إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. مساعد الطيار
  5. عرض كتاب الإتقان
  6. عرض كتاب الإتقان (22) - النوع السابع عشر في معرفة أسمائه وأسماء سوره

عرض كتاب الإتقان (22) - النوع السابع عشر في معرفة أسمائه وأسماء سورهللشيخ : مساعد الطيار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • القرآن كتاب الله العظيم، وردت له في القرآن أسماء وأوصاف كثيرة، ومن ذلك: الفرقان والتنزيل والكتاب والذكر. وقد اختلف العلماء في أصل مادة القرآن بين قرأ وقرن، والصواب أنها من قرأ. وقد يطلق على القرآن التسمية بالمصحف ويراد به القرآن.

    1.   

    معرفة أسماء القرآن وأسماء سوره

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين.

    فعندنا هذا النوع السابع عشر في كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي .

    أما هذا النوع وهو معرفة أسمائه وأسماء سوره، يعني: معرفة أسماء القرآن وأسماء سور القرآن، فذكر قولاً للجاحظ ، قال: [ سمى الله كتابه اسماً مخالفاً لما سمى العرب كلامهم على الجمل والتفصيل؛ سمى جملته قرآناً كما سموا ديواناً، وبعضه سورة كقصيدة، وبعضها آية كالبيت، وآخره فاصلة كقافية ].

    هنا يريد أن يقول: إن الله سبحانه وتعالى ميز ما يتعلق بالقرآن. سمى جملته قرآناً، وهناك أسماء أخرى، والعرب كانت تسمي القصيدة ديواناً، لكن ليس مشهوراً عن العرب أن تسمي ديواناً، ما كان هناك: ديوان فلان وديوان فلان، إنما كان هناك شعر فلان شعر فلان، فعبارة الديوان جاءت متأخرة وكان يقصد بها مجموع شعر الشاعر، هذا جاء متأخراً.

    وقوله: (وبعضه سورة كقصيدة)، هذا ممكن المقابلة بينهم؛ لأن القصيدة كانت مشهورة عندهم، يعني: القصيدة الفلانية، ويكون لها اسم إما بحادثة واقعة وقعت فيها، أو باسم علم ذكر فيها، أو باسم مكان، فالعرب تشير إلى اسم هذه القصيدة.

    التمييز بين المصطلحات الشرعية وغير الشرعية

    وقوله: (وآخره فاصلة كالقافية)، والفاصلة ليست مصطلحاً شرعياً، وإن كان وارد كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ [هود:1]، لكن الفاصلة جاء التعبير عنها متأخراً، فالمقصد أن هناك خلطاً في هذه بين بعض المصطلحات الشرعية، وبعض المصطلحات غير الشرعية، ولذا يجب أن نفرق دائماً بين المصطلح الشرعي وهو الذي نطق به القرآن ونطقت به السنة، والمصطلح غير الشرعي وهو ما اصطلح عليه العلماء، ولهذا بعض الباحثين يخلط بين الموضوعين، على سبيل المثال: تعريف التجويد شرعاً، مع أنه ليس هناك في الشرع تعريف للتجويد، لكن تعريف الصلاة شرعاً نعم ممكن؛ لأن الصلاة مضبوطة في الشرع بأنها كذا وكذا وكذا، واللي يعبر عنها مبتدأة بالتكبير، ومختتمة بالتسليم، هذا ممكن، والتفريق بينهما يجب أن ينتبه له، يعني: عندنا شيء قد علم من الشرع نسميه شرعياً، وشيء قد عرف من تحرير العلماء نسميه مصطلحاً ليس شرعياً، يعني: مصطلح العلماء مصطلح شرعي، وفرق بين هذا وهذا. وكذلك الكلام هنا فيه إشكال من هذه الجهة، بعضه مما اصطلح عليه شرعاً، وبعضه مما اصطلح عليه عند العلماء.

    فإن قيل: هل يقال: ورود المصطلح مثلاً الصلاة وردت في الشرع، لكن تعريفها ما ورد نصاً في الشرع؟

    نقول: هذا صحيح، لكنه مستنبط من كلام الشارع قطعاً.

    بمعنى هناك أشياء شرعية مذكورة بالوصف يستنبط التعريف منها، والتعبير عنها قد يكون من مصطلح العلماء، لكن أصل التعبير عنها شرعي، يعني: أصله شرعي وإن كان تعبير العلماء قد يكون اجتهاداً، فهذا نسميه مصطلحاً شرعياً، لكن لما نأت إلى علم من علوم التفسير كالتجويد نقول: هذا اصطلاح علماء ما هو اصطلاح شرعي، هذا الفرق بينهما.

    ولذلك إذا قلنا: ما هي الصلاة الشرعية؟ تقول: الصلاة الشرعية هي كذا كذا كذا تصفها، هذا راجع إلى الشرع، لكن ليس في كلام الله أو كلام النبي صلى الله عليه وسلم شيء يشير إلى كذا أو كذا من العلوم، أو غيرها من التعريفات.

    وما ذكره عن أبي المعالي عزيزي بن عبد الملك المعروف بـشيذلة ، وهذا له كتاب اسمه البرهان في مشكلات القرآن، وهو ينقل من هذا الكتاب، يقول: [ اعلم أن الله سمى القرآن بخمسة وخمسين اسماً ] ثم ذكر جملة من الأسماء.

    أسماء القرآن ودلالتها على الوصفية

    ثم قال: [ وسماه أربعة أسماء في آيتين واحدة: صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ [عبس:13-14] ] إلى آخره.

    وهنا الحقيقة إشكال علمي أصلاً في التسمية والوصف، يعني: ما الفرق بين الاسم والوصف؟ وهذه قضية معضلة، بمعنى لما نقول مثلاً: الله اسم، لكن لا يمكن أن يكون هو بذاته وصفاً، بمعنى: هو اسم، وكون يشتق منه وصف أو كذا شيء آخر، لكن ليس وصفاً، لكن لما أقول: رحيم هذا اسم وإلا وصف؟ اسم ووصف، لكن كونه وصفاً من أين أخذناه؟ وكونه اسماً من أين أخذناه؟ كيف جعلناه اسماً ووصفاً؟

    كل اسم يلزم منه صفة، وليس كل صفة يلزم منها اسم، وما هناك إشكال في القاعدة ولا نختلف عليها، لكن الإشكالية الدقيقة كيف نفرق بين هذا جعلناه اسماً وهذا جعلناه صفة، يعني: لماذا جعلنا هذا اسماً وهذا جعلناه صفة؟

    على سبيل المثال لما نأت إلى قوله: قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ [يوسف:51]، هل العزيز هذا اسم أو صفة؟ صفة.

    ولما قال: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [غافر:8] بالنسبة لله، هل العزيز اسم أو صفة؟ هو اسم.

    وهناك مثال آخر ذكره عن شيذلة قال: صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ [عبس:13-14]، هو جعلها أسماء، يعني: سماها الصحف، وسماها المكرمة، وسماها المرفوعة، وسماها المطهرة، هل هذه أسماء أو أوصاف؟ هي أوصاف، يعني: ظهرت الوصفية، فنحتاج إلى التمييز بين الاسم والصفة.

    وعندنا ثلاث مراتب: مرتبة الاسمية المحضة، ومرتبة الاسمية المضمنة للصفة، ومرتبة الوصفية المحضة. يعني: مثلاً وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ [الزخرف:2]، أو (القرآن)، هو لما يقول: القرآن هذا أكيد اسم لكنه متضمن لصفة، لكن هناك أسماء قد تكون اسمية محضة، يعني: لماذا سمي كذا؟ ما ندري لماذا سمي، لكنه لا نعلم لماذا سمي، ولا نعرف له اشتقاقاً فيعتبر تسمية محضة، وأحياناً نفس الأسماء أسماء الناس هي من جهة اسم محض، ومن جهة هي وصفية معينة، يعني: من جهة أنه لماذا سمي كذا؟ ما ندري لماذا، لكنه من حيث نأخذ نفسه له اشتقاقات، ويمكن يكون له وصفية، مثلاً لما يسمى الوليد، ولماذا سمي الوليد؟ ما نعرف، لكن نعرف أن الوليد مشتق من الولادة، فهناك معنى الوصفية.

    المقصود أن هناك إشكالاً في قضية الاسم والوصف، وهناك بعض الأشياء واضح أنها وصفية، مثلما ذكرنا الآية التي ذكرت أربع صفات هي في الحقيقة وصفية وليست اسمية، الكتاب اسم، والقرآن اسم، والذكر اسم، فكأن عندنا أن (أل) إذا دخلت على اللفظ فإنها تعتبر قرينة، وليست أصلاً، إنما نقول: قرينة دالة على الاسمية، يعني: ما هي أصل، لكنها قرينة دالة على الاسمية، ونزع (أل) منه قرينة دالة على الوصفية.

    كذلك أيضاً عندنا قضية النسب، يعني: الاسم الثابت الذي تنسب إليه الأسماء، فكونه ينسب إليه دلالة على الاسمية، على سبيل المثال (الله) لما نقول: الله هو الرحمن الرحيم الخالق.. إلى آخره، لكن ما نأتي نقول: الخالق هو الله؛ لأن هذا قليل ونادر جداً.

    المقصد من ذلك أنه كونه يكون اسماً ويلحق بأوصاف، سواءً كانت أسماء ذات، أو أوصاف دالة على الاسمية.

    وهذا نلاحظه في القرآن مثل قوله: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [البروج:21-22] إلى آخره، نحن نقول: قرآن اسم، لماذا؟ لأنه ثبتت تسميته في غير هذا الموطن، فقلنا: القرآن، وكريم ومجيد هذه ليست أسماء إنما هي أوصاف، فالمقصد من ذلك أنها صارت تابعة للاسم، والاسم كما نلاحظ تضمن الوصف، لكنه يكون علماً على القرآن، مثلما ذكرنا: الكتاب، والفرقان، والذكر، والقرآن، كل هذه تعتبر أسماء للقرآن، وهي متضمنة لصفات.

    وممكن السياق يدخل أيضاً من القرائن.

    إذاً نلاحظ أن عزيزي رحمه الله أدخل جملة من الأوصاف في الأسماء، وعلى العموم هي هذه الإشكالية العلمية في التفريق بين الاسم والصفة.

    وجه تسمية القرآن بالكتاب

    بعد ذلك بدأ يذكر علة هذه الأسماء، وذكر تسمية الكتاب، قال: [ فلجمعه أنواع العلوم والقصص والأخبار على أبلغ وجه، والكتاب لغةً الجمع ]، لكن هل المراد لما وصف الكتاب بهذا أو سمي بهذا الاسم هل نظر فيه إلى معنى الجمع، أو نظر فيه إلى معنى الكتابة؟

    يعني: أيهم الآن الوصف الأظهر؟ يعني: مادة كتب من حيث الاشتقاق الأولى لها تدل على الجمع، ومنه الكتيبة لأنها تجتمع إلى بعضها، والكتاب لأنه تجمع الحروف إلى الحروف والكلمات للكلمات، والجمل للجمل حتى تكون كتاباً، لكن لما قال الله: ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ [البقرة:2]، هل ينظر فيه إلى أصل الجمع وإلا إلى الكتابة؟

    الأقرب إلى الكتابة؛ لأن هذه أظهر وأشهر، واختفى المعنى الأول الذي هو الجمع، فالصواب من ذلك أن نقول: أنه سمي كتاباً؛ لأنه مكتوب، وكما سبق أن هذا القرآن النازل في ذلك الوقت الذي لم يجمع بعد جمعاً تاماً أنه سيكون مكتوباً، وهي أحد طرق حفظ القرآن.

    على العموم المقصد من ذلك أن الكتاب والقرآن هي إشارة إلى الجمعين: جمع الصدور في القرآن، والسطور في الكتاب.

    لكن قد يقول الفريق الثاني: الأصوب أن يكون للجمع؛ لأنه أصلاً سمي كتاباً قبل أن يكتب، حتى لو ما كتب فهو كتاب، كما قال الله عز وجل: ذَلِكَ الْكِتَابُ [البقرة:2] سواءً كتب أم لم يكتب.

    والجواب: أن هذا لا يمكن؛ لأنه سيكتب، مثلاً لما قال: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً )) ماذا؟ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى [الإسراء:1]، وهو في ذات الوقت لم يكن يسمى المسجد، لكنه فيما بعد سمي، فهذا وارد في الشريعة تسمية الشيء وهو لم يكن بعد، أما المبين فهو صفة. وواضح طبعاً سبب التسمية القرآن.

    الاختلاف في مادة القرآن

    وهنا أورد الاختلاف الواسع المعروف والمشهور في مادة القرآن، فهل هي من قرأ أولاً أو من قرن؟ ولا شك أن الصواب أنها من قرأ وليست من قرن؛ لأنه من جعلها من قرن سواءً من القرائن أو من القرن فهذا لا شك أنه ضعيف من جهة الاشتقاق، ويبقى في (قرأ) إشكالية في قراءة ابن كثير ؛ لأن ابن كثير يقرأ القران، وقد أخذ عنه إسماعيل بن قسطنطين وقرأ بقراءته، وقرأ بقراءته أيضاً الشافعي ، فـالشافعي يروي عن شيخه إسماعيل أن القرآن اسم جامد، يعني: ليس بمشتق للقرآن يسمى القرآن، وهذا أيضاً المذهب وإن كان قال به الشافعي ، و الشافعي علم من جهة اللغة والفقه إلا أنه قول أيضاً غير صحيح؛ لأن قراءة ابن كثير من باب التسهيل؛ والمكيون كانوا يسهلون الهمز.

    قد يقول قائل: كيف خفي على الشافعي .. إلى آخره؟

    نقول: العلم واسع ولا يلزم أن يحيط به فلان أو علان مهما بلغ من العلم، وبعض الأحيان بعض الناس يستغرب يقول: طيب هذا الشافعي وعالم باللغة، وعارف بأشعار العرب، وعارف بتفسير القرآن، وعارف فكيف خفي عليه هذا؟ نقول: مثل هذه المسائل العلمية لا يلزم أن يحيط الشافعي بكل دقائق هذه المسائل، وقد يكون عنده علة معينة أوجبت أن يقول بهذا القول خفيت علينا نحن أيضاً، فذهب إلى هذا المذهب، فلا يحتج بقول الأشخاص على أصل المسألة أبداً.

    فإذاً المقصد من ذلك أن ما ذهب إليه هو رحمه الله تعالى فيه نظر، وهو مذهب شيخه إسماعيل ، وهي قراءة أيضاً شيخ المكيين ابن كثير ، وهي جاءت على باب التسهيل.

    يبقى: القرآن هل هو من قرأ بمعنى جمع، أو قرأ بمعنى تلا؟ نقول مثلما قلنا في الكتاب، يعني: الأصل الأول لها الجمع، لكن الأصل المشتهر والمراد أيضاً هو التلاوة، القرآن المراد به المتلو، يعني: قرأ بمعنى تلا، وأصلاً لا يستطيع أن يتلو إلا أن يجمع الحرف إلى الحرف، ثم الكلمة إلى الكلمة، ثم الجملة إلى الجملة، فيكون قارئاً، فإذاً عندنا أصل اشتقاقي أولي، وعندنا المعنى المشهور من اللفظ، مثلما ذكرنا في الكتاب، فمادة كتب وقرأ في النهاية ترجع إلى معنى الجمع، لكن كتب فهو مكتوب، وقرأ فهو مقروء، وهذا هو الصواب أنه يكون المراد بالقرآن أي: المقروء، فالإشارة إلى أنه يقرأ.

    وصف القرآن بالفرقان

    ثم ذكر النور والهدى والفرقان، وأهم شيء في الفرقان التنبيه إلى أن الفرقان وصف لكتاب الله أياً كان هذا الكتاب، سواءً كان التوراة، أو الإنجيل، أو الزبور، أو الصحف، أو القرآن، فكلها توصف بأنها فرقان؛ لأنها تفرق بين الحق والباطل. المقصد من هذا أن هذا الوصف لكلام الله حيث كان، منزلاً على أي نبي من الأنبياء فهو يكون بهذه المثابة.

    فإن قيل: ما يحتمل اسمية؟

    نقول: نعم. يحتمل اسمية، بدليل أنه ورد اسمه الفرقان في قوله: وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ [آل عمران:4] والسياق هنا يدل على أنه أراد هنا القرآن.

    وبالنسبة للقرآن في طريقة عرض الموضوع كأنه دمج بين القرآن والقران، فقد جمع وصفاً على اسم علم غير مشتق خاص بكلام الله، وهذا قول الشافعي ، ثم ذكر من رأى أنه مشتق، واختلفوا في مادته قال: هو من قرن أو من قرأ؟ والذين قالوا: من قرن، هل هي من قرنت الشيء بالشيء، أو من القرائن؟ ثم الذين قالوا: من قرأ، هل هو مصدر قرأت قرآناً بمعنى تلوت، أو قرأ بمعنى جمع الذي ذهب إليه الزجاج ، وهذا مختصر الأقوال فيه.

    يعني كأنه قال: وأما القول بالقرآن، يعني بهذه التسمية، وإلا هو بالفعل بالنسبة له يكون قولين، هذا قول وهذا قول، ولهذا قال: في النهاية قلت: والمختار عندي في هذه المسألة ما نص عليه الشافعي .

    الموضوع طويل في هذا، لكن هذه فكرة موجزة جداً عن قضية الأسماء، والأسماء المشهورة هي القرآن، والكتاب، والذكر، والفرقان، وهناك أيضاً اسم خامس: التنزيل، والباقي أغلبها أوصاف، وإن كانت الخمسة هذه لا تخلو من معنى الوصفية، المقصد أنها أسماء يتبعها أوصاف.

    تسمية القرآن بالمصحف

    هنا فائدة فيما حكاه عن المظفر في تاريخه، قال: لما جمع أبو بكر القرآن قال: سموه، فقال بعضهم: سموه إنجيلاً، فكرهوه، وقال بعضهم: سموه سحراً فكرهوه من يهود، فقال ابن مسعود : رأيت في الحبشة كتاباً يدعونه المصحف فسموه به، والمظفر توفي سنة ستمائة وكسر، يعني: متأخر جداً، ولم أجد هذه الرواية عند متقدم من العلماء، وقد ذكرها الزركشي من باب الفوائد مثل ما ذكرها السيوطي هنا، وهذه إشكالية أن القصة بهذه المثابة لا تقبل ولا تؤخذ، لأنه ليس لها سند، ولا زمام ولا خطاب.

    وهناك ملحظ وهو أن الله سبحانه وتعالى صرح بهذا الاسم كما في قوله: فِي صُحُفٍ [عبس:13]، والصحف يستنبط منها مصحف، وفي سورة البينة قال: رَسُولٌ مِنْ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً [البينة:2]، وفي غير ما آية، فالمقصد أنه ما كان الصحابة يحتاجون إلى مثل هذا لكي يقال: إنهم احتاجوا أن يسموه، فقد كان يسمى حتى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا المصحف أشهر من أن يؤخذ له عنوان أو اسم من كتب اليهود أو غيرها، يعني: لو تأملنا سنجد أن هذا الكلام فيه نظر من هذه الجهة، فليس بمعقول أن يكون خفي عليهم وجاءوا يبحثون حتى وجدوا هذه التسمية عند الحبشة فسموه به، خصوصاً والقرآن ينطق بهذا، ولهذا تجدون بعض روايات باب: لا يسافر بالقرآن إلى أرض العدو. بعضهم يرويها على أنها بالمصحف.

    وهنا مسألة مهمة وأقل من نبه إليها، وهي أنه ما الفرق بين المصحف والقرآن؟ وفيما يبدو والله أعلم أن هناك نوعاً من التداخل أنه أحياناً يطلق المصحف ويراد به القرآن، وأحياناً يطلق القرآن ويراد به المصحف عند العلماء، لكن إذا اجتمعا قطعاً يفترقان، ولهذا لو تقرأ في كتب أهل العلم، تجد عند أبي داود : باب: لا يسافر بالمصحف إلى أرض العدو. وتجد عند البخاري : باب: لا يسافر بالقرآن إلى أرض العدو. فهذا سماه قرآناً، وهذا سماه مصحفاً، والمقصد واحد؛ لأنهم قالوا: إن القرآن لا يتصور النهي عن السفر به إلا إذا كان مكتوباً، أما لو كان منهياً عن أن يسافر بالقرآن، فكيف بالمحفوظ، لو واحد سافر إلى أرض العدو وهو حافظ مع أنه ما يسافر، من لازم الأمر أنه ما يسافر. فكأنهم قالوا لما قال: لا يسافر بالقرآن ليس يريد المقروء، إنما يريد المكتوب، فإذاً أطلق على المصحف قرآناً، والمقصد من هذا التنبه إلى أنه يمكن أن يطلق أحدهما على الآخر، لكن إذا اجتمعا نقول: لا، المراد بالقرآن المقروء، والمراد بالمصحف المكتوب.

    وفي الحديث: ( لا يمس القرآن إلا طاهر ) فقال: القرآن مع أنه يريد المصحف؛ لأنه لا يتصور مس القرآن بمعنى المقروء.

    تسمية القرآن بالتوراة والإنجيل

    يقول: [ أخرج ابن الضريس وغيره عن كعب قال: في التوراة: (يا محمد! إني منزل عليك توراة حديثة تفتح أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً) ]، وذكر بعد ذلك رواية عن قتادة : (أنه لما أخذ موسى الألواح قال: يا رب! إني أجد في الألواح أمةً أناجيلهم في قلوبهم فاجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد) ففي هذين الأثرين تسمية القرآن توراة وإنجيلاً، ومع هذا لا يجوز الآن أن يطلق عليه ذلك، وهذا كما سميت التوراة فرقاناً.. ] إلى آخره.

    الحقيقة مثل هذه الفائدة غريبة جداً، يعني: هل يجوز أن نطلق على القرآن توراة أو إنجيلاً؟ القرآن هو القرآن، ولهذا هو سمي به في كتاب الله وسنة رسوله، وهذا الأثر، ولو قاله كعب أو قتادة ليست قضية شرعية بحيث أننا نقبلها، إنما نقول: إن هذا القول خطأ، وهذه النسبة غير صحيحة؛ لأن التوراة هي التوراة، والإنجيل هو الإنجيل، والقرآن هو القرآن، التوراة أنزلت على موسى ، وإلا ما كان هناك فائدة في التفريق بين التوراة والإنجيل، فلماذا لم تسم التوراة إنجيلاً والإنجيل توراة؟

    المقصود من ذلك أن كل واحد سمي باسم مستقل، فكون بعض العلماء مثل كعب أو غيره يحكي مثل هذا لا يعني ذلك أننا نقبله، ونقول: أنه يجوز أن يسمى القرآن بهذا أو ذاك، لا، إنما نقول: لا، بل الصواب أن القرآن يبقى على الأسماء المعروفة، ولا يتجاوز في ذلك.

    وقوله: [ ( خفف على داود القرآن ) ] لا يلزم أنه يريد بالقرآن اسم، إنما يريد به القرآن الذي هو المصدر يعني القراءة، مثل قوله: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ [الإسراء:78] يعني قراءة الفجر، فلا يلزم أن المراد بالقرآن هنا الاسمية، إنما المراد به الوصفية.

    أما استدلاله بالفرقان، فهذا سبق التنبيه على أن كل كتب الله سبحانه وتعالى فيها معنى هذا الوصف الذي هو الفرقان بين الحق والباطل.

    نقف عند هذا الحد. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

    1.   

    الأسئلة

    الثمرة العملية والعلمية في التفريق بين الاسم والوصف

    السؤال: ما هي الثمرة العملية والعلمية في التفريق بين الاسم والوصف؟

    الجواب: لو نظرنا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن لله تسعاً وتسعين اسماً، من أحصاها دخل الجنة )، هذه لها أثر هنا، لكن أثرها هنا في هذا تكثير الأسماء هذه للقرآن، وهي ليست أسماء إنما هي أوصاف، يعني: لو قيل: أوصاف القرآن لكان أولى، لو واحد قال: أوصاف القرآن وذكر كل هذه ما أحد اعترض عليه، لكن لما يقول: هي أسماء، نقول له: لا ليس اسماً.

    فإذاً هي قضية علمية من هذه الجهة، وقضية خاصة إذا كانت مرتبطة بأسماء الله من تلك الجهة الأخرى، لكن لا شك أن التفريق بينهما مفيد علمياً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756043572