إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [455]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم من يصلي الليل مائة ركعة جالساً

    السؤال: رجل متدين ويحافظ على الصلاة، ويصلي مع الجماعة، ويقول: إني أصلي في الليل مائة ركعة، وأصلي صلاة الشفع والوتر والنوافل، وأدعو لوالدي، وأقرأ بعد كل صلاة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأصلي صلاة الضحى ثمان ركعات، ويقول: إنني أعمى لا أبصر وأصلي جالساً لأنني لا أستطيع الحركة، أفيدونا عن هذا العمل هل هو خير؟

    الجواب: ما فعله هذا السائل لا شك أنه قصد به الخير والتقرب إلى الله عز وجل، ولكن الذي أنصح هذا السائل أن يحرص على أن يكون عمله موافقاً لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم فإنه خير وأفضل، وقد سُئلت عائشة رضي الله عنها عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فقالت: ( ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة )، وذكرت ذلك مفصلاً، وربما كان يصلي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة، وهذا العدد الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم به الليل أفضل من مائة ركعة ذكرها السائل في سؤاله، إذا كان فعل هذه الركعات الإحدى عشر أو الثلاثة عشر على وجه التأني والطمأنينة وترتيل القرآن وتدبره كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يقوم به، أما مائة ركعة فإن الإنسان لا يأتي بها في الغالب إلا على وجه السرعة وعدم الطمأنينة وعدم التدبر لكتاب الله وعدم التدبر لما يقوله من تسبيح وتكبير ودعاء.

    وأما ذكر الله عز وجل فلا شك أنه كلما أدام الإنسان ذكر الله فهو على خير، وليس له عدد محصور يقتصر عليه، بل قد مدح الله عز وجل الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، يعني: يذكرون الله تعالى في كل حال وعلى كل حال.

    وأما سؤاله عن كونه يصلي قاعداً فإننا نقول له: أما صلاة الفريضة فلا يحل له أن يصلي قاعداً مع قدرته على القيام لقول الله تعالى: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لـعمران بن حصين : ( صلي قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب )، وأما صلاة النافلة فلا حرج عليه أن يصلي قاعداً مع قدرته على القيام، ولكنه إذا فعل ذلك لغير عذر لم يكتب له إلا نصف أجر صلاة القائم، كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نسأل الله أن يزيدنا وأخانا من فضله والتقرب إليه وعبادته على بصيرة.

    1.   

    كيفية التعامل مع الأخ الذي استحوذ على الإرث دون إخوته وقاطعهم

    السؤال: عندي أخ غني له أموال كثيرة، وأنا فقير وعاطل عن العمل وليس عندي مال أصرفه على أسرتي إلا من أصحاب الخير، حتى عندما توفيت والدتي أخذ كل الإرث ولم يعطنا شيئاً من هذا الإرث أنا وأخي وأختي، حتى الزيارة لا يقوم بزيارتنا، ما رأي الشرع في نظركم في ذلك؟

    الجواب: إذا كان الأمر كما ذكرت عن أخيك، أنه غني وأنه أخذ الميراث ولم يعطكم منه شيئاً، فإني أقول لهذا الرجل: اتق الله في نفسك، وأد ما أوجب الله عليك من صلة أرحامك، ولا سيما إخوانك المعوزون، ورد عليهم ما أخذت من حقوقهم من ميراث والدك، حتى تسلم من ذلك في دنياك قبل أن يؤخذ من أعمالك الصالحة يوم القيامة.

    أما بالنسبة لكم فأنتم اصبروا واحتسبوا، وطالبوا أخاكم بما يجب لكم بالتي هي أحسن على وجه لا تشمتون به أعداءكم.

    1.   

    حكم قطع الفريضة أو تحويلها إلى نافلة

    السؤال: ما حكم ما يفعله البعض من الناس إذا كبر لصلاة الفريضة ثم حدث له أمر كنسيانه لشيء أو ما شابه ذلك ثم جعل هذه الفريضة نافلة؟

    الجواب: إذا دخل الإنسان في فريضة فإنه لا يحل له أن يقطعها؛ لأن القاعدة الشرعية عند أهل العلم: أن من شرع في فرض وجب عليه إتمامه إلا من عذر، وأما تحويل الفريضة إلى نافلة فإن أقل أحواله أن يكون مكروهاً إلا لغرض صحيح، وقد يكون محرماً إذا كان يقصد به التوصل إلى قطع هذه الفريضة، فمثال ما فيه غرض صحيح: أن يشرع الإنسان في الصلاة المفروضة وحده، ثم تحضر جماعة فيقطعها أو يحولها إلى نافلة؛ ليتمها سريعة، ثم يدخل مع هؤلاء الجماعة، فإن هذا غرض صحيح وانتقاله من الفريضة إلى النافلة إنما هو لمصلحة تعود إلى هذه الفريضة، وهي صلاتها جماعة، ومثال ما كان حيلة على قطع الفريضة: أن يشرع في الفريضة، ثم يبدو له شغل، ويعلم أن قطع الفريضة حرام، فيحولها إلى نافلة ليقطعها؛ لأن قطع النافلة ليس بحرام، فنقول له: إن هذا حرام عليك؛ لأنه حيلة على محرم، والحيلة على المحرمات لا تقلبها إلى حلال، بل لا تزيد تحريمها إلا شدة، ومثال ما ليس فيه غرض صحيح ولا حيلة على قطع الفريضة: أن يتحول من الفريضة إلى النافلة لزيادة النوافل التي يتقرب بها إلى الله، فإن هذا الغرض لا يعود إلى مصلحة الصلاة المفروضة، فنقول له: لا تفعل، بل استمر في فريضتك، وإذا سلمت منها وأردت زيادة النافلة، وكان الوقت ليس وقت، نهي فلا حرج عليك أن تزيد من النوافل.

    1.   

    حكم كشف المرأة ذراعيها أمام محارمها

    السؤال: ما رأيكم في الكم القصير بالنسبة للمرأة إذا كانت عند والدها وإخوتها؟

    الجواب: الذي أرى أن النساء يعتدن على اللباس الساتر من الكعب إلى الكف؛ وذلك لأن المقام مقام عظيم، والخطر خطر جسيم، وإذا فتح للمرأة أن تقصر من أكمامها أو من ثيابها فإنها تتدرج من هذا المرخص فيه إلى أمر لا رخصة فيه، كما رأينا ذلك في مسائل كثيرة، حيث يفتح للناس الباب في أمر يهوون فيه التوسع، ثم لا تلبث إلا يسيراً حتى ترى أموراً منكرة مبنية على هذه الرخصة، لكن إذا كانت المرأة في بيتها في شغل وقد حسرت عن أكمامها حتى بدت ذراعها، وليس حولها إلا محارمها، فإن هذا لا بأس به؛ لأن الذراع بالنسبة إلى المحارم ليس بعورة.

    1.   

    حكم صبغ المرأة شعرها بصبغة حمراء

    السؤال: حكم صبغ المرأة شعرها الأسود بصبغة حمراء، وهذه الصبغة ليست حناء؟

    الجواب: الأصل في الأشياء من غير العبادات الحل حتى يقوم دليل على التحريم؛ لأن ما سكت الله عنه فهو عفو، وبناءً على هذه القاعدة العظيمة يتبين جواب السؤال، وأنه لا حرج على المرأة أن تصبغ رأسها بالأحمر أو بالأصفر أو بالأخضر إذا لم يكن في ذلك تشبه بالنساء الكافرات، وأما العبادات فالأصل فيها المنع والحظر حتى يقوم دليل على مشروعيتها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ).

    1.   

    حكم دخول إخوة الزوج على الزوجة في مطبخها وهي متحجبة

    السؤال: امرأة متزوجة تسكن في بيت أهل زوجها، وفي البيت يوجد إخوان زوجها، تقول: وعندما أكون أعمل في داخل المطبخ -مثلاً- يأتي إخوان زوجي ويدخلون في المطبخ، ويأخذون ما يريدون ثم يخرجون، وأكون متحجبة الحجاب الشرعي إلا اليدين أخرجهما لكي أستطيع العمل، فهل عليّ إثم في ذلك؟

    الجواب: ليس عليك إثم في إخراج الكفين للعمل بحضور إخوان زوجك؛ لأن هذا مما تدعو الحاجة إليه، ويشق التحرز منه، وقد قال الله سبحانه وتعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78] اللهم إلا أن يصحب ذلك خوف من الفتنة، مثل: أن يكون إخوان الزوج ينظرون إلى كفيها نظرة مقصودة؛ يخشى أن يكون فيها محذور، ففي هذه الحال لا يجوز لها أن تكشف كفيها عند إخوان زوجها.

    وأما دخول أحدهم عليها وهي في المطبخ، فإن كان المطبخ شارعاً؛ بمعنى: أنه مفتوح، وفي وسط الحاضرين الجالسين، فإن هذا لا بأس به، أما إذا كان المطبخ في ناحية من البيت، وكان عليه باب، فإنه لا يحل له أن يخلو بها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إياكم والدخول على النساء، قالوا: يا رسول الله! أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت ) يعني: أنه هو البلاء الذي يجب الفرار منه، كما يحب المرء الفرار من الموت.

    1.   

    حكم عمل سحر يجعل الزوجة تحب زوجها والعكس

    السؤال: امرأة لها ابنة متزوجة، وهذه الابنة تكره زوجها، وزوجها يحبها، وهي الآن حامل وعند أهلها، وهي تكره أن ترى هذا الزوج، ويقال: بأن هناك كاتباً يكتب كتاباً يسمى بالعطف، يجعل الزوجة تحب زوجها، فهل هذا العمل جائز؟

    الجواب: لا يجوز للمرأة أن تعمل عملاً يكون به عطف الزوج عليها، ولا يجوز للزوج أن يعمل عملاً يكون به عطف الزوجة عليه؛ لأن هذا نوع من السحر، ولكن الطريق إلى ذلك أن تسأل الله عز وجل دائماً أن يحبب زوجها إليها، وأن يؤلف بينهما، وتقرأ من القرآن ما يعينها على التحول من الكراهية إلى المحبة، وتستعين بأهل الخير والصلاح أن يقرءوا عليها لتحويل بغضها إلى محبة، هذا ما أراه واجباً عليها، ونسأل الله تعالى أن يؤلف بينها وبين زوجها، وأن يبارك لهما وعليهما، وأن يجمع بينهما في الخير.

    1.   

    حكم القيام للقادم

    السؤال: عندما نكون في مجلس وتدخل علينا امرأة نقف ونسلم عليها وذلك ليس تعظيماً لها، ولكن احتراماً لها، وهذه عادة منتشرة بين الناس، فهل يجوز هذا العمل؟

    الجواب: لا حرج على الإنسان أن يقوم للداخل إذا كان الداخل أهلاً للإكرام والاحترام، وقد جرت عادة الناس بذلك، وترك القيام في هذه الحال قد يؤدي إلى تهمة الجالس بأنه مستكبر، وقد يجعل في قلب القادم شيئاً من الضغينة؛ حيث يعتقد كثير من الناس أنه إذا لم يقم له صاحب البيت فإن هذا إشارة إلى كراهيته لقدومه، وعلى كل حال متى اعتاد الناس أن يقوموا بعضهم لبعض، وعدوا ترك القيام من الإهانة، فإنه لا حرج في هذه الحال أن يقوم الإنسان للداخل، وقد فصّل بعض أهل العلم هذه المسألة إلى ثلاثة أقسام:

    القسم الأول: القيام إلى الرجل بتلقيه والاحتفاء به.

    والثاني: القيام للرجل احتراماً له وتعظيماً له.

    والثالث: القيام على الرجل.

    فأما الأول فهو القيام إلى الرجل لتلقيه وبذل التحية له فإن ذلك لا بأس به، وربما يستدل عليه في قول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: ( قوموا إلى سيدكم )، يعني: سعد بن معاذ حينما أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم راكباً على حمار، وكذلك في قصة أبي طلحة حينما قام ليتلقى كعب بن مالك رضي الله عنه عند دخوله إلى المسجد بعد توبة الله عليه، وكان ذلك بحضور النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه.

    وأما القيام للرجل إذا دخل احتراماً وتعظيماً له فإنه لا شك أن الأولى أن لا يعتاد الناس هذا الأمر، وإن يكونوا كما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم لا يقومون للنبي صلى الله عليه وسلم مع أنه أحق الناس بالإكرام، لكنه صلى الله عليه وسلم يكره أن يقوم الناس له، فلو ترك الناس عادة القيام للداخل، لكان خيراً وأحسن وأقرب إلى عمل الصحابة رضي الله عنهم والسلف الصالح، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل المجلس لا يقومون له، ولكنه يجلس حيث ينتهي به المجلس، ويكون مكان جلوسه هو صدر المجلس، وإن كان في آخر المجلس، والعبرة بالداخل لا بمكان الداخل، فإن الرجل الذي له احترام وتعظيم إذا جلس في أي مكان من المجلس -في أسفله أو في أعلاه أو في جوانبه- سوف يكون محل الصدارة للجالسين.

    أما القيام على الرجل فإنه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وقال: ( لا تقوموا كما تقوم الأعاجم على ملوكها )، حتى إنه صلى الله عليه وسلم لما صلى قاعداً وقام الصحابة خلفه أشار إليهم أن اجلسوا، فجلسوا، وقال لهم: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً )، إلا أن يكون في القيام على الرجل مصلحة دينية فإنه لا حرج فيه، بل هو مطلوب لتحقيق هذه المصلحة، ودليل ذلك ما فعله الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم حين كانت المراسلة بينه وبين قريش في صلح الحديبية، فإن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه كان قائماً على النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه السيف؛ ليري رسل المشركين عزة المسلمين وتعظيمهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا خير ومطلوب، وألحق بذلك بعض أهل العلم ما إذا كان الرجل يخاف عليه فقام أحد على رأسه؛ حماية له من الاعتداء عليه.

    1.   

    حكم من سمع الأذان فلم يجب للصلاة

    السؤال: ما معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر

    الجواب: معناه أن الإنسان إذا سمع النداء -يعني: الآذان- وجب عليه الحضور إلى المسجد، ولا يحل له التخلف عنه إلا لعذر، فإن تخلف عن المسجد بغير عذر وصلى وحده في بيته، فإنه لا صلاة له، إلا أن يكون معذوراً؛ وذلك لأنه ترك الجماعة وهي واجبة في الصلاة، والقاعدة: أن من تراك واجباً في العبادة لغير عذر فإن عبادته لا تصح؛ لتركه ما يجب فيها، وقد اختلف العلماء رحمهم الله فيما لو أقام الجماعة في مكان غير المسجد مع سماعه النداء وإقامة الجماعة في المسجد، يعني: لو أن جماعة صلوا في غير المسجد، والمسجد فيه من يصلي، فقد اختلف العلماء رحمهم الله هل يجوز لهم ذلك أو لا يجوز، فمنهم من قال: إنه جائز لأن المقصود تحصيل الجماعة في أي مكان، ومنهم من قال: إنه لا يجوز، بل يجب أن تُصلى الجماعة في المساجد إلا من عذر، وهذا القول أقرب إلى الصواب من القول الأول.

    وعلى هذا فيجب على من سمع النداء أن يجيب، وأن يصلي في المسجد، ولا يحل له أن يتخلف عن الحضور، ولو كان يصلي جماعة مع أصحابه وزملائه، نعم لو كان في حضور المسجد مفسدة، كما لو كان هناك دائرة لو خرج الناس من مكاتبهم إلى المسجد لتعطل العمل وحصلت الفوضى، وربما يتخلف من خرج عن عمله، أي: ربما يخرج إلى الصلاة ولا يرجع أو يرجع متأخراً، وربما يخرج بعض الناس بقصد أنه يصلي حسب ما يظهر للناس، ولكنه يذهب إلى بيته، فإذا ظن أن الناس قد انتهوا من الصلاة جاء إلى المكتب، فهنا قد يكون لهم رخصة في أن يصلوا في نفس المكان الذي يعملون فيه؛ لما يترتب على ذلك من الأشياء المخلة بالعمل إذا خرجوا من مكان العمل.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756008603