بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
(ردة ولا
أبا بكر لها) هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم، وسوف أركز الحديث مع حضراتكم في هذا الموضوع الكبير في العناصر المحددة التالية:
أولاً: ظلام فكري وكفري دامس.
ثانياً: ما السبيل؟
وأخيراً: لا تيئسوا من روح الله.
فأعيروني القلوب والأسماع، والله أسأل أن يقر أعيننا بالتمكين لعقيدة التوحيد والموحدين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أولاً: ظلام فكري وكفري دامس:
أيها المسلمون! ما زال الإسلام العظيم منذ أن بزغ فجره، واستفاض نوره إلى يومنا هذا؛ مستهدفاً من قبل أعدائه، أعداء الطهر والفضيلة والشرف، الذين كرهوا هذا الدين العظيم.
لكن عقيدة التوحيد بالأمس القريب كان إذا مس جانبها وتطاول عليها قزم أو صنم حقير سمعت هذه العقيدة المشرقة
أبا بكر يتوعد، وسمعت
الفاروق يزمجر، وسمعت
خالد بن الوليد يصرخ، ورأت الصادقين من الرجال الأطهار الأبرار يبذلون من أجل نصرتها الغالي والنفيس، بل والدماء والمهج والأرواح.
يوم أن خرجت فتنة الردة بعد موت المصطفى صلى الله عليه وسلم قام
الصديق المبارك الذي تحولت بين يديه هذه المحنة إلى منحة، يوم أن أعلنها صريحة مدوية: (والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة)، وشرح الله صدر
أبي بكر رضي الله عنه، وصدر
عمر ، وصدر الصحابة رضوان الله عليهم لقتال هؤلاء المرتدين الذين فرقوا بين الصلاة والزكاة.
لكننا نشهد اليوم ردة من نوع خبيث جديد، لكن أين
الصديق ؟! إنها ردة خبيثة ولا
أبا بكر لها، إننا نشهد الآن حرباً على هذه العقيدة الطاهرة، لكنها حرب من نوع خبيث جديد، إنها حرب فكرية.. حرب ثقافية.. حرب عقدية.
إن المجرمين يعلمون الآن أن أخطر وسائل محاربة هذه العقيدة هي الحرب الفكرية، فهم يشنون الآن حرباً هوجاء، لا على الفرعيات والجزئيات، بل على الثوابت والأصول والأركان والكليات، لا تظنوا أن كتاباً واحداً -كما أشير في بعض الجرائد والمجلات- هو الذي تطاول على عقيدة التوحيد، وعلى القرآن، وعلى ذات الرحيم الرحمن، كلا، بل هي كتب، بل هو مخطط مدروس خبيث.
نعم أيها المسلمون! ليس كتاباً واحداً، ولكنها كتب تمثل منهجاً مدروساً ومخططاً خبيثاً، وأستطيع في نقاط محددة جداً أن أبين لحضراتكم: الخطوات الخبيثة، والمراحل الخطيرة لهذا المنهج المدروس، ولهذا المخطط الخبيث، ولهذه الردة الجديدة.
تمجيد العقل وإعلان الحرب على النص
أولاً: بدءوا هذا المخطط الخبيث بإعلان الحرب على النص، مع التمجيد المستمر والمتعمد للعقل؛ حتى جعلوا العقل إلهاً يعبد من دون الله جل وعلا؛ ليسقطوا بالعقلانية المزعومة قدسية النصوص، ولو كانت النصوص ثابتة في القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، بل أعلنوا ذلك صراحة فقالوا: لابد من إلغاء القاعدة المتفق عليها والتي تقول: (لا اجتهاد مع النص)؛ لأن هذه القاعدة تشكل حجراً على العقل البشري، الذي أبدع في عصر الألفية الثالثة، أو في أواخر القرن المنصرم، لقد أبدع العقل إبداعاً: فجّر الذرة، وغاص في أعماق البحار، وانطلق في أجواء الفضاء، وحول العالم كله إلى قرية صغيرة، عن طريق هذا التكتيك العلمي المذهل في عالم الاتصالات والمواصلات.
فهذا العقل لا ينبغي أن يقال له: لا اجتهاد مع النص، بل يجب على هذا العقل المبدع أن يجتهد مع النص ولو كان النص ثابتاً في القرآن، أو في سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فترى عقلاً مريضاً خبيثاً تعرض أمامه النصوص القرآنية والنبوية، فيضع بالقلم الأحمر علامات على هذا النص، ويضع بالقلم الأسود علامات خبيثة على نص آخر، وهكذا!! ويصير دين الله ويصير النص القرآني والنبوي ألعوبة بين عقول مهازيل البشر، فترى من يحكم على نص ثابت في القرآن ويقول: لا ينبغي أن يفهم إلا بالكيفية الفلانية، وذلك من خلال النظرية العلمية الحديثة المعاصرة، وترى عقلاً عفناً آخر ينكر السنة -كما نرى ونسمع كل يوم- ويلغي الأحاديث الصحيحة الثابتة في أصح الكتب بعد القرآن، بدعوى أن هذه الأحاديث تصطدم مع العقل اصطداماً مباشراً، وتصطدم مع العلم الحديث والنظريات العلمية المعاصرة.
وأنا أقول: لا ينبغي أن يفهم العلمانيون المجرمون أننا نريد أن نسقط مكانة العقل، كلا، بل إن نور الوحي لا يطمس نور العقل أبداً، بل يبارك نورُ الوحي نورَ العقل، ويزكي الوحي العقل ويحتفي به أيما احتفاء، ويلفت القرآن الأنظار إلى مكانة العقل والتعقل والتدبر في آيات كثيرة:
أَفَلا يَعْقِلُونَ [يس:68]،
أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ [النساء:82]،
قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا [النمل:69]، آيات وآيات وآيات:
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ [آل عمران:190]، لكن ليس معنى ذلك أن يصبح العقل حاكماً على النص القرآني والنبوي، ائتوني بعقل يتعرف على ذات الله جل جلاله، وعلى أسمائه الحسنى وصفاته العلى، وعلى أركان ديننا وأصول إسلامنا، دون أن يرجع إلى النقل أي: إلى النص القرآني والنبوي.
ورحم الله
ابن القيم إذ يقول:
لا يستقل العقل دون هـداية بالوحـي تأصيلاً ولا تفصيلاً
كالطرف دون النـور ليس بمـدرك حتى يراه بكرة وأصيلاً
نور النبوة مثل نور الشمس للـ عين البصـيرة فاتخذه دليـلاً
فإذا النبوة لم ينلك ضياؤهـا فالعقـل لا يهديك قط سبيلاً
طرق الهدى محدودة إلا على من أم هذا الوحـي والتنزيـلاً
فإذا عدلت عن الطريق تعمداً فاعلم بأنك ما أردت وصـولاً
يا طالباً درك الهدى بالعقـل دو ن النقل لن تلقى لذاك دليلاً
صار العقل إلهاً يعبد من دون الله مع التحقير من شأن النص، ولو كان ثابتاً في القرآن وفي سنة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ثم تجاوزوا المرحلة الأولى من مراحل هذا المخطط الخبيث، ومن مراحل هذا الظلام الفكري والكفري الدامي إلى المرحلة الثانية ألا وهي:
التشكيك في نقلة النصوص
التشكيك والطعن المباشر في السنة
الطعن في القرآن
مرحلة الطعن في القرآن! نعم في القرآن! وقد قرأتم ذلك في الأسبوع الماضي في كتاب واحد فقط، وقد صرحت وأعلنت ذلك من قبل عدة أشهر على منبر مسجدي، وليس هوكتاباً واحداً، ولكنه مخطط في كل أنحاء العالم الغربي والعربي للنيل من هذا الدين، والطعن في عقيدة التوحيد والموحدين، يصف هذا الكتاب القرآن بأبشع الألفاظ! بلفظ يعف اللسان عن ذكره! والمخطط منظم ودقيق، والكتاب الذي نشر لكاتب سوري خبيث ينسف عقيدة القرآن من أول الفاتحة إلى سورة الناس في عدة أسطر من كتابه الخبيث!
ولولا أن الله نقل إلينا كلام الكفار في القرآن، ولا زلنا نقرأ كلمات المشركين في القرآن في حق رب العالمين؛ ما تجرأت أن أنقل مثل هذا الكلام! فأنتم لا زلتم إلى هذه اللحظة تقرءون قول الله تعالى حكاية عن اليهود الملعونين:
وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ [المائدة:64]، ولا زلتم تقرءون قولتهم الخبيثة وهم يصفون الله بالفقر وقالوا:
إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ [آل عمران:181]، إلى آخر هذه الكلمات، ولولا أن رب العزة قد سطر لنا ذلك في قرآنه، وقد نقل إلينا في قرآنه مثل هذه الكلمات، ما ذكرت مثل هذا.
يقول هذا الخبيث في حق القرآن: ما زال الخطاب الديني يتمسك بوجود القرآن في اللوح المحفوظ، اعتماداً على فهم حرفي للنص! وما زال يتمسك بوجود الإله على عرشه وكرسيه وصولجانه ومملكته وبين جنوده من الملائكة! وما زال يتمسك بالحرفية ذاتها بوجود الملائكة والجن والشياطين والسجلات التي تدون فيها أعمال العباد! والأخطر من ذلك إنه ما زال يتمسك بصور الثواب والعقاب كعذاب القبر ونعيمه والمرور على الصراط ومشاهد القيامة والجنة والنار، إلى آخر ذلك من تصورات أسطورية!
هل تدبرتم؟! هل سمعتم مثل هذه الكلمات؟! ينسف القرآن كله من الفاتحة إلى الناس.
ويقول رائد خبيث من رواد هذا الجيل المضلل: وجود إبراهيم وإسماعيل أمر مشكوك فيه! ولو ذكر في التوراة والإنجيل والقرآن فلسنا ملزمين بتصديق أي من هذه الكتب! كفر صريح واضح، هم يطعنون في القرآن ذاته، بل يطعنون في ذات الله جل جلاله، فإن المرحلة الخامسة من مراحل هذا المخطط الخبيث هي:
الطعن في ذات الله جل جلاله
إقامة حد الردة على المرتدين
والسؤال المر: ما السبيل؟ وهذا هو عنصرنا الثاني.
النقطة الأولى: إقامة حد الردة على هؤلاء المرتدين، لكن نسأل الله أن يرزقنا مثل
أبي بكر فمن لهذه الردة؟ الأمة الآن في حاجة إلى
الصديق وإلى
عمر وإلى
خالد وإلى
سعد وإلى
طلحة وإلى
عبد الرحمن ، الأمة الآن في حاجة إلى الأطهار الأبرار الذين كانوا يبذلون المهج والأرواح والدماء؛ لنصرة عقيدة رب الأرض والسماء. والله الذي لا إله إلا غيره لو طبق حد الردة على مرتد من هؤلاء ما رأيت مثل هذا الهراء، فأنا أدين لله بأن القوانين الوضعية العمياء كانت أخطر أسباب انتشار الردة في هذا الزمان، فالقانون الوضعي يعاقب بأشد العقوبات من وقع في الخيانة العظمى التي هي خيانة الوطن، ونحن لا ننكر أن من خان الوطن يجب أن يقام عليه حد الحرابة، ويرى فيه ولي الأمر المسلم ما يرى، لكن هذا القانون الوضعي الأعمى لا يعاقب من وقع في الخيانة الأعظم -وليست العظمى- ألا وهي خيانة الله ورسوله:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال:27]، لا يعاقب القانون الوضعي الأعمى من خان الله ورسوله وارتد عن الإسلام، فيأتي العلمانيون ويقولون: هو حر، وله أن يختار من العقائد ما يريد، يكون مسلماً لمدة يومين ثم يكفر لمدة يومين، كما يريد!
ويحتج علينا العلمانيون بقوله تعالى:
لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [البقرة:256]، نحن لا ننكر آية من آيات رب العالمين، ولا كلمة من كلام سيد النبيين، لكن (لا إكراه في الدين) بعد أن نبين حجة الله ودين الله لغير المسلمين على وجه الأرض، دون أن يحول أحد بيننا وبين دعوة الناس لدين الله، فإن عرضنا الإسلام عرضاً بيناً واضحاً على غير المسلمين، واستمع منا غير المسلمين، وأبوا أن يدخلوا في الإسلام حينئذ نقول:
لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [البقرة:256]،
فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف:29]، لكننا الآن أمام رجل مسلم دخل الإسلام طواعية واختياراً، ثم ارتد عن الإسلام علانية، هذا يزلزل قواعد المجتمع المسلم من أركانها، وهذا إن لم تأخذ الشريعة على يده دبت الفوضى في المسلمين، وتزلزلت القلوب المريضة من المنافقين الذين لا يخلو منهم زمان ولا مكان؛ لذا قال النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين: (
لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة)، وفي لفظ
البخاري من حديث
ابن عباس : (
قال صلى الله عليه وسلم: من بدل دينه فاقتلوه)، فأنت أمام مسلم دخل الإسلام وارتد عنه، فهذا ينبغي أن يستتاب وإلا فعلى ولي الأمر المسلم أن يقيم عليه حد الردة بعد الاستتابة، فيقتله ويخلص المجتمع الإسلامي من شروره الخبيثة.
العلم والإيمان حصن حصين من الفتن
قد يقول قائل: ما هو واجبنا تجاه هذه الحرب، وماذا نفعل؟
يجب عليك ابتداء -أيها المسلم وأيتها المسلمة- أمام هذه الحرب المسعورة المعلنة على الإسلام بثوابته: أن تحصن نفسك بالإيمان والعلم الشرعي الصحيح، حصن نفسك بالإيمان، فالإيمان الآن كسفينة نوح وسط هذه الأمواج المتلاطمة، إن لم تركب هذه السفينة ستغرق وستهلك، ابحث عن العلماء الربانيين، مهما روجوا في وسائل الإعلام وفرقوا بين العلماء الرسميين والعلماء غير الرسميين، لو كان لا ينبغي لأي أحد أن يتكلم في دين الله إلا إذا حصل على ورقة رسمية فسنحكم الآن بأن الإمام
أحمد و
الشافعي و
مالك و
أبا حنيفة و
ابن القيم و
ابن تيمية، بل والصحابة بأنهم لم يكونوا مؤهلين للدعوة، فالدعوة إلى الله عز وجل: قال الله قال رسوله بالدليل الصحيح، أنت أخذت تصريحاً واضحاً أن تتحرك لدين الله من شريعة رسول الله، إن كنت فاهماً لأدلة القرآن، وأدلة النبي عليه الصلاة والسلام، ولست في حاجة إلى أن يقال لك: تحرك أو لا تتحرك، بل يجب عليك أن تحصن نفسك بالإيمان الصحيح وبالعلم الشرعي الصحيح.
ثم الخطوة الثالثة: يجب عليك أن تتحرك بهذا العلم الصحيح للأمر بالمعروف بمعروف والنهي عن المنكر بغير منكر، تحرك للدعوة لدين الله تبارك وتعالى، فكما تحرك أهل الكفر لكفرهم، وأهل الباطل لباطلهم؛ وجب على أهل الحق أن يتحركوا لحقهم، أقسم بالله الذي لا إله غيره! ما انتشر الباطل وأهله، إلا يوم أن تخلى عن الحق أهله.
حصن نفسك بالإيمان والعلم الشرعي على قدر استطاعتك، أنت طبيب، أو مهندس، أو مسئول، أو موظف، وأنتِ زوجة في البيت؛ فلنتحرك جميعاً على قدر استطاعتنا، ونعبر عن غيرتنا لله، عبر عن غيرتك لذات الله ولقرآن الله، مر بالمعروف بمعروف، وانه عن المنكر بغير منكر، وبغير انفعال يخرج بك عن ضوابط الشرع.
من منا لا يقدر -بعد هذا الهم- أن يكتب مائة رسالة، هذه الألوف المؤلفة التي تحضر معي الآن لو كتب كل فرد فينا عشر رسائل -حتى لا أكون مبالغاً أو شاقاً على الأحباب- وأرسل إلى المسئولين بكلمات مهذبة جميلة، يعبر من خلالها عن غضبه لدينه.. لعقيدته.. لقرآن ربه.. لذات الله جل جلاله، أرسل إلى المسئولين.. إلى رئيس الجمهورية.. إلى رئيس الوزراء.. إلى وزير الأوقاف.. إلى شيخ الأزهر.. إلى المفتي.. إلى وزارة الأوقاف .. إلى كل المسئولين، وإن كان هنا مسئول يسمعني الآن فأقول له: هذا دينك، هذا قرآنك، هذا ربك جل جلاله، فإن لم تتحرك الآن فمتى ستتحرك؟!
ينبغي أن يعي المسئولون أن هذه الأمة لا زالت قلوبها تنبض بتوحيد الله، يجب أن يعلم المسئولون أن هذه الأمة لا زالت تقدم أرواحها ودماءها فداء لدين ربها، وقرآن ربها، ولنبيها صلى الله عليه وسلم، وهي وراء العلماء الربانيين، ووراء الدعاة الصادقين الذين يقولون: قال رب العالمين، قال سيد النبيين، هذا دورك أنت، لا عذر لك -ورب الكعبة- إن لم تفعل، وهذا أضعف الإيمان.
إن مثل هذا المشهد الذي يتمثل بكثرة من حضور الناس في المساجد يدل على أن الأمة تعشق الإسلام، وتموت من أجل التوحيد، وتبذل الوقت والمال من أجل أن تستمع إلى الدعاة وإلى العلماء الربانيين، الذين يقولون: قال الله، قال رسوله؛ ولذلك فلابد أن نجيش طاقات الأمة، وقدرات الأمة، وإمكانات الأمة، وقوة الأمة؛ لنري أعداءنا في الخارج والداخل: أن الأمة لا زالت قلوبها تنبض بحب الإسلام، وبحب التوحيد، وبحب القرآن، وبحب النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
ومع كل هذا فأقول لكم: إنها زوبعة في فنجان، كل ما سمعتموه، وكل الحرب المعلنة على ثوابت الإسلام، شأنها كشأن ذبابة حقيرة تافهة سقطت على نخلة عملاقة، ولما أرادت الذبابة الحقيرة أن تطير وتنصرف قالت للنخلة العملاقة: تماسكي أيتها النخلة! لأني راحلة عنك، فردت عليها نخلة التمر العملاقة وقالت: انصرفي أيتها الذبابة الحقيرة! فهل شعرت بك حينما سقطت علي لأستعد لك وأنت راحلة عني!
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
مشروع النهضة الحديث فشل فشلاً ذريعاً؛ لأنهم رأوا في هذه الصحوة الكريمة شباباً في ريعان الصبا، ورأوا فتيات في عمر الورود، ورأوا كوكبة مباركة تعلن الحرب على مشروع نهضتهم المزور الفاسد، بل وتصدى علماء ودعاة الصحوة إلى هذا المشروع، وبينوا زيفه، وأسقطوا ورقة التوت ونسيج العنكبوت الذي طالما اختفى بها وفيها هؤلاء المثقفون المزعومون، فهم يرقصون الآن رقصة الموت، حينما يرون صحوتكم المباركة الراشدة، حينما يرون هذه الكوكبة الكريمة تعود من جديد إلى الله، وتقول قولة السابقين الصادقين الأولين:
سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة:285] حينما رأوا هذا الشباب قد ولى ظهره لواشنطن وبنكوك ومدريد وباريس وتل أبيب، ووجه وجهه من جديد إلى القبلة التي ارتضاها الله للمصطفى صلى الله عليه وسلم، إنهم يرقصون -ورب الكعبة- رقصة الموت؛ فحصنوا أنفسكم بالإيمان والعلم الشرعي، وتحركوا للأمر بالمعروف بمعروف، والنهي عن المنكر بغير منكر، وتحركوا للدعوة إلى هذا الدين الذي من أجله خلق الله السموات والأرض والجنة والنار، تحركوا للحق كما تحرك أهل الكفر وأهل الباطل لكفرهم وباطلهم، ونحن على أمل بموعود الله، وبموعود الصادق رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن الجولة المقبلة لدين الله ولشرع المصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اللهم أقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم أقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم أقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز الموحدين.
ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، واصرف غضبك ومقتك عنا، اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
اللهم إنا نقر لك -جميعاً- بالعظمة والكمال والجلال، اللهم إنا نقر لك -جميعاً- بالعظمة والكمال والجلال، فلا تؤاخذنا بما فعل السفهاء يا كبير يا متعال!
اللهم انصر الإسلام والموحدين، اللهم انصر الإسلام والمسلمين، ومكن للتوحيد والموحدين، وانصر المجاهدين الشيشانين والفلسطينيين والفلبينيين، وفي كل مكان يا أرحم الراحمين!
اللهم ارفع عن مصر الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم ارفع عن مصر الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم ارفع عن مصر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم اجعل مصر سخاءً رخاءً وجميع بلاد المسلمين، اللهم اجعل مصر سخاءً رخاءً وجميع بلاد المسلمين، اللهم لا تدع لأحد منا في هذا الجمع المبارك ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا عاصياً بيننا إلا هديته، ولا طائعاً إلا زدته وثبته.
اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى، وأسألك باسمك الأعظم الذي إن سئلت به أعطيت، وإن دعيت به أجبت؛ كما صبر إخواننا على تأخر الوقت وعلى حر الشمس، أسألك -يا سيدي- أن تقيهم وتقينا معهم حر جهنم، اللهم قنا حر جهنم، اللهم نجنا من حر جنهم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.