مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات نور على الدرب.
هذه الحلقة التي يسرني ويشرفني أن يكون ضيفنا فيها صاحب السماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة وردت من المستمع (ع. ع. ز) من العراق محافظة دهوك قضاء سميل، يقول السائل في رسالته: ما حكم من سمع من الناس أن امرأة متزوجة تزني، وشاهدهم في ذلك أن رجلاً غريباً يدخل عليها بيتها ويبقيان وحدهما، فهل يجوز لأهلها أن يقتلوها، وهل يجوز شهادة المنفرد على ذلك، وماذا يفعل الشاهد، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فالواجب على المسلمين التعاون على البر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا رأى المؤمن شخصاً يدخل على بيت هو فيه محل ريبة أنكر ذلك ولم يقر على ما لا ينبغي، بل يناصحه وينكر عليه ويقول له: دع هذا فإن هذا يسبب تهمتك وتهمة أهل البيت، هذا إذا كان يعرف حالهم ويعرف أن دخوله محل ريبة.
أما ما يتعلق بالحكم من جهة المرأة والمتهم فلا يحكم عليها بالزنا ولا يحكم عليه بالزنا إلا بالإقرار، لابد أن تقر هي وأن يقر هو، فإذا أقرت هي أو أقر هو حكم عليهما بحكم الزنا، فإن كانت ثيبة رجمت بالحجارة حتى تموت، وهكذا الرجل إذا كان ثيباً رجم بالحجارة حتى يموت، والثيب: هو الذي قد تزوج زواجاً شرعياً ودخل بالمرأة يعني: وطئها، وهكذا الثيبة هي التي قد تزوجت ودخل بها الزوج يعني وطئها الزوج، أما إن كانا بكرين فالبكر يجلد مائة جلدة ويغرب عاماً عن وطنه، هذا حكم البكر، ولكن لا يثبت الزنا بقول واحد أو بالتهمة، إنما يثبت بإقرار المرأة أربع مرات أو بإقرار الرجل أربع مرات ثم يستمر على إقراره حتى يقام عليه الحد، وهكذا البينة لابد من أربعة شهود يشهدون بأنهم رأوا ذاك منه في ذاك منها، رأوا أنه قد اتصل بها، قد جامعها زنا، فيقام عليهما جميعاً الحد، أما إذا لم يكن هناك بينة وهي أربعة شهود عدول ولم يكن هناك إقرار فإن المرأة والرجل يعاملان معاملة المتهم، فيؤدبان أدب التهمة ولا يقام عليهما الحد، ولكن يؤدبان بما يراه ولي الأمر وهو القاضي الشرعي أو الأمير الشرعي الذي تسند إليه الأمور، والقاضي هو أحوط في هذا إذا وجد، يقدر التعزير المناسب، والأمير الشرعي المستقيم كذلك له أن يقدر التعزير المناسب، فيؤدب الرجل ويؤدب المرأة المتهمين تأديباً يردعهما وأمثالهما عن الوقوع فيما حرم الله وعن الوقوف في مواقف التهم.
الجواب: نعم، الصحيح أن حلي المرأة فيه الزكاة إذا بلغ النصاب، هذا هو الصواب، والنصاب عشرون مثقالاً من الذهب، ومائة وأربعون مثقالاً من الفضة، فإذا بلغ الحلي الذي عندها النصاب وهو أحد عشر جنيه ونصف الجنيه السعودي أو الجنيه الإفرنجي إذا بلغ إحدى عشرة جنيه ونصف وجبت فيه الزكاة أو اثنين وتسعين غراماً وجبت فيه الزكاة، وما كان أقل من ذلك فليس فيه زكاة حتى ولو كان ملبوساً، تزكيه ولو كان ملبوساً، هذا هو الصواب، والمسألة فيها خلاف بين أهل العلم، لكن هذا هو الحق وهذا هو الصواب؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عمرو ومن حديث أم سلمة رضي الله عنهما ما يدل على وجوب الزكاة في الحلي، مع عموم قوله صلى الله عليه وسلم: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره ..) الحديث، وهذا حديث عام يعم حلي النساء ويعم غيرها، ولهذا أخذ جمع من أهل العلم القول بوجوب الزكاة في حلي المرأة أخذاً من هذه الأحاديث وعملاً بها.
كنت أصلي المغرب فمر بين يدي أرنب فهل تنقطع صلاتي بذلك؟
الجواب: مرور أرنب أو غيره من الحيوانات بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة، الأرنب والعنز وغير ذلك من الحيوانات لا تقطع الصلاة إنما يقطعها أحد ثلاثة أشياء على الصحيح من أقوال العلماء: المرأة البالغة، والكلب الأسود خاصة، والحمار. هكذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يقطع صلاة المرء المسلم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل: المرأة والحمار والكلب الأسود، قيل: يا رسول الله! ما بال الأسود من الأحمر والأصفر؟ قال: الكلب الأسود شيطان).
فالمقصود أن هذه الثلاث هي التي تقطع الصلاة على الصحيح من أقوال العلماء، فيه خلاف بين أهل العلم ولكن الصحيح من أقوال أهل العلم هو هذا، أنه لا يقطع الصلاة إلا واحد من هذه الثلاثة: إما المرأة وإما الحمار مطلقاً وإما الكلب الأسود بهذا القيد، أما بقية الحيوانات كالكلب غير الأسود وكالبعير والعنز والأرنب والقط أو غير ذلك فهذه كلها لا تقطع الصلاة، ولكن إذا تيسر وحاول أنها لا تمر يكون أولى، لا يدع شيئاً يمر بين يديه، وهكذا مرور الرجل بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة ولكن ينقص ثوابها، فينبغي أنه يمنع من المرور إذا أمكن ذلك، ولا يجوز المرور بين يدي المصلي، النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المرور بين يدي المصلي وقال: (لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يدي المصلي) وأمر من كان يصلي أن يضع شيئاً يستره من الناس، وأن لا يدع أحداً يمر بين يديه بل يمنعه، فقال صلى الله عليه وسلم: (إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان) فالسنة تدل على أن المصلي يمنع المار بين يديه ولو كان غير واحد من الثلاثة، ولو كان غير الكلب وغير المرأة وغير الحمار، لا يدع شيئاً يمر بين يديه لا إنسان ولا حيوان آخر إذا تيسر له ذلك، أما إذا غلبه ومر فإنه لا يضر صلاته، لكن يضر صلاته ويقطعها واحد من الثلاثة: إما الكلب الأسود، وإما المرأة، وإما الحمار، هذه الثلاث تقطع للحديث الصحيح الذي سبق ذكره، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (يقطع صلاة المرء المسلم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل: المرأة والحمار والكلب الأسود).
والسنة للمؤمن إذا أراد أن يصلي يكون بين يديه شيء، إما كرسي أو حربة يركزها في الأرض أو جدار أو عمود يصلي إليه حتى لا يمر بين يديه ما يقطع صلاته، فإذا مر المارون من وراء السترة لم يضروا الصلاة، أما مرورهم بين يديه وبين السترة فهذا هو الذي يمنع، وإذا كان المار امرأة أو حماراً أو كلباً أسود قطع الصلاة، وهكذا إذا مر هؤلاء بين يديه قريب منه إذا كان ما عنده سترة، إذا كان ما جعل سترة إذا مروا قريباً منه في خلال ثلاثة أذرع فأقل فإنها تقطع هذه الثلاثة، وإذا مروا بعيدين فإن ذلك لا يضر إذا كان المار بعيداً فوق الثلاثة الأذرع فإنه لا يضر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة وجعل بينه وبين الجدار الغربي ثلاثة أذرع، احتج العلماء بهذا على أن هذه هي النهاية لمحل السترة، وأن السترة تكون من ثلاثة أذرع فأقل، فإذا كان الشيء أبعد من ذلك لم يضر المرور فيه، وهكذا إذا كانت السترة موجودة لا يضر ما مر من ورائها.
المقدم: طيب يا سماحة الشيخ! ما المقصود بالقطع الذي ذكرتم أن الثلاثة تقطع الصلاة؟
الشيخ: إبطالها، إبطال الصلاة.
المقدم: وعليه إعادتها؟
الشيخ: الجمهور يقولون: يقطع الكمال فقط، ولكن الصواب أنه يقطع الصلاة وعليه إعادتها إذا كانت فريضة يلزمه أن يعيدها.
الجواب: لا يجوز للمرأة أن تصافح الرجال إذا كانوا ليسوا محارم كابن خالها وابن عمها، فإنهما ليسا محرمين، فليس لها أن تصافحهما لا بحائل ولا بغير حائل، وإنما تصافح محارمها كأخيها وعمها وخالها وأبيها أو النساء لا بأس أن تصافح النساء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لا أصافح النساء) فليس للرجل أن يصافح المرأة وليس للمرأة أن تصافح الرجل الذي ليس محرماً لها كابن خالها وابن عمها وجيرانها وزوج أختها وأخي زوجها كل هؤلاء أجانب ليس لها أن تصافحهم لا بيدها مكشوفة ولا من رواء حائل.
الجواب: صلاة الاستخارة ركعتان، إذا أراد الإنسان أمراً يشك فيه ولا يعرف ما هو الأصلح فإنه ينظر في الأمر ويتأمل، فإن اتضح له أنه أمر مناسب ومفيد وليس عنده فيه ريب، فلا حاجة إلى الاستخارة، وإن بقي عنده تردد وقد هم بهذا الأمر ويخشى أن تكون العاقبة غير صالحة فإنه يصلي ركعتين ثم يستخير الله جل وعلا بعد ذلك؛ لأن الإنسان لا يدري ما وراء الأمر الذي طلب من زواج بامرأة معينة أو شراء أرض أو سفر إلى كذا، فإذا هم بشيء من هذا أو أشباهه واشتبه عليه الأمر هل هو مناسب أو ما هو مناسب وهل الأصلح فعله أم عدم ذلك، يصلي ركعتين ثم يستخير ربه، ويقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تعلم ولا أعلم وتقدر ولا أقدر وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -ويسميه بعينه يعني: سفري إلى كذا، أتزوج بفلانة، معاملة فلان، شراء الأرض الفلانية، أو تعمير الأرض الفلانية، أو ما أشبه ذلك- اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري وآجله، فقدره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه وقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به.
هذه هي الاستخارة الشرعية، يكل الأمر إلى الله سبحانه وتعالى ويسأله ما هو الأصلح ليشرح صدره لما هو الأصلح.
ثم يستشير بعد ذلك، السنة له يستشير أحبابه ومن يثق بهم، يستشيرهم في هذا الأمر: هل يمضي فيه أو ما يمضي فيه، فإن انشرح صدره بعد الاستخارة والمشاورة مضى، وإن لم ينشرح صدره ترك.
الجواب: هذا من الشيطان، والواجب عليها محاربة الشيطان بالتعوذ بالله منه والحذر من وساوسه ولو أنها في الصلاة، إذا أكثر عليها تتفل عن يسارها ثلاث مرات، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، يعيذها الله من ذلك، لا ينبغي لها أن تخضع للوساوس، الوساوس شرها عظيم، وربما أفضت بالإنسان هذه الوسواس إلى أن يكون شبه مجنون، والشيطان يتلاعب بالناس، فالواجب على الرجل والمرأة إذا أحسا بذلك أن يحاربا عدو الله الشيطان وأن يقطعا الوساوس، وأن يجزما بما فعلا من صلاة ووضوء وغير ذلك، وأن لا يترددا في ذلك حتى لا يبقى للشيطان عليهم سلطان، فإن الشيطان متى وجد الرخاوة والضعف من الرجل أو من المرأة طمع فيهما وآذاهما بالوساوس، لكن متى وجد الصلابة والقوة ابتعد عنهما.
الجواب: أنت مخير إن زكيت عن نفسك وعنهم في محل الغربة فلا بأس؛ لأنهم تابعون لك وأنت المسئول عنهم، فإذا زكيت عنهم زكاة الفطر مع زكاتك كفى ذلك؛ لأنك مسئول، وإن عمدتهم بإخراج الزكاة عن أنفسهم هناك أجزأ ذلك، إذا عمدتهم أن يخرجوا الزكاة عندهم وفي فقرائهم فلا بأس، والأصل وجوبها عليك أن تزكي عنهم.
الجواب: هذا فيه تفصيل: إذا كانت الحذاء نظيفة وسليمة ليس فيها شيء يؤذي المصلين ولا يؤذي الفرش فلا حرج في ذلك وصلاته صحيحة، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه، ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى في نعليه، وقال للصحابة لما خلع نعليه ذات يوم من أجل أذى فيهما خلع الناس نعالهم، فلما سلم من صلاته سألهم قال: (ما لكم خلعتم نعالكم؟ قالوا: رأيناك يا رسول الله خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال صلى الله عليه وسلم: إن جبريل أتاني فأخبر أن بهما أذى -وفي لفظ: قذراً- فخلعتهما، فإذا أتى أحد المسجد فلينظر، فإن رأى في نعليه أذى فليمسحه ثم ليصل فيهما) هكذا جاء عنه عليه الصلاة والسلام، فأمر بالصلاة فيهما وصلى فيهما هو أيضاً، هذا كله إذا كانت نظيفة سليمة ليس فيها علة.
أما إن كانت قذرة فإنه لا يصلى فيها، ولهذا خلع النبي صلى الله عليه وسلم نعليه لما كان فيهما قذر، إذا كانت فيها نجاسة أو فيها شيء يؤذي الفرش من أنواع الطين أو القاذورات غير النجاسة أو ما أشبه ذلك مما يؤذي، فإنه لا يصلي فيهما ولا يدخل بهما المسجد، بل يجعلهما في مكان عند باب المسجد أو في مكان آخر حتى لا يؤذي المسجد وأهله، وحتى لا يقذر عليهم موضع صلاتهم، ولاسيما بعد الفرش، فإنه لما جاءت الفرش صارت تتأثر بكل شيء، فالأولى بالمؤمن في هذه الحالة أنه يحفظ نعليه في أي مكان حتى يمشي في المسجد بدون نعلين، حتى لا يؤذي أحداً لا بجوال ولا غيره.
المقدم: بعض الناس سماحة الشيخ يقول: أنا أحافظ وأحيي السنة بالصلاة في نعلي بالرغم من وجود الفرش؟
الشيخ: ولو، السنة أن تحييها بالكلام والبيان أن هذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأنه لا حرج فيه، لكن بعض الناس أو أكثر الناس لا يبالي ولا يتحفظ من نعليه، بل يدخل المسجد ولا يبالي فإذا سمح لهؤلاء بدخول المسجد تجمعت القاذورات والأذى في الفرش وتمنع بعض الناس من الصلاة في المساجد من أجل هذا، فهو يجني على المصلين ويؤذيهم بما يتقذرون منه، وهو إنما جاء للخير وقصد الخير وفعل السنة، فالسنة في هذه الحال أن لا يؤذي المصلين وأن لا يقذر عليهم مسجدهم، هذا هو الذي ينبغي للمؤمن، ولاشك أن الفرش تتأثر بكل شيء، قد يكون فيه تراب، قد يكون فيه طين، قد يكون هناك أشياء متعلق بها من خرق أو أسلاك أو ما أشبه ذلك، فينبغي له في هذه الحالة أن يخلعها خارجاً عند الباب يصلي مكشوف القدمين حتى لا يؤذي الفرش ولا يؤذي المصلين بشيء، هذا هو الأفضل وهو مقتضى القواعد الشرعية، أما بدون فراش إذا صلى في نعليه فهو أفضل إذا كانت نظيفة سليمة ما فيها علة.
الجواب: هذا فيه تفصيل، إن كان دخوله عليها لرؤية بناته وهكذا المرأة الأخرى يدخل الرجل عليها لأجل بنته بحضور أبيها، بحضور أخيها، بحضور زوجها الثاني على وجه لا شبهة فيه ولا فتنة فلا بأس بهذا ولا ريبة في هذه الحال، إذا كان الدخول دخولاً واضحاً شريفاً ليس فيه شيء ليرى بناته ولو سلمت عليه لا بأس مع التحجب عنه، تسلم عليه لابد أن يكون حاضراً من تزول معه التهمة.
أما دخوله على زوجته السابقة من أجل بناته مطلقاً من دون حضور أحد فهذا لا يجوز؛ لأنه قد يفضي إلى فتنة وقد يفضي إلى تهمة ولاسيما إذا كانت بنات صغاراً فإن الفتنة تكون أكبر.
فالحاصل أنه لا يدخل عليها إلا إذا كان معه من تزول معه التهمة من زوجها الجديد أو أبيها المأمون أو أخيها المأمون الذي لا يتهم، فلا بأس بهذا.
أما الدخول الذي تكون معه التهمة فيمنع؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وقد تتفق معه على شيء قد تقول لبناتها: اذهبوا إلى كذا واذهبوا إلى كذا، فالشيطان موجود وتلبيسه كثير وتزيينه كثير للفساد والشر، فالواجب على المؤمن التحرز من هذا الشيء وأن لا يقدم عليه إلا بطريقة سليمة ليس فيها تهمة، هذا هو الواجب في هذه المسائل.
المقدم: طيب جزاكم الله خيرا إذاً نفهم من هذا أنه إذا أراد أن يراها وتراه لابد من وجود محرم حتى لا يكون هناك خلوة ولابد أن تحتجب منه؟
الشيخ: الحجاب لابد منه، أما المحرم ما هو بلزوم، لابد من وجود أناس لا يتهم معهم في الدخول.
المقدم: حتى تنتفي الخلوة؟
الشيخ: مثلاً إذا دخل ومعه ناس معروفون أو عندها نساء معروفات مثل أخواتها مثل أمها وجدتها مثل ناس تزول معهم التهمة، ولكن إذا كان محرماً فهو أكمل كأخيها وأبيها وعمها المأمون، يكون أكمل ولو دخل عليها وعندها النساء المأمونات من أم أو أخوات ونحو ذلك، المقصود نساء تزول معهن التهمة، على طريقة لا تهمة فيها، هذا الضابط أن تكون الطريقة لا تهمة فيها.
الجواب: لا بأس، يزوج من ينوب عنه، مثل أب المرأة يوكل خالها، يوكل أحد أولاده المرشدين ينوبون عنه في التزوج، لا بأس أن يوكل الولي من ينوب عنه في تزويج ابنته أو أخته أو بنت أخيه، يوكل من هو صالح للزواج إن كان مرشداً كخالها المرشد، كأخيها، كعمها المرشد، لا بأس.
وهكذا الزوج له أن يوكل من يقبل عنه النكاح، يوكل أباه، يوكل أخاه، يتقبل تزوجه من فلانة، فيقول: قبلت هذا الزواج لأخي فلان أو لعمي أو لابن أخي أو لولدي لا بأس، فالوكالة جائزة من الولي ومن الزوج نفسه.
المقدم: مع حضوره.
الشيخ: مع حضوره وغيبته.
الجواب: الكلمة الدالة على إرجاعها تكفي، إذا قال: أنا مراجع زوجتي، راجعت زوجتي، أمسكت زوجتي، رددت زوجتي إلى عصمتي، كلمات تدل على المعنى، يحاول أن يكون عنده شاهدان عدلان، فيقول لهما: اشهدا أني راجعت زوجتي، أني رددت زوجتي، أني أمسكت زوجتي، أني أعدت زوجتي إلى عصمتي ونحو هذه الكلمات.
المقدم: جزاكم الله خيراً.
أيها الإخوة المستمعون الكرام! بهذا نأتي إلى نهاية هذه الحلقة، والتي أجاب فيها سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد على رسائل الإخوة: (ع. ع. ز) من العراق محافظة دهوك، والسائلة (س. م. أ) من دولة الكويت، والسائلة (ص. م. م) من القصيم، ورسالة السائل أحمد صالح زيد من اليمن الشمالي، والسائل (ع. ك. ج) من العراق محافظة بغداد، والسائل عبد القادر فضل محمد زين من السودان.
نشكر لسماحة شيخنا إجاباته، ونشكر لكم أيها الإخوة المستمعون الكرام حسن متابعتكم، ولكم تحية من الزميل عبد الله عريف من الهندسة الإذاعية، وإلى أن نلتقي بكم على خير نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر