إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. مساعد الطيار
  5. عرض كتاب الإتقان
  6. عرض كتاب الإتقان (17) - النوع الثاني - النوع الثالث عشر

عرض كتاب الإتقان (17) - النوع الثاني - النوع الثالث عشرللشيخ : مساعد الطيار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الموضوعات التي تتعلق بالتفسير، ولها تعلق بعلوم القرآن: معرفة الآيات التي سبق نزولها خاصة بمكة ولم تثبت أحكامها إلا بالمدينة، ومعرفة ما نزل مفرقاً وما نزل جمعاً. وقد أفرد علماء التفسير وعلوم القرآن هذين الموضوعين بالذكر والاهتمام، وذكروا ما ورد في ذلك من آثار وإن كان غالبها لا يصح.

    1.   

    ذكر ما تأخر حكمه عن نزوله وما تأخر نزوله عن حكمه

    الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين.

    أما بعد:

    فنبدأ بالنوع الثاني عشر: [ ما تأخر حكمه عن نزوله، وما تأخر نزوله عن حكمه ] وهذا الموضوع من الموضوعات التي تتعلق بالتفسير، وكذلك لها علاقة بأسباب النزول.

    وإذا تأملنا المراد بقول المؤلف فسنجد أنه يريد أن يقول: أن هناك آيات ثبت نزولها بمكة، ولم يقع خبرها أو حكمها إلا في المدينة، وأحكام ثبتت في مكة ولم تنزل الآيات إلا في المدينة.

    وأيضاً عندنا نوع من الآيات تذكر جملة فرائض لم يتم تفصيلها إلا في المدينة، وهذا نوع قريب مما ذكره في هذا الباب.

    وما دام المبحث متعلقاً بالتفسير فقطعاً أنه يكون متعلقاً بعلوم القرآن، كذلك له علاقة بالآيات المستثناة في المكي والمدني، والتي سبق ذكرها، ومرتبط إما بالمكي أو المدني من هذه الجهة، ولو رجعنا إلى بعض الآيات التي تتكلم عن المكي والمدني فسنجدها أيضاً موجودة هنا، كذلك له علاقة بضوابط المكي والمدني.

    فهنا قال: (وكل شيء نزل من القرآن فيه ذكر الأمم والقرون فإنما نزل بمكة، وما كان من الفرائض والسنن فإنما نزل بالمدينة). فتفصيلات الفرائض والسنن، أو بعض الآيات المرتبطة ببعض الفرائض تكون نزلت في المدينة، وسيأتينا إن شاء الله مثال واضح في قضية آية الوضوء.

    أمثلة لما تأخر حكمه وسبق نزوله

    نأتي الآن إلى بعض الأمثلة التي ذكرها السيوطي .. ذكر عن الزركشي قال: (قد يكون النزول سابقاً على الحكم، وذكر قوله سبحانه وتعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى[الأعلى:14-15]، وقد روى البيهقي وغيره عن ابن عمر : أنها نزلت في زكاة الفطر).

    السؤال الذي يرد هنا: هل يقع ذلك أن يكون النزول سابقاً على الحكم؟

    طبعاً من جهة العقل ما هناك إشكال، لكن من جهة الواقع هل وقع؟ لأن هذه الآية فيها نزاع؛ لأن هذا قول، وهو قول بعض التابعين، لكن هناك قول لـابن عباس : أن المراد بها العموم.

    فإذا حملناها على العموم، فنقول: إن الذكر زكاة الفطر وصلاة العيد، والذكر الذي يكون وقت صلاة العيد إنما هو مثال لقوله: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى[الأعلى:14-15]؛ لأنه مثال داخل في هذا النوع.

    فإذاً: يكون الحمل على العموم أولى، وتكون هذه المذكورات أمثلة لهذا العموم.

    فلو حملناها على هذا انتهى، وليس هناك إشكال، لكن الذي يذهب إلى أنها نزلت بخصوص هذا يكون من هذا الباب الذي ذكر، أنه نزلت الآيات وهي سابقة للحكم، والحكم لم يقع بعد.

    يقول: (وقال بعضهم: لا أدري ما وجه هذا التأويل؛ لأن السورة مكية ولم يكن بمكة عيد ولا زكاة ولا صوم! وأجاب البغوي : بأنه يجوز أن يكون النزول سابقاً على الحكم كما قال: لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ[البلد:1-2]، فالسورة مكية وقد ظهر أثر الحل يوم فتح مكة حتى قال عليه السلام: (أحلت لي ساعة من نهار) ).

    الآن هذه الآية: لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ[البلد:1-2]، فيها وجهان من التفسير، وهناك وجه ثالث ذكره بعض المتأخرين، لكن أحد الأوجه وعليه الأكثر أن المراد: وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ[البلد:2]، قال: حلال لك أن تصنع فيها ما تشاء، مع أن السورة نزلت بمكة، وهي متقدمة في النزول، والله سبحانه وتعالى يقول: يحل لك أن تصنع فيها ما تشاء، فهل وقع أن النبي صلى الله عليه وسلم صنع فيها ما يشاء؟

    لم يقع إلا يوم الفتح؛ فإذاً: هذا يكون فيه إشارة إلى الفتح، وإشارة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم سيفعل فيها ما يشاء، فتدخل من باب الدلائل التي تصدق القرآن أنه خبر أخبر عنه ووقع، إذا فسرنا بهذا التفسير، هذا يكون صادقاً على ما ذكر هنا.

    ومن هذا الوجه سورة النصر أنها سبقت خبرها، ومعناها كان في دلالة على وفاة النبي عليه الصلاة والسلام كما أخبر ابن عباس .

    ومن الآيات المستثناة التي استثني منها قوله تعالى: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ [القمر:45] فإن عمر رضي الله عنه لما سمع هذه الآية في مكة كان يقول: أي جمع هذا؟ فلما حصلت غزوة بدر ونزل الرسول صلى الله عليه وسلم في الدرع وكان يتلو هذه الآية؛ فأخذ منها عمر أن المراد بقوله: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ[القمر:45] أنه جمع قريش يوم بدر، وذلك ما حصل منهم، وكذلك قوله: جُندٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الأَحْزَابِ[ص:11].

    كل هذه الأمثلة أنها آيات مكية حملت على أحداث مدنية.

    قال: ومثله قوله تعالى: قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ[سبأ:49]، أورد ابن أبي حاتم : أن المراد بالحق: السيف، مع أن الآية أعم من هذا.

    كذلك آية: وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا[الإسراء:81]، هذا من باب استشهاد النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الآية على ما حصل له في فتح مكة، ولا يلزم أن تكون الآية المقصود بها ذلك الحدث، وإنما يدخل هذا الحدث في هذه الآية.

    مما ذكرت لكم فيما يتعلق في بعض الأحكام ما ذكره سبحانه وتعالى من ذكر الزكاة في السور المكيات، كما قال ابن الحصار : (ذكر الله الزكاة في السور المكيات كثيراً تصريحاً وتعريضاً بأن الله سينجز وعده لرسوله، ويقيم دينه ويظهره حتى تفرض الصلاة والزكاة وسائر الشرائع) قال: (ولم تؤخذ الزكاة إلا بالمدينة بلا خلاف) ثم أورد مجموعة من الآيات، وهذا الكلام في الحقيقة يحتاج إلى نظر كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يأخذ الزكاة؛ وكلا الطرفين لا يستطاع إثباته، لا نستطيع أن نقول: لم يأخذ، ولا نستطيع أن نقول: إنه أخذ، فلا نستطيع أن نقول بهذا ولا بهذا، لكن ما دام أمر بالزكاة؛ فقطعاً الأصل فيها أن الصحابة كانوا قد فعلوا هذا الأمر، لكن المقادير إنما كانت في المدينة؛ ولهذا بعض السلف ذكر أنه كان هناك واجبات قبل أن تفرض المقادير من الزكاة.

    أمثلة لما تأخر نزوله عن حكمه

    ثم ذكر آية الوضوء، لكن آية الوضوء فيها إشكال الحقيقة، وتحتاج إلى بحث مستقل.

    ووجه الإشكال أنه ذكر ما تأخر نزوله عن حكمه، لا العكس، النزول تأخر عن الحكم، وأورد آية الوضوء؛ فآية الوضوء هذه في سورة المائدة، وهناك كلام طويل حول هذه القصة المرتبطة بقصة عائشة رضي الله عنها.

    لكن المقصود من هذا: أن آية الوضوء نزلت في سورة المائدة، وسورة المائدة من أواخر السور نزولاً، وقصة الخبر واضحة جداً أنها متأخرة جداً، وفرض الوضوء إنما كان بمكة؛ لأنه مرتبط بالصلاة؛ لهذا يقول ابن عبد البر : معلوم عند جميع أهل المغازي أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يصل منذ فرضت عليه الصلاة إلا بوضوء، ولا يدفع ذلك إلا جاهل أو معاند.

    قال: (والحكمة في نزول آية الوضوء مع تقدم العمل به ليكون فرضه متلواً بالتنزيل) كأنه قال: وإن لم يكن قد نزل إلا أنه نزل متأخراً لكون فرضه متلواً بالتنزيل.

    وهناك فائدة أخرى ذكرها قال: (وقال: يحتمل أن يكون أول الآية نزل مقدماً مع فرض الوضوء، ثم نزل بقيتها وهو ذكر التيمم) ولكن هذا الاحتمال عقلي، وليس هناك ما يسنده من الأثر، بل العكس الأثر ضده، لكن يمكن أن يقال: إن الله سبحانه وتعالى لما ذكر التيمم الذي هو بدل عن الوضوء، والوضوء لم يذكر أصلاً حسن أن يذكر الوضوء بتفاصيله ومعه التيمم، يعني: يذكر الأصل والبدل.

    فتضاف هذه الفائدة مع الفائدة التي ذكرها ابن عبد البر .

    مع أنه الأصل -يعني: عقلاً- أيضاً لو لم يرد في القرآن فيكون في السنة، لكن الكلام الآن عن شيء قد وقع؛ فما دام وقع أن آية الوضوء تأخر نزولها فإننا نقول كما ذكر ابن عبد البر أنه يكون فرضه متلواً بالتنزيل، وأنه لما نزل البدل، يعني نزل بآية التيمم؛ فحسن أن يذكر قبله الأصل الذي هو الوضوء.

    على العموم هذه أمثلة أخذناها، وكما تلاحظون أن لها علاقة بالتفسير في بعض هذه الأمثلة المذكورة.

    1.   

    ذكر ما نزل مفرقاً وما نزل جمعاً

    النوع الثالث عشر: وهو ما نزل مفرقاً وما نزل جمعاً:

    هو نزول المفرق؛ فلذا أول سورة وهي سورة الأعلى نزلت مفرقة، فأول خمس آيات منها نزلت كما هو معلوم في غار حراء، ثم بعد ذلك نزلت الآيات الأخرى. ثم ذكر أمثلة مما نزل بعد ذلك مفرقاً أو جمعاً.

    على العموم هذا المبحث لو تأملناه ليس فيه أثر فيما يتعلق بالتفسير، وإنما هي معلومات متعلقة بالسورة، هل نزلت جمعاً أو نزلت مفرقة، وغالب قصار السور أن تكون نزلت جمعاً، مثل سورة الفاتحة وسورة الإخلاص والكوثر، و (تبت) و (لم يكن) و (النصر) والمعوذتان، كل هذه في الغالب وأمثالها نزلت جمعاً.

    ثم ذكر أمثلة من هذا، لكن كل هذا -كما قلت- ليس فيها أثر من جهة علوم القرآن، وإنما أثرها فقط في أنها نزلت جمعاً أو مفرقاً.

    ثم أورد حديث سورة الأنعام، وسورة الأنعام فيها كلام في قضية نزولها جملة واحدة، وأنه شيعها سبعون ألف ملك، فذكر أن فيها شواهد يقوي بعضها بعضاً، ولكن كما ذكر ابن الصلاح أن في إسناده ضعفاً، قال: (ولم نر له إسناداً صحيحاً، وقد روي ما يخالفه، فروي أنها لم تنزل جملة واحدة، بل نزلت آيات منها بالمدينة اختلفوا في عددها؛ فقيل: ثلاث وقيل غير ذلك. انتهى. والله أعلم) والكلام عنها سبق تفصيله.

    أيضاً ما نزل مشيعاً وما نزل مفرداً تابع للذي قبله، وليس فيه أيضاً شيء يثبت إلا ما ذكره عن سورة الأنعام، ثم ذكر بعض أمثلة أخرى، ولكن كلها لا تثبت.

    الجمع بين نزول القرآن جملة إلى سماء الدنيا وحديث: (أربع آيات نزلت من كنز تحت العرش)

    هنا ذكر فائدة، قال: (عن القاسم عن أبي أمامة قال: أربع آيات نزلت من كنز تحت العرش، لم ينزل منه شيء غيرهن: أم الكتاب وآية الكرسي وخاتمة سورة البقرة والكوثر).

    ثم أورد آثاراً في هذا، وهذا فيه إشكال؛ لأنه يفهم من هذا أن هذه السور وهذه الآيات المذكورة إنما كانت من كنز تحت العرش، مع أنه معلوم أنها إنما نزلت جملة واحدة إلى السماء الدنيا، ولو ثبتت هذه الآثار فإنه لا يمنع أن تكون هذه موجودة في كنز تحت العرش، لكن لا يثبت في هذه الآثار مثل هذه القضايا الغيبية، لكن لو ثبتت فليس هناك أي إشكال ولا ممانعة من أن تكون موجودة في اللوح المحفوظ، موجودة في كنز تحت العرش، موجودة أيضاً في القرآن الذي نزل إلى السماء الدنيا، فكل هذه يمكن أن تكون موجودة فيه، والغيب لا يتطرق إليه ما يتطرق إلى الشهادة، فلا تقاس الغيبيات بالشاهد عندنا، يعني: ليس من المشاهد؛ ولهذا وقع بعضهم في استنكار حديث ابن عباس رضي الله عنه من القول بنزول القرآن نزولاً جملياً بهذه العلة، التي هي ربط الشاهد بالغائب، لكن نحن نقول: هذه القضايا غيبية، والله أعلم بها وهو أدرى بها؛ فيتوقف عند هذا الأمر الغيبي.

    نقف عند هذا النوع. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755973105