إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. حسن أبو الأشبال الزهيري
  5. شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة
  6. شرح كتاب الإبانة - تحذير النبي صلى الله عليه وسلم لأمته من قوم يجادلون بمتشابه القرآن

شرح كتاب الإبانة - تحذير النبي صلى الله عليه وسلم لأمته من قوم يجادلون بمتشابه القرآنللشيخ : حسن أبو الأشبال الزهيري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الإصغاء إلى أهل البدع والأهواء؛ لأنهم يجادلون بمتشابه القرآن، ابتغاء الفتنة وابتغاء تحريفه، في حين أنهم يتركون المحكمات، وهذا مما يمحو نور آيات الله من قلب العبد، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاختلاف في قراءة القرآن الكريم، وذلك لأن اللهجات العربية متعددة، وقد أنزله الله على سبعة أحرف رحمة بهذه الأمة، وكفى الله المؤمنين مئونة هذا الاختلاف بجمع عثمان رضي الله عنه له في مصحف واحد، وبقي اختلاف أهل الأهواء، فيرد عليهم العلماء.

    1.   

    باب تحذير النبي صلى الله عليه وسلم لأمته من قوم يتجادلون بمتشابه القرآن وما يجب على الناس من الحذر منهم

    إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كلام الله عز وجل، وخير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أما بعد:

    فمع باب جديد وهو: [ باب تحذير النبي صلى الله عليه وسلم لأمته من قوم يتجادلون بمتشابه القرآن، وما يجب على الناس من الحذر منهم ].

    [ قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا [آل عمران:7] إلى آخر الآية ].

    من القراء من وقف على قول الله عز وجل: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ [آل عمران:7]، ومنهم من وقف على لفظ الجلالة، وهم جمهور القراء.

    فهكذا التقدير: مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ [آل عمران:7]، ومنهم من وقف على قوله: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ثم استأنف: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا [آل عمران:7].

    وكلتا القراءتين لها وجه، ولكن الذي عليه جماهير القراء -بل جماهير علماء الأمة- أن الوقف الأفضل هو الوقف على لفظ الجلالة، ثم استئناف علم الراسخين في العلم، وإلمام الراسخين في العلم: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ [آل عمران:7].

    فهنا إثبات أن في كلام الله عز وجل محكماً، وفي كلام الله عز وجل متشابهاً، فأما المحكم فلا إشكال فيه؛ لأنه محكم لا يستطيع أحد من أهل البدع أن ينازع فيه.

    وأما المتشابه وما ظاهره تعارض فإنه لا تعارض في كلام الله عز وجل: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا [النساء:82]، فلما لم يكن فيه اختلاف البتة دل على أنه من عند الله عز وجل.

    فأما أهل البدع فإنهم يتجادلون بالمتشابه من كلام الله عز وجل، وكذا بما ظاهره التعارض من كلام النبي عليه الصلاة والسلام.

    أما الراسخون في العلم من أهل الإيمان والسنة، فإنهم يعملون بالمحكم بغير نزاع بينهم، ويؤمنون بالمتشابه ويمرونه كما جاء، ولا يردون على الله عز وجل شيئاً من كلامه، ولا على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من كلامه كذلك.

    وسنعرف ما هو المحكم في كلام الله، وما هو المتشابه بإذن الله تعالى.

    بيان معنى قوله تعالى (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه...)

    [ قالت عائشة رضي الله عنها: قال النبي عليه الصلاة والسلام في قول الله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ [آل عمران:7] إلى قوله الله تعالى: وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ [آل عمران:7]؛ قال: (فإذا رأيتم الذين يجادلون فيه فهم الذين عنى الله عز وجل فاحذروهم).

    يعني: إذا رأيت واحداً يتجادل ويتماحل ويتخاصم بمتشابه القرآن، فاعلم أنه زنديق أو منافق أو ملحد، فاحذره وفر منه فرارك من الأسد.

    وفي نفس الآية يقول الله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ [آل عمران:7] أي: شك وضلال وحيرة وتيه ومرض فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ [آل عمران:7] فهم دائماً لا يقصدون إلا المتشابه، ولا يسألون إلا عن المتشابه سؤال متعنت لا سؤال متعلم.

    قال: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ لماذا؟ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ [آل عمران:7] أي: تحريفه، يعني: يطلبون الفتنة.

    ولقد رأيت أحد هؤلاء الذين في قلوبهم زيغ يتتبع آيات القرآن الكريم المتعلقة بالشفاعة، ثم أخذ يتتبع آيات القرآن الكريم المتعلقة بعدة المرأة الحامل، وعدة المرأة المتوفى عنها، وبقية العدة في حق المرأة.

    وقال: هذا تضارب في قول الله عز وجل؛ مما يستبين معه للناقد البصير أن هذا الكلام ليس هو من عند الله عز وجل! هكذا تصور أنه ناقد بصير، فهو والله فقد بصيرته وبصره؛ لأن الكلام كلام الله عز وجل. [ قال: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران:7].

    فقال النبي عليه الصلاة والسلام حينئذ: (هم أهل الجدل في القرآن، وهم الذين عناهم الله عز وجل فاحذريهم يا عائشة !) ].

    [ وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه -أي: من القرآن- فأولئك ذكر الله عز وجل فاحذروهم) ].

    [ وعن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً في نفس الآية: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الراسخون في العلم الذين آمنوا بمتشابهه وعملوا بمحكمه) ]، حتى تعلم علامات أهل الصلاح أنهم إذا جاءتهم آية محكمة عملوا بمقتضاها ومفهومها وظاهرها، وإذا أتتهم آية متشابهة فوضوا وسلموا أمرها إلى الله، مع الإيمان الجازم بأنها كلام الله عز وجل، والله تعالى لا يتكلم عبثاً.

    [ وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا رأيتم الذي يجادلون فيه -أي: في القرآن- فهم الذي عنى الله عز وجل فاحذروهم).

    قال أيوب بن أبي تميمة السختياني : ولا أعلم أحداً من أهل الأهواء يجادل إلا بالمتشابه ].

    [ وعن ابن عباس في قول الله عز وجل: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ [آل عمران:7].

    قال: المحكمات: ناسخه وحلاله وحرامه وحدود وفرائضه، وما يؤمن به ويعمل به ].

    فإذا كان الناسخ من المحكم فالمنسوخ من المتشابه، والناسخ محكم لأن الناسخ هو النص اللاحق للعمل به، كما قال عليه الصلاة والسلام: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزورها فإنها تذكر بالآخرة).

    فقول جرير أو جابر رضي الله عنهما: (أن آخر الأمرين من النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يتوضأ مما مسته النار) يدل على أنه كان يتوضأ أولاً من كل طعام أعد في النار، ثم نسخ هذا بأنه عليه الصلاة والسلام كان يأكل مما مسته النار وطهي عليها ولم يتوضأ.

    وقد أعد العلماء كتباً للناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، والناسخ والمنسوخ لحديث النبي عليه الصلاة والسلام.

    فالناسخ من المحكمات والمنسوخ من المتشابهات، كما أن من المحكمات أيضاً الحلال والحرام والحدود والكفارات، وما يؤمن به المرء إيماناً جازماً، وكذلك من المحكمات الفرائض كالصلاة والصيام والزكاة والحج، وما أمر بأن يعمل به.

    [ فأما الذين في قلوبهم زيغ من أهل الشك فيحملون المحكم على المتشابه، والمتشابه على المحكم ]، أي: يخلطون بين هذا وذاك، [ ويلبسون ] أي: على العامة، [ كلام الله عز وجل، فيلبس الله تعالى عليهم، فأما المؤمنون فيقولون: آمنا به ]، مهما لبستم يا أهل البدع! فلن يعدو الإيمان الجازم بأن هذا الكلام من عند الله عز وجل منه الناسخ ومنه المنسوخ.

    [ فيقولون: (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا)، محكمه ومتشابهه ]، أي: يقولون: المحكم من عند الله والمتشابه من عند الله.

    [ وعن الحسن في قول الله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ [آل عمران:7]، قال: ابتغاء الضلالة ]، فالفتنة هنا: هي الزيغ والضلال.

    [ وعن أبي أمامة قال في قول الله تعالى: فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ [آل عمران:7] قال: الخوارج وأهل البدع ]، أي: هم الذين يتبعون متشابه القرآن دون محكمه.

    [ وعن قتادة قال: ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ [آل عمران:7] أي: ابتغاء الضلالة ]، كقول الحسن البصري تماماً بتمام.

    [ وفي قوله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا [آل عمران:7] كان قتادة يحيل هذه الآية على الخوارج وأهل البدع ].

    [ وعنه ]، أي: عن قتادة [ في قول الله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ [آل عمران:7]، قال: إن لم تكن الحرورية والسبئية فلا أدري من هم؟ ].

    وكأن الله تعالى عنى هؤلاء، لكن الآية عامة تشمل جميع أهل البدع والضلال.

    والحرورية: هم فرقة من فرق الخوارج، وسموا بذلك لأنهم نزلوا مكاناً يسمى حروراء فنسبوا إليه، أما السبئية فهم من غلاة فرق الشيعة، وهم أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي الذي تظاهر بالإسلام وقال إن علياً هو الله، حتى جمعهم علي وحرق كثيراً منهم.

    قال: [ ولعمري لو كان أمر الخوارج هدى لاجتمع ولكنه كان ضلالة فتفرق، وكذلك الأمر إذا كان من عند غير الله وجدت فيه اختلافاً كثيراً، فوالله إن الحرورية لبدعة, وإن السبئية لبدعة ما أنزلت في كتاب ولا سنهن نبي ].

    قال: (ولعمري لو كانت الحرورية حق لاجتمعت ولكنها تفرقت). وهذا شأن أهل الضلال والإضلال والإلحاد: تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى [الحشر:14]؛ لأن المسلمين اليوم يعتقدون أن اليهود والنصارى على قدم وساق يحبون بعضهم بعضاً! وفي الحقيقة أن اليهود لا يحبون أحداً قط؛ لأن قلوبهم سوداء حتى بعضهم البعض، فضلاً عن سواد قلوبهم تجاه النصارى، كما أن النصارى لا يحبون اليهود، ولا ينسون أبداً قتل اليهود لعيسى بن مريم على أصل معتقدهم في أن عيسى قتل وصلب، وأن الذي قتله وصلبه هم اليهود، فهم لا ينسون هذا الذنب لليهود، وبينهم من العداوة ما بينهم.

    ولذلك قال الله تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ [البقرة:113] فكل أهل ملة منهم يعتقد أن الآخر على الضلال البين، فلا حب بينهم، وهم في الوقت نفسه لا يحبون المسلمين، ولكنهم وإن تظاهروا بالقوة والاعتقاد والاتحاد وغير ذلك فلابد أن تعلم أن كل قلب منهم لوحده، ليس منهم اثنان على قلب رجل واحد؛ لأن الله تعالى هو الذي قضى بذلك: تَحْسَبُهُمْ [الحشر:14] وهذا الكلام موجه إلى نبينا عليه الصلاة والسلام، تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى [الحشر:14] أي: متفرقة ضالة متحيرة تائهة، لا تدري ماذا تفعل!

    [ وعن الربيع بن أنس في قول الله عز وجل: َأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ )[آل عمران:7] قال: شك ] .

    [ وعن مجاهد في قول الله تعالى: آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ [آل عمران:7]، قال: هي الحلال والحرام، وما سوى ذلك من المتشابهات يصدق بعضه بعضاً، وهو مثل قوله تعالى: وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ [البقرة:26]، وقوله تعالى: كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ [الأنعام:125]، وقول الله تعالى: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ [محمد:17]، وقوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ [آل عمران:7].

    الشبهات: ما أهلكوا به ]، فاتباع الشبهة من شأنه الوقوع في الهلكة، [ والراسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون: آمنا به ].

    بيان أن صفات الله من المحكمات

    كثير من الناس يعتقد أن صفات الله عز وجل من المتشابهات؛ اغتراراً بقول كثير من السلف: نؤمن بها ونمرها كما جاءت دون خوض فيها بتأويل أو تحريف أو تمثيل أو تكييف، فقالوا: هذا القول يشعر أن الصفات من المتشابهات، فمثلاً: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الفتح:10]، ذهب أهل التمثيل والتشبيه إلى أن لله يداً كيد المخلوقات؛ لأن الله تعالى ما خاطب العباد إلا بما يدخل في أفهامهم وتدركه عقولهم، فلما قال: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الفتح:10] دل على أن له يداً، وهذه اليد مثلوها بيد الإنسان. قلنا: هذا الكلام لا يستقيم لا من جهة النقل ولا من جهة العقل، والدليل على ذلك أن نقول: لم جعلنا يد الله تعالى كيد الإنسان خاصة؟ لم لا تكون كيد الحيوان أو الطير أو الحشرات؟ ولو سلمنا أنها كيد إنسان فهل يد كل إنسان كيد أخيه الإنسان؟ الجواب: لا، بل أحياناً تجد في يد الإنسان الواحد قصوراً في يد وطولاً في الأخرى، وضموراً في يد وسمنة في الأخرى.. وغير ذلك، فإذا كانت اليد في الشخص الواحد أحياناً تختلف، فكيف نقول بأن يد الله تعالى كالإنسان؟ فأي إنسان هذا الذي تشبه يده يد الله عز وجل؟! لابد أن نتوقف في الجواب.

    الأمر الثاني: أننا لا نستطيع تكييف الذات العلية لله عز وجل، ونعجز عن وصفها؛ لأنها لم تر لنا، وليس لها مثيل نقيس عليه، ولو أني قلت: هل رأى أحد منكم إبراهيم؟ تقولون: لا، أقول: إن إبراهيم يشبه محمداً في العين أو الفم أو الأنف أو الوجه أو اليد أو الساق.. أو غير ذلك، فإذا قلت: إن إبراهيم شبيه محمد فقد فهم المخاطب أوصاف محمد وأوصاف إبراهيم، ومحمد معلوم لدينا، لكن الله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

    فلما لم يكن له مثيل من خلقه ولا شبيه من خلقه ولا كفؤ من خلقه، فلا يمكن معرفة الله تعالى عن طريق القياس، ولا رأينا الله تعالى في الواقع، وإنما يراه المؤمنون في الآخرة، كما أنه كذلك لا يمكن قياس الذات العلية على ذوات المخلوقين فإذا عجزنا عن كيفية الذات، لابد كذلك أن نعجز عن كيفية الصفات؛ لأن الصفات لازمة للذات.

    والفريق الآخر المقابل للممثلة والمشبهة والمكيفة هم النفاة الذين قالوا في قوله: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الفتح:10]: لا يصح أن يكون لله يد، وفي مقدمتهم الجهمية، قالوا: لأن إثبات اليد لله تعالى تستلزم المشابهة، والله تعالى منزه عن ذلك، فلابد من تحريف الكلم عن مواضعه، ولابد من تأويل اليد هنا، فأولوها بالقوة، فلما أرادوا تنزيه الله عز وجل وقعوا في شر مما هربوا منه، وهو التعطيل.

    لكن أهل السنة والجماعة اعتبروا أن الصفات من المحكمات؛ لأننا نثبت لله ما أثبته لنفسه وما أثبته له رسوله، وننفي عن الله ما نفاه عن نفسه وما نفاه عنه رسوله عليه الصلاة والسلام، على المعنى اللائق بالله عز وجل.

    فالله تعالى أخبر أن له يداً وأخبر أن له قوة، فلا يستقيم قط أن أقول: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الفتح:10] أي: قوة الله فوق قوتهم؛ لأنني لو قلت ذلك وأولت وحرفت النص عن ظاهره، للزمني تعطيل صفة اليد، بل أنا أثبت اليد على المعنى اللائق بالله عز وجل، وأثبت القوة كذلك على المعنى اللائق بالله عز وجل؛ لأنها من صفات أفعاله، والله تعالى واحد في أفعاله، كما أنه واحد في ذاته، وواحد في أسمائه، واحد في صفاته، فإذا أثبتُّ أن له قوة أثبت القوة التي لا علاقة لها باليد التي هي من صفات الذات لله عز وجل، أما القوة فمن صفات الفعل لله عز وجل، وقوة الله تعالى لا تدانيها قوة ولا تضاهيها قوة، فأثبت اليد على المعنى اللائق بالله، وأثبت القوة على المعنى اللائق بالله عز وجل، ولم يخض أهل السنة والجماعة في معرفة كنه الصفة أو تكييف الصفة، وفوضوا كيفيتها إلى الله عز وجل؛ لأنه هو الذي يعلم ذاته ويعلم صفاته على الحقيقة.

    أما البشر فالواجب عليهم أن يؤمنوا بأن الله تعالى سمى نفسه بأسماء ووصف نفسه بأوصاف، وكذلك فعل رسوله عليه الصلاة والسلام، فيجب عليهم أن يؤمنوا بها ويمروها كما جاءت، يفوضون كيفيتها إلى الله عز وجل، أما علمها وحقيقتها فإننا نؤمن إيماناً جازماً أن الله تعالى له أسماء وله صفات.

    فتبين بعد هذا العرض السريع أن صفات الله عز وجل من المحكمات وليست من المتشابهات، وهذه جزئية لو لم نخرج هذه الليلة إلا بها لكفى؛ لأن كثيراً من طلاب العلم -بل أهل العلم الذين يصنفون كتبهم- يزعمون أن الصفات من الآيات المشتبهات، وليس الأمر كذلك.

    أما قول من قال: إن الصفات من المحكمات، فهو قول المحققين والمدققين من أهل العلم من المحدثين وغيرهم.

    تأديب عمر لصبيغ بن عسل الذي كان يسأل عن متشابه القرآن

    قال: [ قال سليمان بن يسار : إن رجلاً من بني سعيد يقال له: صبيغ بن عسل قدم المدينة وكانت عنده كتب، فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه، فبعث له وقد أعد له عراجين النخل -جريد النخل- فلما دخل عليه جلس فقال له: من أنت؟ قال: أنا صبيغ ، فقال عمر : وأنا عمر عبد الله، ثم أهوى إليه فجعل يضربه بتلك العراجين حتى شجه -أي: قطع لحم رأسه- فجعل الدم يسيل على وجهه فقال: حسبك يا أمير المؤمنين! فقد والله ذهب الذي كنت أجد في رأسي ].

    وهكذا كثير من الملاحدة، لكن لما لم يكن لدين الله عز وجل حماة في هذا الزمان، لا من الحكام ولا من المحكومين، لجأ أهل العلم الغيورون على دين الله عز وجل إلى الجدال ورد الشبهة، حتى إني لأعتقد أن كثيراً من المحاضرات والدروس وخطب الجمعة إنما هي رد فعل لكلام الملاحدة، على أية حال هو ضرب من ضروب العلم: لأن العلم أن أعلمك الشيء ابتداءً دون أن تسأل عنه حتى تعلمه، والوجه الثاني: أن تسأل عن شبهة طرأت عليك فأعلمك إياها وأردها عنك وأقيمك على الجادة، لكنه أمر مخجل جداً أن ينشغل أهل العلم الآن بالرد على هؤلاء الملاحدة، مما يدل على أن كل واحد من هؤلاء رفع عقيرته؛ لأن الراية الخضراء أمامه: افعل ما تشاء فهذا هو وقت استباحة المحرمات، ووقت الطعن في الثوابت التي تعلمها أطفال المسلمين قبل كبارهم!

    فنجد من ينازع في أصول الحج، وفي أصول الصلاة، وفي أصول الصيام، وفي أصول الزكاة، وهذه ثوابت لا يجوز زعزعتها من قلوب المسلمين رجالاً ونساءً، صغاراً أو كباراً، فنجد الآن من ينازع ويزعزع هذه الثوابت، حتى يأتي الرجل فيسأل عن شيء لا تملك أمامه إلا أن تضرب رأسك بالأرض أو بالحائط، كيف يسأل عن هذا؟! فيقول: الزنا قضية شخصية فلماذا حرمها الله عز وجل؟ فماذا تقول لهذا؟ هذا لا يصلح معه إلا عراجين النخل، لكن من يملك هذه العراجين الآن؟ لا أحد، فكأن حماة الدين في هذا الزمان يتامى لا أب لهم ولا أم، فقدوا كل سلطان على هؤلاء الملاحدة، بل لو غضبوا لله عز وجل وتمعرت وجوههم ولو مرة؛ لنسبوا إلى الجهاد والتطرف والتزمت.. وغير ذلك.

    وعلى أية حال هذه خطط ظنوها محكمة، لكنها بإذن الله تعالى أوهن من بيت العنكبوت، والله تعالى هو الذي يحمي دينه، وأنا أذكر بهذه المناسبة مقولة عبد المطلب في مواجهه أبرهة الأشرم حينما أتى ليهدم الكعبة، فأخذ الإبل والمتاع، فخرج إليه عبد المطلب وقال: أما الإبل فهي لي وأنا ربها، وأما البيت فله رب يحميه، نعم. فنقول: إن دين الله عز وجل هو دينه الذي ارتضاه وأنزله من السماء، وهذا الدين لا يزال ظاهراً، وطائفة قائمة يظهرونه إلى قيام الساعة، لا يضرها من خالفها من هؤلاء الملاحدة، حتى يأتي أمر الله تعالى وهم ظاهرون، وهم على ذلك.

    إيجاد السبل في تعلم منهج السلف في الرد على الملاحدة

    قال: [ وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: سيأتي أقوام يجادلونكم بشبه القرآن، فجادلوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله عز وجل ].

    أناس سيأتونكم يقولون: الله تعالى يقول مرة: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ [المزمل:9]، ومرة يقول: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ [الرحمن:17]، ومرة يقول: بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ [المعارج:40].

    فيقول: هل هناك مشارق ومغارب؟ هو مشرق واحد ومغرب واحد، إذاً: فما معنى مشارق ومغارب؟

    وإذا كانت المشارق والمغارب متعددة، فكيف يكون المشرق اثنين والمغرب اثنين؟

    ولو أن ملحداً سألك هذا السؤال فماذا تصنع؟ فلابد أن تجيب بكلام أهل العلم، فتكون قد قرأت في الكتاب الفلاني من كلام أهل العلم كيت وكيت وكيت، وهذا هو طالب العلم؛ ولخطورة هذا الباب الذي نحن بصدده أفضل أن ندرس كتيباً صغيراً، مقداره (40) صفحة من القطع الصغير، لكنه من أمتع ما يمكن أن تقرأ في المتشابهات وكيفية الرد على الملاحدة، وهو كتاب الرد على الجهمية، وصاحب هذا الكتاب هو الإمام أحمد بن حنبل ، وهو كتاب رائع، تقرأ فيه وأنت تبكي، من فرحتك برحمة الله بهذه الأمة أن جعل فيها هذا الإمام؛ لأن هذا الكلام كلام إنسان قد فتح الله عز وجل عليه يقينه.

    هذا نور إلهي بثه الله تعالى في قلب هذا العبد، ولذلك إن شاء الله تعالى في الدرس القادم سنتناول هذه الرسالة حتى نعلم حلاوة العلم، والتلذذ في طلبه، ونعرف كيف نرد على الملاحدة، وكيف يفكر الملاحدة؟ وما هي مادتهم؟ مادتهم المتشابهات، هي عندهم متشابهات لكنها عند أهل السنة من المحكمات، وسأبين هذا بإذن الله تعالى في الدرس القادم.

    1.   

    باب النهي عن المراء في القرآن

    الباب الثاني: [ باب النهي عن المراء في القرآن ]، أي: في باب الخصومة والمماحلة.

    [ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مراء في القرآن كفر) ].

    [ وعن عبد الله بن عمرو قال النبي عليه الصلاة والسلام: (دعوا المراء في القرآن. فإن الأمم لم يلعنوا حتى اختلفوا في القرآن ]، أي: في الكتاب الذي أنزل على نبيهم، [ وإن مراء في القرآن كفر) ].

    [ وعنه قال: (سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوماً يتدارءون في القرآن ]، أي: يتجادلون في كتاب الله، [ فقال: إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ضربوا كتاب الله بعضه ببعض، وإنما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضاً، فلا تكذبوا بعضه ببعض، فما علمتم منه فقولوا به، وما جهلتم فكلوه إلى عالمه) ]، أي: وما جهلتم منه فلا تسارعوا وتقولوا: هذا من المتشابه، بل قولوا: نحن لا نعلمه، فالذي تعلمه يقيناً وحقاً وصدقاً فقل به وأخبر به وعلم الناس، واعمل به أنت أولاً، والذي لم تبلغه العقول فينبغي أن تقول فيه: لا أعلمه، أو قل: الله أعلم.

    [ وعن أبي عمران الجوني قال: (كتب إلي عبد الله بن رباح : إن عبد الله بن عمرو قال: هجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ]، أي: ذهب إليه في الهاجرة، [ فقعدنا بالباب، فسمع رجلين اختلفا في آية من كتاب الله عز وجل، فارتفعت أصواتهما، فخرج صلى الله عليه وسلم من بيته مغضباً يُعرف الغضب في وجهه فقال: إنما هلك من كان قبلكم بالكتاب) ] يعني: فعلتم مثلما فعل الأولون، كانوا يضربون كلام الله بعضه ببعض، ويضربون آيات الله بعضها ببعض، فكان ذلك سبباً في هلاكهم، فلا تفعلوا فعلهم.

    [ وعن أبي أمامة قال: (بينما نحن نتذاكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ينزع هذا بآية وينزع هذا بآية) ]، في المجلس مذاكرة، كل واحد يتبنى في مسألة ما رأياً معيناً، فيأتي ليثبت صحة قوله بآية من كتاب عز وجل، والثاني يريد أن يثبت كذلك أن رأيه أصوب وأصح وأتم من رأي صاحبه، فيأتي بآية من كتاب الله عز وجل، فكأن هذا يضرب بآيته الآية الأولى، وذاك يضرب بآيته الآية الثانية، فهذا سبب لتضارب الآيات بعضها ببعض، وهذا جرى على يد الملاحدة والجهال، فمن كان جاهلاً فليكل العلم إلى الله عز وجل، ومن كان جاحداً أو منافقاً أو مبغضاً لكلام الله عز وجل يريد أن يحرف الكلم عن مواضعه؛ فليعلم أن لله تعالى جنوداً: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر:31]، تدافع عن كلامه، وتدافع عن سنة النبي عليه الصلاة والسلام.

    قال: [ (ينزع هذا بآية وهذا بآية، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما صب على وجهه الخل فقال: يا هؤلاء! لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض، فإنه يوقع الشك في قلوبكم، فإنه لن تضل أمة إلا أوتوا الجدل) ] يعني: أن الجدل علامة الضلال.

    [ وعن جندب بن عبد الله البجلي قال النبي عليه الصلاة والسلام: (اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فيه فقوموا عنه) ].

    [ وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار), وفي رواية: (من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ) ] أي: وإن أصاب.

    وهذا من باب القول على الله تعالى بغير علم، ومن باب تأويل كلام الله عز وجل بغير علم حتى وإن أصاب الحق؛ وذلك لأنه يحكم على كل إنسان أن يتكلم وأن يتأول وأن يفسر كلام الله عز وجل بغير علم، فمن تكلم بالقرآن برأيه واجتهاده، وليس من أهل الاجتهاد، ولا من أهل النظر والدراسة والبحث؛ فإن هذا معتد متجرئ على كلام الله عز وجل، حتى وإن أصاب.

    وإن ظن أن هذا ظاهر لكل أحد، وفسره بغير رجوعه لكلام أهل العلم، أو لسنة النبي عليه الصلاة والسلام؛ فإن هذا مخطئ وإن أصاب المراد من الآية، أو من الحديث النبوي؛ وذلك لأنه لا يجوز له أن يتكلم في دين الله عز وجل إلا ببينة قوية، وعلم أكيد متين.

    ألا ترون أن أحداً لا يجرؤ أن يصنع رسماً هندسياً لبناء عمارة، مع أن هذا أمر دنيوي لا يأثم فاعله، لكن تعارف الناس أن الذي يقوم بهذا العمل متخصص اسمه المهندس، كما لا يجرؤ أحد من عامة الناس وإن بلغ أعلى المراتب في الشهادات العلمية في الهندسة أو الكيمياء أو غير ذلك أن يدخل لإجراء عملية جراحية ليجري جراحة لإنسان، بل تراه يقول: ليس هذا عملي ولا تخصصي.

    فإذا كان الناس يحترمون هذه التخصصات في حياتهم العامة وحياتهم الدنيوية، فما بال الجميع الآن يعتقد أنه قد بلغ مرحلة الاجتهاد، فتجد الغبي والأحمق والعالم والجاهل، والمتخصص وغير المتخصص، لا يبرح مجلسه إلا وقد أجاب في مسائل هو غير متخصص فيها؛ هل الأدب قد غاب عن كثير من الناس، أو عن عامة المسلمين؟ فلا يتكلم أحد إلا بعلمه بالكتاب والسنة، فلو أن رئيسك في العمل أجلسك على مكتبه واستأمنك عليه حتى يرجع، فلو دخل عليك أحد بإمضاء ورقة أو بختمها لا تفعل، بل أنت لا تجرؤ أن تفعل، وإنما تنتظر صاحب المكتب، فلماذا تتجرأ على شرع الله عز وجل ولست أهلاً له؟

    1.   

    الأوجه التي ينصرف عليها المراء في القرآن

    [ قال ابن بطة : المراء في القرآن المكروه الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتخوف على صاحبه الكفر، والمروق عن الدين ينصرف على وجهين ].

    الوجه الأول قراءة القرآن على لهجات عربية متعددة، وكفى الله المؤمنين مئونته

    [ الأول: قد كان وزال وكفى الله المؤمنين مئونته، وذلك بفضل الله ورحمته، تم بجمع عثمان بن عفان رضي الله عنه الناس كلهم على إمام واحد باللغات المشهورة المعروفة؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان سأل الله عز وجل في القرآن فقال له: أقرئ أمتك على سبعة أحرف وكلها سيان -يعني: على سبع لغات العرب- كلها صحيحة فصيحة، إن اختلف لفظها اتفقت معانيها، فكان يقرئ كل رجل من أصحابه بحرف يوافق لغته، وبلسان قومه الذي يعرفونه، فكان إذا التقى الرجلان فسمع أحدهما يقرأ بحرف لا يعرفه وقد قرأ هو ذلك الحرف بغير تلك اللغة أنكر على الآخر، وربما قال له: حرفي خير من حرفك، ولغتي أفصح من لغتك، وقراءتي خير من قراءتك؛ فنهوا عن ذلك، وأقر الله عز وجل جميع هذه القراءات وقيل لهم: ليقرأ كل واحد منكم كما علم، ولا تماروا في القرآن فيقول بعضكم: حرفي خير من حرفك، وقراءتي أصوب من قراءتك، فإن كلاّ صواب، وكلام الله حق فلا تنكروه، ولا يرد بعضكم على بعض، فيكذب بالحق ويرد الصواب الذي جاء عن الله عز وجل، فإن رد كتاب الله والتكذيب بحرف منه كفر، فهذا أحد الوجهين من المراء الذي هو كفر قد ارتفع ذلك والحمد الله، وجمع الله الكريم المسلمين على الإمام الذي جمع المسلمون من الصحابة والتابعين على صحته وفصاحة لغاته، وهو المصحف الذي جمع عثمان بن عفان رضي الله عنه المسلمين عليه، وترك ما خالفه، وذلك باتفاق من المهاجرين والأنصار وأهل بدر والحديبية الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، وسأذكر الحجة فيما قلت، والله الموفق ].

    يذكر الحجة من حديث أبي بن كعب وهو في صحيح مسلم. [ قال أبي : (كنت في المسجد، فدخل رجل فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل رجل آخر فقرأ خلاف قراءة صاحبه، فقمنا جميعاً فدخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: قلت: يا رسول الله! إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل هذا فقرأ خلاف قراءة صاحبه، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرءا لي. فقرءا. فقال النبي عليه الصلاة والسلام: أصبتما) ]، مع أن كل واحد منهما قرأ قراءة تختلف عن قراءة الآخر، ومع هذا فقد صوبهما النبي عليه الصلاة والسلام، [ (فلما قال لهما النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كبر علي ولا إذ كنت في الجاهلية، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم الذي غشيني ضرب في صدري ففضضت عرقاً كأني أنظر إلى الله عز وجل فرقاً، ثم قال: يا أبي ! إن ربي أرسل إلي فقال: أن اقرأ على حرف، قال: فوددت أن أهون على أمتي، فأرسل إلي: أن اقرأ على حرفين، فوددت أن أهون على أمتي فأرسل إلي: أن أقرأ على سبعة أحرف، ولكل ردة مسألة يسألنيها. قال: قلت: اللهم اغفر لأمتي ثلاثاً، وأخرت الثالثة ليوم يحتاج فيه الخلق وحتى إبراهيم عليه السلام) ].

    هذا الحديث يبين أن النبي عليه الصلاة والسلام شفع عند ربه رحمة بأمته في اختلافهم في القراءة، فأذن الله تعالى له أن يقرأ على حرفين، ثم يقرأ على ثلاثة حتى قال: فاقرأ على سبعة، وهذه هي القراءات المتواترة، وما دونها شاذ لا اعتبار به.

    [ وقال أبو جهيم : (إن رجلين اختلفا في آية من القرآن فقال هذا: تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الآخر: تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألا النبي صلى الله عليه وسلم عنها؛ فقال: إن القرآن يقرأ على سبعة أحرف، فلا تماروا في القرآن، فإن مراءً فيه كفر) ].

    [ وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة، فدخلت المسجد فقلت: أفيكم من يقرأ؟ فقال رجل من القوم: أنا، فقرأ السورة التي أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يقرأ بخلاف ما أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله! اختلفنا في قراءتنا فتغير وجهه صلى الله عليه وسلم، فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف، فليقرأ كل امرئ منكم ما أقرئ) ] أي: فليقرأ كل امرئ منكم ما أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم.

    [ وفي رواية أخرى عن ابن مسعود قال: (قلت لرجل: أقرئني من الأحقاف ثلاثين آية، فأقرأني خلاف ما أقرأني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وقلت لآخر: أقرئني من الأحقاف ثلاثين آية، فأقرأني خلاف ما أقرأني الأول، فأتيت بهما رسول صلى الله عليه وسلم فغضب، وكان علي رضي الله عنه جالساً، فقال لهم: اقرءوا كما علمتم).

    قال الشيخ ابن بطة : فهذا بيان المراء في القرآن الذي يخاف على صاحبه الكفر، وقد كفي المسلمون بحمد الله المراء في هذا الوجه بإجماعهم على المصحف، الذي من خالفه ند وشرد وشذ، فلم يلتفت إليه ولم يعبأ الله عز وجل بشذوذه ].

    فهذا الوجه الأول: الاختلاف في القراءة، وإنكار كل صاحب قراءة صاحبه.

    فأنت قد تأتي إلى واحد يقرأ بقراءة ورش، والذي يقرأ بقراءة ورش يسمعك تقرأ بقراءة حفص في آية، ففي هذه الآية اختلاف في القراءات، فلا يحل لمن قرأ بقراءة ورش أن ينكر على من قرأ برواية حفص ، ولا يحل لمن قرأ برواية حفص أن ينكر على من قرأ برواية ورش ، وإلا لكان هذا تكذيباً منهما لكلام الله عز وجل، وجدالاً ومراءً في القرآن، والقرآن ثابت من هذين الوجهين.

    الوجه الثاني مراء أصحاب الأهواء والبدع في القرآن الكريم

    الوجه الثاني: [ وقد بقي المراء التي يحذره المؤمنون ويتوقاه العاقلون، وهو المراء الذي بين أصحاب الأهواء وأهل المذاهب المنحرفة والبدع الضالة، وهم الذين يخوضون في آيات الله، ويتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، هذا التأويل لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم ]، لكن أهل البدع والأهواء والمذاهب الضالة [ يتأولونه بأهوائهم ويفسرونه بأهوائهم، ويحملونه على ما تحمله عقولهم، فيَضِلون بذلك ويُضِلُّون من اتبعهم عليه ].

    [ قال الحسن : من فسر آية من القرآن برأيه فأصاب لم يؤجر، وإن أخطأ محي نور تلك الآية من قلبه ].

    انظر إلى هذا التهديد والوعيد!

    من فسر آية من القرآن برأيه فأصاب -أي: أصاب الحق- ليس له في ذلك أجر، وإن أخطأ فنور هذه الآية يمحى من قلبه، لماذا هذا كله؟ لأنه قال على الله تعالى بغير علم، وهذا حرام: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33]، وقال الله تعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء:36].

    [ وعن ابن الحنفية محمد بن علي قال: لا تجالسوا أصحاب الخصومات، فإنهم الذين يخوضون في آيات الله ].

    [ وعن مجاهد قال: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا [الأنعام:68] أي: يكذبون بآياتنا ].

    [ وقال ابن سيرين : إن أسرع الناس ردة أهل الأهواء، وكان يرى أن هذه الآية نزلت فيهم: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ [الأنعام:68].

    قال الشيخ: المراء في القرآن والخصومة فيه، والتعاطي لتأويله بالآراء والأهواء لإقامة دولة البدع وابتغاء الفتنة بغير علم كفر وضلال. نسأل الله العصمة من سيئ المقال ].

    [ وقال عبد الله بن الزبير : لقيني ناس من أهل العراق ]. ودائماً أهل العراق أهل فتن، وأيضاً أهل مصر.

    قال: [ لقيني ناس من أهل العراق فخاصموني في القرآن، فوالله ما استطعت بعض الرد عليهم، وهبت المراجعة ]، أي: خفت أن يراجعوني في القرآن، [ فشكوت ذلك إلى أبي الزبير ]، يعني: شكا ذلك إلى والده، [ فقال الزبير : إن القرآن قد قرأه كل قوم فتأولوه على أهوائهم، وأخطئوا مواضعه ].

    فالخوارج يقرءون الآية ويفسرونها على أهوائهم، والشيعة يقرءون نفس الآية ويفسرونها على أهوائهم وعلى النحو الذي يؤيد بدعتهم.

    وقد ورط أهل العراق مرة ابن الجوزي في درس، وابن الجوزي كان واعظاً، وشأن الوعاظ في كل زمان ومكان أنهم لا يحبون أن يميلوا ميلة واحدة ولو عن أصحاب الباطل؛ حتى يكسبوا جمهوراً عظيماً.

    فـابن الجوزي عليه رحمة الله ما كان يحب أن يتعرض لمثل هذه القضايا، فسئل ذات مرة: أيهما أفضل: عمر أم علي ؟ فتصرف بذكاء وقال: أفضلهما من كانت ابنته تحته. وسكت، فالشيعة قالوا: إنه يقصد علياً ؛ وذلك لأن ابنة النبي صلى الله عليه وسلم تحت علي ، والآخرون قالوا: إنما يقصد عمر ؛ وذلك لأن حفصة ابنة عمر كانت تحت النبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا أهل البدع يتأولون الكلام على ما يؤيد بدعتهم، وإذا كان الكلام محمولاً على الوجه الآخر فإنهم لا يحملونه إلا على وجه واحد، وهو ما يؤيد بدعتهم.

    [ قال الزبير: إن القرآن قد قرأه كل قوم فتأولوه على أهوائهم وأخطئوا مواضعه، فإن رجعوا إليك فخاصمهم بسنن أبي بكر وعمر ، فإنهم لا يجحدون أنهما أعلم بالقرآن منهم. قال عبد الله بن الزبير : فلما رجعوا فخاصمتهم بسنن أبي بكر وعمر ، فوالله ما قاموا معي ولا قعدوا ]؛ وذلك لقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن أهل البدع يجادلونكم بمتشابه القرآن فخذوهم بالسنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا؛ لماذا؟ لأنهم قالوا بالرأي.

    ولذلك [ قال ابن عباس : إياكم والرأي فإن الله عز وجل رد الرأي على الملائكة، وذلك أن الله تعالى قال للملائكة: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً [البقرة:30] فقالت الملائكة: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ [البقرة:30] فقال الله تعالى: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ [البقرة:30]، وقال الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ [المائدة:49]، ولم يقل احكم بينهم بما رأيت ]. وإنما بالوحي.

    [ وعن عوف بن مالك الأشجعي : قال النبي عليه الصلاة والسلام: (تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم؛ فيحلون الحرام ويحرمون الحلال) ] وهذا النص تنازع أهل العلم في ثبوته، لكنه في الجملة يشهد لما قلناه.

    وبهذا ينتهي هذا الباب، ويبقى لنا إتماماً للفائدة، وتجلية لحقيقة الأمر، وإعظاماً لخطورة هذا الباب أن ندرس في الدرس القادم بإذن الله تعالى كتاب الرد على الجهمية، وربما نتبع هذا الكتاب بكتاب آخر، وهي رسائل صغيرة لا تعدو محاضرات محدودة، حتى نعلم كيف يفسر أهل الأهواء والبدع، ثم ندرس هذه الشبه ونحفظها حفظاً؛ لأنها لا تزال تطرح على مسامع المسلمين بين فينة وفينة؛ حتى يكونوا منها على حذر.

    وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً.

    1.   

    الأسئلة

    الحث على قراءة بعض التفاسير الميسرة لكتاب الله عز وجل

    السؤال: نريد أن نفرد درساً في معاني أسماء الله تعالى، هذا لأنه قد كفر قوم بالله، وهم من أهل الضلال والبدع؟

    الجواب: أكثر من واحد يتكلم في صفات الله عز وجل وفي أسمائه، فقلنا: يجوز أن يجلس مجموعة من الإخوة ثم يقرءون سورة من القرآن، وكل واحد يقول ما خطر بباله من تفسير لآياتها، وما الذي يعجزهم لو أنهم أتوا بتفسير ابن كثير ، وإذا قرءوا سورة أو ربعاً من سورة يتعلمون تأويل هذه السورة أو هذا الربع من كلام أهل العلم.

    وإن أيسر تفسير وأوثق تفسير هو تيسير الكريم الرحمن للشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي ، وهو في أربعة مجلدات بالخط الكبير، أو مجلد واحد مطبوع حديثاً يضم التفسير كله، وكذلك المصحف المفسر للشيخ حسنين مخلوف ، لكن تفسير الشيخ السعدي أوثق وأيسر، وهو أيضاً يتكلم في العقيدة ويرد على أهل البدع، فيمكن أن يكون ورداً لأهل العلم، فهو كان عالماً سلفياً، يغفر الله للجميع، فلا بأس أن تجعل لك ورداً في كل يوم وليلة من كتاب الله عز وجل، وإذا كنت تؤم الناس في مسجد فالإمامة فرصة في أن تشتري هذا الكتاب بثمن زهيد من معرض الكتاب، وتقرأ بعض الآيات في صلاة الفجر مثلاً، ولا بأس أن تقرأ تفسيرها بعد الصلاة من هذا التفسير، فهو تفسير ميسر، واسمه: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي .

    رد علي رضي الله عنه على الرجلين اللذين اختلفا في القرآن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم

    السؤال: هل رد علي رضي الله عنه على الرجلين اللذين جاءا وقد اختلفا يعد تقديماً بين يدي الله ورسوله؟

    الجواب: ألا تعلم أن معنى التقديم في قول الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [الحجرات:1] أي: لا تخالفوا كلام الله وكلام رسوله، فالتقديم بين يدي الله ورسوله هو المخالفة لقول الله وقول رسوله، وعلي بن أبي طالب رضي عنه لما اختلف هذان الاثنان بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام قام وقال: ليقرأ كل واحد منكما كما علم.

    وهذا صح مرفوعاً عنه عليه الصلاة والسلام، فليس هذا تقديماً من علي رضي الله عنه بين يدي نبينا عليه الصلاة والسلام.

    لفظ (عليه السلام) مصطلح مخصوص بالأنبياء، وقد يكون لفظاً عاماً

    السؤال: ذكر الإمام ابن بطة لفظ: (عليه السلام) بعد ذكر علي بن أبي طالب . نرجو تبيين ذلك؟

    الجواب: إن لفظ (عليه السلام) في الحقيقة هو له ولغيره من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام والصالحين من التابعين وغيرهم عليهم منا الرحمة والسلام.

    ولكن قلنا: إن هذا مصطلح مخصوص بالأنبياء، وتجوز بعض أهل العلم في إطلاقه على آل البيت أو على الخلفاء الراشدين أو غيرهم، لكن أن يطلق على آل البيت فقط فهذا بلا شك مخالف لجماهير علماء السنة.

    وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756486887