابن تيمية على هذا الأمر، وهذا يقع في هذا العصر أحياناً عند بعض الناس، سواء في مسائل الصفات أو في غيرها، يقول ابن تيمية : "إن بعض المنتسبين للسنة والجماعة، المعظمين لطريق الأئمة، ربما زادوا إما في الحروف وإما في المعاني في مقام الإثبات، من باب التحقيق ودرء التأويل"، وضرب مثلاً لذلك بـأبي حامد من الحنابلة، يقول: "إنه شديد في الإثبات"، فينبغي لطالب العلم في تقريره للسنة أن يبتعد عن الزيادة، سواء كانت الزيادة في الكلمات أو في المعاني، إلا أن تكون كلمة اقتضاها السياق، وقد سبق معنا أن الكلمات منها ما يجب استعماله، ومنها ما يسوغ استعماله، ومنها ما يرخص استعماله لداعٍ دعا إلى ذلك، ومنها ما يمنع استعماله.
والفقه أن يستعمل الإنسان الكلمات الشرعية، ويستعمل في الدرجة الثانية ما يحتاج العامة فيه إلى البيان والإيضاح.
وقوله: (والكيف مجهول) أي: يمتنع العلم به، وهذا نفي لإمكان العلم به، وليس نفياً للكيفية نفسها، فإن الصفات لها كيفية، فنزول الله واستواؤه له كيفية، ولكنها مجهولة.
وقوله: (والإيمان به واجب)؛ لأنه خبر من أخبار الله في كتابه، فيجب الإيمان به.
وقوله: (والسؤال عنه بدعة) أي: عن الكيفية؛ لأنه قول على الله، وسؤال في حق الله بغير علم.
قال المصنف رحمه الله: [وكذلك إذا قال: كيف ينزل ربنا إلى السماء الدنيا؟ قيل له: كيف هو؟ فإذا قال: أنا لا أعلم كيفيته، قيل له: ونحن لا نعلم كيفية نزوله؛ إذ العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف، وهو فرع له وتابع له، فكيف تطالبني بالعلم بكيفية سمعه وبصره وتكليمه ونزوله واستوائه، وأنت لا تعلم كيفية ذاته؟!].
مقصود المصنف: أن من كانت حجته على نفي نزول الرب أن يورد هذا السؤال: كيف ينزل الله إلى السماء الدنيا؟ فإذا لم يُجب بمفصل من العلم وبتقرير يبين كيفية النزول قال بنفيه، يقول: فهذا انطلق من فرضية عقلية خاطئة، وهي أن ثمة تلازماً بين العلم بالمعنى والعلم بالكيفية، وهذا غلط عقلي؛ فإن العلم بالمعنى لا يستلزم العلم بالكيفية عقلاً؛ لأنه لو كان العلم بالشيء يستلزم العلم بكيفيته؛ للزم أن يقال له: إن الله موجود، فسيقول: نعم. فكيف وجود الله؟ والله له ذات فكيف هذه الذات؟ إذاً: ليس ثمة تلازم بين العلم بالمعنى وبين العلم بالكيفية؛ بل إن ثمة انفكاكاً بين العلم بالمعنى وبين العلم بالكيفية، فإنه لا يلزم من علمنا بمعنى نزوله واستوائه أن نعلم الكيفية، كما أنه لا يلزم من علمنا بذاته أن نعلم كيفية ذاته سبحانه وتعالى.
والعلم بالكيفيات -أي: بكيفيات الصفات- إذا تسلسلت انتهت إلى نتيجة وهي: العلم بكيفية الذات، وهذا ممتنع، فكما أن العلم بكيفية الذات ممتنع؛ فإن العلم بكيفية الصفات ممتنع؛ لأن القول في الصفات فرع عن القول في الذات.
قال المصنف رحمه الله: [وإذا كنت تقر بأن له ذاتاً حقيقةً ثابتة في نفس الأمر، مستوجبةً لصفات الكمال، لا يماثلها شيء، فسمعه وبصره، وكلامه، ونزوله، واستواؤه ثابت في نفس الأمر، وهو متصف بصفات الكمال التي لا يشابهه فيها سمع المخلوقين وبصرهم، وكلامهم ونزولهم واستواؤهم. وهذا الكلام لازم لهم في العقليات وفي تأويل السمعيات، فإن من أثبت شيئاً ونفى شيئاً بالعقل، إذا أُلزم فيما نفاه من الصفات التي جاء بها الكتاب والسنة نظير ما يلزمه فيما أثبته، وطولب بالفرق بين المحذور في هذا وهذا، لم يجد بينهما فرقاً].
قوله: (لم يجد بينهما فرقاً): وذلك كما سبق فيمن يؤول صفة المحبة بالإرادة، فيقال له: ما الفرق بين إرادة الله وإرادة المخلوق؟ ولماذا أثبتَّ الإرادة ونفيت المحبة؟! وهكذا.
قال رحمه الله: [ولهذا لا يوجد لنفاة بعض الصفات دون بعض -الذين يوجبون فيما نفوه إما التفويض، وإما التأويل المخالف لمقتضى اللفظ- قانون مستقيم، فإذا قيل لهم: لم تأولتم هذا وأقررتم هذا، والسؤال فيهما واحد؟ لم يكن لهم جواب صحيح، فهذا تناقضهم في النفي].
لا يوجد عندهم قانون مستقيم، ولذلك مثلاً الذين يثبتون سبع صفات فقط إذا قيل لهم: لماذا أثبتم الصفات السبع وحدها؟ فليس لديهم جواب صحيح، وغاية ما يقول قائلهم: إن هذه الصفات السبع دل عليها العقل، وقد سبق الجواب عن هذا. فيقول المصنف: ليس لهم قانون مستقيم فيما يثبتونه وفيما ينفونه، أي: أن كل ما أثبتوه يرد عليهم ما أورده في مقام النفي.
وقوله: (الذين يوجبون فيما ينفونه إما التفويض، وإما التأويل):
الطريقة التي سار عليها المتأخرون من متكلمة الصفاتية: أن ما لا يثبتونه من الصفات يجوزون فيه أحد الوجهين: إما التأويل، وإما التفويض، وهذا المنهج قد ذكره محمد بن عمر الرازي في كتبه وشرحه، فذكر أن النصوص التي ليست على ظاهرها -كما يقول- إما أن تؤول، وإما أن تفوض، قال: "والاشتغال بتأويلها ليس من باب الوجوب، بل هو من باب التبرع". أي: أنه يجوز عنده التأويل ويجوز التفويض.
ومعنى التفويض: ترك المعنى دون تعليق، وهذا ممتنع، فإن العقل لا بد أن يقدر معنىً إذا سمع الكلام، فإن هناك تلقائية عقلية بين سماع الكلام وبين تقدير المعنى لذلك الكلام، فمثلاً: إذا قال رجل لقوم جالسين: قوموا. فلا يمكن لأحد منهم أن يقول: أنا قررت إرادياً وعقلياً أن لا أفهم هذا الكلام؛ لأن هناك تلقائية في الفهم.
إذاً: مسألة التفويض مسألة ممتنعة، إلا أن يكون القارئ أو المستمع لا يفهم اللسان العربي، فهنا لا بأس أن يقول: أنا أعلم أن هذا قرآن، لكني لا أدري ما معناه؛ لأنه لا يفقه اللسان، أما أن يكون ممن يعرف اللسان العربي، فإنه لا بد أن يفهم المعنى بشكل تلقائي.
ولذلك فإن المتكلمين الأوائل -كأئمة المعتزلة- لم يتخلصوا من هذا الإشكال بمسألة التفويض، مع أنها أسهل من التأويل؛ لأنهم يدركون أن مسألة التفويض مسألة ممتنعة في العقل، فلا يمكن أن تقرأ كلاماً فصيحاً بيناً وأنت على لسانه ثم تقول: إنه لم تتحرك إرادتك، أو أنه منعت إرادتك العقلية في المعاني أن تحدد أو تدرك معنىً.. هذا كله من الفرضيـات الذهنية.
قال المصنف رحمه الله: [وكذلك تناقضهم في الإثبات، فإن من تأول النصوص على معنىً من المعاني التي يثبتها، فإنهم إذا صرفوا النص عن المعنى الذي هو مقتضاه إلى معنىً آخر؛ لزمهم في المعنى المصروف إليه ما كان يلزمهم في المعنى المصروف عنه، فإذا قال قائل: تأويل محبته ورضاه وغضبه وسخطه هو إرادته للثواب والعقاب؛ كان ما يلزمه في الإرادة نظير ما يلزمه في الحب والمقت والرضا والسخط، ولو فسر ذلك بمفعولاته -وهو ما يخلقه من الثواب والعقاب- فإنه يلزمه بذلك نظير ما فر منه، فإن الفعل المعقول لا بد أن يقوم أولاً بالفاعل، والثواب والعقاب المفعول إنما يكون على فعل ما يحبه ويرضاه، ويسخطه ويبغضه المثيب المعاقب، فهم إن أثبتوا الفعل على مثل الوجه المعقول في الشاهد للعبد مثلوا، وإن أثبتوه على خلاف ذلك، فكذلك سائر الصفات].
مراد المصنف أنه إذا فسر النفاة ما ينفونه من الصفات بالمفعول، قيل لهم: والمفعول يستلزم فعلاً، ولذلك فإن هؤلاء الذين يفسرون هذا المقام بهذا التفسير، درج جمهورهم على عدم التفريق بين الفعل وبين المفعول، وهذه المسألة تكلم عنها الإمام البخاري رحمه الله؛ لأنها من المقدمات التي كان متقدمو المتكلمين يستعملونها في تنظير هذه المسائل في الصفات أو في مسائل القدر؛ ولذلك عني البخاري في كتابه (خلق أفعال العباد) بتنظير هذه المسألة تنظيراً عقلياً، وهي مسألة: الفرق بين الفعل والمفعول، والفرق بين الخلق والمخلوق.
وقوله: (فهم إن أثبتوا الفعل على مثل الوجه المعقول في الشاهد للعبد مثلوا، وإن أثبتوه على خلاف ذلك، فكذلك سائر الصفات):
أي: إن أثبتوه على ما هو معروف في الشاهد، فهذا من باب التشبيه، وإن تجردوا عن ذلك، فهذا الذي يلزم في سائر الصفات.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر