إسلام ويب

شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الصلاة - باب سجود السهوللشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • قد يعرض للإنسان وهو في صلاته سهو بزيادة أو نقص، أو شك في عدد الركعات ونحو ذلك؛ فإن من طبيعة الإنسان الغفلة والنسيان، والشرع المطهر لم يغفل هذا الجانب، فشرع لمن حدث له ذلك سجود السهو قبل السلام أو بعده، على تفصيل وتفريعات مذكورة في مظانها.

    1.   

    معنى السهو وحكم السجود له

    [ باب سجدتي السهو ].

    المسألة الأولى: السهو: هو الذهول عن الشيء، ويقال: سها في صلاته وسها عن صلاته، فأما السهو في الصلاة فهو المقصود، وهو الزيادة أو النقص أو الشك عن غير تعمد، بل عن نسيان، وأما السهو عن الصلاة فهو تركها، وهو المتوعد عليه بقوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ [الماعون:4-7].

    ومما يتعلق بهذه المسألة: أن العلماء اختلفوا في سجود السهو أهو واجب، أم سنة؟ فذهب الإمام الشافعي وجماعته: إلى أنه سنة ليس بواجب، وذهب الإمام أحمد إلى أنه واجب، وذهب مالك إلى أن السهو إن كان عن نقص فهو واجب؛ لأنه جبر لنقص الصلاة، وإن كان عن زيادة فليس بواجب، والصواب: أن سجود السهو واجب؛ لأحاديث عدة سوف تمر إن شاء الله، إلا أن يكون السهو لترك سنة، فحينئذ لا يكون واجباً، بل يكون مستحباً عند من يقول بمشروعية سجود السهو لترك السنة، وهو الإمام أحمد رحمه الله ومن وافقه، وإنما يسجد إذا ترك سنةً كان من عادته أن يفعلها، فتركها نسياناً فحينئذ يسجد بسببها.

    1.   

    أنواع السهو في الصلاة

    المسألة الثانية: قال: [والسهو على ثلاثة أضرب]، أي: أن السهو الذي يحدث في الصلاة يكون على ثلاثة أنواع؛ لأن السهو لا يخلو: إما أن يكون عن زيادة، أو أن يكون عن نقص في الصلاة، أو أن يكون عن شك فيها لا يدري هل أتى بهذه الركعة أو لم يأت، وهل أتى بهذا الركن أو الواجب أو لم يأت به؟

    فهذه هي الأشياء الثلاثة التي يشرع لها سجود السهو، إما الزيادة، وإما النقص، وإما الشك.

    1.   

    النوع الأول: السهو بالزيادة

    السهو بزيادة فعل من جنس الصلاة

    المسألة الثالثة: قال: [أحدها: زيادة فعل من جنس الصلاة كركعة أو ركن]، فزيادة الركعة، أي: أن يأتي بخامسة في الظهر مثلاً، أو في العشاء، أو رابعة في المغرب، أو ثالثة في الفجر، وأما زيادة الركن فكأن يأتي بركوع آخر أو سجود آخر.

    ومثله أيضاً: لو أتى بزيادة في واجب، وهل يتصور أن يأتي بزيادة واجب في الصلاة؟

    مثلاً: أتى بزيادة في تسبيح الركوع، هل يتصور هذا؟ يتصور أم لا؟ في تسبيح الركوع، لا يتصور في تسبيح الركوع؛ لأنه مهما زاد فهذا داخل في المشروع، أو في قوله: (رب اغفر لي) بين السجدتين، هل يتصور الإتيان بزيادة على الواجب؟!

    إذاً: يتصور، كأن يكرر تكبيرة الانتقال سهواً أو أن يجلس تشهدين، أن يكرر التشهد الأول، وهو واجب كما سبق.

    إذاً: الزيادة قد تكون زيادة ركعة، وقد تكون زيادة ركن، وقد تكون زيادة واجب في الصلاة، ولا شك أن زيادة الفعل من جنس أفعال الصلاة -كالركوع أو السجود أو القعود عن سهوٍ- أنها داخلة في السهو الذي يجب له السجود كما فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه زاد في الصلاة، وهذا أحد وجوه سهوه صلى الله عليه وسلم، فإنه قد سها في صلاته كما ثبت ذلك في الصحاح وغيرها، وقال صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن مسعود : ( إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون ).

    أما حديث: ( إني لا أنسى، ولكن أنسى لأسن )، فهذا لا يصح، وقد رواه مالك في الموطأ بلفظ: ( إني لأنسى -أو أنسى- لأسن )، رواه مالك بلاغاً منقطعاً، وهو أحد أحاديث أربعة لم توجد موصولة في الموطأ ولا في غيره، الموطأ فيه أحاديث كثيرة منقطعة، لكنها موصولة خارج الموطأ، أما هذا الحديث فإنه لم يوجد موصولاً خارج الموطأ قط، ومعه أربعة أحاديث لم توصل، ذكرها أهل العلم.

    منها: قول معاذ رضي الله عنه: ( كان آخر ما أوصاني النبي صلى الله عليه وسلم وقد وضعت رجلي في الغرز أن: حسن خلقك للناس ).

    ومنها قوله: ( إن النبي صلى الله عليه وسلم أري أعمار أمته فكأنه تقالّها، فأعطي ليلة القدر وهي خير من ألف شهر ).

    والحديث الرابع منها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أنشأت بحرية ) يعني: السحاب ( إذا أنشأت بحرية ثم تشاءمت فهي عين غديقة )، يعني: فيها رواء ومطر كثير، فهذا من الفوائد، الأحاديث هذه الأربعة في الموطأ لم توجد موصولة قط، بل هي أحاديث منقطعة، رابعها حديث سجود السهو: ( إني لأنسى أو أنسى لأسن )، فهو لا يصح ويعارضه الحديث الذي في صحيح مسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون ).

    وكان نسيانه صلى الله عليه وسلم على أضرب، منها: أنه سلم من ركعتين، ومنها أنه سلم من ثلاث، ومنها أنه زاد في الصلاة، ومنها أنه نقص، ومنها أنه شك، وهذا ما ذكره الإمام أحمد، فقد نقل عنه رضي الله عنه أنه قال: (إن مدار أحاديث سجود السهو على خمسة أحاديث: سلم من ثنتين) وهذه من الفوائد أيضاً، الإمام أحمد يقول: (مدار سجود السهو على خمسة أحاديث: أنه سلم من ثنتين، وسلم من ثلاث، والزيادة، والنقص، والشك)، ومثل ذلك أيضاً قاله الخطابي رحمه الله تعالى، وذكر الأحاديث كحديث أبي هريرة وحديث ابن مسعود وحديث أبي سعيد الخدري وحديث عمران بن حصين وحديث المغيرة بن شعبة وغيرهم رضي الله عنهم.

    حكم الزيادة في الصلاة من جنسها عمداً

    المسألة الرابعة: قال: [فتبطل الصلاة بعمده]، أي: أنه لو زاد فعلاً من جنس الصلاة عمداً، فإن الصلاة تبطل بذلك، كما لو زاد ركعة أو ركوعاً أو تشهداً متعمداً، فإن الصلاة تبطل بذلك، وإنما بطلت الصلاة بذلك لأن هذا الفعل غير مشروع؛ وهو من جنس أفعال الصلاة، فزيادته له نوع من العبث في الصلاة، وزيادة شيءٍ فيها لم يشرعه الله تعالى ولا رسوله ولم يأذن به، فهو مبطل لها.

    ما يلزم من زاد في الصلاة من جنسها سهواً

    الخامسة: قال: [ ويسجد لسهوه ]، أي: أنه إن فعل شيئاً من ذلك ساهياً فإن الصلاة لا تبطل، بل صلاته صحيحة ويسجد للسهو؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعل ذلك، فإنه زاد فعلاً من جنس الصلاة، فصلى خمساً كما في أحد حديثي ابن مسعود رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خمساً -وهو في الصحيح- فلما سلم توشوش القوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما شأنكم؟ قالوا: يا رسول الله! هل زيد في الصلاة؟ قال: لو زيد شيء في الصلاة أخبرتكم، قالوا: فإنك صليت خمساً، فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة وسجد سجدتين ثم سلم، ثم قال: إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين )، وفي رواية أنه قال: ( فإذا نسي أحدكم فزاد أو نقص فليسجد سجدتين )، فذلك دليل على أنه إذا نسي فزاد شيئاً من جنس الصلاة ركعة أو ركوعاً أو واجباً؛ فإنه يسجد لذلك؛ لأنه إذا ثبت أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في الركعة ففيما دونها من باب أولى، كما لو نسي فزاد سجوداً وهو ركن، أو زاد تشهداً وهو واجب، فمن باب أولى أنه تصح صلاته ويجب عليه حينئذ السجود.

    ما يلزم من ذكر الزيادة وهو فيها

    المسألة السادسة: قال: [وإن ذكر وهو في الركعة الزائدة جلس في الحال]، أي: أنه لو تذكر أنه سها وهو في خلال الزيادة -سواء كانت ركعة أو غيرها- فإن عليه أن يتركها ويعود إلى الواجب الأصلي عليه في الحال، فلو زاد ركعة خامسة في رباعية مثلاً، ثم ذكر وهو في الركعة -سواء كان في قيامها أو ركوعها أو سجودها- فإنه يجب عليه أن يرفض تلك الركعة التي زاد ويعود إلى الواجب الأصلي عليه، فلو زاد خامسة مثلاً في رباعية ثم تذكر وهو في الركوع فهل يرفع من الركوع؟ لا يرفع؛ لأنه لو رفع لكان قد أتى بركن زائد عمداً، بل يجب عليه أن يعود من ركوعه إلى القعود للتشهد الأخير؛ لأن هذه الركعة زائدة، ومثله أيضاً لو كانت الزيادة سجوداً فذكر فعليه ألا يسبح في السجود، بل أن يعود إلى تشهده مباشرة، ومثله أيضاً لو جلس لتشهد أول زائد ثم ذكر، فعليه أن يرفضه وينتقل إلى الواجب في حقه مباشرة؛ ولهذا قال: [ وإن ذكر وهو في الركعة الزائدة جلس في الحال ].

    ما يلزم من سلم عن نقص في صلاته

    السابعة: قال: [ وإن سلم عن نقص في صلاته أتى بما بقي عليه ثم سجد ]، إن سلم عن نقص في صلاته -كما لو سلم عن ثنتين في رباعية مثلاً- فإنه يجب عليه إذا علم أو عُلم أن يأتي بما بقي عليه، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء صلاته، وقد رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: ( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي إما الظهر وإما العصر -شك أبو هريرة رضي الله عنه- قال: فسلم من ركعتين، ثم قام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان وشبك بين أصابعه، وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه، قال: فقام رجل يقال له -كما في بعض طرق الحديث-: الخرباق في يديه طول، وكان يسمى ذا اليدين، فقال: يا رسول الله! أَقُصُرت الصلاة أم نسيت؟ قال: ما نسيت ولم تقصر، ثم أقبل النبي صلى الله عليه وسلم على القوم، فقال: أكما يقول ذو اليدين ؟ فقالوا: نعم -وفي رواية عند أبي داود : فأشاروا أن نعم- فقام النبي صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة وصلى بهم ركعتين ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم )، فهذا الحديث دليل على أنه إذا سلم عن نقص في صلاته أتى بما بقي عليه منها ثم سجد، ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم عن ركعتين ثم أتى بما بقي عليه.

    هاهنا سؤال: إذا سلم عن نقص، نقص ركعة أو ركعتين أو غير ذلك، هل يجب عليه أن يحرم، يعني: يكبر من جديد إذا استقبل القبلة أو لا يكبر؟

    لا يكبر، الصواب الذي عليه الجمهور: أنه لا يكبر؛ وذلك أنه بمجرد ما ذكر أنه نقص في صلاته فإنه يكون في صلاة حينئذ؛ لأن السلام الذي سلمه كان سهواً فلا تبطل الصلاة به، وحينئذ فعليه أن يستقبل القبلة ويستأنف صلاته، ولا يحتاج إلى تكبير للإحرام حينئذ كما هو مذهب الجمهور، وهو الذي فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولذلك قال المصنف: [ وإن سلم عن نقص في صلاته أتى بما بقي عليه منها ]، يعني: سواء كان ركعة أو ركعتين أو كان غير ذلك ثم سجد للسهو، ولم يبين سجود السهو حينئذٍ: هل هو قبل السلام أو بعده؛ لأنه سيبين ذلك في آخر الباب.

    وقد سلم النبي صلى الله عليه وسلم عن نقص كما في حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين، حيث سلم في إحدى صلاتي العشي من ركعتين، وسلم أيضاً من نقص كما في حديث عمران بن حصين أنه: ( صلى الله عليه وسلم سلم في صلاة الظهر أو العصر عن ثلاث ركعات، ثم أتى بالركعة الرابعة وسجد للسهو ).

    حكم العمد والنسيان في فعل ما ليس من جنس الصلاة

    الثامنة: قال: [ولو فعل ما ليس من جنس الصلاة لاستوى عمده وسهوه]؛ وذلك أن الأعمال التي من جنس الصلاة -كالركوع أو السجود أو الأذكار- سبق الكلام فيها.

    أما ما ليس من جنس الصلاة فذلك كالأعمال الأخرى الدنيوية التي لا تعلق للصلاة بها، كالذهاب والإياب والالتفات والأخذ والعطاء والفتح والإغلاق والترويح باليد وما أشبه ذلك، فإن هذه الأشياء ليست من جنس الصلاة فيستوي عمدها وسهوها.

    حكم العمل الكثير في الصلاة مما ليس من جنسها

    التاسعة: قال: [ فإن كان كثيراً أبطلها ]، أي: إن كان العمل كثيراً في نظر المصلي أبطل الصلاة، لقول الله تعالى: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238]؛ لأن كثرة العمل تدل على عدم الخشوع وعلى عدم القنوت لله تعالى، فتبطل الصلاة، والكثير قيل في حده: إنه ما فحش في نظر المصلي وفي نفسه، وقيل: حده أنه ما أوهم أن هذا الإنسان ليس بمصل، بحيث إن من رآه لم يعلم أنه يصلي؛ لكثرة حركته والتفاته وتحريك يديه وما أشبه ذلك.

    [ فإن كان كثيراً أبطل الصلاة، وإن كان يسيراً كفعل النبي صلى الله عليه وسلم في حمله أمامة ]، كما جاء في الصحيحين: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم -فيما رواه أبو قتادة - كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهي بنت أبي العاص بن الربيع بن عبد شمس - فإذا قام صلى الله عليه وسلم حملها وإذا سجد وضعها )، فهذه من الحركة التي تعد من الحركات اليسيرة في الصلاة، ومثله أيضاً ما روي أنه صلى الله عليه وسلم: ( فتح الباب لـعائشة )، ومثله أيضاً ما أذن فيه الشرع من الأعمال التي ليست من جنس الصلاة، مثل قتل الأسودين، قتل الحية والعقرب في الصلاة، فإنه قد أذن بذلك، ومثله أيضاً إنقاذ معصوم، مثل من رأى من يوشك أن يهلك بسقوطه في بئر أو بحر أو نحو ذلك فإنه يتعين عليه هذا، ومثله أيضاً الحريق يتعلق بإنقاذ معصوم.

    وأما رد السلام فلا يرد إلا بحركة يسيرة بيده، نعم هذا مشروع أيضاً، رد السلام بحركة يسيرة بيده أو أصابعه كما سبق، وأيضاً لو علم أن عليه نجاسة وهو في الصلاة، ثم اشتغل بإزالتها، فإن ذلك داخل في تحصيل الواجب أو تحصيل مصلحة الصلاة، وكل ذلك مما أذن به شرعاً أو أمر به شرعاً، فلا تبطل الصلاة به، فهذا من هذا الباب، فإن كان يسيراً فإن الصلاة لا تبطل به.

    ومما يدخل في ذلك أيضاً الحركة التي يفعلها المصلي في صلاة الخوف، سواء كانت قليلة أو كثيرة؛ لقول الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا [البقرة:239]، وقوله: وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ [النساء:102] إلى آخر الآية، وكذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه، وحديث ابن عمر : ( فإن كان خوف أكثر من ذلك صلوا قياماً أو ركباناً مستقبلي القبلة وغير مستقبليها )، فإن الحركة في صلاة الخوف قد تكون حركة كثيرة أحياناً ويتوهم من رآه أنه غير مصل، ومع ذلك أذن فيها الشارع؛ لأنها في المصلحة، ولأنه لابد للمصلي منها، ولذلك أذن أيضاً في صلاة الخوف بترك استقبال القبلة وترك القيام وغير ذلك مما هو داخل في باب الأركان؛ لشدة الحاجة إلى ذلك في صلاة الخوف.

    1.   

    النوع الثاني: السهو بالنقص

    المسألة العاشرة: قال: [الضرب الثاني -أي: النوع الثاني-: النقص]، أي: أن يسلم عن نقص في صلاته، وهذا النقص إن كان نقص ركن أبطل الركعة كما سبق، ووجب أن يأتي بغيرها، وإن كان النقص ركعة -كما سبق- فعليه أن يأتي بها، وهذا مضى في الضرب الأول، وإن كان نقص واجب فهو المراد حينئذ، ولهذا مَثل المؤلف به، قال: [النقص كنيسان واجب]، وذلك كما لو نسي تكبيرات الانتقال، أو نسي التسبيح في الركوع أو السجود، أو نسي قول (رب اغفر لي) بين السجدتين، أو نسي التشهد الأول، فإن ذلك كله يدخل في باب السهو.

    ما يلزم من قام عن التشهد الأول سهواً

    المسألة الحادية عشرة: قال: [فإن قام عن التشهد الأول فذكر قبل أن يستتم قائماً رجع فأتى به، وإن استتم قائماً لم يرجع]، وذلك لما ثبت عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قام أحدكم في الركعتين ولم يستتم قائماً فليجس، فإذا استتم قائماً فلا يجلس، وليسجد سجدتين للسهو )، والحديث رواه أبو داود .

    وقد ثبت عن المغيرة بن شعبة نفسه رضي الله عنه أنه ( صلى فنسي التشهد الأول، وقام إلى الركعة الثالثة فسبحوا به، قالوا: سبحان الله سبحان الله، فلما أكثروا عليه قال لهم: سبحان الله، وأومأ بيده فقاموا، فلما سلم قال لهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا استتم أحدكم قائماً فليسجد سجدتين، وإذا لم يستتم قائماً -وهذه زيادة في اللفظ- فليرجع، ولا سجود عليه )، وهذه الزيادة جاءت عند البيهقي والدارقطني والطحاوي وإسنادها صحيح، أنه: ( إذا لم يستتم قائماً فليرجع ولا سجود عليه )، وذلك لأن التشهد الأول واجب كما سبق، ولهذا قام النبي صلى الله عليه وسلم عن السجود كما في الحديث الذي رواه الشيخان عن عبد الله بن مالك بن بحينة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نسي التشهد الأول وقام إلى الثالثة، فلما كان في آخر الصلاة وانتظر الناس تسليمه سجد سجدتين ثم سلم )، فذلك دليل على أن التشهد الأول واجب، وإلا فلو لم يكن واجباً لم يسجد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو أيضاً دليل على أنه واجب؛ لأن عبد الله بن مالك بن بحينة قال: ( إن النبي صلى الله عليه وسلم قام وعليه قعود )، أي: في ذمته لم يقم به، فهو واجب عليه لم يقم به، ولهذا إذا قام عن التشهد الأول فذكر قبل أن يستتم قائماً رجع فأتى به، فإن استتم قائماً لم يرجع على المشهور؛ لأنه حينئذ دخل في ركن جديد وهو الركعة الثانية، فهو دخل في ركن جديد فلا يعود من الركن إلى الواجب، فإذا شرع في الفاتحة تأكد في حقه عدم الرجوع، وأصبح رجوعه إلى التشهد الأول محرماً عليه؛ لما سبق.

    أما فيما يتعلق بوجوب سجود السهو عليه حينئذ؛ فإنه إن استتم قائماً لم يرجع وعليه السجود، كما في حديث المغيرة وقد ذكرته قبل قليل، وكما في حديث عبد الله بن مالك بن بحينة المتفق عليه وقد ذكرته أيضاً.

    أما إذا عاد قبل أن يستتم قائماً فإنه لا سجود عليه كما دل على ذلك حديث المغيرة بن شعبة، وهذه فائدة قد تخفى على كثير من الأئمة، فإن كثيراً منهم بمجرد ما يهم بالقيام عن التشهد الأول، ثم يُنبَّه فيعود يسجد للسهو، وهذا في الواقع لا حرج عليه لو سجد؛ لأنه زاد شيئاً في الصلاة، ولأن هذا منسجم مع القاعدة، لكن حديث المغيرة بن شعبة والزيادة التي رواها الطحاوي وغيره بسند جيد أنه قال: ( إن لم يستتم قائماً رجع ولا سجود عليه )، تدل على أنه إذا لم يستتم قائماً فإنه لا يسجد.

    ما يلزم من نسي ركناً فذكره قبل الشروع في قراءة ركعة أخرى

    الثانية عشرة: قال: [فإن نسي ركناً فذكره قبل شروعه في قراءة ركعة أخرى رجع فأتى به وبما بعده]، أي: لو أنه نسي -مثلاً-: الركوع من الركعة الأولى، والركوع ركن، ثم ذكر ذلك قبل أن يقوم إلى الركعة الثانية وهو في السجود، فإنه حينئذ عليه أن يقوم من سجوده ويأتي بالركوع الذي فاته، ثم يقوم بعد الركوع ويسجد السجدتين ثم يقوم بعد ذلك للركعة الثانية، أي: أن ما بعد الركوع الذي نسيه يعد لغواً من صلاته.

    مرة أخرى: لو أنه نسي الركوع من الركعة الأولى، ولم يذكر إلا وهو في سجوده الثاني، فحينئذٍ عليه أن يقوم بمجرد ما تذكر من السجود الثاني إلى الركعة الأولى فيركع، ثم يرفع من الركوع، ثم يأتي بالسجدتين ويأتي بما بقي من صلاته، ومثله أيضاً: لو نسي الجلسة بين السجدتين وهو في حال قيامه للركعة الثانية فعليه أن يعود ويجلس، ثم يسجد، ثم يقوم للركعة الثانية، ولذلك قال هنا: [ إن نسي ركناً -أي: كالركوع أو الجلسة أو السجود- فذكره قبل شروعه في قراءة ركعة أخرى رجع فأتى به وبما بعده ] فيعد ما بعده مما أتى به في الصلاة لغواً؛ لأن ما قبله -وهو ركن- لم يأت به فيبطل ما بعده.

    حكم الركعة إذا نسي أحد أركانها ثم ذكره بعد الشروع في قراءة ركعة أخرى

    ولذلك لو نسي ركناً في الركعة وأتى بالركعة الثانية بطلت الركعة الأولى واحتسب بما بعدها.

    وهذا هو ما أشار إليه المصنف في المسألة الثالثة عشرة، قال: [وإن ذكره بعد ذلك بطلت الركعة التي تركه منها]، يعني: لو ذكر الركن بعد ذلك، أي: لو نسي سجوداً في الركعة الأولى ولم يذكره إلا بعدما قام للثانية وشرع فيها، فإن الركعة الأولى حينئذ تكون باطلة، وتقوم الركعة الثانية مقامها فلا يحتسب الركعة الأولى، وعليه أن يعد الركعة الثانية هي الأولى من صلاته؛ لأنه شرع في الركعة الثانية التي تقوم مقام الأولى، وهذا هو الظاهر، وقال بعضهم: يعود إلى الركن الذي تركه فيأتي به وبما بعده أيضاً.

    ما يصح من صلاة من نسي أربع سجدات في أربع ركعات وذكرهن في التشهد

    الرابعة عشرة: قال: [وإن نسي أربع سجدات من أربع ركعات فذكر في التشهد سجد في الحال فصحت له ركعة، ثم يأتي بثلاث ركعات]، أي: لو أنه نسي من الركعة الأولى سجدة ومن الثانية سجدة ومن الثالثة سجدة، فإن الركعات الثلاث حينئذٍ كلها تكون باطلة؛ لأن كل ركعة نسي منها ركناً فبطلت، أما الركعة الرابعة فإن بإمكانه أن يستدرك؛ لأنه لم يشرع في ركعة بعدها، بل هو في التشهد فحينئذٍ عليه أن يأتي بما بقي، وهي السجدة الثانية، يعني: يعد نفسه جالساً بين السجدتين ويقول: (رب اغفر لي)، ثم يسجد وتصح له ركعة، ثم يأتي بالثلاث الركعات الباقيات من صلاته، فيبني على تلك الركعة التي صحت له من صلاته.

    1.   

    النوع الثالث: السهو بالشك

    المراد بالشك عند الفقهاء وعند الأصوليين

    المسألة الخامسة عشرة: قال: [ الضرب الثالث: الشك ].

    إذاً: ما سبق من سجود السهو إما أن يكون زيادةً، أو أن يكون نقصاً.

    الضرب الثالث: هو أن يكون شكاً في الصلاة، والشك عند الفقهاء يشمل مطلق التردد عند المصلي، سواءً اتفق الطرفان وتوازنا، أو اختلفا، فيطلق الشك عند الفقهاء على ما تردد فيه المصلي، سواء غلب على ظنه ترجح أحد الطرفين أو لم يغلب على ظنه، أما الشك عند الأصوليين فيطلق على ما استوى طرفاه، يعني: شك ولم يترجح له شيء، فإن ترجح عنده أحد الأمرين سمي الراجح ظناً وسمي المرجوح وهماً، هذا عند الأصوليين.

    قال المصنف: [الضرب الثالث: الشك]، والمعنى: أن يشك هل صلى ثلاثاً أو أربعاً مثلاً، فيشك في ركعة هل صلاها أو لم يصلها، ومثله أيضاً أن يشك في الأركان، فيشك هل ركع أو سجد أو لم يفعل؟! ومثله أن يشك في الواجبات هل كبر أم لم يكبر؟! هل سبح أو لم يسبح؟ فكل ذلك داخل في الشك.

    من شك في ترك ركن فهو كمن تركه

    السادسة عشرة: قال: [فمن شك في ترك ركن فهو كتركه له]، أي: أن الشك ينزل منزلة الترك للركن، فإذا شك في ترك ركعة مثلاً فهو كتركها، فلو شك في الركعة هل صلى ثلاثاً أو أربعاً اعتبرها ثلاثاً وأتى بالرابعة، ولو شك في ترك ركن فشك هل سجد أو لم يسجد فهو كتركه، فيعد نفسه لم يسجد ويجب عليه أن يأتي بذلك السجود؛ وذلك لأن الأصل عدم الإتيان بهذا الركن وعدم الإتيان بهذه الركعة، والأصل أن الذمة مشغولة بها لم تزل حتى يثبت أنه خرج منها بيقين.

    ولذلك قال أبو سعيد فيما رواه مسلم عنه: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أو أربعاً فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى تماماً كانتا ترغيماً للشيطان )، ( فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته ) يعني: سجدتي السهو ( وإن كان صلى تماماً -أي: أربعاً- كانتا ترغيماً للشيطان )، وحديث أبي سعيد رواه البخاري ومسلم أيضاً، فهو دليل على أنه يبني على اليقين ويطرح الشك، كما ذكر المصنف.

    ما يلزم من شك في عدد الركعات

    قال في المسألة السابعة عشرة: [ومن شك في عدد الركعات بنى على اليقين]، أي: إن شك: هل صلى ثلاثاً أو أربعاً عدها ثلاثاً، وإن شك هل صلى ثنتين أو ثلاثاً عدها ثنتين، فإن هذا هو اليقين كما سبق، ويدل على ذلك فيما يراه المصنف حديث أبي سعيد الخدري فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ).

    المسألة الثامنة عشرة: قال: [إلا الإمام خاصة فإنه يبني على غالب ظنه]، وإنما استثنى المصنف الإمام لأن الإمام وراءه من المأمومين من ينبهه، فهو يقول: إذا غلب على ظن الإمام -مثلاً- أنه صلى أربعاً عدها أربعاً وجلس للتشهد؛ لأنه لو كان ظنه خطأً لسبح به من وراءه، فحينئذ يبني الإمام على غالب ظنه استئناساً بحال المأمومين، ومثله لو ترجح للإمام أنه صلى ثلاثاً وغلب على ظنه أنها ثلاث يعدها حينئذ ثلاثاً؛ لأنه لو كان الأمر بخلاف ذلك لسبح به المأمومون.

    والصواب أو الراجح: أن البناء على غالب الظن للمأموم والإمام يدل على ذلك حديث عبد الله بن مسعود الذي رواه مسلم في صحيحه : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم -كما ذكرته قبل قليل- صلى بهم وزاد في الصلاة، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته قال لهم: إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا سها أحدكم في صلاته فليتحر الصواب ثم ليبن عليه ثم ليسجد سجدتين بعدما يسلم )، وفي رواية لـمسلم : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بعد السلام والكلام )، فحديث عبد الله بن مسعود يدل على مطلق التحري، والتحري يعني: العمل بغلبة الظن.

    وبناءً عليه نقول: الإمام والمأموم والمنفرد كلهم يأخذون بغلبة الظن، فإذا غلب على ظن الإنسان أنه صلى ثلاثاً عدها ثلاثاً، وإذا غلب على ظنه أنها أربع عدها أربعاً ولم يأت برابعة، بل يكفيه ما صلى ويسجد للسهو حينئذ قبل السلام، كما نص عليه حديث عبد الله بن مسعود .

    ومثله أيضاً: لو شك هل ركع أو لم يركع؟ فنقول حينئذ: يعمل بغلبة الظن، فإن غلب على ظنه أنه ركع فلا يأتي بالركوع حينئذ، بل ينتقل إلى السجود، ولو غلب على ظنه أنه سجد سجدتين لم يستحب ولم يشرع له أن يسجد بعد ذلك، بل يكتفي بما مضى ويتم صلاته.

    إذاً: الراجح أن المصلي يعمل بغلبة الظن، سواء في الأركان، أو في الواجبات أو في الركعات.

    والراجح أيضاً: أن المتعبد يعمل بغلبة الظن في سائر العبادات، مثل ماذا؟ مثل الطواف، لو كان يطوف فشك هل طاف ستة أو سبعة، وغلب على ظنه أنها سبعة لكنه لا يقطع بذلك ويجزم به؛ فالأقرب أنه يعتبر غلبة الظن حينئذ، ولا يلزمه أن يطرح الشك ويبني على اليقين إلا إذا تساوى الطرفان، يعني: إذا لم يكن عنده غلبة ظن، بل يقول: والله ما أدري ستة أو سبعة، لا أدري، كذلك ما يتعلق بالصلاة لا أدري هل أتيت بثلاث أو أربع، شك شكاً لم يترجح أحد الطرفين، فحينئذ يبني على اليقين وهو الأقل ويأتي بما بقي، يأتي بالركعة الرابعة مثلاً أو يأتي بالركوع أو السجود أو يأتي بالواجب عليه، هذا إذا شك ولم يترجح عنده أحد الطرفين، أما إذا ترجح أحد الطرفين فإنه يعمل بما ترجح لديه كما دل على ذلك حديث عبد الله بن مسعود .

    والراجح أيضاً أن العمل بغلبة الظن في سائر العبادات، وهذا من التخفيف والتيسير على الناس؛ لأن اليقين عزيز في كثير من الأمور، ولو طالبنا الناس باليقين المطلق في كل شيء لأفضى ذلك إلى التردد الكثير في العبادة وفتح باب الوسواس عليهم.

    ولهذا فإن الصواب أن من شك في عدد الركعات -وهي المسألة السابعة عشرة- وترجح عنده أحد الأمرين بنى على ما ترجح عنده، فإن لم يترجح عنده شيء بنى على اليقين كما ذكر المصنف، والإمام والمأموم والمنفرد في ذلك سواء.

    1.   

    موضع سجود السهو من الصلاة

    التاسعة عشرة: قال: [ولكل سهو سجدتان قبل السلام]؛ وذلك لما سبق من أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد قبل السلام في أحاديث، سجد قبل السلام كما في حديث أبي سعيد الخدري المتفق عليه، وسجد قبل السلام في حديث عبد الله بن مالك بن بحينة رضي الله عنه، وسجد قبل السلام في مواضع، وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه ثوبان : ( لكل سهو سجدتان قبل السلام )، جاء هذا في حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي سنده ضعف، لكن ينبغي أن يعلم أن الأصل في سجود السهو عند بعضهم أنه قبل السلام، إلا ما ثبت أنه بعد السلام، وهذه رواية في مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى: أنه يرى أن سجود السهو كله قبل السلام؛ لأنه من شأن الصلاة ومن أمرها، إلا ما كان جاء في الحديث أنه بعد السلام فيجعل ذلك بعد السلام.

    من سلم عن نقص سجد بعد السلام

    المسألة العشرون: قال: [إلا من سلم عن نقص في صلاته]، أي: فإنه يسجد للسهو بعد السلام؛ وذلك أن من سلم عن نقص في صلاته سوف يأتي بهذا النقص، فيكون زاد شيئاً في الصلاة، لو فرضنا أنه سلم عن نقص ركعة مثلاً ثم علم بذلك، فإنه سوف يأتي بهذه الركعة الناقصة، فيكون سلامه زيادةً في الصلاة، ويكون تشهده الثاني زيادةً في الصلاة أيضاً، فحينئذ يسجد بعد السلام؛ لأنه جاء بزيادة في الصلاة، وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث ذي اليدين : ( فإنه صلى الله عليه وسلم سلم عن نقص، سلم عن ركعتين، ثم أتى بما بقي عليه ثم سجد للسهو بعد السلام )، كما نص عليه في صحيح البخاري، ومثله أيضاً: حديث عمران بن حصين : ( فإن النبي صلى الله عليه وسلم سلم عن ثلاث، ثم أتى بالركعة الرابعة، ثم سجد للسهو بعد السلام ).

    سجود الإمام بعد السلام إذا بنى على غالب ظنه

    الحادية والعشرون: قال: [والإمام إذا بنى على غالب ظنه]، يعني: أنه يسجد للسهو بعد السلام، كما دل على ذلك حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نص في حديث ابن مسعود : ( أنه يسجد للسهو بعد السلام )، وحديث ابن مسعود فيه أنه يتحرى، فالمؤلف قصرها على الإمام، قال: [والإمام إذا بنى على غالب ظنه] بناءً على مذهبه السابق: أنه لا يبني على غالب الظن إلا الإمام خاصة، أما ما رجحناه سابقاً أن الجميع يبنون على غالب الظن، الإمام في ذلك والمنفرد والمأموم على حد سواء؛ فإن الجميع إذا بنوا على غالب الظن يكون سجود السهو متى؟ بعد السلام كما دل عليه حديث عبد الله بن مسعود في صحيح مسلم.

    من نسي السجود قبل السلام سجد بعده

    قال في المسألة الثانية والعشرون: [والناسي للسجود قبل السلام؛ فإنه يسجد سجدتين بعد سلامه، ثم يتشهد ويسلم]، وهذا معلوم، فإنه إذا نسي السجود ثم سلم وجب عليه أن يستدركه ولا سبيل إلى استدراكه إلا بعد السلام؛ لأنه قد سلم حينئذ، فيسجد للسهو ثم يسلم، وهذا فيما إذا لم يطل الفصل، قال بعضهم: إذا كان في مجلسه، وقال بعضهم: إذا كان في المسجد، وقال بعضهم: ما لم ينتقض وضوءه، وقال الإمام مالك : يستدركه ولو إلى شهر.

    والراجح والأقرب: أنه يسجد للسهو ما لم يطل الفصل لذلك، أما إذا طال الفصل، فإنه حينئذ تنتفي الموالاة بالصلاة ولا شيء عليه في ذلك.

    الخلاف في موضع سجود السهو وبيان الراجح في ذلك

    سجود السهو هل هو بعد السلام أو قبل السلام؟ في هذه المسألة خمسة أقوال، لا داعي لذكرها جميعاً، أذكر أهمها:

    قيل: سجود السهو كله قبل السلام؛ وذلك لأنه عمل من جنس الصلاة فينبغي ألا ينصرف من صلاته إلا وقد أتى بكل ما عليه من السجود، واستدلوا لذلك بأحاديث في هذا: أن السجود كله قبل السلام، كما استدلوا ببعض أفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وسجوده قبل السلام كما في حديث أبي سعيد، وكما في حديث عبد الله بن مالك بن بحينة، وكما في حديث عمران بن حصين، وكما في حديث المغيرة بن شعبة، وأحاديث كثيرة مروية من فعل النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا هو القول الأول، وهو رواية في مذهب الإمام أحمد .

    القول الثاني: أن السجود كله بعد السلام، وقد استدلوا في ذلك بأحاديث أيضاً: ( لكل سهو سجدتان بعدما يسلم )، وهو حديث ضعيف لا يصح، كما استدلوا ببعض أفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما في حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين وحديث عمران في سلامه صلى الله عليه وسلم من ثلاث، وحديث ابن مسعود بأنه يتحرى ويسجد للسهو بعد السلام، وحديث ابن مسعود أيضاً في صحيح مسلم : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم: سجد بعد السلام والكلام )، فقالوا: ذلك دليلٌ على أن السجود بعد السلام.

    القول الثالث: التفصيل، وهو مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى، قال: إن كان السجود عن زيادة فهو بعد السلام، وإن كان السجود عن نقص فهو قبل السلام، إن كان عن زيادة فهو بعد السلام؛ لئلا يجتمع في الصلاة زيادتان، وإن كان عن نقص فهو قبل السلام حتى لا ينصرف من صلاته إلا وقد جبر نقصها، ويحمل الأحاديث المختلفة في ذلك على هذا.

    المذهب الرابع: مذهب الإمام أحمد، قال: إنه ينزل كل حديث على مكانه، فإن سلم من ركعتين ناسياً، ثم أتى بما عليه؛ فإنه حينئذ يسجد بعد السلام؛ لحديث ذي اليدين، هكذا يقول الإمام أحمد .

    طيب. إن سلم من ثلاث ناسياً ثم أتى بما عليه، بطبيعة الحال فإنه يسجد أيضاً بعد السلام؛ لحديث عمران بن حصين .

    طيب. لو نسي التشهد الأول فإنه يسجد قبل السلام؛ لحديث عبد الله بن مالك بن بحينة، وإذا شك فلم يدر كم صلى ثلاثاً أو أربعاً، فطرح الشك وبنى على اليقين، فإنه حينئذ يسجد للسهو قبل السلام؛ لحديث أبي سعيد المتفق عليه، وهكذا..

    فالإمام أحمد رحمه الله يقول: ما ورد في الأحاديث يعمل به في موضعه، وما سوى ذلك فإن السجود فيه يكون قبل السلام، فكأن الأصل عنده رحمه الله: أن السجود قبل السلام إلا ما جاء النص فيه أنه بعد السلام فيجعل بعد السلام.

    والراجح من هذه الأقوال: أن سجود السهو يكون على أضرب:

    الضرب الأول: السهو بزيادة، فهذا يكون السجود فيه بعد السلام، كما لو زاد ركعة، فصلى خمساً مثلاً؛ فإنه حينئذ يسلم ثم يسجد للسهو ثم يسلم، ومن الزيادة أن يسلم عن نقص كما أسلفت، كأن يسلم من ركعتين ثم يأتي بما عليه، فإن هذا يعد زيادة؛ لأنه زاد في الصلاة تسليماً، وزاد أيضاً التشهد الأخير في الصلاة، فإن هذا يعد زيادة فيسجد لسهوه بعد السلام، ومثله أيضاً: لو زاد ركوعاً أو سجوداً أو قعوداً، أو أعاد قراءة الفاتحة سهواً، فإن ذلك كله يسجد له بعد السلام؛ وذلك لدلالة الأثر والنظر.

    أما دلالة الأثر فإن النبي صلى الله عليه وسلم سجد للسهو بعد السلام في الزيادة، صلى خمساً كما في حديث ابن مسعود فسجد بعد السلام، وزاد سلاماً وتشهداً كما في حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين فسجد بعد السلام، وزاد أيضاً كما في حديث عمران أنه سلم من ثلاث، ثم أتى بالرابعة، ثم سجد بعد السلام، هذا من حيث الأثر.

    أما من حيث النظر: فإن ذلك لئلا يجتمع في الصلاة زيادتان: فالزيادة الأولى: كانت سهواً فلا شيء عليه فيها. أما الزيادة الثانية: فهي سجود السهو، فيجعله بعد السلام لئلا يجتمع في الصلاة زيادتان. هذا هو الضرب الأول.

    الضرب الثاني: النقص، أن يسلم عن نقص في صلاته، مثل أن ينسى التشهد الأول، فيقوم حتى يستتم قائماً فحينئذ لا يعود إليه، لكنه يسجد للسهو، ويكون سجوده قبل السلام؛ لئلا ينصرف من صلاته إلا وقد جبرها، ومثله لو نسي (سبحان ربي الأعلى) أو (سبحان ربي العظيم)، أو نسي تكبيرات الانتقال، أو ما أشبه ذلك من واجبات الصلاة؛ فإنه حينئذ يسجد للسهو قبل السلام، وذلك أيضاً بدلالة الأثر والنظر.

    أما الأثر: فلحديث عبد الله بن مالك بن بحينة وهو متفق عليه: ( أن النبي عليه السلام نسي التشهد الأول فسجد قبل السلام )، جبر النقص قبل أن يسلم.

    ومثله أيضاً: حديث المغيرة بن شعبة، مثل حديث عبد الله بن مالك بن بحينة حديث المغيرة بن شعبة، وأما النظر فكما سبق؛ لئلا ينصرف من صلاته إلا وقد جبرها.

    الضرب الثالث: أن يشك في صلاته ويستوي عنده الطرفان، لا يترجح عنده أحد الوجهين، فيشك مثلاً في عدد الركعات، ولا يدري هل صلى ثلاثاً أم صلى أربعاً، أو يشك في الركوع هل ركع أو لم يركع، ولا يترجح عنده شيء، أو يشك في التشهد الأول هل تشهد أو لم يتشهد ولا يترجح عنده شيء، فمثل هذا يطرح الشك، يلغيه ويبني على اليقين، ويأتي بما شك به من ركعة أو ركوع أو سجود أو قعود، يأتي به ويسجد للسهو قبل السلام ثم يسلم.

    وهذا أيضاً دل عليه الأثر والنظر، أما الأثر: فحديث أبي سعيد رضي الله عنه المتفق عليه وقد ذكرته قبل، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً فليطرح الشك -أي: يلغيه- وليبن على ما استيقن، ثم ليسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى تماماً كانتا ترغيماً للشيطان )، فهذا الدليل يدل على أنه إذا شك لم يترجح عنده شيء ألغى الشك وعمل باليقين وأتى بالمشكوك فيه، وسجد للسهو قبل السلام، نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم: ( وليسجد سجدتين قبل أن يسلم ).

    أرجو ألا يلتبس الأمر عليكم بما بعده، هذا شك لم يترجح فيه أحد الطريفين، فيلغي الشك ويبني على اليقين ويسجد سجدتين قبل السلام، بمقتضى حديث أبي سعيد الخدري المتفق عليه، وقد ذكرت لفظه، هذا من حيث الأثر.

    أما من حيث النظر: فأيضاً ما دل عليه حديث أبي سعيد رضي الله عنه هو الذي يقتضيه النظر والقياس؛ لأنه في حالة الشك نعتبر الشك لاشيء، ملغى، الأمر المشكوك فيه إذا لم يترجح عنده شيء ولم يكن عنده سبيل للاجتهاد بتغليب أحد الجانبين؛ فإن المشكوك فيه يعتبر كما لو كان لم يفعله قط، وحينئذ لابد أن يأتي بهذا الأمر الذي شك فيه، هذا معلوم، ثم إن مجرد حصول الشك والتردد في الصلاة يعتبر نقصاً، مجرد حصول الشك والتردد وكون المصلي يقول: ركعت أو ما ركعت، هل هي ثلاث أو أربع؟ هذا يعد نقصاً أو لا يعد نقصاً؟ يعد نقصاً، فهذا النقص يجبر بماذا؟ بسجود السهو قبل السلام.

    مثال: ما أدري هل هي ثلاث أو أربع؟ هل ترجح عندي شيء؟ ما ترجح شيء (50%) أنها ثلاث، و(50%) أنها أربع، لا سبيل إلى الترجيح، إذاً: حينئذ لابد من إلغاء الشك واعتبار أنها ثلاث، حتى لو كانت في حقيقة الحال أربعاً؛ لأنه لا سبيل إلى معرفة ذلك، فيعتبر أنها ثلاث، ويلغي الشك ويأتي برابعة، وحينئذ صلاته طرأ عليها نقص، وهو هذا التردد الذي حدث فيجبره بسجود السهو قبل السلام.

    الضرب الرابع: هو الشك مع ترجيح أحد الطرفين، شك فلم يدر هل صلى ثلاثاً أم أربعاً، ولكنه تحرى فغلب على ظنه أنه صلى أربعاً، فجلس للتشهد ولم يأت بزيادة، أو غلب على ظنه أنه صلى ثلاثاً فقام إلى الرابعة، فحينئذ إذا شك وغلب عنده أحد الطرفين فإنَّه يعمل بغلبة الظن ويسجد للسهو بعد السلام.

    وهذا أيضاً يقتضيه الأثر والنظر، أما الأثر: فحديث ابن مسعود، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتحري وقال: ( فليتحر الصواب ثم ليبن عليه، وليسجد سجدتين بعدما يسلم )، واللفظ الآخر لـابن مسعود في مسلم : ( أنه عليه السلام سجد بعد السلام والكلام )، طيب. هذا هو الأثر، تحرى ثم سجد.

    أما من حيث النظر والقياس؛ فإن الأمر الذي رجحه الإنسان وغلب على ظنه يعتبر في مقام اليقين، فعلى هذا يكون بناء الإنسان عليه بناءً على قول راجح نزل منزلة اليقين عند تعذر اليقين وعدمه، فيكون انصرف عن صلاته حينئذ على مثل اليقين، فلا داعي لأن يسجد للسهو في صلب الصلاة؛ لأنه بنى على غلبة ظنه، ولكن يبقى احتمال النقص في الصلاة قائماً، فيجبره بسجود يكون بعد الصلاة.

    إذاً: إن كانت المسألة شكاً كان السجود قبل السلام حتى يجبر النقص المحقق في صلاته، أما إن كان في المسألة تحر، فإن السجود يكون بعد السلام؛ لأننا نزلنا الظن الغالب منزلة اليقين.

    وبناءً عليه فألوان سجود السهو في الصلاة أربعة: إن كان عن زيادة فالسجود بعد السلام، وإن كان عن نقص فالسجود قبل السلام، وإن كان عن شك بنى فيه على اليقين فالسجود.. مرة أخرى: وإن كان عن شك بنى فيه على اليقين، يعني: شك استوى طرفاه ولا سبيل فيه إلى الترجيح ولا إلى التحري؛ فإنه حينئذٍ قبل السلام.

    طيب. لو أن المأموم كان مسبوقاً، والسهو فيما فاته، ثم سجد الإمام بعد السلام، هذه مسألة يكثر وقوعها، سجد الإمام بعد السلام، فماذا يصنع المأموم؟

    مرة أخرى: إنسان مسبوق، السهو كان فيما فاته من الصلاة، ما أدرك السهو، أدرك صلاة تمام ما فيها سهو، ثم لما سلم الإمام أراد أن يتم صلاته، يتم ما فاته، سجد الإمام للسهو بعد السلام، فماذا يصنع المسبوق؟ ماذا يصنع؟

    نعم. يعني: يعود ويسجد مع الإمام. هناك شيء يا خالد ؟!

    له ثلاث حالات:

    الأولى: إذا قام ولم يستتم، فإنه يرجع لزاماً ويسجد مع الإمام.

    الثانية: إذا استتم قائماً ولم يشرع في قراءة الفاتحة، فحينئذٍ الأولى ألا يرجع ويجوز له أن يرجع.

    الحال الثالثة: أن يشرع في قراءة الفاتحة فحينئذٍ يحرم عليه الرجوع.

    هذه الأحوال الثلاثة فيمن سبق، سواء أدرك السهو أو لم يدرك السهو: إن لم يستتم قائماً وجب الرجوع عليه، وسجد مع الإمام، أن يستتم قائماً لا يرجع، الأولى ألا يرجع ولو رجع جاز، إذا شرع في قراءة الفاتحة حرم عليه الرجوع؛ لأنه انشغل بركن فلا يتركه لواجب، ثم في كل هذه الأحوال يجب عليه أن يسجد للسهو بعدما يقضي ما عليه، والله تعالى أعلم؛ لحديث: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) .. الحديث.

    1.   

    ما يفعله المؤتم إذا سها إمامه

    المسألة الرابعة والعشرون: [ومن سها إمامه أو نابه أمر في الصلاة فالتسبيح للرجال والتصفيق للنساء].

    وهذا نص حديث متفق عليه عن جماعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا نابكم أمر فليسبح الرجال وليصفق النساء ) والمعنى: في الصلاة أن الرجل إذا سها إمامه سبح، فيقول: سبحان الله، وكذلك المرأة تصفق؛ لأنه لا ينبغي لها أن ترفع صوتها في الصلاة.

    1.   

    الأسئلة

    حكم رجوع الإمام إلى التشهد الأول بعد قيامه عنه

    السؤال: يقول: هل إذا قام الإمام، وترك التشهد الأول ورجع وأتى به فهل تبطل الصلاة؟

    الجواب: إن كان جاهلاً لا تبطل صلاته.

    ما يصنعه الإمام إذا أحدث في الصلاة

    السؤال: إذا أحدث الإمام فهل يعيد الصلاة أم ماذا يصنع؟

    الجواب: إذا أحدث وهو في الصلاة ينصرف من صلاته ويقدم غيره.

    حكم الصلاة قبل دخول وقتها

    السؤال: يقول: جئت قبل البارحة من سفر فنمنا في الطريق، ثم صلينا الفجر الرابعة وثلاث دقائق، فعندما وصلنا بريدة كان أذان الفجر الرابعة والخمس دقائق كذلك، فهل علينا إعادة؟

    الجواب: نعم عليكم إعادة الصلاة إذا كنتم قريبين من البلد، يعني: إذا كان توقيتكم على توقيت البلد.

    حكم سجود السهو في حق من يكثر شكه في عدد الركعات

    السؤال: دائماً يحصل لي الشك وأنا إمام خاصة في الثالثة، هل هي الثالثة أم الرابعة فاعمل على غالب الظن فيكون صحيحاً، هل علي سجود؟

    الجواب: لا، إذا كان الشك يحصل لك كثيراً فلا سجود عليك؛ لأن من كثر منه الشك لا يسجد.

    الأحق بالإقامة حال حضور المؤذن والإمام

    السؤال: أنا المؤذن المعتاد، ولم أؤذن، فأتيت إلى المسجد فوجبت الإقامة، من هو أحق بالإقامة أنا أم الإمام؟

    الجواب: لا، الأصل أن المؤذن هو الذي يقيم.

    ما يقدم من القراءة والنفث عند إرادة النوم

    السؤال: كيفية النفث في اليدين عند النوم، وهل تنفث في اليدين ثم تقرأ سورة الإخلاص والمعوذتين أو تقرأ ثم تنفث؟

    الجواب: يقرأ ثم ينفث، جمع كفيه فنفث فيهما فقرأ فيهما، يعني: النفث أثر عن القراءة، تجمع يديك هكذا: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1]، وتنفث بعد كل سورة، ثم تمسح بها رأسك ووجهك وما أقبل من جسدك.

    حكم الصلاة مع فعل اليسير من غير جنسها عمداً

    السؤال: حمل النبي صلى الله عليه وسلم أمامة وفتحه الباب لـعائشة من باب العمد وليس من باب السهو؟

    الجواب: نعم، هو من باب العمد، ولذلك هذه أعمال ليست من جنس الصلاة، فقلنا: إن اليسير منها لا يبطل الصلاة ولو كان عمداً.

    ما يفعله من نسي ركناً ثم ذكره وهو في صلاته

    السؤال: إذا نسي ركناً فتذكر أو ذكر، كيف يأتي به، هل يبدأ من الركن الذي سها فيه؟

    الجواب: ذكرنا هذا، إذا كان لم يشرع في الركعة الثانية يعود إلى الركن، أما إن شرع في الركعة الثانية؛ فإنه يلغي الأولى ويعتد بالثانية.

    بيان علة السجود قبل السلام في حق من شك بما يستوي فيه الطرفان

    السؤال: ذكرت الشك إن لم يترجح عند المصلي فيبني على اليقين وهو الأقل، فهذا أكيد أنه أتم الصلاة أو زاد فيها، فلماذا يسجد قبل السلام؟

    الجواب: يسجد قبل السلام من أجل جبر الشك الذي حصل في الصلاة، كالتردد الذي حدث.

    محمل أمر بلال بالإقامة للإتيان بركعة منسية

    السؤال: قرأت في زاد المعاد : أن أحد المواضع الخمسة التي سها فيها النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه نقص ركعة من إحدى الصلوات ثم خرج إلى بيته، فلما أخبر عاد وأمر بلالاً فأقام وصلى بهم ركعة ثم سجد للسهو

    الجواب: صحيح هذا، هذا جاء في بعض الآثار: ( أنه صلى الله عليه وسلم نسي ركعة فأمر بلالاً فأقام، ثم صلى بهم ركعة ثم سجد للسهو )، ولا أدري ما وجه هذه الإقامة والله تعالى أعلم، إلا أن يكون ذلك إيذاناً للناس بالمجيء حتى يتموا الركعة الباقية عليهم.

    حكم رجوع الإمام إلى التشهد الأول إذا قام عنه

    السؤال: ذكرت أن الصحيح أن من نقص في صلاته لا يكبر للتحريم.. إذا نسي الإمام التشهد واستتم قائماً أو كثر التسبيح خلفه، فهل له أن يرجع؟

    الجواب: لا، ليس له أن يرجع، لا يجوز له أن يرجع.

    بيان ما يفعله الإمام حال ذكره التشهد الأول بعد انصراف المأمومين

    السؤال: إذا نسي التشهد الأول ولم يسجد ثم انصرفت الجماعة، فماذا يفعل الإمام؟

    الجواب: إذا كان الإمام في محله ولم يطل الفصل يسجد للسهو هو، وأما الجماعة فلا شيء عليهم.

    بيان ما يفعله المأموم إذا قام الإمام الخامسة

    السؤال: إذا قام الإمام للخامسة، وترجح عندي أن الإمام جاء بزيادة، ماذا يشرع للمأموم، هل تجب المتابعة؟

    الجواب: تسبح به، فإن أصر تتبعه؛ لأنه لم يكن عندك يقين.

    حكم تكبير الإمام إذا قام إلى الركعة التي نسيها

    السؤال: ألا يشرع للإمام التكبير إذا قام إلى الركعة التي نسيها لتنبيه المأمومين؟

    الجواب: أما تكبيرة الانتقال إذا كان قاعداً شرع له أن يكبر للقيام للانتقال، والله أعلم.

    لفظ حديث أبي سعيد فيمن شك فلم يدر أصلى ثلاثاً أو أربعاً

    السؤال: ذكرت: ( إن صلى أربعاً كانت تماماً، وإن كان صلى خمساً كانت إرغاماً للشيطان

    الجواب: لا، ( إن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى أربعاً -يعني: تماماً- كانت إرغاماً للشيطان ).

    سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

    اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك ونبينا محمد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755977787