إسلام ويب

شرح لامية الأفعال [10]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الفاعل إذا حذف فإنه يطرأ تغيير للمفعول الذي سيكون نائباً، وللفعل نفسه، والذي يعنينا هنا ما يعرض للفعل نفسه من التغيرات، والبناء للنائب البحث فيه يتعلق بثلاثة علوم؛ بالبلاغة والنحو والصرف، ففي البلاغة: تعرف المواضع التي يحذف فيها الفاعل أو يضمر، وهي من النكات البلاغية المعروفة، وفي النحو: تعرف ما تجوز نيابته، وما لا تجوز نيابته، وأحكامه بعد النيابة، وفي الصرف: تعرف ما يعرض للفعل نفسه.

    1.   

    فصل فيما لم يسم فاعله

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

    أما بعد:

    فقال المؤلف رحمه الله: ( فصل فيما لم يسم فاعله ).

    فعقد هذا الفصل للمبني للمجهول، والمبني معناه: المصوغ، للمجهول معناه: الذي حذف، وليس المقصود أن المتكلم به يجهله، بل قد يكون الفاعل مجهولاً، وقد يكون معلوماً فيحذف؛ فلذلك عبر هو عنه "بما لم يسم فاعله" سواءً كان معلوماً أو مجهولاً، وأهل الصرف يسمونه: ما ركب للمجهول، أو ما ركب للنائب، أو ما بني للمجهول، أو ما بني للنائب، يقولون: مبني للمجهول، أو مبني للنائب، أو مركب للمجهول، أو مركب للنائب، ومعنى ذلك واحد، فإن الفاعل إذا حذف يطرأ تغيير للمفعول الذي سيكون نائباً، وللفعل نفسه، والذي يعنينا هنا ما يعرض للفعل نفسه من التغيرات، والبناء للنائب البحث فيه يتعلق بالبلاغة والنحو والصرف بثلاثة علوم، ففي البلاغة: تعرف المواضع التي يحذف فيها الفاعل أو يضمر، وهي من النكات البلاغية المعروفة، أسباب حذف الفاعل، وفي النحو: تعرف ما تجوز نيابته، وما لا تجوز نيابته، وأحكامه بعد النيابة، وفي الصرف: تعرف ما يعرض للفعل نفسه، وهذا الذي يعنينا هنا، فقال:

    إن تسند الفعل للمفعول فأت به مضموم الاول واكسره إذا اتصلا

    بعينٍ اعتل واجعل قبل الآخر في الـ ـمضي كسرًا وفتحًا في سواه تلا

    يقول: ( إن تسند الفعل )، معناه: ماضياً أو مضارعاً لا أمراً، فالأمر لا يسند للمفعول أبداً، الأمر لا يسند للمجهول، الفعل معناه: مطلقاً, سواءً كان مزيداً فيه أو مجرداً، ماضياً أو مضارعاً مزيداً فيه أو مجرداً (للمفعول), المقصود به: المفعول الذي ينوب وهو المفعول به على الأصل لا له ولا معه، مفعول به أو فيه، أو المطلق لا له ولا معه، هذه المفعولات الخمسة المعروفة في النحو، قد نظمها بعضهم فقال:

    مفاعيلهم رتب فصدر بمطلق وثن به فيه له معه كمل

    (مفاعيلهم رتب)، في حال ذكرها مع الفعل، فيبدأ بالمفعول المطلق أولاً؛ لذلك قال: فصدر بمطلق، وثن به أي: بالمفعول به، فيه؛ أي: بالظرف، له؛ أي: المفعول لأجله، المفعول معه هو الأخير؛ فلذلك قال هو: ( إن تسند الفعل للمفعول به لا له ولا معه )، وليست المفعولات محصورةً فيما قال، بل كان اللازم أن يقول به, أو فيه أو المطلق لا له ولا معه، (فأحكامه ستة)، أحكامه؛ أي: الفعل، أي: ما يعرض له من الأحكام بسبب هذا التغيير في الإسناد ستة.

    الحكم الأول من أحكام الفعل إذا بني للمجهول: هو ضم أوله

    أولها: ضمُّ أوله إن لم يكن ماضياً ومعتل العين، وهذا قوله: ( فأت به مضموم الأول )، فإنه يضم أوله، إلا إذا كان ماضياً معتل العين كـ(باع) ونحوها، فسنذكر ما يعرض لها من الأحكام إن شاء الله، تقول فيها: بيع، وقيل، وغيض الماء إلى آخره، ويجوز فيها الإشمام على ما سنذكر إن شاء الله، فتضم أوله، فمثال ذلك من الثلاثي المجرد: ضرب زيد ويضرب، ومن الرباعي المجرد دحرج الحجر ويدحرج، ومن الرباعي المزيد فيه أكرم زيد ويكرم، ومن الخماسي المفتتح بالهمزة الزائدة، فتقول فيه: انطلق من هذا المبدأ، وهذا مبدأ ينطلق منه، والخماسي المبدوء بالتاء الزائدة تقول فيه: تعلم هذا العلم، وهذا علم يتعلم، والسداسي، كقولك: استخرج من هذا الكلام فوائد، وكذلك يستخرج من هذا الكلام فوائد، فتضم أوله في كل ذلك.

    الحكم الثاني من أحكام الفعل إذا بني للمجهول: هو كسر أوله إن كان متصلاً بعين الثلاثي المعتل

    الحكم الثاني من الأحكام الستة التي تطرأ عند حذف الفاعل هو كسره إن كان كذلك، وهو قوله: ( واكسره إذا اتصلا: بعين اعتل )، نحن استثنينا الماضي المعتل العين، فذكرنا أنه لا يضم أوله، أما الماضي المعتل العين، فما حكمه؟ حكمه هو الحكم الثاني من أحكام الفعل الستة، وهو قوله: ( واكسره )؛ أي: اكسر أول الفعل الماضي المعتل العين، وذلك بإلقاء حركة العين عليه بعد سلب حركته، الحرف الأول تحذف حركته، وقد كانت فتحةً طبعاً (باع)، فتحذف حركته وهي الفتح، وتلقي عليه حركة العين، بإلقاء حركة العين بعد سلب حركته هو، ولذلك قال: ( إذا اتصلا بعين اعتل )، معناه: إذا اتصل ذلك الأول بعين معتلة، وكان اللازم أن يقول: بعين اعتلت؛ لأن العين مؤنثة، وذلك مثل (قال وباع)، فتقول فيه:( قيل وبيع)، وأصل الكلمة قُوِلَ في الأصل، بُيِعَ، لكنك ستحذف هذه الضمة التي على أوله، وتنقل إليه الكسر الذي هو كسر ما قبل الآخر؛ كسر الحرف الأوسط، فتكسر الحرف الأول بهذه الكسرة، فتقول: (قيل وبيع)، وتسكن العين المعتلة حينئذ، فتكون حرف مد، وهذا الكسر ليس متعيناً ولا لازماً، بل هو أحد ثلاثة أوجه، وهو أشهرها، ثم يليه الإشمام وهو: شوب الكسرة بشيء من صوت الضمة، وبعضهم يقول: شوب الضمة بشيء من صوت الكسرة؛ أي: حركة بين الضمة والكسرة، سواءً غلبت فيها الضمة أو الكسرة، وبه قرئ: وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ[هود:44].

    وكذلك سِيءَ بِهِمْ [العنكبوت:33]، وكذلك سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا [الملك:27]، فكلها قرئت بالإشمام، وكذلك حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ [سبأ:54]، فتحركه حركةً بين الضمة والكسرة، لا هي كسرة محضة، ولا هي ضمة محضة، لم يقرأ حفص بهذا الإشمام في الأفعال المعتلة؛ ولذلك لا تعرفونه، فلا إشمام في قراءة حفص إلا في حرف واحد، وهو في سورة يوسف، قوله تعالى: مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ [يوسف:11]، في هذا الحرف وحده، وفي قراءة نافع اتفق ورش و قالون على (سِيئَتْ وجوه الذين كفروا) و(سيء بهم)؛ لذلك قال ابن بري:

    واتفق بعض عن الإمام في سين سيئت سيء بالإشمام

    ونون تأمنا ابن بري في كتابه في نظمه في قراءة نافع المسمى بالدرر اللوامع في أصل موطأ الإمام نافع.

    آخر الوجوه الثلاثة هو الضم الخالص، ومنه قول الشاعر:

    حوكت على نيرين إذ تحاك تختبط الشوك ولا تشاك

    فحوكت الأفصح أن يقول: (حيكت)، ثم إذا لم يقلها يقول: حيكت بالإشمام، ثم حوكت هي أضعفها، وهذا البيت مختلف في معناه، فقيل: هو وصف لناقة، وقيل: هو وصف لكساء، وفيه مجاز على كلا القولين في تفسيره، فإن كان المقصود: وصف ناقة فمعنى حيكت على نيرين إذ تحاك: أنها قوية البنية؛ كأنها محوكة حياكةً مضاعفةً بالنسيج؛ فلذلك تختبط الشوك ولا تشاك، فيكون الشطر الأول مجازاً، والشطر الثاني حقيقةً، وإن كان وصفاً لكساء كان الشطر الأول حقيقةً، والثاني مجازاً، حيكت يعني: نسجت، على نيرين؛ أي: حياكتها مضاعفة على درجتين، إذ تحاك، معناه: حين حوكها، (تختبط) الشوك: هذا مجاز معناه: يخبط بها (وهي لا تختبطه، تختبط الشوك ولا تشاك)؛ أي: لا يداخلها الشوك لقوة نسجها.

    وكذلك قول الآخر:

    ليت وهل ينفع شيئاً ليت ليت شباباً بوع فاشتريت

    فالأفصح أن يقول: بيع، ثم بيع، ثم بوع، وهي أضعفها، (وهل ينفع شيئاً ليت) هذه جملة اعتراضية، معناه: هل ينفع التمني، هل يغير شيئاً.

    الحكم الثالث من أحكام الفعل إذا بني للمجهول: هو كسر ما قبل آخره ماضياً وفتحه مضارعاً

    (وثالثها) أي: الحكم الثالث من أحكام الفعل عند حذف الفاعل: هو كسر ما قبل آخره ماضياً، وفتحه مضارعاً، أن يكسر ما قبل الآخر إن كان ماضياً، وأن يفتح إذا كان مضارعاً، وهذا هو قوله: ( واجعل قبل الآخر في الــمضي كسراً وفتحاً في سواه تلا )، واجعل قبل الآخر في المضي كسراً، والمعنى: واجعل على الحرف الذي قبل الآخر في المضي كسراً، أو واجعل قبل الآخر في المضي كسراً؛ أي: مكسوراً، اجعل قبل الآخر؛ أي: ما قبل الآخر في المضي مكسوراً، (كسراً) بمعنى: مكسوراً، أو واجعل قبل الآخر كسراً؛ لأن الكسر شكل، والشكل مختلف فيه في موضعه؛ ولذلك قال ابن مالك :

    الشكل سابق حرفه أو بعده قولان والتحقيق مقترنان

    وهذا الكسر إما أن يكون ملفوظاً به، وإما أن يكون مقدراً؛ فلذلك قال: لفظاً أو تقديراً، وربما فتح في معتل اللام، وهذه لغة من لغات العرب، وهي أن ما قبل الآخر في معتل اللام قد يفتح؛ كرمى وغزى، بمعنى: رمي وغزي، ومنه قول الشاعر:

    ما للطبيب يموت بالداء الذي قد كان يشفي مثله فيما مضى

    إن الطبيب بطبه ودوائه لا يستطيع دفاع نحب قد قضى

    معناه: قد مضي، مثلثة فقد سبق أن طاء الطب مثلثة.

    ( وفتحاً في سواه تلا )، واجعل فيما قبل الآخر فتحاً في سواه؛ أي: في سوى المضي، وهو المضارع.

    وليس من الطرة هذا، قد دُنْيَ له، دُنْيَ بالكسرة غلط، وهو خطأ مطبعي، قد دُنْيَ له، معناه: دُنْيَ له، مثل عتبى وأخرى سنذكرها إن شاء الله.

    ( وفتحاً في سواه تلا )، معناه: في الذي يتلوه وهو المضارع؛ لأن المضارع هو الذي يتلو الماضي في التصريف، فتقول: يُضْرَب، في الماضي تقول: ضُرِبَ.

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ [الحج:73].

    في المضارع تقول: يضرب المثل بكذا، وقوله: (تلا) هذه الجملة نعت لسواه؛ لأن الجمل بعد المعارف أحوال، وبعد النكرات نعوت، وسواه من الأسماء التي لا تتعرف بالإضافة؛ فلذلك كانت الجملة بعدها نعتاً لها؛ لذلك قال: لأنه لا يتعرف؛ كغيره، فغير وسوى ونحوها من الأسماء لا تتعرف بالإضافة.

    الحكم الرابع من أحكام الفعل إذا بني للمجهول: هو ضم ثالث المفتتح بهمز الوصل

    ثالث ذي همز وصلٍ ضم معه ومع تاء المطاوعة اضمم تلوها بولا

    ورابع هذه الأحكام ضم ثالث ذي همز الوصل إن صحت عينه، ضم ثالث الفعل المفتتح بهمز الوصل، إن صحت عينه، وهذا هو قوله: ( ثالث ذي همز وصل ضم معه )؛ أي: أن الفعل المفتتح بهمزة الوصل سواءً كان خماسياً أو سداسياً، فإنه يضم ما قبل آخره، يضم الثالث منه، وتضم همزة الوصل أيضاً؛ ولذلك قال: ( ضم معه )، فتقول: اعتبر بكذا، وانطلق، انطُلق من هذا المبدأ، وتقول: استُخرج من هذا الحديث فوائد، فهمز الوصل هنا سيضم على ما سبق؛ لأننا قلنا: (فأتِ به مضموم الأول)، والحرف الثالث منه يضم أيضاً، سواءً كان من خماسي أو سداسي؛ كـ(اعتبر) و(انطلق) و(استخرج).

    ( ومع تاء المطاوعة اضمم تلوها بولا ).

    الحكم الخامس من أحكام الفعل إذا بني للمجهول: هو ضم ثاني الفعل، إذا افتتح بالتاء الزائدة المعتادة الزيادة المتحرك ما بعدها

    الحكم الخامس من هذه الأحكام الستة هو: ضم ثانيه إن بدئ بالتاء الزائدة المعتادة الزيادة، (لا كترمسة الزيادة)، لا كترمسة فهي غير معتادة الزيادة، لم تسمع إلا في هذا الوزن، وهذا هو قوله: ( ومع تاء المطاوعة )، التاء الأكثر فيها أن تكون للمطاوعة مثل: علمته فتعلم، ودحرجته فتدحرج، لكنها قد لا تكون للمطاوعة، مثل: تداركته، ومثل: تغافل فلان، فهذه التاء ليست بالمطاوعة؛ فلذلك قال: وشبهها؛ كتدارك، وتغافل، وتباله، فهذه تشبه تاء المطاوعة، وليست هي، وهذه التاء هي المتحرك ما بعدها بخلاف ترمس.

    فهذه التاء قد يمْثُلها؛ أي:الذي يليها، وهو الثاني، فتقول: تُعُولِم وتُدُورِك وتُغُوفل وتُبُولِه، (بولا)؛ أي: الذي يليها مباشرةً وهو الثاني كـتُعُولِم وتُدُورِك وتُغُوفل وتُبُولِه.. إلى آخره.

    الحكم السادس من أحكام الفعل إذا بني للمجهول: هو كسر ثالث المفتتح بهمز الوصل إن اعتلت عينه وصحت لامه

    والحكم السادس من هذه الأحكام الستة هو: كسر ثالث المفتتح بالهمز؛ أي: بهمز الوصل إذا اعتلت عينه؛ لأننا ذكرنا أن المفتتح بهمز الوصل يضم الحرف الثالث منه إن صحت عينه، أما إن اعتلت عينه فإنه يكسر همز الوصل، ويكسر معه الثالث أيضاً، إن كانت لامه صحيحةً، وهذا هو قوله:

    وما لفا نحو (باع) اجعل لثالث نحـ ـو (اختار) و (انقاد) كاختير الذي فضلا

    الأوجه الثلاثة التي قد سبقت في نحو (باع) اجعلها لثالث افتعل وانفعل معلولي العين صحيحي اللام، إذا كانا معلولي العين وكانا صحيحي اللام، فافتعل كاختار، وانفعل كانقاد؛ لذلك قال: ( نحو اختار وانقاد )، لا كـ(اجتوى) و(انطوى)، اجتوى، فهذه افتعل، لكنها معتلة العين واللام معاً، وكذلك انطوى، فهي انفعل، لكنها معتلة العين واللام معاً، فتقول: اختير وانقيد، تكسر همزة الوصل وتكسر الثالث بعدها أيضاً، اختير وانقيد (الذي فضلا)، يجوز فيها فضَلا وفضِلا، وفضُلا أيضاً للمبالغة، معناه: أنه يختار من الناس أفضلهم، والمعنى اختيار الله لرسوله صلى الله عليه وسلم من الناس كافةً، (اختير الذي فضلا).

    (فضلا) يجوز فيها الأوجه الثلاثة، ذكرناها من قبل أنها مثلثة.

    وفي أوله وثالثه الإشمام والضم؛ كفاء باع، فتقول فيه: اختور أو اختير؟

    يجوز في موضعين منه، الكسر فيهما معاً، كما سبق هو الأرجح، أو الضم فيهما معاً، أو الإشمام فيهما معاً، لكن لا يمكن التفريق، إذا ضممت الهمزة لا يمكن أن تكسر الثالث، وإذا كسرت الهمزة لا يمكن أن تضم الثالث أو تشمه.

    وكهما فاء رد وعلم من كل فعل ثلاثي ساكن العين تخفيفاً أو ادغاماً.

    يقول: إن هذه الأوجه الثلاثة أيضاً مسموعة فيما سكن وسطه من الفعل الثلاثي الصحيح، سواءً سكنت عينه للتخفيف، أو سكنت للإدغام، فمثلاً (عُصِر) يجوز إسكان العين فيه فتقول: (عُصْر)، وحينئذ يجوز لك كسر العين التي هي الفاء وإشمامها مع الكسر؛ كقول الشاعر:

    خود يغطي الفرع منها المؤتزر لو عصر منه البان والمسك انعصر

    أو لو عِصْر منها البان والمسك انعصر، أو لو عُصِر منها البان والمسك انعصر، فيجوز فيها الأوجه الثلاثة: الكسر الخالص، والضم الخالص، والإشمام بينهما، وكذلك قوله تعالى: هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا [يوسف:65]، قرئت: رِدت إلينا، ورُدت إلينا، وبالإشمام أيضاً، وكذلك وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا [الأنعام:28]، قرئ بالكسر لو ردوا لعادوا، وقرئ بالإشمام أيضاً.

    فالضم والكسر كلتاهما سبعية، والإشمام من الأوجه.

    طبعاً الضم والكسر كلتاهما سبعية، ولكن الأفصح في هذا الضم، فالأفصح في مثل هذا الضم، بخلاف ما سبق في (باع)، فقد ذكرنا أن الأشهر فيها الكسر، ويليه الإشمام، ثم الضم، وهو أضعفها، وهنا الضم وهو الأشهر، ثم الكسر، ثم الإشمام، (وانظر في نحو استهواه واستفاده، ولعلهما كاختار واجتوى)، ما ذكرناه في افتعل وانفعل معلولي العين صحيحي اللام، كذلك ينبغي أن ينظر في استفعل؛ كاستهواه واستفاده، يجوز فيها أيضاً أن تقول: استهوي واستفيد، أو استفود مثلاً استهوي، ولعلهما كاختار واجتوى، فذكر أنهما يمكن أن يحملا على المفتتح بهمزة الوصل الزائدة كاختار وانقاد، لم يقطع؛ لأن استفاده يمكن أن تكون كاختار، والأمر فيها سهل، لكن (استهواه) إذا ألحقناها ب(اجتوى) فإنها لا يكون فيها هذا؛ لأنها اعتلت عينها ولامها معاً، وهذا لم يذكر فيه شيء عن العرب، إنما هو من باب التمرين اللغوي فقط.

    ما سمع فيه شيء، إذاً تضمن هذا الفصل ستة أحكام من أحكام الفعل إذا بني للنائب:

    الحكم الأول: هو ضم أوله.

    والثاني: هو كسر أوله إن كان متصلاً بعين الثلاثي المعتل.

    والثالث: هو كسر ما قبل آخره ماضياً وفتحه مضارعاً.

    والرابع: هو ضم ثالث المفتتح بهمز الوصل.

    والخامس: هو ضم ثاني الفعل، إذا افتتح بالتاء الزائدة المعتادة الزيادة المتحرك ما بعدها.

    والسادس: هو كسر ثالث المفتتح بهمز الوصل إن اعتلت عينه، وصحت لامه.

    وقد أضيف إلى هذا حكم آخر، وهو الحكم السابع، وهو في الثلاثي الصحيح الذي سكنت عينه لتخفيف أو ادغام، وكذلك ما ذكرناه في استفعل؛ كـ(استفاد)، فتكون الأحكام بهذا ثمانيةً.

    1.   

    فصل في فعل الأمر

    عقد هذا الفصل لفعل الأمر؛ أي: الفعل الذي معناه: الأمر، وهذا الفعل متميز عن الفعلين الآخرين، فالفعل الماضي يدل على المعاني كلها، قد يأتي بمعنى: الطلب؛ كرحم الله زيداً، أو بمعنى: حصول شيء قد ففعل؛ كضرب زيد عمراً، أو بمعنى: الاستقبال؛ كـ(أتى أمر الله فلا تستعجلوه)، وكذلك المضارع إنه يأتي بهذه المعاني كلها، يأتي في الأصل للحال أو الاستقبال، وقد يأتي للماضي إذا صرفه صارف، أما هذا النوع من الأفعال وهو فعل الأمر، فهو دائماً في المستقبل؛ لأن المقصود به: طلب حصول شيء؛ ولهذا سمي: فعل الأمر، وهو قسمان: شاذ ومقيس.

    من (أفعل) الأمر (أفعل) واعزه لسوا ه كالمضارع ذي الجزم الذي اختزلا

    المصوغ قياساً من الرباعي المفتتح بهمزة القطع

    وهو ثلاثة، القسم الأول منه: المصوغ من الرباعي المفتتح بهمزة القطع، وهذا الذي ابتدأ به؛ ولذلك قال: وهو ثلاثة مبني من رباعي بهمزة قطع وهو قوله: (مِنْ (أَفْعَـلَ) الأَمْرُ (أَفْعِـلْ) )،بقطع الهمزة فيهما، فأفعل كلها الأمر منها يكون على وزن أفعل، فالهمزة كانت مقطوعةً في الماضي، فبقيت مقطوعةً في الأمر، ولم يطرأ من التغيير عليه ما عدا إسكان آخره، إلا أن العين كانت مفتوحةً في الماضي، وكسرت في الأمر، فتقول: أكرم، وأهل.

    المصوغ قياساً من غير الرباعي المفتتح بهمزة القطع المتحرك ثاني مضارعه

    القسم الثاني: مبني من غيره متحركاً ثاني مضارعه، وهو قوله: ( واعزه لسواه كالمضارع ذي الجزم الذي اختزلا أوله )، فإذا كان مصوغاً من غير الرباعي المفتتح بهمزة القطع، فاعزه؛ أي: انسبه، لسواه؛ أي: سوى الرباعي المفتتح بهمزة القطع، (كالمضارع) حال كونه كالمضارع، (ذي الجزم الذي اختزلا) معناه: حذف أوله، فيكون كالمضارع المجزوم الذي حذف منه حرف المضارعة، وذلك في الثلاثي؛ كخف، وبع، وقل؛ لأن ثانيها في المضارع متحرك، فتقول: يخاف، ويبيع، ويقول؛ لأنه نقل إليه حركة عينه المعتلة، فإذا حذفت حرف المضارعة لم تحتج إلى إضافة همزة الوصل؛ لأن الحرف الذي بعدها كان متحركاً، فلا تحتاج إلى أن تقول: إخف أو إبع أو إقل؛ لأن الحرف الذي افتتح به بعد حذف حرف المضارعة محرك أصلاً، قد لا يكون مفتوحاً، قد يكون مفتوحاً؛ كخف، أو مكسوراً؛ كبع، أو مضموماً؛ كقل، وكذلك في الخماسي؛ كتعلم، تقول في الأمر: تعلم كأنما حذفت حرف المضارعة من المضارع المجزوم؛ لأن المضارع المجزوم (لم يتعلم)، فتحذف الياء فيكون تعلم، وكذلك من الرباعي المجرد كدحرج يدحرج لو جزمته وقلت: لم يدحرج، لو حذفت حرف المضارعة كان أمراً فتقول: دحرج.

    المصوغ قياساً من غير الرباعي المفتتح بهمزة القطع الساكن ثاني مضارعه

    والقسم الثالث: مبني من غيره أيضاً ساكناً ثاني مضارعه، معناه: المبني؛ أي: المصوغ من غيره، معناه: من غير الرباعي المفتتح بهمزة القطع، لكنه ساكن ثاني مضارعه، ما بعد حرف المضارعة منه ساكن، وهو قوله:

    أوله وبهمز الوصل منكسرًا صل ساكنًا كان بالمحذوف متصلا

    والهمز قبل لزوم الضم ضم ونحـ ـو اغزي بكسر مشم الضم قد قبلا

    معناه: وصل ساكناً كان متصلاً بالمحذوف إذا كان فعل الأمر مصوغاً من فعل غير رباعي مفتتح بهمزة القطع قد سكن ما بعد حرف المضارعة فيه، إن كسر ثالثه أو فتح: إن كسر ثالثه؛ كضرب تقول في الأمر منها: اضرب، كذلك فرح، فتقول فيها: يفرح وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ [الروم:4]، لو جزم، ماذا تقول؟ لم يفرح فتقول: افرح، وكذلك علَّم فالرباعي غير المفتتح بالهمزة، مثل: الرباعي المجرد الذي سبق أن ذكرناه؛ فلذلك قال: ( وبهمز الوصل منكسراً صل ساكناً كان بالمحذوف متصلا )؛ أي: كان بحذف المضارعة متصلاً، وهذا بعد حذف حرف المضارعة، إن كسر ثالثه أو فتح.

    فإن كان المضارع مكسور العين أو مفتوح العين، بخلاف المضارع من فعل، إن ضُم فهو قوله: ( والهمز قبل لزوم الضم ضُم )، معناه: وضم الهمز قبل لزوم الضم إذا كان ذلك الضم أصلياً مثل خرج يخرج هذه فعل لكنها؛ كنصر فتقول فيها: اخرج إليهم، وقبل لزوم الضم معناه: أن تكون العين مضمومةً في المضارع، وكذلك انظر وهذا في الضم الأصلي لا العارض، أما الضم العارض نحو: امشوا، وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ [ص:6]، فالضم الذي على الشين عارض لاتصال الواو بها، عند البدء بها تقول: امشوا؛ لأن الضم الذي فيها عارض، بخلاف اخرج، فعند البدء بها تضم؛ لأنك لو قلت: امش فستكسر الشين، ولن تقول: امشُ للواحد، والواحد في (خرج): تقول له: اخرج، كذلك ائت فلو اتصل بها الواو لضمت لكن هذا الضم عارض؛ فلذلك لا تضم له الهمزة، فتقول: ايتوا صفاً، وأصل الثالث حينئذ الكسر؛ لأنه أصل الهمزة، الأصل في همزة الوصل كلها الكسر، وأصل الثالث أيضاً قبل دخول الواو كان مكسوراً، وإن كان الثالث مضموماً وعرض له الكسر، عكس هذا: هو أن يكون الثالث في الأصل مضموماً، ولكن عرض له الكسر لاتصال الياء به، فهو قوله: ( ونحو اغزي بكسر مشم الضم قد قبلا )، الأمر من غزا: اغز بالنسبة للمفرد، اغزوا بالنسبة للجمع، لكن إذا أسند إلى ياء الواحدة المخاطبة فخاطبتها فإن الزاي ستكسر للياء، ولكن حينئذ ستبقى الهمزة مشمة بالإشمام بين الضم والكسر، فتقول فيها: اغزي، وكذلك ادعي، فهو بكسر مشم الضم؛ أي: بكسر مشم رائحة الضم، وهذا معنى الإشمام، من: أشمه رائحة الشيء، هذا الكسر ليس كسراً صافياً، وإنما قد أشم رائحة الضم، قُبِل نظراً للحال، والأصل، في الحال: الكسر، والأصل: الضم.

    فيكون إشماماً بين الكسر والضم، هذا إذا لم يكن قبلها ما تسقط بسببه الهمزة، لو وصلت بكلمة أخرى؛ كواو العطف ونحوه، فإن همزة الوصل ستسقط أصلاً في درج الكلام، وإنما كلامنا هنا إذا افتتح بالهمزة.

    فقلت ادعي وأدعو إن أندى لصوت أن ينادى داعيان

    هذه الهمزة ساقطة أصلاً لأنها في درج الكلام، لكن إنما نتكلم هنا لو افتتح به فقلت لامرأة: ادعي أو اغزي.

    طبعاً، الهمزة كلها تذهب عند درج الكلام.

    وفيه أي الكسر الخالص، نظراً إلى الحال وأصل الهمزة، وذكر أنه الأفصح أيضاً، فهو أفصح، فتقول: ادعي اغزي، يجوز ذلك، مع الإشمام أيضاً.

    ما شذ بالحذف لفائه من فعل الأمر

    القسم الثاني من الأمر: هو الشاذ الذي ليس على هذه القاعدة التي ذكرناها، وهو الذي قال فيه:

    وشذ بالحذف (مر) و(خذ) و(كل) وفشا (وأمر) ومستندر تتميم (خذ) و(كلا)

    وشذ بالحذف معناه: للفاء، إذ به حصل التكرار، ثم للموصل بعد ذلك؛ لأنه لم يبق له فائدة، سقط الغرض من همزة الوصل، فـ(أخذ)، مضارعها يأخذ، لو جزمت لم يأخذ، فإذا أمرت في الأصل أن تقول: ائخذ، فتحذف الهمزة الثانية؛ لأنها التي حصل بها التكرار والاستثقال، فتقول: اخذ، ثم تحذف همزة الوصل لأنها لم تبق لها فائدة لأنها جيء بها للتوصل للهمزة الساكنة، وقد حذفت الهمزة الساكنة، فلم يبق إلا أن تقول: خذ، وكذلك (مر)، فأصلها: ائمر، فتحذف الهمزة التي هي الفاء؛ لأنها حصل بها التكرار والاستثقال، فتقول: امُر، ثم تحذف همزة الوصل؛ لأنها لم تبق لها فائدة، لا يتوصل بها إلى ساكن فتقول: مر، وكذلك (كل) أصلها اؤكل، فتحذف الهمزة فتقول: اكل، فلا يبقى لهمزة الوصل فائدة، فتقول: (كل)، اؤمر واؤكل، فقياسها تخرج تماماً، ولكنها خففت للاستثقال؛ لأن الهمزة حصل بها التكرار والاستثقال، فتوالى همزتان، وكذلك لكثرة استعمال هذه الأفعال في لغة العرب، وقل أن تجالس إنساناً إلا خاطبك بأحد هذه الأفعال: خذ، كل، مر، يكثر استعمالها؛ فلذلك سهلت وخففت.

    و(فشا) معناه: اشتهر وكثر في (مُر) مع العاطف ودونه، مع عاطف فشا فيها مع الحذف التتميم، التتميم في الطرة هي فاعل فشا التي في المتن، معناه: وفشا التتميم في مر سواءً مع العاطف، وفشا كذلك الحذف، والحذف فاش لكنه شاذ، والتتميم المقيس، فشا أيضاً معناه: اشتهر، فتقول فيها: اؤمر، وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132] بالتتميم، ولم يقل فيها: ومر أهلك بالصلاة، هذا إذا كانت مع العاطف.

    ( ومستندر تتميم (خذ) و(كلا) )، من النادر تتميم (خذ) و(كل) مع العاطف، ودونه، فيندر أن تقول: وأخذ لنفسك، وأخذ وأكل من كذا، وَكُلَا مِنْهَا[البقرة:35]، ولم يقل: وأْكُلا منها، وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا [ص:44]، ولم يقل: وأخذ بيدك، لكن وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ [طه:132] جاء فيها.

    والسبب أن (مر) يكثر فيها هذا مشتهر فيها الوجهان: التتميم والحذف، وخذ، وكل يندر فيهما التتميم سواءً مع العاطف أو دونه، ( ومستندر تتميم خذ وكلا ) مستندر معناه: محسوب من النادر، معدود من النادر في لغة العرب.

    والحذف كله شاذ، والقياس: الإتمام، لكنه في (خذ وكل) نادر، وأما (مر)، فهو نادر دون حرف العطف، وأما مع العاطف، فهو كثير مثل الحذف أيضاً.

    ملخص هذا الفصل: أن فعل الأمر سواءً كان من ثلاثي، أو رباعي، مجرد، أو مزيد فيه، أو كان من خماسي، أو سداسي ينقسم إلى قسمين: إلى مقيس، وشاذ، فالشاذ مختص بثلاث كلمات فقط، وكلها من الثلاثي، وكلها مهموزة؛ أي: الحرف الأول منها همزة، وهي: أخذ وأكل وأمر، وسنذكر وجه الشذوذ فيها، وأما المقيس فهو على ثلاثة أقسام:

    القسم الأول: فعل الأمر المصوغ من الرباعي المفتتح بهمزة القطع، مثل أكرم، فالأمر منها أكرم بقطع الهمزة، فيفتتح بهمزة، وهذه الهمزة همزة قطع، بخلاف الأمر الذي سنذكره، فإنه يفتتح بهمزة الوصل في الصورة الثالثة، وهذه الهمزة همزة قطع.

    القسم الثاني: هو فعل الأمر المصوغ من غير الرباعي المفتتح بالهمزة، وهذا له صورتان:

    الصورة الأولى: أن يكون ما بعد حرف المضارعة ساكناً.

    والصورة الثانية: أن يكون محركاً.

    فإن كان ما بعد حرف المضارعة محركاً، فلا تحتاج إلى استجلاب همزة الوصل، بل تنطق به كالمضارع المجزوم الذي حذف منه حرف المضارعة، كخف، وبع، وقل، وإن كان ما بعد حرف المضارعة ساكناً، فإذا حذفت حرف المضارعة لا بد أن تتصل بذلك الساكن بهمزة الوصل، فتقول فيه: اخرج، انظر، لكن هذه الهمزة- همزة الوصل- التي تتوصل بها للساكن الذي بقي بعد حرف المضارعة لك فيها ثلاثة أوجه من ناحية الشكل إما أن يتعين فيها الضم، وإما أن يتعين فيها الكسر، وإما أن يكون فيها الضم والكسر والإشمام، فإن كانت العين مضمومةً، فإنك تضم الهمزة، وإن كانت مكسورةً، فإنك تكسرها، وإن كان الكسر عارضاً.

    إذاً الصور أربع: إما أن يكون الضم أصلياً، وإما أن يكون الكسر أصلياً، وإما أن يكون الضم عارضاً، وإما أن يكون الكسر عارضاً، والعروض إنما يتم بالتحاق الفاعل -وهو الضمير-، فإن كان ضمير الفاعل واواً عرض الضم، وإن كان ضمير الفاعل ياءً -ياء الواحدة- للمخاطبة عرض الكسر، فالمضموم الأصلي؛ كاخرج، انظر، والمضموم الذي الضم فيه عارض نحو: (امشوا)، فقد ضمت الشين ضماً عارضاً؛ فلذلك لا تضم الهمزة معها، وكذلك ائْتُوا صَفًّا[طه:64]، لا تقل: اُمشوا، ولا تقل: اُئتوا صفاً، قل: ايتوا صفاً، وإن كان مضموماً وعرض له الكسر، فهذا هو الذي فيه الإشمام نحو: اغزي، أو يُغزي، بالكسر والإشمام، أما الشاذ فهو فقط في الأفعال الثلاثة هذه، ووجه الشذوذ فيها: أنه حذفت الهمزة الأصلية، فبقيت همزة الوصل لا فائدة فيها، فحذفت تبعاً لذلك، وهنا وجه الشذوذ: أنه حذف من الفعل ما هو أصل، فالأصل في الأمر أن لا يحذف من أوله إلا حرف المضارعة، وإن حذف حرف المضارعة إما أن يحتاج لزيادة، فتزاد همزة الوصل، وإما ألا يحتاج لزيادة فينطق به كما هو، وفي هذه الأفعال الثلاثة حذف حرف المضارعة، وحذف الحرف الذي بعده، (يأخذ)، (لم يأخذ): لو حذفت حرف المضارعة، وستحذف الهمزة بعدها أيضاً، لم يبق إلا خذ، وهكذا أمر وأكل، فإذاً هذا ملخص الباب!

    والحالة الثالثة فقط هي التي فيها أوجه؛ لأن ما تجتلب له همزة الوصل يبحث فيه في شكل تلك الهمزة، هل تكسر أو تضم أو تشد.

    والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755995080