إسلام ويب

شرح لمعة الاعتقاد [20]للشيخ : يوسف الغفيص

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من السنة: هجر أهل البدع، ومباينتهم والتحذير منهم، كما لا ينبغي قراءة كتبهم إلا لمن كان أهلاً لذلك، ومن أحدث في الدين محدثة فهو مبتدع، وما أحدثه فهو بدعة، وكل من انتسب إلى غير الإسلام والسنة فهو مبتدع، بخلاف الانتساب إلى إمام في الفروع والمذاهب الفقهية؛ فإن ذلك ليس مذموماً.

    1.   

    هجران أهل البدع

    قال الموفق رحمه الله: [ومن السنة هجران أهل البدع ومباينتهم، وترك الجدال والخصومات في الدين] .

    هجران أهل البدع ومباينتهم من منهج أهل السنة والجماعة، والمباينة: عدم موالاة أهل البدع، وإظهار السنة والجماعة، والانتصار والاعتصام بها..

    النظر في كتب أهل البدع

    قال الموفق رحمه الله: [وترك النظر في كتب المبتدعة، والإصغاء لكلامهم] .

    لا ينبغي لطالب علم -فضلاً عن عامة المسلمين- أن ينظر في كتب أهل البدع، إلا من كان أهلاً لذلك، وقد استقر عنده العلم بالسنة والهدى وأراد الرد عليهم، فإن هذا من المقامات التي توجبها المصلحة الراجحة.

    1.   

    كل محدثة في الدين بدعة

    قال الموفق رحمه الله: [وكل محدثة في الدين بدعة] .

    هذا أصل من أصول أهل السنة أن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم ، وفي السنن: (وكل ضلالة في النار)وهذا حرف متردد في ثبوته، وقد سبق الكلام عليه في أول الكتاب.

    1.   

    كل متصف بغير الإسلام والسنة مبتدع

    قال الموفق رحمه الله: [وكل متسم بغير الإسلام والسنة مبتدع] .

    من لم يلتزم بالسنة والجماعة، ونابذ أئمتها فلا شك أنه من أهل البدع.

    قال الموفق رحمه الله: [كالرافضة، والجهمية، والخوارج، والقدرية، والمرجئة، والمعتزلة، والكرامية، والكلابية ونظرائهم، فهذه فرق الضلال، وطوائف البدع، أعاذنا الله منها] .

    الرافضة: هم طائفة من الشيعة يسبون الصحابة... إلخ، وهؤلاء ليسوا من السنة في شيء.

    والجهمية: هم نفاة الصفات.

    والخوارج: هم الذين كفروا مرتكب الكبيرة من المسلمين وخلدوه في النار.

    والقدرية: هم الذين نفوا خلق أفعال العباد، وغلاتهم ينكرون العلم بها، ومقتصدوهم ينكرون خلقها والإرادة لها..

    والمرجئة: هم من يخرج العمل عن مسمى الإيمان، وهم درجات.

    والمعتزلة: هم قوم من أهل البدع جمعوا بين التجهم فنفوا الصفات، وهم قدرية في القدر، ووعيدية في الوعيد... إلخ، لهم أصول خمسة، وينسبون إلى واصل بن عطاء ، وعمرو بن عبيد ، وأبي الهذيل العلاف ، وأمثال هؤلاء.

    والكرامية: أتباع محمد بن كرام السجستاني كان من المشبهة المجسمة، وإن كان ليس من غلاة التجسيم كـهشام بن الحكم الرافضي.

    والكلابية: أتباع عبد الله بن سعيد بن كلاب ، ينتسب للسنة، لكنه من المتكلمين الذين اختلطت عندهم السنة بالبدعة.

    وهنا إشارة فاضلة وهي: أن ذكر المصنف للكلابية دليل على براءته من طرقهم وآثارهم، فإن كثيراً من الحنابلة كـأبي الحسن التميمي وأبي الفضل التميمي وابن عقيل وأمثالهم تأثروا بطرق الكلابية، إما تأثراً مباشراً، وإما بواسطة علماء الأشعرية كالقاضي أبي بكر الباقلاني ، فالمصنف رحمه الله طريقته هي طريقة أهل الحديث المحضة كما نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

    1.   

    حكم الانتساب إلى المذاهب الفقهية دون تعصب

    قال الموفق رحمه الله: [وأما النسبة إلى إمام في فروع الدين كالطوائف الأربع فليس بمذموم] .

    هذه الجملة من فضائل هذه الرسالة، ولم يكن عند السلف رحمهم الله مثل هذه المعاني، وإن كانت لم تظهر في زمنهم ظهوراً بيناً، الانتساب إلى إمام في الفروع كالطوائف الأربع -أي: كالانتساب إلى الشافعي أو مالك أو أبي حنيفة ، وظهر عند بعض فضلاء العلم من المعاصرين أن من السلفية ترك الانتساب للمذهب، وأن من انتسب للمذهب ليس سلفياً في الفقه، هذا فيه قدر من الزيادة؛ لأن هذه المذاهب الأربعة لها قرون في المسلمين، وقد درج عليه العلماء ما بين شافعي وحنفي ومالكي وحنبلي، وفيهم علماء سنة محققون كـشيخ الإسلام ، وأبي عمر بن عبد البر ، وابن رجب ، وابن كثير ، وأمثال هؤلاء، ومع ذلك ما نقل عن هؤلاء الأكابر من المحققين في مذهب السلف أنهم أنكروا الانتساب، وأول من أنكر الانتساب من متأخرة القرن العاشر، بعضهم عن أثر زيدي، أو بعضهم عن أثر ظاهري.

    فالقصد: أن هذا الإنكار غير معتبر، أما من انتسب إلى مذهب من المذاهب الأربعة على معنى التعصب للمذهب، أو أنه لا يخرج في فقهه على هذا المذهب، أو يرى أن الحق في هذا المذهب، بل حتى من يرى أن هذا المذهب أفضل من غيره من المذاهب، فلا شك أن هذه المعاني منكرة ليس لها أصل، ومخالفة لهدي السلف.

    وأما من انتسب إلى واحد مذهب المذاهب الأربعة من باب الترتيب العلمي، كأن يقول: أنا حنبلي أي: إذا لم يكن في المسألة دليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع قدم قول الصحابي على القياس، هذا معنى حنبليته، والآخر يقول: أنا حنفي، إذا لم يكن عنده دليل من الأصول الثلاثة -الكتاب والسنة والإجماع- قدم القياس على قول الصحابي، والمالكي يقدم عمل أهل المدينة، والشافعي لا يرى عمل أهل المدينة.

    من تبنى التمذهب على الترتيب العلمي فهذا لا بأس به.

    وأما من تعصب لمذهب من المذاهب الأربعة فهذا مخالف لهدي السلف، سواء تعصب لمذهب من المذاهب الأربعة أو حتى تعصب لرجل من الرجال ولو كان إماماً من الأئمة، وهذا يقع: أنهم ينهون عن الانتساب للمذاهب الأربعة وينتسب من ينتسب لـابن حزم أو للشوكاني أو لفلان وفلان.. فما الفرق بين الانتسابين؟!

    إن قيل: هؤلاء لا يتعصبون.

    قيل: وهل تقول: إن سائر المالكية أو سار الحنابلة متعصبون؟ كلا، ابن تيمية رحمه الله خرج عن المذهب خروجات، وكذا ابن عبد البر ... إلخ.

    الاختلاف في الفروع الفقهية

    قال الموفق رحمه الله: [فإن الاختلاف في الفروع رحمة] .

    هذه كلمة مجملة، والاختلاف في الفروع يقع منه ما هو مقام من الرحمة، ومن وجه آخر قد يكون اختلاف شر كغياب الدليل على العالم، فهذا ليس من الرحمة والفضل.

    قال الموفق رحمه الله: [والمختلفون فيه محمودون في اختلافهم، مثابون في اجتهادهم، واختلافهم رحمة واسعة، واتفاقهم حجة قاطعة] .

    هذا معنى قول النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر)وهو في الصحيحين عن عمرو بن العاص .

    قال الموفق رحمه الله: [نسأل الله أن يعصمنا من البدع والفتنة، ويحيينا على الإسلام والسنة، ويجعلنا ممن يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحياة، ويحشرنا في زمرته بعد الممات برحمته وفضله آمين.

    وهذا آخر المعتقد، والحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً] .

    هذا بحمد الله تمام لهذه الرسالة، وتبين لك باختصار: أن هذا الرسالة ليس فيها جملة واحدة يجزم بأنها غلط من المصنف، غاية ما فيها جمل مجملة يفصل في تقريرها، ويبين الحق المحتمل فيها، ويدرأ الباطل المحتمل فيها.

    والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755783773