إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. أحمد فريد
  5. وإن محمداً خاتم الأنبياء رداً على البهائية

وإن محمداً خاتم الأنبياء رداً على البهائيةللشيخ : أحمد فريد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن من نعمة الله عز وجل على هذه الأمة أن بعث فيها خاتم أنبيائه محمداً صلى الله عليه وسلم، وجعل رسالته الرسالة الخاتمة والدعوة المهيمنة على كل ما سبقها من الرسالات، ومع ذلك فقد ظهر بعد رسول الله من يدعي النبوة، وخرجت على الناس طوائف أساس عقيدتها ادعاء النبوة، وقد قيض الله من عباده من يحارب هذه الطوائف ويتولى القضاء عليها، ومع ذلك بقي للبعض منها بقية متفرقة في أنحاء الأرض ممولة بأيدي أعداء الله عز وجل وأعداء دينه.

    1.   

    وجوب اعتقاد أن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين

    الحمد لله المتفرد بوحدانية الأولهية، المتعزز بعظمة الربوبية، القائم على نفوس العالم بآجالها، العالم بتقلبها وأحوالها، المان عليهم بتوافر آلائه، والمتفضل عليهم بسوابغ نعمائه، الذي خلق الخلق حين أراد بلا معين ولا مشير، فمضت فيهم بقدرته مشيئته، ونفذت فيهم بحكمته إرادته، وألهمهم حسن الإطلاق، وركب فيهم تشعب الأخلاق، فهم على طبقات أقدارهم يمشون، وفيما قضي وقدر عليهم يهيمون، وكل حزب بما لديهم فرحون.

    وأشهد أن لا إله إلا الله خالق السماوات العلى، ومنشئ الأرضين والثرى، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

    وأشهد أن محمداً عبده المصطفى ونبيه المجتبى، ورسوله المرتضى، بعثه بالنور المضي، والأمر المرضي، على حين فترة من الرسل، ودروس من السبل، فدمغ به الطغيان، وأظهر به الإيمان، ورفع به الإيمان على سائر الأديان، فصلى الله عليه وسلم وبارك ما دار في السماء فلك، وما سبح في الملكوت ملك، وسلم تسليماً.

    أما بعد عباد الله:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمر محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وإن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين.

    نبين -عباد الله- في هذه الخطبة عقيدة من عقائد المسلمين التي دل عليها الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وهذه العقيدة هي أن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين.

    كما قال الطحاوي : إن محمداً عبده المصطفى، ونبيه المجتبى، ورسوله المرتضى، بعثه بالأمر المرضي، وإنه خاتم الأنبياء، وإمام الأتقياء، وسيد المرسلين، وحبيب رب العالمين، وكل دعوى النبوة بعده تعتبر هوى، وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى، بالحق والهدى، وبالنور والضياء.

    فيجب على كل مسلم أن يعتقد بأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن كل دعوى للنبوة بعده صلى الله عليه وسلم فغي وهوى، فهذه عقيدة ختم النبوة، كما دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة.

    قال الله عز وجل: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب:40]، فقال: (وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ) ما قال: وخاتم المرسلين؛ لأنه قد يكون آخر رسول ولكن قد يكون بعده أنبياء، فقال: (وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)، وفي قراءة: وَخَاتِمَ النَّبِيِّينَ أي: ختم الله عز وجل به النبوة، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم لا نبي بعده، كما صرحت بذلك الأحاديث الكثيرة المتواترة التي ذكر بعض الباحثين في ذلك خمسة وستين حديثاً، ولكن نقتصر على بعض هذه الأحاديث التي تدل على أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم من تشريفاته ومن تكريم الله عز وجل له أن الله عز وجل ختم به النبوة، فلا نبي بعده صلى الله عليه وآله وسلم، منها: (لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوك استخلف علياً رضي الله عنه على المدينة، فحزن علي رضي الله عنه وقال: أتخلفني مع النساء والصبيان؟) فـعلي رضي الله عنه فارس من فرسان الإسلام وابن عم النبي عليه الصلاة والسلام يحزن أن يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: (أتخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى).

    وحتى لا يقول أحد: بأنه أولى الناس بالخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يثبت له شيئاً من النبوة، أو يعتقد خلاف ما يعتقده أهل السنة والجماعة، سد النبي صلى الله عليه وسلم هذا الباب، فقال: (إلا أنه لا نبي بعدي)، فإن هارون كان نبياً مع موسى، فإذا استخلفه موسى فهو نبي معه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لـعلي : (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي).

    كذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة في زاوية، فجعل الناس يطوفون ويقولون: ما أحسنه وأجمله لولا هذه اللبنة) أي: لولا وضعت هذه اللبنة، فقال: (فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين).

    كذلك قال صلى الله عليه وسلم: (لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات يا رسول الله؟ قال: الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له) فهذا الذي بقي من النبوة، والرؤية الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة، وكان الوحي بالرؤية الصادقة للنبي صلى الله عليه وسلم في بداية فترة الرسالة ستة أشهر، ومدة البعثة ثلاثة وعشرون سنة.

    كذلك يقول صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يبعث بعدي دجالون كذابون قريباً من ثلاثين، كلهم يزعم أنه نبي)، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الساعة لا تقوم حتى يبعث دجالون كذابون، وهذا علم من أعلام النبوة، فقد خرج بعض هؤلاء الكذابين الدجالين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فظهر طليحة الأسدي والأسود العنسي ، وكان أولهم ظهوراً مسيلمة الكذاب .

    فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم من يقتل الأسود العنسي ، ولكن مسيلمة الكذاب ما اجتمع الناس حوله في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك لم يقتله النبي صلى الله عليه وسلم ولكن قتله أبو بكر الصديق في حروب الردة وفي موقعة اليمامة، قتل ومن معه من المرتدين لما تحصنوا بالحديقة التي تسمى بحديقة الموت، وفي ذلك يقول الله عز وجل: قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ [الفتح:16]، فهؤلاء هم المرتدون من أتباع مسيلمة الكذاب .

    وشأن ولاة الأمة وشأن علماء الأمة وشأن حكام الأمة عندما يظهر الكذابون الدجالون أن يقتلوهم، فمن كان له أتباع ومن كان عنده شعوذة يستحوذ بها على عقول الناس، فليس لهم في الإسلام إلا الضرب بالسيف والقتل؛ لأن هذا من أكفر الكفر أن يدعي النبوة، وأن يدعي أن الله عز وجل قد نبأه أو أرسله.

    ولكن إذا كان الدجالون الكذابون ليس عندهم ملكات في الشعوذة واكتساب قلوب الناس، ولم يتجمع الناس حولهم، فكان شأن الأمة معهم السخرية والاستهزاء والضحك، كما يروى أن امرأة ادعت النبوة في زمن المأمون ، فقال لها المأمون : من أنت؟ قالت: فاطمة النبية، فقال: أتؤمنين بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: نعم، فقال المأمون : يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نبي بعدي) قالت: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل قال: لا نبية بعدي؟

    فكان شأن الأمة الاستهزاء والضحك والسخرية ممن يزعم أنه نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    كذلك ادعى رجل النبوة فقبض عليه وأحضر إلى الخليفة، فقال له: إلى من أرسلت؟ قال: ما تركتموني أذهب إلى من أرسلت إليهم، لقد نبئت بالليل وقبضتم علي في أول النهار.

    وادعى شخص النبوة في زمن بعض الخلفاء فأحضر، فسئل عن معجزات نبوته؟ قال: أخبركم بما في قلوبكم. قالوا: ما في قلوبنا؟ قال: في قلوبكم أنني كاذب، وأنني لست بنبي.

    فإذا كان أحمق وليست عنده أدوات الشعوذة فشأن الأمة معه السخرية والضحك والاستهزاء منه.

    أما إذا كان يملك من الملكات ما يستحوذ بها على قلوب الناس فليس له إلا القتل بالسيف؛ لأن هذه العقيدة عقيدة راسخة في قلوب المؤمنين، لا نبوة بعد نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقد ختم به الأنبياء، وأشار إلى ذلك فقال: (بعثت أنا والساعة كهاتين وقرن بين السبابة والوسطى)، وقال: (إن كادت لتسبقني) فهذا يشير إلى قربه من القيامة، وإلى أنه ليس بعده نبي.

    كذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم) فإذا كانت أمته صلى الله عليه وسلم هي آخر الأمم فهذا يدل على أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم هو آخر الأنبياء وهو خاتم الأنبياء والمرسلين.

    كذلك مما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين قوله: (أنا محمد وأنا أحمد وأنا الحاشر) أي: الذي يحشر الناس على قدمه، (وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي)، أي: أنه صلى الله عليه وسلم يعقب الأنبياء ويأتي بعد الأنبياء كلهم، ولا يعقبه نبي.

    وقوله: (العاقب الذي ليس بعده نبي) قد يكون مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يكون مدرجاً من بعض الصحابة أو ممن سمع منهم.

    فعلى كل حال هو يدل على أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء وخاتم المرسلين.

    ظهر في الأمة من يدعي النبوة، وهذا الاعتقاد اعتقاد كفر، ومن صدق من يدعي النبوة فهو كافر مرتد، أشر من اليهود والنصارى، وليس له في الإسلام إلا الضرب بالسيف، فالبابية والبهائية والقاديانية ليست مذاهب وليست فرقاً من فرق الأمة، أما الفرق الضالة الفرق النارية كالخوارج والمعتزلة والجهمية والقدرية فهؤلاء فرق من فرق الأمة، ولكن قد تكون بدعتهم مكفرة وقد تكون غير مكفرة.

    ولكن هؤلاء البابية والبهائية والقاديانية هي أذيال جديدة ما أنزل الله بها من سلطان.

    فاليهودية والنصرانية عقائدهم محرفة، ولكن عندهم شبهة وعندهم كتاب من عند الله عز وجل، لكن الدين عند الله عز وجل هو الإسلام، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران:85]، أما هؤلاء البابية والبهائية والقاديانية فهي فرق قائمة على الكفر بهذه العقيدة، وهي أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم خاتم الأنبياء، وأصحاب هذه المذاهب والأديان الباطلة اخترعوا ديناً يتألف من الهندوسية ومن النصرانية واليهودية وغيرهم، وشيء من الإسلام حتى يروجوا على عوام المسلمين.

    1.   

    المؤسس الأول لفرقة البهائية وبيان عقائدهم

    كان أول ظهور هذه البدع في القرن الثالث عشر سنة (1260م)، فقد ظهر في جنوب إيران رجل يدعى بـالميرزا علي بن محمد الشيرازي ، ظهر في مدينة شيراز في جنوب إيران، وزعم أنه الباب إلى المهدي ، ثم زعم بعد ذلك أنه المهدي المنتظر، ثم لما تبعه مائة من أغبياء البشر ومن أشباه القردة والخنازير تبعوه على هذا الإفك الظاهر والشر الواضح الفاضح، زعم بعد ذلك أنه نبي، وأرسل إلى الألوسي يقول له: بأن الله قد بعثني كما بعث محمداً صلى الله عليه وسلم أو بمثل ما بعث به محمداً صلى الله عليه وسلم.

    وكان في ذلك الوقت عصر الخلافة العثمانية، وكان في الناس نخوة ودين، فأخذ هذا الرجل الذي لقب نفسه بالباب؛ لأنه يزعم أنه الباب إلى المهدي ، ثم زعم أنه المهدي ثم زعم أنه نبي وأن الله عز وجل أرسله بما أرسل به محمداً أو بمثل ما أرسل به محمداً صلى الله عليه وسلم، أخذ هذا الرجل الخبيث فقتل، ولكن أتباعه بقوا، فاستمر على الدعوة بعده ابنه حسين بن علي والذي لقب بـبهاء الدين ، وكان الرجل الأول شيعياً خبيثاً، والثاني كان صوفياً من كبار الصوفية في زمانه، وعقائد الصوفية والشيعة تساعد على ظهور هذا الإفك الواضح والشر الفاضح، فإن الشيعة يزعمون بأن الأئمة الاثني عشر وهم علي رضي الله عنهم وذريته، يزعمون بأنهم في منزلة لا يصل إليها ملك مقرب ولا نبي مرسل، وأنهم أعلى من جميع الرسل والأنبياء، وبأنهم يتلقون عن الله عز وجل مباشرة.

    كذلك الصوفية يزعمون بأنهم يتلقون من الله عز وجل مباشرة، كما قال أبو يزيد البسطامي : أخذتم علمكم ميتاً عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت.

    وقال بعضهم: أنتم تأخذون عن عبد الرزاق -أي الصنعاني - ونحن نأخذ عن الواحد الخلاق. فيزعمون أن الواحد منهم يتلقى من الله عز وجل مباشرة، ويقولون: بأن هذا هو العلم اللدني.

    وقالوا أيضاً: خضنا بحراً وقف الأنبياء بساحله.

    يقولون: إن الأنبياء عندهم علم الشريعة ونحن عندنا علم الحقيقة.

    ويزعمون أن عندهم من العلوم المتلقاة عن الله عز وجل ما ليس عند الأنبياء الكرام.

    ويعتقدون بأن الأولياء أعلى من الرسل والأنبياء، كما قال بعضهم:

    مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي

    أي: أن أعلى الناس منزلة هم الأولياء ثم الأنبياء ثم الرسل.

    وأبو يزيد البسطامي يفتح باب ادعاء النبوة، فيقول: ختم بمحمد صلى الله عليه وسلم المرسلون، فاستبدل كلمة النبيين بكلمة المرسلين، أي: أنه لا رسول بعده، ولكن قد يكون هناك من الأنبياء من يأتي بعده.

    وقال: إنما انقطعت نبوة التشريع، أي: قد تكون هناك نبوة غير نبوة التشريع؛ ولذلك ظهرت هذه الدعوات الكاذبة: القاديانية والبابية والبهائية، إما أنهم من الشيعة أو من الصوفية، رضعوا لبانها وتغذوا على مبادئها، فتحت لهم الصوفية والشيعة هذا الباب فولج منه من ولج، ودخل هذا الشر على المسلمين، وأعداء الإسلام يروجون لهم ويعينونهم بالمال؛ لأنهم ينخرون في جسد الأمة من أجل أن يقضوا على البقية الباقية من الإسلام.

    فهذه الدعوات قائمة على ادعاء النبوة، فهم ليسوا من الأمة بحال، ولا حتى من الفرق النارية، ولا نقول: هم من أهل البدع، بل هي أديان جديدة باطلة، وأصحاب هذه الأديان الباطلة أضل وأشر وأخبث من اليهود والنصارى، وفيهم من الفجور ومن الخروج عن شرع الله عز وجل ما يدل على أنهم على باطل، وليسوا من الحق في شيء.

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

    1.   

    المؤسس الثاني للفرقة البهائية وبيان عقائدهم ومخططاتهم

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

    أما بعد: عباد الله!

    فإنه لما قتل علي بن محمد الشيرازي الذي كان يلقب نفسه بالباب، والذي زعم أنه أنزل عليه كتاب يسمى البيان، وقال: كما أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو أفضل من عيسى، فإن كتاب البيان هو أفضل من القرآن، فهو يزعم أنه أتى بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فهو أكمل رسالة منه، وتبعه على هذا الغباء كثير من أشباه الناس، لما قتل هذا الخبيث الفاجر رفع الراية بعده أحد أتباعه وهو يلقب بـالمرزا حسين بن علي ويلقب بـبهاء الدين وهو ولده، وكان من كبار الصوفية، فزعم كذلك أنه عيسى بن مريم، ثم بعد ذلك ادعى النبوة، وبعد أن ادعى النبوة وتبعه على ذلك ناس زعم أنه رب وادعى الربوبية من دون الله عز وجل، وهذا الخبيث كذلك تابعه الحكام ونفوه من بلد إلى بلد، ولكن راج المذهب في حياته، ولقب بالبهائية، فالبهائية تصور للبابية.

    وهذا الخبيث تلميذ الخبيث السابق، أخذ منه هذه العقائد، ولكنه دعا إلى نفسه فزعم بأنه عيسى بن مريم، ثم بعد ذلك ادعى النبوة ثم ادعى الربوبية بعد ذلك.

    وهذه العقائد كما قال الله عز وجل: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ [الشعراء:221-222].

    فهؤلاء توحي لهم الشياطين، والشياطين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً، فالباب الخبيث الأول قد وضع على الناس من صيام رمضان، وجعل الصيام تسعة عشر يوماً، واشترط أن يكون الصيام في الربيع حتى لا يكون شاقاً على الناس، وأن يكون عيد الفطر موافقاً لعيد النيروز.

    أما البهاء الخبيث فوضع على الناس كذلك بعض الصلوات وجعل الصلاة تسع ركعات في اليوم والليلة، كذلك ألغى الحج، وأوصى إذا كان لأتباعه شوكة أن يهدموا الكعبة المشرفة.

    فهذه عقائد الخبثاء يلغون الحج وفي مخططاتهم لو أن لهم شوكة وقوة يهدمون الكعبة المشرفة، ويضعون من الشرائع ما يخالف شرع الله عز وجل.

    والباب حرم على الناس أن يقرءوا في أي كتب غير الكتب التي ألفها، وحرم عليهم أن يقرءوا في القرآن، وأمرهم بتحريق القرآن، فكيف يكون هؤلاء من المسلمين؟!

    لم تقتصر عقائدهم الباطلة على ذلك عباد الله، ولكنهم قالوا: بأن الجنة والنار أمور نفسية، ومن ذلك أخذ مصطفى محمود في كتابه (التفسير العصري للقرآن) بأن الجنة والنار أمور نفسية، أي: أن أهل الجنة يفرحون؛ لأنهم يحسون أنهم متنعمون، وأهل النار يحزنون؛ لأنهم يحسون أنهم مهانون معذبون، فأين قول الله عز وجل: كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ [النساء:56]؟ أين هذا العذاب الحسي الذي ثبت في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

    كذلك أنكر البهاء لقاء الله عز وجل ويوم الجزاء، وقال: بأن يوم الجزاء عندما يلتقون به، وهذا من ادعاء الربوبية، وألغى أيضاً الاتجاه إلى الكعبة، وقال: فليتوجهوا شطري، أي: في حياتي إلى المكان الذي هو فيه في الدنيا، وبعد مماته يتوجهون إلى قبره، فهذه قبلة البهائية غير قبلة المسلمين، وتشريعهم غير تشريع المسلمين، واعتقاداتهم غير اعتقادات المسلمين.

    ولهم من الكتب ما يخالف كتب المسلمين، فهو زعم أولاً أنه عيسى بن مريم، ثم ادعى الربوبية بعد ذلك، ثم ادعى النبوة بعد ذلك، ولم يقتصر فيه الأمر على ذلك حتى ادعى الربوبية.

    1.   

    مؤسس الفرقة القاديانية وبيان عقائدهم ومخططاتهم

    أما القاديانية فهي أيضاً من هذه الشجرة الخبيثة، وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا [الأعراف:58].

    فصاحب هذا الإفك هو غلام أحمد القادياني ، ظهر في الهند، ثم انتقلت دعوته إلى أمريكا وإلى بعض البلاد الأخرى، زعم أولاً أنه ظل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم ادعى بعد ذلك النبوة، ثم ادعى بعد ذلك الربوبية.

    فهذه الطائفة مثل سابقتها انبثقت من هذه الشجرة الحنظلية الخبيثة القائمة على الكفر بهذه العقيدة الثابتة من عقائد المسلمين: أن الواجب على المسلم أن يعتقد أنه لا نبوة بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهذه أديان ما أنزل الله بها من سلطان، كالمجوسية وعبدة الأوثان، بل هم أكفر منهم؛ لأنهم يكذبون على الله عز وجل، ويزعمون بأن الله عز وجل بعثهم، ويقولون: بأن الله عز وجل فض الخاتم، أي: بعد أن جعل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء فض هذا الخاتم.

    وقال بعضهم: (خاتم الأنبياء) أي: زينة الأنبياء. فهم يؤولون نصوص الكتاب والسنة حتى توافق مذاهبهم الباطلة، ويجدون من أغبياء البشر من يتابعهم على ذلك، وإذا انتشر في الناس الجهل انتشرت هذه المذاهب الباطلة وهذه الأفكار الهدامة، التي من اعتقدها أو اعتقد شيئاً منها فليس له في الإسلام إلا السيف؛ لأنه كافر مرتد، كافر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وكفره أكبر وأعظم من كفر اليهود والنصارى؛ لأن المرتد أشد كفراً من اليهود والنصارى، ومن الكافر كفراً أصلياً، وحظه من الإسلام القتل.

    فهذه الدعوات الخبيثة التي ظهرت واشرأبت بأعناقها في هذه الأيام، وظن بعض الناس أنها مذاهب إسلامية، وأنه يجوز للمسلم أن يتمذهب بمثل هذه المذاهب، ثم نجد من المسئولين من يقر هذه الأديان الباطلة، ويوافق على أن يُكتب في البطاقة بهائي بدلاً من مسلم، كأنه يقول له: أنت على دين محترم، وأنت على عقيدة محترمة، فمن حقك أن يقال عنك: بهائي أو بابي.

    وهذا خروج عن الإسلام، والموافقة على ذلك كفر بما أنزل على النبي عليه الصلاة والسلام من أنه خاتم الأنبياء والمرسلين؛ لأنه أتى بالشريعة الكاملة التي رضيها الله عز وجل لعباده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

    وقال عز وجل: وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3] فلا نبوة بعده صلى الله عليه وسلم؛ ولأنه أتى بالشرع الكامل الذي تحتاجه البشرية، وبالتشريعات التي لا تستغني البشرية عنها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فكل من اعتقد غير ذلك فهو كافر مرتد خارج عن دين الإسلام.

    فهذه بعض الحقائق عن هذه المذاهب الباطلة التي هي خارجة عن الإسلام جملة وتفصيلاً، والتي أصحابها أكفر من اليهود والنصارى.

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين، وأعل راية الحق والدين.

    اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بعز فاجعل عز الإسلام على يديه، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بكيد فكده يا رب العالمين، ورد كيده في نحره، واجعل تدبيره في تدميره، واجعل الدائرة تدور عليه.

    اللهم أعزنا بالإسلام قائمين، وأعزنا بالإسلام قاعدين، ولا تشمت بنا الأعداء والحاسدين.

    اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بكيد فرد كيده في نحره، واجعل تدميره في تدبيره، واجعل الدائرة تدور عليه.

    اللهم عليك باليهود والنصارى، وعليك بالبهائيين والبابيين والقاديانيين، وعليك بفرق الكفر والعلمانيين والمنافقين، وعليك بالذين يشيعون الفواحش في بلاد المسلمين، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً.

    اللهم لا ترفع لهم في الأرض راية، واجعلهم لسائر خلقك عبرة وآية.

    اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبداً ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا.

    اللهم اهدنا واهد بنا، وانصرنا ولا تنصر علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا، وانصرنا على من بغى علينا.

    اللهم هيئ لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، اللهم ارفع عن بلاد المسلمين الغلاء والوباء والربا والزنا، وردهم إليك رداً جميلاً.

    وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755998041