إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. مساعد الطيار
  5. عرض كتاب الإتقان
  6. عرض كتاب الإتقان (84) - النوع الثامن والسبعون في معرفة شروط المفسر وآدابه [5]

عرض كتاب الإتقان (84) - النوع الثامن والسبعون في معرفة شروط المفسر وآدابه [5]للشيخ : مساعد الطيار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لترتيب علوم القرآن أهمية كبيرة، والناظر فيها يرى الارتباط الوثيق بينها وتداخلها وتكاملها، إلا أن طبيعة الترتيب والتقسيم تكون اجتهادية بالنظر فيما يندرج تحت النوع الكلي، والتنبيه على الارتباط بالنوع الآخر. من أهم العلوم التي يحتاجها المفسر؛ كي يكون مفسراً: علم اللغة، والنحو، والاشتقاق، وعلم اللغة أوسع دلالة على المفردات والألفاظ، وعلم النحو يهتم بحال آخر الكلمة وموقعها.

    1.   

    تابع ترتيب علوم القرآن

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين.

    أما بعد:

    فنبتدئ بالورقة التي صنفتها في الأسبوع الماضي في أنواع علوم القرآن في الإتقان، وكنت طلبت النظر في هذه الورقة من جهتين: من جهة الموضوعات العامة التي ذكرتها، وهذا من اجتهادي الخاص كنزول القرآن، وتدوين القرآن، وأداء القرآن، ودلالة ألفاظ القرآن، وتفسير القرآن، وبلاغة القرآن، وعلوم سور القرآن، ثم أنواع أخرى، أما ما يندرج تحت هذه الأنواع الكلية فهي عبارات السيوطي ، وكذلك الأرقام هي أرقام الأنواع عند الإمام السيوطي رحمه الله تعالى.

    1.   

    العلوم التي يحتاجها المفسر

    ونأتي الآن إلى ما يتعلق بمعرفة شروط المفسر وآدابه كما ذكر السيوطي في النوع الثامن والسبعين. ذكر السيوطي كما قلت مجموعة من العلوم التي هي ستة عشر علمًا، جعلوها من العلوم التي يحتاج المفسر إليها، وبعض المتأخرين سماها شروط المفسر، فلا مشاحة في الاصطلاح وكما ذكرت: لو أردنا أن ندرس هذه تاريخيًا، سنجد أول من تكلم بها، وكيف تكلم بها، ثم صارت عند بعض المعاصرين على أنها عبارة عن شروط المفسر، هذا انتقال في المصطلح، لكن لا شك أن العلوم التي يحتاج إليها المفسر، أخف من عبارة شروط المفسر، وذكر خمسة عشر علمًا.

    نأخذ هذه العلوم، أول علم ذكره: قال: [ أحدها: اللغة؛ لأن بها يعرف شرح مفردات الألفاظ ومدلولاتها بحسب الوضع]، وهو ما يسمى عند أهل العربية بمتن اللغة، لما أقول لك مثلًا: وَكَأْسًا دِهَاقًا [النبأ:34]، ما معنى: (دهاقًا) في اللغة؟ تقول: (دهاقًا) في اللغة المراد بها كذا. هذا هو المراد بعلم اللغة.

    ثم ذكر كلاماً عن مجاهد ولم أجد له سندًا، قال: [لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالماً بلغات العرب ].

    وكلام مالك الذي سبق وأن أشار إليه قال: [لا أوتى برجل غير عالم بلغة العرب يفسر كتاب الله إلا جعلته نكالاً].

    فإذاً: اشتراط اللغة لا إشكال فيه، ولم يخالف في هذا إلا شذاذ؛ لأن استنطاق القرآن بنفسه يدل على هذا المعنى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا [يوسف:2]، فلا يمكن أن يفهم بغير لغة العرب، فلغة العرب لا شك أنها مصدر أساس في فهم كتاب الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا إذا رجعنا إلى الصحابة، والمصادر التي اعتمدها الصحابة سنجد أن أهم مصدر اعتمدوه هو اللغة.

    فإذاً: اللغة بلا إشكال، هي من أهم المصادر التي يرجع إليها المفسر، استطرد في هذا سيأتي استطراده بعد قليل فيما يتعلق باللغة، والخلاف في بعض المفردات فيها، ثم قال: [ الثاني: النحو ] يعني: اللغة هي: النحو.

    الفرق بين علم اللغة والنحو

    وهنا يجب أن ننتبه إلى مسألة مهمة في تاريخ العلوم، وهي: أن علماء العربية مثل ما كتب أبو بكر بن الأنباري في الطبقات عنده: أن علوم العربية عند المتقدمين عشرة، وذكر منها: علم اللغة، وعلم النحو.

    بعض الدارسين اليوم لا يميز بين علم النحو وعلم اللغة، فيظن أن الكلام عنهما واحد، والمتقدمون من علماء العربية كانوا يفرقون بين علم النحو وعلم اللغة، مثلما كتب الزبيدي : طبقات النحويين واللغويين، فهم يفرقون بين النحو وبين اللغة، وكما ذكر السيوطي أن المراد بالنحو: شرح المفردات ومدلولات الألفاظ، والنحو كما ذكر أنه ما يتغير آخره باختلاف الإعراب، الذي هو الحركات، يعني: الضمة والكسرة والفتحة وما يتبعها بعد ذلك مما يتعلق بعلم الإعراب.

    هذا العلم الذي هو علم النحو، وعلم اللغة، لو أردنا أن ننظر بميزان آخر في أيهما أكثر وأهم: علم النحو أو علم اللغة، نجد أن علم اللغة أكثر ولهذا لاحظ أن علم النحو بالنسبة للمفسر الأول: لم يكن بحاجة إلى علم النحو ولذلك كلما ابتعد الزمن عن المفسر الأول وأقصد به جيل الصحابة، صارت الحاجة إلى علم النحو أكثر، وصرنا ننطلق من علم النحو لفهم المعنى، ولا ننطلق من المعنى لفهم النحو، ولهذا الذين أصلوا علم النحو انطلقوا من المعنى لتأصيل النحو، فلما أصل النحو، صار ينطلق من علم النحو لفهم المعنى، وصارت الأمة على هذا إلى يومنا هذا، إذاً صار مصدرًا بلا ريب، ولهذا لا يأتي أحد فيقول: بما أنك فصلت هذا التفصيل، إذاً علم النحو لا نحتاج إليه، هذا ليس بصحيح، بل نقول: علم النحو يحتاج إليه قطعًا، لكن الكلام الآن عن المقدار الذي يحتاجه المفسر، والمقدار الذي يحتاج إليه المفسر هو ما يبين به كلام الله له، وهذا يختلف من مفسر إلى آخر، ولكن لاحظ مثالًا لكي تفهم هذه الإشكالية؛ لأن الإشكالية قد تكون جدلية نوعًا ما، مثلًا: لم يكن منهج ابن كثير رحمه الله تعالى الاتجاه النحوي في التفسير، لكن لا يعني هذا أنه خلا كتابه كله من النحو، بل يوجد شيء من علم النحو لكنه قليل، فإذاً لم يكن بحاجة في بيان كلام الله لعلم النحو، لكن لما نأتي مثلًا لكتاب أبي حيان الأندلسي سنجد أنه يمثل الاتجاه النحوي بقوة، وإن كان يوجد عند الزمخشري ويوجد عند الرماني ويوجد عند ابن عطية ، ويوجد عند القرطبي ، يوجد عندهم الجانب النحوي، لكن ليس مثل الكثافة التي تجدها في كتاب أبي حيان . فإذاً نحتاج نحن إلى نوع من التوازن، ومعرفة ما هو المقدار الذي يحتاجه المفسر، من هذا العلم.

    وأما علم اللغة فواضح أنه يحتاج بيان المفردات ومعرفة المدلولات.

    أهمية معرفة اللغة والنحو للمفسر

    قال: [ أخرج أبو عبيد عن الحسن : أنه سئل عن الرجل يتعلم العربية يلتمس بها حسن المنطق، ويقيم بها قراءته؟ فقال حسن : فتعلمها، فإن الرجل يقرأ الآية فيعيى بوجهها فيهلك فيها ].

    لكن وضع هذا الأثر في هذا الموطن ليس له علاقة، والسيوطي رحمه الله تعالى فهم أن كلام الحسن موجه إلى علم النحو وعلم الإعراب، وليس هذا مراد الحسن فقط؟

    ممكن يكون مراداً به العربية بعمومها، ويكون على اللغة بالذات أوضح.

    قد يقال: قوله: (يقيم بها لسانه): تأخذ منها أنه أراد بها النحو، لكن قوله: [ فإن الرجل يقرأ الآية فيعيى بوجهها فيهلك فيها ] يهلك بسبب النحو، أو بسبب عدم فهم المعنى قد يقال في مثل: قوله: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) ففعلاً هذه فيها مخالفة إذا رفع لفظ الجلالة، وكذلك قوله: (إن الله برئ من المشركين ورسوله) بالخفض في المعطوف عليه، فهذا ممكن.

    فعلى العموم المقصد من ذلك: أن كلام الحسن أوسع من قضية المدلول النحوي؛ لأنه في وقت الحسن ، لا نجد أن علم النحو قد أخذ هيئته المعروفة، إنما هي بدايات علم النحو وكانت معاصرة للحسن البصري، كما قلنا: إن أبا الأسود الدؤلي هو أول من قعد قواعد النحو وأخذها عنه تلاميذه، فتلاميذ أبي الأسود هم من أقران الحسن البصري .

    علم التصريف قال: [ لأن به تعرف الأبنية والصيغ].

    وذكر كلام ابن فارس ، ثم كلام الزمخشري في قوله: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ [الإسراء:71] يعني: أحد المفسرين كما يقول الزمخشري أنه من بدع التفاسير، وهذه من المصطلحات التي لا يعلم هل سُبق الزمخشري بها أو هي من بدعه أيضًا، أعني: من اختراعه لا أقصد البدعة المنكرة، وبدع التفاسير مصطلح يذكره الزمخشري في مواطن.

    فهو يقول: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ [الإسراء:71]، أن المراد: جمع (أم) قال: يدعون يوم القيامة بأمهاتهم دون آبائهم، والسبب عنده قال: تكريمًا لـلحسن والحسين ؛ لأنه من جهة أمهم يكون اتصالهم بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولا أدري ما ذكر بالنسبة لـعيسى ابن مريم ونسبه إلى أمه.

    وهذا ليس بصواب لا من جهة الاستنباط ولا من جهة المدلول الذي ذكره، وقد رده الزمخشري في كتاب فيما يتعلق بصيغ الأفعال والأبنية وأثرها في التفسير، والظاهر: أنه التصريف، الذي هو للشيخ فريد الزامل ، تصريف الأفعال وأثره في التفسير أو تصريف الدلالة وأثره في التفسير، وهو كتاب نفيس في هذه القضية التي تتعلق بقضية التصريف.

    ونختم بقضية الاشتقاق.

    الاشتقاق

    الاشتقاق كما قال: [ لأن الاسم إذا كان اشتقاقه من مادتين مختلفتين اختلف المعنى ]، وهذا علم الاشتقاق دقيق جدًا، ولهذا لاحظوا مثلًا الذي يدل على كلامه هذا، في سورة القمر: وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ [القمر:2]، هل (مستمر) أصل اشتقاقها من (مر، يمر)؟ (فيقولون: هذا سحر مستمر) أي: ذاهب وزائل، سيمر ويذهب، أو (مستمر) من أَمَرّ الحبلَ يمره إذا شده وقواه؟ وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ أي: قوي، فلاحظ: اختلف المعنى بسبب اختلاف الاشتقاق، هذا مبحث لطيف أيضًا لو جمع ما في القرآن مما يختلف معناه بسبب اختلاف اشتقاقه يشكل أو يمثل مجموعة من الألفاظ والمفردات الجيدة، مثل: وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ [الذاريات:47]، والخلاف الموجود فيها، تعرفونه، وبعضهم جعلها (بأيد) جمع يد، وهي ليست كذلك، وإنما هي (بأيد) المراد بها: بقوة، مثل قوله: وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص:17]، فهذه أيضًا مما يمكن أن يدخل فيما يتعلق بقضية الاشتقاق.

    وذكر: المسيح ، هل هو من السياحة، أو من المسح؟ لا شك أن المعنى يختلف باختلاف أصل الاشتقاق، لكن هذا لا يؤثر في معنى الآية، يعني: مثل الخلاف في المسيح، وإنما يؤثر في المراد بمعنى المسيح نفسه، لماذا سمي مسيحاً هل هو لأنه من السياحة، أو من المسح.

    لكن كما ذكرت قبل قليل (مستمر) يؤثر في أصل المعنى، ومثل: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:29]، العتيق: القديم، فأخذه من الفعل الثلاثي: عَتُقَ، وبعضهم قال: عتيق، المعتَق من الجبابرة فأخذه من الفعل الرباعي، يعني: أعتق اختلف المعنى باختلاف الاشتقاق.

    وهنا ملحوظات:

    الملحوظة الأولى: التي هي شجرة علوم القرآن، والملحوظة الثانية: التي هي ربط الآيات بأنواع علوم القرآن.

    ابتدأنا في الأسبوع الماضي بشيء من هذه الفكرة لما تكلمنا عن كلام الإمام رحمه الله تعالى في ترجيحه والعموم الذي ذهب إليه.

    1.   

    الأسئلة

    علاقة الأمثال ببلاغة القرآن

    السؤال: الأمثال يا شيخ! أليست من بلاغة القرآن؟

    الجواب: الأمثال ممكن أن تدرج في بلاغة القرآن، لكن هم يدرسونها من جهة المعاني؛ لأنها أوسع من الدراسة البلاغية، وكما قلت هناك قضية مهمة جدًا، حتى لو جعلنا الأمثال في أنواع أخرى، فنضع بين قوسين ونقول: (له علاقة ببلاغة القرآن).

    علاقة أسباب النزول بالتفسير

    السؤال: [أسباب النزول أليس له علاقة بتفسير القرآن؟]

    الجواب: بلى، أسباب النزول، ممكن يوضع بين قوسين: (تفسير القرآن) بمعنى: أن له علاقة بتفسير القرآن، وهذا جيد.

    العلاقة بين المناسبات والبلاغة

    السؤال: [أليس هناك علاقة للمناسبات بالبلاغة؟]

    الجواب: بلى، المناسبات أيضًا لها علاقة بالبلاغة، المناسبات والخواتم والفواتح، والفواصل، كل هذه لها علاقة بالبلاغة، ويمكن أن يكتب أمامها: (بلاغة القرآن)، بمعنى: أن لها علاقة بالبلاغة.

    اعتبار طبقات المفسرين علماً

    السؤال: [طبقات المفسرين هل يعد علماً مستقلاً؟]

    الجواب: طبقات المفسرين لا يعد علمًا من حيث وصف العلم، لكن له تعلق بالتفسير، من جهة؛ لأنه مرتبط بتاريخ التفسير، فهو في المقدمات التي يتكلم فيها عن تفسير القرآن؛ لأن كل علم له تاريخ، فهذا في حقيقته يدخل في تاريخ هذا العلم، لكنه ليس علمًا مستقلًا، ووضعه السيوطي رحمه الله تعالى آخر نوع وأدرج فيه التفسيرات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي.

    كان في واحد من الإخوة في فضائل القرآن، أشار إلى أن الفضائل تضاف إلى علوم سور القرآن، بناءً على أنها جزء منه وإن ترك في هذا المكان فيوضع أمامه: (علوم سور القرآن) بحيث إنه ينبه على أن له علاقة بعلوم سور القرآن، مثل سورة الفاتحة: من قرأها على مريض فإنه يشفى بإذن الله، فهذه تدخل في علوم سور القرآن ولها علاقة بعلوم سور القرآن، من جهة أن بعض السور لها خواص معينة، يعني: خواص تأثيرية، مثل سورة الفاتحة، وسورة الناس، وسورة الفلق.

    معنى مفردات القرآن

    السؤال: [ما معنى مفردات القرآن عند السيوطي ؟]

    الجواب: مفردات القرآن هنا في مصطلح السيوطي ليست مفردات القرآن كما نعرفها، ولكن مفردات القرآن هي في غريب القرآن وفي أول نوع من أنواع التفسير الذي هو رقم: (36)، أما مفردات القرآن التي نعرفها فهي الأفراد.

    وعلم الخاص والعام له تعلق بالتفسير، ويمكن أن تضعوا أمام الخاص والعام: (تفسير القرآن) وكذلك المجمل والمبين له علاقة بتفسير القرآن، وكذلك المطلق والمقيد.

    علاقة الوقف والابتداء بالتفسير

    السؤال: [الوقف والابتداء هل له علاقة بالتفسير؟]

    الجواب: الوقف والابتداء له علاقة بالتفسير، وممكن يوضع أمامه: (تفسير القرآن) وأيضًا المفصول لفظًا، والمفصول معنًى؛ لأنه مرتبط بتفسير القرآن.

    علاقة المجاز بالتفسير

    السؤال: [ما علاقة مجاز القرآن بتفسير القرآن؟]

    الجواب: من حيث الدلالات الأصولية له علاقة، مع أن المقدم والمؤخر ممكن أن يدخل في بلاغة القرآن من جهة، ويمكن أنه يبقى في هذا الموضع الذي وضعه السيوطي في الترتيب: (ثلاثة وأربعين، أربعة وأربعين) وإلا ينظر في المقدم والمؤخر من حيث النظرة بلاغية أو النظرة تفسيرية فيوضع في المكان المناسب له.

    فمجاز القرآن الذي هو عندنا: بلاغة القرآن والكناية والتعريض، والتشبيه والاستعارات هذه لها علاقة بالتفسير.

    علاقة طبقات المفسرين بعلم التفسير

    السؤال: [ما علاقة طبقات المفسرين بتفسير القرآن؟]

    الجواب: كان الأخ بدر أيضًا طرح سؤالاً: هل هو علم أصلًا، هذه واحدة، ولعلنا نعلق عليها بعد قليل، والقضية الثانية: علاقتها بتفسير القرآن من حيث أنها تأتي في مقدمات الحديث عن التفسير؛ لأنها تدخل في تاريخ التفسير، فما دامت مرتبطة بالتفسير بوجه من الوجوه، فتبقى على أنها تدخل ضمن تفسير القرآن، والسيوطي وضعه كنوع مستقل على أنه علم ونحن الآن أمام نظر السيوطي رحمه الله تعالى، نريد أن نرتب ما عمله السيوطي ، بغض النظر هل هذا يؤثر في التفسير أو لا يؤثر، هل له علاقة بالتفسير أو ليس له علاقة بالتفسير.

    ففي نظري: بما أن طبقات المفسرين مرتبط بالتفسير من جهة، خاصة أنه ذكر فيه تفسيرات النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: استقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، ووضعها في طبقات المفسرين، فيبقى على أنه مقدمة تاريخية، مرتبطة بالتفسير، ولا يمكن أن يدرس إلا من خلال علم التفسير، وهذا يجر إلى مسألة مهمة جدًا، سبق أن تطرقنا لها وتدارسناها.

    تحرير مصطلح العلم

    وهي: كيف نصنف شيئًا من هذه على أنه علم؟ فالسيوطي رحمه الله تعالى سماها أنواعاً، وتسميتها بالأنواع جميل جدًا، لكن بعض من كتب في علوم القرآن يسمونها أنواع علوم القرآن، على أن هذه الأنواع المذكورة كل واحد منها يمثل علمًا مستقلًا، لكن في هذا تجوّز قطعًا أن يعد كل واحدًا منها علمًا مستقلًا؛ لأنه لا يمكن أن يكون المد والقصر علمًا مستقلًا، مع أنه جعله نوعًا، ومر سابقًا أن من الملاحظات التي ذكرناها في أنه جعل مجموعة مما يتعلق بعلم التجويد، مفصلة على أنها نوع، والصواب: أن كلها تدرج في مكان واحد، لكن أيًّا كان، تأتينا قضية مهمة جدًا، وهي: مفهوم العلم عند السيوطي؟ هل عنده مفهوم محدد، أو أنه ليس عنده مفهوم محددًا؟ ولهذا كثرت الأنواع عنده بهذه الصورة ولعدم وجود المفهوم المحدد في الذهن عنده، جعل ابن عقيلة المكي الذي جاء بعده، في ألف وخمسين، لما كتب كتاب الزيادة والإحسان، وبناه على كتاب الإتقان، يفكك ما جمعه السيوطي ؛ والسيوطي رحمه الله تعالى في كتاب التحبير في علم التفسير جعلها مائة نوع وزيادة، ولما جاء في الإتقان ردها إلى ثمانين نوعًا، وجاء بعده ابن عقيلة فشرحها أكثر، وابن عقيلة يقول: إنه لو أراد أن يفصل أكثر لأمكن، وهذا لا شك أن فيه نوع من التجوز الكبير جدًا، جدا.

    ولهذا أقول: إن مفهوم العلم في كتب علوم القرآن ليس كمفهوم العلم الذي نعرفه، وإلا العلم في الغالب يعني: المسائل المضبوطة ضبطًا خاصًا، التي تنتسب إلى قضية كلية، ولو تأملنا مثلًا الإدغام، مباشرة يكون في علم التجويد، مع أن الإدغام موجود في القراءات، ولهذا مثلًا: الإدغام الكبير لا يدرس في علم التجويد، إنما يدرس في علم القراءات، إلا إذا كان أحد سيذكر علم التجويد من خلال قراءة أبي عمرو مثلًا.

    فالمقصد من ذلك: أن هذه المسائل صارت معروفة عند جمهور المتعلمين أنها تنتسب إلى علم معين، وهذا العلم له مسائل مضبوطة ضبطًا خاصًا، بحيث أنه إذا ذكرت مسألة فإن المتعلم يعرف أنها من هذا العلم وليست من ذلك العلم، وعلى سبيل المثال: مسألة الفاعل مرفوع، لا يمكن أن يقول أحد هذا من علم أصول الفقه؛ لأن هذا إنما هي من علم النحو، إذاً صارت هذه المسائل المضبوطة ضبطًا خاصًا، متعارف عليها بين المتعلمين، فهذا هو العلم باختصار، لو أردنا أن نطبق هذه الفكرة أو هذا المصطلح على الأنواع التي يذكرها السيوطي ، فإنه ستنخرم كثير من أنواع علوم القرآن التي ذكرها، ولا تدخل في هذا المصطلح.

    أما إذا ذهبنا إلى تصورات المناطقة في العلم، هل هو من باب التصورات أو التصديقات والكلام هذا، سيذهب أيضًا الشيء الكثير جدًا إن لم يذهب كل علوم القرآن على أنه يكون من باب العلم عندهم.

    فإذاً: المقصد من ذلك: أن هناك تجوزاً في التعبير عن هذه الأنواع باستقلالها على أنها علم، وبعضها نعم يشكل علمًا مثل علم الناسخ والمنسوخ، نقول: بأنه علم؛ لأنه له مسائل مضبوطة ضبطًا خاصًا، ويمكن إدراك هذه المسائل من خلال عرضها، وتعرف أنها مرتبطة بعلم الناسخ والمنسوخ، فهناك بعض الأنواع واضحة المعالم، ولكن بعضها جزئي بحيث أنه لا يشكل علمًا مستقلًا.

    وسبب التجوز هو أنه لم يكن في ذهن من كتب في هذا أن يحرر مصطلحًا محددًا للعلم، والأنواع التي تدخل فيه، وإنما كتبها، حسبما توارد في خاطره واتفق له، لم يذكره واحدٌ من هؤلاء، كالزركشي ، أو صاحب فنون الإفنان ابن الجوزي أو غيره ممن كتب قبلهم أو بعدهم لم يكن عندهم هذه الحيثية المعينة، فبدأ التنبؤ إلى أنواع عند الزركشي و البلقيني و السيوطي ، وكما ذكرت سابقًا: أنهم نظروا بعلم الحديث، وابن الجوزي نفس القضية لما كتب في أصول الحديث أراد أن يكتب في أصول علوم القرآن فكتب فنون الإفنان، كأن الفكرة انطلقت من أن من كتب في علوم الحديث وهو سابق، كتب أنواع علوم الحديث، فأخذوا بهذا المصطلح وساروا عليه، وعلماؤنا السابقون، لم يكونوا دائمًا يقفون عند بعض الأمور لتحريرها تحريرًا دقيقًا مثلما نفعل نحن اليوم، فقد نقف عند بعض الأمور، ونحرر وندقق، ونقول: هذا كذا وكذا ونفصل، هذه مقتضيات بحثية معاصرة، التزمنا بها فصرنا نعمل بهذا، وعندهم مقتضيات البحث لم تكن موجودة وإلا لو كان مجودًا لأبدعوا، فالخطورة تكمن في مثل هذا الأمر في قضية مهمة وهي قاعدة منهجية سبق أن نبهت عليها مرارًا وهو أننا لا نلزم المتقدمين بما اصطلحنا عليه، بل نأخذ مصطلحاتهم كما فعلوا، فالسيوطي قال: إن طبقات المفسرين نوع من أنواع علوم القرآن، نقول: على العين والرأس، وعندما نريد أن نحرر نجد أن السيوطي لما أدخله لم يكن تفكيره في قضية علم والمراد بها، والتشقيقات التي نذكرها الآن، فلم تكن في خلده ولم يأبَه لها، فلهذا هو فعل ذلك ومضى عليه، فلا نقول: إن السيوطي أخطأ وأن كلامه ليس بصواب أنه فعل كذا وكذا، لا، هذا فيه نوع من تحكيم المصطلحات المعاصرة على عمل المتقدمين.

    ولما قلنا مثلًا: المد والقصر، والإخفاء، والإقلاب، والإدغام هذه قبل السيوطي قد تشكلت على أنها علم تجويد، فالسيوطي جاء بعد هذه المصطلحات، فكونه يفكك هذه ملحوظة لها وجهها، لكن ليس من وجهها أن نقول: أخطأ السيوطي في أنه جعل هذا النوع علمًا؛ لأن مفهوم العلم عنده ليس كمفهوم العلم عندنا، وهذه كما قلت: قضية منهجية ينتبه لها في دراسة تاريخ العلوم، ومصطلحات العلوم، ومناهج العلماء في العلوم، فلا يصح التحكم بالمصطلحات المعاصرة على عمل العلماء، وإنما تدرس القضية من ناحية تاريخية، وكيف تنقلت هذه القضية التاريخية حتى وصلت إلينا بتحريرات خاصة بنا.

    ولعلنا ننتقل إلى السيوطي ، ويكون الآن بين أيدينا هذا التقسيم دائمًا ونستفيد منه في قراءة تفسير الطبري ولعلنا نستضيء به لنقف عند بعض الآيات وننظر هذه الآيات أو كلام المفسرين واندراجه تحت أي نوع من أنواع علوم القرآن التي ذكرها السيوطي رحمه الله تعالى.

    كيفية معرفة المفردات

    السؤال: [كيف نعرف المفردات؟]

    الجواب: المفردات ممكن الرجوع فيها إلى أي كتاب في مفردات غريب القرآن سواء ممن عاصر أو ممن تقدم، إذا كان سهلًا وسلسًا.

    مناهج كتب غريب القرآن

    السؤال: [ما هي مناهج كتب غريب القرآن؟]

    الجواب: تختلف مناهج كتب غريب القرآن، لكن في الغالب تعنى بالجانب اللغوي، لكن الربط بين المعنى اللغوي، والمعنى السياقي الاستعمالي، هذا قليل، في كتاب كبير الآن موجود في الأسواق يخدم هذه الفكرة؛ لأنها على القرآن كامل، لكنه كبير جدًا، لا يوجد كتاب مختصر بحيث يربط بين المعنى اللغوي الأصل، والمعنى السياقي.

    ومفردات الأصفهاني ممتاز جدًا، لكن مرحلته متقدمة؛ لأنه دقيق جدًا، وهو يربط بين الدلالي والاستعمالي.

    سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756343695