وهي سنة ثابتة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه عق عن الحسن والحسين.
[ تاركها مع القدرة لا يأثم ]، وهذا هو الراجح من أقوال العلماء.
العقيقة من عق، وعق أي قطع، ومنها عقوق الوالدين، ومعنى عقوق الوالدين أي مقاطعة الوالدين، فالعقيقة تُذبح عن الغلام تفاؤلاً بقدومه نفس بنفس، ولذلك في الحديث: (كل مولود مرهون بعقيقته) مرهون: أي محفوظ من أذى الشيطان بالعقيقة، ولذلك إن لم يعق أباك عنك عُق عن نفسك الآن مع كبر سنك.
وهي الذبيحة عن المولود، وهي سنة.
وقد اختلف العلماء فيما لو ولد الغلام أو الجارية بعد أربعة أشهر ميتاً، فمنهم من قال: لا يعق عنه باعتبار أنه ولد ميتاً، ومنهم من قال: يعق عنه باعتبار أنه اكتمل خلقه، والرأي الثاني هو الذي يميل إليه الشيخ ابن عثيمين : أنه يعق عنه طالما أنه اكتملت مراحل الخلق في بطن أمه.
ولو نزل من بطن أمه حياً ثم مات بعد اليوم السابع فيعق عنه بإجماع العلماء؛ لأن العقيقة في اليوم السابع، وهو استمر إلى بعد السابع فيعق عنه.
ولو نزل من بطن أمه حياً ثم مات في اليوم الرابع، هل يعق عنه أم لا؟
هذا فيه خلاف، والراجح أنه يعق عنه؛ لأنه نزل حياً من بطن أمه.
فلو قال قائل: سأذبح ديكاً، فلا يجزئ، بل لا بد من أن تذبح من بهيمة الأنعام.
قال: [ ومواطن الخلاف بين الذكر والأنثى متعددة ففي الشهادة: فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى [البقرة:282] ] معنى ذلك: أن شهادة الرجل على المثلين من شهادة المرأة، والعجيب أن الطبري في التفسير قال: فَتُذَكِّرَ أي: تجعلها ذكراً، وفي الأصل أن تذكّر بمعنى أنها تذكرها من نسيانها، وهذا من الأقوال التي أخذها العلماء على الطبري في تفسيره.
كذلك من مواطن الخلاف بين الذكر والأنثى: أنه ليس على المرأة جمعة، وليس لها أن تؤذن، ولا أن تقيم، ولا أن تؤم الرجال، ولا أن تخطب الجمعة.. هذا كله يختص بالرجال، والنبوة لا تكون إلا للرجال وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ [يوسف:109] فالأنبياء رجال؛ لأن الله قال: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا [النساء:34] حتى بعد الميلاد إن بال الذكر على ثوبك قبل فطامه فينضح، وإن كانت أنثى يُغسل، فبول الجارية يُغسل وبول الذكر يُنضح، لحديث أم قيس في البخاري ، وهذا قبل الفطام، أما بعد الفطام فكلاهما يُغسل.
هذه بعض الفروق الشرعية بين الذكر والأنثى، وربنا يقول: وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى [آل عمران:36]، لكن في زماننا أرادوا للذكر أن يكون أنثى، نسأل الله العافية، ولا أدري أيريدون للرجال أن يحيضوا في زمن يحيض فيه البعض! نسأل الله العافية.
فهم يقولون المساواة، ما معنى المساواة؟ الذي خلق الذكر هو الله، والذي خلق الأنثى هو الله، وقال: وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى [آل عمران:36] فهذا له صفات وهذه لها صفات، إنما المساواة دعوى كاذبة يتبناها بعض العلمانيين في هذا الزمن، حتى قالت إحداهن -وهي معروفة بأقوالها التي تناقض الشريعة-: إن الإسلام أعطى للأنثى النصف يوم أن كانت تقتل، أما الآن فهي تزاحم الرجال في الأعمال، فلا بد من إعادة النظر في أحكام المواريث.
إذاً: هنا لابد من تعديل صورة النساء استجابة لرغبة العارفة بالله، نسأل الله العافية.
ما هي العلة في اختيار اليوم السابع؟
القول الأول: أنه محبوس عن أذى الشيطان بعقيقته، فيحفظه الله من أذى الشيطان، هذا معنى.
القول الثاني: تفاؤلاً بأن أيام السنة كلها مرت عليه، أي أنه إن ولد يوم السبت يُعق عنه يوم الجمعة، فقد مر عليه السبت والأحد وجميع أيام الأسبوع، وهل أيام السنة إلا هذه الأيام المعروفة؟ تفاؤلاً في أن يعيش هذا الغلام، وهذا قول بعض العلماء.
القول الثالث: العدد سبعة هو نهاية الآحاد، والعدد سبعين هو نهاية العشرات، ولذلك قال الله سبحانه وتعالى: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ [التوبة:80] والعدد (سبعين) لا مفهوم له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو أعلم أني لو زدت عن السبعين لغُفر لفعلت)، فيكون هذا كناية عن الكثرة، فالعرب قديماً كانوا يعتبرون العدد سبعة هو نهاية الآحاد، ولذلك جاء العدد سبعة في أكثر الأصول الشرعية ليبين أنه نهاية الأعداد ولا مفهوم له: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) هل الحديث مقصور على هؤلاء السبعة؟
الشيخ العفاني حفظه الله له كتاب: ترطيب الأفواه بذكر من يظلهم الله، وقد وصلوا إلى السبعين، وابن حجر العسقلاني من قبله له كتاب من يظلهم الله تحت عرشه، فليس المقصود بهم هؤلاء السبعة فقط، كذلك الشيخ عطية سالم رحمه الله له كتاب أيضاً فيمن يظلهم الله تحت عرشه.
إذاً العدد سبعة لا مفهوم له، وعلى هذا جاءت بعض النصوص، وفي بعض النصوص العدد سبعة مقصود لذاته، مثل قول ربنا سبحانه: لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ [الحجر:44] فلا يقول أحد: إن هذا العدد لا مفهوم له، وإنما هي بالفعل لها سبعة أبواب، وللجنة ثمانية أبواب، فالعدد سبعة هنا قال عنه العلماء: لأنه كمال الآحاد.
كما أقول لك حين تطلب مني مسألة: إن سألتني ألف مرة فلن ألتفت إليك، فهل هذا العدد كناية عن الكثرة أم أن العدد مقصود لذاته؟ العدد هنا أريد به الكثرة ولم يقصد لذاته.
إذاً: قال بعضهم: العقيقة في اليوم السابع أولاً: تفاؤلاً بأن أيام العام مرت على المولود، ثانياً: أنه نهاية الآحاد.
ولذلك ربنا يقول: سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا [الحاقة:7]، وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ [لقمان:27] فالسبعة هنا ليست مقصودة لذاتها، وإنما نهاية للآحاد، ولو أن البحر يمده من بعده مائة ألف بحر ما نفدت كلمات الله، فالسبعة ليست مقصودة لذاتها، وإنما العدد أحياناً يكون لا مفهوم له.
ولو أن رجلاً أراد أن يعق عن ولده فاشترك في بعير بالسبع فإن ذلك لا يجزئ؛ لأنه لا بد من نفس مقابل نفس، وهنا حدث التشريك، فاذبح شاة بدلاً من أن تدخل شريكاً في بدنة.
قال: [عن الغلام شاتان متكافئتان وعن الجارية شاة] في اليوم السابع، فلو ولد الغلام يوم السبت يعق عنه يوم الجمعة، ولو ولد يوم الجمعة يعق عنه يوم الخميس، ولو ولد يوم الخميس يعق عنه يوم الأربعاء وهكذا.
قال: [ قالت عائشة رضي الله عنها: السنة شاتان متكافئتان وعن الجارية شاة، تطبخ جدولاً، ولا يكسر عظمها، ويأكل ويطعم ويتصدق ].
ومعنى لا يكسر عظمها، أي تطبخ كما هي تفاؤلاً بعدم كسر المولود.
وهنا مسألة: لو قال قائل: هل يجوز أن أقترض لذبح العقيقة؟
فنقول: إن كنت مليئاً قادراً على الوفاء بالدين يجوز، ولا مانع أن تقترض ثمن العقيقة ثم توفي بعد ذلك، أما إذا كنت لا تمتلك ثمناً على الإطلاق لا الآن ولا فيما بعد فلا يجوز أن تقترض.
قال: [ ويأكل ويطعم ويتصدق ] أي يأكل منها، ويتصدق، والعقيقة لا يشترط فيها أن يطعم الفقراء، إنما هي دعوى عامة للأغنياء والفقراء والأقارب والأرحام فالكل يأكل ولا حرج.
قال: [ وذلك في اليوم السابع، ويُحلق رأسه ] هذا بالنسبة للذكر وليس للأنثى، فليس هناك دليل على حلق شعر الأنثى في اليوم السابع.
[ يُحلق رأسه، ويتصدق بوزنه ورقاً ] أي فضة.
ولو قرر الأطباء أنه لا يحلق يُقدّر ويتصدق بثمنه فضة.
والشيخ ابن عثيمين يرى وهو رأي بعض العلماء: أن الحلق هو بالنسبة للذكر؛ لأن الأنثى لا تحلق، فالأصل فيها عدم الحلق.
ثم قال: [ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين رضي الله عنهما بكبش كبش، وأنه تصدق بوزن شعرهما ورقاً، فإن فات ففي أربعة عشر، فإن فات ففي إحدى وعشرين، لما روى بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في العقيقة: (تُذبح لسبع، ولأربع عشرة، ولإحدى وعشرين).
وينزعها أعضاء ولا يكسر لها عظماً؛ لحديث عائشة ، وحكمها حكم الأضحية فيما سوى ذلك قياساً عليها ].
أي أنه لا بد أن تجزئ أن تكون أضحية، أي العمر عمر أضحية، والمواصفات مواصفات أضحية، فالعوراء والتولاء والعرجاء لا تجزئ في العقيقة، ولابد أن تبلغ ستة أشهر إذا كانت من الضأن، وإذا كانت من الماعز فسنة، وإذا كانت من الإبل فخمس سنين، وإذا كانت من البقر فتبلغ سنتين.
ومعنى تجزئ أضحية أي أن شروط الأضحية تنطبق على العقيقة، فالعوراء والعمياء والتولاء والعرجاء والعضباء والهتماء والجرباء كلها لا تجزئ، كذلك في العمر لا بد أن يكون عمرها كعمر الأضحية.
إلى هنا انتهى مبحث العقيقة في عجالة سريعة.
الشيخ: لا يجوز، وهذا من سوء الأدب، فلا يجوز أن يوضع المصحف بين الأحذية ولا على الأرض، فبعض الناس يضع المصحف على الأرض عند الصلاة كما ترون، أو يضع المصحف على حاملة الأحذية، فهل هذا يجوز يا عباد الله؟ فلا بد لنا من أن نعظّم كتاب الله عز وجل.
الجواب: هذا السؤال يأتي كثيراً في عيد الأضحى، فبعض الناس يريد أن يلبّس الأضحية بالعقيقة، هذا نسك وهذا نسك، ولا يجوز أن تذبح العقيقة بنية الأضحية، فتسد عن الأضحية والعقيقة معاً.
الجواب: لا يجزئ هذا، فهذا تلفيق.
الجواب: هذا من السنة، وإن لم يكونا متكافئتين فلا حرج.
الجواب: يقضى الدين أولاً قبل العقيقة، فالدين مقدم على العقيقة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي قتادة كان لا يصلي على جنازة إذا كان عليها دين، ولكن هذا في السابق وبعد هذا قال صلى الله عليه وسلم: (من ترك مالاً فلورثته، ومن ترك ديناً أو ضياعاً فإلي وعلي) وهذا بعد الفتوحات الإسلامية.
الجواب: يعق عنه في مصر فيرسل ثمن العقيقة، وفتوى الدكتور القرضاوي أنه يجوز أن يوزع ثمن العقيقة لفلسطين، وهذه فتوى لم نسمع بها في الملة الأولى إن هذا إلا اختلاق، فلا يجزئ إلا الذبح.
الجواب: لا، إنما عن كل مولود كبشين إن كانا ذكرين، أي أربعة عن الذكرين.
الجواب: النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين، وأفضل الأضحية هي الإبل؛ لأن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم تخرج بالتيسير على الأمة، فلو أنه ضحى بإبل للزمنا أن نضحي بإبل، فهو يفعل الأيسر للأمة.
أفعال النبي صلى الله عليه وسلم لا بد أن نفهمها، فقد يفعل لبيان الجواز، وقد يفعل الأيسر، رغم أنه أوصى بالأعلى، وجمهور العلماء على أن أفضل الأضحية هي الإبل؛ لأن الحديث: (من جاء في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة) ثم جعل الساعة قبل الأخيرة للكبش، فالإبل مقدمة على الكبش، لكن الخلاف بين العلماء قائم في العقيقة: هل الأفضل الشاة أم الإبل؟
ولكن جمهور العلماء على أن الأفضل في العقيقة الشاة.
الجواب: نعم ينضح؛ لأن هذا لا يُشترط فيه اللبن الطبيعي.
الجواب: لا، وإنما من باب الاستحباب، والشيخ ابن عثيمين يرى أن عدم كسر العظم من باب التوسع في التفاؤل فقط.
نكتفي بهذا القدر، وجزاكم الله خيراً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر