الْحمد لله رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ *مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:2-7]
أيها الإخوة الكرام! أيها المسلمون الأحباء! نحمد الله سبحانه وتعالى أن منّ علينا بالإسلام، ونشكره سبحانه وتعالى أن ألف بين قلوبنا فهو سبحانه وتعالى وحده قادر على ذلك لا غيره.
أيها الأحبة.. إن ما يجري ويحدث اليوم في جمهورية البوسنة والهرسك، وفي إقليم السنجق، وفي إقليم كوسوفو ليس بغريب ولا عجيب لذوي العقول والنُهى؛ فالله سبحانه وتعالى يقول: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120].
وهذا الذي يحدث اليوم ليس أول مرة يحدث في التاريخ فقد جرت هناك محاولات عديدة لإبادة المسلمين، وإبعادهم، ولكنهم يكيدون كيداً، وربنا سبحانه وتعالى يقول: وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً [الطارق:17]. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزق إخواننا، وأن يمد إليهم بالأسباب.
أيها الإخوة الكرام! مآسي المسلمين هناك كثيرة، ولكن ليس هذا وقت البكاء.
هل سمعت بالعالم يشنق في محرابه؟!
هل سمعت بالمرأة الحامل يبقر بطنها ويوضع فيه قطة حية، وتترك لتنـزف حتى تموت؟!
هل سمعت باغتصاب الحرائر؟!
هل سمعت بتدنيس المساجد؟!
هل سمعت بإبادة الشعوب؟!
هل سمعت... وهل سمعت؟!
أين الأخوة الإسلامية التي جمعت قلوب المسلمين في كل مكان؟!
أين الجهاد؟!
أين الفداء؟!
وأين الإباء؟!
أين الشهادة وأين الكرامة؟!
أين أنت؟!
وأين أنا؟!
البوسنة والهرسك، والسنجق، وكوسوفوجروح غائرة في جسد الأمة الإسلامية، ستة ملايين مسلم مهددون بالإبادة، يقفون عزلاً أمام الحقد الصربي الصليبي الذي لا يعرف للأخلاق قيمة، ولا يضع للإنسانية قدراً، هناك تنتهك الحرمات، ويستباح الآمنون، فمن لهم بعد الله؟!
أخي هل تراك سئمت الكفاح وألقيت عن كاهليك السلاح |
فمن للضحايا يواسي الجراح ويرفع راياتها من جديد |
فلسنا بطير مهيض الجناح ولن نستذل ولن نستباح |
فامدد يديك إلى يداي واصرخ معي: وا إسلاماه!!< |
ولعل فيما ذكرت كفاية فينبغي أن نكثر من العمل، ونقلل من الحديث حتى نكون رجالاً حقاً، والله سبحانه وتعالى لعله بحكمته اختارنا لأن نكون شهداء على الناس، شهداء بشهادتنا، وشهداء بجهادنا، وشهداء بالصبر وتحمل الأذى وغير ذلك، فالله سبحانه وتعالى يختار، ويفعل ما يريد.
والله سبحانه وتعالى كأنه يريد توحيد هذه الأمة؛ لأن الأمة الإسلامية جسد واحد، قال صلى الله عليه وسلم: {مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى} ورغم ما يعوق توحيد الأمة المسلمة من الترسبات الفكرية وغيرها من الاعتبارات، إلا أن الله سبحانه وتعالى متم نوره ولو كره الكافرون.
أيها الإخوة: لقد قلت في بداية حديثي ليس هذا وقت بكاء، ولا صياح، إنما هو وقتٌ يريد الله سبحانه وتعالى منّا شيئاً نفعله، ونجِّد في سبيله، ونجاهد ونجتهد، فقد ولى دهر السبات والنوم والكسل، وجاء وقت الجد، والحمد لله أن الذي حدث ويحدث هناك في البوسنة للمسلمين، حدث وبدأ بعد انتصار المجاهدين الأفغان، فهي إشارة واضحة من السماء أن الله سبحانه وتعالى لن يتخلى عن هذه الأمة، إنما هو الذي يريد لها خيراً، ويريد لها التوحيد والنصر والعزة والتمكين ولكن المسلمين لا يريدون ذلك بسبب جهلهم، أو بسبب ضعفهم، أو بسبب من الأسباب.
أيها الإخوة! ليس للمسلمين طريق للعزة إلا طريق الجهاد في سبيل الله، فربما بعض الناس بعدما انتصر المجاهدون الأفغان قالوا: الحمد لله! لعلنا نستريح قليلاً، ولعل الدماء تتوقف.
ولكني أقول: إن الأنبياء جاهدوا في سبيل الله، وأوذوا في سبيل الله، واستشهد كثير من خير أمة أخرجت للناس، استشهدوا في سبيل الله، وسفكت دماؤهم، وجاهدوا في سبيل الله، وعانوا وأوذوا وأخرجوا، أفنريد نحن اليوم أن نستريح، وربنا سبحانه وتعالى يريد لنا الخير في الجهاد؟!
إن هذا الجرح الذي فتح في البوسنة في وسط أوروبا لهو جرح عميق، ولكن الله سبحانه وتعالى أدرى بخلقه، وأدرى بشئون عباده، فكأنه سبحانه وتعالى يريد لهذه الأمة أن تستيقظ وتتحرك، وأن تفطن لما يحاك بها حتى تنهض وتقوم، وتسرع في إنقاذ المسلمين ونصرتهم، ومد يد العون إليهم كما أمر الله سبحانه وتعالى وكما يريد، فالله سبحانه وتعالى يقول: وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ [الأنفال:72].
وجمهورية البوسنة والهرسك أكبر من لبنان خمس مرات، وقد أعلنت استقلالها، ثم اعُترف بها دولياً، وبعد الاعتراف بها، هوجمت من قبل دولة نصرانية صربية أرثوذكس حاقدة على الإسلام والمسلمين، يريدون ألا تكون للمسلمين قائمة، ويريدون ألا تكون للمسلمين دولة، ولكن -ولله الحمد- نحن اخترنا طريقاً صعباً ألا وهو الاستقلال والحرية، ولا يمكن أن ننال استقلالنا وحريتنا إلا بالدماء، وإلا بالشهادة والتضحيات، وهذا هو السبيل الصحيح.
أما لو حصلنا عليه دون عناء، فالله أعلم بمدى استمراريته، ومدى مكوثه في الأرض.
إن الذي ينال بالجد والجهد والدماء والجهاد يكون بعد ذلك عزيزاً وغالياً، ولذلك يحرص الناس عليه ويعرفون قدره.
أما الجرحى -فحدث ولا حرج- فلا أحد الآن يعد الجرحى، ولا توجد هناك أدوية، والمدن حتى بما فيها العاصمة نفسها محاصرة لا يأتيها شيء، ولا يخرج منها شيء بسبب الحصار المضروب عليها، والجمهورية نفسها ضرب عليها الحصار.
فأولاً: ابدءوا بالدعاء، فإن الله سبحانه وتعالى هو أقدر القادرين، وهو الذي يستطيع أن يفرج عن أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الذي يستطيع أن يوجد السبل، ويستطيع أن يفرج الكرب: اللهم فرج عن إخواننا، هذا هو الدعاء.
ثانياً: إن هناك طريقاً لمساعدة المسلمين الآن، فقد فكرت القيادة في جمهورية البوسنة والهرسك أن تأتيها المساعدات عن طريق كرواتيا، وهي كذلك دولة نصرانية كاثوليكية، وطبعاً هذه المساعدات عن طريق كرواتيا مراقبة ومشروطة، وفي كثير من الأحيان صعبة جداً، رغم ما بيننا وبينهم من تحالف ضد عدو مشترك ألا وهو الصرب، إلا أن الكفر ملة واحدة، وأخشى ما نخشاه أن يغدر بنا الكرواتيون، وهم: أخبث من هؤلاء الصرب الذين يكرهون جهراً، ولا يجاملون ولا ينافقون، بينما الكرواتيون يكرهون سراً، ويمكرون ليل نهار، وأخشى أن يغدروا بنا وقد غدروا، فلعلكم سمعتم أن هناك اتفاقاً ليس سرياً بل علنياً حدث في إحدى المدن النمساوية اتفق فيه الجانبان: الصربي والكرواتي على تقسيم جمهورية البوسنة والهرسك.
فالأوروبيون اعترفوا بنا، وهم الآن تحت رعايتهم يجري هذا الاتفاق ويحصل، فمن للمسلم هناك غيركم أيها الأحباب؟!
نحن في ابتلاء، وأخشى أنكم هنا أنتم في ابتلاء أعظم من ابتلائنا، فالابتلاء في الضراء قد يعرف الناس أن يخرجوا منه بنجاح وإيجابية، أما الابتلاء في السراء فإن الإنسان قد يظن بنفسه خيراً، وقد يتكاسل، وقد ينسى، وقد يعجب بنفسه، وقد لا يفعل ما يجب أن يفعله، فهذا هو -والله- عين الابتلاء، هو ابتلاء لنا وابتلاء لكم.
أيها الإخوة الكرام: إن المآسي كثيرة! فالحرمات تنتهك، والمسلمات تنتهك أعراضهن.
إن المساجد تدنس وتدمر، والمدن بمن فيها من الناس والبيوت والممتلكات تدمر، وتزاح عن الخرائط، والصرب يريدون أن يسيطروا على البوسنة والهرسك، ويخضعوها لحكمهم وسيطرتهم، ويضموها إلى جمهورية صربيا الكبرى، ويطردوا المسلمين، ويطهروا المنطقة من المسلمين إن استطاعوا، فهم يحاولون وهذا حلمهم، ولكنه لن يتحقق بإذن الله تعالى والله سبحانه وتعالى قادر على نصرة المسلمين هناك، ولو كانوا كالسفينة في البحر اللجي.
إن الإخوان هناك لا يفكرون إلا في المسلمين، ويناشدون العالم الإسلامي؛ لأنهم يعرفون أن العالم النصراني هو عالم كافر غادر حاقد، فهم يستصرخون، ويطلبون التدخل العسكري من الامبراطورية الجاهلية التي أوشكت على السقوط، ومن أوروبا الجاهلية فهم يطلبون منهم التدخل العسكري، وفي حقيقة الأمر هم يطلبون من العالم الإسلامي في رسالة غير مباشرة أن يتحرك ويتدخل عسكرياً أو بالنفس والمال، هذه هي الحقيقة.
أولاً: أن كل ما يجري ويحدث الآن هناك بدأ بعد انتصار المجاهدين الأفغان.
ثانياً: إن الجمهورية -جمهورية البوسنة والهرسك- حصلت على قيادة مسلمة واعية ولله الحمد، وهذه إيجابية كبيرة، ولم نكن نظن أن المسلمين هناك سوف يحصلون عليها، فإن الذي يقود المسلمين الآن هو الرئيس علي عزت، ونائبه عمر بهمن، والدكتور سليمان أوقلتن زعيم مسلمي السنجق، وغيرهم من القادة -قادة الحزب المسلمين- إنهم لخير ناس عرفناهم في تلك البلاد، وإنهم أناس جربتهم الحياة، فهم قد دخلوا السجون، واختبروا، وأوذوا في سبيل الله، كل ذلك من أجل وبسبب الإسلام، فالرئيس علي نفسه قضى في السجون تسع سنين، وعمر بهمن قضى في السجون سبع عشرة سنة، إنها ليست مدرسة بل هي مدارس، إنها لحياة طويلة في مدرسة خاصة، وليت بعض الناس يمرون بها حتى يعرفوا قدرها ومكانتها! إنها مدرسة خاصة، ومفيدة، وقد دخلها من هم خير منهم، دخلها الأنبياء، دخلها يوسف عليه السلام وغيره، نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينصر إخواننا.
ثالثاً: أيضاً من الإيجابيات التي أريد أن أذكرها، قد بدأت الأحداث، أن العالم النصراني بدأ يتفكك والحمد لله، نحن من تلك البلاد خير من يعرف هذا، فإن النصارى الآن بدءوا يتفككون، وبدأ هناك صراع خفي، -وإن شاء الله- وسوف يكون ظاهراً لكم أيضاً. إن العالم النصراني انقسم إلى ثلاثة أقسام:
3-النصارى البروتستانت- هذه الطوائف الثلاثة- الآن كل واحدة منها تكيد للأخرى، وتفكر في كيف السبيل وخداعها.
أيها الإخوة: نحن نعرف جيداً أن العالم النصراني مهما تظاهر بالوحدة والتماسك وغير ذلك، فإنه عالم هش سرعان ما يسقط، وسرعان ما تظهر السلبيات الموجودة فيه ولله الحمد، فالقادة الأرثوذكس اجتمع قسسهم الدينيون، فوجدوا بعد مؤتمر طويل، ومباحثات عميقة أن ألد أعدائهم هم الكاثوليك" الحمد لله رب العالمين" وهم يبطشون بنا، ويقولون: إن ألدّ أعدائنا هم الكاثوليك، فانظروا الروس هم أرثوذكس، والصرب أيضاً كذلك، وهم يعذبون المسلمين ويذيقونهم عذاباً أليماً، الروس في أفغانستان، والصرب في البوسنة، والسنجق في كوسوفو، وهذه جراحات المسلمين مع الأرثوذكس، ولكنهم يقولون: إن أعداءنا الأولين هم من الكاثوليك.
فمعنى هذا أن المسلمين -إن شاء الله- إذا كانوا عقلاء وفطنوا، يستطيعون أن يعمقوا هذه الخلافات بينهم، ويستطيعون أن يستثمروها لصالح الإسلام والمسلمين بإذن الله تعالى، العالم النصراني.
والله إني أبشركم أنهم في سبيل التفكك والزوال، والمسلمون في سبيل الوحدة تحت راية الإسلام، وتحت راية الجهاد -إن شاء الله-.
أيها الإخوة: لا أريد أن أطيل عليكم، أختصر حديثي إليكم بما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم.. فاستغفروه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وقبل الختام يوجد أشرطة ننصح بسماعها وهى: "محنة المسلمين في البوسنة والهرسك" للشيخ عبد الوهاب الطريري شفاه الله وعافاه، والثاني: "
فهم ستة ملايين! أليس لهم وجود؟!
أليس لهم أي قوة؟!
أليس لهم أي!تحرك؟
فبفضل الله سبحانه وتعالى من أول الأحداث كل معركة حصلت عن قرب في مواجهة مجابهة بين النصارى والمسلمين انتصر فيها المسلمون، لكننا رأينا حتى المجموعة الأوروبية وغيرها من المؤسسات أو الهيئات العاملة في الساحة، سرعان ما يتدخلون في المفاوضات وغيرها، ويهدئون المسلمين، وينتهز النصارى الفرصة ويرجعون إلى مواقعهم وغيرها.
ولقد اتصلت مراراً في الأيام الأخيرة بالداخل، وكلمت أشخاصاً مختلفين، منهم مسئولون في الحزب وقادة في هذه العمليات، فيقولون: إن أكبر الخطر الذي يواجههم -الآن- هو الجوع والأوبئة نتيجة الحصار المفروض عليهم، إلا أن هناك عدداً من القادة المسلمين بدءوا يهاجمون قوافل الجند، وعلى معسكراتهم واستولوا في الثلاثة الأيام الأخيرة على كمية من الأسلحة الثقيلة في العاصمة نفسها، كما استطاعوا أن يصدوا الهجمات الصليبية عن أكثر من ثلاثة مدن وقرى مختلفة إسلامية.
لكن هذا الجيش الذي بقي في داخل البوسنة، وهذا هو العقبة الكبرى أمام؛ لأنهم مسيطرون على أكثر الطرق، هذا الجيش بدأت هناك معارك بين أنفسهم، لأن كثيراً من الضباط الجدد يستسلمون لحفنة من المجرمين الصرب الذين يقتلون ويذبحون ناساً أبرياء حتى من الصرب أنفسهم، فاستثقلوا هذا الشيء ولم يرتضوه، وأرادوا أن يستسلموا إلى حكومة البوسنة ويأتمروا بأوامرها، وعدد آخر من الضباط عارض ذلك، فصارت اشتباكات، وبالأمس وصل تقرير يقول: إنه في أحد المعسكرات في العاصمة فقط قتل منهم ثمانون شخصاً في معارك بينهم نتيجة الخلافات التي حصلت.
فأقول: كل هذه تبشر بالخير، إلا أنهم بحاجة شديدة جداً إلى المساعدات، نرجو من الله سبحانه وتعالىأن تفتح هذه الطرق قريباً، وأن تصل إليهم مساعدات مباشرة، إضافة إلى أن هناك أكثر من مائة وخمسين ألف مهاجر في جمهورية كرواتيا، وفي داخل البوسنة، وفي النمسا، وألمانيا، كل هؤلاء يحتاجون مبالغ كبيرة جداً لإعاشتهم، ولإسعافهم، فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبت وينصر المسلمين في كل مكان، وأن ينصر إخواننا في جمهورية البوسنة والهرسك، وأن يجعلهم مشعل نور وهداية لـأوروبا كلها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
وأقول لكم جميعاً: إن هذه القضية هي قضيتنا وقضية المسلمين في كل مكان، وإننا يجب أن نلقي بثقلنا في هذا الأمر.
نعم يصل المال، والكثيرون يقولون: هل من المناسب أن نتبرع ونصرف أموالنا إلى هذا المصرف؟
أقول: نعم، أنت الآن أمام شعب مسلم يباد، ليس هو الذي بدأ المعركة، بل هو شعب فرضت عليه المعركة، فهو يريد لقمة العيش، ويريد البندقية التي يقاتل بها عدوه.
يا أخي! كل الناس مأمورون بالدفاع عن أنفسهم، حتى ولو كان لا يملك إلا العصا أو البندقية ليدافع بها عن نفسه، وأخوه المسلم مطالب بأن يهيئ له هذا الأسلوب الذي يستطيع به أن يدافع عن نفسه.
وكثيرون لو دفع الواحد منهم مبلغاً يسيراً، يريد أن يرى نتيجته قيام دول إسلامية في بلد ما!! لا يا أخي! ليس بلازم هذا! وهناك من ينفقون أنفسهم وأرواحهم، ويضحون بها في ميادين المعارك ويستبسلون، وهناك من يتخلى الواحد منهم عن راحته، فكونك تعطي بعض المال الذي أعطاك الله تعالى إنما هو بعض شكر الله على نعمته، وقيام ببعض حقه.
فـالنصارى لا يقفون عند حد، ومطامحهم لا تنتهي، بل أقول: هذه البلاد هي من أعظم وأهم ما تشرئب إليه نفوسهم، حيث إنها بلاد الإسلام ومنطلق الإسلام من جهة، وهى أيضاً بلاد حباها الله تعالى من الخيرات والبركات ما ليس في غيرها، فادفع عن نفسك أولاً أيها المسلم بأن تنفق في سبيل الله عز وجل، وإياك والشح والبخل! فإن الله تعالى ينـزع بركة مالك، وقد يذهب مالك في صفقة تجارية أو مصيبة أو جائحة، لكن ادفع طائعاً مختاراً، وليس غريباً أن يتخلى الإنسان عن بعض حاجاته الضرورية إذا لم يكن يملك غيرها،،وليس غريباً أن يقسم الإنسان طعامه وغداءه وعشاءه ليعطي إخوانه المسلمين بعضه، وليس غريباً أن يتصدق الطفل الصغير بالريال الذي أعطاه إياه أبوه حتى يشتري به من البوفية المدرسية.
وإذا فعلنا هذا انتصر الإسلام، لكن إذا أصبحنا مجرد متفرجين، نقول: المسلمون هناك فيهم وفيهم، والمسلمون في هذا البلد فيهم وفيهم، وفي هذا البلد انتصروا، وفي هذا البلد انهزموا، ولا نملك إلا مجرد الحديث؛ بل -أحياناً- الحديث الذي ينم عن تنقص، ونحن نقول: إن المسلمين مقصرون في كل مكان، لكن يا أخي، المسلمون -الآن- يطلبون منك لقمة العيش، وشربة الماء، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {إن امرأة دخلت الجنة في كلب سقته، فشكر الله لها فغفر الله لها}.
فما بالك بالإنسان، أي إنسان أن تطعمه أو تكسوه؟!
فما بالك بالمسلم الذي تقوم بينك وبينه روابط الدين والأخوة والعقيدة والإيمان، وبينك وبينه حبلٌ متصل من الله جل وعلا؟
وهو مثلك ينطق بلا إله إلا الله، وإنما أُبيد ليس لعرقه ولا لجنسه، إنما أبيد لأنه يحمل هذه الكلمة، كلمة لا إله إلا الله، فأصبح الصرب يتنافسون في: من يشرب دم المسلم؟
ويسعون إلى إبادة هذا التجمع الإسلامي في أوروبا، والقضاء عليه قضاءً مبرماً.
فالله الله أيها الإخوة! من يملك يدفع، ومن لا يجد الآن فليدفع غداً وبعد غد، والحاجة قائمة، ونحن وغيرنا من الإخوة هنا وفي كل بلد نستقبل التبرعات، وستصل بإذن الله تعالى إلى أهلها ومستحقيها: وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ [البقرة:272].
أسأل الله تعالى أن يكفينا وإياكم شح أنفسنا، وأن يجعل ما أنفقناه لنا وأن يخلفه علينا بخير، وأسأله -جل وعلا- أن ينصر الإسلام والمسلمين في كل مكان، كما أسأله سبحانه بأسمائه وصفاته أن يبرم لهذه الأمة أمراً ينصر به مجاهدوها في كل مكان، ويخذل به من حار بها وناوأها، وأسأله أن يولي على المسلمين خيارهم، ويكفيهم شر شرارهم، وأسأله أن يرينا في النصارى، واليهود من عجائب قدرته ما تقر به عيوننا، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر