أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا التيمي عن أبي عثمان عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إن
يقول النسائي رحمه الله: كيف الفجر. والمقصود من هذه الترجمة هو معرفة الكيفية التي يعرف بها الفجر؛ أي: الفجر الصادق الذي يحل معه أداء صلاة الفجر، ويحرم معه الأكل والشرب لمن يريد أن يصوم، فهذا هو المقصود بالفجر الذي ترجم له النسائي. والفجر فجران: فجر كاذب؛ وهو الذي يظهر مستطيلاً في السماء ثم يتلاشى ويعقبه ظلمة. أما الفجر الصادق فهو الذي يظهر معترضاً في الأفق، ثم يتزايد الضياء حتى تطلع الشمس، وبحصوله يدخل وقت صلاة الفجر، ويمنع الأكل والشرب في حق من يريد أن يصوم. وقد أورد النسائي تحت هذه الترجمة حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: [إن بلالاً يؤذن بليل ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم]، أي: يوقظ من كان نائما ليتهيأ للصلاة، ويستعد لصلاة الفجر، وكذلك إذا كان يريد أن يصوم فإنه يستعد لذلك بالسحور والأكل والشرب، وكذلك إذا كان الإنسان لم يحصل منه الوتر فإنه يوتر في ذلك الوقت؛ لأن الأذان الأول بعده ليل وليس بعده الفجر، وإنما بعده آخر الليل ونهاية الليل، فهو محل للأكل والشرب، ومحل لأداء صلاة الوتر، وليس محلاً لأداء صلاة الفجر، فهو يوقظ النائم ليستعد ويتهيأ، ويتدارك ما يخشى أن يفوت عليه من أداء الوتر إذا كان لم يوتر، ويرجع القائم الذي كان يشتغل في الصلاة، ويستغل في العبادة، فإنه يجعله يستريح فترة وجيزة يستعد بعدها لأداء صلاة الفجر.
[وليس الفجر بأن يقول: هكذا، وأشار بكفه]، المقصود من ذلك: الفجر الكاذب الذي يكون فيه ضياء، وهو مستطيل في السماء، ويعقبه ظلمة، وأشار بكفه، ولعله إشارة إلى امتداده في السماء دون اعتراضه. قال: [ولكن الفجر أن يقول: هكذا، وأشار بالسبابتين]، يعني: إلى أنه معترض، بخلاف ذاك فإنه قائم، وأما هذا فإنه معترض على مقدار الأفق، ويعقبه النور حتى تخرج بعد ذلك الشمس، فبين عليه الصلاة والسلام بالقول والإشارة كيفية الفجر الذي يحل معه أداء صلاة الفجر، ويحرم معه الأكل والشرب، وهو المعترض في الأفق، وقد أشار بالسبابتين باعتراضه وامتداده في الأفق، وعلى هذا فالفجر الذي ترجم له المصنف هو أن يكون معترضاً في الأفق، ويتزايد ذلك الضياء حتى تطلع الشمس.
هو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة أيضا، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا التيمي].
هو سليمان بن طرخان التيمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ونسبته إلى التيميين؛ لأنه نزل فيهم وليس منهم، فهي نسبة إلى غير ما يتبادر إلى الذهن؛ لأن الذي يتبادر للذهن النسبة وأنه من تيم، ولكن ليس الواقع كذلك، بل نسب إليهم لكونه نزل فيهم، وإن لم يكن منهم.
[عن أبي عثمان].
هو عبد الرحمن بن مُل أو مَل أو مِل، مثلث الميم، النهدي ثقة، مخضرم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن مسعود].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد الفقهاء المعروفين بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عن الصحابة أجمعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
هنا أورد النسائي حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه في بيان كيفية الفجر الذي يحل معه أداء صلاة الفجر، ويحرم معه الأكل والشرب، فقال عليه الصلاة والسلام في حديث سمرة هذا: [لا يغرنكم أذان بلال]، بمعنى: أنكم تمسكون عن الأكل والشرب عند هذا الأذان؛ لأن هذا الأذان يكون بالليل، ويكون قبل دخول النهار، وقبل بدء النهار الشرعي الذي هو بداية الصيام، والذي يبدأ من طلوع الفجر الثاني.
[لا يغرنكم أذان بلال]، يعني: فتمسكوا عندما تسمعون ذلك الأذان، بل كلوا واشربوا، ولهذا جاء في الحديث الآخر: (إن
قوله: [ولا هذا البياض]، أي: الفجر الكاذب، وهو الذي يكون مستطيلاً في الأفق ويتلاشى ويضمحل ويأتي بعده ظلمة، وإنما حتى ينفجر الفجر، وذلك بأن يظهر الضياء المعترض في الأفق الذي يتزايد حتى تطلع الشمس. [حتى ينفجر الفجر هكذا معترضا]، يعني: معترضاً في الأفق، وليس مستطيلاً في السماء.
قال أبو داود أحد رواة الحديث، [وبسط بيديه يمينا وشمالا مادا يديه]، يعني: الإشارة إلى اتساع هذا الضياء المعترض في الأفق، وتزايده واستمراره حتى يزداد الضياء، وحتى يصل إلى أن تطلع الشمس بعد ذلك.
هو محمود بن غيلان المروزي، وهو ثقة، حافظ، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[حدثنا أبو داود].
هو سليمان بن داود الطيالسي، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا سوادة بن حنظلة].
صدوق، أخرج له مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[سمعت سمرة].
هو سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا الوليد عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا تقدموا قبل الشهر بصيام إلا رجل كان يصوم صياماً أتى ذلك اليوم على صيامه)].
يقول النسائي رحمه الله: التقدم قبل شهر رمضان؛ أي: ما حكم التقدم بالصيام قبل شهر رمضان، بأن يصوم آخر شعبان متصلاً برمضان؟ هذا هو المقصود من هذه الترجمة، وقد أورد النسائي أحاديث في ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فيها النهي عن التقدم.
قوله: [لا تقدموا]، أي: لا تتقدموا، بحذف إحدى التاءين، لا تتقدموا قبل الشهر بصيام، أي: متصلاً به بحيث يكون صيامكم قبله متصلاً به، لا تتقدموا قبل الشهر بصيام، وهذا نهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التقدم احتياطاً لرمضان، ووصلاً له بآخر شعبان.
قوله: [إلا رجل كان يصوم صوماً أتى ذلك اليوم على صيامه]، يعني: كان من عادة شخص من الناس أنه يصوم يوم الإثنين، أو يصوم الخميس، فوافق اليوم الذي هو آخر شعبان، والذي يليه رمضان، وافق صيامه، فإنه يصومه؛ لأن هذا صيام اعتاده، ولم يصم من أجل رمضان أو احتياطاً لرمضان، وإنما صام من أجل أنها عادته، فوافق أن يوم الثلاثين من شعبان يوم اثنين أو يوم خميس، فإن له أن يصوم، والرسول صلى الله عليه وسلم استثناه في هذا الحديث، وليس بممنوع، وإنما الذي يمنع هو الذي يقصد، ويتحرى ذلك اليوم أو الأيام الأخيرة من شعبان، فيصومها احتياطاً لرمضان، واحتمال أن يتبين أنه من الشهر، ومن المعلوم أنه إذا حصل التبين في أثناء النهار، فإن على الإنسان أن يمسك، وعليه أن يقضي؛ لأنه لا بد في صيام الفرض من نية قبل بدء الصيام من الليل.
وقوله: [إلا رجل]، لا مفهوم للرجل هنا، فتدخل المرأة كذلك، فالمرأة إذا كان من عادتها أن تصوم الإثنين والخميس، فصادف يوم الإثنين أو الخميس يوم ثلاثين، فإن المرأة كذلك كالرجل، وليس لذكر الرجل مفهوم بمعنى أن المرأة تخالفه بهذا الحكم، بل الحكم واحد، ولكن نص على الرجل؛ لأن الغالب أن الخطاب مع الرجال، والأصل التساوي بين الرجال والنساء في الأحكام، إلا إذا جاءت الشريعة بتفصيل، وبتفريق بين الرجال والنساء في شيء من الأحكام، فعند ذلك يصار إلى التمييز والتفصيل الذي جاء في الشريعة، أما إذا لم يأت شيء فإن الأصل هو التساوي بين الرجال والنساء، وذكر الرجال في بعض الأحاديث -كما في هذا الحديث الذي معنا- هو باعتبار أن الغالب هو أن الخطاب للرجال، فجاء الخطاب هنا بناء على الغالب، ولكن ليس له مفهوم، ولا يراد به أن هذا الحكم خاص بالرجال، وأن النساء ليست كذلك، بل الحكم عام للرجال والنساء.
هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، مجتهد، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
[أخبرنا الوليد].
هو الوليد بن مسلم الدمشقي، وهو ثقة، كثير التدليس والتسوية، يعني: عنده تدليس في التسوية وتدليس في الإسناد، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأوزاعي].
هو عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأوزاعي، إمام أهل الشام، ومحدثها وفقيهها، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكنيته توافق اسم أبيه، فهو أبو عمرو وأبوه عمرو، ومن أنواع علوم الحديث: معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وفائدة معرفة ذلك ألا يظن التصحيف فيما إذا ذكر في بعض الأحيان بالكنية مع الاسم، فإن من لا يعرف أن كنيته أبو عمرو، واسم أبيه عمرو، لو جاء عبد الرحمن أبو عمرو بدل عبد الرحمن بن عمرو، يظن أن هذا تصحيف، أن (أبو) صحفت عن (ابن)، والواقع أنه لا تصحيف، إذا قيل: عبد الرحمن بن عمرو هو صحيح، وإن قيل: عبد الرحمن أبو عمرو هو صحيح؛ لأن كنيته توافق اسم أبيه.
[عن يحيى]
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهذا هو صاحب الكلمة المأثورة التي ذكرها عنه مسلم في صحيحه بالإسناد إليه، قال: لا يستطاع العلم براحة الجسم. أي: أن العلم إنما يحصل بالتعب، والنصب، وبالمشقة، ولا يحصل بالكسل، والخمول، والإخلاد إلى الراحة، بل لا يستطاع العلم براحة الجسم، وإنما يستطاع العلم بتعب الجسم، وإتعابه، وحصول النصب له، هذا هو الذي يحصل معه العلم أو يحصل به العلم.
[عن أبي سلمة].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عرف التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم؛ لأن ستة منهم متفق على عدهم في الفقهاء السبعة؛ وهم: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أما السابع ففيه ثلاثة أقوال: قيل: إن السابع أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف هذا الذي معنا في الإسناد، وقيل: السابع هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: إن السابع سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فالذي معنا في الإسناد هو أحد الفقهاء السبعة على الأقوال الثلاثة في السابع منهم.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
أخبرني عمران بن يزيد بن خالد حدثنا محمد بن شعيب أخبرنا الأوزاعي عن يحيى حدثني أبو سلمة أنه أخبرني أبو هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا يتقدمن أحد الشهر بيوم ولا يومين، إلا أحد كان يصوم صياما قبله فليصمه)].
أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو [لا يتقدمن أحد الشهر بيوم ولا يومين، إلا أحد كان يصوم صوماً فليصمه]، وهنا كلمة (أحد) جاءت عامة، ما جاء ذكر الرجل، فيدخل في ذلك الرجال والنساء، بخلاف كلمة (رجل) فإنها يأتي ذكرها بناء على الغالب، وأن الخطاب مع الرجال، وليس لها مفهوم، أما كلمة (أحد) فإنها عامة تشمل الرجال والنساء، [لا يتقدم أحد]، يعني من الرجال والنساء، فالحديث مثل ما تقدم من النهي عن التقدم بالصيام على شهر رمضان في آخر شعبان احتياطاً لرمضان، إلا من كان من عادته أن يصوم يوماً أو يومين، يعني يكون من عادته أن يصوم الخميس والجمعة، أو يصوم الإثنين والثلاثاء يعني من كل أسبوع، فوافق آخر الشهر هذين اليومين، فإن له أن يصوم ما اعتاده من الصيام، لأن صيامه بناء على عادته وما التزمه وداوم عليه، وليس من أجل الاحتياط لرمضان.
صدوق، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا محمد بن شعيب].
صدوق، أحرج له أصحاب السنن الأربعة.
[أخبرنا الأوزاعي عن يحيى حدثني أبي سلمة عن أبي هريرة].
قد مر ذكرهم.
هنا أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه في ذلك، وهو مثل ما تقدم في حديث أبي هريرة، من النهي عن تقدم شهر رمضان بصيام يوم أو يومين، إلا أحد كان يصوم صياماً ووافق صيامه فإن له أن يصوم، فالكلام فيه كالكلام في الروايتين المتقدمتين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
كنيته أبو كريب، وهو مشهور بها، ويأتي ذكره كثيراً بكنيته فقط، وأحياناً يجمع بين اسمه وكنيته، وأحيانا يؤتى اسمه دون أن يكنى كما هنا؛ لأنه ذكره بالاسم دون الكنية، وأحياناً يجمع بينهما، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو خالد].
هو أبو خالد الأحمر سليمان بن حيان، وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عمرو].
هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة].
قد مر ذكره.
[عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
[قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ].
ما أدري وجه هذا الخطأ؟ ومن المعلوم أنه من حيث الصحة أن الحديث ثابت عن غير ابن عباس ومن غير هذا الطريق، فلم يأت من هذه الطريق وحدها، بل جاء من طرق أخرى، فهو ثابت عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
أخبرنا شعيب بن يوسف ومحمد بن بشار واللفظ له، قالا: حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن منصور عن سالم عن أبي سلمة عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا أنه كان يصل شعبان برمضان)].
أورد النسائي حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم [ما كان يصوم شهرين متتابعين إلا أنه كان يصل شعبان برمضان]، والمقصود من ذلك: أنه كان يكثر الصيام في شعبان، وما كان عليه الصلاة والسلام يصوم في شهر مثل ما كان يصوم في شعبان، إلا أنه لا يصومه كله، وإنما يصوم غالبه وأكثره عليه الصلاة والسلام.
هو شعيب بن يوسف النسائي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[و محمد بن بشار واللفظ له].
هو محمد بن بشار الملقب بندار البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، واللفظ له، أي: للشيخ الثاني، وهو محمد بن بشار، وليس اللفظ لـشعيب بن يوسف.
[حدثنا عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن مهدي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، هو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
هو منصور بن المعتمر الكوفي من أقران الأعمش، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سالم].
هو سالم بن أبي الجعد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أبو سلمة قد مر ذكره، وأم سلمة هي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا النضر حدثنا شعبة عن توبة العنبري عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصل شعبان برمضان)].
أورد النسائي حديث أم سلمة رضي الله عنها، وهو بعض الرواية التي تقدمت، وهو أنه يصل شعبان برمضان، بمعنى أنه كان يكثر من الصيام في شعبان حتى يتصل برمضان.
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].
هو إسحاق بن إبراهيم بن راهويه، وقد مر ذكره.
[أخبرنا النضر].
هو النضر بن شميل، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
قد مر ذكره.
[عن توبة العنبري].
ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن محمد بن إبراهيم].
هو محمد بن إبراهيم التيمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قد مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وهو [أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم حتى نقول: لا يفطر]، ومعناه: كان يصوم الشهر حتى يقولوا: إنه يكمله، وكان يفطر حتى يقولوا: لا يصوم، يعني معناه: أنه يمضي الشهر ما صام منه شيء، فكان من هديه هكذا وهكذا؛ أنه كان يصوم ويفطر، وكان يصوم حتى يقولوا: إنه لا يفطر، يظنون أنه لا يفطر الشهر، وكان يفطر حتى يقولوا: إنه لا يصوم، فيمضي عليه الشهر وهو ما صام.
قوله: [وكان يصوم شعبان أو عامة شعبان]، معناه: أنه كان يكثر من الصيام في شعبان، يعني فكلمة (أو) يحتمل أن تكون بمعنى (بل)، كان يصوم شعبان، بل عامة شعبان يعني: غالبه وأكثره، وما يأتي من ذكر شعبان بأكمله إشارة إلى قلة ما يتركه منه، وأن الغالبية العظمى هي صيامه، وأن الذي يفطره يكون قليلاً جداً، فهذا إشارة إلى إكثاره من صيام شعبان، بل كان يصوم غالبه، وما كان يصوم في شهر مثل ما كان يصوم في شعبان صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
يحتمل أن يكون المرادي، ويحتمل أن يكون الجيزي، وكل منهما شيخ للنسائي، وكل منهما يروي عن ابن وهب، فلا أدري أيهما؟ ولم يذكر في تحفة الأشراف تمييز أحد الاثنين، وكل منهما ثقة، سواء كان هذا أو هذا، والمرادي أخرج له أصحاب السنن، والجيزي أخرج له أبو داود، والنسائي، وكل منهما ثقة.
[حدثنا ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب الفقيه، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني أسامة بن زيد].
هو أسامة بن زيد الليثي، وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[أن محمد بن إبراهيم حدثه عن أبي سلمة: أنه سأل عائشة].
محمد بن إبراهيم وأبو سلمة قد مر ذكرهما، وعائشة هي أم المؤمنين رضي الله عنها، الصديقة بنت الصديق، وهي الصحابية الوحيدة التي عرفت بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ستة رجال وامرأة واحدة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها: أن الواحدة منهن؛ أي: من أمهات المؤمنين، ما كانت تقدر على أن تقضي ما عليها من الصيام بسبب الحيض إلا في شعبان، والسبب في ذلك كون الرسول صلى الله عليه وسلم قد يحتاج إليها، فلا تكون صائمة، وأيضاً في شعبان؛ لأنه يضيق الوقت، ورمضان بعد شعبان، فتقضي في ذلك الوقت المتأخر، ثم أيضاً الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكثر الصيام في شعبان، فتكون الواحدة منهن تصوم في الوقت الذي كان يكثر من الصيام في شعبان.
ولا يعني هذا أن أمهات المؤمنين ما كنّ يتنفلنّ، وما كنّ يصمن النوافل؛ لأنه من المعلوم أن الفرض مقدم على النفل، ومن كان عليه قضاء فعليه أن يبادر بالقضاء، ولا يتشاغل بالنفل، وذمته مشغولة بفرض لم يؤده، بل عليه أن يؤدي المفروض، وإذا انتهى من المفروض يأتي إلى النوافل، ويتقرب إلى الله عز وجل بالنوافل، وقد جاء في الحديث القدسي: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه)، إلى آخر الحديث، فالفرض مقدم على النفل، لكن لعل المقصود أن عائشة رضي الله عنها تخبر عما كان عليه الأمر في أول الأمر، وأنها قبل أن تأتي النوافل، كانت الواحدة منهن لا تقدر أن تصوم إلا في شعبان، ولعل ما جاء عن عائشة فهو محمول على ما كان قبل أن يبين الرسول صلى الله عليه وسلم النوافل التي ينبغي للناس أن يحرصوا عليها، وأن يفعلوها.
وقوله: [لقد كانت إحدانا تفطر في رمضان].
يعني: تفطر بسبب الحيض.
قوله: [فما تقدر على أن تقضي حتى يدخل شعبان، وما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم في شهر ما يصوم في شعبان، كان يصومه كله إلا قليلاً، بل كان يصومه كله].
وهذا فيه إشارة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكثر من الصيام فيه، فكن ينتهزن هذه الفرصة بأن يصمن في الوقت الذي يصوم فيه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فهذا هو وجه إيراد أو ذكر كثرة الصيام في شعبان، وأنهن يتمكن؛ لأنه يكون صائماً، فينتهزن فرصة كثرة صيامه، فيصمن معه ويؤدين ما عليهن من الفرض رضي الله عنهن وأرضاهن، [بل كان يصومه كله]، معناه: إلا ما ندر، أو إلا القليل جداً الذي لا يكاد يذكر لقلته، وليس معنى ذلك أنه يصومه كله، ولا يفطر منه شيئاً، فقد جاءت الأحاديث تدل على الاستثناء، لكن الذي يستثنى هو القليل جداً.
صدوق، أخرج أبو داود، والنسائي.
[حدثنا عمي].
هو سعيد بن الحكم بن أبي مريم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا نافع بن يزيد].
ثقة، أخرج له البخاري تعليقا، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، ولم يخرج له الترمذي، ولا البخاري في الأصل.
[عن ابن الهاد].
هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، وهو ثقة مكثر، مشهور بالنسبة إلى جده الهاد، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها].
قد مر ذكرهم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر