إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. مساعد الطيار
  5. عرض كتاب الإتقان
  6. عرض كتاب الإتقان (9) - النوع الثامن معرفة آخر ما نزل [2]

عرض كتاب الإتقان (9) - النوع الثامن معرفة آخر ما نزل [2]للشيخ : مساعد الطيار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أكمل السيوطي رحمه الله الحديث عن أول ما نزل من القرآن، وقد ذكر أوائل مخصوصة في ذلك، كما ذكر آخر ما نزل من القرآن الكريم.

    1.   

    تابع معرفة أول ما نزل من القرآن

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:

    قوله: [أول سورة نزلت بمكة: اقرأ باسم ربك، وآخر سورة نزلت بها: المؤمنون، ويقال: العنكبوت، وأول سورة نزلت بالمدينة: ويل للمطففين، وآخر سورة نزلت بها: براءة، وأول سورة أعلنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة: النجم]. يلاحظ في أول سورة على الإطلاق انتهينا منها على أن الصحيح أنها الخمس الآيات الأولى من اقرأ.

    وما بعد ذلك من الأوائل هذه فهو مختلف فيها، أو الأواخر كذلك، فليس فيها قول يمكن أن يقال: إنه هو الصحيح دون غيره، وكل واحد من الصحابة أو التابعين أو من جاء بعدهم يحكي ما بلغه أو ما يظن هو أنه أول أو آخر، سوى السابق الذي ذكرناه.

    وقوله: (أول سورة أعلنها الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة: النجم)، هذا يدخل في الأوليات المخصوصة التي ستأتي بعد قليل، أما ما ذكره ابن حجر رحمه الله من قوله: [اتفقوا على أن سورة البقرة أول سورة أنزلت بالمدينة] فهذا فيه نظر، وخصوصاً أنه -أيضاً- في تفسير سورة ويل للمطففين ورد عن ابن عباس : (أن أهل المدينة كانوا من أخبث الناس كيلاً، فلما جاءهم الرسول صلى الله عليه وسلم نزل عليه: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ [المطففين:1]) وإن كان هذا ليس فيه ذكر الأولية، إلا أنه يشير أنه من أوائل ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن المقصد أنه من الصعب الحكم على الأولية في المدينة، وهناك خلاف في ذلك.

    وذكر [عن الواقدي : أن أول سورة نزلت بالمدينة سورة القدر]، ثم أورد الأثر الذي سبق عن جابر بن زيد وفيه ترتيب السور في النزول.

    وهذا الذي ذكره جابر بن زيد علق عليه فقال: [هذا سياق غريب وفي هذا الترتيب نظر. و جابر بن زيد من علماء التابعين بالقرآن] ثم ذكر اعتماد الجعبري على هذا الأثر في قصيدته التي تلاها المؤلف.

    أوائل مخصوصة لما نزل من القرآن

    ثم ذكر الفرع الذي بعده في الأوائل المخصوصة، وهذه الأوائل المخصوصة أيضاً في بعضها خلاف، لكن التقييد أنها أوائل مخصوصة جميل؛ فكأنها موضوعات محددة، فمثلاً: أول ما نزل في القتال: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ [الحج:39]، وأيضاً أول ما نزل في الخمر قال: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ [البقرة:219]، وبعض علماء التفسير يذكر آية النحل: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا [النحل:67] فيجعلون هذه أول آية نزلت في الخمر.

    فإذاً: المقصد أنه حتى في الأوليات المخصوصة هذه قد يكون هناك شيء من الخلاف.

    وأول ما نزل في الأطعمة، كما قال: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا [الأنعام:145]، ثم آية النحل إلى آخرها، وبالمدينة آية البقرة ثم آية المائدة، ونسبه إلى ابن الحصار .

    ولاحظ مثلاً أول سورة أنزلت فيها سجدة: النجم، وكونها أول سورة نزلت فيها سجدة هذا قد يشكل عليه فيما لو ذكر سورة نزلت قبلها وفيها سجدة، لكن هذا -كما قلنا-: إنه علم عزيز أن يعرف ترتيب النزول.

    وأول ما نزل من سورة براءة: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ [التوبة:25]، وهذا ورد عن مجاهد وهو يحتاج إلى تثبت، لأنه ذكر بعده عن أبي الضحى أن أول ما نزل من براءة: انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا [التوبة:41]، فإذاً: هذا فيه خلاف حتى بين التابعين.

    وأيضاً هذا مروي عن أبي مالك غزوان الغفاري : انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا [التوبة:41] وكذلك عن عامر الشعبي . فكأنه اتفق ثلاثة من التابعين على: انفِرُوا خِفَافًا [التوبة:41] خلافاً لـمجاهد .

    وعن سعيد بن جبير قول: أول ما نزل من آل عمران: هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:138]، وكل هذه تحتاج إلى سند عمن شاهد هذا الحدث وهم الصحابة، فقول الصحابي في مثل هذا الأصل فيه أنه حجة إذا لم يخالف، أما قول من بعد الصحابي فيستدل له ولا يستدل به، وإنما يستأنس به، لكن حينما يروى مثلاً عن أبي مالك و عامر و أبي الضحى أن أول ما نزل آية كذا فلاشك أن هذا القول يكون معتبراً ويستأنس بالكثرة على صحة هذا القول.

    فهذا ما يتعلق بالأوليات المخصوصة، ولا شك أنها في حكم المراسيل.

    1.   

    معرفة آخر ما نزل من القرآن

    أما في معرفة آخر ما نزل فلئن كان الاتفاق -كما سبق- في أول ما نزل واضحاً فإن الاختلاف في آخر ما نزل شديد جداً، سواء آخر ما نزل من السور أو آخر ما نزل من الآيات، فهذا الباب فيه خلاف شديد بين أول ما نزل وبين آخر ما نزل من السور، أو آخر ما نزل من الآي؛ ولهذا يلاحظ أنه يوجد أواخر مختلف فيها كثيرة، وبعضها فيه غرابة، وبعضها محتمل، فأول ما يواجهنا قوله: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ [النساء:176] على أنها آخر آية نزلت، وآخر سورة نزلت: براءة، وهذا قول البراء بن عازب . ويلاحظ أنه روي عن ابن عباس قال: (آخر آية نزلت آية الربا). إذاً: يلاحظ أنه اختلف قول الصحابي مع قول الصحابي، مما يدل على أن الصحابي يحكي ما وصل إليه علمه على أنه هو آخر ما نزل، والصحابي الآخر يحكي ما نما إليه علمه هو، فإذاً: سبب الاختلاف هنا أن كل واحد يحكي ما نما إليه علمه أو ما يظن أنه هو آخر ما نزل؛ لأنه لم يسمع أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا شيئاً بعد هذه الآيات، فيحكي على أنه هو آخر ما نزل.

    قال: [وعند أحمد و ابن ماجه عن عمر : من آخر ما نزل آية الربا]، و عمر قال: [إن من آخر القرآن نزولاً آية الربا].

    وقوله: (إن من آخر القرآن نزولاً) لا يلزم الآخرية المطلقة، إنما هو من آخر ما نزل.

    وابن عباس له قول آخر قال: [آخر شيء نزل من القرآن: وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [البقرة:281]]، وبعضهم يدخل في الآخرية: الآخرية المخصوصة، يقول: آخر آية نزلت في الربا يقصد آخرية مخصوصة بالأحكام وإن كان سيأتي بعد قليل كلام آخر في آخر آيات الأحكام.

    وكل هذه الأقوال فيها هذه الآخريات، والأصل في هذا الباب الإسناد، والخلاف فيها شديد، سواء في السور أو في الآيات.

    وعندنا قول لـعائشة رضي الله عنها، قالت: [آخر سورة نزلت المائدة، فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه]، فهذه الآخرية يظهر منها أنها ليست آخرية مطلقة.

    وهل مرادها آخر سورة نزلت يعني على الإطلاق أو هي تشير إلى مسألة؟ لأنها قالت: فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه ...، فكأنه يفهم من السياق أنها آخر سورة في الأحكام، فنحمل حديثها على أن المراد بها آخر سورة في الأحكام، لأنها قالت: فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه، ومعروف أن سورة المائدة مليئة بالأحكام.

    فإذاً: يحمل هذا على أن مرادها آخر سورة في الأحكام.

    ثم ذكر قول البيهقي : [يجمع بين هذه الاختلافات إن صحت بأن كل واحد أجاب بما عنده]، وكذلك قول القاضي أبي بكر الباقلاني في الانتصار: [هذه الأقوال ليس فيها شيء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكل ما قاله بضرب من الاجتهاد وغلبة الظن. ويحتمل أن كلاً منهم أخبر عن آخر ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي مات فيه أو قبل مرضه بقليل، وغيره سمع منه بعد ذلك وإن لم يسمعه هو، ويحتمل أيضاً أن تنزل هذه الآية التي هي آخر آية تلاها الرسول صلى الله عليه وسلم مع آيات نزلت معها، فيؤمر برسم ما نزل معها بعد رسم تلك، فيظن أنها آخر ما نزل في الترتيب]. فكل الاحتمالات العقلية واردة.

    والذي استغربه السيوطي في قوله: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ [الكهف:110] على أنها آخر آية نزلت من القرآن، أجاب عنه ابن كثير قال: [هذا أثر مشكل، ولعله أراد أنه لم ينزل بعدها آية تنسخها ولا تغير حكمها، بل هي مثبتة محكمة]. فالذي نريده من هذا الأثر أو من تعليق ابن كثير أنه في باب علوم القرآن أو في التفسير أيضاً يوجد علم توجيه الآثار، وهذا العلم -الحقيقة- علم عزيز ويحتاج إليه، خصوصاً توجيه الآثار المشكلة، فحينما يكون عندنا أثر مشكل فكيف يمكن أن نوجهه؟ ولا يلزم أن يكون كل توجيه صحيح، لكن على الأقل أنه يعتنى بتوجيه هذه الآثار، فإن لم يوجد سبيل إلى توجيه الأثر بعد ذلك يمكن أن يتكلم في الأثر، خصوصاً إذا صح الأثر عن الصحابي أو التابعي أو تابعي التابعي.

    وما أورده فيما [أخرجه البخاري وغيره عن ابن عباس : نزلت هذه الآية: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا [النساء:93] قال: هذه هي آخر ما نزل وما نسخها شيء]، فهذا واضح أنه لا يريد الآخرية المطلقة، وإنما يريد في شأن القتل، ومعروف كلام ابن عباس في هذه الآية أنه لا يرى في آية القتل أنه نسخها شيء.

    ثم قال: [من المشكل على ما تقدم قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة:3] فإنها نزلت بعرفة عام حجة الوداع، وظاهرها إكمال جميع الفرائض والأحكام قبلها، وقد صرح بذلك جماعة منهم السدي ، فقال: لم ينزل بعدها حلال ولا حرام، مع أنه وارد في آية الربا والدين والكلالة أنها نزلت بعد ذلك. وقد استشكل ذلك ابن جرير وقال: والأولى أن يتأول على أنه أكمل لهم دينهم بإفرادهم بالبلد الحرام وإجلاء المشركين عنه حتى حجه المسلمون لا يخالطهم المشركون، ثم أيده بما أخرجه من طريق علي بن أبي طلحة قال: كان المشركون والمسلمون يحجون جميعاً، فلما نزلت براءة نفي المشركون عن البيت وحج المسلمون، لا يشاركهم في البيت الحرام أحد من المشركين، فكان ذلك من تمام النعمة: وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي [المائدة:3]].

    فالإشكال واضح جداً؛ لأن هذه الآية نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم في عرفة، فهل معنى ذلك أنه لم ينزل عليه بعد عرفة شيء من الأحكام؟ لأنه قال: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي [المائدة:3].

    فقد ذكر أن آية الربا والدين والكلالة أنها نزلت بعد ذلك، فهذا يشكل. ويراجع كلام الطاهر بن عاشور عن هذا الإشكال؛ لأنه أجاب عنه وحله حلاً جيداً.

    وممكن أنه يحمل على محمل الغالب، وأيضاً يمكن أن يقال: إنه بعد هذه الآية لم ينزل شرع، وإنما نزلت تتمات لفروع ولم ينزل شرع لقضية أصلية جديدة، بمعنى على سبيل المثال: لما نأتي إلى الفرائض فلم ينزل شيء مما يتعلق بالفرائض كاملة، وقد تنزل تتمة لشيء، لكن هذه التتمة لا تؤثر في وجود الأصل.

    هذا ما يتعلق بأحوال النزول التي هي النوع الثامن، وأحببنا أن نسير عليها سريعاً لكي لا نطيل فيها، خصوصاً أنها -كما سبق- ما فيها شيء يحتاج إليه كثيراً، وإنما القضية مرتبطة بالمعلومة نفسها، وكذلك الإشارة إلى عناية العلماء بالقرآن وأحواله.

    وسبق أن ذكرنا لفوائد هذه المباحث عموماً فقلنا: عناية العلماء بالقرآن وأحواله، هذه فائدة. والفائدة الثانية فائدة خاصة بالآية لمن يبحث في آية معينة، فمثلاً لو أن واحداً يبحث عن آية معينة فإنه يحتاج إلى مثل هذه التفصيلات والتفريعات؛ لأنه بحث مخصوص جداً.

    وأيضاً ذكرنا إن هناك فوائد خارج نطاق علوم القرآن قد ترد على هذه الأمثلة المذكورة، وقلنا: إن فيه جمع موضوعي لهذه القضايا، مثلاً: الحضري والسفري، الليلي والنهاري، والفراشي والمنامي.. إلى آخره، أن يكون فيها نوع من الجمع الموضوعي.

    في أيضاً فوائد أخرى ذكرناها غير هذه.

    سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755951157