بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ومرحباً بكم في حلقة جديدة من ديوان الإفتاء، أسأل الله أن يجعلها نافعة مفيدة، طيبة مباركة.
السؤال: الأخت نجوى من الخرطوم تذكر بأن زوجها قد مات، وتريد أن تحج عنه، فهل يجوز؟
الجواب: نعم يجوز، إذا كانت قد حجت عن نفسها، فلا بأس أن تحج عن زوجها؛ إذ لا يشترط أن يحج عن الرجل رجل ولا عن المرأة مرأة، بل يجوز أن يحج الذكر عن الأنثى والعكس، والدليل على ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما في خبر المرأة الخثعمية التي جاءت في حجة الوداع، تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أن أباها قد أدركته فريضة الحج وهو شيخ كبير، لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم )، فدل ذلك على أنه يجوز أن تحج المرأة عن الرجل والعكس أيضاً.
السؤال: هل ينفع الدعاء للميت أم قراءة القرآن؟
الجواب: كلاهما يصل، أما الدعاء فباتفاق أن الميت ينتفع بدعاء الحي، وقراءة القرآن عند جمع من أهل العلم يصل ثوابها إلى الميت.
السؤال: توفي زوجي يوم الجمعة فهل يكون علامة على حسن الخاتمة؟
الجواب: إن شاء الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من مات يوم الجمعة أو ليلتها، وقاه الله فتنة القبر )، فنرجو له حسن الختام، ولنا وللمسلمين أجمعين.
المتصل: عندي سؤال: مضى رمضان، ومضى بخيره وبحسناته، والحمد لله المساجد كانت مليئة بالمصلين، والناس كانوا يقرءون القرآن والحمد لله رب العالمين، والشوارع كانت جيدة، وكانت نظيفة من السوء الذي في أيام الفطر من النساء الكاسيات العاريات اللاتي في الشوارع، فأيام رمضان انقضت، والآن المساجد تكاد تخلو من المصلين، طويت المصاحف يا شيخ عبد الحي ، عادت المظاهر السلبية لشوارعنا مرة أخرى، نتمنى عليك يا شيخ عبد الحي بأنني أعلم علم اليقين بأن كثيراً من المسلمين يستمعون إليك، ويمشون بإرشاداتك، فهلا وجهتهم يا شيخ عبد الحي! الله يجزيك عنا كل خير؟
الشيخ: طيب أبشر.
المتصل: أنا امرأة عمري حوالي خمسين سنة، دورتي العام الماضي كانت متقطعة، وانقطعت تماماً منذ أربعة أشهر، وبعدها شعرت ببعض الاضطرابات، وذهبت إلى الطبيب وأخبرني بأنها اضطرابات الهرمونات، وأعطاني بعض العلاجات، وأخبرني أنني بعد أن أنتهي من هذا العلاج سينزل مني دم، وكنت متأكدة أنه دم استحاضة؛ لأن عادتي لها أربعة شهور ما جاءت، لكن كان شكلها وطريقتها تشبه الدورة العادية، ومع هذا صمت فيها وصليت، فهل ما عملته صحيح أو خطأ، وإذا كان خطأً مني، فماذا أفعل الآن؛ لأني صمت حوالي عشرة أيام وأنا بهذه الحالة، وصليت فيها؟
الشيخ: نجيبك إن شاء لله.
المتصل: ما حكم من سب الدين؟
الشيخ: تسمع الإجابة إن شاء الله.
المتصل: قرأت في بعض الصحف أنه توفي رجل، فحدت عليه امرأة ثلاثة أشهر، بالرغم أن هذا الرجل ليس من أقاربها، فما الحكم؟
المتصل: نحن ستة إخوة، والوالد متوفى منذ عشرين سنة تقريباً، وراتبه مستمر ينزل في البنك كل شهر في الحساب، ونحن أهملناه، وما استلمناه أبداً، والآن احتجنا له ونريد أن نأخذه، وما عرفنا كيف نقسمه بيننا، هل نقسمه قسمة الميراث، أو نقسمه بالعدل، أم كيف نقسمه؟ وهل عليه زكاة؟ وإن كان عليه زكاة فكيف تكون زكاته؟
الشيخ: أبشر، سأجيبك إن شاء الله.
الشيخ: كلام أخينا ابن إدريس يعني: يلاحظ أن ثمة فرقاً كبيراً بين حال الناس في رمضان وبعد رمضان؟
فنقول: بأن الشيء الطبيعي بأن المؤمن في رمضان يكون على حال من الاستقامة، والسداد، والاستكثار من الطاعات، والانبعاث في فعل الخيرات بما لا يكون عليه قبل رمضان، ولا بعد رمضان، وهذا شيء طبيعي؛ لأن أي مسلم يعلم بأن الحسنات في رمضان مضاعفة، والسيئات مكفرة، والنافلة بأجر فريضة، وغير ذلك من المزايا التي ليست لغير رمضان من الشهور.
لكن المستنكر والمستقبح، أن بعض الناس بعد رمضان ينخلع من الطاعة مطلقاً، فكما ذكر الأخ بأنه مثلاً: يغلق المصحف، ولم يعد له علاقة بالقرآن بعد رمضان، أو لم يعد له علاقة بالمسجد بعد رمضان، وبعض الناس نسأل الله العافية حتى الصلاة يتركها تماماً بعد رمضان، وبعض النساء في رمضان تكون لصيقة بالمسجد، ملتزمة بحجابها ووقارها، ثم بعد رمضان تخلع ثوب الحياء تماماً، وتلبس ثياباً لا تليق بالمسلمة أن تلبسها، فهؤلاء جميعاً نقول لهم: اعلموا بأن الله عز وجل قد وضع في القرآن ميزاناً فقال: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا [النساء:123]، ولا يحسبن واحد منا أنه إن صام في رمضان وقام، وصلى وتهجد، وتصدق، وقرأ قرآناً، أنه بعد ذلك عنده إجازة من هذه الطاعات، أو عنده رخصة لفعل المعاصي، والتوسع في المنكرات، حتى يأتي رمضان الذي بعده، لا شك أن هذا ظن المغرورين، الذين يظنون بالله ظن السوء.
والواجب على المسلم، وإن تخفف من النوافل بعد رمضان، لكن لا ينبغي له أن يخل بالواجبات، ولا ينبغي له أن ينقطع عن فعل كل خير يقدر على أن يأتي به، ونسأل الله أن يتوب علينا أجمعين.
أما حقيقة قضية ما يوجد في الشوارع من تبرج وتهتك، فينبغي أن يخاطب به ولاة الأمر؛ لأن هذا مما يليهم، ومما ينبغي لهم النهي عنه، والسعي في تغييره؛ لأن من مهام ولي الأمر: أن يعين الناس على فعل الخيرات، وأن يمنعهم من تعاطي المنكرات، وشكر الله لأخينا ابن إدريس على هذه الغيرة التي ينبغي أن نكون عليها جميعاً.
الشيخ: وأما الأخت أم محمد من السعودية، فأقول لها: بأن الدم النازل منك بعد بلوغك الخمسين، أسأل الله أن يطيل عمرك في طاعته، طالما أن لونه لون دم الحيض، والأعراض هي أعراض الحيض فهو دم حيض، فلا نستطيع أن نفرق بين ما كان قبيل الخمسين وما كان بعد الخمسين، بأن هذا حيض وهذا ليس بحيض، والآن الأطباء يقولون: بأن سن اليأس، كما يسمونه ليس له حد معلوم يأتي فيه، بحيث أن المرأة تقول: بأن الدم النازل مني ليس دم حيض، وإنما هو دم استحاضة.
وانقطاعها شهوراً أربعة، كما قالت الطبيبة بأنه اختلال في الهرمونات، أدى إلى الخلل في بعض الوظائف وتوقف الدم، لكن الذي أنصحك به أن تقضي هذه الأيام التي صمتها؛ لأن الصيام وقع في غير محله؛ لأنه تقدم معنا الكلام أن لصحة الصيام شروطاً، ومن بين هذه الشروط: الخلو من الموانع، ومنها: خلو المرأة من دم الحيض، أو دم النفاس.
السؤال: أخونا محمود يسأل عمّن سب الدين؟
الجواب: من سب دين الله فقد ارتد عن الإسلام، ويجب عليه أن يشهد شهادة الحق، وأن يغتسل، وأن يدخل في الإسلام من جديد، وإن علم الله منه خيراً، فإنه يغفر له ما قد مضى، كما قال سبحانه: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ [الأنفال:38].
والواجب عليه أن يصلح حاله فيما بقي من عمره، وأن يكف لسانه عن مثل هذه القبائح، التي تجلب سخط الرب جل جلاله.
السؤال: ما تفسير صلاة الفاتح؟
الجواب: يطلب تفسيرها ممن يقولها، والذي أتعبد الله به هي الصلاة الإبراهيمية: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، أو بأي صيغة أخرى: اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، أو اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على نبيك محمد، نبي الرحمة، اللهم ابعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأولون والآخرون، أو اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وعلى ذريته، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ونحو ذلك.
أما صلاة الفاتح التي صيغتها: اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق، والخاتم لما سبق، فهي محتملة لمعنىً صحيح، من جهة أنه صلى الله عليه وسلم فاتح لما أغلق، أي: باب النبوة؛ فإنه ما كان بينه وبين عيسى عليه السلام نبي، فبعد أن رفع عيسى عليه السلام إلى السماء بقي الناس بغير نبوة، (ونظر الله إلى أهل الأرض فمقتهم، عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب)، فبعث محمداً صلى الله عليه وسلم، وقال له: ( إنما بعثتك لأبتلي بك، وأنزلت عليك كتاباً لا يمحوه الماء، تقرؤه نائماً ويقظان )، والخاتم لما سبق، أي: من النبوات، فليس بعده نبي، كما قال سبحانه: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب:40]، أو وخاتِم النبيين، عليه الصلاة والسلام، وهو الذي قال: ( أنا خاتم النبيين فلا نبي بعدي ).
(ناصر الحق بالحق) وهذا صحيح بأنه عليه الصلاة والسلام ما جاء إلا انتصاراً للحق كما قال سبحانه: يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ [الأنفال:6]، وكما قال سبحانه: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [التوبة:33]، فهو صلى الله عليه وسلم كان ناصراً للحق بالحق، والحق هو الله جل جلاله، والحق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من كتاب وسنة، وما مارسه من جهاد ودعوة إلى الله عز وجل باللسان وبالسنان، (والهادي إلى صراط مستقيم)، كما قال الله عز وجل له: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى:52].
الشيخ: أما من حدت على غير زوجها ثلاثة أشهر فنقول: لا يحل للمرأة أن تحد على أي ميت أكثر من ثلاثة أيام، إلا على الزوج أربعة أشهر وعشرة أيام؛ ولذلك أمنا أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما، لما توفي أبوها أبو سفيان ، فلما أتمت اليوم الثالث دعت بطيب، فمسحت عارضيها، وقالت: والله ما لي بالطيب من حاجة، أي: أنها لم تكن تشتهي الطيب، لكن أرادت أن تطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن تنتهي عن ذلك الحداد، وقالت: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ).
الشيخ: الأخت رنا من السعودية تسأل عن والدها أنه قد توفي إلى رحمة مولاه من عشرين سنة، وأن معاشاً يوضع في حسابه، وأنهم قد احتاجوا إليه، فكيف يقسم؟
فأقول: يقسم على ما تقضي به اللوائح، فليس هو تركة من أجل أن يقسم قسمة الميراث، وإنما ما تقضي به اللوائح، وأنا مبلغ علمي بأن اللوائح تقضي بأن المعاش يصرف للبنت مثلاً ما لم تتزوج، وللذكر ما لم يبلغ واحداً وعشرين عاماً، ونحو ذلك من الأمور، فليست قسمته كقسمة التركات، وإنما يناله من كان مستحقاً له دون غيره، والعلم عند الله تعالى.
المتصل: السؤال الأول: يا شيخ! قبل رمضان، كنت متضايقاً حين كنت أتوضأ لصلاة الظهر، وعندها قلت: أستغفر الله فقال لي رجل: لماذا تستغفر، استغفارك أتانا بالفقر، وصاحبي هذا لا يصلي إلا في رمضان فقط.
السؤال الثاني: في رمضان كنت أتوضأ، فجاء واحد وقطع عليّ الوضوء وأخذ الماء لحاجته؟
السؤال الثالث: زوجتي في رمضان السابق أفطرت يومين، وما استطاعت قضاءها، وفي رمضان من هذا العام كانت مرضعة وما صامت، فكيف تقضي، وهل تبدأ بقضاء العام الأول أم هذا؟
الشيخ: سأجيبك إن شاء الله.
المتصل: عندي سؤالان.
السؤال الأول: الإنسان إذا حج وهو قارن أو متمتع يلزمه هدي، ولكنه لم يذبح الهدي وإنما دفع نقوداً
لبعض الجهات، ولم يعرف عن الهدي شيئاً فهل يجزئ؟
السؤال الثاني: إذا حج الرجل مفرداً، وبعدما لبى بالحج خرج إلى الحل لكي يأتي بعمرة، فهل يلزمه هدي أم لا يلزمه؟
الشيخ: سأجيبك إن شاء الله.
المتصل: إنسان اشتغل سواقاً مع شخص سنة تقريباً، وهذا الشخص يعطي حقوقه أولاً بأول، فلما ترك الشغل معه طالبه بحقوق، ونصب محامياً لذلك، فهل له حقوق؟
الشيخ: طيب بالنسبة لأخينا من الديم أبو مجتبى نقول: هذا الشخص الذي أنكر عليك استغفارك، وقال لك: استغفارك هذا فقر علينا، هذا الكلام لا يقوله إنسان عاقل، إنما هو دليل السفه، ودليل سفهه أنه لا يصلي، وإلا فالاستغفار مجلبة لكل خير، ومدفعة لكل سوء، وربنا جل جلاله على لسان العبد الصالح نوح عليه السلام قال: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [نوح:10-12]، وقال على لسان العبد الصالح هود عليه السلام: وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ [هود:52]، وفي أول سورة هود: بسم الله الرحمن الرحيم الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ * وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ [هود:1-3]، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب )، فالاستغفار لا يجلب الفقر، بل يجلب الغنى، ويجلب القوة، ويجلب عافية البدن، وصحة الجسد، وكثرة الذرية، وغير ذلك من المنافع العظيمة، وقبل هذا كله رحمة ربنا ورضوانه ومحبته جل جلاله.
الشيخ: وأما الشخص الآخر الذي أخذ منك الماء وأنت تتوضأ فهذا أيضاً صنيع من لا خلاق له، وأنت مصيب في إعراضك عنه، ووضوءك صحيح إن شاء الله، طالما أنك بنيت على ما مضى، وما طال الفصل بحيث جفت أعضاؤك فوضوءك صحيح، ولا شيء عليك، وأنت مأجور في إعراضك عنه، خاصة في رمضان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بالإعراض في رمضان قال: ( فإن سابه أحد أو شاتمه، فليقل: إني امرؤ صائم )، وفي القرآن قال تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف:199]، وقال سبحانه: وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ [القصص:55].
الشيخ: وأما زوجك التي أفطرت يومين في رمضان الذي سبق، في سنة تسع وعشرين، ثم أفطرت رمضان هذا كله فليس عليها سوى القضاء؛ لأنها أفطرت بعذر في كلا العامين، ثم إنها ما تعمدت أن تؤخر القضاء، بل كانت مشغولة بالإرضاع.
الشيخ: أخونا الذي يقول: بأن القارن والمتمتع كلاهما يلزمه هدي، هذا صحيح؛ قال الله عز وجل: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196]، يقول: وهو يدفع ثمن الهدي، وبعد ذلك لا يراه؟ نقول: يا محمد هذا من باب التوكيل، وفيما مضى كان الناس في يوم العيد يذبحون، ويتركون هداياهم وضحاياهم وأنعامهم حتى تتحول منى إلى مكان منتن، والحمد لله رب العالمين هُدي الناس من نحو عشرين سنة أو دونها إلى أن تكون هناك شركات متخصصة، عندها ما يسمى بالكوبون، أو وصل الاستلام، تحدد قيمة الهدي على اختلاف أنواعه إبلاً كان أو بقراً أو غنماً على اختلاف أصنافه، وبعد ذلك تقوم هذه الشركات بالذبح والسلخ والتكييس والتبريد، وبعد ذلك يعطى فقراء الحرم حتى تحصل لهم الكفاية، ثم بعد ذلك يُحمل ما بقي إلى بلاد المسلمين، ممن بها ذوي الحاجات والفقراء والمساكين، ولا شك بأن هذا كله موافق لمراد الشرع في عدم الإتلاف، والنهي عن الفساد، والنهي عن تضييع المال، وكذلك موافق لمراد الشرع في إطعام الطعام، وكفاية حاجة ذوي الحاجات، فلا يكن في صدرك حرج يا محمد!
الشيخ: وأما من حج مفرداً ثم خرج إلى الحل فأحرم بعمرة فلا يلزمه هدي، بل هو مفرد، وليس هو متمتعاً ولا قارناً، فلا يلزمه شيء.
المتصل: عندي سؤالان: السؤال الأول: طبعاً نحن عندنا في السودان النسوان تحب الدخان، حتى تكون للدخان طبقة، فهل تؤثر هذه الطبقة على الوضوء؟
السؤال الثاني: أنا عندي أربعة أطفال، فإذا جاء شهر رمضان أكون حاملاً ولا أقدر على الصوم، فماذا عليّ قضاء، أم كفارة أم ماذا؟
الشيخ: سأجيبك إن شاء الله.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: عندنا واحدة اشترطوا عليها من أجل أن تشتغل أن تدخل الامتحان، ولا بد أن تدفع الرشوة من أجل أن تمر بعد الامتحان، ومن أجل ينزل اسمها مع التعيينات، فهل المرتب هذا بعد ذلك يكون حلالاً؟
وهذه الأخت عندها من ينفق عليها، ولكن ليس عندها والد ووالدة، والذين ينفقون عليها أناس كبار، وهي تحتاج أن تساعدهم؟
السؤال الثاني: من أين يبدأ الصف الذي يلي الصف الذي خلف الإمام؟
الشيخ: سأجيبك إن شاء الله.
المتصل: ولدي الصغير توفي وعمره سنتان ونصف، أريد أن أعرف هل يشفع لي إذا صبرت؟
الشيخ: نسأل الله أن يعوضك إن شاء الله، نسأل الله أن يبدلك خيراً منه!
الشيخ: أخونا يسأل عن سائق كان يعمل وقد استوفى حقوقه من مخدمه، لكنه بعد ذلك لما ترك العمل أو فصل من العمل اشتكى لدى مكتب العمل، وهناك محام يحرضه على ذلك؟
فأقول: الواجب على المخدِّم والمستخدم كليهما، أن يعلم كل منهما أن هناك رباً يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأن الإنسان لو أفلح في الدنيا أن يأخذ ما ليس حقاً له، أو أن يهضم الآخر حقه، فإن الله جل جلاله لا يضيع عنده شيء؛ ولذلك نبينا صلى الله عليه وسلم لما جاءه رجلان يختصمان في أرض، قال لهما: ( إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض، وإنما أنا بشر فأقضي بنحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق أخيه، فإنما أقطع له قطعة من نار، فمن شاء فليأخذ، ومن شاء فليدع )، يعني: يا من شكوت لدى مكتب العمل، وأنت تعلم أنه لا حق لك فيما تطالب به، اعلم بأن الله عز وجل سيحاسبك على ذلك في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، وإنما القصاص بالحسنات والسيئات.
والواجب على صاحب العمل أن يوفي العامل حقه، وأن يحسن معاملته، وأن يتقي الله عز وجل فيه، وقد قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: ( إخوانكم خولكم، أطعموهم مما تطعمون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما لا يطيقون، فإن كلفتموهم فأعينوهم )، وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه ( لا يدخل الجنة سيئ الملكة )، يعني: الإنسان الذي يسيء إلى من يملكه، أو من يستخدمه فهذا لا يدخل الجنة.
وبالمقابل يجب على العامل أن يتقي الله عز وجل، وألا يخون ولا يسرق، وأن يؤدي العمل على الوجه الذي طلب منه، وألا يحاول أن يوقع مخدِّمه في أمر ما من أجل أن يفصل، ثم بعد ذلك يشتكي، ويأخذ ما ليس حقاً له، فالله عز وجل لا تخفى عليه خافية، في الأرض ولا في السماء.
الشيخ: امرأة تذكر أن لها أولاداً أربعة، وأنها أفطرت بسبب الحمل، فما يلزمها؟
فأقول: يلزمها أن تقضي؛ لأنها أفطرت بعذر، فمرة أفطرت بسبب الحمل، ومرة بسبب الرضاع، فالآن يلزمها القضاء ولا شيء سوى القضاء.
الشيخ: أما طبقة الدخان هل تؤثر في الوضوء؟
فأقول: لا تؤثر؛ لأنها لا تشكل جرماً، يمنع وصول الماء إلى البشرة، فهذه الطبقة لا تأثير لها في الوضوء، والعلم عند الله تعالى.
المتصل: السؤال الأول: في رمضان تأتيني الاستحاضة طبيعي، فهل أصوم بعد الاستحاضة بيوم أو أفطر؟
السؤال الثاني: صلينا العصر في جماعة، والإمام بعد أن جلس للتشهد الأول أتى بركعة ثم جاء بالتشهد مرة ثانية، فجاء بتشهدين في ثلاث ركعات، ثم جاء بعدها بركعتين ثم سلم، فبعضهم قال له: سبحان الله، لكنه ما سمع، ثم قالوا له: اسجد للسهو، فسجد، وبعض المصلين أعاد الصلاة وبعضهم لم يعدها فما الصواب؟
السؤال: الوالد توفي قبل عشرين سنة، وهناك معاش يوضع في حسابه في البنك، والآن هم جميعاً صاروا كبارا؟
الجواب: نقول: بأنه ينظر من كان مستحقاً لهذا المعاش حسب اللوائح، فيأخذ نصيبه منه، ومن لم يكن مستحقاً فلا يأخذ، فالآن ينبغي إبلاغ الجهة المسئولة عن هذا المعاش لإيقافه؛ لأنهم ما عادوا من أهله، وهذا من باب الأمانة، فتبلغ الجهة المسئولة من أجل أن يوقف هذا المعاش، وبعد ذلك ينظر حسب اللوائح من كان مستحقاً إلى سنة كذا، يأخذ بقدر استحقاقه، ومن كان مستحقاً إلى سنة كذا يأخذ بقدر استحقاقه.
وما زاد على ذلك، يعني: لو فرض مثلاً بأنهم جميعاً الآن في الثلاثينيات من أعمارهم، معنى ذلك أن المعاش قبل سنوات ينبغي أن يكون متوقفاً، فإن هذا الزائد يتصدق به على سبيل التخلص.
أما بالنسبة للزكاة فالآن يُخرج من المبلغ الموجود ربع عشره؛ لأننا أولاً: لا نستطيع أن نجزم بأنه كان نصاباً، بل يقيناً لم يكن بالغاً نصاباً أول ما بدأ يصرف، ثم بعد ذلك لم يكن عنده مالك على التعيين، وإنما فيه شركاء؛ ولذلك نقول: الآن يخرج منه ربع عشره، وبعد ذلك يقسم على الطريقة التي ذكرتها، فينظر من كان مستحقاً له، فيعطى إلى نهاية استحقاقه، وبعد ذلك إذا كانوا جميعاً الآن ليسوا من المستحقين، فإنه ينبغي أن يُخرج ما زاد على ذلك ويتصدق به تخلصا، مع إبلاغ الجهة الصارفة لهذا المعاش من أجل إيقافه.
السؤال: أخونا سامي إبراهيم يذكر بأن فتاة تريد أن تعيّن في عمل ما، وأن القائمين على إخراج هذه الأسماء يشترطون رشوة معينة؟
فأقول: إذا لم تكن هذه الفتاة بحاجة إلى العمل فلا يحل لها أن تبذل رشوة؛ لأنها ليست مضطرة، والحرام أباحه الله عز وجل للمضطر: إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119]، فإذا لم تكن مضطرة إلى العمل، وهناك من ينفق عليها ويكفلها، فلا يجوز لها أن تبذل رشوة، أما إذا كانت محتاجة، وليس هناك من ينفق عليها فلا حرج عليها في بذل هذه الرشوة، والإثم على الآخذ.
أما الإنسان الذي يضطر إلى بذل الرشوة فلا حرج عليه، وقد ذكروا أن ابن مسعود رضي الله عنه قد أخذ في أرض الحبشة، يعني: قبض عليه ظلماً، فدفع درهماً أو ديناراً ليخلى سبيله.
السؤال: الصف الذي يلي الصف الذي خلف الإمام من أين يبدأ؟
الجواب: الصف الذي بعده يبدأ من خلف الإمام، ثم ينتشر الناس عن جهة اليمين وجهة الشمال هذه هي السنة، لكن حتى لو بدءوا من جهة اليمين أو من جهة الشمال فالصلاة صحيحة.
السؤال: الأخت أمل توفي ولدها وهو ابن سنتين ونصف سنة وتسأل هل يشفع لها؟
الجواب: يشفع لك إن شاء الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من كان له فرطان من أمتي دخل الجنة )، ( من كان له فرطان ) أي: ولدان، (من أمتي) يعني: سبقا إلى الموت قبله، دخل الجنة، فقالت عائشة : ( فمن كان له فرط يا رسول الله؟ قال: ومن كان له فرط يا موفقة )، وقال عليه الصلاة والسلام: ( أيما امرأة مسلمة يموت لها ثلاثة من الولد، فتصبر عليهم إلا احتظرت بحظار من النار ).
فأنتِ يا أمل ! أملي في الله خيراً، واعلمي( أن لله ما أخذ وله ما أعطى )، وأنه جل جلاله قادر على أن يعوضك بدل الواحد عشرة، كما قال عن أيوب عليه السلام: وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ [الأنبياء:84]، واصبري واحتسبي، وبالنسبة لولدك هو إن شاء الله في الجنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( صغار أمتي دعاميص الجنة )، دعاميص: جمع دعموص، وهو الشيء الصغير، فولدك إن شاء الله في الجنة، ونسأل الله أن يلحقك به على خير، إنه أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين.
الشيخ: تقول: بأنها في رمضان تستحاض فلا تطهر؟
نقول لها: دعي الصلاة والصيام قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلي وصومي، ولا يلزمك إلا الوضوء لكل صلاة بعد دخول وقتها.
السؤال: محمد يذكر أن إماماً صلى بهم العصر، فجلس للتشهد الأوسط بعد الركعتين، ثم قام إلى ثالثة فسها وجلس للتشهد مرة أخرى، ثم قام فأتى بركعتين، فصار مجموع الركعات خمساً، وصار متشهداً ثلاث مرات بدلاً من مرتين؟
الجواب: هذا كله زيادة، ويجبر بسجود السهو بعد السلام، وما فعله الإمام صواب، أما الناس الذين أعادوا الصلاة فقد تنطعوا، وإلا فقدوتنا وأسوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قام إلى خامسة في صلاة رباعية، وفي مرة سلم من اثنتين، وفي مرة قام من اثنتين عليه الصلاة والسلام، وفي هذا كله ما أعاد ولا أمر الناس أن يعيدوا، وإنما يجبر هذا كله بالسجود كما فعل إمامكم زاده الله توفيقاً.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: ما حكم تارك الصلاة ؟
السؤال الثاني: كنت أصلي الصبح حاضراً في المسجد في رمضان، وبعد رمضان أصلي بعد شروق الشمس في الساعة العاشرة فهل الصلاة صحيحة في هذا الوقت؟
الشيخ: سأجيبك إن شاء الله.
المتصل: عندنا الإمام في المسجد، المصلون يقولون له: يا مولانا نسألك الفاتحة، وربنا في القرآن قال: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186]؟
الشيخ: سأجيبك إن شاء الله.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: أنا شخص عمري خمسة وثلاثون سنة، وأريد أن أتزوج، ووضعي لا يسمح، وأريد أن أعقد على بنت الجيران؛ لأني دائماً أراها في الدخول والخروج، ولكن والدي رفض فقاطعته ثلاثة أيام؟
السؤال الثاني: عندنا طفلة صغيرة في البيت، فلما نصلي أحياناً تكون متبولة في ثيابها، فتأتي تصعد على المصلي فهل الصلاة صحيحة أم لا؟
الشيخ: أخونا يسأل عن حكم تارك الصلاة، ثم يذكر بأنه يصلي الصبح في العاشرة ؟
فأقول له: يا شاذلي تب إلى الله عز وجل، وأدرك نفسك، فأنت على خطر عظيم، وترك صلاة الصبح من سيما المنافقين، كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ( أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الصبح، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً )، وإني أعيذك بالله أن تكون من هذا الصنف.
وعلماؤنا المالكية رحمهم الله يقولون: صلاة الصبح هي الصلاة الوسطى؛ لأنها وسط بين الليل والنهار؛ ولأنها لا تقصر في السفر ولا الحضر؛ ولأنها لا تجمع مع غيرها؛ ولأنها ثقيلة في الصيف وفي الشتاء، فيا أخي! اتق الله في نفسك، وأدّ الصلاة في وقتها، واعلم بأنك لو حافظت عليها كان لك عند الله عهد أن يدخلك الجنة، كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: ( خمس صلوات افترضهن الله عز وجل في كل يوم وليلة، من حافظ عليهن، وأتم قراءتهن وخشوعهن، كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يفعل، لم يكن له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له).
وتارك الصلاة إن كان تاركاً لها جحوداً فهو كافر باتفاق المسلمين، أما إذا كان تركها تكاسلاً وتهاوناً، فإنه فاسق، ناقص الإيمان، وهو على خطر عظيم، والنبي عليه الصلاة والسلام حذر من تركها، وأخبر أن تاركها يحشر مع فرعون وهامان و قارون و أبي بن خلف .
قال علماؤنا: من شغله ملكه حشر مع فرعون، ومن شغلته وزارته حشر مع هامان ، ومن شغلته تجارته حشر مع أبي بن خلف ، ومن شغله ماله حشر مع قارون .
الشيخ: أما حكم قول المصلين للإمام: نسألك الفاتحة.
فأقول: ليس معنى ذلك أنهم يدعونه من دون الله، وإنما يطلبون منه أن يدعو لهم، وليس في ذلك حرج إن شاء الله، فالإنسان يطلب الدعاء ممن يظن به الخير، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( دعاء المرء المسلم لأخيه في ظهر الغيب مستجاب، عند رأسه ملك موكل، كلما دعا لأخيه بخير، قال الملك الموكل: آمين ولك بمثل )، وقد قال صلى الله عليه وسلم لـعمر لما استأذن في العمرة: ( لا تنسني من صالح دعائك يا أُخيّ )، فهم يطلبون من الإمام أن يدعو لهم، وهذا لا يعارض قول ربنا: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186].
الشيخ: أما أنت يا محمد ! يا من بلغت من العمر خمساً وثلاثين، وأنت قد خطبت بنت الجيران، وتريد العقد عليها والوالد يرفض، ثم قاطعته.
فأقول لك: يا حبيبي! إذا أردت أن ييسر الله أمرك فاتق الله في نفسك، ومن تقوى الله بر الوالد، الوالد وافق، الوالد رفض، يا أخي! لا تقاطعه، وليس من حقك أن تدابره، ولا من حقك أن تغلظ عليه، فالوالد يبقى والداً، فاتق الله في نفسك، وابدأ من الآن بعد سماعك هذا الكلام في إصلاح ما بينك وبين أبيك؛ لأن الله تعالى قال: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ * وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا * وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا [الطلاق:2-5]، فيا أخي! أنت تريد من الله أن ييسر أمرك، وأن يعجل فرجك، وأن يتم لك زواجك، فاتق الله في نفسك.
ابدأ من الآن تب إلى الله، وأصلح ما بينك وبين أبيك، وأكثر من الاستغفار، وحاول أن تصل مع أبيك إلى اتفاق بأن يتم العقد بأيسر ما يمكن، ومن ثم تتفقان مع ولي هذه الفتاة، وإن شاء الله هذه كلها تعود ذكريات من الماضي بعدما تتزوج وترزق بالذرية، فلا تحسبن أن هذا هو نهاية الدنيا، فكم من إنسان أحاط به الهم، ونزل به الغم، وعلاه الكرب، ثم بعد ذلك:
ما بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال
الشيخ: أما بالنسبة للصغيرة المتبولة التي تجلس عليك وأنت تصلي فإذا سرى هذا البول إلى ثيابك أو إلى بدنك فالصلاة لا تصح؛ لأن من شروط صحتها طهارة البدن والمكان والمحمول، أي الثياب، ويمكن الاحتراز من هذه الفتاة، كأن تصلي في مكان مغلق، بحيث لا تأتيك، أو اطلب من أمها بأن تمسكها، والتسامح يكون مع المرضعة؛ لأن المرضعة مضطرة، والمرضعة كثيرة الحمل للصغير، والمرضعة يتسامح معها ما لا يتسامح مع غيرها، أما بالنسبة لك فلا ثم لا، وواجب عليك أن تصلي في الثياب الطاهرة.
نقف عند هذا الحد إن شاء الله.
أسأل الله عز وجل أن يجمعني وإياكم على الخير مرة بعد مرة، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يختم لنا بالحسنى إنه أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، ولا تنسوا الدعاء لإخواننا المرابطين في بيت المقدس، وفي أكناف بيت المقدس، الذين يواجهون كيد يهود عليهم لعائن الله، والذين يواجهون بأجسادهم صلف جنودهم، وعدوان متطرفيهم، وكلهم متطرف.
نسأل الله عز وجل أن ينصرهم، وأن يسددهم، وأن يربط على قلوبهم، وأن يثبت أقدامهم، وأن ينصرهم على القوم الكافرين، إنه أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر