إسلام ويب

العدة شرح العمدة [62]للشيخ : أسامة سليمان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • القرض من الأمور التي فيها رفق بالناس، وعلى ذلك فلا يجوز فيه أن يشترط المقرض على المقترض منفعة كأن يسكنه داره، أو يقضيه خيراً منه، أو أن يبيعه أو يشتري منه، أو يؤجره أو يستأجر منه، أو يهدي إليه، أو يعمل له عملاً.. ونحو ذلك.

    1.   

    أحكام القرض

    إجماع المسلمين على جواز القروض واستحبابه

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أما بعد.

    فلا زلنا مع كتاب: (العدة شرح العمدة)، باب: (القروض وغيره).

    قال: [ أجمع المسلمون على جوازه واستحبابه للمقرض ]، أي: أن المسلمين قد أجمعوا على جواز القرض وعلى استحبابه للمقرض.

    قال: [ وهو من المرافق المندوب إليها، وروى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم يقرض قرضاً مرتين إلا كان كصدقة مرة) رواه ابن ماجه ، وعن أبي رافع : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكراً؛ فقدمت إبل الصدقة فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فرجع إليه أبو رافع فقال: لم أجد فيها إلا خياراً رباعياً، فقال: أعطوه، فإن خير الناس أحسنهم قضاء) ].

    في هذا الحديث دلالة على أنه يجوز للمقترض أن يرد للمقرض أكثر مما استقرض منه، بشرط أن لا يكون المقرض قد اشترط ذلك، فلو أن رجلاً استلف من آخر (10000) ريال لموعد محدد، ولم يشترط عليه أي زيادة، فجاء وقت السداد وأعطاه المبلغ مع الزيادة، جاز ذلك، وإن اشترط عليه الزيادة فذلك ربا لا يجوز؛ للحديث السابق.

    وجوب رد المثل على من اقترض شيئاً

    قال: [ ومن اقترض شيئاً فعليه رد مثله، فيجب رد المثل في المكيل والموزون؛ لأنه يجب مثله في الإتلاف ففي القرض أولى ].

    والمعنى: إذا اقترض رجل من آخر إردباً من الأرز مثلاً لزمه رد المثل، وإن أتلف لرجل شيئاً معيناً فعليه أن يلتزم بمثله.

    قال: [ فإن أعوزه المثل -أي: أعجزه- فعليه قيمته حين أعوزه؛ لأنها حينئذ ثبتت في الذمة، وفي الجواهر ونحوها ترد القيمة؛ لأنها من ذوات القيمة؛ وفي ما سوى ذلك وجهان: أحدهما: ترد القيمة؛ لأن ما أوجب المثل في المثلي أوجب قيمته في غير كالإتلاف.

    والثاني: يرد المثل ]؛ لحديث أبي رافع السابق، وفيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم اقترض ناقة بكراً من رجل، فلما جاءت إبل الصدقة أمر أن يقضي الرجل بكره)، بخلاف الإتلاف فإنه عدوان.

    جواز رد القرض بأفضل منه

    قال: [ ويجوز أن يرد خيراً منها، يعني: خيراً مما أخذ لخبر أبي رافع ].

    أي: أنه يجوز أن يرد خيراً مما أخذ، فإذا اقترض من رجل -مثلاً- تمراً رديئاً جاز رده جيداً، وهذا في التعامل الربوي لا يجوز.

    جواز اقتراض التفاريق وردها جملة إذا لم يشترط المقرض

    قال: [ ويجوز أن يقترض تفاريق ويرد جملة إذا لم يشترط ].

    أي: إذا أخذ رجل من آخر (1000) جنيه قرضاً على دفعات متفرقة، كأن أعطاه 200 ثم 200 ثم 300 ثم 200 وهكذا، وشرط القرض على المستقرض أن يرده دفعة واحدة فلا يجوز ذلك، إنما لو أقرض ولم يشترط جاز؛ لأنه لا يأتي بأي نفع للمقرض، ولذلك يقول: [ لأنه إذا اقترض متفرقاً صار عليه جملة، فإذا رد جملة فقد أدى ما عليه من غير زيادة ولا نقصان، ويصير كما لو اقترض جملة ورده بالتفاريق فإنه يجوز لذلك، ولا يجوز ذلك بشرط؛ لأن فيه نفعاً للمقرض ].

    حكم تأجيل المقترض الدينَ إذا حان أجله

    قال: [ وإن أجله لم يتأجل؛ لأنه يثبت في الذمة حالاً، والتأجيل في الحال عدة وتبرع فلا يلزمه كتأجيل العارية ].

    أي: إن جاء موعد سداد الدين وأراد المقترض أن يؤجل السداد فلا يجوز له؛ لأن الله تعالى يقول: إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [البقرة:282]، فالذي يؤجل سداد الدين هو المقرض من باب الفضل والإحسان، لكن لا يجوز للمدين أن يؤجل؛ لأنه ليس له الحق في ذلك.

    النهي عن قرض جر منفعة للمقرض

    قال: [ ولا يجوز شرط شيء ينتفع به المقرض نحو أن يسكنه داره، أو يقضيه خيراً منه، أو أن يبيعه، أو يشتري منه، أو يؤجره، أو يستأجر منه، أو يهدي إليه، أو يعمل له عملاً ونحو ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى عن بيع وسلف) ].

    أي: إن اشترط المقرض على المقترض شيئاً ما، كأن يسكنه داره، أو يشتري منه، أو يؤجره، أو يستأجر منه، فلا يجوز ذلك؛ لأن أي قرض جر منفعة فهو ربا، ولذلك قال المصنف: [ وعن أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس : أنهم نهوا عن قرض جر منفعة، ولأنه عقد إرفاق وشرط ذلك فيه يخرجه عن موضوعه ].

    جواز القرض بشرط الرهن أو الكفيل

    ثم قال: [ إلا أن يشترط رهناً أو كفيلاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رهن درعه على شعير أخذه لأهله ].

    أي: إلا إذا اشترط الدائن على المدين أن يرهن شيئاً عنده، كأن يقترض أحدهم (1000) جنيه من آخر، وطلب هذا الآخر رهناً بقيمة الدين، جاز ذلك، أو طلب كفيلاً يضمن على الإتيان به في الوقت المحدد، والفرق بين الكفيل والضامن: أن الكفيل يضمن البدن، والضامن يضمن الدين.

    النهي للمقرض عن قبول هدية المقترض إلا أن يكون بينهما عادة

    قال: [ ولا يقبل هدية المقترض إلا أن يكون بينهما عادة بها قبل القرض ].

    بمعنى: أن المقترض إذا أعطى المقرض هدية فلا يقبلها، طالما أنه ليس بينهما عادة، إنما لو كانت بينهما عادة فيقبلها، أي: كأن اعتاد فلان على أن يعطي فلاناً هدية في كل عيد فطر، ثم احتاج قرضاً فأخذ منه، وفي يوم العيد أعطاه هدية، فإن ذلك لا يضر طالما أنها عادة، لكن لو أنه اشترط عليه ذلك فهذا لا يجوز؛ لأن رد القرض بمنفعة لا يجوز.

    يقول: [ لما روى ابن ماجة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أقرض أحدكم قرضاً فأهدى إليه أو حمله على الدابة فلا يركبها ولا يقبله إلا أن يكون قد جرى بينه وبينه قبل ذلك) ].

    وخلاصة الكلام: أنه لا يجوز أن يجر القرض نفعاً إلا أن يكون عن طيب نفس من صاحبه، عند ذلك يجوز أن يؤدى القرض وزيادة طالما أنه لم يشترط، وعليه فالعبرة بالاشتراط من عدمه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756536774