إسلام ويب

سلسلة منهاج المسلم - (37)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الحياة الزوجية حياة خصها الله تعالى بمزيد عناية واهتمام، وما ذاك إلا لعظيم مكانتها ومنزلتها في الإسلام، ولذلك فقد أوجب الله تعالى على كل من الزوجين تجاه الآخر حقوقاً وواجبات إذا قام كل منهما بها صلحت حياتهما واستقامت على منهاج الله تعالى، وسعدا في الدنيا والآخرة، وإذا فرطا أو أحدهما فيها نالا من التعاسة والشقاء بقدر تفريطهما في تلك الحقوق، وجماع تلك الحقوق هو المعاشرة بال معروف.

    1.   

    الأدب مع الإخوة

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة، ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب: منهاج المسلم، وها نحن في باب الآداب، وها نحن مع الأدب مع الإخوة.

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم وسائر المؤمنين والمؤمنات: [ المسلم ] المسلم بحق وصدق: الإنسان الذي أسلم -أي: أعطى- قلبه ووجهه لله تعالى، فأصبحت حياته كلها وقفاً على الله، فهو يأكل من أجل الله، ويشرب من أجل الله، وينام من أجل الله، ويستيقظ من أجل الله، ويتزوج من أجل الله، ويطلق من أجل الله، ويزرع ويحرث من أجل الله، ويصوم ويصلي ويرابط ويجاهد في سبيل الله، فحياته كلها عطاء لله، هذا هو المسلم الذي أسلم قلبه لله ووجهه، فلا يلتفت إلى غير الله، لا راجياً طامعاً ولا راهباً خائفاً، وليس له إلا الله، وقطعاً يقيناً أن الذي لا يعرف ما يحب الله ولا ما يكره لا يتأتى له أن يسلم، فلابد من العلم والمعرفة. هذا المسلم [ يرى ] ويعتقد [ أن الأدب مع الإخوة كالأدب مع الآباء والأبناء سواء ] تقدم لنا الأدب مع الآباء كيف يكون، والأدب مع الأبناء كيف يكون، والإخوة مثلهم، فالكبار اجعلهم كآبائك، والصغار كأولادك، فإخوتك الكبار اعتبرهم كأبيك وأمك، وقد عرفت ما يجب عليك لهما، والصغار دونك اعتبرهم كأولادك، كأولاد الآباء والأمهات، هذه هي الحقيقة [ فعلى الإخوة الصغار من الأدب نحو إخوانهم الكبار ما كان عليهم لآبائهم، وأن على الإخوة الكبار نحو إخوتهم الصغار ما كان لأبويهم عليهم من حقوق وواجبات وآداب، وذلك ] وقد وجب هذا وتعين، قال: [ لما ورد: ( حق كبير الإخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده ) ] ولفظ الحديث: ( حق كبير الإخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده، وحق الصغير على الكبير كحق الولد على والده ). [ ولقوله صلى الله عليه وسلم: ( بر أمك وأباك ) ] أطعهما وأحبهما [ ( ثم أختك وأخاك ) ] فذكر بعد الآباء الإخوة [ ( ثم أدناك فأدناك ) ] الأقرب فالأقرب، كأبناء الإخوان مثلاً.

    فالمسلم بحق العالم بمحاب الله ومكارهه ذاك الذي أوقف حياته كلها على الله، فإذا مررت به يهدم جداراً وسألته: لم؟ قال: من أجل الله، خشية أن يسقط على مؤمن فيقتله، وإذا مررت به يزرع الأرض وسألته: لم تزرع؟ قال: من أجل أن يطعم هذا المؤمنون أولياء الله، فحياته كلها وقف على الله، واقرءوا قول الله تعالى من سورة الأنعام: قُلْ [الأنعام:162]، أمر الله لرسوله، إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي [الأنعام:162]، أي: عباداتي، وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163]. وإذا سألته: لم طلقتك امرأتك يا عبد الله؟! قال: طلقتها خوفاً من الله، وإذا سألته: لم تزوجت أبا عبد العزيز؟! قال: تزوجت من أجل أن أصون نفسي عن معصية الله، فأنا متزوج لله. وهكذا حياة المؤمنين، فهذا النوع يكذبون ويسرقون ويفجرون ويقتلون، فالفجور والخيانة والكذب وإراقة الدماء وغيرها كلها ناتج عن قلوب ما أسلمت لله، ووجوه ما عرفت الله، ومن لم يعرف الطريق لا يدري كيف يمشي ويصل إلى هدفه وغرضه، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19] فالعلم أولاً، وبعد أن عرفنا حقوق الآباء والأولاد والإخوة والآن حقوق الزوج مع زوجته.

    1.   

    الأدب بين الزوجين

    قال المؤلف: [ المسلم يعترف بالآداب المتبادلة بين الزوج وزوجته ] المسلم بحق الذي آمن بالله ولقائه، وعرف محابه ومساخطه وأوقف حياته على الله هذا المسلم يعترف بالآداب المتبادلة بين الزوج وزوجته [ وهي حقوق كل منهما على صاحبه ] فللزوجة حقوق على زوجها، وللزوج حقوق على زوجته [ وذلك لقوله تعالى ] في كتابه العزيز: [ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228] ] ولهن من الحقوق مثل الذي عليهن من الحقوق لكن بالمعروف [ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228] ] وهي درجة القيومية، لما وهبهم الله من كمال العقل وقوة البدن، فالرجل هو الحامي، وهو السائد، وهو الذي يحمي الزوجة وينصرها؛ لأنه أقوى منها [ فهذه الآية الكريمة قد أثبتت لكل من الزوجين حقوقاً على صاحبه، وخصت الرجل بمزيد درجة لاعتبارات خاصة ] وهي كما قلنا: كمال عقله، وكمال بدنه ودينه. إذاً: لا معنى للمساواة، وكل من يطالب بمساواة المرأة بالرجل فهو كافر، وقد خرج من ملة الإسلام؛ لأنه رد كلام الله وكذب الله وأعمى بصره عن كتاب الله، ويريد فقط أن يلهث وراء الملاحدة والعلمانيين، وإلا فالواقع أن المرأة ليست كالرجل، بل ( ناقصات عقل ودين ). أخبر بهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالذين يطالبون بالمساواة معناه: أنهم مسخوا أنفسهم من الإسلام، والله ما هم بمسلمين، فالله هو الذي خلق المرأة وخلق الزوج والزوجة، وهو الذي يعطي هذا ويمنع هذا، وأنت لا شأن لك حتى تتدخل، فأنت لست الخالق، فاخلق وبعد ذلك تصرف كما تريد، وأما أن يخلق الله وأنت تتحكم بعقلك فهذا أفحش ما يكون من السوء والباطل.

    قال: [ فهذه الآية الكريمة قد أثبتت لكل من الزوجين حقوقاً على صاحبه وخصت الرجل بمزيد درجة لاعتبارات خاصة ] معروفة لدى عند أهل العلم [ وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ] والرسول حج حجة واحدة، وودع الناس فيها في السنة العاشرة، وقد قال في حجة الوداع: [ ( ألا إن لكم على نسائكم حقاً ) ] يجب أن نحفظ هذه الكلمة [ ( ولنسائكم عليكم حقاً ) ] ( ألا) بمعنى: انتبهوا واصغوا واستمعوا، ( إن لكم على نسائكم حقاً) يجب أن تأخذوه، ( ولنسائكم عليكم حقاً) يجب أن يأخذنه أيضاً. وهذا نص صريح في أن للرجل حقوقاً على امرأته وللمرأة حقوقاً على زوجها، ومن أبطل هذه الحقوق كفر، ولم يرد الإسلام ولا كتاب الله ولا هدي رسول صلى الله عليه وسلم [ غير أن هذه الحقوق بعضها مشترك بين كل من الزوجين، وبعضها خاص بكل واحد منهما على حدة ].

    1.   

    الحقوق المشتركة بين الزوجين

    [ فالحقوق المشتركة هي ] ما يلي، المشتركة بين الزوج والزوجة.

    أولاً: الأمانة بين الزوجين

    [ أولاً: الأمانة ] يجب أن يكون الزوج أميناً على زوجته، وأن تكون الزوجة أمينة على زوجها [ إذ يجب على كل من الزوجين أن يكون أميناً مع صاحبه، فلا يخونه في قليل ولا كثير؛ إذ الزوجان أشبه بشريكين، فلابد من توفر الأمانة والنصح والصدق والإخلاص بينهما في كل شأن من شئون حياتهما ] ولا يعرف الرجال هذا ولا النساء، ومن أين يعرفون؟ وكيف يعرفون؟ فالرجل يعيش سبعين سنة ما يجلس جلسة كهذه، فكيف يتعلم؟ وهل سيوحى إليه؟ بل يدرس دراسة هدفها واضح معلوم، وهو المادة والوظيفة، ما فيها هذا النور ولا هذه الهداية، ولن تعرف الأمة أبداً إلا إذا طلبت المعرفة، ولو عرف إنسان هذا الحق لم يقصر فيه أبداً، ولو عرفت امرأة ما عليها من هذا الحق ما تقصر فيه، وهي مؤمنة تؤمن بالله ولقاء الله، فيجب على كل من الزوجين أن يكون أميناً مع صاحبه فلا يخونه في قليل ولا كثير، لا من مال ولا عرض.

    ثانياً: المودة والرحمة بين الزوجين

    [ ثانياً:] الحق الثاني المشترك [ المودة والرحمة ] بين الزوج وزوجته، ولابد من هذا [ بحيث يحمل كل منهما لصاحبه أكبر قدر من المودة الخالصة والرحمة الشاملة، يتبادلانها بينهما طيلة حياتهما، مصداقاً لقوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم:21] ] فأين هذه المودة والرحمة من الذي يلعن ويحرم بالطلاق وكذا والهيجان؟ وأين هما من هذا الذي يهيج هيجاناً ويطلق، وأنت كذا وأنت كذا؟ فهم مساكين ضلال ما عرفوا الطريق، والذي لا يعرف الطريق لا يستطيع أن يمشي أو يهتدي، فهذا مستحيل، بل لا بد وأن يضل.

    ومعنى هذا: أن نعود إلى بيوت ربنا نتعلم الكتاب والحكمة، ولا يوجد مانع من هذا، والذين جرينا وراءهم واقتدينا بهم ورفعناهم إلى عنان السماء من اليهود والنصارى والكفار إذا دقت الساعة السادسة مساءً أوقفوا العمل، فلا متجر ولا مقهى ولا مصنع ولا شيء، ويذهبون إلى دور السينما والمراقص والمقاصف والملاهي والملاعب يروحون على أنفسهم، ونحن ضدهم، ولسنا منهم ولا على شكلهم، فعلينا إذا دقت الساعة السادسة أن نوقف العمل، فلا نفتح متجراً ولا مصنعاً ولا مطعماً ولا شيء، بل نتوضأ ونحمل أطفالنا ونسائنا إلى بيوت ربنا، فإذا صلينا المغرب جلسنا جلوسنا هذا، والنساء وراء ستارة، والأطفال بيننا، ونتعلم الكتاب والحكمة، ليلة آية، وأخرى حديثاً، وطول العمر، فلا يبقى جهل، فالذي يجلس أعواماً من المغرب إلى العشاء يتعلم الكتاب والحكمة لا يبقى معه جهل، ولن نتعلم أو نعرف ما يحب الله وما يكره ولن نقوى ونقدر على فعل المحبوب وترك المكروه إذا كانت القلوب خالية، والإيمان مهلهل، والنفوس شاردة،

    وقوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ [الروم:21] الدالة على وجوده وعلى قدرته وعلى علمه وعلى حكمته المقررة لألوهيته أَنْ خَلَقَ لَكُمْ [الروم:21] ومن أجلكم مِنْ أَنفُسِكُمْ [الروم:21]، لا من البهائم ولا من الحيوانات، أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا [الروم:21]، وتطمئنوا وتهدءوا وتستقروا. وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم:21]. فجعلها وفرضها، فمن رفضها رفض كتاب الله وخرج عن طاعة الله [ وتحقيقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من لا يرحم لا يرحم ) ] لا يرحمه الله ولا عباده.

    ثالثاً: الثقة المتبادلة بين الزوجين

    [ ثالثاً: الثقة المتبادلة بينهما ] أي: بين الزوجين [ بحيث يكون كل منهما واثقاً في الآخر، ولا يخامره - أو يخالطه- أدنى شك في صدقه ونصحه وإخلاصه له؛ وذلك لقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10] ] فكيف إذا كانا زوجين؟ كيف لا تتحقق الأخوة بالنصر والمودة والمحبة؟ [ وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) ] ولن تبلغ مستوى الإيمان الحق فيقال: فلان مؤمن حتى تحب لأخيك المسلم ما تحب لنفسك، وهنا ما تستطيع أن تغشه في التجارة، ولا أن تخدعه في معاملة، ولا أن تنال عرضه، وهو غائب ولا تهنه، ولا شيء؛ لأنك تحب له ما تحب لنفسك، وإلا فلا إيمان حق، والرسول يقول: ( لا يؤمن أحدكم - معاشر المستمعين!- حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ). كما تحب لنفسك النجاة أحبب له النجاة، وكما تحب الفلاح أحبب له الفلاح، وكما تخاف أو تبغض المرض أبغضه لأخيك وهكذا، فتحب له وتكره كما تحب لنفسك وتكره. وهذه التعاليم قد نجحت، وقد تمثلها أصحاب رسول الله وأولادهم وأحفادهم وأحفاد أحفادهم ثلاثمائة سنة، ووالله ما رأت الدنيا أمة أصدق ولا أصلح ولا أطهر ولا أكمل من تلك الأمة طول الحياة، فقد أخذوا العلم بهذه الطريقة، فلم يكن هناك لا كليات ولا جامعات يتعلمون ويعملون، فانطبع العلم في سلوكهم وحياتهم، وأصبحوا ربانيين نساءً ورجالاً [ والرابطة الزوجية لا تزيد إخوة الإيمان إلا توثيقاً وتأييداً وتقوية ] الرابطة الزوجية تزيد في الإيمان وتوثقه [ وبذلك يشعر ] بهذا الذي سمعنا، الأمانة والمودة والثقة، بهذه [ يشعر كل من الزوجين أنه هو عين الآخر وذاته ] الرجل يرى زوجته هو هي، هو عينها، هو ذاتها، وهي كذلك [ وكيف لا يثق الإنسان في نفسه ولا ينصح لها؟ ] ما دام كل واحد يعتبر أنه هو فإنه يثق في نفسه وينصح لها [ أو كيف يغش المرء نفسه ويخدعها؟ ] ليس معقولاً.

    رابعاً: المعاشرة بالمعروف

    [ رابعاً: الآداب العامة ] بين الزوجين [ من رفق في المعاملة، وطلاقة وجه، وكرم قول وتقدير واحترام، وهي المعاشرة بالمعروف التي أمر الله ] تعالى [ بها: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]. وهي الاستيصاء الخير الذي أمر به الرسول العظيم في قوله: ( واستوصوا بالنساء خيراً ) ]، أي: يوصي بعضكم بعضاً بالنساء خيراً. [ فهذه جملة من الآداب المشتركة بين الزوجين، والتي ينبغي أن يتبادلاها ] الزوج والزوجة [ بينهما عملاً بالميثاق الغليظ الذي أشير إليه في قوله تعالى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21] ] وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ [النساء:21]؟ هذا المهر. وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21]، فلا تخن امرأتك في مهرها أو مالها.

    قال: [ وطاعة لله القائل سبحانه ] وتعالى: [ وَلا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إن الله بما تعملون بصير [البقرة:237] ] أربعين سنة أو خمسين سنة وهي تربي أولاده وتطبخ في بيته ثم يناديها: يا كلبة! أو يا عمياء! أو يا كذا! وهي أيضاً زوجها يعمل الليل والنهار ليعد لها الطعام أو كذا، فترفع رأسها وتتكبر عليه وأنت ما تصلح، وأنت ما أنت زوج، هذا الشائع أنا أحكيه، وإن كنا والحمد لله والله ما وقع هذا قط، ولا قلت لامرأتي كلمة سوء قط، فضلاً أن أمسها بيدي، ولا سمعت منها ستين سنة كلمة سوء، فقد عرفنا الطريق فسلكناه، ونحن نبكي على الذين ما عرفوه، وكل يوم الشكاوى: طلقت، قلت: بالحرام إن دخلتي كذا فأنت كذا، لا إله إلا الله، من يهدي هذه الأمة سوى الله؟ والله يهديها بكتابه الذي وضعه، وبرسوله الذي بين لها الطريق فتسلكه، ومن غير هذا لا تهتدي.

    فيا أهل القرآن! اجتمعوا في بيوت ربكم بين المغرب والعشاء، وما المانع؟ لا شيء، إلا الهوى والدنيا والشيطان، ساعة ونصف نتعلم فيها الطريق إلى الله كل ليلة، ونعرف محاب الله ومكارهه، ونحب ما يحب ونكره ما يكره، فتنشرح الصدور، وتنار القلوب، ونصبح أولياء الله بحق، فلا نخاف فقراً ولا هماً ولا كرباً؛ إذ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62]. وتنتهي الفتن والمقاطعات والبلايا، فلا علاج إلا العلم فقط، والرسول يقول: ( إنما العلم بالتعلم، والفقه بالتفقه ). ( اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد ). ولا تقولوا: إنني واهم، فهيا ندخل دمشق أو بغداد أو القاهرة أو عواصم العالم، لا نجد المساجد بعد المغرب أهلها مجتمعين فيها يقرءون الكتاب والسنة، فكيف نعرف الطريق إلى الله؟ لا نستطيع، والذي ما يعرف الله ما يستطيع أن يستقيم، فلا يسرق ولا يفجر ولا يكذب، فهذا مستحيل، فهو كالميت، إنا لله وإنا إليه راجعون.

    1.   

    الأسئلة

    حكم إهداء ثواب قراءة القرآن للموتى

    السؤال: إذا قرأ الإنسان شيئاً من كتاب الله تعالى، وقال: اللهم بلغ أجر ما تلوته لوالدي أو لوالدتي ونحو ذلك، ما حكم ذلك؟

    الجواب: يجوز ولا حرج، ولكن لو قال: اللهم إن قبلت مني هذا فاجعل ثوابها لأبي أو أمي، وأحسن من هذا وذاك لما تقرأ تقول: رب اغفر لأبي وارحمه، رب اغفر لوالدي وارحمهما، إذا ما هناك إلا أن يغفر ذنوبهم ويدخلهم الجنة، ليس هناك أجور وأثمان يتقاضونها، فما هي إلا أن يغفر ذنوبهم ويسترها، فيطهرون فيدخلهم الجنة، فكلمة اللهم اغفر لوالدي وارحمهما كافية، سواء تصدقت بصدقة أو قرأت القرآن أو صليت ركعتين أو فعلت خيراً. قل: اللهم اغفر لوالدي وارحمهما، فنعم هذه العطية منك لوالديك.

    حكم الحج أو العمرة بمال ربوي

    السؤال: ما حكم الشريعة في الحج أو العمرة بسلفة من المال مع الفائدة؟

    الجواب: لا يحل هذا الحج، ولا تحل هذه العمرة، ولا شرعه الله لمثلها أبداً، فإذا لم يكن عنده المال فلينتظر حتى يغنيه الله ويحج ويعتمر، وأما يأخذ مالاً ربوياً ليحج به فوالله لا يحل له، وحجه باطل باطل باطل؛ لأنه لا يحل أن يتقاضى ربا، حتى ولو كان لأجل أن يلبس ثوباً أو يأكل رغيفاً من خبز، فلا يأخذ الربا أبداً، والمسلمون لا يعرفون معنى الربا، واليهود بنو عمنا عرفوا؛ لأنهم يدرسون النفسيات والعلوم والمعارف؛ من أجل أن يسيطروا على العالم الإنساني، فهم يخططون ويضعون الخطط؛ لتصبح البشرية بهائم فيركبونها ويسوسونها وقد مشوا خطوات عظيمة، ومن ذلك أنهم أقاموا دولة بني إسرائيل في قلب بلاد الإسلام، وهم يتعاملون بالربا وينشئون البنوك ويشجعون ذلك حتى لا يبقى اثنان من المسلمين متحابان متواليان، ولا يبقى من يقرض لله أو يسلف لله عز وجل، ولا يوجد مؤمن يريد القرض أو السلف إلا ذهب إلى البنك، فلا مودة ولا أخوة ولا محبة ولا تعاون ولا شيء آخر، وقد نجحوا في ذلك، وأكثر الناس لا يفهمون سبب تحريم الربا والبنوك، ونحن نقول: يا أهل المسجد! في القرية أو في الحي افتحوا صندوقاً من حديد في مسجدكم عند محرابه، وليقل إمامكم وواعظكم: يا أهل القرية! من زاد عن قوته ريالاً أو درهماً فليودعه في هذا الصندوق؛ فإنه أمانة لكم، ومحفوظ ينمى لكم، فلا تمر ستة أشهر إلا والصندوق قد امتلاء، فينمون هذا المال، سواء في الزراعة فينشئون مزرعة، أو في الصناعة فينشئون مصنعاً، أو في التجارة فينشئون متجراً، وينمون مال إخوانهم، ويوزعونه عليهم كل سنة، وهم حامدون الله شاكرون، وهذا لا يرضى به اليهود والنصارى، وإنما ينادون: البنوك؛ حتى تموت القلوب وتنقطع الأخوة وتنهدم المعارف البشرية، فافهموا هذا، فهم ما يريدون أن يسود إخاء أو مودة أو تعاون بين المسلمين، وقد استجبنا لهم، ومددنا أعناقنا وقبلنا؛ لأننا نقاد كالبهائم إلى حيث يشاء الله.

    معنى حديث: (فإن صلاتكم معروضة علي ...)

    السؤال: يقول صلى الله عليه وسلم: ( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: يا رسول الله! وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ قال: إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء ). أرجو شرح الحديث حيث إن البعض يستدلون به على حياة النبي صلى الله عليه وسلم؟

    الجواب: خلاصة ما يريدون أن نقول: رسول الله حي في قبره، فامش واسأله واستنطقه واستعذ به وتوسل به وقل له: اشفع لي وأعطني واسأل ربي، هذا الذي يريدونه، والله العظيم ما هو إلا هذا، وهذا هو الموت، فهل وقفت فاطمة عند قبر أبيها وسألته شيئاً؟ وإنما ستة أشهر وهي تبكي!

    وهل وقف الصحابة على قبره وسألوه أن يشفع لهم لما كانت الفتنة في المسجد وقتل عثمان حول المسجد؟ فهم إنما يريدون فقط أن نسأل وندعو غير الله؛ لننمحي من الإسلام ونكفر.

    هذا هو معنى السؤال، أن الرسول حي في قبره، فهيا نمشي الآن ونزيل عليه التراب، فكيف نترك رسول الله حياً في قبره وعليه التراب؟ وماذا أصابنا حتى نترك رسولنا تحت التراب ولا نزيل عنه التراب؟ فما هذا الفهم؟ فالرسول روحه في الملكوت الأعلى في دار السلام في منازل الأبرار مع أرواح الشهداء، بل هي سيدة تلك الأرواح، واتصاله بالقبر كاللاسلكي، فإذا سلم عليه السلام عليكم على الفور يتصل روحه بجسده ويرد السلام، ولكن جسم الرسول لا يفنى، فالأرض لا تعدو تربتها على أجساد الأنبياء أبداً، فجسمه الطاهر كما هو، وجسمي وجسمك تأكله التربة.

    وهؤلاء فمع الأسف يريدون أن نسمح لهم أن يقفوا أمام الرسول الآن ويسألونه: يا رسول الله! اشفع لنا، يا رسول الله! أصابنا ما أصابنا! يا رسول الله! كذا. يدعون غير الله، وهذا ليس جهلاً فقط، وإنما عمى.

    ونحن نقول: سواء كنت في الشرق أو الغرب إن كنت محباً لرسول الله فإنك لما تقول: التحيات لله والصلوات والطيبات وأنت جالس بين يدي الله - فما أنت والكون كله إلا ذرة في قبضة الله عز وجل- وتقول: السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته فإنها تبلغه كما هي، وقبل وجود هذه الآلات كان المؤمنون يؤمنون بالخبر فقط، ويفوضون الأمر إلى الله، وأما الآن إذا أنكرت هذا فما أنت بمؤمن، ولا عاقل، وإنما مجنون، والناس الآن في العالم بكامله يتكلمون مع بعضهم بعضاً في الشوارع، فمن أمريكا يتكلم إلى أي مكان في الأرض، فلا يبقي شك. فلا يصح أبداً أن تعتقد أن الرسول حي في قبره وأنه روحه في قبره، وليست في الملكوت الأعلى.

    حكم قتل الحشرات الضارة بالمبيدات أو المصيدات الكهربائية

    السؤال: ما حكم قتل الحشرات الضارة كالبعوض والنمل بالمبيدات أو الصيادات الكهربائية التي توضع في مداخل المطاعم، وهل هناك فرق بين الحرم وغيره؟

    الجواب: على كل هذه المسألة لو كان الرسول بيننا صلى الله عليه وسلم لسألناه وهو الذي يفتينا ويحلها، فالنهي وارد على أننا لا نقتل الحيوانات، والرجل الذي قتل نملة فقط عوقب على ذلك، ونبي من الأولين قرصته نملة فأحرق قرية النمل بكاملها، فقال الله له: هلا نملة واحدة يا فلان! لكن عندنا نص أن الذي يؤذينا كالغراب الأسود والحية والفأر والحدأة هذه التي تؤذينا يجوز قتلها، فإذا كان البعوض والنمل يفسد علينا دارنا ويقتلنا يجوز قتله، والله أعلم.

    حكم إمامة المصاب بسلس البول

    السؤال: ما حكم إمامة رجل مصاب بسلس البول؟

    الجواب: يكره للإمام أن يكون به سلس، فإذا كان به سلس بول أو فساء فالأولى أن لا يؤم الناس، لكن إذا أمهم صحت صلاته وصلاتهم؛ لأنه مصاب بسلس، فالأفضل أن يكون غير صاحب سلس، ولا بد أن يكون الإمام أفضل من الآخرين علماً وأصلاً وتقوى وكمالاً، فلا يكون به سلسل، لكن لو صلى فلا حرج، وما دامت صلاته صحيحة فصلاة من وراءه صحيحة أيضاً.

    حكم من أعطى ماله لبعض أولاده قبل موته وحرم البعض الآخر

    السؤال: ما حكم الشرع فيمن توفي وترك أولاداً ذكوراً وإناثاً، ولكن قبل وفاته تنازل عن معظم أملاكه لاثنين منهم وحرم البقية بما فيهم زوجته؟

    الجواب: هو فاعل إثم، وهو آثم، ونسأل الله أن يغفر له، وعلى أولاده إذا أرادوا إنقاذ والدهم أن يقسموا ذلك المال بينهم فيطهروا والدهم وينجوه، وإن امتنعوا فالقضاء معهم. ويقولون: أعطانا والدنا، إذا أصروا يجوز ذلك، ولكنهم عقوا والدهم، ولم ينقذوه، وكان المفروض أن ينقذوا والدهم، ويقسموا المال بينهم وبين إخوانهم كما قسمه الله عز وجل، والله تعالى أسأل أن ينفعنا وإياكم بما ندرس ونسمع.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756205836