إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. مساعد الطيار
  5. عرض كتاب الإتقان
  6. عرض كتاب الإتقان (36) - النوع السابع والثلاثون فيما وقع فيه بغير لغة الحجاز

عرض كتاب الإتقان (36) - النوع السابع والثلاثون فيما وقع فيه بغير لغة الحجازللشيخ : مساعد الطيار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • علم غريب القرآن يقصد به وجود بعض الكلمات في القرآن على غير لغة أهل الحجاز. وقد ذكر المؤلف أسباباً وعللاً لوجود هذه الكلمات، مثل: حسن الكلمة في موقعها ودلالتها البلاغية وغير ذلك من العلل.

    1.   

    لغة القرآن غير الحجازية

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين.

    أما بعد:

    وقفنا عند النوع السابع والثلاثين، المعنون بقوله: [ فيما وقع فيه بغير لغة الحجاز ].

    فيما وقع فيه، أي: في القرآن، بغير لغة الحجاز، وذكر أنه تقدم الخلاف في ذلك في النوع السادس عشر، والنوع السادس عشر متعلق بالنوع الذي هو الأحرف السبعة، وفي ضمن الأحرف السبعة تحدث عن قول بعض العلماء: إن المراد بالأحرف السبعة هي لغات العرب. وأشار إلى ما ذكره هناك.

    يقول: [ وقد رأيت فيه تأليفاً مفرداً ] كما ذكر المحققون أن المراد به اللغات التي نزل بها القرآن، وهو كتاب مطبوع، ذكر أمثلةً لذلك في هذا النوع، وهي أمثلة وافرة ومليئة، ولعلنا نتحدث عن بعض الأمور فيما يتعلق بهذا النوع.

    أثر اختلاف اللغة على فهم التفسير

    الأمر الأول: علاقته بالتفسير، وما جهة هذه العلاقة؟ فلو وقع لك سؤال: هل معرفة هذه اللفظة بلغة هذيل، أو بلغة طي، أو بلغة تميم له أثر في معرفة التفسير؟ فمثلاً، قوله: فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ [المدثر:51]، (قسورة) بمعنى: الأسد، بغض النظر عن كونها لغة من لغة العرب، هل بقي عليك شيء تحتاجه في هذا؟

    الجواب: لا، فإذا جئنا نبحث في لغة العرب، بالنسبة لنا نقول: إنها غير مفيدة إفادة مباشرة فيما يتعلق بالتفسير؛ لأن التفسير كما قلنا سابقاً: هو بيان معان، فلا يؤثر، ولا شك أنه نوع من أنواع علوم القرآن وهذا لا خلاف فيه.

    العلوم التي لها علاقة بمعرفة ما وقع في القرآن بغير لغة الحجاز

    [ فيما وقع فيه بغير لغة الحجاز ]، لو أردنا أن نرده إلى أصل علم من العلوم الكبرى، فنرده إلى غريب القرآن.

    الأحرف السبعة بناءً على القول: إن الأحرف السبعة هي لغات العرب، وكذلك لها علاقة بعلم كبير جداً هو علم النزول، أي: أن ما نزل بغير لغة قريش يسمونه في هذا المبحث، فإذاً يرتبط بعلم الغريب، ويرتبط بعلم النزول، ويرتبط أيضاً بالأحرف السبعة بهذا النوع، ويرتبط أيضاً بالقراءات من وجه، بناءً على أن بعض الوجوه المقروء بها مرتبطة بلهجات العرب، مثل: فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ [المائدة:3]، وفي قراءة: (واخشوني)، فمن العرب من يحذف الياء، ومنهم من يثبتها، وهي تدخل فيما وقع فيه بغير لغة الحجاز، من هذه الجهة ارتباطه بقراءته.

    علاقة ما نزل في القرآن بغير لغة الحجاز بالعقل والنقل

    هذا المبحث لو تأملناه فهل هو نقلي أو عقلي، أو نقلي يدخله العقل؟ لأنه في بداية كلامنا عن علوم القرآن قلنا: إن بعض علوم القرآن نقلية بحتة، وبعضها قد تكون عقلية في مسائل قليلة، وبعضها قد يكون عقلياً لكنه مستنبط أو مبني على أمر نقلي، فهل للعقل مجال فيه؟ لا يمكن؛ فلو قلت لك: بلغة من (قسورة)؟ فستقول: هذه بلغة شنوءة.

    فنقول لك: أين النقل الذي يدل على هذا؟ لأنه ما تدخل هذه في العقل.

    فإذاً هذا المبحث نقلي.

    مصادر معرفة اللهجات الواردة في القرآن

    والذي ينقل عنه إما أن يكون من مفسري السلف: الصحابة والتابعين وأتباعهم، وإما أن يكون من أهل اللغة الذين اعتنوا بنقل لغات العرب، فعندنا في هذا مصدران: إما تفسير السلف، وإما كلام أهل اللغة.

    دلالة جهل بعض الصحابة بعض معاني كلمات القرآن

    هذا المبحث نستنبط منه الفوائد المرتبطة بهذا النوع من أنواع علوم القرآن؛ فلو رجعنا إلى أثر ورد عن ابن عباس عند قوله في الآية: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ [الأعراف:89]، يقول ابن عباس : كنت لا أعلم ما معنى قوله: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ [الأعراف:89] حتى سمع امرأة يمانية تقول كلاماً، ففهم منها أن المراد بـ(افتح) بمعنى: اقض بيننا، والفتاح: القاضي بلغة أهل اليمن، فإذا أخذنا مثل هذا فإنه وقع بالفعل من خلال الآثار أن بعض الصحابة جهل بعض المعاني من المفردات.

    لكننا نؤكد مسألة وهي أنه لا يجهلها كلهم، لكن واحد منهم جهل، فنبحث الآن عن السبب، لماذا جهل أبو بكر معنى الأب؟ ولماذا جهل عمر معنى الأب؟ ولماذا جهل ابن عباس بعض هذه المعاني؟ وأقرب ما يمكن أن يقال: إنها نزلت بغير لغة قومه الذين هم قريش، وإنما كانت من لغة قوم آخرين من العرب، فعدم تداول هذه الكلمة فيما بينهم وعدم انتشارها يجعلها خافية على مثل ابن عباس ، أو على أبي بكر على جلالته، وكذلك عمر على جلالته، فلا يمتنع عقلاً أن يقع هذا، وأيضاً في نفس المسألة التي ذكرت عن عمر رضي الله عنه لما قال في قوله سبحانه وتعالى: أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ [النحل:47] أنه سأل: ما التخوف؟ فقام رجل من بني هذيل فقال: إنها لغتنا يا أمير المؤمنين التخوف التنقص، وذكر بيت أبي كبير الهذلي :

    تخوف الرحل منها تامكاً قرداً

    إذاً: من فوائد هذا النوع: أن خفاء بعض الألفاظ على بعض الصحابة يؤنس بأن تكون هذه اللفظة ليست من لهجة قومه، إنما نزلت بلغة قوم آخرين.

    العلة في وجود بعض الكلمات الغريبة في القرآن

    وأيضاً عندنا فائدة أخرى مرتبطة بقضية نحتاج إلى تأصيلها، ومرتبطة بحسن الكلمة في موقعها، فبعضهم يسمي الموسيقى: موسيقى اللفظ، وإن كان هذه العبارة عليها ملحوظات، فلو نأخذ قوله تعالى: كَلاَّ لا وَزَرَ [القيامة:11]، قال: [ وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الضحاك في قوله: (لا وزر) قال: لا جبل، وهي بلغة أهل اليمن ].

    لما نقرأ سورة القيامة نجد أن الفاصلة بين الآيات مبنية على الراء لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ [القيامة:1-2]، ثم قال: أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ [القيامة:3]، قال: بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ * بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ * يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ * فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ [القيامة:4-7] بدأنا الآن بفاصلة الراء، قال بعدها: وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ [القيامة:8-9]، إلى أن نصل إلى قوله: كَلاَّ لا وَزَرَ [القيامة:11]، فلو قلنا: كلا لا جبل بدل (كلا لو وزر) فإنه يتأثر مسمع الكلام، بمعنى أن اختيار هذه اللفظة من هذه اللهجة اليمانية في هذا المكان مقصود؛ لتحسين صوت اللفظ في السمع، فقد يقول قائل: إن هذا ينافي إعجاز القرآن، وينافي كمال البلاغة، وهذا ليس بصحيح، بل هو ضد هذا، بل هو من تمام إعجاز القرآن ومن تمام بلاغته، فاختيار اللفظ الذي لا يؤثر على المعنى، يؤدي المعنى ولا يؤثر عليه، ويكون الخلل في انتقال الكلام إذا كان يؤثر على المعنى، أو يكون زائداً لا حاجة له وهذا لا يوجد في كلام الله، أما أن يوجد في كلام الله اختيار لفظة تؤدي نفس المعنى، ويكون فيها تناسق من جهة الصوت، فهذا من قمة البلاغة، وهو نوع من الإعجاز، فأيهما أشهر في الإطلاق الأسد أو قسورة؟

    الأسد بلا شك، لكن لما قال الله سبحانه وتعالى: كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ [المدثر:50-51]، لو قيل: فرت من الأسد لصار هناك نبوء في الكلام.

    المقصد من هذا أن نقول: إن اختيار هذه الألفاظ من هذه اللهجات ما دام ثابتاً ووارداً فإنه نوع من إعجاز القرآن في اختيار الألفاظ المناسبة لهذه الفواصل، أو المناسبة حتى للمقام من أجل أداء المعنى، ما دام لا ينقص المعنى ولا يتأثر، وبناءً على هذا ما يدعيه بعضهم من أن يكون هذا نقص في الكلام وعي، نقول: هذا غير صحيح، بل هو من تمام البلاغة، ومن تمام الإعجاز، وقد يقال: كيف يذكر كلام من أجل التحسين الصوتي فقط؟ نقول: نعم، يذكر هذا، ولكنه تضمن تمام المعنى، فلا يأتي شيء يراد به تحسين الصوت فقط دون أن يكون فيه تمام معنى، فأي شيء يأتي لتحسين الصوت فإنه يكون تابعاً للمعنى، فلو اختل المعنى نقول: هنا إشكال، حيث اختلت البلاغة، ولكن ما دام لم يختل المعنى فنقول: هذا من تمام الإعجاز في اختيار هذه الألفاظ، والذي يدلك على أن هذا أيضاً بدقة هو أنه تأتي بعض القراءات خاصة في مثل (اخشوني) في الموطن الواحد بإثبات الياء وحذف الياء وأمثالها، فإذا رجعت وجدت أنها لهجات العرب، لكن هل وراء هذا اللفظ، أي: بإثبات الياء أو عدم إثبات الياء معنى؟ نقول: لا، وإنما المسألة مرتبطة بالصوت، ما دام المعنى فيها تاماً وكاملاً؛ لأن التمحل والتكلف في إيراد العلل في مثل هذه المواطن التي قد تقع من بعضهم، فنقول: إننا لا نحتاج إلى هذا ما دام هذا من كلام العرب، وهو وارد عندهم، وفي لغة بني فلان كذا، وفي لغة بني فلان كذا، فالمسألة فيها سعة، لا نحتاج فيها إلى تكلف علل.

    التوسع في البحث عن علل وجود الغريب في القرآن

    أقول أيضاً من باب الفائدة: إن البحث عن العلل، أو الحرص على البحث عن العلل في بعض المواطن المرتبطة بالنقل، أو مثل هذه القضايا المرتبطة بالصوتيات والأداء هو في الحقيقة بحث عن أمر لا يمكن، فليس فيه أكثر من أن يكون هكذا ورد عن العرب، فهذه من القواعد المهمة التي يحسن التنبه لها.

    والعلل المرتبطة بالأداء والصوت مثلاً: (ويخلد فيه مهاناً)، يقول حفص هنا: مد الهاء هاء الصلة من أجل التنبيه على عظم هذا العذاب، طيب وغيره الذي يمد هاء الصلة في كل موطن؟ فلا يصلح هذا التعليل، وإنما هي وجه إقرائي ليس له علاقة أبداً بقضية هذا التعليل فينتبه لمثل هذا الأمر.

    قول بعض السلف في بعض ألفاظ القرآن إنها بلغة اليمن أو نحو ذلك لا يعني عدم وجودها في لغة قريش

    وقول الواحد من السلف: إنها بلغة اليمن، أو بلغة طي، أو بلغة بني أسد، لا يلزم من هذا أن ينفى أنها من لغة الحجازيين بل قد تكون هي الأشهر والأكثر استعمالاً عند هؤلاء، وقد تكون أقل؛ وهنا قضية عقلية، وستأتينا في المعرب وهو قول الطبري ، ولما نأتي إلى هذه المسألة نجد أنها مسألة نقلية، فلم يرد نفي أن تكون من لغة الحجاز لم ينفوا، وإنما هم أشاروا أنها من لغة هؤلاء، فكونها من لغة هؤلاء لا يعني أنها ليست من لغة قريش، وكذلك أيضاً نقول: كونها وردت في القرآن أن الأصل فيها أن تكون من لغة قريش؛ لأنها لغة الرسول صلى الله عليه وسلم، والله سبحانه وتعالى يقول: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ [إبراهيم:4] أي: قومه الأدنون منه، ثم يأتي بعدهم ذلك، فنقول: الأصل لغة قريش ولا يحاد عنها إلا بالدليل، فقول واحد إثبات لكونها تلفظ عند أهل اليمن، وعند هؤلاء القوم، ولا يلزم منها أن تكون نفياً مطلقاً بأن تكون من لغة قريش، إلا إذا ورد في النص ما يدل على الإشارة إلى أنها ليست من لغة قريش ومن لغة الحجازيين، وهذه أيضاً مسألة ينتبه لها.

    وأما قول عثمان رضي الله عنه: فإذا اختلفتم أنتم و زيد فاكتبوه بلسان قريش، فإنه بلسانها نزل. فهذا مرتبط بالرسم، أي: اكتبوه بالرسم الذي يتناسب مع لسان قريش، وكونه يكتب بالرسم الذي يتناسب مع لسان قريش لا يمنع أن يقرأ بغيره، بدلالة أن هناك من المكتوب ما قرئ بما كتب به، وقرئ بغير ما كتب به، وقد سبق أن ناقشنا هذا لما تكلمنا عن الأحرف السبعة، وفصلنا، مثل قوله: وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ [التكوير:24]، فرسم في جميع المصاحف بالضاد، وفيها وجهان: (بظنين) بالظاء، و(بضنين) بالضاد، فهذا مثال وهناك أمثلة أخرى نقول: إنها دلت على أن المرسوم إنما هو المراد به تثبيت ما قرئ به، لكن المقروء يقضي على المرسوم، وهذه مسألة تكلمنا عنها سابقاً وأطلنا فيها، ومن المهم جداً أن ننتبه إلى هذه الحيثية، وهي التي سيأتي كلام الطبري فيها في المعرب، فننقل ما قاله الطبري في المعرب وحجته إلى هذا الموطن، فكونها تثبت لبني فلان لا يلزم أنها تنفى عن الحجازيين فقط، هذا من باب الفائدة.

    والأمثلة التي ذكرها المؤلف رحمه الله تعالى كثيرة، وهي منقولة كلها، وبعضها نسب إلى لغات كما تلاحظون، كلغة سعد العشيرة، وكندة، وغسان، وحضرموت، ومزينة، وسبأ، وجذام، وبني حنيفة.. إلى آخره، كل هذه لغات نسب إليها كثير من هذه الألفاظ.

    سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756256968