إسلام ويب

للقصص تأثير كبير في نفوس الناس، ولقد جاء القرآن الكريم بهذا الأسلوب في كثير من المواطن، فبين به حال الطائعين والمقصرين، موضحاً للسبيل، ومبيناً للطريق.

قصة أصحاب البستان

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الكريم وعلى آله وأصحابه أجمعين.

القصة الأولى:

قصة أصحاب البستان:

إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ * فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ * وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ * فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ * قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْراً مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ * كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [القلم:17-33].

كان لرجل عجوز بستان كبير ورائع، كان هذا البستان مملوءاً بالأشجار والثمار، يعطي ثماراً كثيرة وزروعاً وفيرة أكثر من أي بستان آخر، وكان زرع هذا البستان وثماره تزداد في كل سنة.

هذا الرجل العجوز كان مؤمناً بالله عز وجل وتقياً، يحب الله ويعبده، وينفذ أوامره، ويبتعد عن نواهيه.

كان العجوز يرعى حق الفقراء في بستانه، فيعطيهم الكثير حتى لا يحتاجوا لأحد من بعده، وفي هذه السنة في موسم حصاد البستان أعطى العجوز الفقراء الكثير من ثمار بستانه كعادته، وكان سعيداً جداً عندما رأى ابتسامة الرضا على وجوه الفقراء.

أما أولاده فقد تضايقوا كثيراً لأنهم شعروا أن الثمار ذهبت من أيديهم إلى الفقراء، ولكنهم كتموا ضيقهم.

أخذ كل من الفقراء نصيبه، وبقي من ثمار البستان الشيء الكثير، سبحان الله! كأنه لم ينقص من الثمار شيء، فالله سبحانه وتعالى قد بارك في هذا المال الذي كان صاحبه يعطي الصدقة.

عمد العجوز إلى هذه الثمار الكثيرة ووزعها بين أولاده، وأخذ كل واحد منهم نصيباً كثيراً حتى فاضت الثمار بين أيديهم، ومرت سنوات طويلة ومات العجوز، وورث الأولاد البستان عن أبيهم العجوز، وقرروا ألا يعطوا الفقراء شيئاً، ويستأثروا بكل الثمار لأنفسهم، اتفقوا فيما بينهم أن يقطفوا الثمار سراً، ويتقاسموها فيما بينهم ولا يعطوا الفقراء شيئاً.

كان من بينهم الأخ الأوسط أرق قلباً منهم، فقال لهم: لا تفعلوا ذلك، وذكَّرهم بفعل أبيهم الطيب، وبنصائح أبيهم قبل أن يموت، ولكنهم لم يستمعوا لنصحه، فجاراهم ومشى معهم، وزين لهم الشيطان أعمالهم.

في صباح اليوم التالي خرج الشباب الثلاثة قبل الفجر في الظلام وهم يتخافتون بينهم: أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ [القلم:24] أي: ما نريد أي مسكين يأخذ من هذه الثمار شيئاً، وبدءوا في مسيرهم نحو البستان.

لما وصلوا إلى البستان قالوا: إِنَّا لَضَالُّونَ [القلم:26] أي: نحن ضائعون، لماذا قالوا ذلك؟

لأن الله سبحانه وتعالى عرف نيتهم وعزمهم وقرارهم فأرسل على البستان في الليلة التي سبقت الحصاد صاعقة قوية أحرقت كل الأشجار وكل الثمار، دمرت كل شيء فيه، حل بهم عذاب الله عز وجل، فاحترق البستان، فلما رأوه ما عرفوه: قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ [القلم:26-27] هنا ذكرهم الأوسط أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ [القلم:28]كيف تمنعون الثمار وحق الفقير والمسكين، ضاع البستان وضاعت الثمار ولو أعطوا حق الفقراء لبقي كل شيء، لكنهم كانوا أنانيين بخلاء، نسوا أن الله سبحانه وتعالى يعوض الصدقات، لاموا أنفسهم على ما هموا بفعله، وتمنوا لو أنهم ساروا على نهج أبيهم ودربه، يزرعون الابتسامة والسعادة في نفوس الفقراء وقلوبهم لعل الله سبحانه وتعالى يرضى عنهم ويمنحهم الخير الكثير.

وجاء في القرآن أن الله سبحانه وتعالى قد أبدلهم بنيتهم الطيبة هذه خيراً منها، لما تابوا وأنابوا.

فهذه قصة فيها درس للبخلاء، وتأكيدٌ لعزم الكرماء المتصدقين. اللهم اجعلنا منهم.

قصة موسى مع الخضر عليهما السلام

قصة موسى وفتاه والعبد الصالح، وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً * فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً * فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً * قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً * قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً * فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً * قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً * قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً * قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً * قَالَ فَإِنْ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً * فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً * قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً * فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً * قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً * فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً * قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً * أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً * وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً * وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً [الكهف:60-82].

وقف موسى عليه السلام في يوم من الأيام يخطب في بني إسرائيل ويقول لهم: اسألوني ما شئتم، فإني أعلم من على الأرض، فهنا جاءه الوحي: كيف تدعي أنك أعلم من على الأرض؟! فاستغرب موسى لأنه هو نبي ذلك الزمان، وهو رسول المؤمنين، فما كان يظن أن هناك من هو أعلم منه.

فجاءه الوحي أن هناك من هو أعلم منك، فأحب موسى عليه السلام أن يلقى هذا الرجل الذي هو أعلم منه ليتعلم منه، فهنا جاءته الأوامر أنه إذا أراده لابد أن يسير إلى مجمع البحرين.

والبحر الأحمر له فرعان في رأسه، عند التقاء هذين الفرعين هناك مجمع البحرين.

فهنا عزم موسى عليه السلام وأخذ معه فتاه يوشع بن نون وقال له: سنمضي إلى أن نلقى هذا العبد الصالح حتى لو سرنا عشر سنين (حقباً).

وفعلاً توجه موسى عليه السلام مع فتاه يوشع نحو مجمع البحرين، ما كان يعرف كيف سيستدل على هذا العبد الصالح، فجاءه الوحي أن إذا رأيت معجزة فعندها ستعرف أنك التقيت بالعبد الصالح أو مكان العبد الصالح.

وفعلاً سارا، وفي الطريق نزلا للراحة، وبينما موسى عليه السلام نائم قرر يوشع عليه السلام الذي صار نبياً فيما بعد أن يشوي سمكة، فبينما هو يشوي السمكة على النار فجأة يحدث شيء غريب جداً أن السمكة تعود إلى الحياة وهي سمكة مشوية، ثم تقفز نحو البحر وأخذت طريقها في البحر، تعجب يوشع عليه السلام من هذه المعجزة، وأخذ يشوي أسماكاً أخرى، ثم قام موسى عليه السلام وانطلقا، والأكل جاهز، لكن قررا أن يأكلا فيما بعد.

وبعد ما سارا مسافة قال موسى: آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً [الكهف:62] هنا تذكر يوشع المعجزة، قال: هل تذكر عندما كنا عند الصخرة فإني نسيت أن أذكر لك قصة الحوت، السمكة التي رجعت إلى الحياة، شيء عجيب حدث، فهنا قال موسى: هذا ما كنا نبغي، كنا ننتظر هذه العلامة التي تدل على وجود المعجزة، فهنا رجعا على آثارهما، نفس المسافة على آثار الأقدام التي كانوا عليها حتى وصلوا إلى مكان الصخرة، وإذ بشيخ كبير جالس عند الصخرة، فعرف موسى عليه السلام أن الخضر ينتظره.

رحب الرجل الصالح بموسى عليه السلام، وأخبره أن الله تعالى قد أوحى إليه أن ينتظره في هذا المكان ليعلمه مما علمه الله عز وجل، وترك يوشع يعود.

موسى عليه السلام عرض عرضاً قال له: علمني ما شئت، فالخضر قال: لن تستطيع الصبر على هذا العلم، هذا العلم يحتاج إلى صبر، فهذا ليس بعلم سهل، قال: سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً [الكهف:69] فاشترط عليه الخضر شرطاً، قال: تصاحبني بشرط ألا تسألني عن شيء حتى أخبرك أنا بما حدث وتفسيرات ما يحدث أمامك، فوافق موسى عليه السلام.

ركب الاثنان في سفينة قديمة لبعض الفقراء لتنقلهم إلى مكان آخر، وبينما هم سائرون في البحر وإذ بالرجل الصالح الخضر عليه السلام يخرق هذه السفينة، عمل فيها فتحة بدأ الماء يأتي من هذه الفتحة، بدأ العمال يتراكضون يأخذون الماء يرمونه إلى خارج القارب أو هذه السفينة حتى لا تغرق السفينة، وظلوا على هذا الحال، موسى عليه السلام استغرب كيف تؤذي هؤلاء الناس الذين حملونا؟! وكيف تخرق سفينتهم وهم فقراء؟! لماذا فعلت ذلك؟ هذا عمل منكر، فعندها ذُكِّر موسى من قبل الرجل الصالح بما تعاهدوا عليه ألا يسأل سؤالاً، فخجل موسى عليه السلام وسكت، ونزلا من السفينة والعمال ما زالوا يحاولون أن يصلحوا السفينة، ويحاولون أن ينقذوها من الغرق، فانطلق موسى عليه السلام والخضر وتركا العمال يعملون في سفينتهم ويحاولون إصلاحها.

مشى الاثنان مسافة، وإذ بمجموعة من الأطفال يلعبون، فنادى الخضر شخصاً منهم، فلما اقترب الولد أخذه خلف صخرة ثم هجم عليه فقتله، فثار موسى وصاح: كيف تقتل إنساناً بريئاً؟! كيف تقتل طفلاً؟! هذا شيء عظيم من الإجرام والمنكر، فذكر موسى عليه السلام مرة أخرى من قبل الرجل الصالح ألا تسأل، أنا ذكرت لك أنك لن تستطيع أن تصبر على ما ترى أمامك، فهنا موسى عليه السلام خجل وقال: إن سألتك بعدها عن أي أمر فلا تصاحبني: قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً [الكهف:76] ليس لي عذر، فقد نبهتني مرتين، وانطلقا...

سار موسى عليه السلام والخضر عليه السلام مسافة طويلة فتعبا، انتهى الطعام الذي عندهما، وصبرا حتى وصلا إلى قرية، وكانا في منتهى الجوع، وبدأ يطلبان من أهل القرية كعادة أهل زمانهم، كان الناس في ذلك الوقت لا يعتبرون هذا سؤالاً، وإنما كانوا يعتبرونه حقاً للإنسان، الضيافة ثلاثة أيام في أي مكان، كان هذا هو عرف الناس في ذلك الوقت، أن الذي يأتي إلى قرية فطعامه وشرابه أول ثلاثة أيام ضيافة، وبعدها يدفع الحساب، فاستطعما أهلها كعادة أهل الزمان، لكن أهل هذه القرية كانوا أهل لؤم، فرفضوا أن يطعموا موسى والخضر عليهما السلام، تعجبا من لؤم هؤلاء الناس، ما هذا البخل وما هذا اللؤم والضيافة حق معروف، فخرجا إلى ضاحية القرية، وإذا بجدار بيت قديم يكاد أن يتهدم، فجلس موسى عليه السلام يرتاح، فقام الخضر عليه السلام نحو الجدار، وبدأ يعيد بناء الجدار ويصلحه حتى صار مستقيماً بدون خلل، فتعجب موسى عليه السلام (أيعمل كل هذا العمل لأناس أهل خبث ولؤم وبخل!!) فقال له: لماذا تفعل هذا! لو شئت لاتخذت عليه أجراً، أي: لو طالبتهم بالأجرة على الأقل حتى يكون عندنا شيء نشتري به طعاماً.

قال: أما قلت لك لا تسأل، وأنت قلت لي أنك إذا سألت أي سؤال آخر لا أصاحبك بعده؟ انتهينا الآن.

دعني أشرح لك هذا العلم من علم الغيب الذي علمنيه ربي، فأنت تعلم ما يوحى إليك، وهناك أمور ظاهرها شيء وباطنها شيء آخر لا يعلمه إلا الله عز وجل.

قصة مؤمن آل فرعون

القصة الثالثة: قصة مؤمن آل فرعون.

وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ * وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ * وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ * يَا قَوْمِ لَكُمْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ * وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ * مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ * وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ [غافر:26-33].

في قصة موسى عليه السلام الطويلة مواقف عظيمة، بعد أن انكشف الحق في الصراع بين الحق والباطل، وتبين الحق وخر السحرة سجداً بعدما هزمهم موسى بمعجزة عظيمة من الله عز وجل، بطش فرعون بالسحرة ثم أراد أن يبطش بموسى عليه السلام؛ لأنه أحس أن موسى سيغلبه، وأنه صاحب دعوة حقيقية، وأنه صادق في دعواه، وخشي أن الناس خاصة بعد حادث السحرة سيؤمنون به وبدعوته، فقال لقومه -يستشير كبار القوم-: دعوني أقتل موسى، وليدع ربه لكي ينقذه -بتكبر وجبروت وظلم- وفي قصةٍ طويلة قرر أن يقتل موسى، لكنه أحب أن يستشير كبار القوم، كان من بين كبار القوم رجل من الأسرة الحاكمة من آل فرعون، ومن خواص فرعون، وهو على الإيمان بالسر، آمن لما رأى معجزات موسى، ورأى حادث السحرة، لكنه بسبب وضعه الاجتماعي، وبسبب علاقته بفرعون وأنه من خواصه كان يكتم إيمانه، لكن الآن وصلت المسألة من الخطورة أن موسى عليه السلام بدأ يتعرض للخطر، ولا بد أن يحاول أن يدافع عنه خاصةً أن فرعون الآن يستشيرهم، فهنا صاح بكل قوة بلا خوف ولا رهبة صيحة يمحو بها وجه الظلام، قال: لا. لماذا تقتل موسى؟! ألأنه مؤمن، كيف تقتل رجلاً يقول: ربي الله؟! توقف عن ظلمك لأن الله يحمي من يؤمن به، توقف قبل أن يحل بك عذاب الله الذي حل بالأمم من قبلك، فالله لن يتركك تفعل ما تريد، وسينتقم منك، وفي رواية أنه نجى رغم كل هذا القول القوي من بطش فرعون، حماه الله عز وجل، فقولة الحق إن قتل صاحبها فهو شهيد، وإن نجى فأجره عظيم اقتداءً بقصة مؤمن آل فرعون.

قصة قارون

القصة الرابعة: قصة قارون .

إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنْ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمْ الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ المُنْتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ * تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ * مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [القصص:76-84].

قارون كان من أعلام بني إسرائيل من قوم موسى عليه السلام، كان متكبراً مغروراً ظالماً، وكان قد أعطاه الله عز وجل المال الكثير، أعطاه شيئاً خيالياً من الأموال، فكانت أمواله في خزائن ضخمة، كل واحدة منها مثل الغرفة الكبيرة، لها بابٌ كبير، والخزائن لها كذا مفتاح حتى يحكم إغلاقها، وهذه المفاتيح من كثرتها لا تستطيع الجماعة من الرجال الأقوياء أن يحملوها من ثقلها، وله القصور الكثيرة والأراضي الواسعة، وهو قد جمع أمواله من التجارة، لكن أيضاً بالظلم والغش وأكل مال الغير بالحرام، وتجمع له هذا المال الكثير، وكان له أعداد هائلة من الخدم والحشم.

وفي يوم من الأيام وكان يوم عيد وزينة والناس يحتفلون قرر قارون أن يظهر مكانته وفضله وغناه، فخرج على قومه بكامل زينته، بالملابس الغالية المصنوعة من الذهب والحرير والجواهر، محمولاً على عرش يسير به هؤلاء الرجال الأقوياء أمامه، وحواليه الزينة بكل مظاهرها، فخرج مغروراً بنفسه متكبراً، وقد ملأ التكبر والغرور نفسه وقلبه، حتى ظن قارون أنه فوق البشر، وأنهم جميعاً خدم لديه وعبيد، وصاح فيهم: أنا أغنى الأغنياء، أنا جمعت هذا المال بنفسي، لا فضل لأحد عليَّ، فذكَّره أحد الصالحين وقال: هذا من فضل الله ومن نعمة الله عليك، ولولا فضل الله ما جاءك شيء، قال: لا. أنا تعبت .. أنا عملت .. أنا جمعت هذا المال بنفسي .. لا فضل لأحد عليَّ.

وكان بالإضافة إلى هذا بخيلاً، فكان لا يعطي الفقراء شيئاً، فكان فيه تكبر وجحود وبخل، والآن يضيف لها كفراً بنعمة الله عز وجل، لم يشكره ولم يحمده، ولم يؤدِ حق الله عز وجل في المال الذي أعطاه إياه، فمنع ماله عن الفقراء والمحتاجين وظلم الناس وظلم نفسه وكفر بنعمة الله عليه.

قال المؤمنون الذين شاهدوا قارون على هذه الحال: مسكين هذا الرجل! لقد ظلم نفسه، الحمد لله أننا لسنا مثل قارون المتكبر المغرور، فهذا عقابه عند الله عظيم، بينما أكثر الناس الذين يتأثرون بمظاهر الدنيا قالوا: يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ [القصص:79] أي: يا ليت عندنا شيئاً من هذه الأموال الضخمة التي عند قارون، ووقف الناس يتفرجون على موكب قارون من البيوت ومن التلال المحيطة، وفجأة تحدث المعجزة العجيبة، وفجأة تنشق الأرض بزلزالٍ عجيب وتنفتح، فتبتلع قارون وخزائن قارون، وأمواله وزينته ولم يبق له أثر، وانطبقت الأرض عليه، وتحولت هذه المنطقة إلى بحيرة، سبحان الله! في لحظات صار أثراً بعد عين، واختفى بكنوزه وأمواله بعقابٍ عجيب من الله عز وجل، هنا الذين تمنوا أن يكونوا مثل قارون قالوا في أنفسهم: الحمد لله الذي لم يجعلنا مثل قارون، سبحان الله! الله قادر على كل شيء، قادر على أن يعطي .. الله قادر على أن يأخذ، وقال المؤمنون بالله: عرفتم حق الله، وعرفتم قدرة الله، الحمد لله الذي آمنا به ولم نكفر بنعمته ولم نظلم أنفسنا.

فهذه قصة لكل جبار متكبر عنده الأموال لأجل أن يتذكر أن كل شيء من فضل الله، وأن الله على كل شيء قدير.

قصة لقمان الحكيم

القصة الخامسة: قصة لقمان الحكيم.

وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنْ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ * وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [لقمان:12-19].

لقمان اسم عظيم خُلد في التاريخ، ويكفيه خلوداً أن سميت سورة من القرآن الكريم باسمه.

خلد لقمان لأنه حكيم، كان خادماً أسود اللون إلا أنه كان حكيماً، يمتلك قلباً أبيض مملوءاً بالإيمان بالله الواحد، ومملوءاً بتجارب الحياة وبحب الناس.

قال له سيده مرة: خذ -يا لقمان!- هذه الشاة واجلب لي أحسن ما فيها، فجلب له لقمان قلب الشاة ولسان الشاة، ثم بعد فترة أعطاه سيده شاةً وطلب منه أن يجلب له أخبث ما فيها، فجلب له قلبها ولسانها، استغرب السيد، كيف يكون أخبث شيء القلب واللسان، وأطيب شيء القلب واللسان، كان متوقعاً أن يأتيه بأعضاء أخرى، فشرح له لقمان، قال: لا أطيب من القلب واللسان إن طابا، ولا أخبث منهما إن خبثا.

وتزوج لقمان، ورزقه الله عز وجل غلاماً، وأخذ لقمان يربي ابنه على معاني الحكمة، وطريق الخير والسعادة في الدنيا والآخرة بوصايا عظيمة ذُكرت في القرآن الكريم، أعظمها: (لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ) أي: وحد .. آمن .. أخلص لله عز وجل إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13].

وأوصاه: يا بني! إن الله قد أوصانا بالإحسان إلى والدينا (ببر الوالدين) فرضاهم من رضا الله عز وجل، وذكره ونصحه وقال: إذا أردت أن تبتعد عن المعاصي وتستقيم في حياتك؛ فتذكر أن الله على كل شيء قدير، وأن الله بكل شيءٍ عليم، حتى لو كانت حبة صغيرة اختبأت في صخرة في السماوات أو في داخل الأرض فالله سبحانه وتعالى يراها ويعلم مكانها.

يا بني! لا يكفيك الإيمان والحكمة، وإنما لا بد أن تصحب ذلك بالعمل الصالح، ومن أعظم الأعمال الصالحة: إقامة الصلاة عبادة لله وحده، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحث الناس على أن يفعلوا الخير، وأن يبتعدوا عن طريق الشر والشيطان.

يا بني! اصبر على كل ما يصيبك، هذا ابتلاء وفتنة واختبار من الله عز وجل ليراك من الناجحين إن شاء الله، فالصبر من أعظم الأمور، ومن أصعب الأمور، والله سبحانه وتعالى يحب الصابرين، والمؤمن الصادق هو القادر على الصبر حقاً.

يا بني! تخلق بالأخلاق الحسنة، لا تتكبر ولا تغتر، عندما تمشي بين الناس كن وقوراً، عليك بالسكينة والهدوء، لا تضرب الأرض برجليك، ولا ترفع رأسك تفتخر على الناس، وإذا تكلمت فاخفض صوتك، ولا تصخب ولا تقهقه عندما تتكلم أو تضحك، ألم تعلم أن أنكر الأصوات هو صوت الحمير؟

ثم ذكره ونصحه بالكثير من المعاني التي صارت حكماً، فصارت من عظمتها أن خلدها الله عز وجل قرآناً يتعبد بتلاوته إلى آخر الزمان. رحم الله لقمان الحكيم.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , خمس قصص للشيخ : طارق السويدان

https://audio.islamweb.net