إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (843)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم إكراه المرأة على الزواج بمن لا ترضاه لكبر سنه

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز.

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات المستمعات رمزت إلى اسمها بالحروف (م. م. ن) رسالتها قضية مطولة بعض الشيء وقضية هامة فيما أرى سماحة الشيخ تقول: أنا بنت زوجوني من رجل أكبر من أبي، وهذا الرجل متزوج من قبل ولم ينجب أولاداً، وزوجوني غصباً عني، وأمضيت مع هذا الرجل تسعة أشهر وكرهت العيش معه، ورجعت إلى أهلي وطلبت الطلاق ورفض، وهو يقول: إن المهر الذي دفعته يتجاوز مائة ألف ريال، ووالدي يقول: إن هذا المهر ثمانون ألف ريال ذهب، والآن أريد الطلاق بأي حال، هناك من يقول: ليس لك هذا، والبعض الآخر يقول: بل هو من حقك، أرجو أن توجهوني جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فهذه المسألة مسألة خصومة والمرجع فيها المحكمة، فعليك أو وليك أن يراجع المحكمة مع الزوج والحاكم الشرعي ينظر في الأمر ويحكم بينكما بما يراه شرعاً، ونسأل الله للجميع التوفيق. نعم.

    المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً، هل تتفضلون سماحة الشيخ بتوجيه الناس فيما يخص تقارب السن بين الخاطب والمخطوبة؟

    الشيخ: الواجب على الأولياء أن لا يزوجوا مولياتهم إلا بالرضا، هذا هو الواجب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح الأيم حتى تستأمر -الأيم: التي قد تزوجت سابقاً- ولا تنكح البكر حتى تستأذن. قالوا: يا رسول الله! كيف إذنها؟ قال: أن تسكت) وفي الحديث الآخر يقول صلى الله عليه وسلم: (والبكر يستأذنها أبوها، وإذنها سكوتها) فلا يجوز للأب ولا غير الأب أن يزوجوا إلا بالرضا ولو أنها بكر، ليس له على الصحيح من أقوال العلماء أن يزوجها إلا بإذنها، هذا شيء يتعلق بمصلحتها فليس له أن يزوجها إلا بإذنها، يختار لها الكفء الطيب في دينه وأخلاقه وأسرته، يختار لها الطيب ويشير وينصح لها هو وإخوتها ينصحونها وأعمامها الطيب ولكن متى أبت لا تجبر هي أعلم بنفسها، وهكذا بقية الأولياء من باب أولى، إخوانها وأعمامها لا يجبرونها على الزواج، لابد من إذن.

    وأما كونها تمتنع فلا ينبغي لها أن تمتنع إذا جاء الكفء ينبغي لها أن تقبل من أبيها ومن إخوتها وأعمامها، إذا جاء الكفء في دينه وأسرته ينبغي لها أن تقبل، والزواج فيه خير كثير ومصالح جمة، وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ويقول صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) وهذا يعم البنات والبنين، فالشباب من الرجال والنساء عليه أن يتزوج إذا استطاع، والرجل يستطيع بالتماس المرأة وتسليم ما يلزم من المهور، والمرأة تستطيع إذا خطبها الكفء أن تجيب، وفي إمكان وليها أيضاً أن يسعى لها وأن يلتمس لها الكفء، ولو خطب لها لا حرج، لو خطب لها من يراه كفؤاً فلا حرج في ذلك، فقد ثبت أن عمر رضي الله عنه لما تأيمت ابنته حفصة من زوجها عرضها على عثمان وقال له: ما عندي رغبة في الزواج في هذا الوقت، وعرضها على الصديق رضي الله عنه أبي بكر فسكت الصديق وأخبر عمر بعد ذلك أنه إنما سكت لأنه سمع أن النبي صلى الله عليه وسلم يرغب في الزواج منها فتزوجها النبي عليه الصلاة والسلام فلا بأس أن يخطب الرجل لموليته من بنت أو أخت، يقول لفلان الذي يعرف أنه طيب: ترى عندي بنت، أو .. أخت إذا كان لك رغبة، ولكن لا يزوجها إلا بإذنها، يعرض عليها ويخبرها أن هذا كفؤ وأنه طيب وصفته كذا وصفته كذا، والمشروع لها أن تجيب وأن تحرص على الزواج إذا جاء الكفء الطيب، أما الجبر فلا يجوز جبر البنات وإلزامهن بزوج لا يرضينه لا من أبيهن ولا من إخوانهن ولا من غيرهم من الأولياء، وعليها هي -البنت- أيضاً أن تجتهد في الموافقة على الخاطب الكفء ولا تتعنت ولا تتشدد في الأمور؛ لأنها قد تتشدد في الأمور أو تتعنت فتتعطل، فيتأخر وجود الزوج الكفء، فينبغي البدار بالقبول إذا جاء الكفء، ينبغي البدار منها ومن أوليائها.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها ...)

    السؤال: نعود في هذه الحلقة إلى رسالة إحدى الأخوات المستمعات، وهي (س. س) من المدينة المنورة حيث عرضنا جملة من أسئلتها في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة تسأل عن تفسير قول الحق تبارك وتعالى: قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [النمل:44] أرجو من سماحتكم تفسير هذه الآية؟

    الجواب: الآية ظاهرة ليس فيها خفاء، هذا صرح عند سليمان ممرد بالقوارير ظنته ماء وكشفت عن ساقيها تحسب أنه ماء يخاض وإذا هو ليس بماء يخاض، ثم ظهر لها صحة ما دعاها إليه سليمان من دين الله وتوحيده فأخبرت أنها ظلمت نفسها بالكفر وأنها أسلمت مع سليمان لله رب العالمين بالدخول في الإسلام وقبول دعوة سليمان لها إلى الإسلام ثم تزوجها بعد ذلك عليه الصلاة والسلام.

    المقصود أن الآية واضحة، وكان لكشف ساقيها أثراً فيما ذكره المفسرون في تزوج سليمان لها لما رأى قدميها، والخاطب والراغب في النكاح له أن ينظر إلى قدميها وإلى وجهها وإلى يديها لا حرج في ذلك، وصار هذا الكشف سبباً لرغبة سليمان فيها فيما ذكر المفسرون، أما كونه وضع الصرح على هذه الصفة فهذا له أسباب اقتضت ذلك، رأى سليمان أن يضعه على هذه الصفة لأسباب رآها عليه الصلاة والسلام.

    1.   

    الحجاب الشرعي للمرأة المسلمة

    السؤال: تقول: كثير من النساء يسمين تغطية الرأس وكشف الوجه حجاباً فأرجو من سماحتكم توضيح هذا اللبس وبيان معنى كلمة الحجاب، والفائدة التي تعود على المرأة إذا غطت وجهها عن الرجال الأجانب، وجزاكم الله خير الجزاء؟

    الجواب: الحجاب حجابان: حجاب واجب عند جميع أهل العلم، وهذا هو غطاء الرأس وغطاء البدن، ماعدا الوجه والكفين، أما غطاء الوجه والكفين عن الرجال فهذه مسألة خلاف بين العلماء، والصواب أنه يجب عليها أن تحجب وجهها وكفيها عن الرجال؛ لأن الوجه عورة وزينة واليدان كذلك، والله جل وعلا يقول: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ [النور:31] فالوجه من الزينة العظيمة، واليدان كذلك، فهي تمنع من إبداء زينتها للأجانب في الأسواق أو عند إخوة زوجها وأعمام زوجها، أو عند الخدم.. ونحو ذلك، حذراً من الفتنة عليها وبها، ويقول جل وعلا في آية أخرى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53] الآية من سورة الأحزاب، فأبان سبحانه أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع، الرجال والنساء، وهذا يعم الوجه وغيره في قوله: (من وراء حجاب) يعم الوجه وغيره، وقد قالت عائشة رضي الله عنها في حجة الوداع: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فإذا دنا منا الرجال سدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا بعدوا كشفنا)، وفي الصحيحين عنها رضي الله عنها أنها قالت لما سمعت صوت صفوان بن المعطل يسترجع لما رآها وقد تركها الجيش قالت: (فسمعت صوته وكان قد رآني قبل الحجاب فلما سمعت صوته خمرت وجهي)، فدل على أن النساء قبل الحجاب كن لا يخمرن وجوههن، فلما نزلت آية الحجاب خمرن وجوههن عن الرجال، وآية الحجاب قوله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53] فالحجاب لجميع البدن أما الرأس والقدمان؛ الرأس يجب ستره، والقدمان يجب سترهما وهكذا الصدر والنحر ونحو ذلك، الخلاف في الوجه والكفين، بعض أهل العلم يرى أنهما ليستا عورة إذا كان الوجه ليس فيه زينة لا كحل ولا جمال، والكفان ليس فيهما حلي ولا جمال، والصواب أنهما زينة، وأنهما عورة يستران مطلقاً حتى ولو كان ليس فيهما كحل ولا زينة، وليس في اليدين حلي، والصواب أنهما عورة، لأنهما من الزينة المذكورة في قوله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ [النور:31] حتى الرجل الخلخال التي فيها من العورة، قال سبحانه: وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور:31] فنهى عن الضرب بالرجل؛ لأن ذلك يفضي إلى أن يعلم الخلخال فكيف بإبداء الوجه وإبداء النحر وإبداء اليد، وقد يتعلل بعض من أجاز كشف الوجه إذا لم يكن فيه فتنة واليدين قد يتعلل بعضهم بحديث رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها: (أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة وعليها ثياب رقاق-وعلى أسماء ثياب رقاق- فأعرض عنها النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا أسماء ! إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه) قالوا: فهذا يدل على أن الوجه والكفين ليسا عورة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا) والجواب نعم، لو صح هذا لكان صريحاً في أنهما ليسا بعورة إذا كان هذا الحديث بعد الحجاب بعد نزول الحجاب ولكن الحديث غير صحيح والوقت غير معلوم، هل هو بعد الحجاب أو قبل الحجاب؟ والحديث فيه علل:

    أولاً: أنه منقطع بين الراوي عن عائشة وعائشة كما قاله أبو داود رحمه الله لما رواه قال: هو مرسل، يعني: منقطع؛ لأنه من رواية خالد بن دريك عن عائشة ولم يدركها ولم يسمع منها والمنقطع ضعيف لا يحتج به.

    العلة الثانية: أن في رواته شخصاً يقال له: سعيد بن بشير ، ضعيف لا يحتج بروايته.

    العلة الثالثة: أنه من رواية قتادة عن خالد بالعنعنة وهو مدلس، والمدلس إذا عنعن لا تقبل روايته حتى يصرح بالسند.

    والعلة الرابعة: أنه منكر المتن؛ لأنه لا يليق بـأسماء أن تدخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهي امرأة كبيرة؛ امرأة الزبير من خيرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن العشرة المشهود لهم بالجنة، لا يليق بها أبداً ولا يظن بها أن تدخل على النبي صلى الله عليه وسلم في ثياب رقاق ترى عورتها منها، هذا لا يظن بها رضي الله عنها ولا يليق بها أبداً، وهي أكبر من عائشة وأسن من عائشة، فلا يظن ظان ولا ينبغي أن يظن ظان أنها تدخل على النبي صلى الله عليه وسلم في ثياب رقاق ترى عورتها منها، يعرض عنها النبي صلى الله عليه وسلم، يرى منها شعرها وصدرها وبدنها، هذا لا يظن بها أبداً، فهو باطل المتن منكر المتن.

    العلة الخامسة: أنه لم يحفظ أن هذا بعد الحجاب، بعد نزول آية الحجاب، وكانوا قبل الحجاب تكشف المرأة وجهها ويديها وتجلس مع الناس ثم أنزل الله الحجاب ومنعن من ذلك، فلو صح سنده واستقام متنه لكان يجب أن يطالب المدعي بإثبات أنه بعد الحجاب حتى تقوم به الحجة، أما قبل الحجاب فكان النساء يفتشن وجوههن وأيديهن وأقدامهن قبل الحجاب ثم أنزل الله آية الحجاب فمنعن من ذلك وأمرن بالتستر والحجاب، كما في قوله سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53] قوله عز وجل: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ [النور:31]إلى آخره، قوله عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59] والجلباب: ما تضعه فوق رأسها وبدنها، وفق الله الجميع.

    1.   

    الأدعية المأثورة التي يستحب للمسلم أن يدعو بها

    السؤال: من المستمع حمادة عبد الرحمن رسالة يسأل فيها ويقول: ما هي الأدعية المستحبة التي يستحب أن يدعو بها المصلي عند صلاة الفجر، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: يدعو بما يسر الله له، المصلي وغير المصلي يدعو بما يسر الله له من الدعوات الطيبة في الفجر وفي آخر الصلاة، آخر التحيات وفي أي صلاة، في كل الصلوات، وفي السجود كذلك، وفي آخر الليل، وبين الأذان والإقامة يدعو بما يسر الله له، وإذا حفظ دعوات من النبي صلى الله عليه وسلم كانت أفضل من غيرها، يراجع كتب الدعوات مثل: الترغيب والترهيب للحافظ المنذري، مثل: بلوغ المرام في آخره دعوات ذكرها عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل: رياض الصالحين، يراجع الدعوات التي فيه، وهكذا يراجع كتب الحديث التي فيها الدعوات-دعوات النبي صلى الله عليه وسلم- ويستعملها يتحفظها، الوابل الصيب لـابن القيم، الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية، يراجع هذه الكتب المفيدة ويحفظ الدعوات التي فيها، مثل: (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) هذا من أجمع الدعوات التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم، مثل أن يقول في سجوده: (اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره) هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، يدعو به الإنسان، كذلك من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين وغلبة العدو، اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء ومن درك الشقاء ومن سوء القضاء ومن شماتة الأعداء، اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر) هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، ودعواته كثيرة عليه الصلاة والسلام لكن هذا من أجمعها، (اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر) هذا خرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، ومن دعائه (اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين، وغلبة العدو، وشماتة الأعداء)، (اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء، ومن درك الشقاء، ومن سوء القضاء، ومن شماتة الأعداء، اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجذام، والجبن والبخل، ومن المأثم والمغرم، ومن غلبة الدين وقهر الرجال) كل هذه دعوات عظيمة، (اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، ودعواته كثيرة -اللهم صل عليه وسلم- ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطأي وعمدي وكل ذلك عندي)، (اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير) ومن راجع كتب الحديث وجد أشياء كثيرة من هذا.

    1.   

    حكم البناء على القبور واتخاذ القباب عليها وكيفية الدفن في الأرض الرملية

    السؤال: من المستمع الشيخ محمد مسعود أبو العباس من محافظة كفر الشيخ في جمهورية مصر العربية رسالة يقول فيها: يوجد عندنا مدافن على جبلٍ من الرمل، وكان المعتاد شق أخدود ووضع الميت فيه في تابوت من الخشب فجاء بعض الناس وأراد البناء ليجمع العائلة كلها، فقال البعض: إن هذا محرم غير شرعي، واستند لحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ونهيه عن البناء على القبور وتجصيصها وقام الخلاف في ذلك، لكنا في انتظار ما نسمع من سماحتكم، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها والقباب أمر لا يجوز بنص النبي عليه الصلاة والسلام، ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وقالت له أم سلمة وأم حبيبة (أنهما رأتا في أرض الحبشة كنيسة ورأتا فيها صوراً كثيرة، قال أولئك -قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم- أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروه في تلك الصور، ثم قال صلى الله عليه وسلم: أولئك شرار الخلق عند الله) فسماهم شرار الخلق.

    وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه) فالقبور لا تجصص ولا يبنى عليها، ولا يبنى عليها مساجد، ولا يتخذ عليها قباب، بل هذا من وسائل الشرك وهذا من عمل اليهود والنصارى، فالواجب الحذر منه، لكن إذا كانت الأرض رديئة يحفر فيها ويجعل فيها ما يمسك التراب من صندوق أو ألواح حتى لا تنهار على الميت أو حجارة حتى لا ينهار ويوضع الميت بينها، وإذا تيسر أرض صلبة جيدة يحفر فيها القبور ويكون فيها ألحاد من جهة القبلة، يوضع الميت في اللحد في جهة القبلة يكون هذا أفضل،؛ لأن هذا هو الذي فعل بالنبي صلى الله عليه وسلم، حفروا له وألحدوا له وجعلوه في اللحد، وهذا هو الأفضل، فإن لم يتيسر لأنها أرض رديئة يشق شق في الأرض ويجعل على جانبي الشق ما يحفظ التراب من ألواح أو حجارة من دون بناء، ثم يوضع الميت، ثم يوضع فوقه ألواح أو حجارة، ثم يرجم عليه التراب ويجعل عليه النصائب حتى يعرف أنه قبر، وتلتمس الأرض الطيبة ما هو بالأرض الرملية، إذا تيسر أرض طيبة يوضع فيها الميت حتى يحصر فيها، فإذا ما تيسر إلا أرض رديئة رملية يجتهدون في جعله في محل مناسب ثم يجعل فيه حجارة أو ألواح تحفظه عن التراب ثم يوضع الميت ثم يوضع فوقه حجارة تقيه التراب أو ألواح يقيه التراب، ثم يهال عليه التراب، إذا لم يتيسر أرض طيبة جيدة يحفر فيها ويكون فيها لحد ويوضع عليه اللبن، إذا تيسر هذا فهو السنة، أما إذا ما تيسر يكون شق في الأرض، يشق في الأرض ويوضع فيه الميت وتوضع على جانبيه وأطرافه الحجارة حتى تقيه التراب ثم يوضع فوقها حجارة كبيرة فوق الحجارة، تستره وتمنعه من التراب أو ألواح، وهذا هو المشروع في هذه الحالة.

    1.   

    حكم صلاة النساء خلف الرجال بحاجز وبدونه

    السؤال: يقول أيضاً في سؤال آخر: يوجد عندنا مسجد وبه جزء للنساء يفصله عن مسجد الرجال حائط وعند النساء سماعة من الميكرفون لسماع الإمام والمدرس، قام رجل وأراد هدم الحائط وترك النساء أمام الرجال، ودليله في ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (تصف الرجال، ثم الصبيان، ثم النساء) وحدث في ذلك خلاف شديد، فما هو توجيهكم جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: كل ذلك لا حرج فيه، كان النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يصلين مع الرجال خلف الرجال من دون حائط ومن دون شيء، يتسترن ويتحجبن ويصلين مع الرجال في المؤخر، كما في الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) لأن أولها قد يقرب من الرجال، فإذا صففن في أسفل المسجد خلف الرجال وتسترن فلا حرج، ولا حاجة إلى جدار ولا غيره، وإن جعل جدار أو ستار غير الجدار حتى يأخذن راحتهن ويكشفن وجوههن ويسترحن فلا بأس بذلك حتى يسترحن في مصلاهن ويسمعن من طريق المكبر أو من طريق صوت الإمام إذا كان يسمعن بدون مكبر، لا حرج في ذلك، الأمر في هذا واسع والحمد لله، وإن جعل شبك يرين منه الإمام والمأمومين ويسمعن الصوت فلا بأس أيضاً، الأمر كله واسع، لا ينبغي في هذا التشديد، الجدار أو الشبك أو الستارة أو بدون ذلك، كله جائز والحمد لله، ولم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم جدار ولا غيره فيتسترن ويصلين مع الناس خلف الرجال والحمد لله، فإذا جعل جدار أو شبك يسترهن أو ستارة حتى يسترحن يضعن عبيهن ويكشفن وجوههن ويسترحن فيه لا يراهن الرجال كان في هذا مصلحة لهن وراحة لهن فقط ولا حرج في ذلك والحمد لله.

    المقدم: جزاكم الله خيراً! لكن يرى سماحة الشيخ أن الزمان كالزمان في عهد الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام وأنه لا مانع أن يرى الرجال النساء في المسجد؟

    الشيخ: لابد من هذا، إذا كن لا يتسترن لابد من مانع، إذا كن من طبيعتهن في بعض البلدان لا يتسترن لابد من وضع المانع، جدار أو ستارة، أما إذا كن يعتنين مثلما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يعتنين بالحجاب ويتسترن فلا حاجة إلى الحجاب، يصلين خلف الرجال صفوفهن خلف الرجال، وخير صفوفهن آخرها وشرها أولها، لكن إذا كن لهن عادة في التساهل وكشف الوجوه فوجود حجاب يسترهن هذا هو الواجب حتى لا يفتن ولا يفتن.

    1.   

    حكم الإكثار من تهديد الرجل أهله بالطلاق

    السؤال: من إحدى الأخوات المستمعات رمزت إلى اسمها بالحروف (خ. ك. ز)، من الباحة، تقول فيها: إنها امرأة تبلغ من العمر قرابة الأربعين عاماً، عشت مع زوجي وشاركته السراء والضراء، ولي منه ستة أولاد ذكور وأربع بنات غير الذين توفاهم الله في صغرهم، ولكنه إذا غضب لأي أمر من أمور دنياه سواء كان ذلك الأمر من أجل البيت أو خارج البيت يقول لي أقوالاً تشيب الرءوس منها ظلماً وبهتاناً ولكني أصبر وأقول: هذا زوجي وأبو عيالي وسوف ألقى الجزاء على صبري لكن الذي أود السؤال عنه قوله حينما يغضب يردد قوله قائلاً: ثلاث كلمات وتخرجين من البيت، لا علم لي عن تلك الثلاث الكلمات ما هي؟! ولكن كما هو معروف أنها كلمات الفصل بين الرجل والمرأة، فما رأيكم في قول هذا الرجل جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: نوصيك بالصبر والاحتساب، والدعاء له بالهداية، وأن الله يوفقه ويهديه حتى يحفظ لسانه، وحتى يصون لسانه من الكلمات البذيئة، فالدعاء أمر مطلوب من المرأة والرجل، جميعاً، الله يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] وهو سبحانه القائل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186] وأنت مشكورة على الصبر، والاحتساب، والتحمل من هذا الرجل الذي يتكلم بما لا ينبغي إذا غضب، مع النصيحة له في وقت الهدوء، تنصحينه بالكلام الطيب والتحمل وعدم إطلاق الكلمات التي تؤذي وتضر؛ لأنه يأثم بها وتضره.

    أما قوله: ثلاث كلمات وتخرجين، هذا لا يضرك، مادام ما قالها لا يضر، إذا كان قال ثلاث.. معناه يتوعد، معناها الوعيد، يعني: تأدبي وإلا طلقت فهذا معناه الوعيد، لا يضرك، ولا حرج عليك فيه من باب الوعيد.

    المقدم: جزاكم الله خيراً. سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نسأل الله ذلك.

    المقدم: اللهم آمين.

    مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء، والدعوة والإرشاد.

    شكراً لسماحته وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756003671