إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. مساعد الطيار
  5. عرض كتاب الإتقان
  6. عرض كتاب الإتقان (59) - النوع الستون في فواتح السور - النوع الحادي والستون في خواتم السور

عرض كتاب الإتقان (59) - النوع الستون في فواتح السور - النوع الحادي والستون في خواتم السورللشيخ : مساعد الطيار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد جاء القرآن على نسق متكامل من التدبير والإحكام، والبلاغة والفصاحة والصياغة، ومن ذلك براعة الاستهلال في فواتح السور وتنوعها واختلاف دلالاتها بشكل يحير الألباب، ويلفت الأنظار، وكذا براعة الخاتمة والانتهاء، ومناسبتها للحال والموضوع والسورة، وكل هذا من اللطائف القرآنية التي تعرف بالنظر والاجتهاد.

    1.   

    فواتح السور

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء المرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين.

    أما بعد:

    فنبتدئ كالعادة بكتاب الإمام السيوطي رحمه الله تعالى "الإتقان".

    وصلنا إلى النوع الستين في فواتح السور، فذكر ممن ألف في فواتح السور ابن أبي الإصبع ، و ابن أبي الإصبع كما ذكر عنه السيوطي تخصص في الكتابة فيما يتعلق ببلاغة القرآن، وكتابه هذا سماه "الخواطر السوانح في أسرار الفواتح" وقد لخص الإمام رحمه الله تعالى فوائد هذا الكتاب وزاد أيضاً عليها.

    هذا الموضوع وما يتعلق بأسرار الفواتح من خلال العنوان يظهر أنه يتعلق بالمعاني الثانوية، بمعنى أنه يتعلق فيما بعد التفسير؛ فهذا مرتبط باللطائف القرآنية.

    أنواع فواتح السور

    ذكر الإمام أن افتتاح سور القرآن عشرة أنواع، لا يخرج شيئاً من السور عنها:

    النوع الأول: [ الثناء على الله سبحانه وتعالى، والثناء قسمان: إثبات لصفات المدح، ونفي وتنزيه من صفات النقص.

    فالأول التحميد في خمس سور ]، وهي: الفاتحة والأنعام والكهف وسبأ وفاطر، وأيضاً تبارك في سورتين: سورة الفرقان وسورة الملك.

    والثاني: التسبيح في سبع سور، والتسبيح المقصود به التنزيه عن صفات النقص.

    وفي التسبيح لطيفة ذكرها الكرماني وهي تعتبر أيضاً من لطائف القرآن، بل هي دقيقة والتنبه إليها يعد أيضاً نوع من الدقة في الفهم للوصول إليها، ابتدأ في سورة بني إسرائيل بالمصدر، فقال: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى[الإسراء:1] قال: لأنه الأصل، بناءً على أن الأسماء والمصادر هي الأصل، وهي أدل على الثبوت، ثم بالماضي في الحديد والحشر والصف؛ لأنه أسبق الزمانين، ثم بالمضارع في الجمعة والتغابن وهو يدل على التجدد والاستمرار.

    ثم بالأمر في الأعلى قال: وهذا استيعاب لهذه الكلمة من جميع جهاتها، وهذا لطيف، بمعنى أن فواتح السور التي افتتحت بالتسبيح جاءت بجميع تصريفات اللفظة: المصدر والفعل الماضي والفعل المضارع وفعل الأمر.

    ومن باب اللطائف أيضاً أخر فعل الأمر بعد أن استوعبت هذه الجهات كلها فاستعد المسلم لأمر الله سبحانه وتعالى في قوله: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى[الأعلى:1]، وهذا يعد من اللطائف.

    النوع الثاني من أنواع الفواتح: حروف التهجي في تسع وعشرين سورة، وقد سبق أن تكلم عنها الإمام وقال: إنه يأتي الإلمام بمناسباتها في نوع المناسبات.

    النوع الثالث: النداء في عشر سور، خمس منها بنداء الرسول صلى الله عليه وسلم، في الأحزاب والطلاق والتحريم والمزمل والمدثر، أي: أنواع من النداءات للنبي صلى الله عليه وسلم، التي هي: يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ[المزمل:1]، يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ[المدثر:1]، يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ[التحريم:1]، وخمس بنداء الأمة النساء والمائدة والحج والحجرات والممتحنة، سواءً (يا أيها الذين آمنوا) أو (يا أيها الناس).

    النوع الرابع: الجمل الخبرية؛ نحو: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ[الأنفال:1]، بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ[التوبة:1]، أَتَى أَمْرُ اللهِ[النحل:1]، فهذه جمل خبرية، وهي في ثلاث وعشرين سورة.

    النوع الخامس: القسم في خمس عشرة سورة، سورة أقسم فيها بالملائكة وهي الصافات، وسورتان بالأفلاك، التي هي البروج والطارق، وست سور بلوازمها، يعني بلوازم هذه الأفلاك، ثم ذكر ما أقسم به مع وجود خلاف في بعض المقسم به مثل المرسلات ومثل النازعات؛ لأن النازعات على قول الجمهور وهو القول الصواب تدخل في الإقسام بالملائكة.

    النوع السادس: الشرط وهذا في سبع سور والتي هي "إذا" في قوله تعالى: إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ[الواقعة:1] وأمثالها.

    النوع السابع: الأمر في ست سور والتي فيها تصدير الأمر بالقول، يعني: قُلْ أُوحِيَ[الجن:1] وأمثالها.

    النوع الثامن: الاستفهام في ست سور: هَلْ أَتَاكَ[الغاشية:1] و هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ[الإنسان:1] و عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ[النبأ:1]، أَلَمْ نَشْرَحْ[الشرح:1]، أَلَمْ تَرَ[الفيل:1]، أَرَأَيْتَ[الماعون:1]، فهذه استفهامات.

    النوع التاسع: الدعاء في ثلاث: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ[المطففين:1]، وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ[الهمزة:1]، تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ[المسد:1].

    النوع العاشر: التعليل في: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ[قريش:1]، وليس هناك غيرها.

    قال: هكذا جمعها أبو شامة ، كما في الحاشية في "نور المسرى في تفسير آية الإسراء" قال صاحب الكتاب الذي هو صاحب السوانح: وما ذكرناه في قسم الدعاء يجوز أن يذكر مع الخبر، وكذا الثناء كله خبر إلا "سبح" فإنه يدخل في قسم الأمر و"سبحان" يحتمل الأمر والخبر؛ لأنه مثل قوله: الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[الفاتحة:2]، خبر يتضمن الأمر، ومثلها "سبحان" كأنه قال الخبر المتضمن للأمر، ثم ذكر نظم البيتين.

    الفوائد المستفادة من معرفة أنواع فواتح السور

    هنا نقف وقفة بعد أن ذكرنا هذه الأنواع، ونلاحظ الفائدة التي نستفيدها حال معرفة أنواع هذه الفواتح، وأنا أقترح لو أن واحداً صنع ما يعرف بالخرائط الذهنية لهذه السور بحيث أنه يجعل أنواع الفواتح ثم يفرع عليها عشرة أفرع، في كل فرع يشير إلى الأنواع التي ذكرها ثم مع كل فرع يذكر السور ومبتدآتها، فمثلاً: لما نفرع التفريع الأول: الثناء على الله سبحانه وتعالى، سواء كان الثناء من جهة المدح أو النفي والتنزيه من صفات النقص فيذكر السور الخمس المذكورة التي ابتدأت بالتحميد، أي: النوع الأول: الحمد، ثم يفرع عنه الخمس السور التي في الحمد، وتبارك في الفرع الثاني من النوع الأول، تبارك ثم يذكر السورتين والتسبيح ويذكر فيها السور السبع التي وردت وصيغها، التي هي "سبحان" و "سبح" و "يسبح" و"سبح".

    بهذا تكون عندنا اكتمل الفرع الأول الذي يتعلق بالثناء على الله تعالى.

    ثم ينتقل إلى الثاني فيخرج له من أنواع الفواتح الذي هو حروف التهجي وهي معروفة في تسع وعشرين سورة، يذكر حرف التهجي وسورته.

    ثم النداء هذا رقم ثلاثة يخرجه أيضاً، ثم يذكر أنواع النداءات، خمسة نداءات للنبي صلى الله عليه وسلم ويذكر السور وبداية النداء. وهكذا وتوضع في ورقة واحدة يمكن أن يتأملها القارئ وقد يستنبط منها استنباطات وفوائد على ما فعله السيوطي بين أيدينا هنا، وإلا لو أدخلنا ما ذكره عن أبي شامة فإننا سنجد أنه تقل أو تنحصر العشرة إلى أقل من ذلك.

    حسن الابتداء وبراعة الاستهلال

    ونأتي الآن إلى الفكرة الأخرى التي ذكرها الإمام السيوطي فيما يتعلق بقول أهل البيان؛ لأن هذا الموضوع له علاقة بعلم البلاغة، يقول أهل البيان: [ من البلاغة حسن الابتداء وهو أن يتأنق في أول الكلام؛ لأنه أول ما يقرع السمع، فإن كان محرراً أقبل السامع على الكلام ووعاه وإلا أعرض عنه، ولو كان الباقي في نهاية الحسن ]. وهذا يستقيد منه الخطباء والمتحدثون، إذا كان هناك أناس يتحدثون في شأن ما أو الخطباء لا بد من مراعاة حسن الابتداء.

    ورتب على حسن الابتداء قال: [ من الابتداء الحسن نوع أخص منه يسمى براعة الاستهلال، وهو أن يشتمل أول الكلام على ما يناسب الحال المتكلم فيه، ويشير إلى ما سيق الكلام لأجله ]. مثل السورة التي نقرأ فيها في تفسير الطبري ، التي هي سورة القيامة قوله سبحانه وتعالى: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ[القيامة:1] هذا يعد من براعة استهلال؛ لأنها أعطتنا موضوع السورة، فإذاً تكون براعة الاستهلال جزءاً من حسن الابتداء، وذكر مثالاً لذلك سورة الفاتحة وسبق أن ذكرنا ما ورد فيها من الخبر عن الحسن قال: [ أنزل الله مائة وأربعة كتب أودع علومها أربعة منها: التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، ثم أودع علوم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان القرآن ثم أودع علوم القرآن المفصل، ثم أودع علوم المفصل فاتحة الكتاب، فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة ]. هذا كلام الحسن أسنده البيهقي وغيره.

    هذه السورة التي هي سورة الفاتحة هي مطلع القرآن فوجودها في أول القرآن يعتبر من باب حسن الابتداء؛ لأنها اشتملت على جميع مضامين ما سيأتي من السور بعدها، وذكر ما يتعلق بهذا وأفاض فيه، وذكر مثالاً آخر في سورة "اقرأ" لأنها مشتملة على نظير ما اشتملت عليه الفاتحة من براعة الاستهلال؛ لكونها أول ما نزل من القرآن، لهذا لاحظ أن أول ما نزل من القرآن لو أنت راعيت الحال التي كان فيها الرسول صلى الله عليه وسلم والأمر الذي وجه إليه في قوله: اقْرَأْ[العلق:1]، ثم كونه يقرأ: بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ[العلق:1]، فهذا داخل ضمن براعة الاستهلال، والتنبيه على أن العلم إنما هو من الله سبحانه وتعالى وكأنه بداية؛ لأنك ستعلم ما لم تكن تعلم، ولهذا جاءت في البداية: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ[العلق:1-5]، يعني علم الإنسان - أي جنس الإنسان - ما لم يعلم، وسيخصه صلى الله عليه وسلم بنوع من العلم الذي يأتي من طريق الوحي، فهذا فيه نوع من براعة الاستهلال في هذا المقام.

    1.   

    خواتم السور

    النوع الحادي والستون: أيضاً لعلنا نأخذه سريعاً وهو في خواتيم السور، يعني الآن قابل النوع الذي هو في الفواتح بالخواتيم، فقال: [ هي أيضاً مثل الفواتح في الحسن؛ لأنها آخر ما يقرع الأسماع، فلهذا جاءت متضمنة للمعاني البديعة مع إيذان السامع بانتهاء الكلام؛ حتى لا يبقى معه للنفوس تشوق إلى ما يذكر بعد؛ لأنها بين أدعية ووصايا وفرائض وتحميد.. ] طبعاً لو صنع في الخواتم ما صنع في الفواتح؛ لكان حسن، وتأملوا فعل بعض الشعراء الذين استفادوا من هذا المنهج القرآني مثل المتنبي وغيره كثير منهم في آخر أبياته يأتي ببيت من الحكمة، أي: يضمن آخر بيت من شعره بيتاً من الحكمة؛ بحيث أنه يكون خاتمة أبيات هذه القصيدة، فيكون عنده براعة الاستهلال في الأول وعنده في الخاتمة أيضاً براعة في الانتهاء فيكون القارئ لقصيدته قد استوعب معاني ما ذكره ويبقى في ذهنه ما قاله أولاً، وما قاله آخراً، وهذا هو مراد الإمام فيما ذكره قبل قليل مما قرأته.

    وذكر أمثلة منها: الدعاء مثل ما اشتملت عليه آخر سورة البقرة، أو الوصايا التي ختمت بها سورة آل عمران، والفرائض التي ختمت بها سورة النساء، قال: وحسن الختم بها لما فيها من أحكام الموت الذي هو آخر أمر كل حيٍ، ولأنها آخر ما نزل من الأحكام، والتبجيل والتعظيم الذي ختمت به المائدة، والوعد والوعيد الذي ختمت به الأنعام، ثم بدأ يذكر مجموعة من هذه الخواتم.

    فمم ذكر في آخرها سورة: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ[النصر:1]، وهذه السورة إذا قيل إنها آخر ما نزل فتكون أيضاً فيها براعة في الخاتمة بحيث أنها منبهة على انتهاء مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومشعرة بدنو أجله صلى الله عليه وسلم، وذكر في ذلك الحديث المشهور في ادخال عمر ابن عباس في مجلسه، وتفسير ابن عباس له، وموافقة عمر لـابن عباس في هذا.

    وكذلك ذكر البراعة في أن آخر آية نزلت على قول كثيرين أنها: وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ[البقرة:281]، وهي آخر ما نزل من القرآن عند بعضهم على الإطلاق، فمثل هذا الختم بهذه الآية أو بتلك السورة أيضاً فيه براعة فيما يتعلق بالانتهاء وكأنه ختم الأمر بنزول القرآن بتقوى الله سبحانه وتعالى التي تعود عليها كثير من أعمال الإنسان. هذا ما يتعلق بالفواتح والخواتم.

    علاقة مبحث خواتم السور بالتفسير

    وكما نلاحظ لا شك أن مثل هذه تعتبر من باب اللطائف وليست مرتبطةً ببيان المعاني؛ ولهذا مثل هذا العلم الذي هو الفواتح الذي نتكلم عنه الآن ليس من باب التفسير، نحن لا نتكلم عن تفسير قوله تعالى: الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[الفاتحة:2] أو غيرها، وإنما نتكلم ما الذي بدئ به؟ وما نوع هذا البدء؟ هل هو خبري أو دعاء؟ فهذا أيضاً ليس من علوم التفسير وإنما هو من علوم القرآن.

    وكما نلاحظ أن مثل هذا أخذ بالاستقراء والنظر في هذه الفواتح، وكذلك الخواتم، وهذا النظر لا شك أنه نظر عقلي، بمعنى أنه لا يلزم أن يأتينا بمصدر نقلي يثبت لنا كذا أو كذا، لكن هناك شيء مرتبط بالتفسير من جهة ضيقة جداً وهي إذا قلنا: أن النازعات هي الملائكة سيتحول عندنا النازعات بدلاً من أن يكون من المكان الفلاني إلى المكان الفلاني فقط، أو كذلك إذا قلنا: إن السلف فهموا معنى هذه الآية على أنها على الخبر ولا تكون على الأمر، بناءً عليه نقول: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ[الإسراء:1] خبرية ولا تتضمن الأمر، فإذاً سيكون هناك جانب ضيق جداً لكن أصله كله عائد على أن يكون من علوم القرآن.

    ونقف عند هذا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756308214