أما بعد:
أيها الإخوة في الله! إن الله سبحانه وتعالى جعل للجنة أهلاً خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وجعل للنار أهلاً خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، سنة الله، وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا [الأحزاب:62].
وانطلاقاً من هذه السنة كان الصراع على أشده بين الخير والشر، وبين الإيمان والكفر، هذا الصراع بدأ مع بدء الخليقة الأولى: َقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ [البقرة:36]، ولن ينتهي أبداً حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، لكن سنة الله تقتضي أن يظهر الحق لا محالة، وأن يندحر الباطل لا شك، ولربما كانت هناك بعض إرهاصات أو أدلة تدل على أن الباطل ظاهر، لكن الشيء الذي يجب أن يؤمن به كل مؤمن: أن الدين لله عز وجل، وهو الذي يحميه، وأنه سوف يظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأن الحق لا يستطيع أن يقف معه الباطل على رجليه؛ لأن الله تعالى يقول: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ [الأنبياء:18]، ولربما تحيط بالأمة الإسلامية في فترة من فترات ضعفها أو امتحانها وابتلائها أشياء تخيف بعض الناس على مستقبل هذا الدين، ولكن الشيء الذي لا شك فيه: أن دين الله ظاهر، وأن الحق باق خالد، وأن الباطل زبد، وأن الزبد سيذهب جفاء ويبقى ما ينفع الناس في الأرض، وهذا هو ما نشاهده من خلال الأحداث التي تبدو في أول أمرها رهيبة مخيفة لكنها زبد كما أخبر الله عز وجل.
أيها الإخوة! من خلال هذه السنة.. أن يكون الصراع بين الحق والباطل باقياً حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ومن أجل أن يكون لله عز وجل جنود في الأرض يبرزون، وأن يتخذ منهم شهداء؛ كان هذا الصراع لابد منه، وهذا الصراع يختلف حسب فترات التاريخ، فلربما تكون دولة هذا الصراع بأيدي المؤمنين، ولربما تكون دولته بأيدي غيرهم، أي أن الله عز وجل يداول هذه الأيام بين الناس كما قال سبحانه: وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران:140].
ومن هذا الصراع الفكري الذي يقوم على أشده في هذه الفترات المتأخرة من تاريخ البشرية، كانت هناك وسائل يتخذها العدو من أجل القضاء على الأمة الإسلامية، ولربما ينخدع بعض المسلمين بهذه الأفكار، ولذلك يقول الله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا [النساء:26-27].
ومن هذا المنطلق نعرف أن أهداف العدو ليست مكتفية بمقدار من الانحراف لهذه الأمة، وإنما يريدون أن نميل ميلاً عظيماً؛ فالله تعالى أكد الميل بقوله: (مَيْلًا)، ثم وصفه بقوله: (عَظِيمًا)، وهذا يدلنا على أن العدو لا يرحم، وأنه لا يقبل منا إلا أن يتخلى المسلم عن دينه، وينحرف عن مبادئه، ولذلك بث كل وسائله وأفكاره، وأعلن على الملأ بأنه لا يستطيع أن يقطع شجرة الإسلام إلا في غصن من أغصانها، ومن هنا دبر المؤامرات والمكائد من أجل حرف أبناء المسلمين عن دينهم.
جانب المرأة يعلم الأعداء علم اليقين أنها أكبر وسيلة يستطيع أن يصطاد بها الشباب عن طريق الشهوة الجنسية الفطرية التي ركبها الله عز وجل في الإنسان: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ [آل عمران:14]؛ فأولى هذه العوامل النساء، ولذلك فإن العدو قد اتخذ من المرأة وسيلة في اقتناص شباب الأمة الإسلامية ورميهم في الحضيض.
لذلك أيها الأخ المسلم! يجب أن تدرك أن العدو إنما يريد الشباب، وأنه يريد أن يقضي عليه بأسرع وقت ممكن، وأنه قد سبر غور هذه الحياة، واستطاع أن يدرس نفسيات الأمم، وأنه ينطلق من خلال دراسة وافية يظن أنه يستطيع بها أن يقوض بنيان الأمة الإسلامية من أصوله وأساسه، فمن خلال الشباب نجد التركيز على المرأة في بلاد الكفر بل وفي بلاد الإسلام.
ومن هنا كان وضع المرأة وضعاً خطيراً، وكانت المرأة مستهدفة استهدافاً خاصاً لذاتها ولغيرها، أي: من أجل القضاء عليها هي شخصياً، ومن أجل القضاء على شباب الأمة الإسلامية؛ ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى يعلم ما يصلح البشرية وما يفسدها.
وأول شيء ذكره الله عز وجل: هو الحد؛ لما ذكر الزنا الذي هو ضد الفضيلة ذكر الحدود التي هي حواجز أمام النفس البشرية حتى لا تقع في هذه الجريمة، والتي يقول عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: (لحد يقام في الأرض خير لها من أن تمطر أربعين خريفاً)، أي: أربعين سنة؛ فالحدود رحمة للبشرية.
ودع عنك هؤلاء الفجرة سواء كانوا من أعدائنا الكفرة، أو من المنسوبين إلى الإسلام من الخارج، أو من أبناء جلدتنا والذين يتكلمون بألسنتنا، والذين يعتبرون الحدود وحشية وتخلفاً ولا تصلح لهذا العصر، أما الله سبحانه وتعالى فإنه يعتبرها رحمة كما اعتبر القصاص حياة، وأي رحمة هي؟! إنها رحمة تضمن سلامة الأخلاق والفضائل، وصيانة العقول والأديان والأنساب والسمعة، إلى غير ذلك.
ولذلك الوسيلة الأولى من وسائل محاربة الرذيلة والحفاظ على المرأة وكرامتها ومحاربة الزنا الذي هو من أعظم الفواحش عند الله عز وجل: إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [الإسراء:32].
الوسيلة هي قوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ [النور:2]، يعني: حتى الرحمة يجب أن يتجرد منها الإنسان في مثل هذا المكان؛ لأن الرحمة التي يزعمها أعداء الإسلام حينما يتعاطفون مع المجرم، أو حينما يقولون: إن الحدود وحشية، هم يعرفون أنهم ليسوا بأرحم به من الله عز وجل الذي هو أرحم الراحمين، ولكنهم يريدون أن يشوهوا الإسلام من هذا الجانب، والله تعالى يقول: وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ [النور:2]، ثم قال: إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [النور:2].
من يهن يسهل الهوان عليه مـا لجرح بميت إيـلام
وحينئذ لا يبالي أن يفعل الفاحشة أو يتركها ما دامت هذه السمعة قد تلوثت وما دامت هذه الصفة قد انحرفت، ولذلك يشدد الله تعالى في هذا الجانب ويضع عقوبة على من يقذف إنساناً بالزنا دون أن يكون لديه أربعة شهود، فمن شهد على إنسان بالزنا ولم يستطع أن يكمل أربعة شهود يشهدون على ذلك؛ فإنه يستحق الجلد ثمانين جلدة حتى ولو كان صادقاً، حتى لو رأى هذه الفاحشة بعينيه، محافظة على السمعة؛ لأن بقاء السمعة الطاهرة في مجتمع من المجتمعات إنما يعني ذلك أن هذا المجتمع مجتمع محافظ، ولأن سقوط واحد من الناس في سمعته في المجتمع يؤدي إلى أن لا يبالي في سمعته بعد ذلك، مثل الثوب الأبيض النظيف يحافظ عليه صاحبه ما لم يصب بدنس بسيط، لكنه حينما يصاب بدنس لا يبالي صاحبه أن يصاب بعد ذلك بأي نوع من أنواع الدنس، ولذلك الله تعالى وضع حد القذف ثمانين جلدة، فليس بينه وبين حد الزنا إلا عشرون جلدة، حتى لو كانوا ثلاثة شهود يشهدون فإنهم يجلدون مائتين وأربعين جلدة كل واحد منهم يجلد ثمانين جلدة، من أجل أن تبقى السمعة طيبة في المجتمع، ومن أجل ألا تكون الأعراض مهانة، فيتحدث هذا أن فلاناً زنا، وذلك يتحدث أن فلانة زنت، دون أن يكون هناك أدلة ثابتة، ولذلك الله تعالى وضع حد القذف احتياطاً حتى لا يكون الزنا.
وحينما يضع الله عز وجل حد القذف لا يريد من الناس أن يدسوا رءوسهم بالرمل وهم يرون الفاحشة أمام أعينهم، ولكنه يطالبهم بأن يثبتوا هذه الفاحشة بأربعة شهود، أو بأربعة اعترافات حتى تبقى السمعة طيبة، أو حتى يقام الحد، أما أن يشاع عن جريمة تحدث في المجتمع ولا يكون لها حد؛ لأنها لم تثبت بأربعة شهود أو بأربعة اعترافات؛ فهذا يؤدي إلى أن يستسهل الناس هذه الجريمة وتلك الفاحشة.
إذاً أيها الإخوان: ما يحدث في المجتمع اليوم من أحاديث العشق والغرام والخيانات الزوجية والمسرحيات الصارخة، والأفلام المنحرفة، هذه كلها تعتبر سبيلاً تمهد الطريق إلى الزنا، ولو أن الإسلام أقيم حقاً في العالم الإسلامي لأقيم الحد على هؤلاء الذين يتحدثون عن هذه الفاحشة بصدق أو بكذب بهزل أو بجد، هذا جانب من الجوانب المهمة التي سد الإسلام فيها طريق الفاحشة.
ونعني الاختلاط بجميع أنواعه، والخلوة بجميع أنواعها: (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)، ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن تسافر المرأة إلا ومعها ذو محرم؛ حتى يتميز الإنسان بأهله وبشرفه عن إنسان آخر، ولذلك فإن الاختلاط من أخطر الأمور.
وتقوم في أيامنا الحاضرة دعايات مضللة، تقول: إن الوحشة بين الرجل والمرأة هي السبب في وقوع الفاحشة، ونستطيع نحن أن نقضي عليها بالاختلاط وبالسفور وبالتبرج، يقولون ذلك عدواناً وبهتاناً وزوراً، ونقول لهم: كذبتم، إن المجتمعات الفاسدة التي انتشر فيها الاختلاط والتبرج، وأصبح فيها السفور نظاماً شائعاً، واختلط فيها الطالب بالطالبة على مقاعد الدراسة ومدرجات الجامعة والعمل إلى غير ذلك، هي المجتمعات التي أعطت الرقم القياسي في الانحراف والفساد، إذاً هم كاذبون؛ لكنهم كما قال الله عز وجل: شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا [الأنعام:112].
إذاً: الاختلاط بين الجنسين والخلوة سواء كان داخل البيت كما يوجد في أيامنا الحاضرة بين الخادمة ورب البيت، وبين سائق السيارة وبنات المنزل حيث يخلو بالبنت ويذهب بها إلى المدرسة والسوق، كل ذلك من الاختلاط الذي حرمه الله عز وجل، وأشار إليه سبحانه وتعالى بقوله: لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ [النور:27]، وما دام الله عز وجل هو الذي يقول: (ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ)، فنتأكد أن هذا هو الخير، وأن المصلحة في هذا الأمر.
بل إن الله عز وجل قرن في آيات القرآن بين النظر وبين فاحشة بين الزنا؛ فقال: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ [النور:30-31]، ما صلة الأول بالثاني؟ لأن النظرة هي التي توصل غالباً إلى الفاحشة، وإلى فعل الجريمة، لذلك يقول الشاعر:
جل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
شرارة صغيرة يحتقرها الإنسان تطير على متاعه فتحرق البيت والحي كله، ولربما تحرق المدينة كلها وهي شرارة صغيرة في أولها، ونظرة يلقيها الإنسان دون أن يحسب لها أي حساب؛ وربما تحدث ما هو أكبر من ذلك، ولذلك فإن من الوسائل التي اتخذها الإسلام لحماية المجتمع من الفاحشة ولصيانة المرأة المسلمة من الفاحشة، هو غض البصر سواء في ذلك الرجل والمرأة، ولذلك قال تعالى عن الرجل: إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30]، يعني: لا تخفى على الله النظرة الصغيرة التي يلقيها الإنسان، وقال أيضاً عن المرأة: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31]؛ لأن إبداء الزينة هي سبب للفت النظر.
ولذلك لا تعجوا حينما نجد أن الزنا -نعوذ بالله من شره وسوئه- هو الجريمة الوحيدة التي قدم الله تعالى فيها المرأة على الرجل، فإنك لا تجد في الكتاب ولا في السنة آية أو حديثاً نبوياً قدمت فيه المرأة على الرجل إلا في آية واحدة في سورة النور: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي [النور:2]، ما قال الله تعالى: الزاني والزانية، لماذا؟ لأن المرأة قد تملك أكثر الأسباب التي تؤدي إلى الفاحشة، ولذلك قدمها الله تعالى، لكن نجد في باب السرقة مثلاً أن الله تعالى قدم السارق على السارقة، وفي كل الآيات يقدم الله تعالى الرجل على المرأة، لكن قدمها في باب الزنا لأن امرأة واحدة باستطاعتها أن تفتن أمة أو أمماً، ولذلك هنا نقول: إن المرأة وضعها خطير.
يقول الله عز وجل عنه وهو يثبت أنه آخر وسيلة من وسائل حماية المجتمع من الفساد: وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ [النور:32]، وفي نفس السورة: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:32-33].
إذاً: خمسة أشياء جاءت في هذه السورة آخرها الزواج.
والإسلام دين واقعي يواجه الأمور على حقيقتها، وليس ديناً يعيش في عالم الخيال كما توجد أنظمة صنعها البشر للبشر لا تقدر العاطفة، ولا الواقع، ولا تواجه الأمور على طبيعتها، فالشهوة طبيعية وفطرية في هذا الرجل بل وفي المرأة، ولما حرم الإسلام الزنا لابد أن تصرف هذه الشهوة مصرفاً طبيعياً مباحاً، لذا كان الزواج هو الطريقة الوحيدة لصرف هذه الشهوة فيما أباح الله عز وجل، ولذلك ذكر الله تعالى الزنا في أول هذه الآيات، وذكر الزواج في آخر هذه الآيات؛ حتى يعرف الإنسان كيف يتصرف، وكيف يشبع هذه الشهوة الفطرية مما أباح الله عز وجل بدلاً مما حرم الله سبحانه وتعالى؟
ولذلك نقول: الزواج حصن منيع كما أخبرنا الله عز وجل، فقال سبحانه وتعالى للمتزوجات: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:24]، وسمى المتزوج أيضاً محصناً، وقال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج)، ومعنى أحصن: أي كالحصان، فالإنسان المقاتل إذا ركب الحصان يمتنع ويحمي نفسه من القتل غالباً، وكالحصن الذي يتستر فيه الإنسان في المعركة، فيحميه من وقع السهام، فالمتزوج كأنه وقع في حصن، أو كأنه ركب حصاناً فيتقي شر عدوه، ولذلك نقول: الزواج هو الوسيلة الخامسة من الوسائل الخمس التي أرشد إليها الله عز وجل لمكافحة الجريمة، هذا هو المنهج السليم الذي دعانا الله عز وجل إليه، وبعد ذلك لنعرج إلى موضوعنا الذي اختاره الإخوة، وهو المرأة المسلمة وما يراد بها.
ثم قالوا أيضاً عن القلب: لا مانع أن يتمتع المجتمع ولو عن طريق السماع، فكانت هناك مسرحيات، وكانت هناك أمور هائلة ومصائب كبيرة تصك أذان المؤمنين من خلال وسائل الإعلام تتحدث عن الفاحشة والجريمة والخيانات الزوجية، إلى غير ذلك مما هو في الأفلام، وقالوا عن الاختلاط: إنه رقي وتحضر، وإن المجتمع الذي لا يختلط -كما ذكرت لكم سالفاً- تصبح فيه وحشة بين الذكر والأنثى، ويصبح هذا الرجل دائماً يلهث وراء هذه المرأة، لكنه حينما يختلط بها ويندمج معها، ويراها مكشوفة أمام عينيه، وتكون سهلة له، يصبح الأمر طبيعياً فتزول هذه الوحشة! كما يقولون.
ونحن نقول لهم: كذبتم ورب الكعبة؛ لأن المجتمعات التي تساهلت في شأن المرأة، والتي تفسخت فيها المرأة واختلطت بالرجل، هي المجتمعات التي أثبتت الرقم القياسي في الانحراف في الفاحشة والجريمة، ولذلك فإن البلاد التي يقولون عنها إنها راقية، فيها إحصائيات للاختطاف وللخيانات الزوجية وللفواحش وللقتل وللسلب تسجل بالدقيقة أو بالثانية، وأصبح الأولاد غير الشرعيين في البلاد التي يزعم أهلها بأنها بلغت مستوى عالياً من الحضارة والتقدم، فاستطاعت أن تقضي على الوحشة بين الرجل والمرأة، أصبحت المحاضن ودور الأيتام والأطفال اللقطاء والأولاد غير الشرعيين تشتكي من هذا الفيض العظيم الذي لا تستطيع أن تتحمله.
والبلاد التي تبرجت فيها المرأة وانحلت، بلغت أيضاً مستوى من الرذيلة لا نظير له، وهذه مشكلة، والمشكلة الأكبر منها أن تقوم في المجتمعات الإسلامية أمم منحرفة تطالب بشيء كان العدو وما زال يحذرنا منه، حيث وقع فيه فأصبح يعض أصابع الندم، ويضرب يداً بيد على ما كسبت يداه، ويريد هؤلاء المنحرفون أن يبدأ المسلمون من حيث ينتهي العدو، وهذه تعتبر من أطم البلايا وأكبر المصائب، ولذلك فإنهم يتهمون المجتمع الإسلامي بأنه مجتمع متقوقع متخلف، أصبحت فيه المرأة كما يقولون: سوداء مظلمة، أصبحت معطلة وطاقة لا يستفاد منها، مجتمع لا يتنفس إلا برئة واحدة، مجتمع منحرف ضال متخلف؛ لأن المرأة لا تقود فيه السيارة؛ لأن المرأة لا تشتغل فيه بجوار الرجل، وكما يقول الشاعر:
أرى خلل الرمـاد وميض نار ويوشك أن يكون لها ضرام
وإن لم يطفهـا عقـلاء قوم يكون وقودها جثث وهـام
ولنا درس في الأمم التي سبقتنا إلى هذا الأمر، تلك الأمم التي أصبحت المرأة لا كيان ولا وجود لها، بل إن القوانين التي تتابع المجتمع المنحرف في سيره أصبحت تهبط بمقدار ما يهبط هذا الإنسان، فإذا هبط الإنسان درجة هبطت هي درجتين من أجل أن تحقق للإنسان في أنظمتها الأشياء التي يريدها هذا الإنسان المنحرف، حتى لقد سمعنا في الأخير نواد للعراة في بعض دول الكفر، وسمعنا الشذوذ الجنسي، وزواج الذكر بالذكر أصبح أمراً رسمياً في بعض البلاد الكافرة، ورأينا بأعيننا دوراً للدعارة في وضح النهار، وتحمل تصريحات من الدولة في بعض البلاد الإسلامية، وتحرسها عيون تلك الدول.. بل رأينا ما هو أخطر من ذلك، رأينا شباباً ألهبته هذه الأفلام الجنسية الصارخة التي جاءت بمهمة خطيرة في البلاد المحافظة كبلادنا هذه، فرأينا كثيراً من الشباب يرقبون عقارب الساعة، وينتظرون الفرص التي تسنح لهم ليذهبوا إلى بلاد لا تعرف أعرافاً ولا أخلاقاً ولا ديناً.
فرأينا مع الأسف الشديد الخطر الداهم، ونحن نرى أبناء المسلمين يذهبون إلى بلاد الدعارة والمخدرات وبلاد والفساد إلى آخره، حتى رأينا هذه الطائرات وهي تستعد قبل هذه المواسم بمدة طويلة، وهي تسجل هؤلاء الشباب ليذهبوا إلى بلاد لا تعرف خلقاً ولا ديناً ولا فضيلة، والضحية في ذلك كله هي المرأة، بل إن الأمة الإسلامية كلها تعتبر ضحية لهذا الواقع الأليم، فانتشرت المخدرات في بلاد المسلمين بسبب هذه البلاد التي لا تحترم أي فضيلة ولا تحسب لها أي حساب.
وفي هذه الفترة التي رأينا المرأة تباع وتؤجر، ويتعامل فيها بعض هؤلاء الناس كما يتعاملون بأبسط الأمتعة؛ رأينا مع ذلك كله ضجة كبرى وصحية عارمة تزعم أنها تسعى لحقوق المرأة، وهل حرية المرأة أبقت للمرأة أي حقوق؟
هل تعلمون أيها الإخوان! أن في تايلاند البلد الكافرة التي يسافر لها شباب المسلمين بالآلاف يومياً، هل تعلمون أن البنت هناك تباع كما تباع الماعز في الأسواق، وتؤجر كما تؤجر الشقق بأبسط الأثمان؟ أم هل علمتم أيها الإخوان! أن المخدرات في تلك البلاد تباع كما تباع المشروبات المباحة في بلادنا؟ إذاً: لماذا يذهب شبابنا إلى هناك؟ ولماذا تسقط المرأة إلى هذا المستوى؟ وإذا كانت المرأة قد سقطت على أيدي هؤلاء المخربين إلى هذا المستوى ودون ذلك، فلماذا يزعم مدعو الحضارة أن للمرأة حقوقاً، وأنهم يطالبون بهذه الحقوق؟
أي حقوق بقيت؟ إن الله تعالى هو الذي أثبت حقوق المرأة، فكانت المرأة تورث في يوم من الأيام، إلى أن أنزل الله عز وجل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ [النساء:19]، فكان الرجل إذا توفي وله أولاد من غير هذه المرأة التي خلفها وراءه؛ يتسابق أولاده فأيهم وضع عليها رداءه يكون أحق بها؛ إن شاء تزوجها، وإن شاء نكحها بدون زواج، وإن شاء باعها، وإن شاء فعل فيها ما يريد، إلى أن أنزل الله عز وجل قوله: (لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا).
وأرى المرأة في عالم الحضارة المزعومة في القرن العشرين حضارة الجاهلية الثالثة التي لم تسبق مثلها جاهلية قط في انحرافها.. أرى المرأة قد سقطت عن ذلك المستوى بكثير، فأصبحت المرأة تباع وتشترى، وتؤجر وتمتهن وتحرم حتى متعة الحياة الزوجية الراشدة الثابتة التي تبنى على قواعد سليمة، وعلى عش سليم حتى يكون لها أولاد، وحتى تتحقق لها العاطفة التي أعطاها الله عز وجل حتى للحيوان؛ التي هي عاطفة الإنجاب والأولاد، لكن المرأة في عصر الحضارة المزعومة تحرم من ذلك كله في كثير من الأحيان، لقد سقطت المرأة فأصبحت في بريطانيا لا تساوي نصف جنيه إسترليني تدفعه هي لتبحث عن زوج لعلها تجد فيه عشاً آمناً.
والمرأة في بلادنا مكرمة والحمد لله، ولكن يقوم اليوم أناس على قدم وساق من مدعي الحفاظ على حقوق المرأة وعلى حرية المرأة يقولون: إنها امرأة مهضومة، مع أنه لا يحصل عليها الرجل غالباً إلا بأموال طائلة، لنفاستها وعزتها وكرامتها.
إذاً أيها الإخوان: المرأة يريد لها أعداؤها كما يقول الله عز وجل: وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا [النساء:27]، ويريد الله لها عز وجل العزة والكرامة: يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ [النساء:26].
إذاً: علينا أن نعرف أعداء المرأة، وعلى المرأة أن تعرف أعداءها، وألا تنسى أعداءها أو تتجاهلهم في غمرة الادعاءات الكاذبة المزعومة التي كثر فيها أنصار المرأة، ولكن لا نجد لها نصيراً إلا دين الله عز وجل، الذي أنزل حقها في الميراث، وكانت محرومة عبر القرون الماضية؛ حتى أنزل الله عز وجل قوله: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ [النساء:7]، حتى الإبرة يجب أن تقاسمها إخوانك: مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا [النساء:7]، كل ذلك يؤكد حقها.
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على الحر من وقع الحسام المهند
فإذا كان الإسلام يحارب بيد أبنائه فهنا يكمن الخطر، ومن هنا تأتي المصيبة والبلية، ولذلك فكثيراً ما نجد هؤلاء الذين ينتقدون الإسلام بتشريعاته -وهم من أبناء جلدتنا وممن يتكلمون بألسنتنا- نجدهم يضعون شبهات وعراقيل في طريق المرأة المسلمة، حتى يحولوا بينها وبين ربها، وبينها وبين دينها، وبينها وبين كتاب ربها سبحانه وتعالى، وهو القرآن الذي هو دستور الأمة الخالد، وذلك من خلال شبه يقذفونها في هذا المجتمع، فمن الأشياء البسيطة التي وجدت الآن: عراك عنيف في الصحف والرسوم الكاريكاتيرية والإذاعات وغيرها عن تعدد الزوجات على سبيل المثال، حتى أصبح الأمر الآن أمام طائفة من الناس أعظم من الزنا، بل إن أحدهم لو سمع أن أحداً زنى ألف زنية -نعوذ بالله- لكان ذلك أسهل في نظره من أن يتزوج بزوجة أخرى، ويقولون: هذا إهانة للمرأة.
نقول: تعدد الزوجات أمر مستحب ومسنون، والذي بواسطته نستطيع أن نستهلك الطاقة البشرية النسوية التي تكثر في أيامنا الحاضرة ويقل معها الرجال، وقلة الرجال سواء كان في حصول الولادة، أو في الأحداث التي تطحنهم أكثر من النساء سواء كان في الحروب أو في الحوادث المفاجئة، أو لأي سبب من الأسباب، ولذلك أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه في آخر الزمان يقل الرجل وتكثر النساء، حتى يصل الحد إلى أن يكون لخمسين امرأة الرجل الواحد يلذن به من قلة الرجال، وهذا شيء نشاهده، وطبيعة في خلق الله عز وجل كله، فالإناث دائماً أكثر من الذكور، ولو نظرت إلى الدجاج كنموذج واضح، وأردت أن تعد نسل الدجاجة لتحصي الذكر من الأنثى لوجدت الذكر لا يساوي إلا العشر تقريباً بالنسبة لإنتاج الدجاجة، وهكذا سائر الحيوانات، وبنو آدم أيضاً لهم نصيب من هذه الكثرة وتلك القلة.
وما هو السبيل الذي نستطيع أن نكفل به حماية المجتمع من الفساد، وإغناء هذه النساء اللاتي يزداد عددهن أضعافاً مضاعفة عن الرجال؟ ثم أيضاً إعطاء كل واحدة منهن الفرصة لتتمتع برجل أو بنصف أو بثلث أو بربع رجل، والفرصة الكبرى التي تنشدها المرأة هي أن تعيش في عش زوج على قواعد صحيحة، وأن تنجب أولاداً تشبع بهم عاطفتها، وليس هناك طريق لتحقيق هذا إلا أحد سبيلين: إما الزنا وإما التعدد.
والزنا هو فساد الأمم وفساد المجتمعات، والتعدد هو الحكمة التي أرشدنا الله عز وجل إليها في قوله: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ [النساء:3]، والعجيب أن أعداء الإسلام لا يغفلون في مخيلتهم هذه القاعدة وهذا الاختلاف في التوازن في عدد الرجال والنساء، وهذه العاطفة الشهوانية التي فطر الله عليها الناس، وهذه الحاجة الملحة التي تفرض على الرجل أو تبيح له أكثر من زوجة حتى يستطيع أن يسد حاجة نفسه وغيره، ولكن لما كانوا أعداءً حاقدين على الإسلام كانوا يتناسون ذلك كله، ويعتبرون ذلك تخلفاً ورجعية وإهانة للمرأة، وتضييعاً لحقوقها.
إذاً: هم يريدون من المرأة أن تكون منحرفة، ولا يريدون منها أن تكون مستقيمة، ويريدون منها أن تنجب أولاداً بالسفاح بدل أن تنجب أولاداً بالنكاح الصحيح، ولذلك يحاربون تعدد الزوجات حتى أصبح في مجتمع بعض البلاد الإسلامية -إن لم أقل في مجتمعنا هنا- من السهل أن يأتي الرجل بشابة من الفلبين أو من أي بلد، وهي فتاة جميلة يضعها في بيته ويخلو بها هو أو أولاده، وهذا يعتبر تحضراً ورقياً وأمراً يفرضه العصر كما يقولون، البيوت الواسعة النظيفة المفروشة تفرض علينا أن نأتي بهذا، لكن لو أن واحداً من الناس فكر في زوجة أخرى لأصبح هذا في نظر طائفة من هؤلاء الناس متخلفاً وليس بتقدمي.
وهكذا تنعكس المفاهيم، وذلك مصداق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: بأنه سيأتي زمان يعود فيه المنكر معروفاً والمعروف منكراً، فأصبح المعروف الذي هو تعدد الزوجات، والذي تطالب به بعض بلاد الكفر كألمانيا في أيامنا الحاضرة؛ لأن نسبة الرجل إلى المرأة يساوي ثلاثة الأضعاف، لكن في بعض بلاد الإسلام يعتبرون تعدد الزوجات تخلفاً، والرقي والتقدم هو أن نجمل بيوتنا بشيء من هذه الخادمات، وكأنها أثاث يوضع مع البيت، ونختارها من أجمل وأصغر الفتيات، ونأتي بها من وراء آلاف الأميال، بعيدة عن أهلها وطبيعتها لنضعها في مجتمع محافظ، أسال الله سبحانه وتعالى أن يحفظه من أيدي هؤلاء المخربين.
إذاً: أصبح الإتيان بخادمة ولو كانت كافرة تربي الأطفال على خلاف الفطرة، هو التقدم والرقي، وأصبح تعدد الزوجات الذي شرعه الله عز وجل من فوق سبع سماوات من أجل أن يكون هناك تناسق بين الذكر والأنثى، ومن أجل أن يكون هناك استهلاك للطاقة البشرية إذا زاد أحد الجنسين على الآخر، يعتبر هذا هو التخلف! ولذلك فإنهم يريدون بالمرأة سوءاً.
ومن إرادتهم للمرأة سوءاً أن يشغلوا زوجها بخادمة أجمل منها، فلقد تكون هذه المرأة عجوزاً، أو مريضة، أو لا تستطيع أن تقوم بحقوق الزوج، لكنهم يحرمونه في نظرهم من زوجة أخرى على فراش مباح طاهر، ولربما يعيش مع تلك المرأة التي جاءت باسم مربية أو خادمة، ومن هنا ينتشر الفساد العريض في الأرض، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض).
ولقد انخدعت طائفة من النساء بهذه الدعايات، وقلن: إن تعدد الزوجات أمر يضر بالمرأة، وهؤلاء النساء لا ينظرن إلى هذه الحياة إلا من زاوية ضيقة، فحقدت بعض النساء اللواتي لا يفهمن الإسلام على الإسلام، كيف يبيح تعدد الزوجات، ولكني أرى الكثير الغالب والحمد لله لم يتأثر بهذه الدعايات المضللة؛ لأننا نعيش فترة وعي بالنسبة للمرأة، فلقد تعلمت المرأة وقرأت وكتبت وفهمت دينها، فأصبح كثير منهن لا يتأثرن بهذه الدعايات المضللة.
ولكننا نقول: إن علينا أن نكون على حذر من هؤلاء الذين يلفون الباطل بلفائف مكشوفة في الحقيقة يريدون أن يروجوا هذا الباطل.
وإذا كان ولا بد من الطلاق فلماذا يكون بيد الرجل فقط؟!
وهم يريدون من ذلك أن تقوم المرأة التي لا تفهم الإسلام كما قام في باكستان مجموعة من النساء اللواتي لم يفهمن الإسلام فهماً صحيحاً يقلن: لماذا الطلاق بيد الرجل ولا يكون بيد المرأة؟ ونسي هؤلاء أو تناسوا العقلية الكبيرة التي يمتاز بها الرجل على المرأة، والتأني والتؤدة التي يعطيها الله عز وجل بعض خلقه دون بعض، ولذلك يقول علماء النفس: لو كان الطلاق بيد المرأة لوقع في اليوم عدة مرات؛ لأن المرأة بعواطفها وبتسرعها واستجابتها لرغباتها، وانصياعها أمام شهواتها دفعة واحدة، قد تفعل شيئاً من ذلك، ولذلك فإن حكمة الله عز وجل تتجلى حينما أعطى الطلاق للرجل لا للمرأة؛ لأن الرجل إذا أراد أمراً فكر فيه وتأنى؛ ولأن الله عز وجل لا يريد أن يقع الطلاق؛ لأن الطلاق يهدم الأسر، ويقوض البيوت، ولذلك نجد أن القرآن عالج مشكلة الطلاق علاجاً لا يمكن أن يكون مثله في أي نظام من أنظمة الأرض وأنظمة البشر التي يصنعونها لأنفسهم أو لغيرهم، الإسلام أمر الرجل بأن يصبر على المرأة ولو كرهها كراهية شديدة: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19]، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يفرك مؤمن مؤمنة؛ إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر)، وإذا توترت العلاقات يقول الله عز وجل بعد ذلك: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ [النساء:34]، كل هذا من باب التأديب، وإذا توترت العلاقات وزاد الأمر سوءاً: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا [النساء:35].
إذا أعيت كل هذه الحلول وكان لابد من الفراق، حينئذ يكون الطلاق هو الحكمة والمصلحة؛ لأنه هو آخر علاج يجب أن يقدم لهذين الزوجين ما داما قد تنغص عندهما العيش، وما دامت الحياة الزوجية قد فسدت، ولابد إذاً من حل هذا الزواج، ولكن يجب أن يكون على قواعد أخرى ثابتة، فيكون هناك طلاق السنة وطلاق بدعة، وحينئذ من أراد أن يطلق فإنه يتحرى طلاق السنة، ولربما في هذه الفترة التي ينتظر فيها طلاق السنة تعود الأمور إلى مجاريها.
ثم أيضاً إذا طلق يجب أن تكون طلقة واحدة، ويعطى ثلاثة أشهر أو ثلاث حيضات وأطهار حتى ينظر في أمره، ويجب عليها أن تبقى في بيت زوجها حتى ينظر إليها دائماً لعله يرغب فيها في يوم من الأيام: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ [الطلاق:1]، وحينئذ يعطيه الله عز وجل الطلقة الأولى والطلقة الثانية، وإذا كانت الثالثة كان الفراق الأبدي حتى تنكح زوجاً غيره.
كل ذلك علاج حتى لا يكون الطلاق بسرعة، ولو كان الطلاق بيد المرأة لكانت المرأة لا تملك هذه القوى العقلية بطبيعتها وفطرتها، وإن كان منهن من يملك ذلك لكن النظر إلى الغالب، فلربما يقع الطلاق فجأة وتتهدم البيوت وتنهار الأسر، ثم أيضاً لا يعتبر الطلاق فساداً للعلاقات، وإنما يقول الله: وَلا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ [البقرة:237]، ويعد الله عز وجل كل واحد من المطلق والمطلقة أن له نصيباً في هذه الحياة، وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا [النساء:130].
إذاً: الطلاق الذي شرعه الله عز وجل بعد علاج طويل، وسعي حثيث حتى تعود هذه العلاقات إلى طبيعتها؛ وهو يعتبر في الحقيقة من فضائل هذا الدين، وحينما يعتبرونه من التخلف أو الوحشية فقد كذبوا على الله عز وجل، وكذبوا على دين الله.
ونسي هؤلاء أو تناسوا التكاليف المالية التي يطالب بها الإسلام الرجال ولا يطالب بها النساء، فالله سبحانه وتعالى يطالب الرجل بتكاليف الزواج، فالمهر يدفعه الرجل ولا تدفعه المرأة، مؤن البيت والسكن والكسوة والنفقة، كل ذلك يلتزم به الزوج ولا تلتزم به الزوجة، الدية يطالب بها الرجال ولا تطالب بها النساء، وهكذا كثير من الأمور التي تلزم الرجال ولا تلزم النساء، ولو عملنا حساباً لرجل وامرأة أخوين ورثا أباهما فأخذ الابن الثلثين وأخذت البنت الثلث، ثم نظرنا إلى هذا المال بعد مدة قصيرة من الزمن، لوجدنا أن ثلث المرأة لم ينقص درهماً واحداً، وأن ثلثي الرجل قد استهلك كله في مؤن وتكاليف الزواج ومصاريف البيت وغير ذلك من الأمور التي تلزم الرجال ولا تلزم النساء.
وهذه حكمة الله سبحانه وتعالى، فهو يعطي الرجل بمقدار ما يعطي المرأة مرتين، ويعطي المرأة نصف ما يعطي الرجل مراعاة لهذه الظروف التي تتطلب مالاً من الرجل ولا تتطلب مالاً من المرأة.
ويقول الذين يريدون سوءاً بهذه المرأة: إن الإسلام يظلم المرأة، لماذا لا يقبل شهادتها في كثير من الأمور؟ وإذا قبل شهادتها في الأمور المالية، لماذا يعتبر شهادتها نصف شهادة الرجل؟ يقولون هذا الكلام، ونسوا ما فطر الله عز وجل عليه المرأة من عواطف رقيقة لا تستطيع فيها أن تتحمل حتى الشهادة.
فمثلاً في الجنايات والحدود والقصاص، المرأة لا تستطيع أن تنظر إلى شيء من ذلك؛ لأنها سريعة التأثر، فلو نظرت إلى رجل يقتل إنساناً أو يجرحه أو يضربه، أو رأت قصاصاً أو أي جريمة من الجرائم وحد من الحدود لا تستطيع أن تنظر إليها؛ لأن عواطفها رقيقة، ولذلك لم يقبل الله عز وجل شهادتها في مثل هذه الأمور، وإنما قبل شهادتها في أمر واحد فقط، وهي في الأمور المالية محافظة على أموال الناس، ولكن الله عز وجل أيضاً لم يظلمها ولم يبخسها حقها حينما اعتبر شهادتها نصف شهادة الرجل؛ لأن الله تعالى بين السبب في ذلك وقال: أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا [البقرة:282]، أي لئلا تضل إحداهما، أو كراهية أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، والمرأة بطبيعتها ومشاغلها وشئونها الخاصة والعامة لا تستطيع أن تضبط كل هذه الأمور كما يضبطها الرجل، ولذلك جعل الله تعالى شهادة امرأتين تساوي شهادة رجل واحد في الأمور المالية فقط من أجل مراعاة هذه العواطف، ومراعاة لهذه الذاكرة التي امتلأت بأشياء كثيرة أكثر من الرجل.
أي حق للمرأة، وأي كرامة للمرأة الكافرة أو المسلمة التي انخدعت بالدعايات المضللة ونحن نراها بهذا الشكل؟ أصبحت لعبة بأيدي الرجال، حتى أنها فقدت كل عواطفها الإنسانية وأصبحت وسيلة تسلية، انظر إليها وهي في الطائرة تقوم بدور الخدمة، وأنت تلاحظها وكأنها وضعت دمية يتسلى بها هؤلاء الرجال، أو انظر إليها في المتاجر التي تعرض بضائعها من خلال فتاة جميلة يعتبرونها وسيلة للإغراء، إذاً: أصبحت المرأة دمية ولعبة بأيدي هؤلاء العابثين، في وقت يزعمون فيه أنهم يدافعون عن حقوقها وحريتها.
أما المرأة المسلمة فقد أكرمها الله عز وجل وصانها عن ذلك، وأمرها بأن تلتزم حتى تكون في مصاف زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال لها كما قال لزوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا [الأحزاب:32]، لا ترقق صوتها مع الرجال الأجانب حتى تثير الفتنة، وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33]، لا تذهبن إلى العمل، فالرجال هم الذين يقومون بهذا الدور، وحينما يقول الله عز وجل: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33]، لا يريد المرأة أن تكون خادمة فحسب في البيت، وإنما يريد أن تكون مربية في البيت، ولذلك الذين يزعمون أن المرأة قد عطل منها المجتمع، فشغلوا المرأة، ولم يستطيعوا أن يعوضوا هذا البيت إلا بخادمتين أو بثلاث أو بأربع مربيات يقمن بالدور الذي كانت تقوم به هذه المرأة في بيتها يوم كانت تقوم بدورها حقيقة، فالله تعالى يقول لهن: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33]، يقول العلماء: إما من الوقار أو من القرار، فإذا كان من الوقار فبقاء المرأة في بيتها هو الوقار، وإذا كان من القرار فإن بقاء المرأة في بيتها أيضاً هو المصلحة.
وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى [الأحزاب:33]، وأظن أن التبرج الموجود الآن لا يقل عن تبرج الجاهلية الأولى، ولذلك فإن الجاهلية الثانية وهي ما جاء قبيل الإسلام شددت في أمر المرأة، حتى قال قائلهم وإن كنا لا نوافقه على ذلك:
إياك وشم العامرية إنني أخشى عليها من فم المتكلم
وكانوا يقتلون البنت خشية العار، وخوفاً مما حدث في الجاهلية الأولى: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ [النحل:58]، والله تعالى يقول: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب:33]، وإذا كانت هذه هي الوسائل التي يذهب فيها الله عز وجل الرجس عن أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن أي رجل يريد أن يذهب الرجس عن بيته فإن هذه وسائل إذهاب الرجس عن أي بيت من بيوت المسلمين.
ولذلك أيها الإخوان! يجب أن لا نخسر هذه المرأة، بل نقوم بتربيتها وفق منهج صحيح جاء من عند الله عز وجل، ولا نغتر بأعداء الإسلام فإن أعداء الإسلام والله لن يرحمونا ولن يتركونا حتى نكون مثلهم، وحتى نضل السبيل، والله عز وجل حذرنا من موالاتهم ومشابهتهم، فقال سبحانه وتعالى: وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ [هود:113]، لا نركن إليهم بتقليد، ولا بتشبه، ولا بأي أمر من الأمور.
أيها الإخوان! أعداء المرأة هم الذين يظهرون اليوم بثياب أنصار المرأة، وبأنهم يدافعون عن حقوق المرأة وعن حريتها، ولكننا على ثقة أن كل من طالب بحقوق المرأة لا يستطيع أن يعطيها جزءاً بسيطاً مما أعطاها الله عز وجل الذي كرمها، فقال سبحانه وتعالى: لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ [آل عمران:195].
ولذلك نقول: لا ننخدع بهذه الدعايات المضللة، المرأة المسلمة عليها أن تعرف عدوها، وعليها أن تقرأ كتاب ربها سبحانه وتعالى بتفهم وتدبر ويقظة، وعليها أن تعرف عدوها من صديقها، وحينئذٍ فإننا على ثقة -بإذن الله- أنها لن تنخدع بهذه الدعايات المضللة.
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب: أنا ما قلت إنه جانب من جوانب الزنا، وإنما قلت: وسيلة من وسائل الزنا، فالله تعالى حرم الخلوة، وقال: لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ [النور:27]، وحرمها الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)، وإذا كان الشيطان هو الثالث لاثنين؛ فإن ذلك يسبب فتناً كثيرة؛ لأن الشيطان لن يترك الأمور تمشي بطبيعتها.
ولذلك أقول: اجتنب هذه الخلوة سواء كانت في سيارة، أو مصعد، أو داخل بيت، أو أي مكان، وحينما يحدث شيء من ذلك نحن لا نقول: إن الفاحشة ستحدث لا محالة، ولكننا نقول: هذه الحال خطر؛ لأن الشيطان سيكون ثالث الرجل والمرأة إذا انفردا، فعليك أن تبتعد سواء كان في المصعد أو غيره، فإذا دخلت المصعد ودخلت عليك امرأة تترك المصعد لها، إلا إذا كان معكما أحد ثالث، وحينئذ تفقد الخلوة، إما أن تخلو بها فالشيطان قد يلعب على أحد منكما، أو عليكما جميعاً.
الجواب: الحديث: (وليسعك بيتك)، حديث صحيح، والرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن السلامة من الفتن فقال: (ابك على خطيئتك، واحفظ عليك لسانك، وليسعك بيتك)، وهذا عام للرجل والمرأة، وكلمة: (ليسعك بيتك)، ليس معناها: لا تخرج، وإنما معناه: لا تخرج إلا لحاجة، وذلك يكون عند الفتن، والحمد لله هذه الفتن التي أشار إليها الحديث لم توجد بعد، وعلى كل فإن المرأة خير لها بقاؤها في بيتها كما في قول الله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33]، وحتى خروجها للمسجد جائز، لكن بقاؤها في بيتها أفضل لها، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، وبقاؤها في قعر البيت أفضل لها من بقائها في طرف من أطراف البيت، وصلاتها في أقصى خدرها في بيتها أفضل لها، لكن لا يجوز منعها من المسجد كما جاء ذلك في الحديث: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وصلاتهن في بيوتهن خير لهن).
وعلى هذا نقول لك: جائز أن تذهب بها إلى المسجد الحرام، وذلك لا ينافي السنة، لكن بشروط:
أن تكون غير متطيبة، وغير متبرجة، ومحتشمة، وحينئذ لا تمنعها من ذلك إذا كنت تستطيع إيصالها بأي وسيلة من الوسائل، لكن ذلك أمراً ليس بلازم؛ لأن صلاة الجماعة إنما هي واجبة على الرجال دون النساء؛ لأن الله تعالى يقول عن المساجد: يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ [النور:36-37]، أي: لا نساء؛ لأن النساء لا يطالبن بصلاة الجماعة، لكن ما دامت ترغب في الذهاب إلى المسجد الحرام فحاول ألا تمنعها؛ لأن في ذلك مضاعفة للحسنات بالنسبة لها؛ لأن الصلاة في المسجد الحرام أي مسجد الكعبة الذي ترى فيه الكعبة يساوي مائة ألف صلاة فيما سواه.
وعلى هذا نقول: إن الذهاب بها أفضل، ما دامت هذه المضاعفة موجودة، ولكن ذلك لا يلزمك؛ لأنه ليس من الواجبات بالنسبة لك.
أما إذا كان هناك خطر على الطفل، أو خطر عليها هي، أو خطر من أي شيء من الأشياء، فهذا يكون سبباً من الأسباب التي تمنع من الذهاب بها إلى المسجد، لكن إذا لم يكن هناك سبب يحول بينها وبين الذهاب إلى المسجد الحرام، فالأفضل أن تذهب بها ولك أجر وهي لها أجر لمضاعفة الحسنات.
الجوب: حقيقة هي نصف المجتمع؛ لأن النساء شقائق الرجال، فهي نصف المجتمع من حيث العدد أو الأهمية أو المسئولية، حيث يتعاون الرجل والمرأة على أعباء هذه الحياة، لكنها مهمة أيضاً في المجتمع؛ لأنها تقوم بدور تربية الأولاد، خلاف ما يظنه أعداء الإسلام من أننا نبقيها للخدمة فقط، والحقيقة أن الخدمة أيضاً أمر تؤجر عليه المرأة في بيتها، لكنها تقوم بدور أهم من الخدمة وهو تربية الأولاد، ولذلك فإن الأم لها دور في تربية أولادها وإعدادهم إعداداً صالحاً سليماً أكثر من دور الزوج أيضاً، وذلك إذا تولت الفترة الأولى التي يندر أن يكون الأب مع أولاده فيها التي هي فترة الطفولة إلى حد التمييز، ولذلك تكاد أن تنفرد بتربية الأولاد في هذه الفترة، بل إنها أيضاً تتولى ما بعد ذلك، ولذلك فإن لها دوراً هاماً يجب أن تقوم به.
الجواب: الحل هو العودة إلى حكم الله عز وجل، وإلى القرآن الذي أرشد المرأة إلى سبل الفضيلة، وكما قلت لكم: إن الله عز وجل ذكر التبرج كسبب من أسباب الزنا؛ لأن الله تعالى لما ذكر في سورة النور الزنا ذكر له أسباباً، وذكر من أسبابه التبرج، وذكر من أسباب العفة غض البصر وإحصان الفرج، ولذلك نقول: هذا التبرج الذي أشار إليه الأخ السائل أصبح الآن خطيراً، سواء كان في صور المواجهة التي يشاهدها الإنسان من هذه المرأة وجهاً لوجه، أو من الصور المتحركة التي يشاهدها كثير من الناس من خلال الأفلام، أو من خلال الصور الثابتة، أو من جهات أخرى.
ولذلك نقول: إن التبرج محرم، والتبرج معناه: إظهار الزينة. من البرج وهو المكان المرتفع الذي يرى من بعيد، والتبرج له طرق شتى ووسائل متعددة، سواء في ذلك إخراج زينة البدن، أو إخراج الثياب الجميلة، أو لبس الملابس الرقيقة أو الضيقة أو ما أشبه ذلك من الطرق الأخرى، وعلى هذا نقول: إن المرأة المسلمة لا تتبرج ولا تخرج شيئاً من جسدها ولا تفتن الناس.
وهي حينما تفتن هؤلاء الناس تسأل يوم القيامة عن كل من كانت سبباً في فتنته وضلاله، ولذلك تتحمل هذه المسئولية، وتتحمل هذا الأمر الذي تنشره في هذا المجتمع.
والتبرج أيضاً ورد فيه أحاديث شديدة منها قوله صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أمتي لم أرهما بعد؛ رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).
والمرأة المسلمة أنصحها بأن تقتدي بزوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي ما أشار الله عز وجل إليه بقوله: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32]، يعني: لا ترقق صوتها: وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأحزاب:32-33]، ثم قال بعد ذلك: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ [الأحزاب:34]، أي: تبليغ دعوة الإسلام.
ولذلك فإنا ننصح الفتيات المؤمنات اللاتي هداهن الله عز وجل في هذه الفترة أن يقمن بدور الدعوة والإصلاح، فإن المرأة تتقبل من المرأة أكثر مما تتقبل من الرجل، وأن تكون داعية إصلاح وعفة وطهارة، والله تعالى يكتب لها أجر الجهاد في سبيل الله تعالى، كما ندعو أيضاً الآباء والأولياء والرجال عامة أن يربوا هذا النشء تربية إسلامية صحيحة، حتى لا يكون في هذا المجتمع هذه الأشياء التي نحذرها ونخاف من نتائجها.
هذه النساء أمانة أيها الرجل! أيها الولي! أباً كنت أو أخاً، أو مسئولاً أي مسئولية من المسئوليات، هذه أمانة في عنقك: عليك أن تخشى الله عز وجل، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الأب راع في بتيه ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، وهذه المسئولية تكون بين يدي الله عز وجل يوم القيامة؛ فإن الله تعالى إذا أوقف الناس بين يديه للحساب يوم القيامة، جاءت هذه البنت وقالت لله عز وجل: يا رب! زده عذاباً ضعفاً في النار -تعني أباها- إنه خانني، ولم يربني تربية صالحة، فلنتق الله عز وجل في هذه الذرية، فلا تبرج، ولا سفور، ولا ازدحام مع الرجال، ولا اختلاط، ولا نغتر بهذه الدعايات فإن أعداء الإسلام يريدون أن نضل السبيل، والله المستعان عليهم.
الجواب: خالد محمد خالد لا تغتروا به، وقد كان رجلاً منحرفاً ويقال: إنه استقام، وكان من قبل رجل يحارب الإسلام، وإن كان ينتسب فترة من الزمان إلى علماء الإسلام، وهو يحارب الإسلام، وحتى بعد أن هداه الله إلى الإسلام -كما يقول- من يقرأ كتبه مثل رجال حول الرسول وما أشبه ذلك يجد في الرجل أنه لم يلتزم بعد، ولذلك إذا مر بالمتقشفين من الصحابة رضي الله يزيد عليهم؛ لأنه رجل كأنه داعية للاشتراكية، وعلى كل فالله تعالى هو الذي يتولى حساب هذا الرجل، فلا نغتر به ولا بأمثاله، ولا نأخذ ديننا من الناس وإنما نأخذه من كتاب الله تعالى وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
والرسول صلى الله عليه وسلم الهادي لنا يقول: (ما أفلح أمر ولوا أمرهم امرأة)، ويكفينا ذلك، ولذلك أول مرة في تاريخ الإسلام تحكم امرأة بلداً إسلامياً، أما استدلال هذا الرجل بقصة بلقيس ، فـبلقيس امرأة كافرة، بدليل قولها بعد ذلك: وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [النمل:44]، والله تعالى يقول عنها قبل ذلك: إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ [النمل:43]، إذاً: كيف نستدل بها، ونحن الآن نناقش قضية إسلامية لا قضية عالمية.
أثر عمر رضي الله عنه لما أراد أن يحدد المهور كما استدل الكاتب هذا، فلم تحكم، وإنما كانت تبدي رأيها، ونحن نقبل رأي المرأة كما نقبل رأي الرجل إذا أرادت أن تبديه، وقد تصيب المرأة ويخطئ الرجل لا شك في ذلك.
أما حديث: (النساء شقائق الرجال)، فصحيح أنهن شقائق الرجال، لكن أن تحكم المرأة على الرجال! هذا خلاف المألوف في تاريخ الأمة الإسلامية، ولذلك نقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)، وأولئك الذين تولى أمرهم امرأة الله تعالى يتولى شأنهم نحن لا ندري ماذا في الغيب، ولكننا نقول: الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة).
أما خالد محمد خالد فأنا لا أحذركم من كتبه، ولكن أقول: لا تطمئنوا إلى كتبه، ولا تنسجموا معها، فالرجل يقول: إنه استقام، وكان منحرفاً وأظنه هو الذي قال: لا يؤمر بقطع يد السارق كما لا يؤمر بقطع ذكر الزاني؟ اعتراض على الله سبحانه وتعالى.
وعلى كل فإننا نقول: حتى لو قدرنا أن هذا الرجل استقام، فهو بشر يخطئ ويصيب، لكني أنا أشك في كتبه وآمر بالحذر لمن أراد أن يقرأ كتب خالد محمد خالد أو غيره من الذين مروا بفترة من الفترات التي فيها انحراف، والله المستعان.
الجواب: هذا لا يجوز، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن لعن المرأة الزانية، لما رجم الرسول المرأة الغامدية وقد زنت واعترفت بالزنا وولدت من الزنا، ولعنها أحد الصحابة لما أصابه شيء من دمها وهو يرجمها، قال: (لا تلعنها فإنها تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم).
وعلى كل فإن لعن الحي لا يجوز حتى لو كان كافراً بعينه؛ لأن اللعن معناه التسبب بالطرد والإبعاد عن رحمة الله سبحانه وتعالى، ويا حبذا لو دعونا لهن بالهداية.
أما أن الرسول قال: (العنوهن فإنهن ملعونات)، أظنه ليس في المرأة المتبرجة، وإنما في المرأة التي تريد أن تنافس الرجل على طبيعته وفطرته لا المرأة المتبرجة، أما المرأة المتبرجة فإنها امرأة عاصية، نسأل الله تعالى أن يردها إلى الطريق المستقيم، ونرشدها نحن إلى الطريق المستقيمة، أما اللعن فإنه ليس من صفات المؤمن: (ليس المؤمن باللعان ولا الطعان).
الجواب: نعم يجوز إذا لم يكن ذلك سفراً، المهم ألا تكون واحدة؛ لأنها لو كانت واحدة لكانت خلوة والخلوة محرمة، أما أن يكون العدد أكثر من واحدة، حتى لو لم يكن معك أحد من محارمك، إلا أن الاحتياط أن يكون معك من محارمك من تستأنس به، المهم ألا تكون خلوة وألا يكون هناك سفر، فإذا كانت هناك خلوة فإن هذا محرم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يخلون رجل وامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)، وإذا كان هناك سفر فلا يجوز ولو كان عدد من النساء ما دمن لسن من المحارم، ولو كانت معك محرم من محارمك كزوجتك أو أختك؛ لأن النساء اللاتي يسافرن معك بدون محرم عملن محرماً، وأنت أيضاً عملت محرماً؛ لأن في هذا معصية لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم حينما نهى أن تسافر المرأة بدون محرم.
وهناك رأي لبعض العلماء يقولون: إذا كانت هناك رفقة نساء فيجوز أن تسافر معهن امرأة ليس معها محرم ما دامت مع نساء ولو كان سفراً طويلاً، لكن هذا الرأي وإن كان صاحبه محترماً إلا أنه خلاف الحديث: (لا يحل لامرأة أن تسافر إلا ومعها ذو محرم)، والرسول صلى الله عليه وسلم علم أن رجلاً اكتتب في غزوة كذا وكذا لما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لامرأة أن تسافر إلا ومعها ذو محرم، قال: يا رسول الله! اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وزوجتي ذهبت حاجة، قال: ارجع فاذهب مع زوجتك فحج معها)، كون الرسول صلى الله عليه وسلم يرد رجلاً عن القتال في سبيل الله من أجل أن يحج مع زوجته حتى لا تسافر إلا مع محرم دليل قاطع على أنه لا يحل للمرأة أن تسافر إلا ومعها محرم ولو كان معها رفقة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يسأل صاحب هذه المرأة أمعها رفقة أم ليس معها رفقة؟ والله أعلم.
الجواب: الذي ينكر على من تزوج نعوذ بالله من حاله: وهو إما أن يكون رجلاً جاهلاً، وإما أن يكون رجلاً مرتداً عن الإسلام، ومن أنكر تعدد الزوجات فهو مرتد عن الإسلام؛ لأنه أنكر صريح القرآن، ومن أنكر شيئاً من كتاب الله عز وجل فهو مرتد كافر يجب أن يستتاب في الحال فإن تاب وإلا قتل، إلا إذا كان مثله يجهل.
وعلى كل نقول: الذي يدل عليه القرآن والسنة أن تعدد الزوجات سنة وليس بمباح، وهذا الذي أعتقده أنا بأدلة:
أولاً: أن الله تعالى قدم التعدد على الإفراد في قوله تعالى: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً [النساء:3].
ثانياً: أن الله تعالى أمر بالواحدة في حال الخوف، مما يدل على أنه حينما يؤمن الخوف يكون التعدد أفضل؛ لأن القاعدة أن كل شيء نهي عنه في حال الخوف فغيره أفضل في حال عدم الخوف.
ثالثاً: أن الله تعالى حرم الميل بجميع أنواعه، ولكنه أباح شيئاً من الميل مع التعدد، مما يدل على أهمية التعدد فقال الله تعالى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ [النساء:129]، يعني بعض الميل الذي هو ميل القلب لا يؤاخذ عليه الإنسان ولذلك أبيح؛ لأن مصلحة التعدد أكبر.
رابعاً: وهو الدليل القاطع الذي يجب أن نؤمن به جميعاً: أنه هو الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يفعل إلا الأفضل، ولو لم يكن خيراً لما سبقنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: أولاً: عليك يا أخي! ألا تطل عليه؛ لأن هذه عورات لا يجوز للإنسان أن ينظر إليها.
ثانياً: على هذا الرجل أن يتقي الله عز وجل، وإذا كان اتخذ مسبحاً في بيته أن يظلله وأن يغطيه حتى لا ينظر إليه أحد.
وعليك يا أخي! أن تنصحه؛ لأنك حتى لو غضضت عنه البصر، فلربما يأتي جار أو إنسان آخر لا يغض البصر، نقول: انصحه، وعليه ما دام قد اتخذ هذا المسبح ويسبح فيه هو وزوجته فعليه أن يظلله وأن يغطيه حتى لا تصل إليه أعين الناس.
الجواب: أولاً: هي لا يجوز لها أن تقاطع أهلها؛ لأن صلة الرحم أمر مطلوب، كما أن عليها أن تغض بصرها فلا تنظر إلى التلفاز ولا إلى غيره بما فيه الصور الفاتنة، فتذهب لزيارة أهلها ولا تقطعها عن زيارة أهلها، وعليها أن تجتنب المنكر كما أن عليها أن تقدم النصيحة بين فترة وأخرى لأهلها، وتستعين بالله على ذلك.
الجواب: صحيح أن وأد البنات ليس صفة من صفات أهل الجاهلية كلهم، لكن لا شك أنه صفة من صفات بعض الناس في ذلك الوقت، والله تعالى يقول وهو أصدق القائلين: وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:8-9]، وذكر المؤرخون أنهم كانوا يئدون البنات، بل إن الله تعالى قال: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى [النحل:58]، فكلمة، (أَحَدُهُمْ)، تدل على الكثرة، ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ [النحل:58-59]، يعني: على ذلة، أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ [النحل:59]، الذي هو الوأد.
وعلى كل حتى المؤرخين قالوا: إن الوأد لم يقع في أشراف القوم وعليتهم، وإنما وقع في بعضهم، لكن الإسلام ما قال: إن كل النساء كانت توأد في الجاهلية، حتى يقول هذا الأخ: إن الإسلام بالغ، وإنما ذكر الله عز وجل أن هناك من يئد النساء، ولو كن النساء كلهن يوأدن في الجاهلية ما بقي نسل بني آدم في تلك الفترة، وعلى كل فإننا نقول: الله عز وجل لا شك أنه أكرم المرأة، وحتى لو قلنا: إن امرأة واحدة كان نصيبها أن توأد في الجاهلية ثم جاء الإسلام فأنقذها، فإن الإسلام يعتبر هو محرر المرأة، وهو الذي أثبت حقوقها، ويكفيكم أن الله سبحانه وتعالى أعطاها كل حقوقها من الميراث والإنسانية والبشرية والبيع والشراء والتعامل، هذه كلها حقوق؛ إذ كل حقوقها قد ضمنها الإسلام، ولكن الإسلام أيضاً لم يترك ثغرة لهؤلاء الناس الذين جاءوا في هذا العصر وفي هذه الفترة ليزعموا أنهم أنصار المرأة أو أنهم يدافعون عن حقوق المرأة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر