إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. مساعد الطيار
  5. عرض كتاب الإتقان
  6. عرض كتاب الإتقان (62) - النوع الثاني والستون في مناسبة الآيات والسور [3]

عرض كتاب الإتقان (62) - النوع الثاني والستون في مناسبة الآيات والسور [3]للشيخ : مساعد الطيار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • افتتحت بعض السور بالتسبيح، وبعضها بالتحميد، وبعضها بحروف مقطعة، وقد حاول العلماء إيجاد علل لهذا الافتتاح، وكذلك الخواتيم، وأسماء بعض سور القرآن.

    1.   

    مناسبات افتتاح بعض السور

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين.

    أما بعد:

    فنكمل ما بدأنا به من كتاب الإتقان النوع الثاني والستين في مناسبة الآيات والسور، وبقي علينا مقطع في ما يتعلق بمناسبات الآيات والسور وهو المقطع الأخير.

    تعليل افتتاح بعض السور بالحروف المقطعة

    ذكر السيوطي رحمه الله تعالى في هذا المقطع الأخير نقلاً عن صاحب البرهان الذي هو الزملكاني ، أن افتتاح السور بالحروف المقطعة واختصاص كل واحدة بما بدأت به، حتى لم تكن لترد (الـم) في موضع (الـر)، ولا (حـم) في موضع (طــس)؛ وذلك أن كل سورة بدأت بحرف منها فإن أكثر كلماتها وحروفها مماثل له، قال: فحق لكل سورة منها ألا يناسبها غير الوارد فيها، فلو وضع (ق) موضع (ن) لم يكن؛ لعدم التناسب الواجب مراعاته في كلام الله، وسورة (ق) بدأت به؛ لما تكرر فيها من الكلام بلفظ القاف من ذكر القرآن والخلق وتكرير القول.. إلى آخر ما ذكره.

    هذا الكلام يشير إلى مسألة تعتبر من لطائف العلم وليست من متينه، وهذه المسألة ما يتعلق بقضية التناسب بين الأحرف المقطعة وألفاظ السورة، فالإمام يشير إلى: أنه إذا نظرنا إلى سورة (ق) فنجد أن حرف القاف يتكرر كثيراً، وإذا نظرنا إلى (ص)، فنحد أن حرف الصاد يتكرر كثيراً، وقس على هذا الأمثلة الأخرى التي ذكرها.

    هذه المسألة كما قلت تعتبر من اللطائف، واللطائف لا يلزم فيها الاستطراد، فهذه قاعدة: أن اللطائف لا يلزم فيها الاستطراد، فلو أردنا أن نطرد هذه الفكرة في كل سورة ذكرت فيها الأحرف المقطعة فقد يختل علينا بعض السور، مثل السور التي تشترك في أن تكون (الــم) بناءً على هذه لو كانت قاعدة؛ فنقول: سيكثر ذكر الألف وذكر اللام وذكر الميم، أو (كهيعص) سيكثر ذكر الكاف ذكر الهاء.. إلى آخره، فنقول: إن وجود هذا التناسب في بعض السور هو من لطائف المناسبات، وليس قاعدة هامة في الأحرف المقطعة.

    وأيضاً هذه الفائدة لو تأملناها فإنها لا تؤثر على المعاني، بمعنى أننا حينما نعلم هذه الفائدة فإنها لا تزيد لنا معنى من المعاني، ولو فقنا هذه الفائدة فإنها لا تؤثر علينا في فهم معنى من المعاني، على سبيل المثال: هل يبنى فهم: ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ [ص:1] على معنى قوله: وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ [ص:1] هل يبنى على كوننا نعلم أن هذه السورة يكثر فيها حرف الصاد؟ لا، إذاً نقول: بأن هذه الفائدة لا تؤثر سلباً ولا إيجاباً في موضوع أو في معاني الآيات، وما دامت لا تؤثر في معاني الآيات وهي أيضاً ليست كلية، فهي من باب اللطائف والملح، واللطائف والملح كما قلت لكم القاعدة فيها أنها لا تكون مضطردة في جميع المواطن، وأنه ذكر أمثلة في ذلك وهي أمثلة كثيرة استقرأ فيها مجموعة من السور وأشار إلى كتابه النفيس " أسرار التنزيل" وقد طبع باسم "قطف الأزهار".

    ذكر عن الحراني . وأحب أن نقف عند هذا العلم؛ لأن له كتابات في علوم القرآن، له كتاب اسمه " مفتاح الباب المقفل لفهم الكتاب المنزل" هذا العالم رحمه الله تعالى توفي سنة 637ه وهو من تلاميذ القرطبي صاحب التفسير المشهور، وقد تلقى عنه كما قال هو علم التفسير، لكن شتان ما بين هذين العلمين، الإمام القرطبي صاحب التفسير وهذا العالم، هذا العالم وهو علي بن أحمد بن الحسن رحمه الله تعالى قد أصيب بلوثة التصوف الفلسفي، وجاءت كتاباته رحمه الله فيها نوع من غموض، وقد زعم في هذا الكتاب أن العلم بابه علي رضي الله عنه، وأن أي علم لا يؤخذ من هذا الباب فليس بعلم، وهذا معنى كلامه، ولا شك أن هذا لا يقوله إلا غلاة الصوفية وغلاة الرافضة، وغلاة الصوفية وغلاة الرافضة يتفقون في بعض المبادئ العامة في الفكر الصوفي المغرق، وكذلك في الفكر الرافضي، وهذه الفكرة هي أحد ما يتفق فيه الفكر الصوفي الفلسفي والفكر الرافضي، وقد بنى كثيراً من كتابه على مثل هذا الأمر ولهذا تجد في كتابه من الغموض الشيء الكثير، مع ذلك نقول: إنه لا يخلوا من الفوائد، وقد كان يجتهد اجتهادات فيها صواب، لكن الإشكالية عنده ما ذكرت لكم؛ ولهذا قال عنه الذهبي : وعمل تفسيراً عجيباً.. أي: جعل هذا الكتاب مقدمة له لهذا التفسير، قال: وعمل تفسيراً عجيباً ملأه باحتمالات لا يحتمله الخطاب العربي أصلاً، وقد نقل عنه واستفاد منه كثيراً صاحب نظم الدرر البقاعي.

    و السيوطي في خاتمة ما ذكره عن الحراني علق على كلامه، فقال: والمقصود منه -أي: من كلام الحراني ؛ لأنه أطال في النقل- والمقصود منه الأخير، وبقيته كلام ينبو عنه السمع وينفر منه القلب ولا تميل إليه النفس، وأنا أستغفر الله من حكايته على أني أقول.. ثم ذكر كلام آخر له اجتهاد في مناسبة سورة البقرة بــ (الــم) فالسيوطي رحمه الله تعالى يعتذر من نقل كلام الحراني ، وكلام الحراني يشرح أحد الطرق الذي ورد فيها حديث: ( أنزل القرآن على سبعة أحرف زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال )، أي: سبعة أوجه أو سبعة أحرف، فبدأ الحراني يشرح هذه السبعة، وانتهى به الختام إلى القول: ولما افتتحت أم القرآن بالسابع الجامع الموهوب ابتدأت البقرة بالسادس المعجوز عنه وهو المتشابه.

    السابع الذي بناه على التقسيم الذي هو الأمثال، والسادس الذي هو المتشابه، لأنه محكم الخامس، والمتشابه: السادس، وأمثال: السابع، فقال: إن الفاتحة افتتحت بالسابع - الذي هو الأمثال - وابتدأت البقرة بالسادس المعجوز عنه وهو المتشابه.

    لا نريد أن ندخل في هذا؛ لأن كلامه كما ذكر الإمام السيوطي رحمه الله تعالى فيه إشكالات، لكن بعد ذلك أشار السيوطي إلى قضية لا بأس أن نتطرق لها مرة أخرى وهي: مناسبة ابتداء البقرة بــ (الــم)، ذكر أن عنده أحسن مما ذكر الحراني وذكر فقال: وإنه لما ابتدأت الفاتحة بالحرف المحكم الظاهر لكل أحد الذي هو: الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، بحيث لا يعذره أحد في فهمه، وابتدأت البقرة بمقابله، وهو الحرف المتشابه البعيد التأويل أو المستحيل هو، وهذا كلام فيه نظر؛ لأنه جعل الحمد لله: الكلام المعلوم يقابله كلام غير معلوم، ونحن كما سبق أن حررنا أن الأحرف المقطعة ليست كلاماً لكي يتطلب منه معنى، وإنما هي أحرف، والحرف في لغة العرب لا معنى له، فهذا التنظير فيه هذا الإشكال.

    لكن لو قال السيوطي رحمه الله تعالى: إن المتشابه في هذه الأحرف يدخل في غير قضية إرادة معنى، ونحن لا نريد معنى في الأحرف، لكن اختيار (الــم) ثلاثياً دون اختيار (الــر)، ودون اختيار حرفاً آخر، وكونها جاءت على ثلاثة أحرف هذا الذي يدخل في باب المتشابه.

    فإذاً: الذي يدخل في باب المتشابه من الأحرف المقطعة أمر لا علاقة له بالمعنى؛ لأنها أحرف والحرف لا يتطلب له معنى، وإنما يدخل المتشابه في هذه الأحرف في قضية أخرى ليست هي قضية المعاني، وهذه قضية مهمة جداً أن ننتبه لها؛ لأنها تحسم خلافاً طويلاً.

    وكما قلت سابقاً: لا يعني كوننا نقول: إن هذه أحرف لا معنى لها، أنه لا يستنط منها لطائف مثل ما ذكرنا قبل قليل، فبعض الاستنباطات من كونها بنيت سورة (ص) مثلاً على حرف الصاد، أو بنيت سورة (ق) على حرف القاف، أو بنيت سورة (ن) على حرف النون، فالحرف في هذه السورة كثير، وهذا لا يمنع؛ لأن هذه لطائف وملح ليست داخلة ضمن المعاني، فإذاً لا يمنع أن يدرك منها أو يدرك من هذه الأحرف شيء من الاستنباطات، ولهذا كما سيذكر السيوطي رحمه الله تعالى أن العلماء استنبطوا أنه إذا ذكرت هذه الأحرف المقطعة فإنه يذكر حال من أحوال القرآن، ولهذا قال هو في صفحة ثمان وخمسين بعد الألف وثمانمائة، قال: (واعلم أن عادة القرآن العظيم في ذكر هذه الحروف أن يذكر بعدها ما يتعلق بالقرآن)، هذه قاعدة أغلبية في الأحرف المقطعة؛ فهذا استنبط بالاستقراء، وقد ذكر الاستقراء غير واحد من العلماء، مثل ابن كثير ، قبله كذلك الإمام الشنقيطي من المتأخرين ذكره أيضاً، وتكاد أن تكون قضية مشهورة؛ لأن الأحرف المقطعة عادة القرآن أن يأتي شيء يتعلق بالقرآن مثل ما ذكر الإمام السيوطي هنا؛ فمثل هذه دخلت في باب الاستنباطات وباب الحكم.

    أسباب تسمية بعض السور ومراتبها

    ومما ذكره أيضاً في هذا الموضوع: فصل في مناسبة أسماء السور لمقاصدها، وذكر أنه قد تقدم في النوع السابع عشر الإشارة إلى ذلك، وسبق أن عرجنا على هذا وذكرت لكم مراتب أسماء السور، وأنها نتقسم إلى ثلاثة مراتب:

    المرتبة الأولى: ما ثبتت تسميته عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    المرتبة الثانية: ما ثبتت تسميته عن الصحابي.

    المرتبة الثالثة: ما جاءت تسميته عمن بعد الصحابي إلى يومنا هذا، والذي يعنيننا أكثر هو ما ثبتت تسميته عن النبي صلى الله عليه وسلم أولاً، ثم ما ثبتت تسميته عن الصحابي؛ لاحتمال أن يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وليس من باب الاجتهاد، أما غير ذلك فإنه لا يبحث فيه عن الحكمة ولا عن السر.

    وفي عجائب الكرماني وهو من الكتب النفيسة جداً للمتخصصين اسمه "غرائب التنزيل وعجائب التأويل" والعجائب إذا قال هو: عجيبة، فضابط العجيبة عنده: القول الذي لا يحتمل، والغريب عنده القول المحتمل، ولم يشر إلى هذا المعنى إلا في آخر سورة من سور القرآن، في سورة: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ [المسد:1]، حيث قال: وما قلته في عجيب ففيه أدنى نظر، أي: إنه قول فيه نظر، معنى ذلك أنه إذا قال: فيه غريب؛ فإنه مما يمكن أن يحتمل، وأحياناً يقول: غريب، وأحياناً يقول: عجيب، فمرة ينسب بعض الفوائد إلى أنها غريبة، وبعض الفوائد إلى أنها عجيبة، فالعجيبة: هي التي فيها أدنى نظر، والغريبة: هي التي يمكن أن تقبل وتحتمل، ولذلك سماه هو "غرائب التفسير وعجائب التأويل" فغاير بين المصطلحين، وذكر أثراً في مقدمة الكتاب يدل على مراده.

    وقد ذكر هنا فقال: إنما سميت السور السبع: حم، على الاشتراك في الاسم؛ لما بينهن من التشاكل التي اختصت به، وهو أن كل واحدة منها استفتحت بالكتاب أو صفة الكتاب مع تقارب المقادير في الطول والقصر وتشاكل الكلام في النظام، هذه فائدة جميلة؛ لكن لا أثر لها في قضية المعاني في كونها جعلت الحواميم على نسق متقارب من جهة الطول والقصر، ومن جهة تشاكل في النظام؛ كونها استفتحت بهذه الحواميم، ثم يذكر بعدها شيء يتعلق بالكتاب نفسه أو صفة من صفات الكتاب.

    بعد ذلك ذكر مجموعة مما يتعلق بمناسبات الافتتاح والخواتيم، وذكر فيها أمثلة لعلنا نذكر منها فقط بعض الأمثلة، مثلاً: في سورة الإسراء، نقرأ عند تاج الدين السبكي رحمه الله قال: ما الحكمة في افتتاح سورة الإسراء بالتسبيح والكهف بالتحميد؟ هذا السؤال وجه له، فأجاب: بأن التسبيح حيث جاء مقدماً على التحميد، أي: سورة الإسراء مقدمة على سورة الكهف، فسورة الإسراء ابتدأت بالتسبيح، وسورة الكهف ابتدأت بالتحميد، فهو يقول: القاعدة في الشريعة أن التسبيح حيث جاء يكون مقدماً على التحميد، فكأنه يقول: إن هذه السورة جاءت قبل هذه لهذا الغرض، وذكر قوله سبحانه وتعالى: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ [الحجر:98]وقوله: سبحان الله والحمد لله، في حديث النبي صلى الله عليه وسلم.

    أيضاً: ذكر ابن الزملكاني إشارة أخرى بأن سورة سبحان لما اشتملت على الإسراء الذي كذب المشركون به النبي صلى الله عليه وسلم، وتكذيبه تكذيب لله تعالى، أتى بــ(سبحان) لتنزيه الله تعالى عما نسب إليه نبيه من الكذب، وسورة الكهف لما أنزلت بعد سؤال المشركين عن قصة أصحاب الكهف وتأخر الوحي؛ نزلت مبيّنة أن الله لم يقطع نعمته على نبيه ولا على المؤمنين، بل أتم عليهم النعمة بإنزال كتاب، فناسب افتتاحها بالحمد على هذه النعمة، وذكر أمثلة مما يتعلق بسورة الفاتحة وغيرها في كتاب العجائب مرة أخرى رجع إليه، وذكر منه فائدة، وختم هذا المبحث بقوله: ورد في القرآن سورتان أولهما: (يا أيها الناس) في كل نصف السورة، فالتي في النصف الأول تشتمل على شرح المبدأ، والتي في الثانية على شرح المعاد، السورة الأولى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ [النساء:1] هذه في سورة النساء، والثانية: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ [الحج:1] التي هي في سورة الحج، ثم ختم هذا المبحث وما يتعلق بالمناسبات في الآيات والسور بهذه الفائدة، وبه نختم ما يتعلق بالنوع الثاني والستين.

    سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756259009