إسلام ويب

فن أصول التفسير [1]للشيخ : مساعد الطيار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • القرآن كتاب الله المجيد، اهتم به علماء المسلمين وجعلوا له علوماً خاصة به، وأصول التفسير يعتبر من العلوم المهمة المتعلقة بالقرآن. ومن أهم موضوعاته: مصادر التفسير، واختلاف المفسرين، وقواعد في التفسير وغير ذلك.

    1.   

    الموضوعات الكلية لأصول التفسير

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.

    أما بعد:

    فالموضوع الذي بين يدي: هو أصول التفسير، وكما يقال الآن من المصطلحات المعاصرة لفظة التوظيف؛ لأني سأجتهد في توظيف أصول التفسير، وهي مادة نوع ما ممكن تكون متخصصة، لكن سأجتهد قدر استطاعتي أن أنزل بالمعلومات إلى ما يمكن أن تستوعبه شرائح متعددة؛ الذي علمه قليل، والذي علمه كثير، والذي يستوعب استيعاباً سريعاً، والذي يكون استيعابه بطيئاً.

    عندنا فيما يتعلق بأصول التفسير، ممكن أن نقسم موضوع أصول التفسير إلى عدة موضوعات:

    عندنا المقدمات: وهذه عادةً تشمل: تعريفات العلم، ثمرته، اللي هي المبادئ العشرة التي غالباً ما يضعها بعض العلماء في علم من العلوم.

    ثم المصادر: وهذه يمكن أن نقسمها عدة تقسيمات: المصادر النقلية البحتة، والمصادر النقلية النسبية، ومصادر الاجتهاد.

    ثم عندنا الاختلاف: وفيه ثلاث قضايا مهمة: أسباب الاختلاف، وأنواع الاختلاف، وطرق التعبير عن التفسير.

    ثم عندنا بعد ذلك القواعد، وهي تنقسم إلى قواعد عامة، وقواعد ترجيحية.

    هذه تقريباً الموضوعات الكلية في أصول التفسير.

    طبعاً الإجماع يدخل في باب الاختلاف، لكن في الغالب الذي يدرس هو الاختلاف لا الإجماع، وهناك بعض مسائل تفصيلية ممكن تدخل ضمن هذه المسائل العامة، مثل قضية طرق التفسير، وهذه ستأتينا فيما يتعلق بقضية المصادر.

    الموضوع الأول: المقدمات؛ ونحن بحاجة إلى أن يكون عندنا تعريفات نتفق عليها، بحيث إنا إذا تكلمنا في ما بعد في التطبيقات، يكون ظاهراً وواضحاً المقصود.

    وكذلك سنتحدث عن المصادر ونفصل فيها، ثم بعد ذلك عن أيضاً الاختلاف ونفصل فيه.

    أما ما يتعلق بالقواعد سيكون التعرض من باب التمثيل فقط.

    1.   

    مقدمات في أصول التفسير

    نرجع الآن إلى ما يتعلق بقضية المقدمات، وهي التي قلنا عنها قبل قليل فيما يتعلق بقضية أصول التفسير.

    مصطلح أصول التفسير

    لو جئنا إلى قضية أصول التفسير، وجدنا أن هذا المصطلح يحتاج إلى فك، ولن نطيل في القضايا اللغوية، لكن نكتفي بأن الأصل المراد به الأساس الذي يبنى عليه الشيء، والتفسير لغةً: هو البيان، أو الإيضاح أو الكشف، ومنه قول: فسر عن ذراعه إذا كشفها، فمادة فسر تدور كلها حول البيان والإيضاح.

    ويلاحظ أنه غلب على شرح القرآن تسميته بالتفسير، وعلى الحديث تسميته بالشرح، وعلى الشعر أيضاً بالشرح، مع أنه قد يرد تفسير الحديث أو تفسير الشعر، لكنه قليل، حتى أنه إذا قيل: التفسير صار الذهن يتجه إلى تفسير القرآن، وإلا فإن التفسير والشرح والإيضاح والبيان كلها مصطلحات متقاربة.

    أيضاً لما نأتي لمصطلح التفسير، إذا رجعنا إلى تعريفات بعض العلماء سنجد أن عندهم تعريفات كثيرة، بعضهم توسع فيه حتى أدخل فيه جملة العلوم التي يكتبها المفسر، ولكن أقرب ما يمكن أن يقال عن التفسير: بأنه بيان معاني القرآن، وهذا يعني: أننا سنعمد إلى فهم معنى كلام الله سبحانه وتعالى، وهذا نسميه بيان المعاني، أما ما بعد فهم المعنى: فهو مرتبط بالقرآن، لكن ليس من صلب التفسير، وهذه قضية مهمة؛ لأن سنطرحها إن شاء الله في التطبيقات، بمعنى الآن عندنا أكثر من مرتبة، ونحن سنتكلم الآن عن مرتبة فهم المعنى، كيف نستطيع أن نعرف أننا انتهينا من المعنى أو لم ننتهِ، هذا الأمر فيه سهل، لاحظوا مثلاً لو قلنا: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا [التوبة:37]، وسألنا: ما هو النسيء؟ قد يقول قائل: النسيء: مأخوذ من النسيء، وهو التأخير، فإذا أراد أن يفسر، كأنه قال: إنما التأخير زيادة في الكفر، هل تبين المعنى الآن؟ يعني الآن نحن عرفنا المدلول اللغوي، لكن ما زال المدلول السياقي لم يعرف، لكن إذا قلنا: إن النسيء: هو تأخير الأشهر الحرم، وذكرنا قصة العرب في تأخير الأشهر الحرم، يتبين المعنى، أو ما يتبين؟ يتبين المعنى. الآن إذا قلنا: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ [التوبة:37]، يعني كأنه قال: إنما تأخير الأشهر الحرم عن مواطنها زيادة في الكفر، فتبين المعنى.

    وأي معلومة بعد بيان المعنى فإنها لا تدخل في صلب التفسير، وإن كانت من علوم الآية، على سبيل المثال: لو قلت لك في هذا الموطن الآن: هذه الآية مكية أو مدنية؟ وقلت: سورة التوبة مدنية، فمعرفة كون هذه الآية في هذا الموطن مكية أو مدنية، هل له أثر في فهم المعنى؟ في هذا الموطن ليس له أثر، فكوني أعرف أنها مدنية هل أثر في زيادة فهم معنى؟ أو لكونه لم أعرف هل أفقد المعنى؟ أفقد المعنى في ما لو لم أعرف ما المراد بالنسيء في هذا الموطن؟

    إذاً نريد أن ننتبه إلى هذه الحيثية، أنه عندنا الآن صلب التفسير، الذي هو بيان المعاني، ثم يأتينا مرتبة ثانية بعد صلب التفسير سنتكلم عنها إن شاء الله. وهنا ما هي الأشياء التي يكون فيها بيان المعاني؟ سنأخذ أمثلة، المفردة القرآنية هل هي لازمة لبيان المعنى أو غير لازمة؟ مَا دَلَهمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ [سبأ:14]، ما هي المنسأة: العصا، لو واحد جهل معنى المنسأة هل يستطيع أن يفهم المعنى؟ لا يستطيع.

    فإذاً الآن المفردة لا بد من معرفتها، يعني: هي الطريقة الأول لبيان المعنى، وهذه قد عنيت بها كتب غريب القرآن. وفي بيان المفردة قضايا كثيرة لا أحب أن أدخل فيها، لكن من باب الفائدة، في قضية بيان المفردة يحسن أن نتنبه إلى مسألة اشتقاق الكلمة من أين؟ وأيضاً ما هو المراد بها في هذا السياق، مثلاً لاحظوا الآن في النسيء، هل نحن احتجنا أن نعرف أن النسيء بمعنى التأخير، أو احتجنا أن نعرف ما هو النوع من التأخير الذي يقع به الكفر، احتجنا أن نعرف النوع، وإلا لا؟ يعني ما هو نوع التأخير الذي يقع به الكفر، أما أصلها كونها من التأخير، هذا ليس فيه إشكال عندنا، فإذاً القصد من ذلك أن نتنبه إلى أن أحياناً قد نحتاج إلى معرفة الاشتقاق، وأحياناً نكتفي بمعرفة اللفظة في هذا السياق، وسيأتينا إن شاء الله في حال النظر في تعبيرات السلف التنبيه على بعض القضايا المرتبطة بالمفردة، وعلاج السلف رحمهم الله تعالى للمفردة القرآنية، كيف كانوا يعالجونها.

    أيضاً لاحظوا فائدة، أنه ما من آية تخلو من مفردة قرآنية، وبناءً على ذلك ما من آية تخلو من بحث لغوي، يعني ما هناك آية إلا وفيها مفردة قرآنية قطعاً، فبناءً على هذا سيكون عندنا كل آية فيها مبحث لغوي.

    أثر سبب النزول على فهم معاني الآيات

    وكذلك إذا كان في الآية سبب نزول، هل سبب النزول له أثر في فهم المعنى أو ليس له أثر؟

    الأصل أن سبب النزول له أثر في فهم المعنى.. وتلحق به أيضاً قصة الآية وأثرها في فهم المعنى، مثلاً قوله: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ [التوبة:37]، لو لم نكن نعرف قصة النسيء، هل نستطيع أن نفسر الآية؟ ما نستطيع؛ لأن سبب النزول في الغالب هو قصة، قد يكون عن سؤال، أو حدث.

    إذاً قصة الآية أو سبب النزول، لا بد منها لفهم المعنى، هذا هو الأصل، وكون بعض الآيات لها أسباب، أو لها قصة، وتفهم الآية بجملتها من دون معرفة السبب، لا يعني أننا لا نحتاج السبب.

    مثال ذلك مما تفهم فيه الآية دون معرفة السبب: أول سورة الممتحنة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ [الممتحنة:1]، لو قرأنا الآيات ليس فيها غموض، والنهي عن موالاة الكفار واضحة جداً فيها، ولو لم نكن نعرف أن سبب نزول هذه الآيات هي قصة حاطب بن أبي بلتعة لما أرسل إلى كفار قريش يخبرهم بغزو الرسول صلى الله عليه وسلم لهم، فلو لم نكن نعلم هذا، هل الآيات يكون فيها خفاء؟ إذا تأملنا لا نجد أن في الآيات خفاءً، لكن لا يعني هذا أن كل آية لها سبب نزول أو قصة يمكن أن نستغني عن سبب النزول أو عن القصة؛ لأن الاستغناء عن سبب النزول أو القصة في كثير من الأحيان يوقع في الإشكال.

    النوع الثاني: وهذا النوع معرفة سبب النزول، أو قصة الآية مقوٍّ في الفهم، فضلاً عن أنه قد يستفاد منه فوائد أخرى, لكن نتكلم نحن الآن عن بيان المعاني، مثلاً قوله تعالى: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا [المائدة:93] الآية، كيف فهمها قدامة بن مظعون ، قدامة بن مظعون شرب الخمر في عهد عمر بن الخطاب ولما أراد أن يجلده عمر تأول الآية، قال: علامَ تجلدني، بيني وبينك كتاب الله، ثم تلا هذه الآية، قال: فأنا من الذين آمنوا، ثم اتقوا، وشهدت بدراً، واحتج لنفسه، وعمر قال: ألا تجيبونه! فحبر الأمة ابن عباس وكان صغيراً انبرى لهذا، وبين إنما نزلت بسبب، وهو أن بعض الصحابة سألوا عن من مات منهم في بدر في أحد؛ لأنها حرمت بعد أحد، وهي في بطونهم، ما حالهم؟ فنزلت الآية بياناً لهذا، أن للمؤمن أن يطعم ما شاء.

    مع أن قدامة بدري، ومن السابقين، ومع ذلك وقع في هذا الإشكال، ووقعت عنده شبهة؛ بسبب عدم معرفة سبب النزول.

    إذاً سبب النزول مهم جداً. وقد يكون بعض الأحيان، بعض الآيات يكون المعنى فيها واضحاً، ويكون سبب النزول مقوٍ لهذا المعنى.

    هناك فوائد كثيرة لمعرفة أسباب النزول، منها تحديد المعنى المراد إذا تعددت الاحتمالات، فعند تعددت الاحتمال يكون سبب النزول هو المرجح للمعنى الذي ورد به السبب، بمعنى أنه لو لم يكن عندنا سبب نزول لقلنا: يحتمل هذا ويحتمل هذا، لكن لورود سبب النزول أو قصة الآية، نقول: إن المحتمل هو هذا فقط دون غيره، وهذا يمكن أن يراجع فيه كتاب الدكتور خالد المزيني ، الذي هو أسباب النزول من خلال الكتب التسعة، فقد أفاد وأجاد في مقدمة الكتاب وجاء بشيء لم يسبق إليه فيه، وكذلك في تحريره للأمثلة.

    بيان الحكم المنصوص عليه في القرآن

    نقطة أخرى بخصوص بيان الحكم، وليس استنباط الأحكام، وإنما بيان الحكم المنصوص عليه، وهذا يدخل في باب التفسير، وهذا أحببت أن أنبه عليه؛ لأن بعض من يدرس علم التفسير يفهم أن الأحكام الفقهية، أو كتب أحكام القرآن ليس لها علاقة بالتفسير، نقول: لا، الحكم المنصوص عليه في القرآن بيانه يدخل في علم التفسير، وإن كان هو في بيان حكم؛ لئلا يخرج عن علم التفسير، مثال ذلك: وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228]، إذا قيل: القروء بمعنى: الطهر، أو قيل: القروء بمعنى الحيض، هذه قضية فقهية حكمية، لكن هل يعني هذا أنها ليست من التفسير، نقول: لا، بل هي من صلب التفسير.

    فإذاً الذي يدخل في صلب التفسير من أحكام القرآن، هي الأحكام المنصوص عليها، أما الاستنباطات فإنها ستدخل في باب آخر، وتأتي بعد التفسير.

    كذلك تخصيص العام؛ لأنه إذا كان عندنا لفظ عام، وخصص هذا اللفظ العام، فإنه أيضاً يدخل في باب التفسير، على سبيل المثال: وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ [الشعراء:224]، هذا اللفظ عام ولو أردنا أن نفسر، فنقول: كل الشعراء لا يتبعهم إلا الغاوون، وورد التخصيص في قوله: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا [الشعراء:227]، فأخرج الآن من كل الشعراء الذين آمنوا.

    إذاً يتأثر فهم المعنى في العموم، إذاً التخصيص نوع من التفسير، وكذلك الناسخ والمنسوخ، وكذلك تقييد المطلق، هذه كلها تدخل في التفسير؛ لأن فيها نوع بيان.

    إذاً يمكن أن نقول: إن أي معلومة يتأثر فيها بيان المعنى، فإنها من صلب التفسير، وإذا كانت المعلومة لا يتأثر فيها بيان المعنى، بحيث أنها تكون إما مقوية للمعنى، وإما خارجة عن حد المعنى أصلاً، فهذه لا تكون من صلب التفسير.

    1.   

    الأحوال مع القرآن

    الآن نأتي إلى الموضوع الآخر: الأحوال مع القرآن، وفيه أربعة قضايا:

    القضية الأولى: التفسير.

    والقضية الثانية: التدبر.

    والقضية الثالثة: التأثر.

    والقضية الرابعة: العمل.

    معاني القرآن بين الخفاء والظهور

    إذا جئنا إلى التفسير، يقع عندنا سؤال: هل كل معاني القرآن ظاهرة؟ هل كل معاني القرآن خفية؟ معاني القرآن على قسمين: معان ظاهرة، يعني إما أن يكون المعنى ظاهراً، وإما أن تكون الآية محتاجة إلى بيان، والذي يحتاج إلى بيان، إما لخفائه، يعني خفاء المعنى، إما من جهة طبعاً سبب النزول، وإما لاحتماله لأكثر من معنى، ومن أمثلة ذلك، لو قال قائل: قوله سبحانه وتعالى: وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ [المسد:4]، أو حمالةُ الحطب )) على قراءتين، لو قال: فسروا وامرأته، ماذا تقول؟ تقول: وزوجه، والا لا؟ هل أحد يحتاج أن يفسر له معنى (وامرأته)؟ ما أحد يحتاج؛ لأنه ظاهر جداً.

    لكن إذا قيل لك: إن الشافعي رحمه الله تعالى استدل من مثل هذه الآية بأن عقود أنكحة الكفار صحيحة، بمعنى لو استقدم الآن من أي دولة من الدول المجوسية مثلاً بوذي أو هندوسي أو غيره، ومن خلال عقود دولتهم، إن فلاناً هذا زوجته فلانة هذه، وجاء عندنا هنا الآن، الآن بالنسبة لنا نعتبرهم أزواج أو لا، يعني هل زواجهم بالنسبة لنا نعتبره شرعياً وإلا ما هو شرعي؟ ما الدليل على ذلك؟ الدليل أن الله سبحانه وتعالى في مثل قوله: وَامْرَأَتُهُ [المسد:4]، نسب أم جميل لـأبي لهب ، يعني: نسبها له، فدل على صحة العقد الذي عقده هؤلاء الكفار، وهذا الملحظ دقيق جداً، لكن هل هذه المعلومة هو استنباط؟ هل هذه المعلومة فقدها يؤثر في فهم المعنى؟ ما يؤثر في فهم المعنى. إذاً باب الاستنباطات من هذا النوع، هي في الحقيقة تدخل بعد بيان المعنى، لكن قصدي الآن أن نقول: إن بعض المعاني الظاهرة التي يمكن أن يستنبط منها، وهذا الاستنباط ليس من صلب المعنى.

    والذي يحتاج إلى بيان معنى قلنا لخفائه، مثل: تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ [سبأ:14]، ليس كل أحد يعرف معنى المنسأة، وهذا قد يكون لخفائه، والخفاء يختلف، لكن المقصد أن في الآية خفاء فيحتاج إلى بيان، مع أنه الآن (تأكل منسأته) معنى واحد، ما يختلف، المراد بها العصا، أو يكون يحتمل أكثر من معنى، وعندنا آيات كثيرة تحتمل أكثر من معنى، يعني هل المراد بها كذا أو المراد بها كذا؟ والأمثلة على ذلك كثيرة، على سبيل المثال: في مثل قوله سبحانه وتعالى: إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ [البقرة:237]، فقوله: (الذي بيده عقدة النكاح)، هل هو الولي أو الزوج؟ هناك خلاف، إذاً يحتمل أكثر من معنى، وما دام يحتمل أكثر من معنى فيحتاج إلى تدخل المفسر المجتهد لبيان أي المعنيين هو المراد.

    إذاً في التفسير قد يكون المعنى ظاهراً، وقد يكون المعنى مما يحتاج إلى بيان، وكونه يحتاج لبيان، إما لخفائه، يعني خفاء هذا المعنى، وإما لاحتماله لأكثر من معنى.

    تدبر القرآن

    لما نتأتي للدبر، التدبر هل هو عملية عقلية، أو عملية وجدانية؟ التدبر عملية عقلية، وما دامت عملية عقلية فهي مرتبطة بالرأي والاجتهاد، ولما نرجع إلى التفسير، هل كل التفسير مرتبط بالرأي والاجتهاد؟ إذاً بعضه مرتبط بالرأي والاجتهاد، وبعضه مرتبط بالنقل، والتفسير عندنا نقل وعندنا رأي واجتهاد، أما التدبر فأصله الرأي والاجتهاد. وهو عملية عقلية.

    إذا كان التدبر عملية عقلية، فالمفسر حينما يتدبر كلام الله سبحانه وتعالى، مثل قوله تعالى: إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ [البقرة:237]، هذا الآن أي المعنيين صواب؟ تحتاج إلى إجراء علمية عقلية وإلا لا؟ تحتاج إلى تفكير وإلى نظر في الآية، وهذا النظر لمعرفة القول الصحيح، أو القول الأولى في الآية، هذا نوع من التدبر. إذاً الآن في هذا النوع أنا أتدبر؛ لكي أفهم المعنى، يعني الآن في هذا النوع أنا أتدبر؛ لكي المعنى إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ [البقرة:237]، الزوج، والدليل على ذلك كذا كذا كذا، وما تستطيع أن تعرف هذا إلا بعد أن تتأمل وتنظر، وإذا كان المعنى معلوماً، يعني ظاهراً مثلما ذكرنا قبل قليل، أو أنك الآن فهمته على وجه معين.

    التدبر بعد فهم المعنى، يدخل في الاستنباط، يعني يشترك مع الاستنباط، إذاً التدبر أوسع من الاستنباط، فالاستنباط نوع من أنواع التدبر.

    وهنا أعطيكم مثالاً في قوله سبحانه وتعالى: وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ [الصافات:107]، اختلف المفسرون في الذبيح على قولين فقط، إما إسماعيل وإما إسحاق.

    لكن في قول الله تعالى: فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ [هود:71]، هذه الآية ما لها علاقة بإسماعيل ، لكن لو قلت لك: تدبر هذه الآية واستنبط منها كون الذبيح إسماعيل ، فما وجه كون الذبيح إسماعيل ؟

    الجواب: الله سبحانه وتعالى في هذه البشرى التي بشر بها إبراهيم ، بشره بـإسحاق ومعه يعقوب ، فلو كان الله سبحانه وتعالى قال له: اذبح إسحاق ، فإنه ظاهر له أنه لن يذبحه؛ لأنه قد وقعت البشرى ، لمن وراء إسحاق ، فلا يتصور أن يطلب منه أن يذبح إسحاق ، فإذاً هذا الآن المعنى بالنسبة لنا، معنى ظاهر، واستنبطنا منه إن الذبيح إسماعيل ، مع أن الآية ما لها علاقة هل الذبيح إسماعيل أو إسحاق . فإذاً هذا النوع من الاستنباطـ هو في الحقيقة لا يأتي إلا من تدبر، إذاً الاستنباط هذا هو جزء من التدبر، ولو تأملنا قضية التدبر سنجد أن قضية التدبر واسعة.

    إذاً التدبر الذي نريد أن نصل إليه، هو واسع جداً، وليس له حدود، يعني التفسير لو تأملناه، نقول: هناك معنى معنيين ثلاثة معاني أربعة معاني خمسة عشرة ويقف، والمعاني تقف، لكن التأمل والتدبر في كلام الله واستنباط أشياء منه كثير جداً ليس لها حصر، وليس لها حد، ولهذا لا زالت العلماء تفهم من كلام الله سبحانه وتعالى وتستنبط منه أشياء كثيرة جداً، مثل استنباط العلماء في كون الذبيح إسماعيل عليه السلام.

    التأثر بالقرآن

    نأتي الآن إلى التأثر، هل التأثر عملية عقلية أو وجدانية؟ هو عملية وجدانية؛ لأنه أحياناً بعض الناس يظن أن التدبر هو نفس التأثر، وهذا شيء، وهذا شيء، وهذه العملية الوجدانية ذكرها الله سبحانه وتعالى في قضية التأثر: اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ [الزمر:23]، والمقصد أن هذه الآية تشير إلى قضية التأثر، وهذا التأثر الوجداني إذا تأملناه أيضاً قد يكون له سبب، وقد يكون أحياناً يهجم على الإنسان من غير سبب.

    طبعاً أسباب التأثر بالقرآن معروفة وذكرها العلماء في آداب القرآن، مثل: قضية الوضوء ومثل التبكير للصلاة، قراءة صلاة النافلة، قراءة القرآن قبل الصلاة، كل هذا لا شك أنها تؤثر حال سماع القرآن من الإمام، كذلك الإنسان مع كثرة إعمال هذه تجده أيضاً يقرأ وهو مقبل على الله سبحانه وتعالى، فتجده يتأثر بآيات القرآن.

    وأحياناً قد يهجم عليك التأثر هذا دون أن يكون هناك سبب معين، وأحياناً قد تتأثر؛ لأن الآية التي تقرأها الآن لها مساس بحياتك اليومية، أو شيء مررت به.

    إذاً أسباب التأثر متعددة، بل إن من إعجازات القرآن أن هذا التأثر حتى يصيب الكفار، وهذا معروف حتى عند كفار مكة، فقد كانوا يستمعون لهذا القرآن ويتأثرون، وإن كانوا لم يؤمنوا؛ لأن التأثر شيء، والإيمان شيء، ويجب أن لا نخلط بينهما، بمعنى أنه قد يتأثر الكافر، لكن لا يؤمن.

    فإذاً المقصد من ذلك، أن هذا التأثر الوجداني شيء من إعجازات القرآن، إذا قرئ على بعض الناس يتأثر، حتى لو كان ما يعرف اللغة أصلاً، ويميز بين كلام الله سبحانه وتعالى، وبين غيره من كلام البشر، لكنه لا يدرك كيف ميز، ولا يدرك لماذا هذا أثر فيه، وهذا الكلام الثاني لم يؤثر فيه، فهذه قضية يجب أيضاً أن ننتبه لها؛ لكي لا تختلط علينا هذه القضايا. صار عندنا إذاً بيان معاني تدبر، قد يكون لبيان المعنى، وقد يكون بعد بيان المعنى، ثم تأثر كلها غير مرتبطة ببعضها.

    العمل بالقرآن

    نأتي الآن إلى القضية الأخيرة وهي العمل بالقرآن اللي هو تأول القرآن، ( لما سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: كان خلقه القرآن )، والمعنى أن الرسول صلى الله عليه وسلم يتخلق بأخلاق القرآن، بمعنى أنه يطبق ما يؤمر به ويعمله، وما ينهى عنه يجتنبه، هذا هو معنى العمل الذي التأول، وأيضاً تقول رضي الله عنها كما في صحيح البخاري وغيره: أ( لما نزلت: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ [النصر:1]، قالت: كان يكثر أن يقول في سجوده: سبحانك ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، يتأول القرآن)، إذاً يتأول معنى يطبق أوامره، ويجتنب نواهيه، هذا معنى التأول، هذه المرحلة مرحلة أيضاً مستقلة.

    الآن لما فهمنا معاني القرآن وعرفناها، ما هو أثره على الواقع الذي نعيشه؟

    طبعاً كل واحد منا لما يقول: من القراءات الشاذة، وهي لها معنى، قال: (صادي والقرآن ذي الذكر)، وهذه قراءة رويت عن الحسن ، يقول: يعني: زن عملك بالقرآن، فأي عمل تعمله، وانظر هل هو مما دل عليه القرآن أم لا؟ أي عمل عملته هل نهى عنه القرآن أو لا؟ بمعنى أنك اجعل القرآن ميزانك، هل هذا العمل مما دل عليه القرآن أو لا؟

    كل واحد منا لما يرجع إلى حياته لو كان يعاملها بهذا سيجد أنه يستطيع أن يتخلص من كثير من الأخلاق السيئة والأعمال السيئة، ويحلي نفسه بكثير من الأخلاق الحميدة، والأعمال الحسنة، ولا يمكن أن يفعلها إلا بهذا.

    وهنا أيضاً قضية العمل أحب أن تنتبهوا لها أنها تأتي بالاجتهاد وبالتوفيق، وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت:69]، فباجتهاد المسلم يصل إلى هذه المرحلة، في اقتضاء العلم العمل، وبتوفيق الله سبحانه وتعالى، فإن حصل له الاجتهاد والتوفيق فهذه نعمة من الله سبحانه وتعالى، بمعنى: أنه لا يلزم أن كل من كان عنده علم أن يكون مطبقاً لما علم، ولهذا ذم الله سبحانه وتعالى اليهود، وقال عنهم: غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7]؛ لأنهم علموا ولم يعلموا.

    إذاً عندنا الآن أربع قضايا: التفسير، والتدبر، والتأثر، والعمل. والاستنباط أدخلناه في مجال التدبر.

    1.   

    معلومات كتب التفسير

    نأتي الآن إلى قضية مرتبطة بهذا، وهي: معلومات كتب التفسير. يعني: هل المفسرون لما كتبوا كتبهم، هل عنوا بهذه القضايا التي نحن اليوم نحس أننا نحتاج إليها، نريد أن نصل إلى التدبر، نريد أن نفهم كلام ربنا، هذه أسئلة الآن ولله الحمد والمنة، ومن نعمة الله سبحانه وتعالى علينا في هذا العصر أن الآن صار في أوبة ورجوع إلى القرآن كما تلاحظون ولله الحمد والمنة. يعني: حلقات التحفيظ المتعددة، ليس في هنا، بل في العالم الإسلامي، تجد الحرص على فهم معاني كلام الله سبحانه وتعالى، والحرص على التدبر، هيئات تقوم يمنة ويسرة مرتبطة بالقرآن ولله الحمد، وهذا في جميع أنحاء العالم الإسلامي، لكن نحتاج إلى تأصيل هذه الأعمال.

    وهنا قضية مهمة وإن كانت استطرادية، أحب أن نتنبه لها، إن أي عمل مرتبط بالقرآن لا يؤصل من علماء القرآن، فإنه سيقع في خلل، كما أن أي عمل فيزيائي يقوم به غير الفيزيائي سيكون فيه خلل؛ لأن بعض المسلمين وفقهم الله وشكر لهم حرصهم وسعيهم، ليسوا بمتخصصين، فيأتون إلى قضايا مرتبطة بالقرآن، ويفتون فيها، ويكتبون فيها الكتابات، ويتكلمون فيها، في مشارق الأرض ومغاربها، وهم لم يتأسسوا في هذا العلم، فتقع منهم إشكالات كبيرة تضطر من له علم بالتفسير، وبعلوم القرآن أن يسد هذه الخروق التي تقع، ثم تقع إشكالات في فهم أو نقص علم من يسمع هذا، إنه كيف فلان يقول كذا، وفلان يقول كذا، فتأتي بعض الإشكالات التي قد لا يدركها الجمهور، ولكنها في الحقيقة هي: توصل إلى أمر سيئ، فنقول: أي علم إذا لم يقم به أهله فلا شك أنه يكون فيه خلل، ولو أن عالماً بالرياضيات أراد أن يدرس الفيزياء قد يدرس بعض قضايا؛ لأنها مرتبطة بالرياضيات، لكن هناك قضايا تأصيلية ما يستطيعها، وكذلك المسلم كونه يعرف لغة العرب، ويرجع إليها ويقرأ تفسير ابن كثير ، ويقرأ في تفسير فلان كذا، لا يعني أنه يستطيع أن يفهم المعنى، وأنه يوصل ما بعد هذا المعنى الناس، فهذا يجب أن نتنبه له.

    وأنا أقول مع الأسف أن هذا الأمر واقع في عصرنا ونشاهده، وقل يوم إلا ونسمع إما في إذاعة، وإما في قنوات، وإما في جريدة من هو محسوب على المسلمين، وتجده يقع عنده خلل كبير جداً في هذه القضايا.

    إذاً إذا نظرنا الآن إلى قضية معلومات كتب التفسير، هل كانت تعنى بهذا الجانب، أو لا؟ نقول: نعم، لكن ليس بالكثرة التي نحتاجه نحن اليوم؛ لأننا صرنا نطلب أشياء قد لا يكون العلماء في السابق انتبهوا لها وأرادوا كتابتها، يعني: انتبهوا لها من جهة الكتابة، وإنما كانت قد تكون موجودة عندهم، لكن لم يدونوها، ودونها بعضهم في كتب مستقلة.

    وهذه المعلومات التي في كتب التفسير يمكن أن نقسمها إلى أنواع:

    أنواع المعلومات التي في كتب التفسير

    النوع الأول: بيان المعاني: وهذا الذي قلنا عنه صلب التفسير، ولا يوجد كتاب في التفسير ليس فيه بيان للمعاني، وإلا ما يكون تفسيراً، هذا إذاً النوع الأول من المعلومات.

    النوع الثاني: علوم القرآن، وهو غير التفسير، وهي مرتبطة بالقرآن من علومه، تكون علوم القرآن، ونأتي إن شاء الله إلى ذكرها.

    النوع الثالث: الاستنباطات والفوائد، وهذه يعنى بها كثير الآن من الطلاب، فتجدهم يبحثون عن مثل الاستنباطات والفوائد في كتب التفسير.

    النوع الرابع: معلومات عامة.

    وبيان المعاني سبق أنه هو المقصود بالتفسير، يعني هل تتصور مثلاً تفسير الجلالين ما يكون فيه بيان معاني، لا يمكن أن يسمى تفسيراً، وليس فيه معاني.

    أما علوم القرآن فهذه قد تتداخل أحياناً مع علوم التفسير فيقع فيه نوع من التباس، كما قلنا قبل قليل قاعدة: أي معلومة ليس لها أثر بيان فهي من علم التفسير، وقد تكون من علوم القرآن، وقد تكون من معلومات عامة، مثال ذلك: لما نأتي إلى سورة الفاتحة، في مثل قوله سبحانه وتعالى: غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7]، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7]، لما آتي وأقول لك: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7]، الآن العلوم الموجودة فيها، أول علم اللي فيها اللي علم التفسير، الأصول بالتفسير، وهو جزء من علوم القرآن، لكن نفرده؛ لأنه مقصد خاص به، يعني بنفسه، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7]، أي: صراط من أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء، كم فسر بعض العلماء هذا، فيكون تبين المعنى، إذا قلت لك: وقع خلاف بين العلماء هل قوله: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7]، هي الآية السادسة، أو الآية السابعة؟ المعلومة هذه الآن، هل من علوم التفسير وإلا من علوم القرآن؟ هذه القضية من علوم القرآن، وليس لها في التفسير، لا يتأثر المعنى في كونها الآية رقم ستة أو الآية رقم سبعة، ما يتأثر بها المعنى.

    فإذاً لاحظ أن عد الآيات يعتبر من العلوم التي لا يتأثر بها المعنى، كذلك اسم السورة لا يؤثر في المعاني، وإن كان قد يؤثر في قضايا أخرى في مقاصد السورة وغيرها، لكن كون السورة اسمها البقرة، أو هي وآل عمران تسمى بالزهراوين، ما يؤثر في فهم المعاني، وكون عدد آيات البقرة مائتان وستة وثمانون، أو وخمسة وثمانون على خلاف في العد ما يؤثر. كونها مكية ومدنية قد يؤثر أحياناً وقد لا يؤثر أحياناً، وقس على ذلك فضائل السورة، كون سورة البقرة من فضائلها أنها لا تستطيعها البطلة، كذلك فضائل السورة لا يؤثر في فهم المعنى، لكنها من علوم السورة، والتي في النهاية تكون من علوم القرآن.

    مثلاً قوله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58]، قيل إنها نزلت في جوف الكعبة، وكونها نزلت في جوف الكعبة، هل لها أثر في فهم المعاني، لا، لكنه من علوم الآية، يعني علمنا الآن مكان نزولها الخاص، ومكان نزولها العام، ثم زمن النزول، فهي في جوف الكعبة، مكية المكان، مدنية الزمان؛ لأنها بعد الهجرة. إذاً قوله: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ [النساء:58] فيها ثلاث قضايا مرتبطة بالنزول، المكان الخاص بها، اللي جوف الكعبة، المكان العام كونها في مكة، ثم الزمان كونها بعد الهجرة، فتكون مدنية من هذه الجهة، وهذه المعلومات كلها الثلاث ما لها أثر في فهم الآية وفي تفسيرها.

    فإذاً المقصد من ذلك: أن نفرق بين أن كل معلومة من أنواع علوم القرآن، لا تؤثر في فهم المعنى، فإنها من علوم القرآن، وكل معلومة من علوم القرآن من أنواع القرآن تؤثر في فهم المعنى، فهي من التفسير.

    الاستنباطات والفوائد التي قد تكون أحياناً فقهية، حكمية، قد تكون أحياناً سلوكية وأخلاقية وتربوية، قد تكون أحياناً فوائد علمية عامة، يعني متعددة جداً، فإذاً الاستنباطات هذه لو تأملناها نجد أنها استنباطات عامة وكثيرة جداً، وبعضها قد يكون قريباً إلى الذهن والفهم، وبعضها قد يكون بعيداً عن الذهن والفهم، على حسب قدرة المستنبط، لكنها في النهاية أقول: يجمعها أنها استنبطت من الآيات، وهذه المستنبطات أيضاً ليست من صلب التفسير.

    على سبيل المثال أيضاً الشافعي في قوله سبحانه وتعالى: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين:15]، سئل الشافعي عن هذه الآية، قال: لما حجب قوم في حال السخط، دل على أن قوماً يرونه في حال الرضا، فاستدل بها على رؤية الباري سبحانه وتعالى، وهنا سياق الآية، هل جاء لإثبات رؤية الباري، أو منطوقها جاء لنفي رؤية الكفار لربهم؟ المنطوق اللي هو التفسير فيه نفي رؤية الكفار لربهم، فلو ما أدركنا أن الآية تدل على الرؤية، هل يتأثر بيان المعنى عندنا؟ ما يتأثر، ما دام ما يتأثر إذاً المعلومة هذه في الحقيقة استنباط، وما دامت استنباطاً هي خرجت عن صلب التفسير، ولكنها تعتبر من علوم الآية، اللي هو مفهوم المخالفة.

    وقس على ذلك كثير من الاستنباطات والفوائد التي يحكيها المفسرون مثل كتاب السيوطي الإكليل في استنباط التنزيل، فهناك أمثلة كثيرة لاستنباطات العلماء، وهي دقيقة جداً، ولا نريد أن ندخل في قضية الاستنباطات كالقرطبي الذي توسع وشقق المسائل لا، إنما نريد الاستنباطات المباشرة من الآيات، أما تشقيق المسائل هذا لا حد له، ولهذا الرازي رحمه الله تعالى لما ادعى أنه يستطيع أن يكتب مجلداً في سورة الفاتحة، فلما أكبروا ذلك منه كتب مجلداً في تفسير سورة الفاتحة، لكن تفسير سورة الفاتحة كله لا يؤخذ ولا نصف صفحة، فالباقي من المجلد هذا هي تشقيقات مسائل، فإذا دخلنا في تشقيق المسائل، هذا لا حد له ولا حصر، ومعلومات القرآن في مثل هذا لا تنتهي، لكن قصدنا الآن الاستنباطات المباشرة.

    المعلومات العامة لا يكاد يخلو منها تفسير، مثلاً أبو حيان رحمه الله تعالى في كتاب البحر المحيط، اعتنى بعلم النحو مثلاً، ويمكن أن تعيد ترتيبه على كتاب من كتب النحو، فلا تكاد تجد مسألة من مسائل النحو إلا و أبو حيان قد تكلم عنها في كتابه البحر المحيط.

    كذلك الزمخشري اعتنى بالبلاغة مثلاً، وأيضاً الطاهر بن عاشور مثلاً اعتنى بالبلاغة، وقس على ذلك أمثلة كثيرة جداً من العلوم التي هي من المعلومات العامة، التي يذكرها المؤلف بسبب براعته في هذا، بل أحياناً قد تصل إلى أن تكون هذه العلوم خارج إطار العلوم الإسلامية، مثل: علم الفلسفة وعلم المنطق وغيرها، فيذكرون شيئاً من جملتها في بعض كتب التفسير، وليس في كلها، يعني: قد تذكر وهي لا علاقة لها لا بعلوم القرآن، ولا بالاستنباط، ولا حتى ببيان المعاني، وإنما هي إضافات يضيفها العلماء.

    أثر تقسيم المعلومات الموجودة في كتب التفسير

    قد يقول قائل: هل هذا التقسيم الفني له أثر علينا؟

    أقول: من خلال التجربة والتطبيق أقل فائدة في هذا هو ترتيب المعلومات بالنسبة للقارئ ولغيره. مثلاً الآن لما أنا يكون عندي تصور عام، أنه أي كتاب من كتب التفسير لا يخلو من أن يكون فيه واحد، اثنين، ثلاثة، أربعة، إذا جئت أقرأ، ما هو الشيء الذي يجب أن أُعنى به أولاً؟ بيان المعنى، ولكن الواقع أننا نعنى بما بعد بيان المعنى أكثر من عنايتنا ببيان المعنى، فلو قلنا: سنقيم درساً في التفسير، نقرأ فيه على سبيل المثال التفسير الميسر؛ لأنه مختصر وفي بيان المعاني جملةً، وتعليقات يسيرة، كم تتوقع يحضر من الطلاب ويداوم؟ قليل، لكن قل: عندنا دورة مثلاً في الاستنباط سيكون الحضور أكثر، لكن لو تأملت في الحاضرين، ليس كلهم يفهم المعاني ويتقنها، ولذا أقول من باب النصيحة: اعتنوا بهذا الباب الذي هو باب بيان المعاني، فإن الله سبحانه وتعالى أنزل كتابه لكي يفهم، وأنت لا تسطيع أن تتدبر، وأن تستنبط، وأن تعمل إلا بعد الفهم، والطبري رحمه الله في مقدمة تفسيره أشار إلى هذه الحيثية، أنه لا يمكن تدبر القرآن من دون الفهم، المرحلة الأول هي فهم المعاني، ولذا أقول: يجب علينا جميعاً أن نركز على هذا الباب، ما نترك فهم المعاني إلى ما بعده، وإذا فهمنا المعنى ننتقل إلى المرحلة التي بعدها، وهي مرحلة التدبر.

    إذاً إذا أردت أنا ألقي درساً في التفسير أعتني ببيان المعاني، بعد ذلك آتي للمعلومات الأخرى الموجودة في الآيات، من علوم السورة، أو علوم الآية وأذكرها.

    إذاً هذه أكبر الفوائد التي نستفيدها من معرفة ما تحتويه كتب التفسير.

    لكن هل نستطيع نظرياً أن نطبق مثل هذه في سورة: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ، بعد أن أخذت المعلومات، رتب لنا الآن هذه السورة بناءً على هذه الترتيبات، أعطنا: بيان المعنى، ثم اذكر بعض علوم للسورة، يعني اسم السورة، مكان نزولها، زمن نزولها، عدد آياتها، فضلها إذا كان لها فضل، يعني معلومات تكون في موضوع السورة، مقصد السورة إذا كان لها مقصد واضح، يعني معلومات عامة، ثم بعد ذلك إذا كان في الآيات خلاف، أو ما هناك خلاف من جهة العدد، هل في الآيات علوم خاصة أو ليس فيها علوم خاصة، يعني فيها ناسخ ومنسوخ، فيها محكم ومتشابه، فيها عام خاص إلى آخره، بحيث أنه فيما بعد تجتمع عندك بيان المعاني، وعلوم القرآن التي في السورة والآية، وبعض الاستنباطات، ثم بعد ذلك إذا كان هناك معلومات عامة، وهكذا لو أنك رتبت الدرس على هذا، يمكن أن يكون درساً نموذجياً وكما يقال: لكل شيخ طريقة، وهذه أحد الطرق التي يمكن يلقى بها درس التفسير، وفي نظري بإذن الله أنه سيكون هناك نوع من ترتيب المعلومات للمتلقي، ويعرف المتلقي ماذا يستفيد أولاً، أو ماذا يجب عليه أن يأخذ أولاً.

    قد يقول قائل: إذا وقع خلاف بين المفسرين، ماذا أعمل؟ هو في الحقيقة سيدخل في الأول الذي هو بيان المعاني، يعني لا بد أن تحرر الاختلاف؛ لكي يتبين المعنى، فإذاً تحرير الخلاف هو من بيان المعاني.

    1.   

    بعض مشكلات دروس التفسير

    كذلك من المشكلات الواقعة عندنا، أن بعض الشباب إذا خرجوا مثلاً في رحلة، أو كذا، يقولون لفلان: حضر درساً في التفسير مثلاً، حضر الآيات الفلانية، الإشكالية التي تقع: أن هؤلاء الشباب الذين نطلب منهم أن يحضروا درساً في التفسير، ليس عندهم أداة فهم المعنى، ولا أداة ماذا يمكن أن ينقل أصلاً، يعني لو كان يحسن أن يقرأ المكتوب فهذا بركة.

    فأقول: يجب أن ينتبه أن هذا من التسور على كتاب الله، ولا يبعد أن يدخل في قوله سبحانه وتعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ [الأعراف:33]، إلى أن قال: وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33]، لماذا؟ لأن كل واحد منا لما يريد أن يحضر، يحرص على أن يأتي بشيء لم يأتِ به زملاؤه، أو لا يأتي بشيء يحس أنه مفيد لزملائه، فتجد من الاستنباطات الشيء العجيب، فهذا لا يصلح؛ لأن مثل هذه الدروس ليست من باب التدريب على الاستنباط، التدريب على الاستنباط يكون مع عالم، ما يكون في مجموعات أكثرهم علماً لا يعرف أصلاً في التفسير وغيره، وهذه المراحل قد عشنا شيئاً منها، فأرجو أن لا تكرر مثل هذه القضية، فإن قيل: ماذا نفعل؟ فالحل أن يقرأ كتاباً مختصراً في التفسير، ويتناول الجوانب القريبة منه دون الولوج في مثل هذه القضايا، فلا تجعلوا الطلاب، أو تعودوهم على أن يتسوروا كلام الله سبحانه وتعالى، ويقولوا فيه بلا علم!

    مع ملاحظة أيضاً أن بعض الفوائد أو بعض الاستنباطات قد ترد عليك، فورودها عليك، ليس لك فيه قدرة، لكن الإشكالية حينما تتبنى هذه الخواطر، وتنشرها بين الملأ على أنها فوائد واستنباطات وفتوحات ربانية، فهذه هنا المشكلة، يجب أيضاً أن نفرق بين هذه وهذه؛ لأن بعض الأحيان يسأل بعض الشباب، ويقول: أنا وأنا أقرأ تتطلع لي بعض المعاني، يعني أفهم أن الآية معناها كذا، هل هذا حرام؟ نقول: لا، هذا ليس بحرام؛ لأن هذا المعنى الذي هجم عليك، ليس لك فيه قدرة أن ترده، لكن الحرام أنك تتبناه دون علم، وتظهره بين الناس وتدافع عنه، فإنما إذا ظهرت مثل المعاني، يسأل أهل العلم عنه، ويستفصل منهم، هل هذا المعنى صحيح أو ليس بصحيح؟

    1.   

    الأسئلة

    كتب التفسير المهتمة بمادة التفسير أصالة

    السؤال: أريد كتاباً في التفسير يهتم بصلب التفسير دون غيره.

    الجواب: هذا يوجد في التفاسير المختصَرة، التي بناها من كتب على الاختصار، مثل: التفسير الميسر، الذي صدر عن مجمع الملك فهد رحمه الله، وهناك أيضاً المنتخب الذي طبع في مصر ، هذا أيضاً يعتني بصلب التفسير، وهناك مجموعة من التفاسير، خصوصاً في هذا العصر، فقد اعتنى كثير من المعاصرين بإخراج مثل هذه الكتب.

    أحسن ما كتب في صلب التفسير

    السؤال: ما هو الكتاب الذي ترونه أحسن ما كتب في صلب التفسير دون ما عداه من العلوم؟

    لجواب: لا، أحسن كذا، هذه صعبة، لكن الكتاب الذي قلت لكم، وغيره من الكتب التي عنيت ببيان المعاني فقط، مما يمكن أن يقرأ، أما أحسن هذه، فيصعب أنه يحكم بهذه النتيجة.

    استخراج فوائد من السور دون الاستناد لكتب التفسير

    السؤال: إذا أخرج أحدنا الفوائد الموجودة في سورة معينة، أو كانت فوائده واضحة، ولم يستند لكتاب تفسير، فهل هذا يعتبر حراماً؟ حتى ولو كانت هذه الفوائد صحيحة؟

    الجواب: هو مشكلة الآن أنك حكمت بأنها صحيحة، من أين حكمت بأنها صحيحة؟ ما دام وصلت إلى أن تحكم بأنها صحيحة، ما عليك حرام إن شاء الله! أحسنت ما شاء الله عليك يعني سألت وأجبت، يعني هو يقول: هذه الفوائد واضحة، وأنها فوائد صحيحة، ما دام وصلت إلى أنها بالفعل فوائد صحيحة، فما تحتاج إلى أن تسأل هذا السؤال، لكن كثير من الأحيان نظن أنها صحيحة، وفي الحقيقة ليست بصحيحة، فاحذروا من هذا.

    تقديم علم العقيدة على علم التفسير

    السؤال: هل يقدم علم العقيدة على علم التفسير؟

    الجواب: تقديم علم على علم هذه ليس لها ميزان ولا قاعدة، ولا ضابط، لكن الأهم أن تعلم من كل علم ما تستطيع أن تفهم به جملة هذا العلم، ثم بعد ذلك تتخصص في ما ترى نفسك ترتاح إليه، وتنساب إليه، أما أن نقول: هذا العلم أفضل من هذا العلم، أو تعلم هذا العلم لا بد إلى آخره، أنا لا أرى هذا أسلوباً، وإنما نقول: تعلم أصول هذا العلوم كلها، ثم تخصص في ما تميل إليه.

    الجمع بين الحفظ والتفسير للقرآن

    السؤال: هل أحفظ وأراجع التفسير بعناية، أم ماذا؟

    الجواب: هذا أيضاً ترجع إلى كل شخص، يعني كل شخص عنده طريقته التي يرتاح إليها، بعض الناس يرتاح إلى أنه يحفظ بطريقة معينة، يقرأ بطريقة معينة، إذا قرأ حفظ جزءاً من القرآن، راجع تفسيره، وبعضهم يحب أن يحفظ تباعاً، فليس لها قاعدة معينة، ولا طريقة مثلاً تصبح طريقتك، ولا طريقك تصلح لطريقة فلان، وهكذا، فلذا هذا السؤال هو في الحقيقة راجع إلى ما يستطيعه الإنسان، لكن يكون يعرف بالفعل كيف يتمم هدفه، ما يكون متنقلاً.

    منزلة بيان المحكم والمتشابه في القرآن

    السؤال: هل بيان المحكم والمتشابه من بيان المعاني القرآنية؟

    الجواب: نعم، هو جزء كبير جداً منه مرتبط ببيان المعاني، وليس هذه طبعاً مجال التفصيل، لكن من باب الفائدة، قضية المتشابه بالذات، هي على قسمين: هناك المتشابه الكلي، وهذا لا علاقة له بالمعاني، ولا علاقة له بالتفسير، وهو الذي لا يعلمه إلا الله.

    وهناك المتشابه النسبي: وله علاقة بالمحكم والمتشابه، وهذا الذي يكون فيه علاقة بالتفسير.

    عدد آيات سورة الفاتحة

    السؤال: سورة الفاتحة ثمان آيات، وسميت بالسبع المثاني، فكيف نفرق بين القولين؟

    الجواب: ليست ثمان آيات، من قال: إنها ثمان آيات! هي سبع آيات، لكن إذا قلنا إن: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7]، آية رقم ستة، تكون البسملة ليست معدودة من الفاتحة، وإن كانت آية مستقلة، يعني إذا قلنا: بِسْمِ اللهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ [الفاتحة:1]، واحد، تكون: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، آية كاملة، فهذه ما فيها يعني سؤال فيه، يعني لبس عند السائل.

    قراءة تفسير المنار والظلال للمبتدئ

    السؤال: هل تنصح طالب العلم المبتدئ بالقراءة في كتب المتأخرين في التفسير، مثل: تفسير المنار، وفي ظلال القرآن؟

    الجواب: هو أجاب عن نفسه، ما دام مبتدئاً، قطعاً هذه لا تصلح أن تكون للمبتدئين.

    تقييم كتاب الراغب الأصفهاني في غريب القرآن

    السؤال: سؤال عن تفسير مفردات الراغب الأصفهاني .

    الجواب: كتب الأصفهاني عموماً كتب جيدة، والأصفهاني رحمه الله تعالى من المتميزين في التأليف، وكتابه في الغريب من أنفس كتب الغريب، ولكن هذا أيضاً لا يصلح للمبتدئين، ويستفيد منه طلاب العلم، وفيه نفائس كثيرة جدة، خصوصاً في تأصيل أصل لفظ، وتقسيماته في القرآن، ويعنى بذلك عناية كبيرة جداً.

    طريقة فهم تفسير الجلالين وزبدة التفسير

    السؤال: إذا قرأت كتاباً مثل الجلالين، أو زبدة التفسير، ولم يبق منه شيء، فما الطريقة لفهمه واستحضاره؟

    الجواب: أنت الآن فقط مجرد قراءة يعني اللي هي استعراض، وليست للفهم. من باب الفائدة: تفسير الجلالين مع وجازته من الكتب الصعبة، يعني ليس كل تفسير مختصر يكون صالحاً للتدريس، وهذا الكتاب يقرأه الطلاب على المشايخ لفك عباراته، كذلك تفسير البيضاوي ، فأنا لا أنصح المبتدئين بمثل هذا الكتاب.

    أما زبدة التفسير، نعم وإن كان فيه نقص في بعض المعاني، لكن من حيث الجملة يمكن الاستفادة منه ويفهم. وقضية الاستحضار قضية أخرى مثل قضية الحفظ، كيف تستطيع أن تستحضر المعاني، مثل كيف تحفظ القرآن، أي: لا بد من التكرار والمداومة على قراءة هذه الكتب.

    كيفية تحديد مستوى الطالب ودرجته

    السؤال: كيف يقيس طالب العلم أنه من المبتدئين أو من المتوسطين؟

    الجواب: هذه ما لها قياس محدد، ما هناك ميزان، لكن هذه من خلال الممارسة والمعرفة يستطيع أن يعرف، وكذلك إذا كان مرتبطاً بمشايخ يعرف، وهم يخبرونه، هل يستطيع أن يقرأ هذا، وما يقرأ هذا، هذه تأتي بالخبرة، ما لها يعني ميزان محدد.

    التوفيق بين آية (فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس...) وآية (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان)

    السؤال: قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ [العنكبوت:10]، كيف نوفق بينه وبين قوله: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [النحل:106]؟

    الجواب: الأول: ما أكره، والثاني: أكره، فقط، يعني ما هناك بينهم تناقض، يعني الأول لم يكره، والثاني: أكره، وهذا الذي يسمى موهم الاختلاف، أو موهم التعارض، والوهم: إنما يكون من القارئ، وليس طبعاً في آيات الله؛ لأن آيات الله سبحانه وتعالى، ليس فيها اختلاف أو تناقض، وإنما هي ما يقع وهماً عند الإنسان.

    كتاب التفسير المناسب لطالب العلم

    السؤال: ما الكتاب الذي تنصح به طالب العلم في التفسير؟

    الجواب: يعني المختصرات الموجودة لـابن كثير، طبعاً لا أحدد مختصراً معيناً، وإن كان بعضها يتميز عن بعض، أو مثل التفسير الميسر، أو غيره من التفاسير التي كتبت بهذه، يعني: قصدت الوجازة، لكن بشرط: أن تكون سهلة العبارة، ما تكون مثل التفسير.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756384979