إسلام ويب

اليهودللشيخ : حسن أبو الأشبال الزهيري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تاريخ اليهود ممتلئ بالغدر والخيانة والكذب والغش والافتراء، ليس فقط في حق البشر، بل في حق الله عز وجل وملائكته وكتبه ورسله، فقد سبوا الله تعالى، وعادوا ملائكته، وحرفوا كتبه، وقتلوا رسله، وهم أهون الخلق وأخوفهم في الحروب والقتال، حتى مع وجود نبي مؤيد بالوحي معهم.

    1.   

    حقيقة دين الأنبياء

    إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وما قلَّ وكفى خير مما كَثُر وألهى، وإنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين.

    أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الأنبياء أولاد علات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد).

    يقال للرجل: إذا تزوج الثانية قد أعل من الأولى، وإذا تزوج الثالثة فقد أعل من الثانية.. وهكذا، فأثبت النبي عليه الصلاة والسلام أنه هو وجميع الأنبياء إخوة لعلات، اختلفت أمهاتهم ولكن دينهم واحد.

    وإجماع أهل العلم كما نقله النووي وابن حجر : أن هذا الحديث على ظاهره غير مقصود، إنما المقصود أن الأنبياء جميعاً إنما أرسلوا بدين واحد وهو دين الإسلام، وهو توحيد الله عز وجل، فلم يكن الشرك مباحاً على لسان نبي بعث قبل نبينا عليه الصلاة والسلام، إنما اختلفت فروع شرائعهم وأزمانهم فقط.

    فمثل النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الحديث ليقرب المعنى إلى الأفهام والأسماع، لكن المعنى المجمع عليه، بل الذي اتفق عليه العقلاء: أنه ما من نبي أرسله ربه إلا وأتى بدين الإسلام وبعقيدة التوحيد وبأصول الإيمان، ولذلك لما سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان؟ قال: (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وتؤمن باليوم الآخر، وبالقدر خيره وشر)، فهذه أصول الإيمان التي بعث بها كل نبي ورسول، فهل يا ترى آمن اليهود وآمن النصارى بهذه الأصول الإيمانية التوحيدية التي دعاهم إليها أنبياؤهم ومرسلوهم؟!

    الجواب: كلا، وشاهد ذلك فيما يتعلق بالإيمان بالله عز وجل: أن الله تعالى متصف بكل صفات الكمال والجلال التي تليق بذاته وعظمته، وأن الله تعالى قد نفى عن نفسه النقص تماماً، فلا ينسب إليه نقص قط، ومن نسب إلى الله تعالى النقص فهو كافر بذلك.

    1.   

    موقف اليهود من الله عز وجل

    انظر إلى موقف اليهود من الله عز وجل الذي هو أكرم الأكرمين وأجود الأجودين، نسبوه إلى البخل والشح: (لما نزل قول الله تبارك وتعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً [البقرة:245] أتى اليهود إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقالوا له: يا محمد! افتقر ربك فاستقرض العباد -يعني: أصار ربك فقيراً بعد أن كان غنياً يطلب القرض من الخلائق؟- فنزل قول الله عز وجل: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ [آل عمران:181]) فالله عز وجل شاهد على قول اليهود.

    كما أنهم جعلوا من المخلوقين أبناء لله عز وجل، وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ [التوبة:30] وهذه مقولة اليهود، وعزير بريء منها، ومن بعدهم قالت النصارى نفس المقولة: وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ [التوبة:30] وعيسى عليه السلام بريء من قولة النصارى كذلك، إنما الله تعالى إله واحد لا إله إلا هو سبحانه وتعالى عما يشركون.

    وكذلك اليهود هم الذين قالوا: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ [المائدة:64]، فنسبوا الغل -وهو كناية عن الشح والبخل- لله عز وجل، إذا كان له أخذ، وإذا كان عليه لا يعطي، سبحانه وتعالى عما يشركون بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ [المائدة:64]، (خزائنه ملأى لا تغيضها نفقة سحاء الليل والنهار، أي: لا تنقصها نفقة مهما أنفق.

    انظروا إلى ما أنفق الله عز وجل منذ أن خلق السماوات والأرض إلى يومنا هذا، بل إلى قيام الساعة، بل بعد قيام الساعة، وفيضه بالنعيم على أهل رضوانه وأهل جنته، هل نقص ذلك من ملك الله تعالى شيئاً؟

    الجواب: لا، إلا كما ينقص البحر إذا أدخل أحدكم فيه إبرة، وهذا شيء لا يكاد يذكر، ولذلك خزائن الله تبارك وتعالى ملأى لا تغيضها نفقة، لكن اليهود أبوا إباء شديداً إلا أن ينبسوا الله تبارك وتعالى إلى النقص والعجز والتقصير، معاذ الله أن يكون كذلك، وتتبع خطواتهم النصارى.

    هذا موقفهم من الله عز وجل باختصار شديد، فما موقفهم من الملائكة؟

    1.   

    موقف اليهود من الملائكة

    يتجلى هذا في مقدم النبي عليه الصلاة والسلام من مكة إلى المدينة، لما سمع بمقدمه حبر من أحبار اليهود اسمه عبد الله بن سلام جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال: (يا محمد! إني سائلك عن أشياء لا يعلمها إلا نبي، قال: يا ابن سلام سل عما بدا لك -والحديث في البخاري من طريق أنس بن مالك- قال: ما أول أشراط الساعة؟ وما طعام أهل الجنة؟ وكيف ينزع الولد؟ قال النبي عليه الصلاة والسلام: أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، قال: صدقت، قال: وأما أول طعام أهل الجنة فزيادة كبد الحوت، قال: صدقت، قال: إذا اجتمع الرجل والمرأة -أي: في الجماع- فعلا ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد إليه، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل نزع الولد إليها. قال: صدقت، وإنك لنبي، وإني لأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله -هذه شهادة حبر من أحبار اليهود- ثم قال عبد الله بن سلام: يا رسول الله! ادع اليهود فسلهم عني قبل أن تخبرهم بإسلامي، فإنك إن تخبرهم بإسلامي يبهتوني، فإنهم قوم بهت، فدعا النبي عليه الصلاة والسلام اليهود وقال: ما تقولون في عبد الله بن سلام؟ قالوا: سيدنا وابن سيدنا، وحبرنا وابن حبرنا، وعالمنا وابن عالمنا، فخرج عليهم عبد الله بن سلام من خلف الستار فقال: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فقالوا: أنت سفيهنا وابن سفيهنا، وحقيرنا وابن حقيرنا، وسبوه وتنقصوه -هكذا هم اليهود، ويهود اليوم شر من يهود الأمس- قال النبي عليه الصلاة والسلام: يا ابن سلام ! إن الذي سألتني عنه لم يكن لي به علم غير أن جبريل نزل علي آنفاً فأخبرني به، قال: إن الذي ينزل عليك يا رسول الله هو جبريل؟ قال: نعم، قال: ذاك عدو اليهود من الملائكة -تصوروا أن اليهود يعادون الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون، ومع هذا اتخذهم اليهود أعداء- فقال النبي عليه الصلاة والسلام: قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ [البقرة:97-98]).

    عمر رضي الله عنه كانت له أرض في عوالي المدينة عند بني النضير وبني قينقاع، وكان يذهب إليها ليباشر العمل فيها، وكان اليهود يطمعون في عمر رضي الله عنه، أي: في ردته إلى الكفر على الأقل، حتى وإن لم يدخل في دين اليهود؛ لأن اليهود من عنجهيتهم وصلفهم وغرورهم لا يريدون من أحد أن يدخل في دينهم، إنما يريدون زعزعة الإيمان، وخروج أهل الإيمان من إيمانهم ودخولهم في الكفر العام لا في اليهودية؛ لأنهم يأبون أن يدخل مسلم في دينهم. انظروا إلى هذا الصلف وهذا الغرور، يدخل في النصرانية، في الدرزية، في الديمقراطية، في الماسونية، في الشيوعية، في أي ملة من ملل الكفر، لكنه لا يدخل في ملة اليهود، هكذا يريد اليهود، وهم يحاولون بالليل والنهار إخراج الموحدين من توحيدهم ومن دينهم الحق إلى أي ملة من ملل الباطل.

    فلما طمع اليهود في عمر رضي الله عنه قالوا: يا عمر إنك لتعلم أنك أحب أصحاب صاحبك إلينا، قال: وبم ذاك؟ يعني: ما سر هذا الحب، فلم يعيروه جواباً. ثم قالوا: وإنا لنتبعك بشرط أن تخبرنا من ينزل على صاحبك؟ قال: أي يمين فيكم أعظم؟ قالوا: الرحمن، قال: والرحمن إن الذي ينزل عليه لجبريل، قالوا: أما علمت يا عمر أن ذاك عدونا من الملائكة؟ قال: إن الذي يعادي جبريل يعادي ميكائيل، قالوا: لا، بل ميكائيل ولينا، إنما عدونا جبريل، وهكذا فرق اليهود في إيمانهم بالملائكة على فرض أنهم قد آمنوا بميكائيل واتخذوه ولياً، وهم كذبة وغششة وخونة في مثل هذا القول كذلك، بل هم قد كفروا بجميع الملائكة لا يستثنون من ذلك واحداً، والآيات والأحاديث شاهدة على موقف اليهود.

    وحجتهم في ذلك: أن جبريل إنما هو رسول الغلظة والشدة والفظاظة، بخلاف ميكائيل فإنه رسول الرحمة واللطف واليسر والتبشير وعدم التنفير، هكذا يقولون، وإن شئت فقل: هكذا يصفون ملائكة الله عز وجل.

    وعند مسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه قال (دخل حبر من أحبار اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا محمد، قال ثوبان: فدفعته دفعة كاد يصرع منها، فقام الحبر وقال: يا ثوبان لم دفعتني؟ قال: قلت: ألا تقول: السلام عليك يا رسول الله؟ قال الحبر: إنما سميته باسمه الذي سماه به أهله)، وهل يليق بكل أحد أن ينادى باسمه؟! أأنت تنادي أباك باسمه، أو أمك باسمها، أو الحاكم باسمه، أو القائد باسمه، أو مديرك في العمل باسمه؟!

    لكل مقام مقال، (فقال النبي عليه الصلاة والسلام: واسمي الذي سماني به أهلي محمد، فأنا محمد وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله به الخطايا، وأنا العاقب الذي يحشر الناس على عقبي -هذه بعض أسمائه عليه الصلاة والسلام- قال الحبر: يا محمد ما أول طعام أهل الجنة؟ قال: زيادة كبد الحوت، قال: فما غذاؤهم على إثرها؟ قال: ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها، قال الحبر: فما شرابهم عليه -أي: على هذا الغذاء - ؟ قال النبي عليه الصلاة والسلام: يشربون من عين فيها تسمى: سلسبيلاً، قال: وأين يكون الناس حين تبدل السماوات والأرض؟ قال: يكونون في الظلمة دون الجسر؟ - أي: على الصراط- فقال الحبر: صدقت، ثم قال: وإني سائلك عن شيء لا يعلمه إلا نبي أو رجل أو رجلان؟ قال النبي عليه الصلاة والسلام: أو ينفعك إن حدثتك -يعني: هل تؤمن إذا أجبتك-؟ فقال اليهودي بعنجهية وصلف وغرور: أسمع بأذني -كأنه يقول: يا محمد اعرض علي ما عندك- فقال: جئت أسألك عن الولد؟ قال: يا معشر يهود إنكم تعلمون أن ماء الرجل أبيض غليظ، وإن ماء المرأة أصفر رقيق، فإذا اجتمع الرجل والمرأة فعلا ماء الرجل ماء المرأة أذكر بإذن الله -أي: كان ذكراً بإذن الله- وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أنث بإذن الله، أصدقت يا يهودي؟! قال: صدقت يا محمد، وإنك لنبي ثم تركه وانصرف).

    ولم تثبت الرواية أنه آمن، وإنما صدقه في الخبر فقط، ثم انطلق بعد أن أقر بنبوته من حيث إنه نبي لا من حيث إنه آمن بأنه نبي.. وهكذا اليهود.

    فإذا كانت هذه شهادات اليهود أو شهادات أحبار اليهود وعلماء اليهود بصدق نبينا عليه الصلاة والسلام فيما أخبر عن ربه تبارك وتعالى، وفيما أمر بأمر الله تعالى ونهى بنهيه كذلك، ومع هذا لم يؤمنوا، فما بالكم برعاع اليهود؟ وما بالكم برعاع النصارى الذين هم أتباع لكل ناعق؟

    إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام دعا اليهود وبذل معهم أيما جهد لما دخل المدينة، ولذلك استقبل اليهود النبي عليه الصلاة والسلام بقبول حافل عند دخول المدينة؛ ظناً منهم أنه إنما قدم ليدعو الموالي والرعاع والسقط والفقراء والمشركين، أما اليهود فإنهم يأبون أن توجه إليهم دعوة للانخلاع من الكفر ودخولهم في الإيمان، ولذلك كانوا مع النبي عليه الصلاة والسلام لما كان يدعو المشركين، فلما دعاهم انقلبوا عليه.

    1.   

    موقف اليهود من الكتب السماوية

    أما موقفهم من الأنبياء والكتب التي أنزلت على الأنبياء فهو في غاية الخزي والعار والشنار، الله تبارك وتعالى بين أنهم يبدلون كلام الله بأيديهم ويحرفونه عن مواضعه، يأخذون الأقلام والأحبار، ويأتون بالصحف فيكتبون كلاماً من عند أنفسهم، ثم ينسبونه لله عز وجل، أي جرم هذا؟! إن الله تعالى بعد أن بين فظائع اليهود وجه الخطاب للمسلمين فقال: أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة:75]

    وحتى قال الله تبارك وتعالى: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ [البقرة:78] والأمنية التلاوة، كما أن الأمنية تكون بالقلب فكذلك الأمنية تكون بالتلاوة، كما في قول الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ [الحج:52] معنى الأمنية هنا: التلاوة، فيكون التقدير: وما أرسلنا من قبلك يا محمد من رسول ولا نبي إلا إذا تلا كتاب الله على أمته، فحينئذ يلقي الشيطان بكلام من عنده في أثناء تلاوة النبي كلام الله حتى إذا سمعه المشركون ظنوا أن كلام الشيطان هو كلام النبي، وليس الأمر كذلك، ولذلك ينسخ الله أي: يبطل الله تبارك وتعالى كلام الشيطان، ثم يحكم الله تعالى آياته التي أوحى بها إلى ذلك النبي.

    فلما كانوا يبدلون ويحرفون قال الله: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ * فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [البقرة:78-79] شهادة وافتراء على الله عز وجل ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا [البقرة:79] اللام هنا للتعليل، أي: لأجل أن يشتروا بهذا الكلام ثمناً قليلاً، وهذا يدل على نفسية اليهود المحطمة، وأنهم يسعون ويلهثون خلف المادة لهث الكلاب، حتى وإن كان ذلك على حساب الوحي، لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ [البقرة:79] أي: مما اكتسبوه من مال ومتاع قليل؛ بسبب تحريفهم وتبديلهم لكلام الله عز وجل.. إلى غير ذلك من الآيات التي قضت بأن الكتاب الذي أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام إنما هو الكتاب المهيمن والقاضي والمسيطر على جميع الكتب السابقة، ولذلك كان اليهود يستنجدون بالنبي عليه الصلاة والسلام على أعدائهم من المشركين والكفار، فلما عرفوه كفروا به، وهكذا أخلاق اليهود مراوغة، ومحايلة، ومداهنة، وكذب وافتراء، وإنهم والله إن ماتوا على ذلك فإنهم حطب جهنم هم لها واردون، وكذلك النصارى وسائر ملل الكفر.

    1.   

    موقف اليهود من الأنبياء

    أما عن موقفهم من الأنبياء فهو لا يقل خزياً وعاراً عن موقفهم مما ذكرنا، فإنهم قالوا: إن يوسف حل معقد الإزار وجلس من المرأة ليبغي بها مقعد الرجل من امرأته، افتراء على يوسف عليه السلام، وهو الذي برأه الله تبارك وتعالى في سورة سماها باسمه وهي سورة يوسف عليه السلام، وليس هذا مجال الدفاع عن الأنبياء بالتفصيل.

    وكذلك قالوا: إن لوطاً شرب الخمر فسكر فقام على ابنتيه فزنا بهما، وكان من نسله -أي: ومن نتاج زناه- أن بعث الله تعالى أنبياء ومرسلين، مع أن الله تبارك وتعالى ما بعث نبياً إلا وهو حسيب في قومه، بل من أشرافهم.

    ثم قالوا: إن إبراهيم عليه السلام قدم سارة لطاغية مصر ليزني بها، ويأخذ منها هواه، مع أنه أخرج البخاري ومسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات، قال: إني سقيم) أي: لما دعوه وحملوه على أن يشارك في أعيادهم الكفرية والشركية، قال: دعوني فإني سقيم. على تقدير ما سيكون لو أنه شارك، وهكذا أهل العربية يفهمون أن هذا من باب المجاز باعتبار ما سيكون، كما في قول الله تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا [طه:74] ولا يأتي أحد يوم القيامة مجرماً، بل لا يجرؤ أحد أن يقدم بين يديه إجراماً يوم القيامة، ولكن الله تعالى سماه مجرماً باعتبار ما كان منه في حياته الدنيا، فهكذا قال إبراهيم عليه السلام: إني سقيم، أي: باعتبار ما سيكون لو أنه فعل ذلك.

    ولما دخل مصر وكان يعلم أن بها طاغية جباراً عنيداً يأخذ كل امرأة لها بعل بعد قتل زوجها، فقال لـسارة: (إنا قادمون على جبار طاغية، وإن من شأني كيت وكيت، فإذا أخذك فقولي: إنني أخته وإنك أختي في الإسلام)، هكذا كذب إبراهيم عليه السلام، وليست في حقيقة الأمر كذبة، ولذلك إذا طلب العدو أحداً بين يديك وكان العدو ظالماً، وكان هذا المتخفي عندك مظلوماً، فيحرم عليك أن تدل العدو عليه، وإلا لكنت شريكاً في قتله وإراقة دمه، بخلاف ما لو كان هذا الطالب طالب حق، والمطلوب ظالماً ومحدثاً فالأمر كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لعن الله تبارك وتعالى في المدينة من أحدث بها حدثاً، أو آوى بها محدثاً)، أي: آوى رجلاً محدثاً مبتدعاً بدعة في الاعتقاد استوجبت قتله، فطلبه السلطان ليقتله، فامتنع الناس عن تسليم هذا المحدث؛ فحينئذ تنزل عليهم لعنة الله عز وجل.

    من براءة إبراهيم عليه السلام: (أن الطاغية لما مد يده إلى سارة تصلبت، فقال الطاغية: ادعي الله لي أن يرد علي يدي ولا أمسك بسوء؟ فدعت، فرجع إلى ما كان آنفاً، ثم قال لها: ادعي الله لي أن يعافيني ولا أصيبك بسوء، فدعت، فعاد الثالثة ثم أعطاها الوعد فصدق، فانصرفت وأعطاها هاجر تخدمها، فلما قدمت على إبراهيم قال: مهيم؟! أي: ما خبرك مع هذا الطاغية؟ قالت: عافني الله تعالى من شره وأخدمنا خادمة)، أما اليهود فيقولون: إن إبراهيم قدم سارة لهذا الطاغية.

    وفي المقابل نجد الملاحدة الذي يتكلمون بألسنتنا ويدينون بديننا في الظاهر يقولون: إن هذا الحديث لا يمكن قط أن يتفق مع العقل، وإن رواه البخاري ومسلم .

    حتى قال لي أحدهم: والله لو أن هذا الحديث ورد في كتاب الله لكفرنا به! نعم، الوقت يسمح لكل جبار وطاغية وعنيد وملحد وزنديق أن يأتي بإلحاده وزندقته، فلا حارس ولا راعي لهذا الدين العظيم، ولذلك كل من تكلم بكفر الآن يعلم أنه في مأمن من السيف، لكنه ليس في مأمن من قعر جهنم، فليقل ما شاء والموعد الله، هذا دين الله عز وجل، وإن تقاعس الخلق أجمعون عن نصرته فإن الله تعالى جدير وخليق وأهل لأن يحمي دينه، فلا أقل من أن نعتقد ما اعتقده ذلك المشرك عبد المطلب لما قال: أما البيت فله رب يحميه.

    أما هذا الإلحاد الذي يخرج علينا في كل يوم وفي كل ليلة أقسم بالله أنه ظاهرة صحية؛ لأن كثيراً من الناس يتأذى بذلك، لا والله بل هذا مهم لتمييز الحق من الباطل، وتمييز أهل الإيمان من أهل الجحود النكران والكفران، هذا تمييز للصف لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا [الفتح:25]، فالتزيل والتميز أمر مطلوب جداً حتى ينقى الصف، وإلا لو اختلط الحابل بالنابل لم نعرفهم.

    لو أن كل امرأة الآن لبست النقاب لاختلطت علينا المؤمنة بالكافرة، والملحدة والعاصية التي لم تلبسه عن قناعة وذل وخضوع، وامتثال لأمر الله عز وجل، ولكن الآن نستطيع أن نفرق بين الحرة العفيفة المؤمنة وبين غيرها، فاللباس مظهر للتميز، فهذه ظاهرة صحية والله وليست ظاهرة مرضية، حتى لا يتأذى بها كثير من الناس، وانظروا إلى مصداق كلامي في الحديث الصحيح: (أتى خباب بن الأرت رضي الله عنه إلى النبي عليه الصلاة والسلام وهو مسند ظهره إلى الكعبة، فقال: يا رسول الله! ألا تستنصر لنا؟! ألا تدعو الله لنا، فإنه قد أصابنا السوء والشر؟! فغضب النبي عليه الصلاة والسلام غضباً شديداً، واعتدل قائماً وقال: إن من كان قبلكم كان ينشر بالمناشير من رأسه إلى أخمص قدميه، حتى يلقى على الأرض فلقتين لا يرده ذلك عن دينه شيئاً). فيبين لـخباب أن الدين دين الله عز وجل، وأنه ناصره وناشره ومؤيده، وإن تقاعست عنه يا خباب أنت ومن معك، ثم اعلم أن الذي وقع لك من المشركين لم يبلغ ما وقع للأنبياء ولأتباع الأنبياء من قبلك، فقد كان الواحد منهم ينشر بالمنشار حتى يسقط على الأرض فلقتين، لا يرده ذلك عن دينه شيئاً، ثم قال: (وإن الله تعالى مبلغ هذا الأمر حتى يدخل في كل بيت حجر ومدر، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله تعالى به الإيمان وأهله، وذلاً يذل به الشرك وأهله) فهم أهل ذل وإن كانوا جموعاً، وأهل الإيمان أهل عز وإن كان واحداً.

    أما علمتم أن أهل الإيمان في مبعث النبي عليه الصلاة والسلام كان واحداً وهو النبي، ثم اثنان بانضمام أبي بكر إليه، ثم الثالث بانضمام خديجة ، ثم الرابع والخامس والسادس حتى قال سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود: (لقد رأيتني سادس ستة في مكة) يعني: لم يكن من أهل الإيمان إلا ستة في ذلك الزمان، ومع هذا انتصر الإسلام على أيديهم في بقاع الأرض، حتى دخل الناس في دين الله أفواجاً، مع أن الصحابة قلة، وحج النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع ومعه مائة وأربعة عشر ألفاً من المسلمين، هب أن بقية من لم يحج ضعفان أو ثلاثة أضعاف، هل هذا عدد يسمح ويكفل بانتشار الإسلام في ربوع الأرض؟ من جهة العقل لا يسمح، ولكنه محض فضل الله عز وجل، ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يغلب اثنا عشر ألف من قلة)، العدد والعدة وإن كانا من أسباب النصر إلا أن النصر من عند الله لا بالعدد والعدة.

    انظروا إلى غزوة بدر قال الله فيها: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ [آل عمران:123] قال العلماء: (أذلة) لها معنيان: إما قلة، أو أنكم متذللون خاضعون ساكنون مخبتون لله عز وجل، على خلاف موقفهم في غزوة حنين: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ ثم وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ [التوبة:25]، مع أنكم كثرة، لكن لما فرحتم بها لم تغن عنكم من الله شيئاً، العدد والعدة مطلوبان للقتال والنصر، وهما من أعظم الأسباب، لكن أعظمها على الإطلاق هو التوكل على الله، واعتقاد أن النصر من عند الله، إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7].

    أخلاق اليهود: كذب، وافتراء، وغش، وخداع، ومراوغة، وخيانة، وهم أنقض الناس للعهود والمواثيق، فما عاهدهم النبي عليه الصلاة والسلام مرة إلا وخانوه ونقضوا العهد والميثاق، ولذلك لم يتسامح معهم النبي عليه الصلاة والسلام في أي مرة خانوه فيها، فلما طلبوا مهلة أخرى أو عهداً جديداً أو ميثاقاً آخر أبى عليهم النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه يعلم نفسية اليهود وخيانتهم وغدرهم، وأنه لا عهد لهم ولا ميثاق، ولذلك لم يستجب لهم صلى الله عليه وسلم، بل كان يعطيهم ثلاثة أيام أو عشرة أيام حتى ينزلوا من حصونهم جميعاً بما تحمله إبلهم وعيرهم، ويقول لليهود: (أعطيكم مهلة على أن ترحلوا عن المدينة، ولا تحملوا معكم إلا ما تحمله إبلكم، أما الزيادة عن ذلك فلا).

    أيها الإخوة الكرام! اليهود لا عهد لهم، ولذلك حلهم الوحيد القتال.

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

    1.   

    صفات من يقاتلون اليهود وغيرهم من الكفار

    الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على رسوله المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    وبعد:

    فإذا كان الحل مع اليهود هو الجهاد أو القتال فلا بد أن نطرح سؤالاً: من الذي يقاتل؟ ومن الذي يدافع؟ ومَن مِن المسلمين اليوم صاحب رسالة، يعلم حقيقة الأمر، ويعلم ألاعيب اليهود والنصارى؟

    والعجيب أننا نتكلم كثيراً عن اليهود وندع النصارى وكأنهم أحباب لنا! أنسيتم الحروب الصليبية؟ أنسيتم التخطيط والغدر، والخداع، والمكر، والإعداد على أعلى مستوى إلى يومنا هذا في هذا البلد.. وفي غيره؟ أنسيتم هذا؟

    كل من لم يكن مسلماًً فهو عدو يجب على كل مسلم أن يتخلص منه ليكون الدين لله، ولذلك لا بد أن نقرر أن المسلمين اليوم عبارة عن موقوذة، ومتردية، ونطيحة، وقلّ منهم من يصلح أكلاً لسبع، إلا من رحم الله عز وجل، فهل نقاتل بهذا الشباب المتسكع في الطرقات والنوادي؟ هل نقاتل بشباب وفتيات الجامعات أو حتى الثانوية؟ إن البغاء والسكر والخمر والمعاكسات قد ظهرت في أطفال الابتدائية، فبأي شيء نقاتل؟ وبمن نقاتل؟

    لا بد أن تتربى الأمة من جديد على شريعة الرحمن تبارك وتعالى عقيدة، وعلماً، وعملاً، وعبادة، حتى يأتينا أجيال تعلم الإسلام، وتعلم الإيمان قولاً وعملاً وتتمثل دين الله، فيمشون على الأرض كأنهم قرآن أو أنبياء، هذه الأجيال التي ينتظر على أيديها النصر والفوز، أما نحن فلا خير فينا إلا ما ندر.

    إذا خرج في المسلمين اثنا عشر ألفاً ماذا ستكون النتائج؟ ربما تعترضني وتقول: المسلمون ملايين. لكن أنا لا أفرح بهذه الملايين، إنما تكلم النبي عليه الصلاة والسلام عن هذا العدد وأخبر أنهم لا يغلبون من قلة، الواحد منهم بأمة، والأمة الآن لا تساوي واحداً منهم، كان سلمه بن الأكوع مثلاً يسرع خلف العدو، فكان إذا ضرب واحداً على قفاه خر ميتاً، وكان يدخل في جيش العدو وحده فيهزمهم، هذا وأمثاله هم الذين عناهم النبي عليه الصلاة والسلام! هذه الأحاديث ليست لنا ولسنا أهلاً لها، ولا أهلاً للنصر، أتظنون أن الله تعالى يخلف وعده؟ إن الله تعالى قال: إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7] فلما تأخر النصر علمنا أننا لم ننصر الله تبارك وتعالى، هذه سنن كونية ربانية لا تتخلف قط.

    اليهود أجبن الناس عن المواجهة والقتال ولكنهم يتجرءون؛ لأنهم يعلمون أننا أبعد الناس عن الإيمان، وعن الحقيقة التي أنيطت بنا، ولذلك قال طالب فلسطيني لهذا الهالك موشى ديان لما كان يتجول يوماً في كل شهر يسلم على أطفال المدارس، كان يذهب هذا الهالك المصري اليهودي الذي تربى وترعرع في أرض مصر، ثم أخذ رئاسة وزراء اليهود هناك، ثم حارب الإسلام في كل بقعه من بقاع الأرض، لما أراد أن يسلم على طالب مسلم موحد، قال ذاك الطالب: لا أضع يدي في يدك أيها المحارب الكافر، وإنا إن شاء الله لنا الغلبة عليكم. فضحك موشى ديان مستهزئاً وهو يقول: نعم. إذا تمسكتم بتراثكم وتخلينا عن تراثنا حينئذ تغلبوننا؛ لأنه يفهم القضية، ولم يترأس اليهود على طول تاريخهم إلا رئيس وزراء يعلم القضية، وصاحب عقيدة يعمل لأجلها.

    اليهود يعلمون أنهم قوم أذلاء، ولذلك وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ [البقرة:96] تنكير (حياة) يدل على قبول عموم الحياة: حياة الذل، والهوان، والكرامة، والسعادة، والشقاء، يقبلون أي حياة، فما بالهم الآن لا يقبلون إلا حياة العزة، والأبهة، والسطوة، والشرف، والسيادة؟ وما بالنا كذلك لا نقبل هذا الشرف وهذه السيادة والريادة التي فرضها الله عز وجل علينا؟

    1.   

    موقف اليهود من خوض الحروب

    أما عن الحرب مع اليهود، فلو كان اليهود أهل حرب لحاربوا مع موسى عليه السلام لما أمرهم أن يدخلوا الشام قالوا: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ [المائدة:24] بل قالوا أولاً: فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ [المائدة:22] لو أن الكفار خرجوا منها دخلناها، أما أن توقع بيننا وبين هؤلاء الكفار في حرب ضروس يعلم أولها ولا يعلم آخرها فلا! اذهب أنت أولاً وربك الذي تزعم أنه القوي العزيز المكين فحارب هؤلاء وأخرجهم؛ فإن خرجوا منها فإنا داخلون.

    والله تبارك وتعالى بين نفسية اليهود في القتال وأنهم جبناء فقال: لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ [الحشر:14]؛ لأنهم جبناء.

    استشعر طفلاً من أطفال المسلمين يأخذ حجراً ويجري به خلف كلب من كلاب اليهود في أرض فلسطين الحبيبة وهو مدجج بالسلاح، ومع هذا تجد اليهودي يعدو أمام طفل سلاحه حجارة! ليدلك هذا على جبن وهلع اليهود عند اللقاء؛ فإنهم ليسوا صُبراً، ولذلك ضرب الله تبارك وتعالى لهم في كتابه في سورة البقرة مثلاً عظيماً جداً فقال: أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا [البقرة:246] أي: فلما فرض عليهم القتال تولوا وأدبروا وأعرضوا عن القتال؛ لأنهم ليسوا كفئاً ولا أهلاً له وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ [البقرة:246].

    يقول وهب بن منبه وغيره: لا زال بنو إسرائيل على طاعة وعبادة بعد موت موسى بزمن طويل حتى أحدثوا ما أحدثوه، وابتدعوا ما ابتدعوه، فقامت بينهم وبين الكفار مقاتل عظيمه فسبوا ذراريهم، وأخذوا أزواجهم وأولادهم، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وما كان اليهود من قبل يدخلون في حرب إلا انتصروا، فسلط الله تبارك وتعالى عليهم لما بدلوا وحرفوا هؤلاء الطواغيت، حتى أخذوا منهم أعز ما لديهم، أخذوا تابوتاً فيه التوراة، وفيه رُضاض الألواح، وفيه نعل موسى وهارون، وعصا موسى. تابوت عظيم كانت توضع فيه مآثر وتراث اليهود، لما قامت المقتلة بين بني إسرائيل وبين هذا العدو أخذوا منهم كل شيء حتى تراثهم.

    فلما بعث الله تبارك وتعالى فيهم شمعون أو شمويل أتوا إليه وقالوا: اجعل لنا ملكاً نقاتل حتى نسترد ما فقدناه، انظروا إلى قوله: أَلَمْ تَرَ كأنه أمر مشهود وواقع، فانظر إليه بعينيك يا محمد، أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا [البقرة:246] يعني: أميراً يقاتلون معه ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ [البقرة:246] يستوثق منهم، وهكذا ينبغي للقائد أن يستوثق من الحماس، وأنه صدق، أما الحماس وحده فلا يكفي، الحماس يبدأ بسقوط ثم يتبعه سقوط ثم سقوط ثم سقوط، ثم مآل الأمر إلى الهاوية، ولذلك لا بد من وضع الحماس على محك التجربة قبل خوض المعركة.

    قالوا: ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [البقرة:246] أيضاً يحددون الهدف والغرض من القتال، وأنه أشرف قتال، بل لا يقبل قتال عند الله إلا إذا كان في سبيله.

    قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا [البقرة:246]، وهذا هو السقوط الأول.

    وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا [البقرة:247].

    قال: (إن الله) ولم يقل: إني اصطفيت عليكم طالوت، فالله هو الذي بعث لكم طالوت ملكاً، وهذا هو السقوط الثاني قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا [البقرة:247]

    كان يعمل سقاءً أو دباغاً كيف يكون ملكاً علينا؟ كيف تعين هذا ملكاً علينا؟ ليس هو من سبط الأنبياء، ولا من سبط الملوك، وإنما هو من رعاع الناس، فكيف تعينه علينا ملكاً؟

    قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ [البقرة:247] يعني: لا هو من سبط الأغنياء سبط يهودا، ولا من سبط الملوك، ولا من سبط الأنبياء وهو سبط داود وسليمان، ليس من هذا ولا من ذاك، وكذلك أيضاً فقير.

    هكذا ظنوا بجهلهم أن هذه شروط الملك، والرئاسة، والقيادة في الخلق، لا بد أن يكون غنياً ثرياً، أو من أبناء الملوك حتى وإن لم يصلح للملك، وهكذا بين الله تبارك وتعالى فساد ما ظنوه واعتقدوه في مؤهلات مستوى الرئاسة والإمارة على الجيش، فقال: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ [البقرة:247] أول شيء: لست أنا الذي اخترته من عند نفسي، ولكن الله هو الذي اصطفاه إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ [البقرة:247] قدم العلم أولاً؛ لأن الملك والأمير والحاكم ينبغي أن يكون عالماً بأحكام الله عز وجل، وأن يكون قوياً شديداً حتى يرهب العدو منه، ولا يرهب هو من العدو؛ لأنه إذا خاف العدو أثر ذلك في دينه وفي دين الموحدين الذين ترأَسهم وتأمّر عليهم.

    وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة:247]

    هذا ملك الله والله تعالى عليم وواسع الفضل، لو أن الله علم بفضله أن الملك يلزم له المال لأعطاه المال؛ لأن الله تعالى واسع الفضل، لكن الله تبارك وتعالى إنما اختار أعز صفتين يجب أن تتوفرا في الأمير والحاكم وهما: العلم، والقوة والشدة اللتان لا يمكن أن يستقيم حكم إلا بهما.

    وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ [البقرة:248]

    معنى الآية: أن هذا النبي قال : وعلامة صدق قولي بأن الله تعالى هو الذي اصطفى طالوت ملكاً عليكم، وأميراً للجيش ومقاتلاً في مقدمة الصفوف: أن تابوتاً يأتي من السماء تحمله الملائكة تنظرون إليه، فيه سكينة لكم، وبقية مما أخذ منكم من التوراة والعصا والنعل.. وغير ذلك مما فقدتموه على يد الطاغية.

    قال ابن عباس : فو الله إنهم لينظرون إلى التابوت تحمله الملائكة في السماء، حتى وضعته في بيت طالوت، آية وعلامة، ولذلك قال لهم نبيهم: (إن آية ملكه -أي: علامة ملكه- أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم)، ووقار من ربكم، وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة، إن في ذلك لآية لكم إذا كنتم من أهل الإيمان، وتنوون الإيمان حقاً فصدقوا بما جاء به نبيكم صلى الله عليه وسلم.

    قال: فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ [البقرة:249] أي: مختبركم بنهر، وهو نهر الشريعة أو نهر الأردن بين الأردن وفلسطين إلى يومنا هذا، إن الله مختبركم ومبتليكم بالشرب من هذا النهر، قال: فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ [البقرة:249] أي: منكم فلا يتبعني فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ [البقرة:249] أخذ شيئاً يسيراً هكذا بيده لترطيب الفم، أما الشرب حتى الري، فهذا ليس مني فلا يقربني قط، ولا يأتي الجيش.

    انظروا إلى السقوط الثالث: فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ [البقرة:249]، وهذا يدل على أنهم شربوا حتى شبعوا وارتووا تماماً، قال ابن عباس رضي الله عنه: أما من شرب منه فلم يرو قط، وأما من أخذ الغرفة فقد ارتوى. وهذه بركة اتباع الأنبياء والمرسلين والعلماء.

    قال: فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ [البقرة:249] أي: عبر النهر. فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ [البقرة:249] هذا هو السقوط الرابع، حتى لا تغتر بهذه الكثرة، سقوط يتبعه آخر، وهؤلاء كان النبي بينهم ومع هذا يسقطون مرة، والثانية، والثالثة، وتأتي السقطة الرابعة لما كان طالوت في مواجهة العدو نكصوا عنه، قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ [البقرة:249][البقرة:249] الظن هنا بمعنى: اليقين قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:249] هذه الفئة القليلة هم أهل العلم الذين لا يمكن قط أن يأتي فلاح ولا نصر إلا على أيديهم، أما محاربتهم، ومقاتلتهم، وصدهم عن دعوتهم، فإن هذا أمر يؤذن بالهلاك العام للأمة بأسرها.

    قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ [البقرة:249] فالنصر كله بإذن الله لا بإذن أحد من البشر وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:249].

    فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ [البقرة:251] داود كان أحد العسكر في جيش طالوت، أما جالوت فهو زعيم الضلال والكفر في معسكر الأعداء، فخرج داود من بين صفوف المقاتلين أهل الإيمان، وقال: يا طالوت إذا قتلت جالوت فما لي؟ قال: زوجتك بابنتي، وأعطيتك نصف مالي، فقام داود عليه السلام -ولم يكن قد بعث بعد- وقتل جالوت، وحينئذ مات طالوت كما مات شمعون النبي، ولم يبق إلا داود، ولذلك قال الله تعالى: وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ [البقرة:251] الذي كان هو ملك طالوت وَالْحِكْمَةَ [البقرة:251] أي: النبوة والوحي. وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ [البقرة:251]، انظروا عاقبة الصبر والإيمان والتوكل على الله عز وجل (علمه مما يشاء) أي: من صناعة الدروع، وصناعة الحديد، وإلانة الحديد له.. وغير ذلك مما أراد الله تعالى وشاء أن يعلمه لداود عليه السلام، حتى كان العصر الذهبي لبني إسرائيل هو عصر داود وسليمان، ولذلك لا يزال اليهود يتغنون إلى الآن بهذا العصر الذهبي لهم في أرض فلسطين.

    أسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبل مني ومنكم صالح الأعمال والأقوال، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

    اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وكل ذلك عندنا.

    إخوتي الكرام! إذا كنا نتكلم عن الجهاد بالسيف أو بالبنان، فالجهاد بالمال لا يقل عنه منزلة، ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام : (نعم المال الصالح للرجل الصالح).

    ويؤسفني أن أوذي مسامعكم بأن هذه المشاريع التي يقوم عليها هذا المسجد المبارك، وهي: إنشاء مستشفى إسلامي لمعالجة المرضى والمحتاجين.. وغير ذلك، وإن النية منعقدة على أن يكون العلاج مجاناً في هذا المكان، ويؤسفني أن أقول: إن واحداً من النصارى لو أعلن هذا على مسامعه في كنيسة لقام بمفرده وتولى أمر البناء والإعداد، وإني لعلى يقين أن كثيراً من رواد هذا المسجد الواحد منهم زعيم وكفيل أن يقوم بهذا المشروع لوحده، فما بالكم اثاقلتم إلى الأرض، كما أن المشروع الآخر وهو مشروع الإنفاق على الفقراء، والأيتام، والأرامل، والمساكين، والمحتاجين، والمرضى، وغير ذلك بحسب علمي أنه فاق الألف وخمسمائة حالة، فلو أن كل حالة عندها من الأبناء خمسة أو ثلاثة أو سبعة، ولو أن المتوسط هو خمسة فسيكون عندنا سبعة آلاف نفس تأكل من أموالكم، وإنما هي كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الزكاة أوساخ الناس) فأنت تضع عن نفسك الذنوب والآثام بهذا المال، وعلمي أن هذا الجهد المبارك الذي يبذله أعضاء هذا المسجد عجزت عنه وزارة مختصة بأكملها وبجميع هيئاتها وإداراتها، لكنها لا يمكن أن تقوم - أي: إدارة المسجد - بهذا الجهد المبارك إلا إذا مددتم لها يد العون والمساعدة، وأسقطتم من ذنوبكم وآثامكم ببعض الأموال، واعلموا أن هذا نوع جهاد، ولا أقول لكم إلا ما قد ورد: (اعمل ما شئت فإنك مجزي به، وعش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه).

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718711

    عدد مرات الحفظ

    765025300