أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا ابن عون عن حفصة عن أم الرائح عن سلمان بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة) ].
يقول النسائي رحمه الله: الصدقة على الأقارب.
الصدقة على الأقارب إذا كانوا أصولاً وفروعاً فإنها لا تكون عليهم الصدقة، ولكن إذا كانوا ليسوا بأصول ولا بفروع كالإخوان، والأخوات، والخالات، والعمات، فإنها تحل لهم الصدقة، لكن لا ينبغي للإنسان أن يجعل الزكاة أو الصدقة وقاية لماله فيعطيها أقاربه من أجل أن يسلم من إعطائهم شيئاً من ماله، فيجعلها وقاية للمال، ويكون إعطاؤه أقاربه من الصدقة حتى يسلم ماله فلا يؤخذ منه شيئاً غير الصدقة؛ لأن الأقارب لهم حق غير الزكاة؛ الأقارب لهم حق وإن لم يكن الإنسان ذا زكاة، وهذا من صلة الأرحام، لكن إذا كان المال قليلاً ولا يتسع لإعطاء الأقارب من المال، فكونه يعطي أقاربه زكاته إذا كانت قليلة لا شك أنه أولى؛ فالأقارب الذين لا تجب عليه نفقتهم هم أولى الناس ببره وإحسانه ومعروفه، وهي صدقة وصلة.
وعلى هذا فالصدقة على الأقارب فيها تفصيل؛ هناك أناس لا تصرف لهم الصدقة وهم الأصول والفروع، وهنالك من تحل لهم الصدقة وهم غير الأصول والفروع، لكن لا يجوز أن تتخذ الصدقة أو الزكاة وقاية للمال، فيتخلص من حقوقهم عليه بإعطائهم الصدقة أو الزكاة، ليسلم من حقوقهم التي هي عليه؛ لأن القريب له حق القرابة وحق الصلة فلا يجعلها وقاية لماله. فإذا كان المال قليلاً فالزكاة أو الصدقة هم أحق بها.
وقد أورد النسائي حديث سلمان بن عامر رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( الصدقة على المسكين صدقة )، وهي على القريب صدقة وصلة، فهي على القريب اثنتان صدقة وصلة. أما المسكين الذي هو ليس بقريب فالصدقة عليه صدقة فقط؛ لأنه ما هناك علاقة تربطه بالمتصدق، وإذا كان المسكين الذي يعطيه المتصدق قريباً فهي صدقة وصلة، صدقة عليه وصلة له، وهذا يدلنا على أن الأقارب أولى الناس بالبر والإحسان، فمن حيث التطوع وصدقة التطوع هم أولى الناس بها إذا كانوا محتاجين.
وبالنسبة للزكاة التي هي الصدقة الواجبة -كما أسلفت- فإنه لا يصلح أن تعطى للأصول والفروع، وإذا كان المال قليلاً وزكاته قليلة ولا يتسع المال لإعطاء الأقارب منه، واحتاج إلى أن يعطيهم من الزكاة، فإن ذلك لا بأس به؛ لأنها صدقة وصلة، وأولى الناس ببره وإحسانه وصدقته هم أقاربه، ومن تربطهم به قرابة، فهم أولى الناس ببره وإحسانه.
فالحديث يدل على فضل الصدقة على الأقارب، وأن الصدقة عليهم تجمع بين خصلتين محمودتين، وهما: الإحسان بالتصدق، وكذلك الصلة لذوي الأرحام بأن يصل إليهم بره وإحسانه وصدقته عليهم.
هو محمد بن عبد الأعلى الصنعاني البصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا خالد ].
هو ابن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن عون ].
هو عبد الله بن عون البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حفصة ].
هي حفصة بنت سيرين، وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم الرائح ].
هي الرباب بنت صليع، وهي مقبولة، أخرج حديثها البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن سلمان بن عامر ].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري وأصحاب السنن الأربعة.
أورد النسائي حديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود عن بلال رضي الله تعالى عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( تصدقن ولو من حليكن )، الحديث فيه شيء عن زينب وفيه شيء لم تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه بواسطة بلال حيث سأل وأخبرهن، فالحديث أوله هو أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب النساء، وقال للنساء: ( تصدقن ولو من حليكن )، فكانت زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود سألت زوجها عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، قالت: أيسعني أن أجعل صدقتي فيك وفي أبناء أخ لي أيتام، فقال لها: سلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهبت لتسأله، ووقفت في الباب، ووجدت امرأة حاجتها مثل حاجتها، أنصارية اسمها زينب تريد أن تسأل نفس السؤال الذي تسأل عنه زينب الثقفية ، فوقفتا وقالتا لبلال : انطلق واسأله، ولا تخبره من نحن، فأخبره بأن امرأتان تسألان -يعني: بالباب- عن كذا وكذا، فقال: من هما؟ قال: زينب، قال: أي الزيانب، قال: زينب امرأة عبد الله وزينب الأنصارية ، وكان قد أخبره بسؤالهما، فقال: نعم، لهما أجران: أجر القرابة وأجر الصدقة ].
(لهما أجران) يعني: لهاتين المرأتين السائلتين أجران: أجر القرابة وأجر الصدقة، (أجر القرابة وأجر الصدقة)، أي: أجر صلة القرابة، وأجر الصدقة، فهو مثل الحديث الذي تقدم: ( الصدقة على المسكين صدقة، وعلى القريب صدقة وصلة )، وهذا الكلام الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لـبلال ليخبر به هاتين المرأتين هو مثل الكلام في الحديث السابق، لهما أجر القرابة، وأجر الصدقة، أي: أجر صلة القرابة، أجر صلة القرابة.
وأجر الصدقة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال للنساء: ( تصدقن ولو من حليكن )، فيه: الحث على الصدقة ولو كانت من هذه الأشياء التي تكون حاجة النساء إليها قائمة، وهي الحلي التي تتجمل به لزوجها، وهذا يدل على أنها ليست الصدقة الواجبة؛ لأن قوله: ( تصدقن ولو من حليكن ) يشعر بأنها غير الصدقة الواجبة؛ لأن الزكاة إنما تجب في المال الذي بلغ النصاب وحال عليه الحول، وهنا قال: تصدقن ولو من حليكن، وهو ما لا تستغني عنه المرأة، والذي تحتاجه المرأة للتجمل الذي هو الحلي، فالحديث يشعر أنه ليس في الزكاة الواجبة، لكن السؤال الذي قالته امرأة عبد الله يشعر بأنه إنما هو لصدقة واجبة؛ لأنه لو كان المقصود بالصدقة المندوبة المستحبة لكان أمرها هين، وتوضع في الفقير الذي يحتاجها، والذي يستحقها، وهي صدقة وصلة، لكن الشيء الذي يحتاج إلى معرفته هو الزكاة الواجبة، هل توضع في القريب المحتاج أو لا توضع؟ عرفنا آنفاً التفصيل الذي فيه، وأن الأصول والفروع لا تكون الصدقة لهم، وأما غير الأصول كالحواشي، فإن الصدقة لهم فيها التفصيل الذي أشرت إليه، حيث لا يكون هناك وقاية للمال بأن يتخلص الإنسان من حق القرابة بدفع الزكاة للأقارب؛ ليتخلص بذلك من الحقوق التي على القريب بسبب القرابة.
( تصدقن ولو من حليكن )، فقالت امرأة عبد الله: أيسعني؟ يعني: تسأله، يعني: قد يكون عنده علم في ذلك، فلم يكن عنده علم، فأحالها إلى أن تسأل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يسأل هو ولم يشأ أن يسأل، يعني: يبدو استحياءً؛ لأن كونه يذهب ويستفتي هل زوجته تعطيه صدقتها؟ يعني: قد يكون هناك شيء يقتضي أن لا يفعل ذلك، بل جعلها هي التي تسأل؛ لأنها صاحبة الصدقة وصاحبة الزكاة، فذهبت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ووجدت على الباب امرأة حاجتها كحاجتها، فطلبت من بلال أن يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يخبره من هما، يعني: المقصود أنه لا يقول فلانة وفلانة تسألني عن كذا وكذا ابتداءً، فلا ينافي كونه لما سأله الرسول صلى الله عليه وسلم قال: فلانة وفلانة؛ لأن المقصود أنه لا يخبر ابتداءً؛ لأنها قالت له: لا تخبر من نحن، يعني: أرادت منه أن لا يقول: فلانة وفلانة تسأل عن كذا وكذا، وإنما يقول: امرأتان تسألان عن كذا وكذا، فلما سأله الرسول صلى الله عليه وسلم من هما؟ أجابه، فقال: زينب امرأة عبد الله وزينب الأنصارية، فكونه أجاب الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينافي قولهن له: لا تخبره من نحن؛ لأن المقصود أنه لا يخبرهن بالسؤال، لا يقول له: فلانة وفلانة تسألني عن كذا وكذا، قل: امرأتان تسألان عن كذا وكذا، لكن إذا سأل الرسول صلى الله عليه وسلم فيجاب، ولا ينافي هذا كونه يقال: إنه خالف ما أردن منه؛ لأنه لم يخالف؛ لأن المقصود من ذلك هو أنه لا يخبر ابتداءً، فيقول: فلانة وفلانة تسألاني، أما إذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم من هما؟ فيتعين عليه أن يجيب الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يخبره بأسمائهما، فلا تنافي بين هذا وهذا.
فالرسول عليه الصلاة والسلام قال: ( لهما أجر القرابة وأجر الصدقة )، (لهما أجر القرابة)، أي: أجر صلة القرابة، (وأجر الصدقة)، وهذا هو محل الشاهد للترجمة من الحديث؛ الشاهد من الحديث للترجمة: الصدقة على الأقارب، وهو متفق مع حديث سلمان بن عامر المتقدم: (وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة).
ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا غندر ].
هو محمد بن جعفر البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وغندر لقب اشتهر به محمد بن جعفر، ويأتي كثيراً باسمه، ويأتي أحياناً بلقبه كما هنا، ومعرفة ألقاب المحدثين نوع من أنواع علوم الحديث، وفائدة معرفة ذلك النوع: أن لا يظن الشخص الواحد شخصين فيما إذا ذكر باسمه في بعض المواضع وذكر بلقبه في بعض المواضع؛ فالذي لا يعرف أن غندر لقب لـمحمد بن جعفر البصري يظن أن محمد بن جعفر شخص وأن غندر شخص آخر، لكن من عرف ذلك لا يلتبس عليه هذا، فهنا ذكر محمد بن جعفر البصري بلقبه، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن سليمان ].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الأعمش، ويأتي باسمه كما هنا، ويأتي بلقبه الأعمش كثيراً، فهو مثل محمد بن جعفر، يأتي باسمه ويأتي بلقبه، وقد جاء محمد بن جعفر بلقبه هنا، ويأتي الأعمش كثيراً بلقبه، وقد جاء باسمه هنا، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي وائل ].
هو شقيق بن سلمة الكوفي ، وهو ثقة، مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو وائل ، ومشهور باسمه أيضاً، ولهذا يأتي في بعض الأحاديث شقيق بن سلمة، وفي بعضها شقيق بدون نسبة، ويأتي في بعضها بكنيته كثيراً كما هنا أبو وائل، وفائدة معرفة كنى أصحاب الأسماء هي مثل فائدة معرفة ألقاب المحدثين، وهي أن لا يظن الشخص الواحد شخصين فيما إذا ذكر بكنيته في بعض المواضع وذكر باسمه في بعض المواضع، فمن لا يعرف الحقيقة يظن أن هذا شخص وهذا شخص، ومن يعرف الحقيقة لا يلتبس عليه الأمر، وحديث شقيق بن سلمة أبو وائل أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن الحارث ].
هو عمرو بن الحارث الثقفي، وهو ابن أخي زينب الثقفية، امرأة عبد الله بن مسعود، يعني: يروي عن عمته، يعني: عمرو بن الحارث الثقفي يروي عن عمته زينب الثقفية، فهو رواية قريب عن قريب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زينب ].
هي زينب بنت معاوية الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والحديث كما ذكرت أوله يعني: هو عن زينب؛ لأن قول الرسول: (تصدقن ولو من حليكن)، هذا الراوية له زينب، لكن آخره الذي فيه الصدقة والصلة لم تسمعه زينب من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنها كانت في الباب، ولكنها أرسلت رسولاً، وواسطة بينها وبينه وهو بلال، ولهذا قال: [ نعم لهما أجران، أجر القرابة وأجر الصلة] فالحديث أوله عن زينب نفسها، وآخره عن بلال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلال صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا أبو داود حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب : أن أبا عبيد مولى عبد الرحمن بن أزهر أخبره أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( لأن يحتزم أحدكم حزمة حطب على ظهره فيبيعها خير من أن يسأل رجلاً فيعطيه أو يمنعه ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: المسألة، يعني: ذمها، المقصود من الترجمة ذمها، وأنه لا ينبغي للإنسان أن يصير إليها إلا إذا كان مضطراً إليها كما سبق أن مر وكما سيأتي، كما سبق أن مر في حديث قبيصة بن مخارق وكما سيأتي أيضاً.
الإنسان إذا سأل وهو محتاج معذور فهذا ليس بمذموم، ولكن المذموم هو الذي يسأل وعنده ما يكفيه، أو يستكثر بالسؤال، ويتكثر بالسؤال، أما من كان مضطراً إلى السؤال وهو غير قادر على العمل وليس عنده شيء يغيثه فإن هذا يكون معذوراً، وعلى هذا فالمسألة فيها تفصيل، وقد عرفنا ذلك فيما مضى، ونعرف هنا، وكذلك سيأتي أيضاً حديث قبيصة بن مخارق من طريق أخرى، وهو دال على التفصيل الذي أشرت إليه، وأورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ( لأن يحتزم أحدكم حزمة حطب على ظهره فيبيعها خير من أن يسأل رجلاً فيعطيه أو يمنعه ).
هذا الحديث يدلنا على أن الإنسان الذي ليس عنده شيء، ولكن عنده القدرة على الاكتساب أن يكتسب ولو كان ذلك الاكتساب فيه مشقة؛ لأن مشقة التعب والنصب الذي يحصل من وراءه الرزق أسهل وأهون من مشقة ذل السؤال وما يترتب عليه من الذلة وسؤال الناس؛ ولأن الخيرية هنا يعني: من أجل أن هذه فيها مشقة، وهذه فيها مشقة، ولكن المشقة التي تكون بهذا التعب وبهذا النصب أهون وأحسن وأفضل من المشقة التي تكون بالذلة، وكون الإنسان يمد يده مع أنه قادر على العمل والاكتساب.
قوله: (لأن يحتزم أحدكم حزمة على ظهره)، يعني: يذهب ويأتي بحزمة حطب يحملها على ظهره فيبيعها ويستفيد منها ويقتات منها خير من أن يسأل أحداً فيعطيه أو يمنعه، سواء أعطاه أو منعه، إن أعطاه فذاك أهون، وأن منعه فحصل الذل وما حصلت الفائدة، يعني: ما حصلت الفائدة من ما أقدم عليه من كونه أذهب ماء وجهه بالسؤال، ومع ذلك لم يحصل على طائل، فهو قال: في الحالين، سواء أعطاه أو منعه، سواء حصل أو لم يحصل، يعني معنى هذا: أن السؤال لا ينبغي أن يصار إليه إذا كان الإنسان قادر على الاكتساب أو عنده ما يكفيه.
هو سليمان بن سيف الحراني، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[حدثنا يعقوب بن إبراهيم ].
هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبي ].
هو إبراهيم بن سعد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[ عن صالح ].
هو صالح بن كيسان المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو: ثقة، فقيه، من صغار التابعين، مكثر من رواية الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قام بجمع السنة بتكليف من الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله على الجميع، وهذا، أي: القيام بالجمع بصفة رسمية بتكليف من والي الأمر الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه، وإلا فإن الكتابة كانت من قبل؛ كتابة الصحابة لأنفسهم الأحاديث، فمن كان منهم كاتباً فإنه كان يكتب لنفسه كما كان عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه يكتب لنفسه كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، ولكن بتكليف من والي الأمر فأول من قام بذلك الزهري بتكليف من عمر بن عبد العزيز، ولهذا يقول السيوطي في الألفية:
أول جامع الحديث والأثر ابن شهاب آمراً له عمر
[ أن أبا عبيد مولى عبد الرحمن بن أزهر ].
هو سعد بن عبيد، كنيته أبو عبيد، واسمه سعد بن عبيد مولى عبد الرحمن بن أزهر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق عنه.
أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: ( ما يزال الرجل يسأل حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم )، لما أورد الحديث المتقدم الذي فيه كونه يحتزم حزمة على ظهره ويبيعها ويصبر على هذا التعب والنصب، وأنه خير له من أن يسأل أحداً يعطيه أو يمنعه أرشد إلى ذم السؤال وذم المسألة، وأن الإنسان يلحق الضرر بنفسه، وأنه يسأل حتى يذهب ماء الحياء عن وجهه، فيأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم.
يعني معناه: كما أنه أذل نفسه بالسؤال، وأذهب ماء الحياء من وجهه بإقدامه على السؤال، وإكثاره من السؤال، واشتغاله بالسؤال، حيث قال: (ما يزال) يعني معناه: أنه يحصل منه تكرار ذلك، ومداومة ذلك.
(يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم)، فسر بعدة تفسيرات؛ أنه يأتي ذليلاً كما أنه كان ذليلاً في الدنيا بسؤاله، وهو يدل على الذلة وعلى المهانة، أو أنه عومل بمثل ما حصل منه، أو بشيء يوافق ما حصل منه، وهو أنه لما أذهب ماء الحياء عن وجهه بهذه الذلة، فإنه يأتي ووجهه يوم القيامة على هذه الهيئة التي فيها إذهاب لحم وجهه، بحيث يأتي وليس في وجهه مزعة لحم، فتكون العقوبة من جنس العمل، فتكون العقوبة في الوجه كما أن الإنسان أذهب ماء الحياء من وجهه بامتهانه السؤال، وإلحاحه في السؤال، وتكرار السؤال منه، وكثرة السؤال منه.
وقد عرفنا أن هذا فيما إذا لم يكن هناك من ضرورة تدعو إلى ذلك، أما إذا كان هناك ضرورة تدعو إليه فقد جاء ما يدل على جوازه كما في حديث قبيصة بن مخارق رضي الله تعالى عنه.
هو محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن شعيب ].
هو ابن الليث بن سعد، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي.
[ عن الليث بن سعد ].
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيد الله بن أبي جعفر ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت حمزة بن عبد الله ].
هو حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أخو سالم.
[ سمعت عبد الله بن عمر ].
صحابي ابن صحابي، هو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي حديث عائذ بن عمرو رضي الله تعالى عنه: أن رجلاً جاء وسأل النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه، ولما كان في أسكفة الباب، يعني: في عتبة الباب، يعني: يريد أن يخرج، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
( لو تعلمون ما في المسألة ما مشى أحد إلى أحد يسأله شيئاً )، يعني: لو تعلمون ما فيها من الذلة ومن العقوبة، ومن المعلوم أن ذلك حيث لا يكون هناك ضرورة تدفع إلى ذلك، ما مشى أحد إلى أحد، وأما بالنسبة للذلة والمهانة فهي موجودة، يعني: في الدنيا، يعني: لكن المضطر إليها معذور، وغير المضطر ليس بمعذور.
( لو تعلمون ما في المسألة ما مشى أحد إلى أحد يسأله شيئاً )، يعني: هذا فيه تحذير وتنفير من المسألة، وأن الإنسان لا يستهين بها، ويقول: إن كونه يمد يده ويعطى شيئاً تكون غنيمة باردة بدون تعب وبدون مشقة، بل هي في الحقيقة فيها مشقة، وهي مشقة ذل السؤال، وإذهاب ماء الحياء من الوجه، لكن بعض الناس لا يكترث بذلك، فلهذا نجد أن بعض المحترفين لمهنة السؤال يصعب عليه أن يتركها، بل سمعنا أن بعض هؤلاء السائلين يوجد عنده من الأموال الطائلة الشيء الكثير؛ لأنه اعتاد ذلك، وماء الحياء ذهب عن وجهه فصار لا يحصل تعباً، وإنما يمد يده بدون حياء، فيعطى ما يعطى، ثم يكدس الأموال الطائلة، ثم يذهب عنها ويأخذها غيره من الورثة، فيكون هو حصلها من هذا الطريق الغير المشروع، وغيره هو الذي استفاد منها.
ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي.
[ حدثنا أمية بن خالد ].
صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وهو: أخو هدبة بن خالد شيخ البخاري ومسلم، والذي يقال له: هداب ، يعني: يأتي ذكره هدبة ، وأحياناً هداب ، فهذا هدبة بن خالد وهذا أمية بن خالد.
[ حدثنا شعبة عن بسطام بن مسلم ].
شعبة، قد مر ذكره.
وبسطام بن مسلم، ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود في المسائل، والنسائي، وابن ماجه.
[ عبد الله بن خليفة ].
مجهول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن عائذ بن عمرو ].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرج حديثه البخاري ومسلم والنسائي.
أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن مسلم بن مخشي عن ابن الفراسي أن الفراسي رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أسأل يا رسول الله؟! قال: ( لا، وإن كنت سائلاً لا بد فاسأل الصالحين ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: سؤال الصالحين، المقصود من هذه الترجمة هو: أن السائل إذا احتاج الإنسان إلى أن يسأل فليسأل أهل الصلاح وأهل الاستقامة الذين هم مظنة أن يجيبوا وأن يحققوا الرغبة، وأيضاً إذا صار الإحسان منهم فهو أولى وأفضل من الإحسان من غيرهم، وكون الإنسان يمد يده لرجل صالح غير كونه يمد يده لرجل فاسق، فهذا أولى، فهو أولى من هذه الناحية، وأيضاً من أجل تحقيق المراد أنه مظنة أن يحصل ما يريد عندما يسأل رجلاً صالحاً يقدر على تحقيق رغبته، فهذا هو المقصود من هذه الترجمة.
وقد أورد النسائي حديث الفراسي.
[ قال الفراسي لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أسأل يا رسول الله؟! قال: ( لا، وإن كنت سائلاً لا بد فاسأل الصالحين )].
جاء الفراسي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: أسأل يا رسول الله؟، يعني: يستأذنه أو يسأله هل يسأل؟ يعني: الناس، فقال: لا، يعني: لا تسأل، وإن كنت سائلاً ولا بد، أي: إن كنت سائلاً لا بد من السؤال وأنت مضطر إلى ذلك، وأنت محتاج إلى ذلك، فاسأل الصالحين.
الحديث يدل على ما ترجم له النسائي من حيث أن الإنسان يسأل الصالحين، وهو من حيث المعنى مستقيم؛ لأن سؤال الصالحين كما أشرت أولى من سؤال الفساق، وكون الإنسان يمد يده لرجل صالح يسأله قضاء حاجة خير من أن يمد يده لفاسق من أجل يقضي له حاجة.
ثم أيضاً: المقصود من السؤال هو: الحصول على المراد، وسؤال من يكون صالحاً ومن يكون مستقيماً فيه مظنة تحقيق المراد، لكن الحديث فيه من هو مقبول ولم يتابع، فليس بصحيح، وقد ذكره الألباني في ضعيف سنن النسائي، لكن من حيث المعنى -يعني: كما أشرت- لا شك أنه مستقيم من جهة أن الإنسان يسأل صالحاً خيراً من كونه يسأل فاسقاً.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الليث عن جعفر بن ربيعة ].
وقد مر ذكره.
وجعفر بن ربيعة المصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بكر بن سوادة ].
هو بكر بن سوادة المصري أيضاً، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن مسلم بن مخشي ].
مقبول، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
[ عن ابن الفراسي ].
وابن الفراسي قال الحافظ ابن حجر: إنه ابن الفراسي عن رسول الله، وقيل: ابن الفراسي عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف اسمه، ومن المعلوم أن الذي جاء يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم صحابي، لكن ابنه هذا الذي أخبر عن أبيه أنه جاء يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعرف، وفي بعض الأسانيد أن الحديث عن ابن الفراسي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان ابن الفراسي هو الذي سأل الرسول صلى الله عليه وسلم فيكون مثل أبيه، يعني: إما هذا وإما هذا، إما أبوه وإما هو، فمن سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو صحابي؛ لأنه تشرف بلقي الرسول صلى الله عليه وسلم وبصحبته، لكن الإسناد فيه مسلم بن مخشي وهو مقبول، فالحديث من الإسناد غير مستقيم، ولكنه من حيث المعنى لا شك أنه مستقيم؛ لأن سؤال من هو صالح وأهل الاستقامة وأهل الصلاح أولى من سؤال أهل الفسق.
أخبرنا قتيبة عن مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ( أن ناساً من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى إذا نفد ما عنده قال: ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله عز وجل، ومن يصبر يصبره الله، وما أعطى أحد عطاء هو خير وأوسع من الصبر ) ].
أورد النسائي الاستعفاف عن المسألة، يعني: بعد أن ذكر المسألة، وذكر ذم المسألة، ذكر هذه الترجمة وهي الاستعفاف عن المسألة، كون الإنسان يستعف ولا يذل نفسه للسؤال، وإذا كان عنده قدرة على تحصيل ما يقيته بدون سؤال صار إلى ذلك، ولا شك أن هذا هو المطلوب، وهذا هو الذي ينبغي، وهذا هو الذي فيه غنى النفس؛ لأن من استغنى أغناه الله، ومن استعفف أعفه الله، ومن يصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاءً خير من الصبر، فكون الإنسان يصبر على الفقر، ويصبر على الشدة، ويجتهد في تحصيل ما يريد عن طريق غير السؤال، فهذا هو الذي ينبغي، لكنه إذا اضطر إلى السؤال، فقد عرفنا أن ذلك سائغ، كما مر وكما سيأتي.
وقد أورد النسائي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه: أن ناساً من الأنصار جاءوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم جاءوا إليه فأعطاهم، يعني: كرروا المسألة حتى نفذ ما عنده، فقال عليه الصلاة والسلام: ما يكون عندي شيء فأدخره عنكم، يعني: ما يكون عندي شيء فأدخره وأبقيه لنفسي، واستأثر به عنكم، بل أعطيه لكم، وأعطيه من يستحقه، ولا يبقى عندي شيء، وقد سبق أن مر بنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما صلى بأصحابه مرة، ولما فرغ من الصلاة، انصرف عنهم وقام بسرعة مسرعاً، وذهب إلى بيته، فالصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم خشوا أن يكون هناك أمر يخشى منه، فخرج عليهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فسألوه، يعني: ما الذي جعله يفعل أمراً ما كان يفعله من قبل، فقال: إنه شيء من ذهب، كان عنده وكان نسيه، فأراد أن يبادر -لما ذكر- إلى إخراجه وتوزيعه، فهو كما قال عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث: ما يكون عندي شيء فأدخره عنكم، يعني: فإنما هو لكم، وأعطيه من يستحقه، ثم أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاستعفاف والاستغناء، وقال: ومن يستعفف يعفه الله، يعني: يعطيه الله عز وجل ما يكفيه، ويجعله عفيفاً، ويجعله غني النفس، وإذا وجد غنى النفس وجد الغنى الحقيقي؛ لأنه كما جاء في الحديث: (ليس الغنى عن كثرة العرض، إنما الغنى غنى النفس)، يعني: ليس الغنى كثرة المال؛ لأنه قد يكون المال كثيراً والنفس غير غنية، فتجده ما يشعر بأن عنده مال، بل يبحث عن الاستزادة والتكثير من المال، فإذا وجد غنى النفس سواء صار اليد فيها شيء، أو لم يكن فيها شيء فهذا هو الغنى الحقيقي، الغنى غنى النفس، سواء إن وجد معه غنى اليد أو ما وجد معه غنى اليد، ( من يستعفف يعفه الله ).
( ومن يصبر يصبره الله ) من يصبر على الفاقة، وعلى الحاجة وعلى قلة ذات اليد ولا يقدم على سؤال الناس يصبره الله، يعني: يرزقه الله الصبر، ومن المعلوم أن العلماء اختلفوا في أيهما أفضل: الغني الشاكر أم الفقير الصابر، فهذا له فضل وهذا له فضل، وكلام العلماء أيهما أفضل؟ هذا أو هذا؟ فإذا صبر على فقره ولم يذل نفسه بالسؤال، وسعى لتحصيل الرزق بالطرق المشروعة على حسب ما يستطيع، وعف نفسه، فهذا خير له، ثم قال: ( وما أعطي أحد عطاءً هو خير وأوسع من الصبر )، لأن الإنسان إذا كان صابراً محتسباً فسواء كان بيده شيء أو ما بيده شيء هو على خير؛ لأن نفسه غنية، وهو صبور، وهو على صبره مأجور.
قتيبة عن مالك عن ابن شهاب، وقد مر ذكرهم.
و عطاء بن يزيد، هو الليثي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سعيد ].
أبو سعيد الخدري هو سعد بن مالك بن سنان، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مشهور بكنيته، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى المتعلق بكون الإنسان يأخذ حبله ويأتي بحزمة من حطب فيبيعها ويستفيد منها، خير من أن يسأل أحداً أعطاه الله من فضله، فيعطيه أو يمنعه، يعني: هذا يدل على أن الإنسان يستعف ويستغني ويبذل ما يستطيع لتحصيل الرزق بالطرق المشروعة، ولا يصير إلى السؤال وإلى ذل السؤال؛ لأن في ذلك استعفاف، يعني: يستعف عن الناس وعن ما في أيدي الناس، ويفعل ما يستطيع في سبيل الحصول على الرزق من الوجه المشروع.
ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ أخبرنا معن ].
هو معن بن عيسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أثبت أصحاب مالك.
[ أخبرنا مالك عن أبي الزناد ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، المشهور، الإمام، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة.
وأبو الزناد هو عبد الله بن ذكوان ، لقبه أبو الزناد، لقب على صفة الكنية، وكنيته أبو عبد الرحمن، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعرج ].
هو عبد الرحمن بن هرمز ، مشهور بلقبه، ويأتي بلقبه أحياناً وباسمه أحياناً، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
وقد مر ذكره.
أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا ابن أبي ذئب حدثني محمد بن قيس عن عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية عن ثوبان رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( من يضمن لي واحدة وله الجنة )، قال يحيى : ها هنا كلمة معناها: أن لا يسأل الناس شيئاً ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: فضل من لا يسأل الناس شيئاً، يعني: كما أن عدم السؤال فيه عزة النفس، وفيه غنى النفس، وفيه الابتعاد عن ذل النفس، فأيضاً فيه فضل وفيه أجر، وأن له الجنة كما جاء في الحديث الذي أورده النسائي هنا، وهو حديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من يضمن لي واحدة وله الجنة) ثم قال يحيى كلمة معناها: أن لا يسأل الناس شيئاً، يعني: أن اللفظ الحقيقي أو اللفظ الصيغة التي جاءت في الرواية ما كان يحيى يضبطها بلفظها، ولكنه ذكرها بالمعنى، قال يحيى كلمة معناها: كذا، يعني معناه: أنه رواية بالمعنى لهذا اللفظ، أما الأول فهو باللفظ فليس فيه إشكال، وإنما الجملة الأخيرة التي هي الواحدة أو تفسير الواحدة، هي كونه لا يسأل الناس شيئاً، يعني: هذا هو المعنى، وليس هو اللفظ تماماً.
وقوله: لا يسأل الناس شيئاً بعد قوله: (من يضمن لي واحدة وله الجنة)، كونه يذكر الشيء ويذكر ثوابه دون أن يسميه فيه تطلع، أو يجعل السامع يتطلع إلى معرفة هذا الشيء الذي هذا شأنه، وأنها واحدة يكون بها ضمان الجنة، فقال: لا يسأل الناس شيئاً، أو كلمة معناها هذه الكلمة.
هو عمرو بن علي الفلاس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى ].
هو يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة، ناقد، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن أبي ذئب ].
هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني محمد بن قيس ].
هو محمد بن قيس المدني، وهو ثقة، أخرج له مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.
[ عن عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية ].
هو عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وابن ماجه.
[عن ثوبان ].
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
أورد النسائي حديث قبيصة بن مخارق رضي الله تعالى عنه، [ فضل من لا يسأل الناس شيئاً ].
فضل من لا يسأل الناس شيئاً، الحديث ليس واضحاً في الترجمة؛ لأن الحديث في الفضل، وهذا ليس فيه شيء يدل على الفضل، وإنما فيه بيان أن المسألة تحل لهؤلاء الثلاثة، لكن ما فيه تصريح وشيء يدل على الفضل، يعني: فضل من لا يسأل الناس شيئاً، الحديث السابق واضح الدلالة على المقصود؛ لأن من يضمن لي واحدة أضمن له الجنة أن لا يسأل الناس شيئاً، فهذا يدل على الفضل، لكن هذا الحديث الذي معنا حديث قبيصة ليس فيه دلالة على الفضل، ولكن فيه دليل على حل المسألة لهؤلاء الثلاثة الذين هم من اجتاحت ماله جائحة فذهب ماله، ويسأل حتى يحصل سداداً أو قواماً من عيش، يعني: يفيده، أو تحمل حمالة لإصلاح بين الناس حتى يؤدي هذا الذي تحمله إلى من تحمله لهم، أو إنسان ذو فاقة فيحلف ثلاثة من ذوي الحجا من قومه ومن أهله ومن العارفين به أنه حلت به فاقة فيسأل حتى يحصل سداداً من عيش أو قواماً من عيش، ثم قال: (وما سوى ذلك سحت)، (وما سوى ذلك)، يعني: ما سوى هذه الأمور الثلاثة، أو السؤال في هذه الأحوال الثلاثة فهو سحت، وهذا يدلنا على أن المسألة المذمومة التي فيها الوعيد هي التي لم يرخص فيها، أو التي ما حصل الترخيص فيها من أجل الضرورة، أما إذا كان من أجل ضرورة والإنسان يقتصر على ما يدفع به تلك الضرورة فإن هذا ليس معذباً أو ليس مذموماً ذلك الذم الذي ورد في الأحاديث المتقدمة.
وحديث قبيصة بن مخارق هذا سبق أن مر ذكره من طرق متعددة في من تحمل حمالة.
صدوق، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن الأربعة.
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني الأوزاعي ].
هو عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأوزاعي ، ثقة فقيه، فقيه الشام ومحدثها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن هارون بن رئاب ].
ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي.
[ عن أبي بكر ].
هو كنانة بن نعيم الذي سبق أن مر ذكره في الأسانيد السابقة باسمه، وكنيته أبو بكر، فجاء هنا بالكنية وفي أحاديث الروايات السابقة باسمه كنانة بن نعيم، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي.
[ عن قبيصة ].
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر