يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
[آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
[الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد:
فإن من علامات الرفع وعلامات النصب وعلامات الخفض ما هو أصلي ومنها ما هو فرعي، أي: ينوب عن الأصل، وعلامات الخفض الأصلية الكسرة.
وتكون الكسرة في مواضع ثلاثة:
الموضع الأول: الاسم المفرد المنصرف، وخرج بالمنصرف غير منصرف كأحمد وعمر.
والاسم المفرد المنصرف يقبل التنوين ويكون خالياً من علل المنع من الصرف.
الموضع الثاني: جمع التكسير.
والموضع الثالث: جمع المؤنث السالم.
مثال الاسم المفرد: مررت بمحمد، ذهبت إلى عمرو، تذاكرت مع زيد ، فكل هذه الأسماء المفردة علامة الخفض فيها الكسرة؛ لأن ( محمد ) مجرور بالباء، وكذلك زيد وعمرو مجروران بحرفي جر.
ومن الأمثلة على ذلك: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث إلى كسرى وقيصر وملوك الأعاجم بالرسائل يدعوهم إلى الإسلام، فيقول: من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم.
الشاهد: (من محمد) فهو مجرور بالكسرة؛ لأنه سبقه حرف الجر.
ومن المواضع التي تظهر فيها علامة الخفض الأصلية جمع التكسير، وجمع التكسير: هو ما تغير في صورة المفرد، ومن جمع التكسير ما هو منصرف، ومنه ما ليس بمنصرف، مثل: مساجد، مصابيح.
ومن الأمثلة على ذلك: قال رستم : أجئتم تغزوننا؟ أردتم المال والثياب، سنعطيكم في كل عام كذا وكذا من المال والثياب.
فبعث إليه خالد بن الوليد برسالة شديدة اللهجة فقال له: سآتيك برجال يحبون الموت كما تحبون أنتم الخمر.
الشاهد: برجال.
وقال الله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ
[النور:36] وتقول: عاث المسلمون في رمال الصحراء.
ومن الأمثلة قول الله تعالى: وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ
[النحل:68].
ومن مواضع الجر بالكسرة جمع المؤنث السالم:
وهو ما دل على أكثر من اثنين بزيادة ألف وتاء، وهو يجر بالكسرة الظاهرة على آخره.
قال الله تعالى: ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ
[النور:58] فعورات: جمع مؤنث سالم مجرور بالكسرة لأنه مضاف إليه.
أيضاً: قول الله تعالى حاكياً عن صاحب يوسف: إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ
[يوسف:43].
والشاهد: سَبْعَ بَقَرَاتٍ
بقرات: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة.
وقول الله تعالى في سورة البقرة: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ
[البقرة:61]:
فالشاهد: بِآيَاتِ اللَّهِ
، آيات: مجرورة لأنه سبقها حرف جر، وعلامة جرها الكسرة. ومن الأمثلة على ذلك: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بلال في يوم العيد، فمر بالمسلمات فخطبهن ووعظهن وأمرهن بالصدقة:
فالشاهد: (بالمسلمات) مجرورة بالكسرة، أو تقول: مررت بالمؤمنات، فهذه أيضاً علامة الجر فيها الكسرة لأنها جمع مؤنث سالم.
ينوب عن الكسرة الياء والفتحة، والياء لها مواضع ثلاثة أيضاً: الأسماء الخمسة؛ جمع المذكر السالم، المثنى.
ومن الأمثلة على الأسماء الخمسة المجرورة: قول الله تعالى: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ
[عبس:34-35]، فأخيه وأبيه مجرورتان بالياء؛ لأنهما من الأسماء الخمسة. أيضاً قال الله تعالى:
ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ
[يوسف:81]. وقول القائل: مر عمر بن الخطاب بـأبي بكر . وقال الله تعالى:
تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ
[المسد:1]، كل ذلك مجرور بالياء؛ لأنه من الأسماء الخمسة.
والموضع الثاني الذي تكون فيه الياء نيابة عن الكسرة هو المثنى، -ومن الأمثلة على ذلك: قول الله تعالى حكياً عن موسى أنه قال: لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ
[الكهف:60]، البحرين: مجرور بالياء لأنه مثنى. وقول الله تعالى:
عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ
[الزخرف:31]، الشاهد:
مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ
[الزخرف:31]، أيضاً مثنى مجرور بالياء؛ لأنه سبق بحرف الجر. وقال الله تعالى:
كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا
[الكهف:33]، الشاهد:
كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ
[الكهف:33] أيضاً مجرورة بالياء؛ لأنها مثنى.
وقال الله تعالى في سورة التحريم: كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ
[التحريم:10]، فالشاهد الأول:
تَحْتَ عَبْدَيْنِ
[التحريم:10]، عبدين: مضاف إليه مجرور بالياء؛ لأنه مثنى، والشاهد الثاني:
صَالِحَيْنِ
[التحريم:10]، صالحين: نعت مجرور وعلامة جره الياء؛ لأنه مثنى.
وصلِّ اللهم وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والياء لها مواضع ثلاثة أيضاً: الأسماء الخمسة؛ جمع المذكر السالم، المثنى.
ومن الأمثلة على الأسماء الخمسة المجرورة: قول الله تعالى: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ
[عبس:34-35].
فأخيه وأبيه مجروران بالياء؛ لأنهما من الأسماء الخمسة.
وقال الله تعالى: ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ
[يوسف:81].
وقول القائل: مر عمر بن الخطاب بـأبي بكر.
وقال الله تعالى: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ
[المسد:1].
كل ذلك مجرور بالياء؛ لأنه من الأسماء الخمسة.
والموضع الثاني الذي تكون فيه الياء نيابة عن الكسرة هو المثنى.
ومن الأمثلة على ذلك: قول الله تعالى حكاية عن موسى أنه قال: لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ
[الكهف:60].
البحرين: مجرور بالياء لأنه مثنى.
وقول الله تعالى: عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ
[الزخرف:31].
الشاهد: مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ
مثنى مجرور بالياء؛ لأنه سبق بحرف الجر.
وقال الله تعالى: كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا
[الكهف:33].
الشاهد: الْجَنَّتَيْنِ
مجرورة بالياء؛ لأنها مثنى.
وقال الله تعالى في سورة التحريم: كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ
[التحريم:10].
فالشاهد الأول: تَحْتَ عَبْدَيْنِ
عبدين: مضاف إليه مجرور بالياء؛ لأنه مثنى.
والشاهد الثاني: صَالِحَيْنِ
نعت مجرور وعلامة جره الياء؛ لأنه مثنى.
وصلِّ اللهم وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.