إسلام ويب

عمل المرأة خارج البيتللشيخ : عبد الرحيم الطحان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الدنيا متاع وخير متاع في الدنيا المرأة الصالحة، فينبغي أن نبذل جهوداً كبيرة في المحافظة عليها، فهي لنفاستها أشد عرضة للسرقة والانتهاك، فينبغي المحافظة عليها والحذر من الاعتداء عليها والانجرار خلف من ينادون بحريتها وخروجها لمزاحمة الرجال في الأعمال، فهم حقيقة يكيدون للأمة الإسلامية من خلال هذه الدعوات الهدامة؛ لأنهم يدركون أن المرأة هي كل المجتمع؛ لأنها صانعة الأجيال ومربية الأمم، فإذا فسدت فسدت الأمة وهكلت.

    1.   

    تكريم الإسلام للمرأة وأمره لها بلزوم بيتها

    الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.

    الحمد لله رب العالمين، شرع لنا ديناً قويماً، وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة وهو اللطيف الخبير، اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله، أنت رب الطيبين.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولي الصالحين، وخالق الخلق أجمعين، ورازقهم، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [هود:6]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ [فاطر:3].

    وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، أرسله الله رحمة للعالمين، فشرح به الصدور، وأنار به العقول، وفتح به أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً، فجزاه الله عنا أفضل ما جزى به نبياً عن أمته، ورضي الله عن أصحابه الطاهرين، وعن من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    معشر الإخوة المؤمنين! أشرف البقاع في الأرض وأحبها إلى الله جل وعلا المساجد، فهي بيوت الله، وفيها نوره وهداه، وإليها يأوي المؤمنون الموحدون المهتدون، قال تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ [النور:36-37]، هذه البيوت يسبح لله فيها رجال، وهذا اللفظ الكريم الذي نعت الله به المؤمنين المهتدين الذين يتواجدون في المساجد بأنهم رجال، يدل على دلالتين معتبرتين: أنهم اكتملت فيهم الرجولة والمروءة والشهامة والكرامة، وأنهم ذكور وليسوا بنساء.

    وتقدم معنا إخوتي الكرام في الموعظة الماضية أن المرأة لم يوجب الإسلام عليها حضور الجمعة والجماعة، بل ندبها الإسلام إلى أن تصلي في بيتها، وقد رخص لها أن تحضر إلى بيوت الله عز وجل بالصفات الشرعية المطلوبة ولكنها لا تطالب بالحضور كما يطالب الرجل، لكن إذا حضرت فلا جناح عليها ولا حرج عليها، ولا ينبغي أن يمنعها أحد من الحضور إلى بيت ربها، ولكن الجمعة والجماعة إنما فرضت على الرجال، قال تعالى: يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ [النور:36-37]، فلذلك قال أئمتنا الكرام في كتب التفسير: إنما خص الله الرجال لأمرين معتبرين: لأنهم هم أهل الجماعات، ولأنهم أهل التجارات، فمن اختلال الأمور وفساد الأحوال: أن تخرج المرأة من بيتها لتزاول مهنة خارج بيتها، فالرجال إذاً هم أهل الجمع، وهم أهل الجماعات والتجارات، فيذكرون الله في بيوته، ولا تلهيهم تجاراتهم عن الجماعات التي أوجبها الله عليهم وعن شهودها في بيوت ربهم جل وعلا.

    وأما النساء فليس عندهن تجارات، وأمرن أن يصلين في بيوتهن، فهذا خير لهن، وكما قلت: من فساد الأحوال واختلال الأمور أن تخرج المرأة من بيتها لتزاول مهنة خارج البيت، ثبت هذا في مسند الإمام أحمد ومعجم الطبراني الكبير، والحديث رواه الحاكم في المستدرك، وإسناده صحيح ثابت عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن بين يدي الساعة: تسليم الخاصة، وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة )، وفي بعض رواية المستدرك: ( حتى تتجر وزوجها ).

    قوله: (إن بين يدي الساعة: تسليم الخاصة) أي: لا يسلم الإنسان إلا على من عرفه، ومن خصال المسلمين: أنهم يبذلون السلام لأهل الإسلام على سبيل العموم على من عرفوا وعلى من لم يعرفوا، ولا يستكمل الإنسان الإيمان بذلك كما ثبت هذا في صحيح البخاري عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما وأرضاهما موقوفاً عليه معلقاً بصيغة الجزم: ( من استكمل ثلاثاً فقد استكمل الإيمان: الإنصاف في النفس، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار )، أن تنصف الناس من نفسك، وأن تسلم على من عرفت وعلى من لم تعرف، وأن تنفق وأنت محتاج إلى هذا المال، فمن فعل هذا فقد استكمل الإيمان.

    قوله: (إن بين يدي الساعة) أي: من مقدماتها ومن أشراطها:

    (تسليم الخاصة) أي: أن يحصر السلام للخاصة فقط، وأن يلتقي أهل الإيمان في الشوارع فلا يسلم بعضهم على بعض. وهذا هو الأمر الأول.

    والأمر الثاني: قوله: (وفشوا التجارة) أي: أن تفشو التجارة حتى تتجر المرأة وزوجها، سبحان الله! فشت التجارة، والأرزاق كثيرة، والخيرات وفيرة، فعلام إذاً تخرج المرأة من حجرها، ومن بيتها لتتجر؟! إنه الطمع والجشع. وإذا صارت الأمة إلى هذا الانحطاط فقد آن وقرب زوال هذه الحياة، وانتهائها وقيام الساعة، وهذا لا يتناسب مع طبيعة المرأة التي هي قعيدة بيتها، تربي الذرية لعبادة رب البرية.

    1.   

    الرد على أعداء الأمة الداعين لخروج المرأة للعمل ومزاحمة الرجال

    إخوتي الكرام! عند هذه القضية سنقف في هذه الموعظة المباركة وقفة متأمل، نتأمل حال المرأة نحو التجارة، وكيف انطلت على الناس في هذه الأيام دعايات ضالة مضللة، فيقولون: المرأة نصف المجتمع، ولا ينبغي أن تعطل وأن تجلس في البيت، وينبغي أن تزاول جميع المهن حتى الصحافة.

    وأنا أجيب على هذا باختصار: إنا نحلل عمل المرأة خارج البيت تحليلاً شرعياً، فنسأل الله التوفيق والسداد.

    إخوتي الكرام! أما الذين يدعون إلى مشاركة النساء في الصحف، فأقول لهم: ماذا جلب الناس من الرجال عندما شاركوا في الصحف؟ ما جلبوا إلا الشقاء والتعاسة، وصحف العالم بأسرها ينشر فيها ما يندى له جبين الإنسان، وكأن الرجال الذين يشرفون على ذلك الإثم والعار أرادوا من يشاركهم في الوزر، ولعله يتقدم عليهم بالإثم، فطلبوا من النساء أن يشاركن بعد ذلك في الصحف وفي المجلات، هذا تعليق على الأمر الأخير.

    وأما الأمر الأول: وأن المرأة نصف المجتمع فأقول: إن المرأة في العالم بأسره تشكل قرابة ثلثي المجتمع، وقرابة ثلثي العالم، فإذا ما أنصفتم المرأة في نسبة التقدير والإحصاء، فإنني أقول لكم: كيف ستنصفونها بعد ذلك عندما تطالبون حقوقها ورد الاعتبار إليها كما تزعمون؟!

    إن المرأة أكثر من نصف المجتمع، وقولكم: ما ينبغي أن تبقى عاطلة، نقول لكم: ومن قال إننا ندعو إلى تعطيلها أو إلى تعطيل غيرها؟! كل من يمنع أحداً من خلق الله عن القيام بما خلق الله له فقد اعتدى عليه وظلمه، لكن المرأة لها حالتان في عملها: ‏

    وظيفة المرأة في الإسلام

    الحالة الأولى: هي الحالة التي اختاره الإسلام لها، وهي أن تعمل ضمن تخصصها، وضمن ما يناسب طبيعتها، أن تعمل داخل البيت، فهي المعامل الربانية لإنجاب الذرية، وإن النساء دوحة فيحاء في أحضانها تربى الرجال، وإن النساء مدرسة واسعة تربى الأجيال في فنائها.

    هذه المرأة هي التي تربي الأجيال، وهي التي تنجب الرجال، فهي إذاً تقوم بمهنة عظيمة لا يستغنى عنها بحال، وهذه المهنة من دعا إلى تعطيلها إلا أنتم عندما أردتم أن تخرجوها من بيتها لتقضوا على وظيفتها الأولى مقابل دريهمات لا قيمة لها ولا اعتبار بعد ذلك.

    إن هذا هو أعظم عمل تقوم به المرأة في هذه الحياة، ولا يمكن أن تكون أنثى على وجه التمام إلا إذا كانت أماً، وإذا أنجبت هذا الإنسان فلها أجر كبير كبير عند ذي الجلال والإكرام، وعند عقلاء الأنام، قال الله جل وعلا في سورة لقمان: وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14].

    قال: وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ ثم أشاد بحق الأم ورفع قدرها فقال: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ ، والوهن هو الضعف، وأما أن يكون المراد من الضعف هنا شيء واحد، الوهن الأول والوهن الثاني هو واحد، لكن الأعراض تختلف، وعليه يكون قوله (وهن) حال من المرأة، حملته أمه وهي ذات وهن.. وهي ضعيفة، والضعف يتتابع عليها بعد ذلك، فالولد في أول حمله يتعب أمه، وكل ما مر يوم من أيام الحمل ازداد التعب على المرأة.

    حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ [لقمان:14]، وهناً في حمله، وهناً في آلام الطلق، وهناً في الوضع، وهناً في الإرضاع، وهناً متتابعاً يتتابع على هذه الأم عندما تحمل بهذه الذرية وتعدها من أجل عبادة رب البرية.

    وإما أن يكون الوهن أشياء مختلفة، فالوهن الأول غير الثاني، فالوهن الأول هو الحمل.. هو الجنين فهو حال من المفعول في قوله: (حملته أمه) حملته حال كونه ضعيفاً، الجنين ضعيف حمل على امرأة ضعيفة، ولم تشأ حكمة الحكيم العليم أن يحمل الرجل ولداً وهو القوي وهو صاحب الجلد، بل حملته أماً حال كون ذلك الحمل ضعيفاً ذا وهن، وهي ضعيفة تحمله، فسبحان ربي العظيم: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14].

    والمعنى الأول أظهر وأقوى، وعليه يدل قول الله جل وعلا في سورة الأحقاف: وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ [الأحقاف:15].. إلى آخر الآية الكريمة.

    حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا . إذاً: هي تحمل وتعاني المشقة والألم، وتضع تعاني المشقة والألم، وأي عمل أعظم من هذا العمل؟!

    إن هذا العمل الذي يلازم المرأة لا يصلح له الرجل، ولا يقدر عليه الرجل، فعلام بعد ذلك تقولون: إن المرأة إذا كانت قاعدة في بيتها إذاً نصف المجتمع عاطل؟ من الذي سيربي الرجال؟! ومن الذي سيشرف على إعداد الأجيال؟! أو ليس النساء الصالحات في البيوت؟ بلى ثم بلى.

    فضل الأم وأجرها عند الله

    إذاً: هذه المرأة عندما تقوم بهذا الأمر لها أجر كبير عند الله الجليل، وينبغي أن تقدر بعد ذلك من قبل عباد الله، وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن المرأة عندما تتصف بصفة الأمومة لها شأن جليل كبير في شريعة الله المطهرة؛ لأنها قامت بعمل فاضل جميل، فهي ليست معطلة، بل تقوم من العمل بما تنوء بحمله الجبال الراسيات.

    ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ( أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك -ثلاثاً- قال: ثم من؟ قال: أبوك )، ولا غرو في ذلك ولا عجب فالأم شاركت الأب في التربية، لكن انفردت وتميزت عليه بثلاثة أمور: حملت وأرضعت ووضعت، فينبغي أن يكون لها ثلاثة أمثال الأب من البر (أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك) هذه هي المرأة عندما تكون أماً لها هذا الاعتبار في شريعة العزيز القهار، وهذا فضل أعظم الناس علينا حقاً بعد الله وبعد رسوله عليه الصلاة والسلام، إنها هذه الأم التي أنجبتك والتي ربتك والتي حملتك ووضعتك!

    ثبت في مسند البزار ومستدرك الحاكم بسند صحيح كالشمس عن أمنا عائشة رضي الله عنها قالت: ( قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! أي الناس أعظم حقاً على المرأة؟ قال: زوجها، قلت: فأي الناس أعظم حقاً على الرجل؟ قال: أمه )، إن منزلة الزوج من زوجها كمنزلة الابن من أمه تماماً، والمرأة لا يمكن أن تستغني بحالها فللزوج عليها حق عظيم كحق الأم على الولد، فأعظم الناس حقاً على المرأة: زوجها، وأعظم الناس حقاً على الرجل: أمه.

    وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن لزوم رجلي الأم يؤدي إلى جنة الله الواسعة، كما ثبت ذلك في مسند الإمام أحمد، وسنن النسائي وابن ماجه ، والحديث رواه الحاكم في المستدرك والطبراني في معجمه الكبير والأوسط وإسناده صحيح، عن معاوية بن جاهمة عن والده جاهمة رضي الله عنه -وهو من الصحابة الأبرار- أنه جاء إلى نبينا المختار عليه صلوات الله وسلامه، فقال: ( يا رسول الله! جئت أستشرك في الغزو، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: أمك حية؟ قال: نعم. قال: الزمها؛ فإن الجنة تحت رجليها )، وفي رواية: ( الزم رجليها فثم الجنة )، وفي رواية: ( الزمها فإن الجنة عند رجليها ) والحديث صحيح.

    إن خدمة الأم وتقبيل رجليها وشم رائحة رجليها يؤدي بك إلى جنة الله الواسعة، فأي إجلال وتكريم بعد هذا التكريم الذي منحته المرأة عندما كانت أماً في هذه الحياة؟!

    فهل هذه معطلة عن العمل؟ أما قامت بأشرف الأعمال عندما أعدت الأجيال وربت الرجال؟!

    (الزم رجليها فثم الجنة) وهذا الحديث الصحيح يغني عن الحديث المتداول، وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنه وغيرهما، وهذا ضعيف من حيث الإسناد، لكن هذا الحديث الصحيح يغني عنه، أقول: ويشهد له ما يتداوله الناس: ( الجنة تحت أقدام الأمهات ) المعنى صحيح، وروي ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام، لكن الإسناد ضعيف، ويشهد له الرواية الصحيحة: ( الزم رجليها فثم الجنة )، ( الزمها فالجنة تحت رجليها )، ( الزمها فالجنة عند رجليها ) والرواية الصحيحة ثابتة عن نبينا عليه الصلاة والسلام.

    إعفاء الإسلام المرأة من النفقة

    إخوتي الكرام! وإذا كانت المرأة تقوم بهذا العمل الشاق المضني المتعب: (( حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا )) فمن باب رد الجميل إلى صاحبه ومن باب تقدير صاحب المعروف على معروفه وإحسانه أسقط الإسلام النفقة عن المرأة، فلم يكلفها بأن تنفق على نفسها ولا على غيرها، بل كلف الرجال الذين ربوا في أحضانها ونشأوا في حجرها للنفقة عليها على سبيل الوجوب وإذا فرطوا بذلك فالويل ثم الويل لهم.

    ثبت في مسند الإمام أحمد، وسنن النسائي وأبي داود ، والحديث رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن وإسناده صحيح، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول )، أي: من يعولهم ويشرف عليهم من زوجات وبنات، كفى به إثماً أن يضيع هؤلاء وأن لا يقدم لهن ما يكفيهن.

    والحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أيضاً رضي الله عنهم أجمعين بلفظ: (كفى بالمرء إثماً أن يحبس قوته عمن يملك)، أي: عمن يملك أمره من خدم وأسرة بما فيها من زوجة وأولاد، وهذا من باب الأمر الواجب الذي كلف الله به الرجال نحو النساء، ومن باب رد المعروف بشيء منه، فإذا حملتك في أحشائها وأرضعتك من ثديها وربتك في حجرها فأي بعد ذلك معروف تكافئها به إذا أنفقت عليها؟!

    إن هذا دون حقوقها بكثير.

    هذه هي منزلة المرأة في الإسلام، وهذه النفقة كما هي واجبة علينا فقد طيب الله خواطرنا وأخبرنا أنه يعطينا عليها أجوراً عظيمة عظيمة عندما نقوم بها نحو هؤلاء النساء وننفق عليهن في هذه الحياة، فقد ثبت في مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم والحديث رواه الإمام الترمذي في سننه وابن حبان في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( من عال جاريتين حتى تبلغا دخلت أنا وهو الجنة كهاتين، وأشار النبي عليه الصلاة والسلام بأصبعه السبابة والتي تليها ).

    (من عال جاريتين) أي: قام بنفقتهن وأحسن إليهن حتى تبلغا، أو وتستغنيا وتزوجا دخلت أنا وهو الجنة كهاتين.

    وفي مستدرك الحاكم بسند صحيح من رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( من كن له ثلاث بنات فأحسن إليهن وصبر على لأوائهن وضرائهن أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهن، فقال رجل: واثنتان يا رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ قال: واثنتان، فقال رجل: وواحدة يا رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ قال: وواحدة )، ومن كان عنده بنت واحدة، ثم بعد ذلك أحسن إليها وصبر على ما يجري منها وتحمل الشدة نحوها من أجل أن يعدها أماً لهذه الأجيال أدخله الله الجنة بواسع رحمته وفضله سبحانه وتعالى، وأصل الحديث في الصحيحين من رواية أمنا عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من ابتلي من هؤلاء البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار )، والأحاديث في ذلك كثيرة إخوتي الكرام، ففي مسند الإمام أحمد، وسنن ابن ماجه بإسناد صحيح من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدفه -أي: من كده وكسبه وعمله وما يقدم لهن- كن له حجاباً من النار )، ثلاث بنات عنده أحسن إليهن، وصبر عليهن فأطعمهن وسقاهن وكساهن من كده كن له حجاباً يوم القيامة من النار.

    أجر النفقة الواجبة على المرأة

    وهذا الأجر الذي ينفقه الإنسان على بناته يحصله الإنسان أيضاً عندما ينفقه على زوجاته، وكما قلت: هي نفقة واجبة، لكن سبحان الكريم أوجب علينا ذلك وأعطانا عليه أجراً عظيماً، ففي الصحيحين وغيرهما من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: ( سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا سعد ! إنك لم تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في في امرأتك ) سبحان الله! حبة عنب يطعمها الرجل بيده لزوجته أو تمرة أو رطبة ويكون هذا أحياناً في حال المداعبة والملاعبة لحظ نفسه وله على هذه الحبة من العنب أجر عند ربه سبحانه وتعالى؟!

    وهذا الحديث يشهد للحديث الذي رواه الإمام أحمد في المسند والطبراني في المعجم الكبير والأوسط عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا سقى الرجل امرأته الماء أجر ).

    إذاً: إخوتي الكرام! هذا العمل الأول عمل تخصصي تقوم به المرأة داخل البيت من تربية الذرية، وإعداد الرجال، وتنشئة الأجيال، فأي عمل أكرم من هذا العمل؟

    هل ينازع عباقرة الناس في هذه الأيام التخصص؟

    وهل يصلح أن نجعل الطبيب مزارعاً والمزارع طبيباً؟! والله إن هذا لا يصلح، فكيف نريد أن نجعل المرأة رجلاً تجاهد وتكافح خارج البيت، مع الأعباء التي تقوم بها داخل البيت؟! ما هذا إلا حماقة وخسارة للنساء وللرجال، وظلام بعد ذلك.

    من قال لكم: إن المرأة إذا قعدت بالبيت تعطل نصف الأمة؟ إن المرأة إذا قعدت في البيت تحركت الأمة بأسرها، وسعدت سعادة لا سعادة بعدها.

    1.   

    الرد على دعوى أعداء الدين بأن المرأة محبوسة في بيتها فلابد أن تشارك وتساوي الرجل في الوظائف والأعمال

    أما الأمر الثاني الذي يطنطن به أتباع الشيطان في هذه الأيام من أن المرأة إذا كانت قاعدة في بيتها فهي محبوسة مقيدة عن العمل، فينبغي أن تخرج، وأن تنال الوظائف، وأن تكون في جميع الدوائر.

    وأنا أقول: من باب الإنصاف أن خروج المرأة من بيتها لعملها له حالتان اثنتان: حالة تقتضيه الضرورة، بحيث لا تجد من يسد مسدها من رجل أو يوجد لكن لا يصلح أن يكون الرجل في ذلك العمل، فيستثنى هذا الأمر بمقدار الضرورة، وقد أشار الله جل وعلا إلى هذا في سورة القصص في قصة النبي المكرم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه في قصة نبي الله وكليمه موسى على نبينا وعلى أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه: وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ [القصص:23]، (تذودون) أي: تطردان وتحبسان وتدفعان أغنامهما، قَالَ مَا خَطْبُكُمَا [القصص:23]؟

    هذا يحير، وهذا عجيب، امرأتان تخرجان لسقي الغنم؟ لم؟ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا [القصص:23] يتعجب هذا النبي الكريم صاحب النفس الطيبة، والمروءة الكريمة والغيرة الإسلامية فيقول لهما: ما خطبكما؟ ما شأنكما؟ قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ [القصص:23] أي: الضرورة ألجأتنا للخروج فلا يوجد في البيت من يسد مسدنا ويسقي أغنامنا، ولا نريد أن نكون عالة على غيرنا، فأبونا مقعد، ونحن مضطرات للخروج إلى السقي.

    لا يمكن لرجل أن يترك امرأة تعمل خارج البيت إذا كان فيه شهامة ومروءة وكرامة، لا يمكن له أن يترك امرأة تعمل خارج البيت، وتحمل شيئاً وهو يمشي ويهز الأرض برجليه، ولا يأخذ منها هذا المتاع. والله هذه هي النذالة والسفالة، وهذه هي القباحة، فالمرأة تعمل الأشغال داخل البيت، فينبغي أن نكفيها الأعمال خارج البيت مهما كانت صلتنا بتلك المرأة: فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ * فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [القصص:24-26].

    فإذا دعت المرأة ضرورة للخروج فلا بأس لعدم وجود رجل يكفلها، ولا يوجد في الحياة العامة من يكفلها، وإلا الأصل أن المرأة تجلس في البيت لها من يكفلها من محارمها، ويوفر لها ما تريده وهي في بيتها مصونة مكرمة، ولكن إذا لم يتوفر هذا وخرجت لضرورة فلا حرج، ويلحق بهذا بعض الأعمال التي ينبغي أن يكون فيها صنف النساء، كعمليات التوليد وغير ذلك، والتعليم بمقدار.

    وهنا أقول: لا ينبغي أن يفهم الكلام خطأً، فالمرأة تعمل بشرط أن لا يتعارض هذا مع عملها الأصلي، فتعمل في التمريض وفي التوظيف حتماً لا كما يعمل الرجل، فإذا كان الرجل يعمل خارج البيت ثمان ساعات، ويزاول عمله مدة طويلة فما ينبغي أن يكون نسبة عمل المرأة مهما دعت الضرورة أكثر من ثلاث ساعات إذا خرجت، ثم تعود بعد ذلك إلى وظيفتها الأساسية في بيتها، فالمرأة تخرج للمشاركة، تخرج دون أن يؤدي هذا إلى تعطيل الوظيفة الأساسية، تخرج بمقدار، وبصفة شرعية.

    ويعني هذا أننا نسوي بينها وبين الرجال في الأجور؟!

    وهكذا عندما تعلم، فمن الظلم والضياع للجيل جميعاً أن نسوي بين مناهج تعليم الذكور والإناث، هذا من الضياع للصنفين، فهؤلاء ينبغي أن يكون لهم شيء يستفيدون منه خارج الحياة، وتلك ينبغي أن يكون لها شيء تستفيد به في حياتها وفي تربية جيلها، وأما أن يخرج كل من الذكر والأنثى قبل طلوع الشمس أو بعد طلوعها بقليل، ولا يعود الواحد منهم إلا قبيل العصر، فأي حياة تعيشها الأمة؟! يخرج الولد من بيته وأمه قد سبقته للخروج، ويعود إلى بيته وأمه لم تأت بعد، أي حياة يعيشها هذا الجيل الذي يحصل القلق والفوضى والشقاء والاضطراب؟!

    إذاً: النساء والبنات لا يمنعن من التعليم، وهذا حق واجب لهن، كما هو حق واجب للذكور، لكن يعلمن ما يستفدن منه في هذه الحياة، بحيث تكون مناهج التعليم لا تستغرق أكثر من ثلاث ساعات للمدرسات والطالبات، ثم يعدن بعد ذلك مصونات مكرمات إلى بيوتهن، هذه الحالة الأولى: تخرج المرأة فيها لضرورة أو لمصلحة تقدر بقدرها.

    والحالة الثانية التي يطالب بها أتباع الهوى ويغتر بهم بعض الدعاة ممن لا عقول عندهم في هذه الأيام، يقولون: إن المرأة ينبغي أن تشارك في جميع المجالات، في مجال التكنولوجيا، وفي مجال الجيولوجيا، وفي كل شيء في هذه الحياة ولهؤلاء نقول: على رسلكم! ماذا تريدون من مشاركة المرأة للرجل؟ هل الرجل خامل فنطالب بمشاركة المرأة للرجل؟

    إن سبب المطالبة أحد أمرين لا ثالث لهما: إما خمول الرجل وسكنه ويريد أن ينزوي وأن تشتغل المرأة مع ما تقوم به من حمل ووضع وتربية، أو أنكم تريدون بعد ذلك إرواء الشهوات في جميع الأوقات.

    أحد أمرين لا ثالث لهما: إما خمول الرجال، وإما بعد ذلك التمتع بأعراض النساء في كل حال.

    ماذا تريدون من هذه الدعوة الضالة لا سيما في هذه الأوقات التي وجدت وكثرت الآلة الواحدة تقوم بعمل آلاف مؤلفة من الرجال، فعلام إذاً خروج النساء؟! رجل واحد يشرف على آلة يمكن أن تكفي عن عمل ألف رجل، علام إذاً خروج النساء وتضييع الجيل؟

    الآثار السلبية على المجتمع لخروج المرأة من بيتها ومزاحمتها في الأعمال

    إخوتي الكرام! وهؤلاء الذين لا يصيغون لصوت الشرع ولا يقدرون الحلال والحرام، أقول لهم: إن خروج المرأة من بيتها لأجل أن تعمل، ولتكون من أهل التجارة وللعمل خارج البيت، إن هذا مضر بالحياة الاجتماعية، ومضر بالحياة الاقتصادية، وأنتم لا تفهمون إلا من هاتين الزاويتين، فإليكم تحليل هذين الأمرين، وكيف أن خروج المرأة من بيتها مضر بالحياة الاجتماعية بوجه عام، ثم هو مضر بالاقتصاد بوجه عام.

    خروج المرأة للعمل ضياع للأجيال

    أما الحياة الاجتماعية فأقول: عندما تخرج المرأة من بيتها لتعمل خارج بيتها ولتزاحم الرجال في مجالات العمل، فإن هذا يعني إفساد وتضييع الجيل والقضاء عليه.

    هذا الجيل الذي خرجت أمه من البيت من سيربيه؟ الجيل إن لم تربه أم رؤوف ودود فستربيه مربية حقود لدودة، وإذا نشأ الجيل في أحضان المربيات فالويل ثم الويل للمخلوقات بعد ذلك.

    إن الجيل عندما ينشأ على معنى الكره والحقد، وعندما ينشأ على معنى الشدة والقسوة في هذه الحياة تزرع هذه الصفات في جميع ذرات جسمه بحيث بعد ذلك إذا كبر يريد أن ينتقم من هذه الأمة التي أجرمت في حقه وما رعته في صغره، وفي سنة واحدة فقط دخل إلى مستشفى بريطانيا عشرات آلاف من الأمراض ضربوا من قبل أمهاتهم؛ لأن الأمهات كن يزاولن الأعمال، فإذا رجعت الأولاد يصيحون، فضرب هؤلاء، مات من بالمائة عشرون ألفاً، وبعد ذلك البقية في حالات مشهوة خطرة، فالأم عندما تزاول العمل خارج البيت تصير أعصابها في منتهى التوتر وليس عندها حنو ولا رأفة ولا شفقة ولا استعداد لرعاية هذا الجيل.

    إذاً: سيعيش هذا الجيل الكبت والقسوة والإكراه، وهذا سيكون له أثر كبير في نفسه.

    إن أولادنا لا ينبغي أن يعاملوا كمعاملة الدجاج في الحضانة، فهؤلاء لهم نفس إنسانية ينبغي أن يشعروا بطعم الإنسانية، بطعم الرحمة، بطعم الحياة.

    عندما يرضع الطفل من ثدي أمه يشعر منها بالرحمة والمودة، وعندما تخرج الأم لأجل أن تعمل ضاع الرضاع، والرضاع حق للولد، ولا يجوز أن يسقطه والد ولا والدة ولا أحد من خلق الله: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ [البقرة:233]، انتبه أخي الكريم لختام الآية: فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا [البقرة:233].

    فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا فصال هذا الرضيع، هذا المولود الذي سيتلقى معنى الإنسانية في الرضاعة قبل أن يغذى بدنه وجسمه.

    فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا أي: من الزوجين، ولا يمكن أن يجتمعا، رأي الزوجين على الإضرار بالجنين، فقد يريد الوالد فطام الولد ليتمتع بالأم، وقد تريد هي فطام الولد من أجل أن تتفرغ لأمر زوجها ولصحة جسمها، فإذا ما حصلت الموافقة من الزوجين فلا ينبغي أن يفطم الولد قبل الحولين.

    وهناك أمر ثالث: فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ أي: مع أهل الخبرة من الأطباء والنساء الكبيرات والرجال الشيوخ، هذا الولد الذي ترونه أمامكم أكمل سنة ونصفاً، لو فصلناه هل يضر هذا في عقله.. في جسمه.. في سلوكه؟ فإذا قال أهل الخبرة: يؤذيه، فلا يحل لنا أن نفطمه قبل السنتين. ثم إذا أجمع الأبوان وأهل الخبرة في الأرض على جواز فطم الرضيع قبل السنتين فالله جل وعلا نفرنا عن هذه بهذه العبارة المحكمة: فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ولم يقل: افطموا الأولاد أو افصلوهم، إنما لا حرج عليكم إذا اجتمع رأي الأبوين، ورأي أهل الخبرة، على أنه لا مضرة بوجه على هذا الجنين بعد فصاله، فَلا جُنَاحَ وإلا فالأحسن والأكمل إكمال مدة الرضاعة.

    هذا الجيل الذي سيرضع معنى الإنسانية من أمه عندما تخرج أمه تعطل الجيل، وفسدت الحياة الاجتماعية، وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم، والحديث في المستدرك بإسناد صحيح (2/210) وقال الحاكم : إنه على شرط مسلم وأقره عليه الذهبي، والحديث من رواية أبي أمامة الباهلي وهو طويل في رؤية نبينا عليه الصلاة والسلام في منامه جماعة عرضوا عليه، من جملتهم كما يقول: ( ورأيت نساءً تنهش ثديهن الحيات، فقلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء اللاتي يمنعن أولادهن ألبانهن )، إن الثديين في صدر المرأة ما خلقهما الله جل وعلا ليكون شرفاً لأهل الضلال، ولا ليلعب بهما الرجال، إنما خلقهما ذي العزة والجلال ليكونا خزانتين لغذاء الأطفال، والطفل عندما يرضع من هذين الثديين قبل أن يغذي جسمه يغذي عقله ونفسه، وينشأ على معاني الرحمة والطهر والكمال، ومن لا يرحم كيف سيرحم بعد ذلك؟ والجزاء من جنس العمل.

    إذاً: الأم عندما تخرج تفسد الحياة الاجتماعية، وتعطل الجيل وتفسده.

    خروج المرأة للعمل ينشر المفاسد العامة في الحياة

    الأمر الثاني إخوتي الكرام! إن خروج المرأة من بيتها كما هو مضر بهذا الجيل فهو ينشر المفاسد العامة في الحياة، وهذا مقترن بخروج المرأة من بيتها، وقد بلغ الأمر بالحياة الغربية وفي بلاد أوروبا أنهم تواطؤا على هذا واستحسنوه، فالزنا عندهم لا منقصة فيه ولا عار ولا حرج فيه، ووالله هذا هو الأمر الطبيعي لخروج المرأة، فعندما تلزم المرأة بخروجها من بيتها وتكلفها بمزاولة أعمال خارج البيت ينبغي أن تضع بجوار ذلك الزنا لا حرج فيه، وهذا هو الذي حصل، وانتشرت بعد ذلك الأمراض الفتاكة، وفسدت الحياة الاجتماعية.

    إن المرأة عندما خرجت نقول للذين يقولون: إن استرقاق الإنسان وحشية: ماذا حصل عندما خرجت المرأة من بيتها؟! تفننت المرأة في عرض أنوثتها من أجل تحصيل دريهمات، وقد بلغ الأمر في كثير من البلاد العربية أن يستقدموا عاملات من بلاد الكفر أو من داخل البلاد من أجل أن يكن على الصندوق أو على الخزانة، وفي الدكاكين وفي الحوانيت التي تباع فيها السلع من أجل أن تجلب الزبائن، فتضحك مع هذا، ويضحك معها، ويحصل ما يندى له الجبين، وتضيع أنوثتها وعفتها وحياؤها وحشمتها وعقلها، وتصير سلعة رخيصة.

    أين الحرية التي تباهون بها؟ أي امتهان للمرأة أعظم من هذا الامتهان؟!

    إن المرأة عندما كانت أمة في الإسلام يتصل بها سيدها اتصالاً شريفاً وإذا حملت منه صارت أم ولد فصار لها في البيت كما يقال حجرة وشجرة، فلا تباع، وهذا الولد سينسب إلى أبيه شاء أم أبى، وهذا اتصال الحلال، قصرت نفسها عليه، أما هنا فتتصل بهذا وذاك، ويا ويلها بعد ذلك إذا لم تسقط جنينها فكم ستعاني من المتاعب والمشاكل؟

    إن أولاد العهر غير شرعيين في البلاد الغربية وما أكثر نسبتهم، وهذه حقيقة لازمة مقابلة لخروج المرأة من بيتها لأجل عملها.

    خروج المرأة للعمل يعطل الرجال عن العمل

    الأمر الثالث الذي يضر الحياة الاجتماعية: المرأة عندما تخرج من بيتها وتزاحم الرجال على العمل ستؤدي إلى تعطيل الرجال عن العمل، والبطالة التي يتنادى وينادي بها الناس أجمعون في هذا الحين، ما سببها؟ نسبة كبيرة من سببها مزاحمة الرجال على الأعمال. في دائرة من الدوائر عشرون وظيفة فتقدم مائة امرأة، وأهل الهوى من أجل حاجات خسيسة أخذوا على أقل التقدير خمسة عشرة امرأة وخمسة رجال، والأصل أن يؤخذ الرجال فإذا وجدت حاجة فلا بأس بتوظيف النساء، أما استبعاد الرجال وتقديم النساء على الرجال فهذا من أجل الضلال والعار.

    البطالة إذاً حصلت، والمرأة اشتغلت وجلس الرجل، وما أكثر ما ترون الآن في كثير من البلاد يأتي الرجل فيقال له: ماذا تعمل؟ فيقول: محرم، سبحان الله! نحن اعتدنا أن تكون المرأة لها محرم، وهو يعمل وهي في البيت فانعكست الأمور، فهي تشتغل وهو محرم لها، فإلى الله نشكو أحوالنا وأمورنا، هذا الفساد من الناحية الاجتماعية.

    1.   

    الآثار السلبية على الاقتصاد من خروج المرأة للعمل

    وأما مسألة الاقتصاد التي يدندنون حولها في هذه الأيام فأقول لهم: إن خروج المرأة من بيتها للعمل مضر بالاقتصاد العام:

    أولاً: المرأة فيها ضعف خلقي، والرجل يمتاز عليها في القوة الجسمية ولا يختلف أحد من الفلاسفة المتقدمين في هذا، وقد فضل الله الرجل على المرأة في ذلك، وقد شهدت بذلك امرأة صديقة حكيمة في كتاب الله جل وعلا كما حكى الله عنها قولها: وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى [آل عمران:36]، كلام امرأة عمران عليها وعلى سائر الصديقين والصديقات رحمة الله ورضوانه، فلما وضعتها امرأة عمران قالت كما حكى الله: فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى [آل عمران:36]، لا تصلح الأنثى لما يصلح له الذكر، فتفوق الرجل على المرأة في قواه الجسمية هذا مما لا يختلف فيه اثنان، فالمرأة تحيض والرجل لا يحيض، وإذا حاضت المرأة كانت أشبه شيء بالمريضة، المرأة تحمل والرجل لا يحمل، المرأة تلد وقبل ولادتها بشهر وبعد ولادتها بشهر كأنها في حالة مرض، وهذا عن الضعف الجبلي الذي في طبيعتها، فعندما نسند إليها أمور الاقتصاد ونخرجها من بيتها فإن هذا إضرار بالاقتصاد؛ لأن هذه المرأة لا تتحمل القيام بما كلفت به.

    الأمر الثاني: إذا خرجت المرأة سيحصل ما حصل في هذه الأيام من التنافس على تربية الدجاج، والتنافس على القضاء على الأولاد.

    الناس يتبارون في هذه الأيام في موضوع حظائر الدجاج وكيف سيكثرون نسبة الأفراخ، ويدعون بعد ذلك دعايات مضللة لا نهاية لها إلى القضاء على الجيل.

    سبحان الله! عندما خرجت المرأة حتماً النتيجة الحتمية لذلك ستفعل ما أمكنها إلى عدم حملها؛ لأن ذلك يتعبها، فكيف ستجمع بين هذا العمل الشاق المضني وبين العمل خارج البيت؟! فستأخذ ما أمكنها من منع حملها، سبحان الله! عطلنا إنجاب الأولاد وأكثرنا من إنجاب الدجاج، نعوذ بالله من هذا السخط وهذه الحماقة التي أصيب بها البشر في هذه الأيام.

    والأمر الثالث وهو قاصمة الظهور: إن المرأة عندما تخرج من هذا البيت عدا عن ضعفها والقضاء على أولادها، إن هذه الدريهمات التي ستكتسبها ستتفنن بعد ذلك في تزيين نفسها من أجل إغراء الرجل وتطمعه بها، فالمرأة طبعت على التبرج، ولا يمكن للمرأة إلا أن تتبرج سواء في طهر أو في عهر؛ لأنها تعلم أنها لا يمكن أن تستقر إلا في كنف الرجل، وتقدم معنا إخوتي الكرام! أن النساء خلقن من الرجال، فجعلت نهمتها في الرجل، فهي لو ملكت الدنيا بما عليها وتقدم إليها رجل فقط لأعطته الدنيا من أجل أن تأخذ هذا الرجل، إذاً ستتفنن في إغوائه وفي إغرائه، وإذا كان الأمر كذلك فما أخذته من دريهمات ستبذلها على الموضات، وعلى الأزياء التي تنتشر هنا وهناك، فأي اقتصاد حصلنا؟!

    إن تبرج المرأة يقرر أن المرأة لا يمكن أن تستقر إلا تحت رجل وفي ظله وفي كنفه وفي رعايته، وإذا أردتم برهاناً على هذا فلا أدل من أن المرأة في جميع الأمم وفي جميع الأزمنة، وفي جميع الأعراف هي التي تزف إلى الرجل، وهي التي تزين، وهي التي تتبرج، وما زف رجل إلى امرأة مهما كان نسب تلك المرأة، ومهما كان غناها، وإن هذا ليدل دلالة واضحة ودلالة قاطعة على أن المرأة لا تستريح إلا إذا كانت تحت رعاية رجل، وأما في هذه الدريهمات فستتفنن في إغراء الرجال وجلبهم إليها، فأي اقتصاد حصلناه؟! تبذير هذا ما أخذ أنفق من أجل مساحيق وموضات وأحذية وغير ذلك، والأمة لا يمكن في يوم من الأيام أن تصاب بضائقة في حياتها المعيشية بسبب قلة الموراد، إنما الضائقة تأتي بسبب سوء الإنفاق والتوزيع.

    ولذلك إخوتي الكرام! لا صلاح للنساء ولا للرجال بحال من الأحوال إلا أن تكون المرأة قعيدة بيتها، فتكون المرأة أماً تكرم وتحترم، وتكون زوجة تحب وتشم، وتكون ابنة يعطف عليها وترحم، وأختاً كذلك، ثم الرجل بعد ذلك يأتي إلى هذه المرأة فيجد عندها الحنان والسرور، فذلك يسليه ويذهب عنه ما هو فيه من هم وشدة وعناء وبلاء.

    ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أمنا عائشة رضي الله عنها في الحديث عن بدء نزول جبريل على نبينا الجليل عليهما صلوات الله وسلامه، لما جاءه الوحي في غار حراء، ورجع إلى أمنا خديجة رضي الله عنها وعن سائر أمهاتنا والمؤمنين والمؤمنات، رجع إليها وقال: (لقد خشيت على نفسي)، انظر لحاجة الرجل إلى المرأة، وانظر لتطمين المرأة لزوجها ولحنوها وشفقتها وحنانها ورحمتها به: ( كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكلأ -أي: الثقل- وتساعد المحتاج، وتكسب المعدوم ) أو تكسب المعدوم هذا المعدوم الذي تكسبه تعطيه غيرك، فإذا كسبت شيئاً معدوماً أعطيته غيرك ما تستأثر به وتكسب المعدوم ( وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق ) إن الرجال حقيقة بحاجة إلى مثل هذه المرأة الصالحة ليبثوا إليها أحزانهم ولتسليهم هذه المرأة وليجدوا عندها الأنس والسرور.

    اللهم هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين، أقول هذا القول وأستغفر الله.

    1.   

    الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله خير خلق الله أجمعين، اللهم صل على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليماً كثيراً، وارض اللهم عن الصحابة الطيبين، وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    إخوتي الكرام! أشار نبينا عليه الصلاة والسلام إلى منزلة المرأة وحالها، وما ينبغي أن نبذل نحوها، فقال عليه الصلاة والسلام في أوجز عبارة وأظهرها وأوضحها كما في مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم وسنن النسائي من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة )، فأحسن ما في هذه الحياة بعد الإيمان برب الأرض والسماوات امرأة صالحة، فإذا كانت هذه السلعة هي خير في هذه الحياة، فاعلم أن هذه السلعة ينبغي أن تبذل جهداً كبيراً في الحفاظ والمحافظة عليها، كما تبذل جهداً كبيراً في الحفاظ والمحافظة على شيء ثمين لديك، واعلم أن هذه السلعة بما أنها نفيسة فهي أشد السلع تعرضاً للسرقات وللانتهاك وللاختلاس، هذا خير متاع، فإذا أخرجت جوهرة ثمينة ودرة ثمينة وطرحتها في الشارع تسرق، عندما تعرض المرأة هنا وهناك تسرق، هذا أنفس متاع، ولذلك ينبغي المحافظة عليه، وينبغي الحذر من سرقته والاعتداء عليه.

    أسأل الله أن يلهمنا رشدنا، وأن يبصرنا بعواقب أمورنا، كما أسأله أن يغفر ذنوبنا، وأن يستر عيوبنا؛ إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا وارحمهم كما ربونا صغاراً، اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا، اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، والحمد لله رب العالمين.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756007269