إسلام ويب

المرابطون في بيوت الله [8] - فرضية الزكاةللشيخ : عبد الرحيم الطحان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الزكاة شعيرة من شعائر الإسلام، كما أنها قرينة الصلاة، فلا تكاد تذكر الصلاة إلا وقرنت بها؛ لأن الصلاة حق لله والزكاة حق لعباد الله، وإذا كانت الصلاة حق في البدن فالزكاة حق في المال، ويكفر جاحدها، ويقاتل من لم يؤدها إلى مستحقيها، والآيات الدالة على وجوبها كثيرة، والأحاديث في ذلك متواترة، وعلى ذلك إجماع أهل الإسلام.

    1.   

    الأمور التي من أجلها قرن الله بين الصلاة والزكاة في قوله: (رجال لا تلهيهم ...)

    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونؤمن به ونتوكل عليه, ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهدي الله فهو المهتد, ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.

    الحمد لله رب العالمين, شرع لنا ديناً قويماً, وهدانا صراطاً مستقيماً, وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، وهو اللطيف الخبير.

    اللهم لك الحمد كله, ولك الملك كله, وبيدك الخير كله, وإليك يرجع الأمر كله, أنت رب الطيبين.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين, وخالق الخلق أجمعين ورازقهم: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [هود:6], يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ [فاطر:3].

    وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله, أرسله الله رحمة للعالمين, فشرح به الصدور, وأنار به العقول, وفتح به أعيناً عمياً, وآذاناً صماً, وقلوباً غلفاً, فجزاه الله عنا أفضل ما جزى به نبياً عن أمته, ورضي الله عن أصحابه الطيبين, وعن من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102], يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71], أما بعد:

    معشر الإخوة المسلمين! أشرف بقاع الأرض وأحبها إلى الله عز وجل المساجد, فهي بيوت الله في أرضه, وفيها نوره وهداه, وإليها يأوي المهتدون المؤمنون الموحدون, وقد نعت الله جل وعلا عباده المخلصين الذين يتواجدون في بيوت رب العالمين بأنهم رجال, ثم وصفهم بأطيب الخلال, فذكر من صفاتهم أنه لا تلهيهم هذه الدنيا عن الغاية التي خلقوا من أجلها, وهم يعظمون الله جل وعلا ويعبدونه, فيذكرونه ويصلون له, فهم يحسنون إلى عباد الله, ويشفقون عليهم, ويتصدقون عليهم ويساعدونهم ويواسونهم, وهم بعد ذلك يبذلون ما في وسعهم للاستعداد إلى اليوم الذي يلاقون فيه ربهم: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ [النور:36-37].

    وقد مضى الكلام على الصفة الأولى, ثم عن الصفة الثانية إقام الصلاة, ووصلنا إلى الصفة الثالثة التي نعت الله بها هؤلاء الأبرار الذين يعمرون بيوت العزيز الغفار: لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ [النور:37], فهم يصلون وهم يزكون.

    وقد يتساءل متسائل فيقول: علام قرن الله الزكاة بالصلاة؟ ولا يشترط لأداء الزكاة فعلها في بيوت الله, والحديث عن عباد الله الذين يعمرون بيوت الله فلا تلهيهم بيوعهم وتجاراتهم عن أداء الصلاة وعبادة الله في بيوت ربهم, فلم ذكر الزكاة؟

    الجواب: إنما قرن الله الزكاة بالصلاة في هذه الآية الكريمة، مع أنه لا يشترط في فعل الزكاة تأديتها في بيوت الله, قرنها لأمرين معتبرين:

    الأول: الزكاة قرينة الصلاة, ويتحقق هذا ويتجلى بأمرين معتبرين:

    الأمر الأول: الزكاة قرينة الصلاة

    الأمر الأول: الصلاة حق الله جل وعلا, والزكاة حق العباد, ودين الله جل وعلا يقوم على دعامتين اثنتين: تعظيم لله، وشفقة على خلق الله.

    فالله جل وعلا عندما ذكر أن هؤلاء العباد يصلون أخبر أنهم يزكون, وقد قاموا بالدين بأكمله، فهم يعظمون الله ويشفقون على عباد الله, وكثيراً ما كان ينوه ربنا جل وعلا بهذا الأمر فيقرن بين الزكاة والصلاة في كثير من الآيات, ففي سورة الذاريات يقول رب الأرض والسماوات: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:15-18], وهذا تعظيم الحي القيوم.

    ثم انتقل بعد ذلك إلى وصفهم في معاملتهم وإحسانهم إلى العباد فقال: وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [الذاريات:19].

    ونظير هذه الآية قول الله جل وعلا في سورة المعارج: إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [المعارج:19-25].

    وقد جلى لنا الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الصلة بين الزكاة والصلاة, فيما رواه عنه الإمام الطبراني في معجمه الكبير بسند حسن -والأثر موقوف على هذا الصحابي الجليل من قوله- أنه قال: كتب علينا إقام الصلاة وإيتاء الزكاة, فمن صلى ولم يزك لم تقبل صلاته.

    فقرن الله بين الزكاة والصلاة لهذا الأمر كما قلت: الصلاة حق الله, والزكاة حق العباد.

    والأمر الثاني: الصلاة حق على البدن ينبغي أن يقوم به الإنسان, والزكاة حق في ماله ينبغي أن يخرجه الإنسان, والحقوق إما أن تكون حقوقاً بدنية أو حقوقاً مالية, فقرن الله بين الزكاة والصلاة ليشير إلى أن هؤلاء العباد الطيبين المخلصين عبدوا الله بأبدانهم وعبدوه بأموالهم, وقاموا بحق العبودية على وجه التمام لربهم جل وعلا.

    إن الزكاة حق المال كما أن الصلاة حق البدن, وقد جلى هذا الأمر ووضحه خليفة النبي عليه الصلاة والسلام وأفضل هذه الأمة بعد نبيها صديق هذه الأمة أبو بكر الصديق رضي الله عنه, والأثر ثابت في المسند والكتب الستة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه, قال: (لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم, واستخلف أبو بكر , وكفر الناس -أي: حصلت ردة بعد موت إمام الناس وأفضل الأسياد نبينا عليه الصلاة والسلام- قال عمر بن الخطاب لـأبي بكر رضي الله عنهما: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله, وأن محمداً رسول الله؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: والله لأقاتلن من فرق بين الزكاة والصلاة؛ إن الزكاة حق المال).

    ولذلك قرن الله بين هذين الحقين: حق الأبدان وحق الأموال, فيقاتل من ترك الزكاة كما يقاتل من امتنع عن فعل الصلاة, وتقدم معنا الحديث الثابت في الكتب الستة من رواية أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله, ويشهدوا أني رسول الله, فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماؤهم وأموالهم إلا بحق الإسلام, وحسابهم على الله تعالى ).

    فقد تقدم معنا الحديث عند الخصلة الثانية من صفات عباد الرحمن؛ ألا وهي إقامة الصلاة, تقدم معنا هذا الحديث برواياته, وروايته الثانية في الصحيحين وغيرهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله, وأني رسول الله, ويقيموا الصلاة, ويؤتوا الزكاة, فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام, وحسابهم على الله تعالى).

    وفي رواية في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله, ويؤمنوا بي وبما جئت به, فمن فعل ذلك فقد عصم دمه وماله, وحسابه على الله جل وعلا ).

    إذاً: الزكاة قرينة الصلاة, ويظهر هذا -كما قلت- بأمرين معتبرين: الصلاة حق الله, والزكاة حق العباد, والصلاة حق على البدن, والزكاة حق في المال.

    الأمر الثاني: التنويه بمحاسن أولئك الرجال

    وأما الأمر الثاني الذي من أجله ذكر الله الزكاة هنا بعد إقامة الصلاة في بيوت الله, ولا يشترط لأداء الزكاة فعلها في بيوت الله فهو: لينوه الله جل وعلا بمحاسن هؤلاء الرجال, وليذكر صفاتهم, ولينعتهم بأطيب الخلال, وكأن الله عز وعلا يقول: ما أذهبتكم البيوع والتجارات عن طاعة رب الأرض والسموات في البيوت التي أذن أن ترفع ويذكر فيها اسمه.

    ثم ليس هذا هو وصفهم فحسب, بل لهم -أيضاً- صفات جليلة شريفة نبيلة, كما عبدوا الله في بيوت الله تفقدوا عباد الله وأحسنوا إليهم.

    فالزكاة من الأمور التي يمدح بها الإنسان في الحياة وبعد الممات, ويثاب عليها عند رب الأرض والسموات.

    ثبت في معجم الطبراني الكبير بسند صحيح عن زر بن حبيش رضي الله عنه قال: كنا جلوساً مع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه, فدخل داخل، وقال: أبا عبد الرحمن ! أخبرني عن أفضل خصال الإسلام؟ قال: إقامة الصلاة, قال: ثم أي؟ قال: إيتاء الزكاة.

    فالله جل وعلا ذكر هؤلاء العباد؛ لأنه لا تلهيهم البيوع والتجارات عن أداء الصلوات في الجماعات, ثم لابد من أن ينبه أنهم يقومون بسائر الخلال الكريمات, فهم يؤدون الزكاة ويحسنون إلى المخلوقات: لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ [النور:37].

    إن إخراج المال شاق شديد على النفس, من أجل هذا ينبغي أن ينعت هؤلاء الأبرار به بعد إقام الصلاة, وقد أخبرنا نبينا صلي الله عليه وسلم عن الجرأة والعزيمة والقوة والثبات التي تكون في قلب الإنسان عندما يخرج أمواله إحساناً إلى عباد الرحمن, وطلباً للأجر عند ذي الجلال والإكرام.

    واسمعوا لهذا الحديث الذي يصور لنا هذا المشهد من كلام نبينا عليه الصلاة والسلام.

    ثبت في مسند الإمام أحمد ومسند البزار ومعجم الطبراني الكبير, والحديث رواه ابن خزيمة في صحيحه, والحاكم في مستدركه, ورواه الإمام البيهقي في السنن, ورواه أبو داود الطيالسي في سننه أيضاً.

    ولفظ الحديث عن بريدة رضي الله عنه الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا يخرج أحد صدقة حتى يفك لحييه سبعون شيطاناً ), واللحيان هما: الفكان, فيجتمع حول عباد الرحمن عندما يريدون أن يتصدقوا سبعون شيطاناً, كل شيطان يوسوس له ويزين له عدم الصدقة: أنت ستحتاج, اترك هذا لأولادك, لعل الحياة تطول بك فتحتاج إلى هذا المال، سبعون شيطاناً يوكلون من أجل تثبيط همة الإنسان عن التقرب بالصدقة إلى ذي الجلال والإكرام.

    فهذا المؤمن يفك ويخرص ويقطع شدقيه سبعون شيطاناً عندما يتصدق في سبيل الله طلباً للتقرب عند الله.

    إذاً: هذه الطاعة الجليلة الفخيمة ينبغي أن تذكر في صفاتهم عقيب الإخبار عنهم بصلاتهم لربهم, فهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة, وهم أيضاً لا يبالون بهذه الأموال, وينفقونها آناء الليل وأطراف النهار؛ مساعدة لعباد الله وطلباً للأجر عند الله جل وعلا.

    لهذين الأمرين المعتبرين قرن الله بين الزكاة والصلاة.

    الرد على من جعل سبب الاقتران هو الإشارة بأن عباد الله المخلصين يتصدقون حال ركوعهم

    وأما ما توهمه بعض الضالين من أن الله جل وعلا قرن بين الزكاة والصلاة في هذه الآية إشارة إلى أن عباد الله المخلصين يتصدقون في بيوت رب العالمين على كيفية خاصة عندما يكونون راكعين, وقرروا هذا -على زعمهم- لقول الله جل وعلا في سورة المائدة: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [المائدة:55], فقالوا: إنما ذكرت الزكاة هنا للإشارة إلى نعت هؤلاء, وأنهم يصلون لله في بيوته, ثم يتصدقون على عباد الله وهم يصلون, وهم راكعون.

    وقد غلا بعض أهل الفرق الضالة وافترى وكذب في تفسير هذه الآية فقال -ما خلاصته-: إن مسكيناً دخل إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في حياة النبي عليه الصلاة والسلام, فقال: هل من متصدق؟ هل من متصدق؟ هل من متصدق؟ فما أجابه أحد, ولا أعطاه أحد, فكان علي رضي الله عنه راكعاً, فخلع خاتمه ونبذ به إلى هذا السائل.

    وبعضهم يغلو -وهذا موجود في كتبهم الباطلة الضالة- فقالوا: كان علي رضي الله عنه الله عنه يلبس جبة بألف دينار, فبينا هو راكع ودخل السائل, ولم يعطه أحد من الصحابة الأبرار, خلع جبته في حال ركوعه, ثم أومأ إلى السائل بأخذها فأخذها.

    وعليه فـعلي رضي الله عنه هو ولي المؤمنين, وهكذا -على تعبيرهم- أولاده وأحفاده والأئمة من بعده إلى يوم الدين من شروط ولايتهم عندهم, أن يتصدقوا وهم راكعون.

    والسائل الذي سأل في زمن النبي عليه الصلاة والسلام يزعمون أنه كان من الملائكة, وهكذا ينبغي أن تأتي الملائكة إلى كل إمام من هؤلاء الأئمة إلى يوم القيامة؛ لتسأل هذا الإمام وهو راكع في صلاته؛ ليتحقق فيه إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وهو راكع.

    وهذا الأثر كذب مفترى لا وجود له ولا صحة له, حقق ذلك أئمتنا الكرام كالإمام ابن كثير في تفسيره وفي البداية والنهاية, وشيخ الإسلام الإمام ابن تيمية عليهم جميعاً رحمات رب البرية في كتابه منهاج السنة النبوية, وأبطل هذا التفسير من تسعة عشر وجهاً, ولا أريد أن أفيض في ذكر هذه الوجوه وتعدادها, إنما سأذكر بعض الأمور التي تبين بطلان هذا التفسير مع عدم ثبوت إسناده وعدم روايته عمن يعتبر ويعول عليه.

    إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [المائدة:55].

    (وهم راكعون) ليست جملة حالية لقوله: (يؤتون الزكاة), فليست هذه الجملة قيد لإيتائهم الزكاة, أي: ليس المراد يؤتون الزكاة في حال ركوعهم، لا, إنما هذه جملة اسمية يخبر الله فيها عن حال هؤلاء العباد, ويثني عليهم كما أثنى عليهم بالصفات المتقدمة: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [المائدة:55], وهم يديمون الركوع لله جل وعلا, يخشعون له ويعبدونه في جميع أحوالهم, فبعد أن نعتهم بجملتين فعليتين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، والجملة الفعلية -كما يقول علماؤنا في كتب اللغة والبلاغة- تفيد التجدد والحدوث.

    فنعتهم ربنا جل وعلا بصفة اسمية تفيد الثبات والاستقرار والرسوخ, فهذا وصفهم, وهذا ديدنهم, لا ينفكون عن طاعة ربهم جل وعلا، بل ثابتون, ويتجدد منهم الإحسان إلى عباد الله، والخشوع لله جل وعلا, هذا هو معنى الآية.

    فليست الجملة حالية من قولهم: يؤتون الزكاة في حال ركوعهم, ويدل على هذا أمر آخر معتبر، ألا وهو: أن مدح الإنسان يكون بما هو واجب أو مستحب على أقل أحواله, ولم يستحب أحد من خلق الله أداء الزكاة في حال الركوع؛ إذا كان راكعاً يؤدي زكاته، ما ذكر هذا أحد من أئمتنا, ولا يعرف هذا في ديننا.

    الأمر الثالث: لو كانت الزكاة تشرع عند فعل الصلاة وأثناء القيام بها لما كان هناك داع لذكر الركوع فقط, بل لو قيل: لو أدى الزكاة وتزكى وهو قائم أو قاعد لكان أحسن, وكان هذا للفقير أتم وأمكن؛ ليأخذ الزكاة على وجه مطمئن, أما أن يكون الإنسان راكعاً بهذه الهيئة, ثم يمد بعد ذلك يده إلى السائل ليعطيه, فهذا فيه صعوبة على السائل والمسئول, ومثل هذا يتنزه عنه الشارع العزيز الغفور.

    الأمر الرابع: هذه الآية مسوقة لبيان ولاية المؤمنين للمؤمنين, وانقطاع ولايتهم عن الكافرين, فبعد أن حذرنا الله من اتخاذ اليهود والنصارى أولياء, وأخبرنا أنه من يرتد عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه, ذكر ربنا جل وعلا أولياءنا الذي ينبغي أن نواليهم في حياتنا وبعد مماتنا, فقال: هم المؤمنون الذين يصلون ويزكون, ولله في جميع أحوالهم يركعون, فلو كان هذا الأمر, أعني: أداء الزكاة في الصلاة، لو كان هذا يشترط في هؤلاء لما صح أن نوالي أحداً من خلق الله إلا إذا زكى وهو راكع, وما قال بهذا أحد وهذا فهم أعجمي قاله من لا يعرف الذوق العربي, بل لا يعرف دين الله القوي.

    إلى الآية التي قبل هذه الآية, وفيها يقول ذو الجلال والإكرام: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [المائدة:54-55], فمن صفاتهم أنهم يصلون ويزكون ويديمون الركوع للحي القيوم, هذا هو معنى الآية, ولا يصح أن تفسر الآية بغير ذلك, كما بين هذا أئمتنا الكرام.

    وخلاصة الكلام! قرن الله بين الزكاة والصلاة للأمرين:

    الأمر الأول: الصلاة قرينة الزكاة, والزكاة قرينة الصلاة, يتجلى في أمرين اثنين كما وضحت.

    والأمر الثاني: لينوه الله بمحاسن هؤلاء العباد الذين يعمرون بيوته في أرضه, فهم يطيعون الله؛ فيصلون له, وهم يحسنون إلى عباده.

    1.   

    تعريف الزكاة في اللغة والاصطلاح

    بعد هذا الأمر وهذه المقدمة يحسن بنا أن نقف وقفة عند أحكام الزكاة لنتدارسها، وأحكام الزكاة مباحثها طويلة كثيرة, فأقتصر على ثلاثة أمور منها:

    الأمر الأول: في وجوب الزكاة وفرضيتها بعد بيان تعريفها, وهذا ما سنتدارسه هنا إن شاء الله.

    والأمر الثاني: في فضل الزكاة الواجبة.

    والأمر الثالث: في فضل الزكاة المندوبة.

    فهذه الأمور الثلاثة سأقصر حديثي عليها في بيان إيتاء الزكاة.

    التعريف اللغوي للزكاة

    أما معنى الزكاة، فالزكاة في لغة العرب الزيادة، يقال: زكى الزرع إذا نما وزاد, ويطلق هذا المعنى -الزيادة ولفظ الزكاة- على الصلاح؛ لأنه بالصلاح تزداد رفعة الإنسان ويزداد قدره, وقد أشار ربنا جل وعلا إلى هذا المعنى فقال: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [آل عمران:164].

    فمقام التزكية, ومقام التحلية, ومقام فعل الطاعات والخيرات هو الذي أتى به خير البريات عليه صلوات الله وسلامه إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9].

    وتأتي الزكاة بناء على هذا المعنى بمعنى: الطهارة لوجود معنى الزيادة فيها, ومنه يقال: فلان زكي العرض إذا كان عفيفاً لا يتعرض للدنس ولا للريب, وإلى ذلك يشير قول ربنا الكريم سبحانه وتعالى في سورة النور: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [النور:21]. (ما زكا) أي: ما تطهر من وسوسة الشيطان, وما ابتعد عن أوهامه وهذيانه.

    وخلاصة الكلام: الزكاة بمعنى الزيادة, وتطلق بعد ذلك على التطهر وعلى الصلاح لما يحصل للإنسان فيهما من زيادة في الخير وبعد عن الشر, فالدين كله يقوم على تخلية وعلى تحلية, وهذه هي حقيقة التزكية: أن يتخلى عن كل رذيلة, وأن يتحلى بكل فضيلة, وأن يزكي نفسه بشريعة الله الفاضلة الجليلة النبيلة.

    هذا معنى الزكاة في اللغة.

    التعريف الاصطلاحي للزكاة

    وأما معنى الزكاة في الاصطلاح وعند علماء الشرع المطهر: فهي كما قال شيخ الإسلام الإمام النووي في المجموع, وقبله الإمام الواحدي عليهم جميعاً رحمة الله, الزكاة: اسم لشيء مخصوص, يؤخذ من مال مخصوص بشرائط مخصوصة, لطائفة مخصوصة.

    فيؤخذ شيء من المال فرضه الله جل وعلا في صنف من الأموال: من النقدين, وعروض التجارة, وبهيمة الأنعام, والزرع والثمار, وغيرها مما تجب فيها الزكاة بشرائط محدودة: أن تبلغ النصاب، وأن يحول عليها الحول, وتؤتى هذه الأموال بعد ذلك لطائفة مخصوصة، هذا معنى الزكاة في اصطلاح علمائنا الكرام.

    أوجه الارتباط بين المعنى اللغوي والشرعي للزكاة

    والزكاة بهذا التعريف عند علماء الشرع المطهر فيها المعنى اللغوي, ففيها الزيادة، ويحصل بها الصلاح، ويحصل بها التطهر عن كل دنس وفساد, وقد أوضحت آيات القران هذا, وأخبرتنا أن الإنسان عندما يخرج هذه الزكاة الشرعية يحصل زيادة في دينه وفي دنياه؛ في ماله وفي تقواه, فيحصل زيادة في عاجل أمره وآجله.

    يقول الله جل وعلا مشيراً إلى هذا المعنى في سورة سبأ: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ:39], وأشار الله جل وعلا إلى هذا المعنى في آيات كثيرة، فقال الله جل وعلا في سورة البقرة: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [البقرة:245].

    ومثل هذا المعنى قول ربنا المجيد: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ [الحديد:11].

    وهذه المضاعفة في الدنيا وفي الآخرة: إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ [التغابن:17] .

    فهذه المضاعفة ستكون في الدنيا والآخرة, في المال وفي الدين.

    وقد أخبرنا الله جل وعلا أن من أدى الزكاة وفعلها فهو من المفلحين الذين أفلحوا وفازوا ورضي عنهم رب العالمين, يقول الله جل وعلا مشيراً إلى هذا الأمر: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ [المؤمنون:1-4].

    وأخبرنا الله جل وعلا أن هذه الزكاة طهرة للإنسان من كل دنس ونجس ومن كل قذر, يقول ربنا جل وعلا: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [التوبة:103].

    إذاً: هذه الزكاة التي هي زكاة شرعية, جزء مسمى لجزء من المال, يؤخذ من صنف من المال, بشرائط مخصوصة, لطائفة مخصوصة, ففيها كما قلت المعنى اللغوي.

    وقد وضح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هذا الأمر, وبين لنا أن المزكي يحصل أضعافا مضاعفة من الأموال والربح والبركة في هذه الحياة, مع ما يناله من الأجر العظيم والبركة عند رب الأرض والسموات, ثبت في مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم وسنن الإمام الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ما نقصت صدقة من مال ).

    وأصل الحديث معناه: ما نقصت صدقة مالاً, يعني: ما تنقص الصدقة شيئاً من مالك, بل يزيد ويبارك الله فيه, وتمام الحديث: ( ما نقصت صدقة من مال, وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً, ومن تواضع لله رفعه الله ).

    والحديث في هذا المعنى أيضاً رواه الإمام أحمد في المسند وابن ماجه في السنن والترمذي في السنن, وإسناد الحديث صحيح من رواية أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ثلاثة أقسم عليهن: ما نقص مال من صدقة, وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً, ومن فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه باب فقر ).

    فالمال لا ينقص عندما تتصدق منه, بل يبارك الله فيه, ويزيد هذا المال أضعافاً مضاعفة, والله على كل شيء قدير, وقد جلى لنا نبينا صلى الله عليه وسلم, ووضح لنا هذه الزيادة الحسية التي تقع في هذه الحياة, وكيف ينصف رب الأرض والسموات لهذا المتزكي الذي يساعد المخلوقات.

    ثبت في مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم والحديث رواه أبو داود الطيالسي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( بينا رجل يمشي في فلاة من الأرض, إذ سمع صوتاً من سحابة: اسق حديقة فلان, فتأمل هذه السحابة, فانحازت إلى حرة, ثم صبت الماء منها بإذن الله جل وعلا, فتجمع هذا الماء في شرجة من الشراج -أي: في مسيل من الوديان التي تأخذ هذا الماء وتسيل فيه, ويسيل الماء فيه فتبع هذا الرجل هذا الماء عندما يسيل في هذه الشرجة من الشراج, في هذا المسيل في هذا الوادي- فتبعه, فإذا برجل معه مسحاته, ويصرف هذا الماء ويسقي به زرعه, فقال: يا عبد الله! ما اسمك؟ قال: فلان, ثم قال له: وعلام تسألني عن اسمي؟ قال: هذا الماء الذي تسقي زرعك به كان في سحابة, فسمعت من تلك السحابة صوتاً يقول: اسق حديقة فلان, فصب هذا الماء في حرة حجارة, ثم جاء في هذه الشرجة وجاء الماء إليك.

    فقال له هذا الرجل: أما إذ قلت ذاك فإني أقسم مالي ثلاثة أقسام: ثلث أتصدق به, وثلث آكل به أنا وعيالي, وثلث أرده على الأرض ).

    فالزيادة مضمونة في هذه الحياة, وأما بعد الممات فلك من الأجر ما لا يخطر ببالك أو ببال أحد من خلق الله.

    ثبت في مسند الإمام أحمد , والحديث رواه الشيخان, ورواه الإمام الترمذي والنسائي وابن ماجه ورواه مالك في الموطأ, والإمام ابن خزيمة في صحيحه, والحديث في أعلى درجات الصحة فهو في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب, ولا يقبل الله إلا طيباً, فإن الله يأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم -بمقدار تمرة- كما يربي أحدكم فلوه -يعني: مهره, وفي رواية: فصيله أي: ولد الناقة عندما يفصل عن أمه, وفي رواية: قلوصه أي: ناقته- حتى تصير مثل الجبل )، والحديث في الصحيحين.

    انظر: تمرة يبارك الله فيها، ويأخذها بيمينه ويربيها لعبده حتى تكون عنده جل وعلا كالجبل.

    وفي صحيح ابن حبان ومعجم الطبراني , وإسناد الحديث صحيح عن أمنا عائشة رضي الله عنه الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الله ليربي لأحدكم التمرة واللقمة حتى تكون مثل جبل أحد ), إذاً: الزيادة حاصلة للمتصدق في الحياة وبعد الممات, فالمعنى الشرعي يحتوي على المعنى اللغوي.

    1.   

    فرضية الزكاة وحكم جاحدها وتاركها

    إخوتي الكرام! وهذه الزكاة فريضة محكمة يكفر جاحدها, ويقاتل من لم يؤدها ولم يدفعها إلى مستحقيها.

    وقد أخبر الله جل وعلا عن فرضية الزكاة في كتابه, وتواترت بذلك الأحاديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام, وعلى ذلك إجماع أهل الإسلام.

    الآيات القرآنية الدالة على فرضية الزكاة

    أما آيات القرآن فهي كثيرة وفيرة منها قول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمُ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا [الحج:77-78], فسمانا الله بالمسلمين في الكتب السابقة وفي هذا الكتاب, فنعتنا بذلك: هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ [الحج:78].

    وأخبرنا الله جل وعلا في سورة (حم فصلت) أن من خصال المشركين الملعونين عدم أداء الزكاة إلى مستحقيها من عباد الله المساكين, يقول الله جل وعلا: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ [فصلت:6-7].

    والزكاة هنا فسرت بأمرين نقلا عن سلفنا الكرام:

    التفسير الأول: نقل عن بحر الأمة وحبرها ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: الذين لا يؤتون الزكاة, أي: لا يقولون لا إله إلا الله, ولا يوحدون الله, ولا يزكون أنفسهم هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى [النازعات:18-19], قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى [الأعلى:14], وويل للمشركين الذين لا يوحدون رب العالمين وهم بالآخرة هم كافرون.

    والتفسير الثاني: حق وصدق, نقل عن عدد من أئمتنا الكرام, عليهم جميعاً رحمات ذي الجلال والإكرام: كـمجاهد وقتادة: الذين لا يؤتون الزكاة: أي لا يتصدقون ولا يدفعون أداء ما أوجبه الله جل وعلا في أموالهم, فهذا من خصال المشركين الذين لا يحسنون إلى عباد الله المحتاجين: وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ [فصلت:6-7].

    قال الإمام ابن كثير عليه رحمات ربنا الجليل في تفسيره: وإنما ذهب بعض الأئمة إلى المعنى الأول, وهو حق؛ لأن هذه السورة مكية, وفرضية الزكاة كان في المدينة المنورة -على منورها صلوات الله وسلامه- فكيف يتأتى تفسير الزكاة هنا بالزكاة المفروضة ولم تكن مشروعة في مكة؟

    ثم قال: والذين قالوا إن المراد من الزكاة هنا زكاة المال هذا حق, ثم قال: والجمع بين القولين: أن الله جل وعلا أراد من الزكاة هنا الصدقة والإحسان إلى عباد الله، دون الزكاة التي لها نصب ومقادير معروفة, فهذا تم في المدينة -المنورة على نبينا صلوات الله وسلامه- وهذا الأمر كفريضة الصلاة, كان المسلمون في مكة ما يقارب اثنتي عشرة سنة يصلون ولم تنزل هذه الصلاة بهذه الكيفية إلا في ليلة الإسراء والمعراج على خير العباد عليه صلوات الله وسلامه, وكان هذا قبل هجرته بسنة ونصف, أي: بعد بعثته بقرابة اثنتي عشرة سنة يصلون لكن الصلاة بالكيفية المفروضة خمس صلوات إنما تم بعد مرحلة طويلة, وكانت الصلاة تذكر, كانوا يصلون صلاةً بالغداة وصلاة بالعشي، يقومون بها كما بين لهم نبينا عليه السلام دون أن تكون بالكيفية التي استقر عليها الأمر.

    وهكذا الزكاة وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [فصلت:6-7], أي: لا يخرجون قسطاً من مالهم, ويساعدون به عباد الله دون أن يحدد هذا القسط بمقدار معين, بل حدد بعد ذلك بالمدينة المنورة.

    والتفسيران حقان ثابتان, ونجمع بينهما فنقول: وويل للذين لا يوحدون الله, وويل للذين لا يحسنون إلى عباد الله, وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون.

    إخوتي الكرام! إن من خصال المشركين عدم أداء الزكاة ومساعدة المحتاجين, كما أنه من خصال المؤمنين الطيبين أداء الزكاة ومساعدة المحتاجين, يقول الله جل وعلا في مطلع كتابه في أول سورة البقرة: الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [البقرة:1-3], فهذه هي أوصاف المتقين, وهذه صفات عباده المخلصين.

    الأحاديث النبوية الدالة على فرضية الزكاة

    كما جاء في الآيات الكثيرة من كلام ربنا جل وعلا في بيان فرضية الزكاة, كذلك تواترت بذلك الأحاديث عن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم, فمن ذلك ما ثبت في مسند الإمام أحمد , والحديث رواه أهل الكتب الستة -الصحيحان والسنن الأربع- من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: ( لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن, قال له: يا معاذ ! إنك تأتي قوماً أهل كتاب, فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله, وأني رسول الله -عليه الصلاة السلام- فإن هم أطاعوا لذلك فأخبرهم: أن الله افترض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم, فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم, فإن هم أطاعوا لذلك فخذ منهم وتوق كرائم أموالهم -أي: لا تأخذ الزكاة من النفيس كما أنها لم تؤخذ من الرديء, بل تؤخذ من الوسط- واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ).

    والأحاديث التي تقرر فرضية الزكاة, وتبين عقوبة تاركها كثيرة وفيرة؛ منها: ما ثبت في الصحيحين وسنن النسائي، والحديث في أعلى درجات الصحة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته، مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان, فيأخذ بلهمزتيه ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك )، قوله: (مثل له), أي: يصور له هذا المال, ويأتيه بصورة شجاع أقرع, والشجاع: هو الحية العظيمة, وقيل: الذكر من الحيات.

    وقال بعض علماء اللغة: الحية التي تقوم على ذنبها, وتقاتل الفارس برأسها.

    قوله: (أقرع), قال علماء اللغة: تقرى واجتمع السم في رأس هذا الشجاع, بحيث سقطت فروة رأس هذا الشجاع وهذه الحية, وهذا لا يكون إلا بعد كبر سنه واجتماع كثير من السم, فيكون أشنع في اللسع وأفظع.

    وقال الإمام القرطبي : الأقرع من الحيات هو ما كان أبيض الرأس من طول عمره, كأنه شاب رأسه, وليس للحيات شعر, والأقرع من الناس من سقط شعر رأسه, فهناك يبيض رأس هذه الحية, أو هذا الذكر من الحيات لضخامته وطول حياته, وامتلاء السم في رأسه.

    قوله: (له زبيبتان): نقطتان سوداوان فوق عينيه, أو في فكيه وجانبيه على خديه، أو زبيبتان: قرنان أو نابان, وكل هذا قاله علماء اللغة وعلماء الحديث.

    قوله: (فيأخذ بلهمزتيه), يعني: هذا الذكر من الحيات, أو هذه الحية التي تقف على ذنبها وتقاتل برأسها, تأخذ مانع الزكاة بشدقيها، أي: بفمها, وتقول: أنا مالك أنا كنزك.

    وقد ثبت في صحيح مسلم وفي صحيح البخاري أيضاً, أن هذا الأخذ أول ما يكون بفم ذلك الشجاع الأقرع, لمن لم يتصدق, ولم يؤد زكاة ماله، أول ما يكون بيده؛ كما في صحيح مسلم : (فيعطيه يده فيقضقضها). أي هذا الشجاع.

    قوله: (فيقضقضها) أي: يأكلها, وإنما يقع أول ما يقع من القضم لليد؛ لأن هذه اليد هي التي بخلت بأداء الزكاة, ثم يقضم هذا الشجاع سائر جسده، وهكذا حتى يقضي الله في أمره سبحانه وتعالى.

    وهذا الحديث ثابت عن عدة من الصحابة الكرام، فقد رواه الطبراني والبزار ورواه ابن خزيمة وابن حبان عن ثوبان مولى نبينا عليه وعليهم جميعاً الصلاة والسلام, ورواه الإمام النسائي وابن ماجه وابن خزيمة عن عبد الله بن مسعود , ورواه النسائي أيضا بسند صحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن الذي لا يؤدي زكاته يمثل له يوم القيامة ماله بصورة شجاع أقرع.

    أخذ الزكاة بالقوة من الممتنع من أدائها مع نصف ماله

    إذا امتنع الإنسان عن أداء الزكاة تؤخذ منه رغم أنفه, وقد أشار نبينا صلى الله عليه وسلم إلى هذا, وأشار إلى عقوبة تقع عليه عند امتناعه, ففي مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود والنسائي ، والحديث في مسند الإمام الدارمي وإسناده حسن عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من أعطى الزكاة مقتدراً فله أجرها -أي: أعطاها طالباً للأجر عند الله فله أجرها- ومن امتنع فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا, ليس لآل محمد -صلى الله عليه وعليهم وسلم تسليماً كثيراً- منها شيء ) أي: لا يأخذون شيئاً من هذه الصدقات ومن هذه الأوساخ وهذه النفايات.

    وقول نبينا عليه الصلاة والسلام: ( فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا ), العزمة: هي من العزيمة, وهي خلاف الرخصة, وكأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: شرع الله لنا ذلك, ونحن نأخذ نصف مال الذي يمتنع عن الزكاة بعد أن نأخذ الزكاة منه رغم أنفه بشرع الله, فلا نتجاوز حدود الله، بل ذلك عزمة من عزمات ربنا: أي هذا حكم من الله، عزم علينا بأن ننفذه.

    وهل هذا الحكم ما زال محكماً باقيا أو أنه منسوخ؟ لعلمائنا الكرام في ذلك قولان: فذهب الإمام الشافعي في قوله القديم إلى أن هذا الحكم محكم باق, ومن امتنع من الزكاة يؤخذ منه شطر ماله منه رغم أنفه, عزمة من عزمات ربنا، وذهب في الجديد إلى أن الحكم منسوخ بالنهي عن التعزير بالأموال وأخذ الأموال من العباد.

    والقولان منقولان عن أئمة الإسلام.

    والذي يظهر أن الحكم باق وهو متروك لولي الأمر, فإذا رأى أن يردع الذي لا يعطي الزكاة بأن يأخذ الزكاة منه ونصف ماله أيضاً عزمة من عزمات الله فلا حرج, كما قاله الإمام إبراهيم بن إسحاق أبو إسحاق الحربي من أئمة المسلمين الكرام, وتوفي سنة خمس وثمانين ومائتين للهجرة قال: وقع في لفظ الحديث تصحيف من الرواة, وضبطه: ( فإنا آخذوها وشطّر -بتشديد الطاء-ماله عزمة من عزمات ربنا ).

    قوله: (وشطر ماله) ادعى الإمام الحربي المبارك عليه رحمه الله في غريب الحديث له, أن قوله: (وشطر), يقصد أننا نشطر مال الممتنع عن الزكاة إلى قسمين إلى نفيس وإلى رديء, فنأخذ الزكاة من الشطر النفيس عزمة من عزمات ربنا, ولا نأخذ من الوسط.

    وهذا الذي قاله لا ثبوت له, ولا أصل له, وما نقله علماؤنا هو لفظ الحديث, ولا تضعيف فيه, ( فإنا آخذوها وشطر ماله ) ليس (وشطَّر ماله), بل (وشطر ماله): أي نصف ماله عزمة من عزمات ربنا.

    إخوتي الكرام! هذه الزكاة التي فرضها الله جل وعلا إذا أديت كما أمر الله تعالى وكما شرع, فلن يكون في هذه الحياة محتاج ولا فقير.

    ولقد كان في تقديري أن أقطف شيئاً من الكلام عن هذا الأمر, لكن أترك الكلام على ذلك إلى الموعظة الآتية, مع بيان ما يتعلق بالمال من حق، هل فيه زكاة فقط أو هناك حق مالي آخر؟

    أسأل الله برحمته التي وسعت كل شيء أن يجعلنا ممن يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة, وممن يخافونه ويتقونه؛ إنه أرحم الرحمين وأكرم الأكرمين، أقول هذا القول وأستغفر الله.

    الحمد لله رب العالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين, وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، خير خلق الله أجمعين.

    اللهم صلِّ على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليم كثيراً, وارض اللهم عن الصحابة الطيبين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, اللهم زدنا ولا تنقصنا, وأعطنا ولا تحرمنا, وأكرمنا ولا تهنا, وآثرنا ولا تؤثر علينا, اللهم رضنا وارض عنا بفضلك ورحمتك يا أرحم الرحمين! اللهم اغفر لأمة محمد صلى الله عليه وسلم, اللهم ارحم أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, اللهم أصلح أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, اللهم انصر أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, اللهم فرج عن أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, اللهم أهلك أعداء أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا, وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين, اللهم اسقنا وأغثنا, اللهم اسقنا وأغثنا يا ارحم الرحمين! اللهم أنزل علينا من بركات السماء, وأخرج لنا من بركات الأرض بفضلك ورحمتك يا أرحم الرحمين! اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا, اللهم ارحمهم كما ربونا صغاراً, اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا, اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا, اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات, وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين, وسلم تسليماً كثيراً, والحمد لله رب العالمين.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756362912