إسلام ويب

تفسير سورة المؤمنون (تابع) [21 - 22]للشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يمتن الله عز وجل على عباده في كتابه الكريم بأنه سخر لهم ما في السماوات والأرض، وبسط عليهم نعمه، وسخر الأنعام فمنها ما يأكلون ويشربون من ألبانها، ومنها ما يركبون وينتفعون بها، ولكن العباد كلما أسبغ الله عليهم النعم كفروا وأشركوا به سبحانه، وصرفوا العبادة لغير الله، وهذا من كفران النعم والعياذ بالله.

    1.   

    امتنان الله تعالى على عباده بأن خلق لهم بهيمة الأنعام

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    قال الله عز وجل: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ [المؤمنون:21-22].

    ذكرنا في الحديث السابق أن الله سبحانه وتعالى منَّ على عباده بأن خلق لهم من الأنعام بهيمة وجعل من هذه البهائم للإنسان منافع كثيرة، وذكر هنا في هذه السورة بعضاً منها، فقال: نُسقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ [المؤمنون:21-22] فالإنسان يشرب من ألبانها، ولكم فيها منافع كثيرة من أجلها: أنكم تأكلون منها، وأيضاً تركبون عليها وتحملون أثقالكم.

    فذكر بهيمة الأنعام، ثم قال بعدها سبحانه وتعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ [المؤمنون:23] فيذكر بنعم الله عز وجل على عباده، ثم يذكرهم بالتوحيد الذي هو دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام، والعبد إذا تذكر نعمة الله سبحانه، وأن الله هو الذي خلق ورزق، وهدى، وأعطى، وأن الله هو الذي ينزل من فضله على من يشاء من عباده، فيلزم العبد أن يعبد هذا الإله الواحد القادر سبحانه وتعالى.

    ذكر بهيمة الأنعام في سورة النساء

    فيذكر هذا الفضل في هذه السورة وفي غيرها، فيذكر في سورة النساء: أن الشيطان يريد أن يضل الإنسان، فيقول الله سبحانه: إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا * لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا [النساء:117-118] الشيطان هذا الملعون هو الذي قال لربه سبحانه: إن لي نصيباً من عبادك، فقال: وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ [النساء:119]، فالأنعام التي خلقها الله عز وجل كاملة يأتي الشيطان للإنسان ويوسوس له بأن يقطع آذان الأنعام ويشقها، لأجل أن يسيبها ويجعلها سائبة للشيطان، ويقول: إنها صحت من المرض، فإذا به يتركها للأوثان.

    فالله هو الذي خلق ورزق، وإذا بالإنسان يوجه هذه النعمة لغير الله سبحانه وتعالى، فكأن ربنا سبحانه يؤكد المعنى أنه الخالق وحده سبحانه، فالخالق هو الذي يستحق أن يعبد وليس غيره، والشيطان هذا اللعين هو الذي يجعل الإنسان يوجه هذه النعم وهذه العبادات التي يفترض عليه أن يوجهها إلى الله عز وجل إلى غير الله سبحانه، فيشق آذان الأنعام، ويغير خلق الله بأمر الشيطان له فيطيعه، يقول الله سبحانه: وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا [النساء:119].

    ذكر بهيمة الأنعام في سورة المائدة

    ويذكر لنا بهيمة الأنعام في سورة المائدة فيقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ [المائدة:1] فبهيمة الأنعام خلقها الله لكم لمنافعكم، لطعامكم وشرابكم، ولم يحرم الله عز وجل عليكم إلا ما فيه مفسدة لكم، قال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [المائدة:3] فهذه أشياء حرمها الله لمفاسد فيها، منها: أنها ميتة، وأنها ذبحت لغير الله سبحانه وتعالى، فيذبحونها على غير اسم الله سبحانه، فأحل لنا بهيمة الأنعام، وجاء الشيطان يحرم على الإنسان أشياء أحلها الله عز وجل لهم.

    ذكر بهيمة الأنعام في سورة الأنعام

    وذكر في سورة الأنعام بهيمة الأنعام، فقال سبحانه عن هؤلاء الذين عبدوا غير الله سبحانه: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا [الأنعام:136] فبهيمة الأنعام التي خلقها الله عز وجل لنفعكم، ولطعامكم وشرابكم إذا بهم يجعلون نصيباً منها لله ونصيباً لغير الله.

    فهذا من العجب أن الإنسان يعلم أن الذي خلق الأنعام هو الله ومع ذلك يعبد غير الله، وأن الذي رزق هو الله ومع ذلك يجعل نصيباً لله من بهيمة الأنعام، ونصيباً آخر لأوثانه وأصنامه.

    ومن العجب ما يذكره الله عز وجل هنا في سورة الأنعام حيث يقول: فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [الأنعام:136] يعني: انظر إلى هذا التوزيع وهذه القسمة عند هؤلاء! فتصدقوا بجزء منها لله وبجزء منها للأوثان، فما كان لله جعلوه لأوثانهم، وما كان لأوثانهم قالوا: ربنا غني عنه، لا يحتاج إلى هذا الشيء، فإذا بعبادتهم كلها توجهت إلى الأوثان وليست لله سبحانه وتعالى، فأشركوا وهم يعلمون أن الله هو الغني عنهم وعن عبادتهم.

    يقول الله سبحانه: وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ [الأنعام:138] بهيمة الأنعام خلقها الله عز وجل رزقاً لعباده، فإذا بالعباد يتحكمون ويقولون: هذه أنعام وحرث حجر محجورة لا يأكلها أحد من النساء، فهي للرجال وليست للنساء، وهذه ممنوعة على الجميع وتترك سائبة لنحو مرض وغيره، فقالوا: هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ فهم الذين يحللون ويحرمون من دون الله سبحانه وتعالى.

    وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا [الأنعام:138]، فيكون أحدهم مريضاً، فإذا شفي يجعل هذه الناقة أو هذه البقرة سائبة بين الناس لا ينتفع بها أحد، وما المنفعة التي جرها من وراء ذلك؟ لا شيء، من الذي دعاه إلى ذلك؟ ليس الله سبحانه وتعالى، وإنما هو الشيطان يضحك على الإنسان ويخدعه، فيجعله يخرج ماله للاشيء بل للإثم عياذاً بالله.

    وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا [الأنعام:139]، فهذه الأنعام الذي يخرج من بطنها خالص للذكور ومحرم على النساء لا يأكلن منها، وإذا نزلت من البطن ميتة فيأكل منها الرجال والنساء، وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ [الأنعام:139] سيجزيهم الله عز وجل على هذا الوصف الذي وصفوه، وعلى هذا التشريع الذي شرعوه من دون الله عز وجل، إنه حكيم عليم.

    وذكر الأنعام أيضاً في سورة الأنعام فقال: وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ [الأنعام:142]، فمنها ما تحملون عليه أمتعتكم، وتركبون فوقها كالإبل، ومنها ما تأكلون منها، قال سبحانه: وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا [الأنعام:142] تتخذون من جلودها وأصوافها وأوبارها وأشعارها ما تلبسونه، فهذه نعم من الله عز وجل، وأخبر سبحانه أنه أنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج، وهي ما فصلناها قبل ذلك: من الإبل اثنين، ومن البقر اثنين، ومن الغنم اثنين، ومن الماعز اثنين.

    ذكر بهيمة الأنعام في سورة النحل

    كذلك ذكر الله لنا في سورة النحل بهيمة الأنعام فقال: وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ [النحل:5-6] فيعدد النعم سبحانه وتعالى في هذه السور حتى يعرف الإنسان فضله وقدرته؛ فيقوم بعبادة ربه ولا يشرك به شيئاً، وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ [النحل:5] تستدفئون بها وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ َ [النحل:5-6] تتجملون، وهي من أنفس أموال الناسحِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ [النحل:6] جمال في وقت راحتها، وجمال في وقت مسرحها وخروجها لرعيها، وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الأَنفُسِ [النحل:7] ولو شاء الله عز وجل لما مكنكم منها، ولا أعطاكم من العقول ما تفكرون بها كيف تركبون هذه البهيمة، وجعلكم تمشون على أقدامكم كما تمشي سائر الأنعام، قال سبحانه: وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ [النحل:7] سبحانه تبارك وتعالى.

    ويقول تعالى في آية أخرى: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ [النحل:66] وقد ذكرنا هذه الآية سابقاً، كيف أن الله امتن على عباده بأن أخرج لهم هذا اللبن الخالص من بطون هذه الأنعام، ألبان يشربونها فيها طعام للإنسان وشفاء أيضاً.

    من فوائد اللبن

    روى أبو داود والترمذي وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلبن فشرب، فقال: إذا أكل أحدكم طعاماً فليقل: اللهم بارك لنا فيه، وأطعمنا خيراً منه، وإذا سقي لبناً فليقل: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه) وعلل ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (فإنه ليس يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن)، فاللبن يقوم مقام الطعام والشراب، فهذا هو السائل الوحيد الذي يقوم مقام الاثنين طعاماً وشراباً، وقد ثبت عند علماء التغذية أن اللبن أكمل الأغذية من الناحية البيولوجية، رغم أنه قد ينقصه قليل من بعض العناصر الغذائية مثل فيتامين (س) وفيتامين (ج) ومثل الحديد، فقد ينقصه شيء قليل من هذا، ولكن باقي القيمة الغذائية عالية فيه، فهو طعام وشراب للإنسان.

    قال العلماء: اللبن يمد جسم الإنسان في جميع مراحل حياته بالبروتينات والكربوهيدرات والسكريات والدهون والمعادن والفيتامينات، فهو مليء من كل شيء بفضل الله عز وجل ورحمته، وقد خرج من بين فرث ودم لبناً خالصاً، فالدم نجاسة والفرث قد يكون نجاسة، وهنا خرج من بين الاثنين هذا الشيء الطاهر العظيم، وهو اللبن الخالص الذي يشربه الإنسان ويستسيغه.

    يقول علماء التغذية أيضاً: يعتبر الحليب أعظم غذاء متكامل وجد على سطح الأرض، حيث إنه صمم ليكون غذاءً لكل مولود من الحيوانات: البقر والماعز والغنم، وكذلك الإنسان عندما يولد له الطفل الصغير، وكذلك صغار هذه الأشياء، فطعامها الأساسي لفترة طويلة هو اللبن، فقالوا: عناصر اللبن الغذائية جاهزة للهضم ولا يضيع منها أثناء الامتصاص في الأمعاء إلا النزر اليسير، فهي عناصر كاملة وسهلة، فلا يوجد شيء منها يضيع ويخرج برازاً أو بولاً إلا شيء يسير جداً، والباقي كله يستفيد منه جسم الإنسان.

    وقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (عليكم بألبان البقر؛ فإنها ترم من كل الشجر، وهو شفاء) فهذه فائدة كبيرة جداً.

    وقد نشرت مجلة (لانست) في سنة ألف وتسعمائة وخمس وثمانين دراسة قام بها دكتور مكث مدة عشرين سنة يدرس في فوائد اللبن، عشرون سنة يعمل بحوثات على ألفي شخص يشربون اللبن، وهذه فترة دراسة طويلة جداً، قال: فوجد أن أولئك الذين كانوا يشربون كأسين ونصفاً من اللبن يومياً أقل عرضة لسرطان القولون، وأولئك الذين لا يتناولونه يصابون بسرطان القولون، فهذه نسبة عالية في هؤلاء الذين يواظبون على ذلك بهذا القدر أو دونه، والله سبحانه وتعالى لا يجعل فيه هذا الداء.

    فكانت نصيحة هذا الدكتور -واسمه يارلن - أن يشرب الناس يومياً ما بين كوبين إلى ثلاثة أكواب من اللبن، ولعل كثيراً من الظروف الاقتصادية للناس لا تسمح، ولكن على الإنسان أن يشرب اللبن ولا يتركه بقدر ما يستطيع من ذلك.

    وهنا دراسة ثانية أعدت في اليابان تشير إلى أن تناول اللبن يقلل من الإصابة بسرطان المعدة، وقالوا: إن كثيراً من التهابات المعدة والأمعاء في الأطفال يكون سببها عدم شرب اللبن العظيم الذي ذكره الله عز وجل في كتابه، وهناك فوائد كثيرة جداً، ولكن هذا شيء من ضمن الأبحاث التي أجراها بعض الناس على ذلك.

    قال الله عز وجل في هذه السورة: نُسقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا [المؤمنون:21] وفي قراءة (تسقيكم مما في بطونها) كما قدمنا.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وعليها وعلى الفلك تحملون)

    ثم قال تعالى: وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ [المؤمنون:22]، وقال في آية أخرى: وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الأَنفُسِ [النحل:7] والإنسان يركب الإبل منها خاصة دون غيرها.

    والغرض: بيان أن بهيمة الأنعام التي خلقها الله عز وجل لعباده جعل لهم فيها الطعام والشراب، وأمرهم أن يشكروا هذه النعمة وأن يعبدوا الله، وحذر بعدها من الشرك بالله سبحانه وتعالى، ومن أن توجه هذه النعم لغير الله سبحانه.

    وقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في نصيحة يحيى بن زكريا عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام لبني إسرائيل في النصيحة التي أمره الله عز وجل أن يقوم فيها: أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً، وضرب لهم مثلاً في ذلك: فمثل الذي يشرك بالله كمثل رجل بنى بيتاً وجعل حانوتاً للعمل، واشترى أجيراً أو اشترى عبداً وقال: هذا بيتي، وهذا عملي تعمل هنا وتضع المال هنا، فيكون هذا العبد ملكاً لهذا السيد الذي بنى البيت والمحل وقال له: اشتغل في المحل والذي يأتي لك من هذا المال فاجعله في هذا البيت، فإذا بالعبد يعمل في محل هذا الرجل، ويعطي المال لغير سيده، أيكم يرضى أن يكون عبده كذلك؟ لا أحد يرضى بذلك، فإذا كان الإنسان لا يرضى لنفسه فكيف يرضى به لله سبحانه وتعالى؟! فهذا مثل الذي يشرك بالله.

    فالله خلق لهم بهيمة الأنعام لينتفعوا بها، وأمرهم أن يشكروه الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: أَفَلا يَشْكُرُونَ * وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ [يس:73-74] اتخذوا أنداداً من دون الله عز وجل لعلها تنصرهم، ونسوا أن الذي خلقهم ورزقهم هو الذي يقدر على هدايتهم ونصرهم، فالآيات فيها الدعوة إلى توحيد الله سبحانه، بأن تعرف أنه وحده هو الخالق، وهو وحده الذي يعبد لا شريك له.

    نسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756322653