حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: التصفيق في الصلاة.
أي أن هذا الحكم الذي هو التصفيق في الصلاة إنما هو سائغ في حق النساء وليس في حق الرجال، فإذا حصل للإمام شيء يحتاج إلى أن ينبه عليه؛ فإنه يسبح الرجل وتصفق المرأة، فالتسبيح للرجال والتصفيق للنساء، ولا يكون العكس، فالرجال لا يصفقون والنساء لا تسبح في الصلاة عند تنبيه الإمام على أمر قد حصل منه، فشأن التصفيق أن يكون للنساء لا للرجال.
والتصفيق هو أن تضرب المرأة ببطن كفها أو بإصبعين من كفها اليمنى على ظهر الأخرى، ومعناه أنه لا يكون التصفيق باليدين متقابلتين؛ لأن تصفيق بطن اليد على اليد يكون فيه زيادة صوت وزيادة إزعاج، فإنما يكون بتصفيق خفيف، بحيث يكون بطن واحدة على ظهر الأخرى أو العكس، حتى يكون أخف فيحصل به المقصود دون أن يكون هناك صوت مرتفع للتصفيق، كما يحصل فيما إذا كانت بطن اليد اليمنى على بطن اليد اليسرى.
والأمثلة كثيرة على هذا، منها أمور خمسة جاء النص على أن النساء على النصف من الرجال فيها: فهن في الميراث على النصف، لقوله تعالى: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11].
وكذلك الشهادة، لقوله عز وجل: فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ [البقرة:282].
وكذلك الدية، فدية المرأة على النصف من دية الرجل.
وكذلك العتق، لأن الرجل إذا أعتق عبداً كان فكاكه من النار، فإذا أعتق جاريتين كانتا فكاكه من النار.
والخامسة العقيقة، فإن الغلام يعق عنه بشاتين والجارية يعق عنها بشاة واحدة، هذه من الأمور التي جاءت الشريعة فيها التفريق بين النساء والرجال، وجعلت المرأة على النصف من الرجل فيها.
وأما الأحكام الأخرى التي يختلف فيها الرجال عن النساء فأمثلتها كثيرة، ومنها هذا المثال الذي معنا، وهو التسبيح والتصفيق في الصلاة، فإن المرأة تصفق والرجل يسبح، ومن ذلك الغسل من بول الجارية والرش من بول الغلام، ومن ذلك كون الإمام إذا صلى على جنازة المرأة فإنه يقف عند وسطها، وعند رأس الرجل، يعني: هناك مواضع عديدة جاءت السنة فيها بالتفريق بين الرجال والنساء في الأحكام، وعلى هذا فإن الأصل كما قلت هو التساوي بين الرجال والنساء في الأحكام، إلا إذا وجدت نصوص تفرق، فإنه يصار إلى ذلك التفريق.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا سفيان ].
هو سفيان بن عيينة المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إذا جاء شخص غير منسوب بأن ذكر اسمه ولم يذكر نسبه يقال له: مهمل، وإذا جاء قتيبة يروي عن سفيان ، فالمراد به ابن عيينة ، وإذا جاء سفيان يروي عن الزهري ، فالمراد به ابن عيينة ، وهنا يروي سفيان عن الزهري ، إذاً المراد به سفيان بن عيينة المكي ، وليس سفيان الثوري الذي مر ذكره في الأحاديث السابقة، وابن عيينة متأخر عن الثوري في الوفاة، وإن كان متقدماً، لأنه يروي عن الزهري والزهري من التابعين، وكانت وفاته سنة مائة وأربع وعشرين أو مائة وخمس وعشرين، وابن عيينة توفي سنة مائة وثمان وتسعين، أو قريباً من ذلك، فقد طال عمره وأدرك الزهري وأكثر من الرواية عنه.
[ عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة ].
قد مر ذكر هؤلاء الثلاثة قريباً.
[ حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم وحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى
حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا حماد بن زيد عن أبي حازم عن سهل بن سعد أنه قال: (كان قتال بين بني عمرو بن عوف، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأتاهم ليصلح بينهم بعد الظهر، فقال لـ
جاء في الترجمة: باب التصفيق في الصلاة، وتقدم في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء)، وأورد أبو داود رحمه الله هنا حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله تعالى عنه من طريقين، وهو يدل على ما ترجم له المصنف؛ لأنه جاء في آخره: (من نابه شيء في صلاته فليسبح الرجل ولتصفق المرأة).
وفيه أنه إذا حصل التسبيح التفت إليه، فدل هذا على أنه عند حصول أمر يستدعي تنبيه الإمام على شيء أنه يسبح له بالنسبة للرجال وتصفق النساء، وأن هذا من الأحكام التي يختلف فيها الرجال والنساء، حيث إن الرجال يسبحون في الصلاة والنساء تصفق، ولا يحصل العكس، بأن تسبح المرأة ويصفق الرجل، وإنما الأمر كما جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، التسبيح للرجال والتصفيق للنساء.
وأشرت في الحديث السابق إلى أن هذه من المسائل التي يختلف فيها الرجال والنساء، وقلت: إن الأصل في الأحكام التساوي بين الرجال والنساء، فالأحكام الثابتة للرجال تثبت للنساء، والأحكام الثابتة للنساء تثبت للرجال، إلا ما يكون من خصائص النساء ولا يكون للرجال به علاقة، وأنه قد جاءت نصوص تميز بين الرجال والنساء في الأحكام، ومنها هذا الموضع الذي معنا، فإنه جاءت السنة أن النساء تصفق وأن الرجال يسبحون، وهناك مسائل كثيرة هي من هذا القبيل وقد أشرت إلى جملة منها في الفوائد المنتقاة من فتح الباري وكتب أخرى، حيث ذكرت هذه الفائدة، وذكرت ثماني عشرة مسألة كلها من المسائل التي يختلف فيها الحكم بين الرجال والنساء.
ورقم الفائدة في الفوائد المنتقاة: (483).
وأيضاً يدل على أن الكبير ينبغي له أن يتولى ذلك بنفسه؛ وذلك لما يترتب عليه من قبول وساطته وصلحه بينهم، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينب أحداً في ذلك، وإنما ذهب بنفسه صلى الله عليه وسلم.
وفيه أيضاً دليل على الإتيان بالصلاة في أول وقتها، وذلك أن بلالاً أذن وأقام في أول الوقت، ولم ينتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدلنا على فضيلة الصلاة في أول وقتها، وعلى أنه ينبغي المبادرة إلى الصلاة في أول وقتها، وقد جاء في الرواية الأولى، أن بلالاً استأذن أبا بكر ليقيم الصلاة، وفي الرواية الثانية أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره إذا حان وقت الصلاة أن يقدم أبا بكر ، ولا تنافي بين ذلك، لأن الرواية الثانية فيها أن ذلك الإذن حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن بلالاً لما حان وقت الصلاة جاء إلى أبي بكر ليستأذنه في الإقامة، لا من أجل أنه يستأذنه هل يصلي أو لا يصلي، لأنه قد أمر بلالاً أن يأمر أبا بكر أن يصلي بالناس، وهذا يدلنا على أن الإقامة حق للإمام، وليست للمؤذن، وأن الإمام هو الذي يأذن بذلك.
أنه يمكن أن يكون في الصلاة إمامان، إمام في الأول يدخل في الصلاة، ثم يكون إمام بعد ذلك، كما حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان إماماً بعد إمامة أبي بكر ودخوله في الصلاة، فصار فيها إمامان: أبو بكر دخل في الصلاة حتى مضى شيء من الركعة الأولى، ورسول الله صلى الله عليه وسلم تقدم وصلى بالناس أكثر الصلاة، فما حصل لـأبي بكر إلا جزء يسير من أول الركعة الأولى، والباقي إنما هو لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذان الحديثان يدلان على التفريق بين هذين الأمرين في كون الإمام يدخل في الصلاة ويكون إماماً، وفي كونه يترك النائب الذي ناب عنه يتم الصلاة، ويقضي الإمام الأصلي ما فاته بعد سلام ذلك الإمام النائب.
وفي هذا أيضاً دليل على أنه يمكن للإنسان في صلاته أن يتقدم ويتأخر لمصلحة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تقدم من الصف الأول إلى المكان الذي يصلي فيه الإمام، وأبو بكر تأخر من المكان الذي يصلي فيه الإمام إلى الصف الأول، فيجوز السير خطوات يسيرة لمصلحة كما حصل من رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن أبي بكر رضي الله عنه، حيث رجع القهقرى وهو مستقبل القبلة.
وفيه أدب أبي بكر رضي الله عنه مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، حيث لم يستمر ولم يصل بالناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه، بل تأخر، وهذا كما عرفنا إنما كان في أول الصلاة وليس في وسطها، وأما عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه فقد كان في وسطها.
وفيه دليل على أن الإنسان إذا احتاج إلى الالتفات لأمر لا بد منه، فإن له أن يلتفت بلي عنقه دون أن ينصرف عن القبلة.
قوله: (ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟ قال: ما كان لـابن أبي قحافة ... )، معناه أنه فهم أنه ليس هناك أحد أن يتقدم على الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن الأمر ليس لازماً.
ولما فرغ أبو بكر من الكلام وقال: (ما كان لـأبي بكر ...)، سكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه، ولم يقل كان لازماً عليك أن تفعل كذا وكذا، فدل هذا على أن فعل أبي بكر حسن، وأن هذا هو اللائق بمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كان أبو بكر في أول الصلاة.
قوله: (ما لي أراكم أكثرتم من التصفيح)، هو بالحاء، وهو بمعنى التصفيق؛ لأن التصفيق والتفصيح بمعنى واحد، فهو يأتي بالحاء ويأتي بالقاف، ومنهم من فرق بينهما بأن التصفيق هو ما يكون بضرب باطن اليد ببطن اليد، والتصفيح ما كان ببطن اليد على ظهر الأخرى، ولكن قد جاء في الحديث الذي مر ذكر التصفيق، فدل هذا على أن التصفيق والتصفيح بمعنى واحد.
قوله: (من نابه شيء في صلاته فليسبح) معناه أن المشروع بدل التصفيق أن يكون هناك التسبيح، ويكون هذا في حق الرجال، وأما النساء، فهن صاحبات التصفيح أو التصفيق.
ويمكن أن يكون الالتفات على معنى أعم، وهو أن يكون التفات بالعنق، حيث يحتاج الأمر إلى ذلك، وقد يكون المقصود به كونه ينتبه إلى تسبيحه، بمعنى أنه كان تنبيهاً على أمر من الأمور، حيث لا يحتاج إلى الالتفات بالعنق، فلا يلتفت بالعنق، وليس معناه أنه كلما حصل تسبيح التفت، وإنما يلتفت إذا كان الأمر يقتضي الالتفات كما حصل من أبي بكر رضي الله عنه.
(وقد كان لا يلتفت في صلاته) ولكن حيث يحتاج إلى الالتفات يلتفت وإذا لم يحتج إلى الالتفات فإنه يدخل في المعنى الأعم، فيكون معناه انتبه إلى التسبيح وفهم المقصود منه، أو غير ذلك.
(قال أبو داود : وهذا في الفريضة)، يعني: الأمر واضح أنه في الفريضة، لأنه جاء في الحديث أنه استأذن أبا بكر أن يقيم وهو في الفريضة، وقول أبي داود رحمه الله: وهذا في الفريضة معناه: فالنافلة من باب أولى أن يسوغ فيها ما ساغ في الفريضة.
هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة الإمام المشهور، وهو أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي حازم بن دينار ].
هو سلمة بن دينار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سهل بن سعد الساعدي ] سهل بن سعد رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وسهل بن سعد الساعدي هذا كنيته: أبو العباس ، وقد قيل: إنه ليس في الصحابة من يكنى بأبي العباس سوى اثنين: وهما سهل بن سعد الساعدي ، وعبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإسناد من الرباعيات عند أبي داود ؛ لأن القعنبي يروي عن مالك ، ومالك يروي عن أبي حازم بن دينار وأبو حازم بن دينار يروي عن سهل بن سعد الساعدي ، فبين أبي داود وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص، فهذا أعلى ما يكون عند أبي داود من الأسانيد؛ لأنه ليس عنده شيء من الثلاثيات، ليس عنده حديث بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ثلاثة أشخاص، وإنما أعلى ما عنده الرباعيات، وأما البخاري فعنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً في صحيحه، بين البخاري وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشخاص، والترمذي عنده حديث واحد ثلاثي، وابن ماجة عنده خمسة أحاديث ثلاثية، كلها بإسناد واحد، وذلك الإسناد ضعيف لا تقوم به حجة، أما مسلم وأبو داود والنسائي فهؤلاء الثلاثة فأعلى ما عندهم الرباعيات، وليس عندهم شيء من الثلاثيات.
قوله: [ حدثنا عمرو بن عون ].
عمرو بن عون ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا حماد بن زيد ].
هو حماد بن زيد بن درهم البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي حازم عن سهل بن سعد ].
وقد مر ذكرهما، وهذا مثل الذي قبله أيضاً رباعي.
وهذا الإسناد الثاني رجاله كلهم خرج لهم أصحاب الكتب الستة، بخلاف الإسناد الأول، فإن القعنبي لم يخرج له ابن ماجة .
وبنو عمرو بن عوف هم جماعة كبيرة من الأوس وهم سكان قباء، وهم الذين نزل فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم أياماً لما قدم من مكة مهاجراً إلى المدينة، وبنى مسجد قباء وصلى فيه، ثم انتقل من قباء إلى مكان مسجده هذا صلى الله عليه وسلم فبناه.
ولا أعلم أحداً شارك عبد الرحمن بن عوف في كونه كان إماماً للرسول صلى الله عليه وسلم في شيء من الصلاة، ولهذا لما جاء أبو نعيم في معرفة الصحابة إلى ترجمة عبد الرحمن بن عوف عبر بعبارة فقال: إمام المصطفى صلى الله عليه وسلم، يعني هو الذي صلى به إماماً ركعة واحدة من صلاة الصبح.
أورد أبو داود بعد ذكر الحديثين أثراً عن عيسى بن أيوب يصف التصفيق في حق النساء، وأنها تضرب بإصبعين من يمينها على الكف الأخرى، ولعل ذلك من أجل ألا يحصل قوة التصفيق، كما لو ضربت بالكف على الكف، والمقصود من ذلك أن يحصل التنبيه، وإذا حصل التنبيه بأمر أخف فإن ذلك يكون كافياً ويكون مغنياً عما هو أكبر منه.
وهذا يسمونه في علم المصطلح المقطوع، وهو أن ينتهي الإسناد إلى التابعي أو من دون التابعي، وهو غير المنقطع؛ لأن الانقطاع هو السقوط في الإسناد، فالمقطوع من صفات المتن، والمنقطع من صفات الإسناد، أما الذي ينتهي إلى الصحابي فيقال له: موقوف، والذي ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له: مرفوع، فهذا الأثر الذي معنا يقال له: مقطوع، لأنه ينتهي إلى عيسى بن أيوب وهو الذي وصف هذا التصفيق أو التصفيح الذي يكون للنساء.
هو محمود بن خالد الدمشقي وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا الوليد ].
هو الوليد بن مسلم الدمشقي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عيسى بن أيوب ].
وهو صدوق أخرج له أبو داود وحده.
[ باب الإشارة في الصلاة.
حدثنا أحمد بن محمد بن شبويه المروزي ومحمد بن رافع قالا: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أنس بن مالك : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلا) ].
أورد أبو داود رحمه الله الإشارة في الصلاة، وهي أن يشير الإنسان بيده لأمر من الأمور، والإشارة إذا كانت لحاجة فقد جاءت بها السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما إذا كانت لغير حاجة فلا تسوغ، وجاء أنه صلى الله عليه وسلم إذا سلم عليه وهو في الصلاة رد بالإشارة، ومر بنا قريباً حديث سهل بن سعد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أشار لـأبي بكر أن يمكث مكانه.
أحمد بن محمد بن شبويه المروزي ثقة، أخرج له أبو داود وحده.
[ ومحمد بن رافع ].
هو محمد بن رافع النيسابوري القشيري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ قال: حدثنا عبد الرزاق ].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك ]
أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وهذا الحديث فيه الزهري وهو من صغار التابعين، يروي عن أنس بن مالك وهو من صغار الصحابة، وقد عمر حتى أدركه صغار التابعين، ومنهم الزهري الذي يروي عنه هنا.
قال أبو داود : هذا الحديث وهم ].
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء، من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعد لها) معناه: أنه يعيد الصلاة وأنه يستأنفها، وهذا يحمل على ما إذا كان لغير حاجة، أما إذا كان لحاجة فقد جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.
والحديث غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو متكلم في روايته، وفيه أيضاً أن أبا داود رحمه الله قال: هذا وهم.
عبد الله بن سعيد هو أبو سعيد الأشج وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا يونس بن بكير ].
وهو صدوق يخطئ أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن محمد بن إسحاق ].
هو محمد بن إسحاق المدني وهو صدوق يدلس، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن، وهو هنا يروي بالعنعنة، والمدلس إذا روى بالعنعنة ولم يأت ما يقوي روايته، فإنه لا يثبت الحديث في ذلك.
[ عن يعقوب بن عتبة بن الأخنس ].
وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن أبي غطفان ].
قيل: اسمه سعد بن طريف أو سعد بن مالك المري المدني ، ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
وبعض العلماء تكلم في أبي غطفان لكن وثق، والحافظ في التقريب ممن وثقه، وحديث محمد بن إسحاق حسناً إذا سلم من التدليس، وهو هنا قد روى بالعنعنة.
وفيه أيضاً يونس بن بكير صدوق يخطئ، وقول أبي داود : (هذا وهم)، لا أدري ما مقصوده بذلك؛ لكن من حيث الإسناد فيه من هو صدوق يخطئ، وفيه من هو مدلس، وقد روى بالعنعنة.
[ باب في مسح الحصى في الصلاة.
حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي الأحوص شيخ من أهل المدينة، أنه سمع أبا ذر يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قام أحدكم إلى الصلاة، فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصى) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي مسح الحصى في الصلاة، والمقصود بمسحه تسويته حتى يسجد عليه، وذلك إذا كان مكان السجود فيه حصى، ويكون فيه شيء من الارتفاع والانخفاض.
والحكم أنه يمسح مرة واحدة ولا يكرر المسح؛ لأن المقصود تسوية المكان الذي يسجد فيه، فإذا كان هناك أمر يدعو إلى ذلك فمرة واحدة كما سيأتي في الحديث الثاني.
وأما إذا كان لغير حاجة فلا يفعل الإنسان ذلك، بل يسجد دون أن يمسح.
قوله: (إذا قام أحدكم إلى الصلاة، فإن الرحمة توجهه فلا يمسح الحصى) هذا يدل على أن الحصى لا يمسح أبداً في الصلاة؛ لأن فيه مواجهة الرحمة للإنسان إذا ترك الحصى على ما هو عليه، لكن الحديث غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثابت هو الحديث الذي بعد هذا، وهو أنه إذا كان ولا بد فمرة واحدة من أجل ألا يشوش الحصى على الإنسان في صلاته بأن يكون تحت جبهته.
فإذاً: هذا الحديث الذي فيه أن الرحمة تواجهه غير ثابت؛ وذلك لوجود أحد رواته هو سبب تضعيف الحديث وعدم الاحتجاج به.
هو مسدد بن مسرهد البصري وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا سفيان ].
هو سفيان بن عيينة المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
قد مر ذكره.
[ عن أبي الأحوص ].
هو شيخ من أهل المدينة، وهو أبو الأحوص الذي سبق وأن مر بنا قريباً يروي عن أبي ذر ويروي عنه الزهري وذلك في حديث (لا يزال الله مقبلاً على العبد ما لم يلتفت، فإذا التفت انصرف عنه) فإن ذلك الذي في الإسناد هو هذا الذي في هذا الإسناد، وهو أبو الأحوص قال هنا: شيخ من أهل المدينة، وقال هناك، مولى بني ليث، وهو لا يروي عنه إلا الزهري ، وقد قيل: إنه مجهول؛ لأنه لم يرو عنه إلا واحد، وقال عنه الحافظ في التقريب: مقبول، وقد أخرج له أصحاب السنن.
[ أنه سمع أبا ذر ].
هو جندب بن جنادة رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث معيقيب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تمسح وأنت تصلي، فإن كنت ولا بد فاعلاً فواحدة، تسوية الحصى) يعني: من أجل تسوية الحصى، وسواء كان ذلك قبل الصلاة أو في الصلاة، يمكن للإنسان أن يسوي المكان قبل أن يدخل في الصلاة حتى لا يحتاج إلى التسوية في الصلاة، إذا كانت الأرض فيها انخفاض وارتفاع بسبب الحصى، وإن دخل وهو لم يسو فله أن يسويها مرة واحدة، ولا يكرر ذلك، والمعنى أن هذا الفعل يكون للحاجة، ويكون مرة واحدة؛ لأنه إذا سوي في المرة الأولى بقيت الأرض متساوية على ما هي عليه، فلا يكرر تسويتها في كل ركعة، وإنما يسوي في الركعة الأولى، وهذا هو الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن فيه مصلحة، لأن الأرض إذا كان فيها انخفاض وارتفاع تجعل الرأس يميل إذا سجد عليها بسبب الحصاة الناتئة، فكونه يسوي الحصى عند الحاجة لا بأس بذلك، كما جاء في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا هشام ].
هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى ].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة ].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن معيقيب ].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وهذا الحديث مسلسل بالرواة الذين خرج لهم أصحاب الكتب الستة.
[ باب الرجل يصلي مختصراً.
حدثنا يعقوب بن كعب حدثنا محمد بن سلمة ، عن هشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاختصار في الصلاة).
قال أبو داود : يعني: يضع يده على خاصرته ].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي (باب الرجل يصلي مختصراً).
يعني: أن الاختصار لا يسوغ، لكن ما المراد بالاختصار؟
سبق لـأبي داود رحمه الله أن عقد الترجمة فقال: (باب التخصر والإقعاء في الصلاة)، وأورد حديث عبد الله بن عمر الذي فيه أن رجلاً صلى بجواره ووضع يده على خاصرته، فنهاه عبد الله بن عمر فقال: هذا هو الصلب في الصلاة، وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهناك أتى في الترجمة بالتخصر، وجاء التنصيص على كون الفعل وضع يده على خاصرته في الصلاة، ولكن هنا قال: (باب الاختصار في الصلاة)، وهناك أورد حديث ابن عمر وهنا أورد حديث أبي هريرة ، والمعنى واحد من حيث إن الاختصار هو وضع اليد على الخاصرة، ولكن لماذا أعاد هنا الترجمة؟ قال: لأن في الحديث احتمالات، قالها بعض أهل العلم في تفسير الاختصار، أما ذاك فليس فيه احتمالات، لأنه هناك وضع يده على خاصرته فنهاه، وأما هنا فقال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاختصار في الصلاة).
إذاً: الاختصار الذي جاء في حديث أبي هريرة أورد بعض أهل العلم احتمالات غير احتمالات وضع اليد على الخاصرة، فمنهم من قال: يعتمد على مخصرة وهي العصا، فلما كان هناك احتمالات أتى بهذا الحديث في هذا الباب، وفسره أبو داود بأنه وضع اليد على الخاصرة، وعقبه بالباب الذي فيه الاعتماد على العصا، فلما كان فيه احتمال أن يكون المراد بالاختصار الاعتماد على مخصرة في الصلاة.
فإذاً: قوله: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاختصار في الصلاة)، معناه، أن يضع يده على خاصرته، ويكون مثل حديث ابن عمر الذي سبق أن مر في باب التخصر في الصلاة، ولعل هذا هو السبب الذي جعل أبا داود رحمة الله عليه يعقد هذه الترجمة مع أن تلك الترجمة السابقة تشابهها؛ ليبين أن احتمال غير وضع اليد على الخاصرة غير صحيح.
يعقوب بن كعب ثقة، وحديثه أخرجه أبو داود وحده.
[ حدثنا محمد بن سلمة ].
هو محمد بن سلمة الباهلي الحراني وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن، ومحمد بن سلمة إذا جاء في طبقة شيوخ شيوخ أبي داود ، فالمراد به الباهلي الحراني ، وإذا جاء في طبقة شيوخ أبي داود فالمراد به المرادي المصري ، فـمحمد بن سلمة المرادي المصري هذا شيخ أبي داود ، ومحمد بن سلمة الباهلي الحراني وأبو داود لم يدركه ولم يرو عنه إلا بواسطة، فبهذا يميز بين المصري والحراني .
[ عن هشام ].
هو هشام بن حسان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن سيرين ].
محمد بن سيرين وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، عن أبي هريرة وقد مر ذكره.
الجواب: حتى في خارج الصلاة، فالمرأة عندما تريد أن تنبه بشيء لا تسبح، كما لو طرق الباب أحد أو استأذن، فإنها لا تسبح ولكنها تصفق.
الجواب: لم تأت بذلك سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يكون عند ظهور أمر مستحسن أو أمر طيب هو التكبير وليس التصفيق، لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا إذا حصل شيء يعجبهم يكبرون، كما ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال: (أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، قالوا: الله أكبر)، وكذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أشيع أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق نساءه فجاء مغضباً، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشربة قد اعتزل نساءه، فجاء إليه وقال: (يا رسول الله! أطلقت نساءك؟ قال: لا، فقال
فالسنة عند الأمور المستحسنة وعند ذكر الأمور التي تعجب أن يكبر الإنسان ولا يصفق.
الجواب: الحائض تعتزل المصلى وتعتزل المساجد، وقد جاء في صلاة العيدين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الحيض والعواتق وذوات الخدور أن يشهدن الصلاة، وقال: ويعتزل الحيض المصلى) فالحائض لا تدخل المسجد ولا تجلس فيه، ولكن إذا حصل اضطرار إلى مرور أو ما إلى ذلك مع أمن التلويث فلها ذلك، أما أن تدخل المسجد وتبقى فيه، فليس لها ذلك.
الجواب: الحديث واضح بأن السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون، وهو إذا حصل له ذلك الشيء الذي ليس فيه صفات أولئك السبعين ألفاً، فعليه أن يجتهد في طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا حصل له دخول الجنة فهو على خير وإن لم يكن مع السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب.
الجواب: تسمية المساجد بأسماء الأشخاص لم يأت فيها شيء يدل على الثبوت ولا على المنع، والأمر في ذلك واسع.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر