معاشر المؤمنين! لا يخفاكم كراهية اليهود والنصارى لهذه الأمة خاصة، ولسائر الأمم عامة، ولا يخفاكم تدبير أذناب اليهود والنصارى لكل ما من شأنه تفتيت وحدة أمة الإسلام، وإثارة الفرقة والخلاف بين صفوفهم، وإشاعة الفواحش والفساد في شبابهم ونسائهم، ولقد صدق الله جل وعلا حيث يقول في محكم كتابه: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ [البقرة:109] ويقول الله جل وعلا: مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ [البقرة:105].
عباد الله! لا شك أنهم يريدون أن يقلبوا عقيدة التوحيد في هذه البلاد خاصة، وفي سائر بلاد المسلمين عامة، يريدون أن يقلبوا التوحيد شركاً، والإسلام يبدلونه إلى أي ملة أو نحلة خاطئة، ولكن يأبى الله ذلك، إذ جاء عنه صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن رضي منهم بما يحقرون من ذنوبهم، أو رضي منكم ما تحقرون من ذنوبكم) .
إذاً يا عباد الله! يأبى الله جل وعلا أن ينقلب التوحيد في هذه الجزيرة وثنية أو شركاً، ويأبى ذلك رسوله والمؤمنون أجمعون، ولكن يا عباد الله! إننا نلاحظ تدبيراً بطيئاً ساماً فتاكاً اتخذ شكلاً براقاً، وألواناً زاهية، انخدع به بعض الغوغاء، وطاف على ذوي السذج في عقولهم، أتدرون ما هو يا عباد الله؟! إنه غزو القيم والأخلاق والمبادئ والأفكار، ما داموا يئسوا أن يعبد الشيطان في هذه الجزيرة، فإن أعداء الإسلام والأمة أرادوا أن يسلكوا هذا المسلك لعلمهم ألا مكان للوثنية في جزيرة العرب، فاتخذوا مسلك الإفساد الفكري، والإفساد الخلقي، وهدم المبادئ والقيم.
عباد الله! كلنا يعلم أن الله جل وعلا قد امتنَّ علينا بنعم عظيمة وآلاء جسيمة، وهذه النعم تحتاج إلى أن تقيد بشكر والتزام بكتاب الله وأمر الله وسنة نبيه وهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم.
أيها الأحبة في الله! ماداموا يئسوا من ذلك، فإنهم أرادوا أن يغزوا هذا المسلم في عقيدته وإيمانه وقيمه ومبادئه، فماذا فعلوا يا عباد الله؟! لقد تسلطت قوى الضلالة والفساد على هذا المسلم، لكي يكون مسلماً وادعاً جباناً ضعيفاً خواراً، يخاف أدنى حركة أو كلمة، من أجل هذا أرادوا أن يسلكوا مختلف الأساليب والسبل في هدم هذا الإسلام.
أما القرآن فذلك أمرٌ يعجزون عنه؛ لأن الله جل وعلا قال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9] وسنة النبي صلى الله عليه وسلم محفوظة بحمد الله، إذاً كيف السبيل مادام إحلال الوثنية غير ممكن، وما دام القرآن محفوظاً، ومادامت السنة معتنىً بها؟ لا سبيل لأعداء الأمة إلا إلى أن يغزوا هذا المسلم في نفسه وإيمانه وحماسه لدينه، فتوجهت قوى الضلالة نحو هذا المسلم لتعلمه كيف يكون جباناً، كيف يكون أنانياً، كيف يهتم بنفسه، كيف يهتم بسيارته، وبيته وفلته، ورصيده وملذاته، ولا شأن له ببقية المسلمين، ولا حِس ولا هم له بسائر إخوانه المسلمين.
هذا أمر قد وقع في كثير من المسلمين، لا شك أنه مسلم، ولا يستطيع أحد أن يرفع عنه اسم الإسلام وأحكام الدين، ولا شك أنه مسلم بهذا، لكنه مسلم ضعيف، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف).
لا شك أن قوى الضلالة أرادت أن توجد مسلماً أنانياً ضعيفاً، إذا رأى الفساد في طريقه، قال: ذنبهم على جنوبهم، وإذا رأى منكراً، قال: وما دخلي بهم، وإذا رأى تسلطاً على رقاب إخوانه المسلمين، قال: همي نفسي، وإذا رأى موقفاً يحتاج إلى صدع بالحق، وصراحة بالنصيحة والإخلاص، قال: أخشى على رقبتي ورزقي ونفسي، وقد نسي ذلك عبر هذا السيل الجارف من وسائل الهدم والتدمير أن الأرزاق والأرواح بيد الله سبحانه وتعالى، أرادت قوى الضلالة أن توجد مسلماً ضعيفاً، أن توجد مسلماً لا يستطيع أن يؤثر في جيرانه وأهل بيته، وعند ذلك تطمئن قوى الضلالة إلى هذا النوع من المسلمين، الذي يجتهد الواحد منهم في ملذات نفسه، فإذا مات، مات الدين معه، ولم يبق لدين الله في نظرهم قائمة، عياذاً بالله من فكرهم، ومما يصبُون إليه.
فقال: يا معشر قريش! قولوا كلمة واحدة تدين لكم بها العرب، وتدفع لكم بها الجزية العجم، قال أحدهم بل كبيرهم: وأبيك عشرا، نعطيك عشر كلمات معها، قال: قولوا: لا إله إلا الله، قالوا: تباً لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟! وهل رد ذلك الضلال والكيد والاستهزاء، نبينا عن دعوته، بل مضى فيها مجاهداً وداعياً إلى الله على نور وبصيرة وتأييد من ربه.
حتى إذا انتشر الإسلام في مكة، وبدأ يدب في عروقها، جاء القوم إلى عمه أبي طالب، وقالوا: إن ابن أخيك سفه أحلامنا، وسب آلهتنا وأصنامنا، أفلا يكون بيننا وبينه أمرٌ؟ إن كان الذي فيه أمر يشتهي فيه السيادة، أو أمر يشتهي فيه الرئاسة، أو أمر يريد فيه جمع المال أعطيناه ما يرضيه، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي طالب ذات يوم، فقال أبو طالب: يابن أخي! إن قومك يشكونك إلي، سفهت أحلامهم، وسببت آلهتهم، لعلك أن تترك هذا الأمر شيئاً قليلا، أو أن تترك سب آلهتهم وأصنامهم.
ماذا قال صلى الله عليه وسلم بعد أن عرض عليه أبو طالب هذه المهادنة السلمية؟ عرض عليه أنهم يقولون: إن كنت تريد المال أعطيناك، إن كنت تريد الجاه سودناك، إن كنت تريد الجمال زوجناك، إن كنت تريد ما تريد أعطيناك، فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، بآبائنا هو وأمهاتنا؟ التفت إلى عمه، وقال: (يا عم! والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في شمالي، ما تركت هذا الأمر حتى أهلك دونه، وفي رواية: حتى تندق هذه السالفة).
انظروا هذا الإسلام والعقيدة التي لا تقبل المهادنة، يريدون أن يعمل في دينه، لكن من دون سبٍ لآلهة الكفار وأوثانهم.
وحقيقة التوحيد أن تكفر بالطواغيت، وأن تسب الأصنام والأوثان، وكل معبود أو متبوع مطاعٍ من دون الله سبحانه وتعالى، لم يقبل أنصاف الحلول، وأنزل الله جل وعلا قوله: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [الكافرون:1-6].
دين العزة، دين السيادة، دين السؤدد، دينٌ تُرفع به الرءوس، وتُعلى به الهامات، وتخفق به الرايات نصراً وعلواً وسيادة ورفعة بدين الله، هذا الدين الذي جاءنا عن ربنا، هذا الدين الذي عرفناه من سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، أما الدين الذي ينتسب صاحبه إلى الإسلام اسماً، وحقيقته يهجر بيت الله والمساجد ويسمى مسلماً، ويرى المنكر ويسكت عليه ويقال له مسلم، ويرى المصيبة والبلية في سوقه ومتجره وقربه وبعده ويسمى مسلماً، هذا والله ليس بالإسلام الذي جاء عن الله وعن نبيه.
لا شك أن صاحبه مسلم، دخل الإسلام بنطق الشهادتين، وتحقيق المقتضى وانتفاء الموانع، لكن الإسلام الذي نزل في كتاب الله وجاء في سنة نبي الله هو ذلك الإسلام الذي ترفع به الرءوس، ذلك الإسلام الذي يفتخر صاحبه ويقول: أنا مسلم، يفتخر صاحبه في أي موقع ومكان ومناسبة أياً كانت، يفتخر ويرفع رأسه قائلاً: أنا مسلم، ويعلن دينه ومبادئه، هذا هو الإسلام إسلام العزة، الإسلام الذي لم يفهمه كثيرٌ من أبنائنا في هذا الزمان، ومن أجل ذلك رأينا آثار هذا الفهم الناقص في سلوكهم، إذا ذهبوا إلى الغرب استحى أحدهم أن يفتخر بإسلامه، وأن يصدع بصلاته، وأن يصدح بأذانه، وأن يفتخر بدينه.
رأينا هذا الفهم المنقبض الضيق للإسلام في فعل كثير من الناس، إذا جلسوا وحانت الصلاة يستحي أن يقول: قوموا إلى عبادة رب غني عنكم، رأينا أثر الفهم الضيق، ورأينا قلة فهم هذا الدين في سلوك كثير من الناس حينما يرون داعية صادقاً إلى الله، هذا متدخل في شئون الآخرين، هذا لا هم له إلا الآخرين، إلى غير ذلك من عبارات التثبيط والتنقص والاستهزاء، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
كيف يدَّعي مسلم حقيقة إسلامه وهو لا يرفع بهذا الإسلام رأساً؟ كيف يدَّعي مسلم حقيقة إيمانه وجوارحه لم تبرهن هذا الإيمان تطبيقاً وقولاً وفعلاً؟
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله العلي العظيم الجليل لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.
عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار عياذاً بالله من ذلك.
عباد الله! ورغم هذه الجهود النصرانية واليهودية، ورغم جهود أذناب هاتين الطائفتين الملعونتين، ورغم جهود أذناب الغرب وعملائه، تسلطاً على البقية الباقية في هذه الأمة، على بقية الحجاب والستر والحياء، وعلى بقية صفاء العقيدة، رغم كل ذلك فإن هذه البلاد والأمة بحمد الله ومنه وتوفيقه تشهد وعياً وفهماً واستقامةً على كتاب الله وسنة نبيه، تمثلت في جيل من الشباب الذي عاد إلى ربه عوداً حميداً، وآمن واطمأن إلى كتاب ربه اطمئناناً سعيداً، ورفع بهذا الدين رأسه، وأعلن لهذه الدعوة راية، ألا إن الأمم لتحفظ بأمثال هؤلاء، ألا وإن الأمة ليحفظها الله بالصالحين فيها من الشباب والشيب والكهول والعجائز: قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً [الفرقان:77].
إذا هيأ الله للأمة شباباً دعاة صادقين واعين مخلصين، يدعون الله جل وعلا سراً وعلناً، ليلاً ونهاراً، يدعون الله لهذه الأمة أن يحفظ ولاة أمرها وعلماءها، ويسعون بالصلاح والفعل النافع في صفوف أبنائها، فإن الأمة تحفظ بإذن الله، وتحفظ برحمة الله ومنته، بسبب جهود أولئك الصادقين مع الله، أولئك الصادقين مع ربهم سبحانه وتعالى.
فيا أمة الإسلام! أخلصوا جهودكم لله، واجعلوا سعيكم في طاعة الله، وتنافسوا في مرضاة الله، تحفظوا بذلك النعم والخيرات أمامكم وخلفكم ومن فوقكم ومن تحت أرجلكم، اعملوا صالحاً وتصدقوا وجاهدوا واجتهدوا، يدفع الله البلاء بذلك عنكم، واعلموا أن أمم الضلالة ما زالت -ولله الحمد والمنة والعاقبة للمؤمنين والمتقين- تشهد الفضائح تلو الفضائح في قسسها ورهبانها وحاخاماتها، ورجال الطقوس المعقدة فيها، ما زالوا يشهدون التراجع رغم جهود وإمدادات مجلس الكنائس الأعلى لهم، رغم جهود المبشرين والمنصرين لهم.
لكنهم -ولله الحمد والمنة- يشهدون يوماً بعد يوم قناعة بفساد عقائدهم، ويشهدون وثائق بفضح رؤسائهم في كنائسهم وغيرها، وأبين لكم حقيقة وقعت لعل الكثير منكم سمع بها، من مدة علمنا بمناظرة قامت بين رجل من أهل أفريقيا وأصله هندي، رجل مسلم مجاهد داعية اسمه أحمد ديدات ، نسأل الله جل وعلا أن يثبتنا وإياه على دينه، قامت مناظرة له مع قس نصراني زعيم من زعماء النصرانية اسمه جيمي سواجارت.
هذا الرجل تناظر مع أحمد ديدات في مناظرة كبرى نشرتها بعض أجهزة التلفزة، وتناقلتها الأشرطة مسموعة ومرئية، وكان هذا القس النصراني جيمي سواجارت يقول: إنكم يا معاشر المسلمين تتركون المعصية، خشية أن تقطع أذن واحد منكم- يستهزئ بحد القطع في دين الإسلام- أو أن يقطع إصبع واحد منكم، ولكن معاشر النصارى- يقصد قومه- يتراجعون عن الذنب والخطيئة بواقع الضمير، ويبتعدون عنها من دافع الضمير الذاتي الذي يراقب الرب في فعله وعمله.
ثم انتهت تلك المناظرة بهزيمة ساحقة وفضيحة ماحقة لأسس النصرانية ، وأسلم بعد هذه المناظرة مئات من النصارى وآمنوا بالله، ولكن الفضيحة التي حصلت أن جيمي سواجارت هذا كان قد نافس رجلاً اسمه جيم بيكر قائدٌ من قواد النصرانية وزعماء الكنيسة، تتبعه حتى فضحه في فضيحة أخلاقية، فتسلط بيكر هذا على جيمي سواجارت، وجعل إحدى عشر مخبراً يلاحقونه حتى يظفر منه بفضيحة، فنشرت الفضيحة وانتشرت، وأذاعتها وكالات الأنباء، وأجهزة التلفزة الأمريكية في نشرة الأخبار التي لا يوجد أحد يتابعها، نشروا له صورة وهو يدخل فندقاً من الفنادق مع غانية من الغانيات، ونشروا له صوراً أخرى كلها فضائح.
انظروا إلى أذناب النصرانية كيف يطنطنون ويلجلجون، ثم يكشفون بحمد الله والله لهم بالمرصاد، لما كشف هذا الرجل وأعلنت فضيحته على الملأ، قام يبكي ويقول: هذه خطيئة وأنا استغفر الرب والسيد اليسوع إلى غير ذلك من تلك العبارات المخرفة.
عباد الله! وما زالت النصرانية واليهودية ، وما زال أعداء الإسلام يشهدون كل يوم فضيحة، تدل على بطلان مبدئهم، وعلى فساد عقيدتهم، وعلى كذب وخيانة سادتهم ورؤسائهم، أما ديننا ولله الحمد والمنة فيشهد تقدماً وانفتاحاً وانتصاراً وأفواجاً تدخل في هذا الدين، فلك اللهم الحمد والمنة.
الله الله يا معاشر المسلمين! لا يؤتين الإسلام من قبلكم، لقد أفلست الشيوعية في طريقتها العقدية، وفي نظامها الاشتراكي الاقتصادي، ولقد فشلت وعقمت الرأسمالية، ولقد عقمت جميع الشعارات، ولم يبق إلا دين الإسلام لم تطبقه تلك الأمم المنكوبة، ولو طبقوه لوجدوا في ذلك السعادة والسؤدد والاطمئنان والراحة، لكن لكبر منهم وعناد لا يريدون تطبيقه، واعلموا أنهم لن يتأثروا بهذا الدين إلا يوم أن يرونا أبناء المسلمين قد التزمنا بديننا وطبقنا ديننا، وكنا قدوة صالحة ومثلاً أعلى لهذا الدين الذي ننتسب إليه، عند ذلك يا عباد الله! سيدخلون في دين الله أفواجاً، لعلمهم ومعرفتهم بفساد مبادئهم وأنظمتهم، ولرؤيتهم تلك الصورة الجميلة الناجحة الرائعة لدين الإسلام في مجتمع مسلم.
عباد الله! إن البشرية لا تستجيب لمنهج مقروء ولا مسموع، ولكن تستجيب لمنهج قد طبق في صور وأفراد مجتمع من المجتمعات، وعند ذلك يدخل الناس في دين الله أفواجاً، ويتأثرون بدين الله، بوسعنا أن ننشر ملايين النسخ من القرآن، وملايين الكتب من السنة، وآلاف الأشرطة من الوعظ والنصائح، لكن هذه لا تغني عن تطبيق المسلم لإسلامه، وأن يجعل من نفسه قدوة صالحة، عند ذلك يدخل الناس في دين الله أفواجاً، قرءوا ديناً فرأوه قائماً متمثلاً في صورة هذا المسلم، الذي هو مسلم في جميع تصرفاته وأعماله.
اللهم زد هذا الدين عزاً، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم دمر أعداء الدين، اللهم أبطل كيد الزنادقة والملحدين، اللهم من أراد بنا سوءاً فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميره يا سميع الدعاء.
اللهم لا تدع لأحدنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا حيران إلا دللته، ولا غائباً إلا رددته، ولا أيماً إلا زوجته، ولا عقيماً إلا ذرية صالحة وهبته.
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا، اللهم اجزهم عنا خير الجزاء، اللهم من كان منهم حياً فمتعه بالصحة والعافية على طاعتك، ومن كان منهم ميتاً اللهم جازه بالحسنات إحساناً، وبالسيئات عفواً وغفراناً، اللهم آمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا.
اللهم اهد إمام المسلمين، اللهم أصلح بطانته، اللهم قرب له من علمت فيه خيراً له ولأمته، وأبعد عنه من علمت فيه شراً له ولأمته، اللهم اجمع شمله وإخوانه وأعوانه على كتابك وسنة نبيك، اللهم لا تشمت بهم حاسداً، ولا تفرح عليهم عدواً، اللهم سخر لنا ولهم ملائكة السماء برحمتك، وجنود الأرضين بقدرتك.
اللهم اجعل لنا من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلوىً عافية، ومن كل فاحشة أمنا، ومن كل فتنة عصمة رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف:23] ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر