أما بعد:
أيها الإخوة الكرام الأحباب! طبتم جميعاً وطاب ممشاكم إلى بيت الله عز وجل، وأسأل الله سبحانه بفضله وكرمه أن يجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، وألا يجعل فينا ولا منا شقياً ولا محروماً، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
لا زلنا مع كتاب العدة شرح العمدة للإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي الحنبلي رحمه الله تعالى، ومع باب: صلاة التطوع، وهذا الباب مهم؛ لأنه يرتبط بعبادة متكررة.
قال رحمه الله: [ وهي على خمسة أضرب ] أي: أنه قسم التطوع إلى خمسة أنواع: [ أحدها: السنن الراتبة ].
ومعنى قوله: السنن الرواتب أي: السنن التي ليست مطلقة وإنما هي مقيدة بالفرض ولها صفة الرتابة، أي: الاستمرار.
لذلك قال: [ وهي عشر ركعات ]، أي: أن السنن الرواتب عشر ركعات، وهناك خلاف بين حديثين: أحدهما لـابن عمر قال فيه: إنها عشر ركعات، والآخر لـعائشة رضي الله عنها أنها اثنتي عشرة ركعة، والخلاف بينهما في سنة الظهر، كما سأبين إن شاء الله تعالى.
قال: [ قال ابن عمر: (حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح، كانت ساعة لا يدخل فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها)، وحدثتني حفصة : (أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين)، متفق عليه.
وآكدها ركعتا الفجر؛ قالت عائشة: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن على شيء من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر)، وقال: (ركعتا الفجر أحب إلي من الدنيا وما فيها)، رواه مسلم ، ويستحب تخفيفهما ].
النافلة تعد بمثابة سياج حفظ للفريضة؛ لأنه إذا أصابك الفتور فيؤثر على النافلة، وإن لم يكن هناك نافلة وأصابك الفتور فيؤثر على الفريضة، فالنافلة بمثابة حفظ للفريضة.
ثانياً: النافلة تعتبر تمهيداً للدخول إلى الفريضة، كصيام أيام من شعبان تمهيداً للدخول في صيام رمضان.
ثالثاً: النافلة سبب لحب الله، قال تعالى في الحديث القدسي: (ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)؛ لأنه يزيد على جنس الواجبات من جنسها المستحبات، قال ابن تيمية رحمه الله: الولي هو الذي يفعل الواجبات، ويضيف إليها المستحبات، ويتجنب المحرمات والمكروهات، ويترك بعض الأمور المباحة لأجل رضا ربه عز وجل.
ومن المستحبات: السنن النوافل، كركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما في بيته؛ لأن من السنة أن تجعل لبيتك نصيباً من الصلاة لا سيما صلاة النوافل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً)، وقد استنبط العلماء من هذا الحديث أن القبور لا يصلى فيها ولا يقرأ فيها القرآن، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين بعد العشاء في بيته، أما ركعتا الفجر وهما آكد السنن فقد كان صلى الله عليه وسلم يصليهما في بيته ويخفف فيهما، ولذلك يستحب فيهما التخفيف، وكان يقرأ فيهما بسورتي (الكافرون والإخلاص)، كذلك ركعتا المغرب.
قال: [ ويستحب تخفيفهما ] أي: ركعتا الفجر، فإن ذلك من السنة.
قال: [ لأن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفف الركعتين قبل الصلاة، حتى أقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن؟)، أخرجه أبو داود ].
وهذا يشير إلى التخفيف، وليس معناه السرعة والنقر، إنما كان عليه الصلاة والسلام يخففهما بالنسبة للمعهود في صلاته عليه الصلاة والسلام، والمعهود في صلاته أنه كان يطيل.
جاء في صحيح البخاري في باب تقصير الصلاة: عن أمنا عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لم يكن النبي عليه الصلاة والسلام يصلي قيام الليل وهو قاعد أبداً إلا بعد أن أسن -أي: بعد أن تقدم سنه- كان يفتتح الصلاة قائماً ثم يجلس-يعني: يقعد- ويقرأ وهو قاعد، فإذا أراد أن يركع قام وقرأ ما يقرب من أربعين أو خمسين آية قائماً ثم يركع).
وهذا يدل على أنه كان يقرأ في قعوده أكثر من خمسين آية، لذلك فإن أحب الصلاة طول القيام، وقيام الليل لا تشرع فيه الجماعة إلا في رمضان، أما فيما سوى رمضان فلا تشرع الجماعة المرتبة، أما الصلاة جماعة دون ترتيب فيجوز، ومن حدد قيام الليل في ساعة معينة ودعا إليها الناس فهذا بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، فإنه لم يرد عن السلف أنهم كانوا يدعون لقيام الليل في جماعة، إنما المشروع في قيام رمضان.
وحذيفة بن اليمان رضي الله عنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي قيام الليل، يقول رضي الله عنه: (صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم قيام الليل، فقمت بجواره فقرأ سورة البقرة فقلت: لعله يركع، ثم قرأ سورة النساء، فقلت: لعله يركع، ثم قرأ سورة آل عمران، فقلت: لعله يركع، فحدثتني نفسي بأمر سوء وهو أن أقعد والنبي قائم)، لأنه لم يستطع مواصلة الوقوف.
وجاء في البخاري في كتاب صلاة الكسوف وفي كتاب مواقيت الصلاة وفي كتاب العلم أن أسماء وجدت الناس في المسجد في وقت ليس وقت صلاة، وأمنا عائشة تقوم خلف الرجال تصلي، فتعجبت أسماء من عائشة وسألتها وهي تصلي، وبوب الإمام البخاري لذلك فقال: من أجاب الفتيا بيده أو برأسه، وهذا يجوز أن تحدث المصلي للضرورة فيجيبك باليد أو بالرأس.
قالت أسماء لـعائشة وعائشة رضي الله عنها تصلي: لماذا اجتمع الناس في المسجد؟ فأشارت السيدة عائشة إلى السماء وهي في المسجد، إذاً المسجد كان له سقف يمكن أن ترى أسماء من خلاله الشمس، فمعنى ذلك: أن المسجد سقفه ليس كاملاً، فـأسماء نظرت إلى السماء فوجدت الشمس مكسوفة، فقالت لـعائشة مرة أخرى: هذه آية؟ فأشارت برأسها: نعم، إذاً عائشة أشارت مرة باليد ومرة برأس.
وهذه الترجمة تدل على فقه البخاري ، تقول أسماء رضي الله عنها: (فقمت أصلي بجوار
المهم أنه يستحب للمتنفل أن يخفف القراءة في ركعتي الفجر.
قال رحمه الله: [ وكذلك ركعتا المغرب؛ لأنها سنة المغرب؛ والمغرب يستحب تخفيفها، فكذلك سنتها ].
ولم يرد خلاف عائشة مع ابن عمر في السنن الراتبة المقيدة بالفريضة، إنما الخلاف بين أمنا عائشة وبين ابن عمر في سنة الظهر القبلية، فـابن عمر يرى أنها ركعتان وعائشة ترى أنها أربع، قال الفقهاء: نرجح قول عائشة لأنها الزوجة، والزوجة أدرى الناس بحال زوجها.
ولأن ابن عمر أخبر عما رأى، فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في المسجد ركعتين قبل الظهر فأخبر بذلك، لكنه صلى في بيت عائشة ركعتين ثم ذهب إلى المسجد وصلى ركعتين فأخبرت عائشة بالمجموع، وهذا أيضاً وارد، فإذاً: الراجح قول أمنا عائشة رضي الله عنها: إن السنن الرواتب اثنتا عشرة ركعة.
والوتر سنة خلافاً للأحناف الذين قالوا: إنه واجب، والدليل على سنيته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الوتر أحياناً على راحلته، ومعلوم أنه لا يجوز أن تصلى الفريضة على الراحلة، فدل ذلك على أن الوتر نافلة.
ولذلك يقول ابن حجر: ولو أن البخاري لم يضع هذا الباب في كتاب الوتر لظننت أنه يقول بالوجوب، أي: باب: صلاة الوتر على الراحلة، وهذا من فقه البخاري . وكان يوتر أحياناً في أول الليل يعني: بعد العشاء، وأحياناً في وسط الليل، وأحياناً في آخر الليل، وكان آخر عهده أنه كان يوتر في آخر الليل، لكنه قال لـأبي ذر: (أوصاني خليلي -أي: حبيبي- بثلاث: أن أوتر قبل أن أنام، وبصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وبصلاة الضحى)، وإنما قال لـأبي ذر: (أوتر قبل أن تنام)، وذلك أخذاً بالحيطة، إذا أوترت في أول الليل فربما تستيقظ مع الفجر وقد أوترت، وإن غلب على ظنك وتيقنت أنك ستقوم قبل الفجر فلك أن توتر بعد الاستيقاظ من النوم.
قال رحمه الله: [ وأقله ركعة ] كما في حديث البخاري : (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة)، وهذا هو الأولى أن يصلى الوتر مثنى مثنى ثم الإيتار بركعة واحدة، لحديث: (وكان النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً يصلي الوتر ثلاثاً بتشهد واحد)، وليس بتشهدين كصلاة المغرب فإن هذا لا يجوز.
قال رحمه الله: [ وأكثره إحدى عشرة ركعة؛ لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ما بين العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة) متفق عليه.
وأدنى الكمال ثلاث بتسليمتين، لما روى عبد الله أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوتر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (افصل بين الواحدة والثنتين بالتسليم) ] يعني: صل ركعتين ثم سلم ثم صل ركعة واحدة وسلم، فهذه هي أفضل طريقة لصلاتها، أما من صلاها متصلة فهو جائز؛ فقد ثبت عنه ذلك صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بسبح اسم ربك الأعلى في الركعة الأولى، وبالكافرون في الركعة الثانية، وبالإخلاص في الركعة الثالثة.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت في الوتر قبل الركوع أحياناً، وبعد الركوع أحياناً، وأحياناً كان لا يقنت وكل الأفعال ثابتة، فالسنة أن تقنت قبل الركوع أو بعد الركوع، أو تترك القنوت طالما أن ذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمن السنة أن تفعل الثلاث، ولا تستدم على حال.
ومن البدع في القنوت: ما يفعله البعض في دعاء القنوت من إطالته بطريقة تخالف السنة، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
قال رحمه الله: [ ويقنت بعد الركوع؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع)، والقنوت الدعاء ].
ولفظ القنوت أورد له الحافظ العراقي عشرة معاني، منها: الدعاء.
قال رحمه الله: [ وهو ما روي عن عمر : أنه قنت فقال: اللهم إنا نستعينك ونستهديك، ونستغفرك ونؤمن بك، ونتوب إليك، ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، نشكرك ولا نكفرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق، اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك.
وروى الحسن قال: (علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت) رواه الترمذي ]. وإذا كان المصلي إماماً فإنه يأتي بصيغة الجمع لا الإفراد، أما المأموم فإنه يؤمن عند الدعاء.
وهنا أخطاء يقع فيها بعض الناس في الدعاء، منها قولهم: وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، والصواب: وقنا شر ما قضيت، أو قولهم: إنك تقضي بالحق، والصواب: إنك تقضي ولا يقضى عليك، أو زيادة لفظة يا الله بعد قوله: إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت، وهذا غير وارد.
ويجوز التأمين بلفظ آمين فقط، والثناء على الله عند آيات الثناء، أو تقول: سبحانك، في سرك، ففي هذا تنزيه لله، أما أن تقول: حقاً، أشهد، يا الله! فهذا كلام غير صحيح وغير وارد وليس عليه دليل.
وهنا خطأ أشار إليه الدكتور بكر أبو زيد في كتاب القنوت، وهو قولهم في الدعاء: إنه لا يعز من عاديت، ولا يذل من واليت، وخير الهدي أن تلتزم السنة، اللهم اهدنا في من هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وهذا إجمال في الدعاء، ولا مانع أن نزيد من جنس الدعاء القرآني أو السنة لكن لا نشق على الناس، كمن يزيد في هذا الدعاء: اللهم احفظنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض، وسدد عنا القرض واحفظ لنا الأرض، فهذا الدعاء كله أرض أرض، وخير الهدي هدي محمد عليه الصلاة والسلام، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله وأجملوا في الطلب).
فعلى من يدعو أن يجمل في الطلب، فيقول: اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، اللهم انصر الإسلام في كل مكان، فإنه يدخل فيها كل الدنيا: فلسطين، والشيشان والبوسنة والهرسك والصومال وكشمير، وغيرها من البلدان الإسلامية، ولا داعٍ إلى التفصيل وذكر أسماء الدول، ونتعلم من غلام الأخدود الإجمال في الدعاء، وهو قوله: اللهم اكفنيهم بما شئت. وكيف شئت.
دخل رجل من السلف على ولده وهو يقول: اللهم إني أسألك الجنة، وأشرب من مائها، وخمرها، ولبنها، وأتزوج من الحور العين فيها، قال: يا بني! إنك إن دخلت الجنة شربت من مائها، وتزوجت من الحور العين فيها، أي: لا داعٍ للتفصيل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فاتقوا الله وأجملوا في الطلب)، والإجمال من أدب الدعاء، ومما يترتب على عدم الإجمال في الدعاء التعدي الذي نسمعه في الأشرطة كقولهم: يا ضار، حيث لا يجوز أن تطلق لفظ الضار على الله منفرداً، أو قولهم: اللهم حرم على أجسادنا الدود، ومعلوم أن الدود ستأكل كل حي باستثناء الأنبياء ومن شاء الله لهم من عباده كالشهداء.
ومن التعدي في الدعاء قول بعض الناس: اللهم إن اليهود قد ظلموا فاظلمهم، فهل الله سبحانه ظالم؟! فهذه مصيبة.
ومن الأخطاء في دعاء القنوت: تقبيل اليد عند الانتهاء من الدعاء، قال العز بن عبد السلام : لا يفعل ذلك إلا جاهل، فتقبيل اليد داخل الصلاة جهل فاضح لا ينبغي.
وكذلك ما يفعله بعض الناس في هيئة رفع اليدين في دعاء القنوت؛ يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: فالرفع يكون كحال الاستجداء والطلب، أي: عندما أطلب منك حبة رز سأضم الكف الأولى مع الثانية: وأقول لك أعطني، ولا أقول لك: أعطني لو سمحت بدون ضم أصابع الكف ومدها إليك، فهذا الكلام لا ينفع، إذاً: لا بد أن تضم الكف إلى الكف، وأن تكونا ملتصقتين، وترفعان في حال ذل وانكسار، ولا شك أن الإجمال في الطلب من دعاء المخلصين.
وكما يجوز القنوت بعد الركوع فإنه يجوز قبل الركوع.
قال رحمه الله: [ وعن علي : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في آخر الوتر: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك) ].
إذاً: هنا ثلاثة أحاديث: حديث عمر ، وحديث الحسن ، وحديث علي ، وكل ذلك قاله النبي عليه الصلاة والسلام، فقد قنت بكل ما سبق.
ومن الأخطاء في الدعاء: ما يحدث من التغني والإطالة والمط والسجع، وهذا ليس من السنة مطلقاً، إنما المقصود به: إثارة الجماهير، وكسب هذا الأمر، والبعض لا يبكي عند قراءة القرآن إنما يبكي في الدعاء، والقرآن أجدر أن يبكي له، فلا داعٍ لهذه المزايدات وإنما خير الهدي هدي محمد عليه الصلاة والسلام فالتزم الهدي، ولا داعٍ أبداً أن تزيد من عندك أشياء، وإن أردت ذلك فدعاء القرآن ودعاء السنة الصحيحة الثابتة عن نبينا صلى الله عليه وسلم.
قد يقول بعض الناس: الشريط التابع للشيخ الفلاني من السعودية، وهو حجة، وفيه هذا الدعاء: اللهم إنا وقفنا على بابك فلا تطردنا من جنابك، فعبارة وقفنا على بابك في حق الله لم ترد في القرآن أو السنة، فلا بد أن تلتزم الدعاء ولا تتعدى في باب الأسماء والصفات، ولا تقلد أحداً في ذلك، فإن الكثير من الناس يتعدون في الدعاء وليسوا بحجة على دين رب العالمين، إنما أن تلتزم السنة فهذا هو الأفضل.
قال رحمه الله: [ وقال تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ [الإسراء:79]، وروى أبو هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)، والنصف الأخير من الليل أفضل من النصف الأول؛ لما روي عن عائشة -في الحديث الذي رواه مسلم- قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام أول الليل ويحيي آخره، ثم إن كانت له حاجة إلى أهله قضى حاجته ثم ينام، فإذا كان عند النداء الأول وثب فأفاض عليه الماء؛ وإن لم يكن جنباً توضأ)، وصلاة الليل مثنى مثنى؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (صلاة الليل مثنى مثنى)] ومن التطوع المطلق قيام الليل، والصلاة ما بين المغرب والعشاء تطوع مطلق ليس في وقت الكراهة، وكذا الصلاة من بعد الظهر إلى العصر تطوع مطلق.
قال رحمه الله: [وصلاة الليل مثنى مثنى، وصلاة القاعد على النصف من صلاة القائم]. فلو صلى المصلي التطوع المطلق وهو قاعد فيجوز له ذلك لكن له نصف أجر صلاة القائم، وهذا يشترط فيه أن يكون قادراً على القيام، فإن قعد لعجزه فله الأجر كاملاً، لأن هذا من باب المشقة.
قال رحمه الله: [ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الرجل قاعداً نصف الصلاة)، وقال عليه السلام: (من صلى قائماً فهو أفضل ومن صلى قاعداً فله نصف أجر صلاة القائم) رواه البخاري.
وقالت عائشة رضي الله عنها : (إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى كان كثير من صلاته وهو جالس)، أخرجه مسلم ] وله رواية أيضاً في البخاري .
يعني: منها ما تسن له الجماعة ومنها ما لا تسن له الجماعة، والأصل فيها أنها فرادى، كسنة المغرب.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: إن أردت أن تزيد عدد الركعات فقلل من حجم القراءة، وإن أردت أن تزيد في القراءة فقلل من عدد الركعات، وهذا على حسب حال المأمومين، وهذا كله وارد، وهو من الخلاف السائغ.
قال رحمه الله: [ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان وأقامه إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، متفق عليه، وقام النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه ثلاثاً ثم تركها خشية أن تفرض، فكان الناس يصلون لأنفسهم حتى خرج عمر وهم أوزاع -يعني: متفرقون- يصلون، فجمعهم على أبي بن كعب ، قال السائب بن يزيد: لما جمع عمر الناس على أبي وكان يصلي بهم عشرين ركعة، والسنة فعلها جماعة، أخرجه البخاري ].
ورواية العشرين ركعة التي سنها عمر فيها كلام في تخريجها، إنما أياً كان فإن الراجح: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى التراويح في جماعة في أول يوم في رمضان وثاني يوم وثالث يوم، وامتلأ المسجد بالمصلين، فخشي أن تفرض على الأمة فتركهم في اليوم الرابع، فظلوا جلوساً حتى أذن الفجر فخرج إليهم وقال: (لم يخف علي مكانكم، لكني خشيت أن تفرض عليكم). ولما كانت خلافة عمر رضي الله عنه وجدهم متفرقين يصلون فرادى، فجمعهم على أبي بن كعب ، ثم قال: نعمت البدعة هذه، ولا يوجد شيء اسمه بدعة حسنة، فإن عمر رضي الله عنه لم يأت بجديد، والعلة قد انتهت، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: (خشيت أن تفرض عليكم).
فقد انقطع الوحي بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم فـعمر أمن من أن تفرض فعاد إلى أول عهدها، فقال: نعمت البدعة، قال ابن تيمية: البدعة في قول عمر هي البدعة بمعناها اللغوي وليست البدعة بمعناها الشرعي.
وأهل البدع يستدلون علينا بهذا الحديث على الابتداع في الدين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (كل بدعة ضلالة)، وطالما أنها بدعة فهي ضلالة.
وعمر رضي الله عنه لم يأت بجديد، إنما أقام أمراً مشروعاً فعله النبي عليه الصلاة والسلام، فأراد البدعة بمعناها اللغوي، ولم يرد بمعناها الشرعي، فانتبه إلى هذا المعنى.
وسميت صلاة التراويح بهذا الاسم؛ لأنهم كانوا يستريحون بين كل ركعتين، فإنهم كانوا يطيلون فيها القيام، بخلاف الأئمة في زماننا الذي يخففون في القراءة تخفيفاً مفرطاً.
ومن البدع: قول بعض الناس بعد الانتهاء من صلاة التراويح: الصلاة والسلام عليك يا أول خلق الله، الصلاة عليك يا رسول الله، ثلاثة آلاف صلاة عليك يا رسول الله، مع أن هذه العبارة تتضمن صلاة واحدة، كمن قال بعد الصلاة: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، فإنها تحسب مرة واحدة؛ لأنه إذا تلفظ بالذكر مع العدد فإنها لا تعد إلا مرة واحدة.
ومن البدع أيضاً: قول بعض الناس قبل الوتر: أوتروا واستقبلوا شهر الصيام أثابكم الله، وعمل ورد لكل ركعتين من عند شيطانه، يملي عليه هذا، وإذا قلنا: بدعة، قالوا: هؤلاء أهل السنة يكرهون أهل البيت.
فنقول لهم: هل النبي صلى الله عليه وسلم فعلها أم لم يفعلها؟ فسيقولون: لم يفعلها لكن باب الذكر مفتوح، فنقول لهم: لا بد من الالتزام بالسنة.
ومن البدع أيضاً: قراءة سورة الإخلاص بصوت جماعي موحد ثلاث مرات بين كل أربع ركعات، حتى أن المسبوق بركعة أو أكثر لا يستطيع أن يتم صلاته، فهذه بدع محدثة ما أنزل الله بها من سلطان، وخير الهدي هدي محمد عليه الصلاة والسلام.
قال الإمام الشافعي : من استحسن فقد شرع.
أيها الإخوة الكرام! حينما تحدثنا عن التعدي في الدعاء لا يؤثر ذلك على صحة الصلاة، فهناك أخ فاضل عزيز يقول: أنت تدعو أحياناً لبعض البلاد باسمها، والآن تحذر من الدعاء، فبأي القولين: نأخذ بفعلك أم بقولك؟
فأقول: هذا الفهم لا ينبغي أن يكون فهم طالب علم، فالعراق مبتلاة فلا بد أن أدعو لها بالاسم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على قبيلتين وخصهما بالاسم، ولا تعدد البلاد إن زادت عن واحدة، ما دام وأنها مبتلاة، فأحياناً نخصص الدولة في زمن البلاء الفعلي لها، إنما لا ينبغي التعدد لأن بعض الأئمة يعدد بلداناً كثيرة، إنما إن كانت بلدة واحدة أو اثنتين فلا مانع كفلسطين والعراق.
إذاً: تشرع الجماعة لصلاة كسوف الشمس وخسوف القمر، أو كسوف الشمس وكسوف القمر، أو خسوف الشمس وخسوف القمر، وهذا كله جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الشمس والقمر آيتان لا ينكسفان أو ينخفسان)، فكلمة الكسوف يمكن أن تحل بدلاً من الخسوف.
وبوب البخاري فقال: باب الخسوف للشمس والقمر؛ حتى يبين هذا المعنى، أي: أن الخسوف يمكن أن يطلق على القمر مع الشمس، ومعروف أن الكسوف ينقسم إلى قسمين: كسوف كلي، وكسوف جزئي، ويشرع في الكسوف أن ينادي للناس فيقال: الصلاة جامعة، وقاس بعضهم العيد، ولا قياس، فلا يشرع في العيد أن تقول: الصلاة جامعة؛ لأن هذا قول ضعيف جداً، فلا يشرع إلا في صلاة الكسوف.
أما كيفية صلاة الكسوف فهي ركعتان في كل ركعة ركوعان وسجودان.
والأفضل أن تصلى صلاة الكسوف في جماعة، فيكبر الإمام ويقرأ الفاتحة وسورة طويلة، ويفعل كما روت عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما انكسفت الشمس خرج إلى المسجد وصف الناس وراءه، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة طويلة ثم كبر وركع، ثم رفع رأسه، وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم قام فقرأ قراءة طويلة) .
إذاً: صفة صلاة الكسوف هي أن يكبر الإمام ثم يدعو دعاء الاستفتاح ويقرأ الفاتحة وسورة طويلة كالبقرة، ثم يركع، ثم يعتدل من الركوع ويقرأ مرة ثانية الفاتحة وآل عمران مثلاً ثم يركع ثم يعتدل من الركوع الثاني ثم يسجد، وهكذا في الركعة الثانية، فقد فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم حتى انجلت الشمس، متفق عليه.
وعنه -أي: عن أحمد - لا يخطب؛ لقول ابن عباس : لم يخطب كخطبتكم هذه ]
وصلاة الاستسقاء كصلاة العيدين، ففي الركعة الأولى سبع تكبيرات، وفي الركعة الثانية: خمس تكبيرات، يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]، وفي الركعة الثانية يقرأ بعد الفاتحة هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ [الغاشية:1].
ثم بعد الصلاة يخطب الناس خطبة كخطبة العيد، ثم يقلب رداءه ويستقبل القبلة، ويدعو الله عز وجل. ومعنى قلب الرداء: هو أن يجعل الكم اليمين في الشمال والشمال في اليمين، والوجه وراءه والظهر قدامه، ويتضرع ويستغفر ويدعو الله الإمام والمأموم، ولذلك قال المصنف: [ ويكثر فيها من الاستغفار، وقراءة الآيات التي فيها الأمر به مثل: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا [نوح:10-11]، وقوله تعالى: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ [هود:3]، ويحوّل الناس أرديتهم -وفي ذلك إشارة إلى تحول الحال، والتواضع والخشوع- وهو أن يجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك تفاؤلاً أن يحول الله الجدب خصباً، رواه سعيد بإسناده ].
وصلاة الاستسقاء في المصلى كالعيد، ويجوز أن تصلى في المسجد، والدليل: أن أعرابياً دخل من باب المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الجمعة وسأله أن يستسقي، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وأمنّ الناس وحول الرداء، قال البخاري في صحيحه: باب الاستسقاء في المسجد، لكن السنة أن تكون الصلاة في المصلى، وقد كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للاستسقاء في المسجد يوم الجمعة، يقول أنس : ولم نر في السماء قزعة، يعني: سحابة، فإذا بسحاب يتجمع فوق المسجد على المدينة، وإذا بالسماء تمطر كأنها القرب، يعني: فتحت حتى انغمر مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالماء، فظل الماء أسبوعاً كاملاً حتى سجد النبي بين الماء والطين عليه الصلاة والسلام، فجاء الأعرابي السابق، وقال: يا رسول الله! هلك الزرع والضرع ادع لنا ربك أن يمسك الغيث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم حوالينا ولا علينا)، إشارة إلى أن هناك أماكن تحتاج إلى الماء فهذا الماء ينصرف إليها.
قال رحمه الله: [وإن خرج أهل الذمة لم يمنعوا -يعني: إذا خرجوا مع المسلمين لم يمنعوا من ذلك، لكن لا يصلون وينفردون عن المسلمين- لأنهم يطلبون الرزق فلا يمنعون منه].
قال رحمه الله: [ ويسن السجود للتالي والمستمع دون السامع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سجد وسجد أصحابه معه، ولا نعلم فيها خلافاً ]، والراجح أن السجدة سنة وليست فرضاً؛ لأن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر سورة النحل يوم الجمعة فنزل وسجد، وفي الجمعة التي بعدها قرأ نفس الآيات من سورة النحل ولم ينزل ولم يسجد، قال: أردت أن أعلمكم أنها سنة، أي: أن من سجد فله الأجر ومن لم يسجد فلا شيء عليه.
والنبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك أيضاً لبيان أن السجود سنة [ لحديث ابن عمر قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة في غير الصلاة فيسجد ونسجد معه حتى لا يجد أحدنا مكاناً لموضع جبهته) ].
وهناك فرق بين السامع والمستمع، فالمستمع هو الذي يجلس مع القارئ ويستمع قراءته، أما السامع فهو الذي يسمع القرآن دون أن يجلس مع القارئ في الحلقة.
وسجود التلاوة فيها خلاف بين العلماء هل يشترط لها ما يشترط للصلاة؟ والجمهور اشترطوا لها ما يشترط للصلاة من استقبال القبلة وستر العورة والطهارة، وشيخ الإسلام ابن تيمية ومعه مجموعة كبيرة من العلماء ولهم في السلف سبق يرون أنه لا يشترط لها ما يشترط للصلاة، ودليلهم أن بعض الصحابة سجدوا لما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم إلى غير القبلة وعلى غير وضوء، والخلاف بين الفريقين خلاف معتبر.
ومن قال: يشترط لها ما يشترط للصلاة قال: فلا بد أن تكبر قبلها، وعند الرفع منها، وأن تسلم بعد الانتهاء؛ لأنها جزء من الصلاة فيشرع لها ما يشرع للصلاة، ومن قال: لا يشترط لها استقبال القبلة ولا الطهارة قال: تكبر وعند الرفع لا تكبر ولا تسلم، وهذا الخلاف بين العلماء في سجود التلاوة لسنا بصدد الترجيح وبيان الراجح من المرجوح.
لعله هنا يقول: (يقرأ علينا السورة في غير الصلاة فيسجد ونسجد معه حتى لا يجد أحدنا مكاناً لموضع جبهته).
قال رحمه الله: [ فأما السامع غير القاصد للسماع فلا يستحب له، لما روي عن عثمان رضي الله عنه أنه مر بقاص فقرأ القاص سجدة ليسجد عثمان فلم يسجد، وإنما قال: إنما السجدة على من استمع لا على من سمع، وقال عمر وابن مسعود : وإنما جلسنا لها ولا مخالف لهما في عصره، ويكبر إذا سجد وإذا رفع ثم يسلم.
المهم أن الإمام إذا كان في الصلاة ومر بآية بها سجدة فله أن يسجد ويكبر عند السجود وعند الرفع، هذا هو الثابت ولا خلاف عليه.
الجواب: خصص بعض العلماء أن القنوت قبل الركوع في الفريضة، وبعد الركوع في الوتر، لكن الراجح أن القنوت قبل الركوع أو بعده سواء في الفريضة أو الوتر.
الجواب: هذا كلام رد عليه الشيخ ابن باز وابن عثيمين ، وأخونا الشيخ مصطفى العدوي حيث عمل رسالة خاصة، قال فيها: إن صلاة التراويح إحدى عشرة ركعة لا زيادة، وهذا رأي شيخنا العلامة الألباني رحمه الله: أنه ما زاد عن إحدى عشرة ركعة، وهذا هو الرأي الراجح.
الجواب: قراءة القرآن في الصلاة سوى الفاتحة سنة وليست من الواجبات أو الأركان. ومن نسي فليس عليه شيء.
وإذا قرأ الفاتحة ثم ركع أجزأ وصلاته صحيحة وليس عليه سهو، لأن قراءة السورة بعد الفاتحة من السنن وليست من الواجبات.
الجواب: ليس عليه السجود، وبعض العلماء قال: يومئ برأسه مشيراً إلى السجود للعجز عنه.
الجواب: هذا فعل غير صحيح، إذا سجد كبر وإذا رفع كبر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فعل ذلك كبر، والذي يرفع بدون تكبير معه دليل ضعيف.
وهكذا في الصلاة يكبر عند السجود وعند الرفع؛ لحديث: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر إذا سجد وإذا رفع)، وعندما تحمل النصوص الأخرى على غير ذلك فهذا يحتاج إلى فقه، قال في المغني: الراجح: التكبير إذا سجد وإذا رفع من السجود، ومن قال بغير ذلك فقد استنبط من نص واحد وعكس الفهم.
الجواب: من اشترط من علمائنا أن سجدة التلاوة كالصلاة وأنها جزء منها قال: يسلم منها، ومن قال: إنها تجوز بغير وضوء وإلى غير القبلة قال: لا يسلم.
الجواب: هذا يعني: أن عمر جاهل بالقرآن، يقول تعالى: قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ [الحجر:37-38]، فهذا كذب وافتراء وكما قيل: طالما المغفل موجود النصاب بخير، فقد ظهرت وصية الشيخ أحمد .
وكذا الحديث المؤلف والمفترى والذي يزعم قائله أنه قدسي وأن الله تعالى قال فيه: يا ابن آدم خلقتك وجعلت لك قراراً في بطن أمك، وغشيت وجهك بغشاء حتى لا يؤذيك منظر الرحم، وجعلت وجهك في ظهر أمك حتى لا تؤذيك رائحة الطعام، علمتك القيام والقعود في بطن أمك -هل الجنين يقوم ويقعد في بطن أمه؟!- وجعلت لك متكأً عن اليمين ومتكأً عن اليسار؛ فأما الذي عن اليمين فالكبد وأما الذي عن اليسار فالطحال، فلما اكتمل مدة الحمل أمرت ملك الأرحام أن يخرجك على ريش من جناحه لا لك سن يقطع ولا يد تبطش ولا رجل تمشي بها، وأنبت لك عرقين رقيقين في ثديي أمك يخرجان لك لبناً خالصاً حاراً في الشتاء، بارداً في الصيف، ووضعت محبتك في قلب أبويك فلا يأكلان حتى تشبع، ولا يرقدان حتى تنام، فلما اشتد عودك بارزتني بالمعاصي واعتمدت على المخلوقين ولم تعتمد علي، وبارزتني في المعاصي في خلواتك ولم تستح مني.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، اللهم تقبل منا يا رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر