إسلام ويب

انتصف رمضان يا دمعة المتهجدللشيخ : خالد الراشد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الأمة الإسلامية بحاجة ماسة إلى العبادة، وإلى تقوية الصلة بالله عز وجل؛ لأن العزة والنصر والتمكين دنيا وأخرى مرتبط بذلك، فما انتصرت الأمة إلا بالعباد والزهاد وبأولياء الله تعالى، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أسوة وقدوة، فهو سيد العابدين وسيد الزاهدين عليه الصلاة والسلام وكذا أصحابه من بعده.

    1.   

    حاجة الأمة إلى العباد والزهاد

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

    عباد الله! انتصف رمضان وبدأ العد التنازلي لأيام رمضان ومن المفترض أنه كلما تقدمت أيام رمضان ولياليه زدنا في النشاط والعبادة، فإن الأجير يوفى أجره إذا انتهى من عمله.

    عجيب ما نراه من قسوة في القلوب وهجر للقرآن، فلا يعرف ختم القرآن إلا من رمضان إلى رمضان، يقول تعالى: وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا [الفرقان:30]! عجيب ما نراه من تفريط بالنوافل بل بالفرائض، فالصلاة أصبحت مجرد حركات من قيام وقعود! وعجيب ما نراه من تخلف عن تكبيرات الإحرام ورضاً بالصفوف الأخيرة، اعلم أنه: من أراد إدراك المفاخر لم يرض بالصف الآخر!

    عجيب ما نراه من تكاسل عن الجمعة والجماعة وشح في البذل والصدقات، ما كـأن اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ.

    إن حاجتنا للعبادة كحاجة الأرض للمطر فلا تحيا القلوب إلا بذكر علام الغيوب، نحن في أمس الحاجة إلى تقوية الصلة بالله؛ حتى نكون من أوليائه الذين قال عنهم: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62-63]، وهل تنتصر الأمة إلا بأوليائها، بالعباد والزهاد الصادقين، قال عز وجل: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ [غافر:51] أي: تنتصر الأمة بالصادقين والمخلصين وبالذين يدعون ويتضرعون، عن علي رضي الله عنه قال: (ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد ، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح يناجي ربه ويتضرع: اللهم نصرك الذي وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصبة لا تعبد بعد اليوم، اللهم إنهم حفاة فاحملهم، عراة فاكسهم، حتى سقط رداءه عن ظهره، فقال له: أبو بكر رضي الله عنه: هون عليك يا رسول الله! إن الله منجزك وعده، ثم غفا إغفاءة، ثم قال: أبشر يا أبا بكر هذا أخي جبريل آخذ بعنان فرسه، فأنزل الله: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال:9-13]) بالعباد والأولياء تنتصر الأمة، برهبان الليل وفرسان النهار.

    فأهل العصور الماضية كانوا يعيشون في محيط إسلامي تسوده الفضائل، ويسوده التواصي بالحق، أما اليوم فغفلة وقسوة في القلوب، وانشغال بتوافه الأمور، نحتاج إلى أولئك الذين يثبت الناس برؤياهم وكلامهم.

    حكى ابن القيم عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: وعلم الله ما رأيت أحداً أطيب عيشاً منه قط، مع ما كان فيه من ضيق العيش، وخلاف الرفاهية والنعيم بل ضدها، وما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاق، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشاً وأشرحهم صدراً، وأقواهم قلباً وأسرهم نفساً، تلوح نظرة النعيم على وجهه، وكنا إذا اشتد بنا الخوف وساءت منا الظنون وضاقت منا الأرض أتيناه، فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله، وينقلب انشراحاً وقوة ويقيناً وطمأنينة، قال الله عنهم: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24]، فبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين.

    اسمع شيئاً عنهم: عن جعفر بن سليمان قال: بكى ثابت البناني حتى كادت تذهب عيناه، فجاءه رجل يعالجها فقال الطبيب: أعالجك على أن تعطيني شرطاً أشرطه عليك، قال ثابت : على أي شيء أطيعك؟ قال: على ألا تبكي، قال ثابت : فما خيرهما إن لم تبكيا، أما قال الله: إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا [مريم:58]، أما قال الله عن أوليائه: وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا [الإسراء:109]،

    سهر العيون لغير وجهك باطل

    وبكاؤهن لغير فقدك ضائع

    عن سلام بن أبي مطيع قال: جيء للحسن بكوز من ماء ليفطر عليه وكان صائماً، فلما أدناه إلى فيه بكى، فقيل ما أبكاك؟ قال: ذكرت أمنية أهل النار: وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ [الأعراف:50]، قال وذكرت الجواب: قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ [الأعراف:50]، أجل إن الله حرمهما على الكافرين: الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ [الأعراف:51].

    دخلت امرأة على أهل الأوزاعي فنظرت في مصلاه فوجدت بلللاً في موضع سجوده، فقالت لزوجته: ثكلتك أمك أراك غفلت عن الصبيان حتى بالوا في مسجده وفي مصلاه، فقالت زوجة الأوزاعي للمرأة: ويحك هذا أثر دموعه في مسجده وليس من بول الصبيان، لله درهم أما قال الله عنهم: يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة:54]، لسان حالهم:

    والله ما طلعت شمس ولا غربت

    إلا وحبك مقرون بأنفاسي

    ولا جلست إلى قوم أحدثهم

    إلا وأنت حديثي بين جلاسي

    كان يزدجرد ملك الفرس قد أرسل يستنجد بملك الصين، ووصف له المسلمين، فكان من أوصافهم: لا ينامون بالليل ولا يأكلون بالنهار، شعث رءوسهم، بالية ثيابهم، فأجابه ملك الصين: إنه يمكنني أن أبعث لك جيشاً أوله في منابت الزيتون -يعني: في الشام- وآخره في الصين، لكن إن كان هؤلاء القوم كما تقول، فإنه لا يقوم لهم أهل الأرض، فأرى لك أن تصالحهم وتعيش في ظلهم، وتأمن في عدلهم،

    يا رب فابعث لنا من مثلهم نفراً

    يشيدون لنا مجداً أضعناه

    عباد ليل إذا جن الظلام بهم

    كم عابد دمعه في الخد أجراه

    وأسد غاب إذا نادى الجهاد بهم

    هبوا إلى الموت يستجدون رؤياه

    صفات أولياء الله تعالى

    قال الحافظ ابن حجر : المراد بولي الله: المواظب على طاعته المخلص في عبادته، ومن أعظم ما يتبين به الولي: أن يكون مجاب الدعوة راضياً عن الله في كل حال، قائماً بالفرائض، مجتهداً بالنوافل، تاركاً للنواهي، له هدف غير أهداف الناس الدنيوية، وغير حريص على الدنيا، إذا وصل إليه القليل صبر، وإذا وصل إليه الكثير شكر، يستوي عنده المدح والذم والفقر والغنى، غير معجب بما منَّ الله عليه من خصال الولاية، كلما زاده الله رفعة زاد تواضعاً وخضوعاً، من صفاته: حسن الأخلاق، كريم الصحبة، عظيم الحلم، كثير الصبر والاحتمال، فمن اتصف بهذه الصفات فغير بعيد أن تظهر على يديه الكرامات؛ لأن الله تعالى قال عنه: (إذا سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه).

    1.   

    عبادة الرسول صلى الله عليه وسلم

    عباد الله! من كان بالله أعرف كان من الله أخوف، فاسمع بارك الله فيك: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأوابين وسيد العابدين المتبتلين، لم تتخلف نفسه عن أغراض حياته العظمى قيد أنملة أو قيد شعرة، ولم يخلف موعده مع الله في عبادة ولا جهاد لا في ليل ولا في نهار، ولله در أمهات المؤمنين حين يصفن علو همته صلى الله عليه وسلم للصحابة، فتقول إحداهن: (وأيكم يطيق ما كان يطيق)، وتقول الأخرى: (ما لكم وصلاته صلى الله عليه وسلم)، همة عالية في كل مقامات الدين، فلقد كان صلى الله عليه وسلم سيد المجاهدين والعابدين والصابرين والصائمين والقائمين، كان أعلى الناس توكلاً، وأوفر الناس نصيباً من الرضا والحمد والدعاء والشكر والتبتل، وأعلى الناس يقيناً، وكان أشجع الناس، وأرحم الناس، وأشد الناس حياء، وكان أحسن الناس خلقاً ومروءة وتواضعاً، ومن أكثر الناس مراقبة لربه تبارك وتعالى، ومن أعلى الناس خشوعاً، ومن أشد الناس عبادة لربه، وكان من أطول الناس صلاة، فعن حذيفة : (أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل فكان يقول: الله أكبر -ثلاثاً- سبحان ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة، ثم استفتح فقرأ البقرة، ثم ركع فكان ركوعه نحواً من قيامه، ثم رفع رأسه فكان قيامه نحواً من ركوعه، ثم سجد فكان سجوده نحواً من قيامه، ثم رفع رأسه من السجود فكان يقعد فيما بين السجدتين نحواً من سجوده، ففي أربع ركعات قرأ البقرة والنساء وآل عمران والمائدة أو الأنعام)، شك الراوي في ذلك.

    يقول أبو هالة في وصفه صلى الله عليه وسلم: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان، دائم الفكر، ليست له راحة).

    تقول عائشة رضي الله عنها: (قام ليلة بآية يرددها حتى الفجر وهو يبكي، وهي قوله تعالى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة:118]).

    يقول عبد الله بن الشخير : (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل).

    قال له ربه: قُمْ فَأَنذِرْ [المدثر:2]، فانطلق يبلغ دعوة الله، وقال له ربه: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا [المزمل:2] ، فقام حتى تفطرت قدماه، قال لـعائشة ليلة: (دعيني أتعبد لربي، تقول: فقام يصلي وجعل يبكي حتى بل لحيته، ولا زال يبكي حتى بل الثراء تحته، فجاءه بلال ليعلمه بدخول وقت الصلاة فوجده يبكي، فقال له: تبكي بأبي أنت وأمي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال صلوات ربي وسلامه عليه: كيف لا أبكي يا بلال وقد تنزلت علي الليلة آيات ويل لمن قرأها ولم يتدبرها، ثم تلا قوله تبارك وتعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ [آل عمران:190-194]).

    كم مرت على مسامعنا مثل هذه الآيات؟ فهل وجدنا لها في قلوبنا أثراً، أو في أنفسنا مكاناً؟ إنها آيات تصور العابدين في ليلهم ونهارهم وفي جميع أحوالهم، تصور خوفهم ورجاءهم وتفكرهم ودعاءهم.

    لما علمت بأن قلبي فارغ ممن سواك ملأته بهواك

    وملأت كلي منك حتى لم أدع مني مكاناً خالياً لسواك

    فالقلب فيك هيامه وغرامه والروح لا تنفك عن ذكراك

    والسمع لا يصغي إلى متكلم

    إلا إذ ما حدثوا بحلاك

    والطرف حيث أجيله متلفتاً في كل شيء يجتلي معناك

    حرص النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الجماعة

    كان سيد العابدين صلوات ربي وسلامه عليه حريصاً على صلاة الجماعة في أشد الأحوال، وفي أصعب الظروف، روى البخاري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: (دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت: ألا تحدثيني عن مرض النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: بلى، قالت: ثقل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا، هم ينتظرونك، قال: فضعوا لي ماء في المخضب، قالت: ففعلنا فاغتسل فقام لينوء -يعني: ليقوم- فأغمي عليه -بأبي هو وأمي- ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، قال: ضعوا لي ماء في المخضب، قالت: فقعد فاغتسل ، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه فسقط، ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله! فقال: ضعوا لي ماء في المخضب فقعد فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه الثالثة، ثم أفاق، فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله! والناس عكوف في المسجد ينتظرون النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر بأن يصلي بالناس)، الله أكبر! كم كان حريصاً عليه الصلاة والسلام على صلاة الجماعة، يشتد مرضه فيغتسل ثم يغمى عليه فيفيق فيغتسل ثم ثانية وثالثة، كل ذلك لعله يجد خفة ونشاطاً يمكنه بفضل الله تعالى من حضور صلاة الجماعة، فكيف كانت تلك الخفة؟ وكيف كان خروجه صلى الله عليه وسلم، اسمع ما رواه البخاري قال: (فوجد النبي صلى الله عليه وسلم خفة فخرج يهادى بين رجلين، كأني أنظر رجليه تخطان من الوجع)، سبحان الله! لم يكن صلى الله عليه وسلم يتمكن من المشي إلا اعتماداً على رجلين، ولم يكن يقدر على تمكين رجليه على الأرض لشدة ضعفه، ومع هذا ما تخلف عن صلاة الجماعة مع شدة مرضه وشدة تعبه، فلماذا يتخلف الأقوياء؟! ولماذا ينام الأصحاء؟! أين نحن من هؤلاء؟! أما آن أن نفيق ونستيقظ؟! خرج المصطفى عليه الصلاة والسلام ليبين للناس أن العابدين لا يتخلفون عن الصلوات في المساجد، خرج ليبين أن العابدين لا يصنعون إلا في المساجد والمحاريب، فأي استقامة لا تنطلق من المسجد والمحراب لا خير فيها.

    إن سجود المحراب واستغفار الأسحار ودموع المناجاة من أهم صفات الصادقين والعابدين، ولئن ظن أهل الدنيا أن جنتهم في الدينار والنساء والقصور، فإن جنة العابدين في محرابهم في خلواتهم بربهم، أما سمعت قول الله لزكريا: فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ [آل عمران:39]، إن خلوات العباد في المحاريب تربية لهم، وتيجان على رءوسهم أحلى من التيجان التي على رءوس الملوك.

    1.   

    نصر الأمة وعزتها بالعباد والزهاد

    أعيد وأكرر: لا تنتصر الأمة إلا بالعباد والزهاد عباد الله! العباد الزهاد في الناس كالعملة النادرة، يصدق عليهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (تجدون الناس كإبل مائة لا يكاد يجد الرجل فيها راحلة)، ومعنى الحديث: أن المرضي الأحوال من الناس، الكامل الأوصاف؛ الحسن المنظر، القوي على الأحمال والأثقال، قليل جداً، كقلة الراحلة في الإبل، وكذا الصادقون المنتسبون للدين كثير، لكنهم ما بلغوا مرتبة الولاية، تلك المرتبة التي ينصر الله أصحابها، ولذا عمت المصيبة بفقدهم.

    لعمرك ما الرزية فقد مال ولا شاه تموت ولا بعير

    ولكن الرزية فقد حر يموت بموته بشر كثير

    فالرجل من أولئك بألف منهم، وبمائة ألف منا اليوم، قال أبو بكر رضي الله عنه: صوت القعقاع في الجيش خير من ألف رجل.

    ولما طلب عمرو بن العاص رضي الله عنه المدد من أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه في فتح مصر، كتب إليه عمر : أما بعد: فإني أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كل ألف رجل منهم مقام الألف، أرسلت إليك الزبير والمقداد وعبادة بن الصامت ومسلمة بن خالد .

    أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع.

    أسمعتم ما حدث في تايلاند؟ وما صنعوا بالمسلمين هناك؟ خرجوا في مظاهرة سلمية يطالبون بأبسط الحقوق، ينادون بحقوق الحيوانات ولا ينادون بحقوق المسلمين.

    هنَّا على الله، فهنَّا على البشر، قال الأصمعي : لما صاف قتيبة بن مسلم الترك وهاله أمرهم، سأل عن محمد بن واسع فقيل: هو ذاك في الميمنة جانح على قوسه، رافع إصبعه نحو السماء، قال: تلك الإصبع أحب إلي من مائة ألف سيف شهير، وشاب طرير.

    بمثل أولئك تنتصر الأمة.

    أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    أهم صفات العباد

    الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه.

    أما بعد:

    عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله، اتقوا الله حق تقاته، وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [البقرة:281].

    عباد الله! من أهم صفات العابدين: أنهم أهل صلاة وقيام ومحافظة على الفرائض، وتقرب لله بالنوافل، روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تبارك وتعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه).

    فلما سمع القوم منادي المحب يناديهم، انطلقوا سباقاً إليه، وعلموا أن أفضل القربات هي الصلوات، قال صلى الله عليه وسلم: (اكلفوا من العمل ما تطيقون، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة)، كيف لا وهي عماد الدين وعصام اليقين، ورأس القربات، هي المعين الذي لا ينضب، والزاد الذي يزود القلوب، إنها العبادة التي تفتح القلب، وتوثق الصلة، وتيسر الأمر، وتبارك في الأرزاق، بدأت صفات المؤمنين بالصلاة وختمت بالصلاة؛ لعظيم مكانها في بناء الإيمان، وهي أكمل صورة من صور العباد، أما قال الله: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2]، ثم ختم صفاتهم بقوله: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ [المؤمنون:9]، فأين نحن من صلواتنا؟ كم بلغت من العمر اليوم؟ بلغت الثلاثين أو الأربعين أو الخمسين أو الستين أو دون ذلك، تعال لنرى مقدار الربح والخسارة، لن أسألك عن الستين ولا عن السبعين ولا عن العشرين والثلاثين، سأسألك عن العام الذي مضى، فمنذ بداية العام حتى يومنا هذا: كم مرة فاتتك صلاة الجماعة؟ اجرد الحسابات مرة أو مرتين أو ثلاثاً، كم مرة ناداك مناد الله: الصلاة خير من النوم؟ وواقع الحال يقول: النوم خير من الصلاة، مرة أو مرتين؟ نعرف أقواماً تفوتهم كل يوم وهم لا يتوبون ولا يتذكرون، أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ *لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [المطففين:4-6].

    فأسألك بالله يا من تظن أنك من المحافظين والمداومين، كم مرة فاتتك تكبيرة الإحرام؟ مرة مرتين أو ثلاثاً؟ يقول وكيع إذا رأيت الرجل تفوته تكبيرة الإحرام فاغسل يديك منه.

    قلت: إلى الله المشتكى، كيف لو نظر في حالنا وفي صفوفنا، وفي مساجدنا؟!

    بدأت صفات المؤمنين بالصلاة وختمت بالصلاة، قال صلى الله عليه وسلم: (الصلاة خير موضوع فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر) حسنه الألباني .

    وقال سيد العابدين صلوات ربي وسلامه عليه: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكار، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة، فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين) حسنه الألباني .

    أما يكفيك قوله صلى الله عليه وسلم : (إن أحدكم إذا قام يصلي إنما يناجي ربه، فلينظر كيف يناجيه)؟ هل استشعرنا هذا؟

    اعلم أن للعبد بين يدي ربه موقفين: موقفاً في الدنيا، وموقفاً في الآخرة، أما الموقف الذي في الدنيا: فوقوفنا بين يديه سبحانه في الصلاة، أسألكم بالله: هل خشعنا؟ هل خضعنا؟ هل استحضرنا عظمة من نقف أمامه؟ صلاة بلا إيمان، وركوع بلا خضوع، وسجود بلا خشوع، كيف يظهر أثر الإيمان وأثر الصلوات؟! (إن أحدكم إذا قام يصلي إنما يناجي ربه فلينظر كيف يناجيه).

    وأما الموقف الثاني: فيوم القيامة، فأول ما تسأل فيه عن هذه الصلاة، إن صلحت أفلحت العبد فزت، وإن ضاعت خبت وخسرت، لقد علم العباد قدر الصلاة، وأنها ميدان سباق، فانطلقوا يتسابقون ولسان حالهم:

    من فاته منك وقت حظه الندم

    ومن تكن همه تسمو به الهمم

    روى مسلم عن ابن مسعود قال: (لقد رأيتنا ما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف) يعني: مع شدة مرضه! لله درهم من مرضى، لا والله بل نحن والله المرضى، مرضى القلوب الغافلة القاسية البعيدة عن الله جل في علاه.

    نماذج من اجتهاد السلف في العبادة

    عن عطاء بن السائب قال: دخلنا على أبي عبد الرحمن السلمي وهو يقضي -يعني: ينازع- في المسجد، فقلنا له: لو تحولت إلى دارك وفراشك فإنه أوفر، فقال لهم: حدثني فلان عن فلان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال أحدكم في صلاة ما دام في مصلاه ينتظر الصلاة، والملائكة تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه)، فأنا أريد أن أموت في مسجدي وأنا في انتظار الصلاة، أليس من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: رجل قلبه معلق بالمساجد؟ فبماذا تعلقت قلوبنا؟ (بطاش ما طاش) (وأكاديم استار) والشاشات والقنوات، وأعراضنا تنتهك، ونساؤنا تغتصب، أليس هذا هو الواقع؟! الضاحكون في كل مكان، بل قل المقهقهون وحالنا لا يعلم بها إلا الله!

    قيل لـنافع: ما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: لا تطيقونه، الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما. فماذا نصنع في بيوتنا؟!

    وعن محمد بن زيد أن ابن عمر كان له مهراس فيه ماء فيصلي ما قدر له، ثم يصير إلى الفراش فيغفي إغفاءة كالطائر، ثم يقوم فيتوضأ ويصلي، يفعل ذلك في الليل أربع مرات أو خمساً، كلما استيقظ وقف أمام ربه.

    وروى نافع أن ابن عمر كان يحيي بين الظهر والعصر. فمن منا فعل ذلك؟! عن الربيع بن خثيم قال: أتيت أويساً القرني، فوجدته قد صلى الصبح وقعد، فقلت: لا أشغله عن التسبيح، فلما كان وقت الصلاة -يعني: بعد شروق الشمس- قام فصلى حتى الظهر، فلما صلى الظهر قام فصلى حتى العصر، فلما صلى العصر قعد يذكر الله إلى المغرب، فلما صلى المغرب قام يصلي حتى العشاء، فلما صلى العشاء اتكأ على سارية في المسجد ثم أغفى إغفاءة ثم أفاق وهو يقول: اللهم إني أعوذ بك من عين نوامة، وبطن لا تشبع، أعوذ بك اللهم من غفلة الغافلين.

    أرأيت كيف كان جلدهم في العبادة وصبرهم على الطاعات؟ بدأ رمضان فلم نستطع أن نواصل خمسة عشر يوماً قياماً، وهو أعظم مواسم الطاعات، وفي كل يوم صفوف المصلين تقل في جميع الصلوات، ليس في التراويح فقط، أول ما بدأنا الشهر كان يصلي الفجر معنا أربعة إلى خمسة صفوف، ومع انتصاف الشهر عادت الصفوف إلى ما كانت عليه قبل رمضان! رحم الله أويساً ما أعلى همته، يعاتب نفسه على إغفاءة خاطفة، ولهذا يعده الشاطبي ممن يأخذ بما هو شاق على الدوام، ومع هذا لا يعتبر مخالفاً للسنة، بل إنه من السابقين الأولين، ألم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقوم الليل حتى تتورم قدماه؟

    عن أصبغ بن زيد قال: كان أويس إذا أمسى يقول: هذه ليلة الركوع فيركع حتى يصبح، وأحياناً يقول: هذه ليلة السجود فيسجد حتى يصبح، وكان رحمه الله يقول: والله لأعبدن الله في الأرض كما تعبده الملائكة في السماء.

    هذا حالهم وهذه عبادتهم، ووالله لولا الأسانيد الصحاح والرجال الثقات لقلنا: إن هذه الأخبار ضرباً من الخيال، ولكن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ومن لج ولج، ومن طرق الباب يوشك أن يفتح له.

    سعد الذين تجنبوا سبل الردى

    وتيمموا لمنازل الرضوان

    فهم الذين أخلصوا في مشيهم

    متشرعين بشرعة الإيمان

    وهم الذين بنوا منازل سيرهم

    بين الرجا والخوف للديان

    وهم الذين ملأ الإله قلوبهم

    بوداده ومحبة الرحمن

    وهم الذين أكثروا من ذكره

    في السر والإعلان والأحيان

    يتقربون إلى المليك بفعلهم

    طاعاته والترك للعصيان

    فعل الفرائض والنوافل دأبهم

    مع رؤية التقصير والنقصان

    صبروا النفوس على المكاره كلها

    شوقاً إلى ما فيه من إحسان

    صحبوا الخلائق بالجسوم وإنما

    أرواحهم في منزل فوقان

    عزفوا القلوب عن الشواغل كلها

    قد فرغوها من سوى الرحمن

    حركاتهم وهمومهم وعزومهم

    لله لا للخلق والشيطان

    فمن أراد الوصول فعليه بالأصول، ومن سار على الدرب وصل، واعلم -رعاك الله- أن النعيم لا يدرك بالنعيم، وأن من آثر الراحة فاتته الراحة، وأن بحسب ركوب الأهوال واحتمال المشاق تكون الفرحة واللذة.

    قيل للربيع بن خثيم : لو أرحت نفسك قال: راحتها أريد.

    وقيل للإمام أحمد : متى يجد العبد طعم الراحة؟ قال: عند أول قدم في الجنة.

    أحزان قلبي لا تزول

    حتى أبشر بالقبول

    وأرى كتابي باليمين

    وتسر عيني بالرسول

    عوتب أحدهم في شدة اجتهاده فقال: إن الدنيا كانت ولم أكن فيها، وستكون ولن أكون فيها، ولا أحب أن أغبن أيامي، والصلاة خير من النوم، والتجلد خير من التبلد، والمنية خير من الدنية:

    فكن رجلاً رجله في الثراء وهامة همته في الثريا

    فإن إراقة ماء الحياة دون إراقة ماء المحيا

    قال عز وجل: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا [الإسراء:18-19] ويقول صلى الله عليه وسلم: (من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة). قال الفضيل : الزم طريق الهدى ولا يغرنك قلة السالكين، وإياك وطريق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين.

    اللهم اجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين.

    اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا يا ربنا من الراشدين.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

    اللهم وفقنا لإتمام الشهر صياماً وقياماً يا رب العالمين، واجعلنا فيه من المقبولين، ومن عتقائك من النار يا أرحم الراحمين.

    اللهم اغفر لوالدينا ووالد والدينا، ولكل من له حق علينا يا رب العالمين.

    اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.

    اللهم اهدِ شباب المسلمين، اللهم اهدِ شباب المسلمين، الله اهدِ شباب المسلمين، ووفقهم للعمل الصالح يا رب العالمين.

    اللهم بارك لنا في جيلنا ونسائنا وأطفالنا يا أرحم الراحمين.

    اللهم رحماك بالمستضعفين في تايلاند والفلبين، اللهم رحماك بهم في العراق وفلسطين، وأفغانستان وكشمير والشيشان وفي كل مكان يا رب العالمين، كن لهم عوناً وظهيراً ومؤيداً ونصيراً يوم أن قل الناصر والمعين.

    اللهم كن لهم ولا تكن عليهم، وآثرهم ولا تؤثر عليهم، وزدهم ولا تنقصهم، وأكرمهم ولا تهنهم، اللهم مكن لهم دينهم الذي ارتضيت لهم، اللهم مكن لهم دينهم الذي ارتضيت لهم، اللهم مكن لهم دينهم الذي ارتضيت لهم، اللهم بدلهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونك لا يشركون بك شيئاً يا رب العالمين.

    اللهم قوِّ عزائم المجاهدين في الفلوجة، اللهم قوِّ عزائم المجاهدين في الفلوجة، اللهم قوِّ عزائم المجاهدين في الفلوجة، اللهم قد ضرب عليهم الحصار من كل مكان، ولم يبق باب إلا باب السماء يا رب الأرض والسماء، اللهم أنزل عليهم مدداً من عندك، اللهم أنزل عليهم مدداً من عندك، اللهم أنزل عليهم مدداً من عندك، واقلب أرض الفلوجة على الكفار ناراً، وسماءها شهباً وإعصاراً، اللهم شتتهم في الأرض شذر مذر، اللهم لا تبق لهم في الأرض أثراً، اللهم مكن المجاهدين من رقابهم، زلزل الأرض تحت أقدامهم، واقذف الرعب في قلوبهم، وأمطر عليهم حجارة من سجيل.

    اللهم لا ترفع لهم راية، اللهم لا ترفع لهم راية، اللهم لا ترفع لهم راية، اللهم لا تحقق لهم في بلاد المسلمين غاية، واجعلهم لمن خلفهم عبرة وآية ، هم والمنافقين يا جبار السماوات والأرضين، ليس لنا رب سواك فندعوه، وليس لنا إله سواك فنرجوه، يا أول الأولين ويا آخر الآخرين، يا ناصر الضعفاء والفقراء والمساكين، يا ذا القوة المتين، لا يخلف وعدك، ولا يهزم جندك، لا يرد بأسك عن القوم المجرمين، بك نصول وبك نجول، عليك توكلنا وإليك أنبنا، وإليك المصير، اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا يا حي يا قيوم.

    عباد الله!

    إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90]، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755950890