إسلام ويب

عرض كتاب الإتقان (1) مقدمة المؤلفللشيخ : مساعد الطيار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ألف السيوطي رحمه الله كتابه الإتقان في علوم القرآن، وذكر في مقدمته سبب تأليفه لهذا الكتاب، والمؤلفات التي سبقته في هذا الفن، وقد أشار إلى جملة من المصادر التي اعتمدها عند تأليفه لهذا الكتاب، فكان كتاباً فريداً في بابه.

    1.   

    مقدمة مؤلف كتاب الإتقان

    الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين، وبعد:

    نبتدئ بعرض لكتاب الإتقان.

    وقد جرت العادة في عرض مثل هذا الكتاب بالتعريف بالمصنف, فالمصنف له ترجمات كثيرة، وهو علم مشهور، فلا يحتاج أن نأخذ أو نفيض في هذا؛ لأنه يمكن مراجعته من خلال ما كتب عنه في مقدمات المحققين لبعض كتبه، مثل: الإتقان، والدر المنثور وغيرها.

    والذي يعنينا هنا هو ما كتبه السيوطي رحمه الله تعالى في هذا الكتاب الذي هو الإتقان في علوم القرآن، وأيضاً لن ندخل في ذكر المصنفات التي قبل السيوطي ؛ لأن هذا ليس من مقاصد الدرس, لكن من أراد أن يستفيد في هذا الباب, الذي هو باب التاريخ وعلوم القرآن فعليه بما كتبه الشيخ خالد السبت , وألقاه في محاضرات, وهو موجود في ملتقى أهل التفسير.

    وكذلك محاضرات ألقاها الشيخ يوسف خلاوي في جدة العام الماضي, وهي أيضاً محاضرات مهمة جداً, تتعلق بنشأة علوم القرآن, فمن أراد أن يستقصي في هذا فعليه بهذين الشيخين: يوسف خلاوي وعنوان أشرطته: المكتبة القرآنية، وهي مخصصة في علوم القرآن، وكذلك الشيخ خالد السبت وهو موجود في ملتقى أهل التفسير.

    سبب تأليف الإتقان والمؤلفات التي سبقته

    فـالسيوطي توفي سنة تسعمائة وإحدى عشرة, وقد كتب كتابه تقريباً في القرن التاسع, أي في ثمانمائة وكسر, وقد سبق السيوطي كما أشار هو إلى من كتب قبله في هذا العلم, وقد ذكر أنه كان في زمان الطلب يتعجب من المتقدمين؛ إذ لم يدونوا كتاباً في علوم القرآن.

    ثم ذكر ما وجده عن أبي عبد الله محيي الدين الكافيجي ، من كتاب له بعنوان: التيسير في قواعد علم التفسير, ولم يشر إلى اسم الكتاب، لكن الكتاب مطبوع بتحقيق الدكتور ناصر بن محمد المطرودي, وقد أشار السيوطي إشارة مجملة إلى موضوعات هذا الكتاب وهي بالنسبة لما كتبه السيوطي قليلة؛ لأن الكافيجي تكلم عن معنى التفسير والتأويل، وعن معنى القرآن والسورة والآية, ثم تكلم عن شروط القول فيه بالرأي, ثم خاتمة في آداب العالم والمتعلم.

    وفيه موضوعات غير هذه لم يشر إليها السيوطي, لكنها بمجموعها لا تساوي شيئاً أمام ما كتبه السيوطي .

    ولهذا قال: فلم يشف لي ذلك غليلا، ولم يهدني إلى المقصود سبيلا.

    والكافيجي توفي سنة ثمانمائة وتسع وسبعين.

    ثم ذكر السيوطي كتاباً آخر وهو لـجلال الدين البلقيني وهو بعنوان: مواقع العلوم من مواقع النجوم، والذي أوقفه على هذا الكتاب هو أخو جلال الدين الذي هو علم الدين البلقيني , و البلقيني توفي سنة ثمانمائة وأربع وعشرين, أي: أنه قبل وفاة الكافيجي .

    وأما كتابه: مواقع العلوم من مواقع النجوم، فما المراد بالنجوم؟ ومن أين أخذ البلقيني لفظة النجوم؟ أخذها من أن القرآن نزل منجماً, يعني: كأنه أخذ هذه العلوم التي سيسميها على حسب نجوم القرآن, يعني: كأنه يقول: إنها علوم تنجيم القرآن, أي: العلوم المرتبطة بتنجيم القرآن.

    تقسيم موضوعات كتاب مواقع العلوم من مواقع النجوم

    وقد ذكر السيوطي تقسيم جلال الدين , وهذه من محاسن السيوطي فهو رحمه الله أحياناً ينقل بالنص بعض الفوائد التي لو لم يشر إليها لفقدنا معلومة مهمة، فقد أعطانا فكرة عن طريق التصنيف, وأنواع العلوم الموجودة في علوم القرآن ورتبه كما يقول جلال الدين على ستة أمور:

    الأول: مواطن النزول.

    الثاني: ما يتعلق بالسند.

    الثالث: ما يتعلق بالأداء.

    الرابع: ما يتعلق بالألفاظ.

    الخامس: ما يتعلق بالمعاني المتعلقة بالأحكام.

    السادس: المعاني المتعلقة بالألفاظ.

    وأدخل في هذه الأقسام في ترتيبه خمسين نوعاً من أنواع علوم القرآن, ثم ذكر أن هناك أنواعاً لا تدخل تحت الحصر، ذكر منها الكنى والألقاب، والمبهمات والأسماء.

    وأما فائدة كلام البلقيني وترتيبه هذا وتصنيفه فهو يفيدنا حقيقة في أننا بدلاً من أن نشتت ونوزع, ونتفنن في تفريع أنواع علوم القرآن, نجمع هذه الأنواع تحت كليات, فنجمع النظائر المرتبطة بالموضوع الواحد تحت كلية معينة, فمثلاً لما جاء يتكلم عن مواطن النزول وأوقاته ووقائعه, ذكر تحتها اثنى عشر نوعاً, ذكر المكي, والمدني, والسفري, والحضري, والليلي, والنهاري, والصيفي, والشتائي, والفراشي, وأسباب النزول, وأول ما نزل, وآخر ما نزل فكأننا نقول: هذا علم نزول القرآن, ويشمل هذه الأنواع, وقد يقول قائل: إنه ترك بعض الأنواع لم يذكرها في أسباب النزول, مثل نزوله بلغة العرب, ونزوله بغير لغة العرب, ونزوله على سبعة أحرف, فنقول: نعم, لكن على الأقل إنه هو الذي هدانا إلى أن نجمع كلما يتعلق بالنزول تحت نوع واحد، أو علم واحد وهو علم النزول.

    وأما ما يتعلق بالسند, فقد ذكر ستة أنواع وهي:

    المتواتر، والآحاد، والشاذ، وقراءات النبي صلى الله عليه وسلم، والرواة، والحفاظ.

    وهذا لو تأملناه فسنجد أنه متأثر بتقسيم علم الحديث؛ لأن علم الحديث سابق لتقرير علوم القرآن على هذه الشاكلة, وإن كان هناك مؤلفات سابقة، لكنها لم تكن بهذا التصنيف وقد تكون بجزء معين من علوم القرآن.

    وأما ما يتعلق بالأداء, فقد ذكر منه ستة أنواع: الوقف, والابتداء, والإمالة, والمد, وتخفيف الهمز, والإدغام. وهذا الذي ذكره يمكن أن يقال عنه: أنه أمثلة من الأداء, وليس هو كل الأداء, ولكن في النهاية يكون عندنا علم مرتبط بالأداء.

    فهناك قضايا لم يذكرها يمكن أن يدخل بعضها مع هذه التي ذكرها, مثل: قضية رسم المصحف، وضبط المصحف وشكله, إلى آخره، لكن يمكن إدخال هذه العلوم أو هذه الأنواع فيما ذكر.

    وأما ما يتعلق بالألفاظ, فقد ذكر: الغريب, والمعرب, والمجاز, والمشترك, والمترادف, والاستعارة, والتشبيه.

    فأدخل قضايا مرتبطة باللغة, وقضايا مرتبطة بالبلاغة في هذا الباب مع أنه سيأتي قضايا مرتبطة أيضاً بالبلاغة.

    وأما ما يتعلق بالمعاني المتعلقة بالأحكام, وهي أربعة عشر نوعاً: العام الباقي على عمومه, والعام المخصوص, والعام الذي بدء بالخصوص, وما خص فيه الكتاب والسنة, وما خصت فيه السنة الكتاب, والمجمل المبين, والمؤول, والمفهوم, والمطلق, والمقيد, والناسخ, والمنسوخ, ونوع من الناسخ والمنسوخ وهو ما عمل به من الأحكام مدة معينة, والعامل به واحد من المكلفين, ومثال واحد في القرآن كله عده نوعاً، مع أنه يوجد أشياء أخرى لم يذكرها, وهذه يمكن للإنسان أن يطلق عليها: عوارض الألفاظ, يعني: ما يعرض للألفاظ؛ لأن الأصل في اللفظ مثلاً: أن يبقى على عمومه, أو يبقى على إجماله.. إلى آخره, فتأتي هذه العوارض فتصرفه عن هذه المعاني.

    وأما ما يتعلق بالمعاني المتعلقة بالألفاظ، وهي خمسة:

    أنواع الفصل، والوصل، والإيجاز، والإطناب، والقصر.

    وهذه مرتبطة بعلم البلاغة, فلو قال: المتعلقة بالألفاظ من جهة البلاغة, وأدخل أيضاً معها الاستعارة والتشبيه, لدخلت في علم البلاغة, وتكون تلك دخلت في علم اللغة للأنواع السابقة, التي هي الغريب, والمعرب, والمجاز, والمشترك, والمترادف.

    ولكن على العموم هو تقسيم له فائدته في الحقيقة فهو يعطينا لبنة لأن نجمع المتناظرات في علوم القرآن, أو أنواع علوم القرآن ونجعلها في مكان واحد, وهو من أفضل التقسيمات وإن كان ليس شاملاً, لكنه على الأقل من جهة التقسيمات الكلية جيد.

    كتاب التحبير للسيوطي وما قام به في هذا الكتاب

    وقد ذكر السيوطي تأليفه لكتاب آخر هو التحبير, وذكر في التحبير مائة واثنين من الأنواع, وهذا من باب التفريعات, يعني: من حيث أنه مثلاً لو نظرنا إلى ما يتعلق بالأنواع, فالثاني والثلاثون: الإمالة, والثالث والثلاثون: المد, والرابع والثلاثون: تخفيف الهمز, والخامس والثلاثون: الإدغام, والسادس والثلاثون: الإخفاء, والسابع والثلاثون: الإقلاب, والثامن والثلاثون: مخارج الحروف.

    ثم قال: وهذه متعلقة بالأداء يعني: هذه كلها تكون متعلقة بالأداء، لكنه فصلها, فكم صار عندنا من نوع؟ لو عددناها سنجدها عدة أنواع؛ لأنها في النهاية ترجع إلى نوع كلي واحد، كان الأولى أن تجمع فيه ويختصر أو تختزل هذه الأنواع.

    وهو قد فعل ذلك لما بدأ يؤلف كتابه الإتقان, يعني أنه اختزل بعض هذه الأنواع وأدخل بعضها في بعض, مع أنه قال: لو أن الإنسان أراد أن ينشر هذه الأنواع مرة أخرى فقد يصل إلى أكثر من ثلاثمائة نوع, لكن هذا من باب التفنن في التقسيم, وهي ليست الطريقة الأولى في مثل هذا المقام.

    كتاب البرهان في علوم القرآن للزركشي

    وبعد أن ذكر ما قام به في التحبير, قال: [ هذا كله وأنا أظن أني متفرد بذلك, غير مسبوق بالخوض في هذه المسالك, فبينا أنا أجيل في ذلك فكراً, أقدم رجلاً وأأخر أخرى, إذ بلغني أن الشيخ الإمام بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي , أحد متأخري أصحابنا الشافعية, ألف كتاباً في ذلك حافلاً يسمى: البرهان في علوم القرآن، فتطلبته حتى وقفت عليه, فوجدته قال في خطبته.. ]، ثم بدأ يورد ما قاله صاحب البرهان في علوم القرآن, بدر الدين الزركشي ، والزركشي توفي سنة سبعمائة وأربع وتسعين, وبهذا يكون سابقاً للكافيجي وكذلك سابقاً لـجلال الدين البلقيني , وأيضاً كتابه شامل وحافل بالأنواع؛ ولهذا لما تنظر إلى الأنواع التي ذكرها تكاد تكون شبيهة في كثير منها بالأنواع التي ذكرها السيوطي .

    وفي هذا المقام أذكر رسالة مهمة جداً في هذا الباب, للأستاذ الدكتور حازم حيدر , هذه الرسالة مهمة للغاية, وأنا أنصح كل من أراد أن يقرأ في علوم القرآن, قبل أن يقرأ الإتقان أو البرهان, أن يقرأ هذه الرسالة؛ لأنه يأخذ من هذه الرسالة زبدة هذين الكتابين, كما أنه يأخذ زبدة ما يتعلق بأنواع علوم القرآن, فيكون عنده أرضية في هذه الأنواع, ثم إذا أراد أن يقرأ في البرهان أو الإتقان يكون عنده خلفية جيدة في موضوع علوم القرآن.

    واسم هذا الكتاب: علوم القرآن بين البرهان والإتقان, وهي رسالة مهمة جداً؛ لأنها تختصر موضوعات علوم القرآن كاملة.

    ثم ذكر السيوطي بعد ذلك ما ذكره بدر الدين الزركشي من الموضوعات التي طرحها وهي سبعة وأربعون نوعاً من أنواع علوم القرآن, وهذه السبعة والأربعون يمكن أن تختزل إلى مجموعات, ولكن لم يفعل أحد مثلما فعل البلقيني .

    ثم بعد ذلك يقول: [ولما وقفت على هذا الكتاب ازددت به سروراً، وحمدت الله كثيراً، وقوي العزم على إبراز ما أضمرته، وشددت الحزم في إنشاء التصنيف الذي قصدته ..] إلى أن قال: [ وسميته بالإتقان في علوم القرآن ], وأشار هنا إلى فائدة أنه جعله مقدمة لكتابه التفسير الكبير, قال: [الذي شرعت فيه وسميته بمجمع البحرين ومطلع البدرين الجامع لتحرير الرواية وتقرير الدراية], فهذا الكتاب هل هو موجود؟ هل كتبه السيوطي ثم فقد؟ الله أعلم، كل هذا في علم الغيب, عن حال هذا الكتاب.

    وهو كتاب مستقل، جامع بين الرواية والدراية, ولا يبعد إن كان الشوكاني رحمه الله تعالى قد اطلع على هذه المقدمة أن يكون قد استفاد منها طريقته التي سار عليها في كتابه: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية.

    وعموماً فقد ذكر السيوطي ثمانين نوعاً فقال هنا: [فهذه ثمانون نوعاً على سبيل الإدماج, ولو نوعت باعتبار ما أدمجته في ضمنها لزادت على الثلاثمائة, وغالب هذا الأنواع فيها تصانيف مفردة وقفت على كثير منها].

    كتب أخرى للمتقدمين في علوم القرآن

    ثم ذكر من سبقه بالتصنيف غير من ذكره سابقاً من المتقدمين, فذكر: [ فنون الإفنان في علوم القرآن لـابن الجوزي ] وهو مطبوع, ولكن مادته العلمية قليلة جداً, ثم ذكر: [جمال القراء للشيخ علم الدين السخاوي ], وهذا مرتبط باسمه جمال القراء وكمال الإقراء, وأغلب مادته مرتبطة بعلوم الأداء والقراءات.

    ثم ذكر: [ المرشد الوجيز في علوم تتعلق بالقرآن العزيز ], وأغلب هذا الكتاب مرتبط بالأحرف السبعة وما يتعلق بها.

    وهذا أيضاً مادته العلمية من جهة التنوع قليلة, وذكر: [البرهان في مشكلات القرآن, لـأبي المعالي عزيزي بن عبد الملك المعروف بـشيذلة ], وهذا لم أطلع عليه، يعني: هل طبع أو لا يزال مخطوطاً؟

    ثم قال: [وكلها بالنسبة إلى نوع من هذا الكتاب, كحبة رمل في الجنب رمل عالج], يعني: أنها قليلة أمام هذه الأنواع التي ذكرت, وهو محق في هذا, فإذا نظرنا إلى الأنواع ففي الحقيقة هي قليلة, لكن لو نظرنا إلى الكم, فجمال القراء مليء بالمعلومات, لكنه من جهة الأنواع أقل بكثير مما ذكره السيوطي .

    وهناك بعض الكتب ستجدونها مدونة باسم علوم القرآن, مثل المختزن في علوم القرآن للأشعري ، وهذا الكتاب لم يوقف عليه, لكي تعرف حقيقته, وعندنا كتاب اسمه الجامع لعلم القرآن, وفي بعض المخطوطات أو التراجم, يقولون: الجامع لعلوم القرآن، وهو لـأبي الحسن علي بن عيسى الرماني , وهو الآن موجود, وهو في حقيقته تفسير, ولكن مؤلفه رتبه ترتيباً حسناً, وإن لم يشر في الترتيب إلى عناوين, ولكنه في آخر كل آية في الغالب يقول: ومما تضمنته هذه الآية, ثم يذكر فائدة غالباً ما تكون مرتبطة بالاعتقاد المعتزلي؛ لأنه كان معتزلياً, فهذا الكتاب هو في الحقيقة تفسير، فهل ننطلق نحن من العنوان لتقرير أنه من كتب علوم القرآن, أو من المادة والموضوع؟

    أول كتاب يمكن أن يطلق عليه بأنه أول مصنف في علوم القرآن

    الصواب: أننا ننطلق من المادة والموضوع.

    فإذا انطلقنا من المادة والموضوع, فإنه لا يعنينا كون الاسم في علوم القرآن, وإنما يعنينا ماذا حوى الكتاب, فإذا كان يعنينا ماذا حوى الكتاب، فسنجد أن أول كتاب يمكن أن يطلق عليه بأنه مصنف في علوم القرآن هو كتاب الحارث المحاسبي , الذي هو: فهم القرآن؛ لأنه ضمن مسائل متعددة مرتبطة بعلوم القرآن, وأما الانطلاق من الاسم فيقع فيه الإشكال أن الكثير من العلماء أدخلوا في كتبهم مسمى علوم, وهي في الحقيقة تفسير, ومنها: التسهيل لعلوم التنزيل لـابن جزي , وهو في حقيقته تفسير.

    فإذاً المقصد من هذا أننا لا ننطلق من العنوان، وإنما ننطلق من مضمون الكتاب, فإذا كنا ننطلق من هذا، فإن أول كتاب مصنف في علوم القرآن هو كتاب فهم القرآن للحارث المحاسبي .

    أما ما ذكر للعلماء ولم يعرف مثل كتاب: محمد بن خالف المرزبان , المتوفى سنة مائة وتسعة, إن ذكرناه في مجال رصد كتب علوم القرآن فهو من منطلق الاسم, وقد اطلع على هذا الكتاب فوجد أنه يخرج عن علوم القرآن, مثلما خرج الجامع لعلوم القرآن لـعلي بن عيسى الرماني , وغيره من الكتب التي سميت بهذا أو اصطلح عليها بهذا المصطلح.

    وأصل هذه الكتب في الحقيقة وفي النهاية هي في علوم القرآن بالفعل, يعني: أن التفسير جزء من علوم القرآن، وهي لا تذكر فقط التفسير, بل تذكر جملة من المعلومات داخلة في علوم القرآن.

    علاقة كتاب التحبير في علم التفسير بعلوم القرآن

    من الملحوظات قبل أن ندخل في أسماء الكتب التي رجع إليها: أن السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه التحبير نسب الكتاب إلى علم التفسير؛ لأنه قال: التحبير في علم التفسير, وهنا قال: الإتقان في علوم القرآن,

    فهل يفهم من هذا أن السيوطي رحمه الله تعالى يرى ترادف هذه العلوم المنسوبة؟ يعني: سواء قلنا: علوم التفسير أو قلنا: علوم القرآن, أنها كمصطلح مترادفة.

    أو إن السيوطي ظهر له رأي آخر في أن الذي كتبه في التحبير أوسع من أن يكون من علوم التفسير، بل هو في حقيقته من علوم القرآن؟ هذه مسألة يحسن أن نتنبه لها؛ لأن السيوطي لما ذكر الأنواع في كتابه التحبير في علوم التفسير أشار إلى قضايا مرتبطة بعلم التفسير نصاً مثل: آداب المفسر, من يقبل تفسيره ومن يرد, غرائب التفسير، ومعرفة المفسرين, لكنه لم يتكلم عن التفسير كعلم, ولما جاء في الإتقان ذكر فيه علم التفسير, فذكر الباب السابع والسبعون: في معرفة تأويله وتفسيره وبيان شرفه والحاجة إليه, فهذا فيه إشارة إلى علم التفسير.

    والمقصد من هذا أننا يجب أن ننتبه إلى مسألة النسبة والإضافة لما نقول: علوم التفسير, ولما نقول: علوم القرآن فالتفسير في حقيقته جزء من علوم القرآن، وما ذكره السيوطي في التحبير أوسع من أن يكون من علوم التفسير, إنما هو أعم، بل هي علوم تفسير وإضافة شيء عليها من علوم القرآن كثيرة.

    ولهذا العنوان الذي عنون به هنا أو الإضافة التي أضافها في علوم القرآن أولى من الإضافة في كتابه الأول.

    أسماء الكتب التي اعتمدها السيوطي في تأليف الإتقان

    ذكر أسماء الكتب, قال: [ وهذه أسماء الكتب التي نظرتها على هذا الكتاب, ولخصته منها ], ثم ذكر جملة من المصادر المتنوعة: كتب نقلية في التفسير, وذكر من جوامع الحديث والمسانيد, ما لا يحصى ولم يشر إليه, وذكر كتب القراءات المتعلقة بالأداء، وذكر كتب اللغات والغريب والعربية والإعراب, وذكر كتب الأحكام وتعليقاتها, والكتب المتعلقة بالإعجاز وفنون البلاغة, ومن الكتب فيما سوى ذلك من الأنواع ذكر جملة منها، ثم كتب في الرسم، ثم ذكر جملة من الكتب الجامعة, ثم ذكر تفاسير غير المحدثين, وهي من تفاسير المتأخرين.

    وهذه المصادر التي ذكرها هي أشبه بطريقة ما يعرف الآن بمصادر المؤلف, يعني: حينما يؤلف مؤلف كتاباً, يذكر مصادره في نهاية الكتاب, إلا أن السيوطي رحمه الله تعالى, ذكر هذه المصادر في بداية كتابه, وعنده كما ذكر مؤلفات كثيرة جداً.

    وهذا عندنا فيه فائدة, وهي أنه عنون لأنواع الكتب التي نقل منها, يعني: مثلاً لما ذكر الكتب النقلية, ويريد بالكتب النقلية: الكتب التي تسند؛ ولهذا ذكر مثلاً: [ تفسير ابن جرير, وابن مردويه, و ابن أبي حاتم , و أبي الشيخ , و الفريابي , و عبد الرزاق , و ابن المنذر .. ] إلخ.

    وذكر منها جملة من كتب مرتبطة بفضائل القرآن، مثل: فضائل القرآن لـأبي عبيد , و لـابن أبي شيبة , وأيضاً كذلك الرد على من خالف مصحف عثمان لـأبي بكر الأنباري , ومجموعة أخرى من الكتب، واعتبرها نقلية.

    والمقصد من هذا أننا نستفيد من هذه العنونة لهذه الكتب, لكن يظهر والله أعلم أن السيوطي لم يكن يريد الدقة في العنونة وما تحتها؛ ولهذا لما تكلم عنه، قال: [ ومن كتب اللغات والغريب والعربية ], والإعراب: هو جمع ما يتعلق بغريب التفسير وما يعرف بغريب القرآن؛ لأنه أشار إلى الغرائب والعجائب للكرماني , وهذا في حقيقته في غرائب التفسير وعجائب التأويل, وليس مثل كتاب غريب القرآن لـابن قتيبة , أو للعزيزي ، فإن هذه في بيان ألفاظ القرآن, وإنما هو أراد أو قصد أن يشير إلى جملة هذه المصادر التي رجع إليها.

    كذلك نستفيد من هذه الأسماء, أن السيوطي اطلع على بعض ما هو مفقود بالنسبة لنا اليوم؛ ولهذا مثلاً في أحكام القرآن, ذكر أحكام القرآن لـإسماعيل القاضي, والكتاب بالنسبة لنا اليوم مفقود، لم يوجد منه إلا أجزاء صغيرة جداً, يعني: يوجد منه أجزاء صغيرة جداً, أما تمام الكتاب فهو مفقود, فكون السيوطي يذكره في مصادره، فهذا فيه إشارة إلى أنه كان من مصادر السيوطي ومما اطلع عليه.

    كذلك تفسير أبي الشيخ مثلاً, وكذلك تفسير الفريابي , وكذلك تفسير ابن المنذر , فالمقصد من هذا أن هذه التفاسير التي هي مفقودة بالنسبة لنا هي في حقيقها كانت بالنسبة له موجودة.

    كذلك نستفيد منها عناوين بعض الكتب, أو أن بعض الكتب هي في الحقيقة جزء من كتاب؛ ولهذا لما جاء عند تفسير سعيد بن منصور , قال: وهو جزء من سننه؛ ولهذا إذا قال: وأخرج سعيد بن منصور فهو يريد كتاب التفسير الذي هو جزء من السنن.

    وهذا مثل التفسير من كتاب النسائي الكبير, أو التفسير من كتاب المستدرك؛ ولهذا هو أشار، وقال: [ والحاكم , وهو جزء من مستدركه ], ففيه إشارة إلى أنه جزء من كتاب المستدرك.

    وأيضاً كتاب القواعد في التفسير لـابن تيمية ، الذي ذكره ضمن كتب اللغات والعربية والإعراب, وهذا من باب توسع السيوطي في ذكر مصدر تحت عنوان لا يتناسب معه, والمراد به المقدمة المطبوعة باسم: مقدمة في أصول التفسير لـشيخ الإسلام رحمه الله تعالى.

    وعلى العموم فإن فيها فوائد كثيرة كما سبق, وأيضاً فهي تدل على سعة إطلاع السيوطي رحمه الله تعالى على هذه المصادر، وأنها كانت بين يديه.

    عدم عناية المتقدمين بتعريف علوم القرآن وسببه

    وأذكر هنا مسألة وهي أن المتقدمين لم يعنوا بتعريف في علوم القرآن, كفن مدون, فلا نجد أن أحداً ممن كتب في علوم القرآن، سوى ما ذكره صاحب البرهان, أشار إلى تعريف علوم القرآن, وهنا تأتينا مسألة مهمة, وهي تعريف العلوم، فهل تعريف العلوم شرط في معرفة العلم, أو لا؟ بمعنى: هل أني لا أستطيع أن أفهم العلم إلا بمعرفة تعريفه؟ يعني: هل هي شرط لازم؟

    نعم لا تشترط, لكن هل هي مهمة لمعرفة العلم أو لا؟ هي مهمة للتمييز بين العلوم, خصوصاً إذا كانت العلوم مرتبطة بمصدر واحد, على سبيل المثال: لما نأتي إلى علم التجويد مثلاً وعلم القراءات, هل يمكن التمييز بين علم التجويد وعلم القراءات؟ مع أن علم القراءات مرتبط بالأداء, وعلم التجويد أيضاً بالأداء, فهنا نحتاج إلى التعريف؛ لأنه يميز لنا الفرق بين هذا العلم وبين هذا العلم, مع أن الارتباط واحد, الذي هو مرتبط بالأداء, وهل يلزم من التعريف أن يكون جامعاً مانعاً على حد المناطقة في تعريف العلوم الإسلامية أو لا؟ لا بد أن نناقش قضية الجامع والمانع, لكن المقصد أن ننتبه إلى أن بعض من يتعرض لتعريف العلوم الإسلامية يحرص على الحد الجامع المانع, وهذا من حيث هو جيد, لكن هل يستطيع أن يطبق الحد الجامع المانع في تعريف العلوم الإسلامية؟

    الجواب: أنه لا يستطيعها في جميع هذه العلوم، وقد تنضبط بعض العلوم, لكن كثيراً من العلوم لا تنضبط بالحد الجامع المانع؛ ولهذا من الطرائف أني سمعت أن واحداً من علماء الأصول المعاصرين, كتب في تعريف الأصول كتاباً خاصاً بتعريف أصول الفقه, وكل تعريف ذكره يورد عليه إيرادات, واعتراضات, حتى خلص إلى تعريف يرى أنه مناسب, ثم قال: ولا يخلو هذا التعريف من اعتراضات, يعني: كل الكتاب في تعريف أصول الفقه, فذكر التعاريف ثم بعد ذلك خلص إلى تعريف, ونبه إلى أن هذا التعريف لا يخلو من اعتراضات؛ لأنه ذهب إلى الحد الجامع المانع؛ ولهذا أنا في رأيي أن العلوم يكفي في تعريفها ما يوصلها إلى السامع, فإذا عرفها السامع, فهذا كافٍ في ذلك, كأن يعرفها بالمثال؛ ولهذا لا تجد أحداً من المعاصرين يستطيع أن يقول: إن عندي تعريفاً جامعاً مانعاً لعلوم القرآن, لا يمكن ذلك؛ ولهذا إذا جاءوا يعرفونه: يقولوا هو العلم الذي يبحث في.. ثم يذكر جملة من مباحث علوم القرآن، في المكي والمدني, والناسخ والمنسوخ و ... إلخ.

    ولا يعترض عليهم بهذا؛ لأنه إذا تعرف العلم بالمثال فهذا كافٍ؛ لأن المقصد أن يعرف هذا العلم, لكن حينما يأتي علم آخر قد يكون بينه وبين هذا العلم مداخلة، هنا نحتاج إلى بيان الفرق, مثلما نقول: علوم التفسير وعلوم القرآن, يعني: ما الفرق بين علوم التفسير وعلوم القرآن, فهنا نحتاج إلى حدود معينة كي تفصل لنا بين هذا العلم وبين هذا العلم, أو كما ذكرت بين علم التجويد وعلم القراءات, فهنا نحتاج إلى ما يجعلنا نفصل بين هذا العلم و هذا العلم.

    أما من حيث الجملة, فإنه إذا عرف العلم ولو بالمثال، فإنه كافٍ في تعريفه.

    فهذا ما يتعلق بالمقدمة, ونقف عند هذه المقدمة.

    1.   

    الأسئلة

    موقع علم التفسير من علوم القرآن الكريم

    السؤال: هل التفسير يدخل في علوم القرآن؟

    الجواب: نعم، التفسير يدخل في علوم القرآن, فهو جزء من علوم القرآن.

    ثمار تعريف علوم القرآن

    السؤال: هل نعتبر أن من ثمار تعريف العلم فقه النصوص التي ورد فيها؟ فمثلاً حديث: ( يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله, فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ), يعني أن من ثمار تعريف علم القرآن أن نفهم معنى (أقرأهم) في هذا النص، كقول ابن عباس و عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما: (أنا أعلمهم بكتاب الله) يعني: حد العلم بكتاب الله, فهذا يكون ثمرة من ثمار تعريف العلم, فيفهم تفسير النصوص, ويعرف معنى (أقرأهم) في هذا الحديث.

    الجواب: هذه مصطلحات خاصة، وليست تعريف علوم, فهذا مصطلح, يعني: ما المراد بـ(الأقرأ) بـ(الأفقه).. إلخ, لكن العلوم التي تشكلت: علم الفقه, علم أصول الفقه, علم التجويد, علم القراءات, فهذا الذي نتكلم عنه, أنه لا يحتاج إلى حد جامع, لكن مثل هذه لا بد من معرفة من المراد, بالأقرأ بالأفقه.. إلخ, هذا لا بد منه؛ لأنه أصلاً الأقرأ والأفقه هو في المصطلحات الإسلامية, وحتى لو اعتبرناها مصطلحات نبوية لبعض الأشياء, ففي العلوم الإسلامية افترقت؛ لأن التعريفات صارت على غير ذلك, وهذا يدخل في تطور المصطلحات, وهذه مسألة واسعة جداً، وقد أشرنا إلى قضية علوم القراءات, وقلنا: أن علوم القرآن شامل لجميع ما يتعلق بالقرآن من علوم وليس المراد تحفيظه فقط.

    فمثلاً عندما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه )، هل ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، المراد به التحفيظ فقط؟ أو هو شامل لجميع علوم القرآن؟ الأصل أنه شامل لجميع علوم القرآن؛ لأنه لم يخصص الرسول صلى الله عليه وسلم نوعاً من العلم المنسوب إلى القرآن, قال: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه )، فمن تعلمه: حفظه, ومن تعلمه وتعليمه: الإقراء, ومن تعلمه وتعليمه: معرفة علومه التي تنسب إليه, فهذه كلها داخلة في معنى قوله: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ).

    وهذا يدعى إليه كثيراً وهو أن النصوص الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك المصطلحات, التي استخدمها الصحابة, واستخدمها كذلك التابعون وأتباع التابعين قد فقه نصها والمراد بها, فمثلاً في رواية عن أحد التابعين، يقول: ما كنا نعد الراوية إلا راوي الشعر, إذا قيل فلان راوية, يكون راوي من الشعر, ولا العالم إلا العالم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    إذاً: فهذا مصطلح عندهم, ولكن إلى أي زمن كان موجوداً؟ وفي أي زمن انتهى؟ يعني قوله: (ما كنا نعد), معنى: ذلك أنه دخل مصطلح الراوية, دخل في غير راوي الشعر, فأشار إلى هذا, فهذه المسألة داخلة في تطور المصطلحات, ولما أقول: تطور المصطلحات، لا يعني: أنه تطور يعني: نما لا, إنما التغير الذي حدث بمعنى أنه كان يطلق في ذلك الزمن على معنى معين, وفي الزمن الذي بعده اتسع أو ضاق, فالنسخ مثلاً كان واسعاً فضيق, ومصطلح الراوية كان ضيقاً فوسع.

    فهذه التسمية صحيحة جائزة، لكن لا شك أن التسمية النبوية مقدمة على غيرها.

    جوانب القصور في البحث في أسماء السور

    السؤال: [ ما المراد من أن بحث أسماء السور لم يشبع؟ ]

    الجواب: هناك قضايا كثيرة مرتبطة بهذا الموضوع، مثلاً: حكمة التسمية، وقضية جواز التسمية، والسورة التي لها أكثر من اسم، ففيها مسائل متعددة في الموضوع.

    ومثلها أيضاً مما يدخل في هذا الباب: الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والثابت عن الصحابة رضي الله عنهم، والثابت عن التابعين وأتباع التابعين الذي سميت به السور بعدهم، كل هذا داخل ضمن البحث، ولذا نقول: إن الموضوع واسع ويحتاج إلى طرق.

    فوائد من أثر ابن عباس: (كانت إذا نزلت فاتحة سورة بمكة كتبت بمكة ..)

    وما أشار إليه في رواية ابن الضريس في فضائل القرآن عن ابن عباس قال: (كانت إذا نزلت فاتحة سورة بمكة كتبت بمكة، ثم يزيد الله فيها ما شاء، وكان أول ما أنزل من القرآن: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق:1]) إلى آخره. فهذه أول فائدة نلاحظها لقضية كتابة القرآن في مكة، والآثار في كتابة القرآن بمكة شحيحة وتحتاج إلى بحث، ومن المشهور حديث إسلام عمر رضي الله عنه وإن كان فيه مقال، إلا أن فيه إشارة إلى التدوين، وأن سورة طه كانت مكتوبة. فهذا يحتاج أيضاً إلى بحث.

    والفائدة الثانية: أن إطلاق المكي والمدني عندهم بناءً على أول السورة.

    فالأصل في مقدمة السورة، فإذا قلنا: نزلت سورة كذا بمكة، فلا يلزم أن كلها نازل في مكة، كما أنه لا يلزم أن كلها نزلت في وقت واحد، فسورة (اقرأ باسم ربك الذي خلق) واضح قطعاً منها أنها نزلت في أوقات متفرقة، فالخمس الآيات الأول هي أول ما نزل من القرآن على الإطلاق، وأما ما بعد هذا من ذلك كان بعد ظهور الدعوة؛ لأن محاربة أبي جهل للنبي صلى الله عليه وسلم ونهيه عن الصلاة إنما كان بعد ظهور الدعوة.

    فإذاً كل هذه الآثار التي عند السيوطي أو غيرها كلها تدل على أن عبارة السلف في المكي والمدني كانت تعنى بالمكان أي أنها نزلت بمكة، ولكن كما سبق أنه لا يلزم من كونها تعنى بالمكان أنها أقد أهملت الزمان، فهل هناك من السور سورة نزلت في المدينة يعني: نزلت بعد الهجرة وكان نزولها بمكة، فنسبت إلى مكة؟ يعني: هل هناك سورة ذكرت أنها مدنية من جهة الزمان ومكية من جهة المكان؟

    فإذا وجدت فينظر كيف عبر عنها السلف؟

    أما الآيات فواضح عندنا مثل حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما تكلم عن آية: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة:3] أنها نزلت بعرفة، وعرفة لاشك أنها تعتبر من جهة الزمان مدنية وإن كانت من جهة المكان تكون ملحقة بمكة.

    نقف عند هذا لأن هذا موضوع آخر طويل، ومن أراد أن يستفيد فليرجع إلى كتاب المكي والمدني للدكتور عبد الرزاق حسين أحمد ، وهو كتاب نفيس في موضوع المكي والمدني.

    كون ما نزل في الغزوات والسرايا من المدني

    السؤال: هل الآيات التي نزلت في السرايا أو الغزوات يعتبرونها مدنية؟

    الجواب: إي نعم، هي واضح جداً مثل تبوك وغيرها.

    سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755994579