إسلام ويب

أخطار تهدد البيوت بالانهيارللشيخ : علي بن عمر بادحدح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من سنن الله عز وجل أنه جعل بيت الإنسان سكنه وراحته ومستقره، ولهذا يجب بناء هذا البيت بناءً وثيقاً مترابطاً، ولا يكون كذلك إلا إذا كان مبنياً على طاعة الله عز وجل، والبعد عما حرم الله، فيجب على كل مسلم أن يحرص على أهل بيته، وأن يجنبهم الأخطار التي تفسدهم، ومن تلك الأخطار أخطار الخادمات والسائقين، فيجب الاستغناء عنهم قدر الاستطاعة، ومن ابتلي بشيء من ذلك فعليه أن يتقي الخلوة المحرمة مع هؤلاء في خاصة نفسه وفي عموم أهل بيته.

    1.   

    سلبية انتشار ظاهرة الخادمات

    الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا الدرس بعنوان: (أخطار تهدد البيوت بالانهيار)، وهذا الموضوع يتناول عدة قضايا كل منها لها أهمية كبرى، وهي قضية حية وظاهرة بينة في الأسر والبيوت، وسينتظم الحديث في أربع قضايا أو أربع مشكلات وأخطار: اثنتان منها بشرية، واثنتان غير بشرية.

    فالأول يتعلق بالعنصر النسائي والمتمثل في المربية والخادمة، والثاني يتعلق بالعنصر الرجالي والمتمثل في السائق أو الخادم، والثالث يتعلق بالهاتف، والرابع يتعلق بالفيديو، وهذا التخصيص أو التنصيص لا يدل على أن هذه هي فقط المشكلات أو الأخطار، ولكن هذه أبرزها, وفي نفس الوقت تندرج تحتها أخطار أخرى، وسر أو غاية الحديث في مثل هذه الأمور أن هناك أخطاراً يقع فيها الناس من حيث لا يشعرون.

    وثانياً: أنهم قد يعرفون أن هذه الأمور أخطاء، ولكنهم لا يدركون حجم خطورة آثارها وما يترتب عليها من مشكلات؛ إذ يرون الأمر الكبير سهلاً يسيراً، ولا يلتفتون إلى النتيجة إلا في وقت متأخر، ويفاجئون بأن المقدمات التي استسهلوها وظنوها يسيرة إذا بها تنتهي إلى نتائج كبيرة ووخيمة.

    وثالثاً: أن هذه المشكلات –للأسف- لا تخص أصحابها الذين يجهلون بها أو الذين يعرفونها ولا يدركون أخطارها, بل هي بصورة مباشرة أو غير مباشرة تمس الآخرين الذين عندهم نوع من الحرص والإدراك لخطورة هذه المشكلات؛ فإن المجتمع اليوم لم يعد منفصلاً، ولم يعد بالإمكان أن يكون الإنسان بنفسه أو بأسرته قادراً على تأمين جميع جوانب الاحتكاك والاختلاط بالآخرين؛ فإن وسائل الاتصال وإن القضايا الاجتماعية تفرض نفسها أحياناً، وتمس البعيد عنها شاء أم أبى، ومن هنا فإن لهذه القضايا أهميتها الكبرى من هذه الوجوه الثلاثة التي أشرت إليها بإيجاز.

    ونبدأ في القضية الأولى، وهي قضية العنصر النسائي في البيوت، والمتعلق بالمربية والخادمة، ولوجود التقارب والتداخل بين المربية والخادمة نتحدث عن الموضوع بغير انفصال، بمعنى: نتحدث عن وجود العنصر النسائي الغريب أو المستخدم في البيوت، وأول ما أشير إليه أن هذه الظاهرة لم تعد قضية محدودة، بل هي في الحقيقة تكاد تكون متجسدة وحاصلة في أغلب الأسر والبيوت، فإن الإحصاءات والدراسات تدل على هذا، فقد نشرت جريدة (المسلمون) في العدد الثالث بعد الثلاثمائة في دراسة إحصائية أن عدد المربيات في دول الخليج يبلغ مليوناً ونصف المليون مربية، ويقصدون بالمربية مسمى المربية التي هي مخصصة لتربية الأطفال، وهي أعم من الخادمة.

    وفي دراسة إحصائية أخرى نشرت في مجلة (المجتمع) تقول: إن عدد الخادمات في الكويت يبلغ مائة وثمانين ألف خادمة، ليشكل هذا العدد عشرة في المائة من مجموع السكان، ويعطي معدلاً أن لكل ثلاثة أفراد من مجتمع الكويت خادمة واحدة، ويشكل معدل ثلاث خادمات للأسرة الواحدة!

    وعند تعميم هذه الإحصائيات -كما سيأتي في بعض الدراسات أثناء الحديث- سنجد أن القضية بحجمها الكبير في الحقيقة تثير الرعب حتى في مجالات أخرى؛ إذ إن بعض دول الخليج أيضاً في دراستها الإحصائية ذكرت أن المستخدمين مع المستخدمات مع العاملين يزيدون بنسبة لا بأس بها، أي: تزيد نسبتهم عن عدد السكان الأصليين بنسبة مئوية لا بأس بها، فيصبح أهل البلد أو أهل المجتمع الذين من المتوقع أنهم في غالبهم تجمعهم ديانة الإسلام في هذه الجزيرة ولغة العرب والحرص على الأحكام الشرعية يصبحون أقلية في مجموع هذه الأخلاط التي سيأتي ذكر جنسياتها ولغاتها ودياناتها المختلفة!

    فإذاً القضية ذات حجم كبير، وذات أثر خطير لما يترتب عليها من هذه الجوانب.

    1.   

    أسباب استخدام الخادمات

    في قضية الخادمات نتعرض أولاً إلى أسباب استخدام الخادمات، ولماذا الخادمات في البيوت؟

    ثانياً: المخاطر المترتبة على ذلك في الناحية العقدية، ثم في الناحية الأخلاقية, ثم في الناحية الثقافية والتربية الأسرية, والنقطة التي تلي هذه المخاطر المتعلقة بالمجتمع.

    إن الأسباب مبنية أو مستخلصة من الدارسات الميدانية الاجتماعية التي نفذت بصورة رسائل علمية أو التي كانت - أيضاً- بتكليفات رسمية؛ فإن مكتب التربية لدول الخليج العربي وكثير من الصحف والمجلات والجامعات تستشعر أو استشعرت أهمية هذه القضية، فكلفت بدراسات, ومن ذلك أن مكتب التربية كلف كل دولة من الدول بإجراء دراسة ميدانية إحصائية, ثم جمعت هذه الدراسات من جميع الدول، وجعل لها نوع من الجمع والتصنيف، بحيث تعطي صورة متكاملة للظاهرة في دول الخليج العربي.

    الترف

    أول الأسباب -وهذه الأولية ليست أولية نسبة، وإنما أول سبب نذكره- هو الترف، وزيادة الرفاهية, وارتفاع مستوى المعيشة؛ فإنه معلوم أن المجتمع الخليجي بحكم البترول والطفرة التي يُعلم ما كان من شأنها واشتدادها خاصة في بداية التسعينات الهجرية أدت إلى حصول نوع من الارتفاع في مستوى المعيشة، والحرص على إبداء كل مظهر من مظاهر الترف والتنعم والترهل والاستمتاع بكل أسباب الراحة المتوهمة عند أصحابها, والذي يلاحظ هذه الظاهرة أو يريد أن يتأكد منها فإنه يجد أن القضية ليست فقط محصورة في طبقة الأغنياء، بل لما صار ارتفاع مستوى المعيشة يعم معظم القطاعات أو كثيراً من الأسر في هذه المجتمعات أصبحت هذه الظاهرة موجودة حتى في القرى والمدن الصغيرة، وأضرب لذلك أمثلة واقعية: ففي مدينة خليصة -على بعد ثمانين كيلو متر من جدة- وهي بلدة صغيرة ربما تسمى (بليدة) ولك أن تسميها تجوزاً مقارنة بالمدن الكبيرة قرية, لكن يفاجأ الإنسان حين يعرف أن هذا المجتمع الصغير الذي ربما ليس فيه مظاهر المدنية الكبرى التي تتضح في المدن يفاجأ بأن أكثر من ثمانين أو تسعين في المائة من البيوت فيها خادمات, بل إن كثيراً من الأسر عندها خادمتان.

    هذه الصورة أيضاً تجدها في كثير من القرى والهجر، حتى إن القضية أصبحت مسألة داخلة ضمن الاحتياجات والمصاريف المعتادة.

    الانفتاح والاتصال بالمجتمعات الأخرى

    السبب الثاني: الانفتاح والاتصال بالمجتمعات الأخرى، ونشوء مفاهيم مغلوطة ربما ساعد عليها المستوى التعليمي الثانوي والجامعي وما فوق ذلك, وأصبحت هناك أفكار من خلال الانفتاح على المجتمعات الغربية على وجه الخصوص التي عندها دور الحضانة, واستئجار المربيات, والحرص على الخادمات، وكذلك المجتمعات المتمسلمة في كثير من الديار الإسلامية التي لا تطبق شرع الله سبحانه وتعالى، والتي فيها كثير من الانحرافات.

    وأيضاً قررت هذه المسألة كقضية اجتماعية عادية، بل ربما تصور على أنها أمر لازم وحتم لا مفر منه, واتصال المجتمعات ببعضها جعل هذه القضية أيضاً أسهل وأقرب وأدعى لتصور الحاجة إليها والافتقار إليها من الأمر الحقيقي الذي هي عليه, بمعنى أن هناك تضخيماً لمسألة الحاجة إلى الخادمة أكثر من الحقيقة، وذلك من خلال الانفتاح والاتصال, وكذلك أحياناً مستوى الجامعيات والأمهات اللاتي يتلقين تعليماً عالياً ترى إحداهن أنه ليس من المعقول أن تكون حاملة لشهادة الماجستير ثم تقوم بأعمال الطبخ أو الكنس، بل لابد أن تكون حياتها متناسقة ومتناسبة مع هذا المستوى, فلابد إذاً من أن تترفع عن هذه الأعمال, وإذا ترفعت عن عنها فلابد من أن يقوم بها أحد غيرها أو أن تتولى ذلك الخادمة.

    الاتكالية والكسل

    السبب الثالث: التربية الاتكالية التكاثرية التكاسلية في المجتمع، والناشئة عن الأمرين السابقين، والتي تولد احتقار العمل اليدوي وممارسة المهن المنزلية, فإن التربية التي تولد من خلال هذه البيئة تنتج مثل هذا الاحتقار، فتجد أن المرأة تأتي من بيئة عندها خدم وحشم, فهي أصلاً متربية تربية فيها اتكالية واعتماد على الغير، وفيها تكاسل وعدم رغبة في العمل أو القيام بالواجب مطلقاً، فهذه النفسية هي التي تستدعي الحصول على الخادمة، وليست الحاجة الحقيقية، حتى إن الإنسان يجد بعض الأسر تشترط على الزوج قبل زواجه أن يوفر الخادمة؛ لأن ابنتهم لا تستطيع أن تتعب أو أن ترهق أو أن تقطع يدها في أثناء عمل المطبخ.

    وهذه الصورة نشأت في المجتمع حتى –للأسف- في الشباب، وليس فقط في الفتيات، فتجد أنه بحكم التربية الضعيفة الهزيلة لا يعتمد على نفسه، ولا ينطلق في العمل، ولا يأخذ الحياة بجد، بل هو دائماً في كسل وخور، ويحتاج دائماً إلى من يقوم عنه بالمهمات، ومن يؤدي عنه الواجبات.

    محاكاة الآخرين

    السبب الرابع -وهو من أخطر الأسباب-: المحاكاة الزائفة للآخرين، والمظاهر الاجتماعية الكاذبة، فكما أنه لابد من أن يكون ديكور المنزل جميلاً، وأن يكون في الصالون النجف كذلك لابد من أن يكون في البيت الخادمة، حيث أصبحت عبارة عن مظهر تماماً مثل بقية أجزاء الديكور ولو لم تكن هناك حاجة، فلماذا يكون عند فلانة خادمة وفلانة ليس عندها خادمة؟! أو الأسرة تقول: لماذا آل فلان عندهم خادمتان ونحن ليس عندنا أي خادمة؟! فلابد من إكمال هذه الصورة.

    وهناك دراسات تدل على أن هذا السبب يحظى بنسبة عالية في مسألة الاستعانة بالخادمات، فهناك دراسة من هذه الدراسات في دول الخليج تدل على أن استقدام الخادمات مرادف للوجاهة الاجتماعية، ولا يرتبط باضطرار المرأة إلى العمل خارج المنزل، أي: ليس السبب هو أن المرأة تعمل، بل لمجرد الوجاهة الاجتماعية، بل إن بعض الاستفتاءات دلت على أن أربعين في المائة من أولياء أمور الأسر جعلوا الخادمة سبباً من أسباب ظهور الأسرة بمظهر لائق، فهذا رب الأسرة هو الذي يأتي بالخادمة، وليس هو الذي يحتاج إليها؛ لأنه ليس هو المناطة به أعمال المنزل حتى نقول: هو يحتاج إليها. بل هو المستغني، ولو قيل: إن هذه النسبة في النساء أو في ربات البيوت لكانت معقولة، لكن النسبة في الرجال الذين يقولون: إن وجود الخادمة ‏سبب من أسباب الظهور بمظهر لائق للأسرة. وهذه مسألة -للأسف- أصيلة في كثير من البيئات والمجتمعات، نسأل الله سبحانه وتعالى السلامة.

    الانشغال بالمظاهر الفارغة

    السبب الخامس: الانشغال الفارغ بالمظاهر والعادات الاجتماعية، فإن المرأة تقول: إنها مشغولة. وليس عندها عمل، لكنها مشغولة بالزيارات، وبالاتصالات الهاتفية التي تمتد إلى الساعات، وبالذهاب إلى مشغل الخياطة، وبالاعتناء ببرامج التخفيف، وبحضور الأعراس، وكلما تزوجت واحدة أو ماتت واحدة أو ولدت واحدة في شرق الأرض أو غربها لابد من أن تذهب لزيارتها، فإذاً هي مشغولة, وبالتالي لابد من أن يكون هناك من يقوم بالعمل بدلاً عنها، بينما حقيقة هذه المشاغل كلها مشاغل فارغة لا يمكن أن تزاحم المهمة الأولى للمرأة في بيتها في رعاية زوجها وتربية أبنائها وحفظ بيتها، وهذه الناحية الاجتماعية والمظاهر الاجتماعية تجعل المرأة مشغولة، وتجد بعض النساء تقول: إنها مشغولة لمدة أسبوع أو لمدة شهر متقدم لهذه المواعيد وهذه السخافات التي -للأسف- طغت في بعض صور ومظاهر الأسر والمجتمعات، وأصبحت أولويات لا يمكن التنازل عنها، بل هي التي تكون مقدمة، وغيرها إما أن يصرف، وإما أن يلتمس له تأجيل أو نحو ذلك، أما هذه فلا يمسها التأجيل، ولا يمكن أن يطالها الإلغاء، ولا يمكن أن يكون فيها أية صورة من صور التنازل.

    وهذا السبب -أيضاً- يتعلق بالرجال؛ فإن الرجل أيضاً يقول: إنه مشغول. فهو دائم السفر، ودائم الزيارة لأصحابه، ودائم الحضور في المجالس والمقاهي والسمر ولعب الورق وغير ذلك، وعنده المواعيد التي ليس فيها إلا القيل والقال، وبالتالي هو منشغل، وإذا أراد أن يسد الباب على زوجته بعدم تحقيقه للمطالب أحضر السائق وأحضر الخادمة، فإن لم يكفها أتى بثانٍ وثانية، حتى يسكت الجميع ويتفرغ هو لأشغاله المهمة مع أصحابه الفارغين، وهذه المظاهر –للأسف- موجودة في صفوف بعض الرجال.

    عمل المرأة خارج المنزل

    السبب السادس: عمل المرأة خارج المنزل، حيث إن المرأة تكون موظفة مدرسة أو طبيبة أو نحو ذلك، وسيأتي الحديث عن هذا لاحقاً، وفي بعض الدراسات أثبتت أن ستين وسبعة من عشرة في المائة في بعض العينات سبب إحضار الخادمة فيها هو أن المرأة تعمل ، بينما بعض الدراسات -مثل دراسة أجريت في البحرين- تقول: إن عمل المرأة ليس سبباً أساسياً في وجود الخادمة، بل هو سبب عارض. أي: ليس هو الأساس. وهناك دراسات أخرى في مناطق أخرى تدور على أنه ربما يكون أول وأهم الأسباب.

    وجود الظروف الطارئة

    السبب السابع: الظروف الطارئة وغير المعتادة، ووجود الحاجة الحقيقية.

    وهذه الظروف الطارئة هي مثل مرض المرأة، كأن تمرض الزوجة بحيث لا تستطيع أن تقوم بمهمات المنزل أو تعجز بمرض مقعد أو نحو ذلك، أو لو جود حاجة حقيقية من كثرة الأعمال والأعباء, كأن يكون البيت كبيراً والأولاد كثيرين، والوضع الاجتماعي فيه كثير من الدعوات والمناسبات، ويتردد عندهم أقارب كثيرون ونحو ذلك، أي: وجود حاجة حقيقية يظهر من خلالها أن المرأة لا تستطيع أن تقوم بهذا العبء وحدها، وتحتاج إلى إعانة، وليس نوعاً من الاستبدال الكلي أو الكامل.

    ضعف الاهتمام بمراعاة الأحكام الشرعية

    السبب الأخير: ضعف الاهتمام بمراعاة الأحكام الشرعية، أو الجهل بها، وقد يأتي أي سبب من الأسباب السابقة، لكن لو كان حريصاً على مراعاة الشرع لفكر في الأضرار الشرعية، ولنظر قائلاً: هل هناك مخالفات شرعية؟ وهل هذا يجوز؟ لكن عدم وجود المراعاة للأحكام الشرعية، وعدم الاحتفاء بها، حتى عدم المعرفة بها -أيضاً- هو من الأسباب التي تجعل الناس يتساهلون ولا يدققون أو يتحرجون أو يمتنعون عن مثل هذا.

    فهذه جملة من الأسباب التي تستدعي وجود الخادمة, وبغض النظر عن أي سبب من الأسباب فإننا نناقش هذه الخادمة وقد وجدت في المنزل, ولأي سبب أتت لا يهمنا، لكنها الآن موجودة في المنزل وفي الأسرة، فما هي المخاطر المترتبة على وجود الخادمة أو المربية؟

    1.   

    المخاطر المترتبة على وجود الخادمة في المنزل

    هناك مخاطر عديدة وواقعية جداً، كما سنذكر في بعض الحوادث, وأول هذه المخاطر وأهمها المخاطر العقدية المتعلقة بالعقيدة، والانحرافات عن العقيدة الإيمانية الصحيحة، فعندما نأخذ بعض هذه الدراسات نفاجأ بقضية خطيرة تتمثل في هذه الأرقام في الدراسات الخليجية التي أعطت أن اثنتين وأربعين في المائة من ديانة الخادمات هي الديانة المسيحية، وأن أربعاً وثلاثين في المائة هي الديانة البوذية، وأن تسع عشرة في المائة هي الديانة الوثنية، أي: لا دينية، وأن خمساً في المائة هن المسلمات من هؤلاء الخادمات! هذا في مجموع الدراسة الإحصائية لدول الخليج.

    وهناك فرق في بعض الدراسات، وسنذكر بعض الدراسات المتعلقة بالمملكة على وجه الخصوص, فالدراسة الخليجية هذه تذكر أن عدد سبعة وتسعين وخمسة من عشرة في المائة من هؤلاء الخادمات غير المسلمات يؤدين طقوسهن الدينية، ويحافظن عليها، ولاشك أن الواحدة منهن ستؤديها في البيت أمام الأطفال وأمام أهل البيت.

    وأيضاً في دراسة ميدانية أخرى خليجية دلت على أن ستين في المائة إلى خمس وسبعين في المائة من ديانات الخادمات ديانات غير سماوية، اي: ليست مسيحية ولا نصرانية مطلقاً.

    ثم الذي يعطي الخطر الأكبر من كل الأرقام أن خمسين في المائة من الأسر تعطي الإشراف الكامل على تربية الطفل لهؤلاء الخادمات، ونسبة واحد وأربعين في المائة من الأسر تعطي الإشراف الكامل لألعاب الأطفال وتسليتهم لهؤلاء الخادمات كاملاً، ونسبة خمس وعشرين في المائة من الخادمات في دراسة في الكويت ثبت أنهن يتحدثن مع الأطفال في قضايا الدين والاعتقاد، ويُلِّقنَّ الأطفال بعض هذه المعتقدات التي هي من ديانتهن، ولذلك قال أحد الباحثين: إن الطفل يتعلق بهذه الخادمة والمربية التي لا يرى غيرها، بل يراها ويجلس معها ويتحدث إليها أكثر من أمه وأبيه وأخته وأخيه، فلذلك هي عنده محل قدوة.

    يقول الباحث : فكل ما عنده من مشاعر وقيم ومهارات وخبرات–يعني: يتعلق بها- فهي معلمته وملهمته، وسكنه الجسدي والنفسي، وكل شيء في حياته.

    ولو لم نتعرض في هذه القضية إلا لهذه الأرقام لكفى أن نتصور ما هي النتائج المترتبة على مثل هذا الأمر.

    وأما بعض الإحصائيات المتعلقة بالمملكة فإن عدد ثمانية وستين وثمانية من عشرة في المائة من جنسيات الخادمات من الأندنوسيات، وإن لم تكن كل هذه النسبة من المسلمات، ولكن -أيضاً- كون الخادمة مسلمة إنما هو بالهوية، فهي لا تعرف الإسلام ولا تلتزم به، وعلى هذا تبقى المخاطر كما هي وإن كانت أقل أو أخف مما يثبت.

    المخاطر العقدية المترتبة على تعلق الطفل بالخادمة

    وعندما نريد أن نضع بعض النقاط لهذه المخاطر المتعلقة بالعقيدة خاصة في سن الطفولة فإن أول هذه المخاطر تتركز في عقيدة الولاء والبراء, فإن الطفل والصغير ينشأ على حب الكفار, وربما تعظيمهم والثناء عليهم, والنظر إليهم على أنهم هم المقدمون وهم الأفضلون؛ لأنه يرى ذلك من خلال تعلقه بهذه الخادمة أو المربية.

    الأمر الثاني: تلقين مبادئ هذه الديانات المختلفة والمنحرفة للأطفال, وذلك في صور شتى كثيرة، وبعض النسب من الجنسيات تذكر أن (1.5) من الخادمات في منطقة الخليج من الجنسية الإنجليزية يعملن مربيات وخادمات، ومن المتوقع أن الإنجليزية ليست ذات حاجة، بمعني أنها لم تأت لتخدم لأنها تريد أن تأكل لقمة العيش مثل التي تأتي من جنوب شرق آسيا أو من أدغال أفريقيا أو نحو ذلك, بل إن الدراسة تقول: إن هؤلاء الخادمات أكثرهن حاملات للشهادات الجامعية، وعندهن مؤهلات تربوية, لكن هؤلاء النساء والخادمات بشكل مباشر يقمن بمهمة التنصير التي سأذكر أنها هدف مهم جداً من خلال إيجاد فكرة الحاضنات ودور الرعاية والحضانة والتربية للأطفال، خاصة مع وجود التكامل في إخراج المرأة للعمل, ثم تضييعها, ثم انتزاع الأطفال وتربيتهم، فيفسد المجتمع والأسرة, وتدمر من كل العناصر؛ لأنها كذلك تجد أن عنصر الشباب والشابات لهم أيضاً ما يصرفهم، كما سيأتي في مسألة الهاتف والفيديو.

    وفي دراسة أجريت في المملكة العربية السعودية ذكرت هذه النتائج من الناحية العقدية:

    الأمر الأول: كثر عند الأطفال الاحتفال بأعياد الميلاد والمناسبات التي تتعلق بديانات الكفار، فإننا نجد كثيراً من البيئات –للأسف- تجد فيها أن الابن يتعلق بعيد الميلاد وبعيد المسيح ورأس السنة ونحو ذلك، لما يتلقاه من هذه المربية أو الخادمة، وإذا كانت الأسرة مساعدة على ذلك فهذا شر وشر، وإذا كانت لاهية فإن الخادمة تستطيع ممارسة هذه الأمور مع ربيبها في غرفتها, وتأتي له بالشمعة، وتمارس كل شيء؛ لأن الأهل غائبون أصلاً لا وجود لهم، وللأسف نجد أن هذه ظاهرة مشاهدة في المجتمع, فإنك تجد بعض المطاعم الآن لها قسم مخصص للأطفال, وتجد أنه مخصص لأعياد الميلاد، ولبعض الحفلات التي يدعو فيها الطفل زميلته أو زملاءه ليقيم لهم حفلة, ويكون الحضور لهؤلاء الأطفال ومن معهم من الخادمات, وقد رأيت هذا بعيني في بعض هذه الأماكن.

    فإذاً التعود على شعائر الكفر وأعياد الكفر لا شك أنه نوع من انتزاع الولاء والبراء, ونوع من التلبس بانحرافات عقدية ظاهرة.

    الأمر الثاني في هذه الدراسة: وجود عدم الحرص والجدية على أداء الصلوات في أوقاتها, والتسيب والتفريط فيها، وعدم الاهتمام بها إلى درجة ضعيفة جداً.

    الأمر الثالث: الحرص على مشاركة الخادمات في الاستماع للبرامج الأجنبية، والقراءات في الكتب الدينية.

    الأمر الرابع: إثارة أسئلة وجدل حول القضايا الدينية، ولا شك أن هذه القضية خطيرة جداً، فإنه قد ذكرت جريدة (الهدف) رغم انحرافها في عام ألف وأربعمائة وعشرة من الهجرة مقالاً قالت فيه: أطفال يعبدون النار أمام البوتجازات أو الغاز؛ لأنهم يتأثرون بالخادمات الوثنيات اللاتي يقدسن النار، فيأتي الأهل فيجدون الطفل وهو أمام الموقد وهو يؤدي طقوس العبادة لهذه النار!

    وهذا أمر نتج عن تحقيقات صحفية واقعية.

    وهكذا إثارة قضايا الجدل في الدين: لماذا هذه الصلاة؟! ولماذا هذا الحجاب؟! ولماذا هذا الدين؟! ولأي شيء تقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله؟! خاصة بالنسبة للطفل الصغير، فإنه على أقل تقدير يشكك في هذه العقائد، بينما لو كانت الأسرة مسلمة محافظة فإنها تسعى إلى أن تلقن هذا الطفل العقيدة السليمة، بدءاً من الأذان في أذنه عند ولادته ليسمع كلمة التوحيد، وتحنيكه.. إلى آخره، فينبغي أن تغرس فيه هذه المعاني، وليست مهمتها أن تتركه، بل ينبغي أن تغرسها فيه، لكن أن تتركه لتغرس فيه معانٍ وعقائد كفرية مخالفة لهذا الدين فإن الأمر يتحقق فيه قول النبي عليه الصلاة والسلام: (كل مولود يولد على الفطرة, فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) فهؤلاء تركوه للخادمة لتهوده أو لتنصره أو لتمجسه أو لتخرجه من دينه وتشككه في حقائق هذا الإيمان.

    الأمر الخامس في الانحرافات العقدية: تحليل الحرام وتحريم الحلال، فإن التلقين الذي يحصل يجعل الطفل أو الصغار يحللون الاختلاط، ولماذا يكون حراماً؟! ويحللون الخمر، ولماذا تكون حراماً؟! وأتكلم عن بيئات الخليج بشكل عام؛ لأن الدراسة أيضاً تشمل بعضها, وهذه كلها صور من الانحرافات العقدية.

    وأذكر نصين: أحدهما متعلق باليهودية, والآخر متعلق بالنصرانية:

    ففي (برتوكولات حكماء صهيون) نص على أن من أساليب اليهود وإفسادهم للمسلمين وصرفهم عن دينهم -كما يقولون- إشاعة الانحراف والخلل العقائدي عن طريق ما يقول عنه النص: هذه الأعمال التي أغراهم بها وكلاؤنا ومعلمونا وقهرماناتنا في البيوت الغنية.

    والقهرمانات هن المربيات, ولك أن تتصور أو أن تعرف أنه كلما كانت الأسرة راقية في المستوى المادي كلما كان عندها من الخدم أصحاب التطور الحضاري وأصحاب الشهادات العالية من يكونون أقدر على تثبيت هذه الانحرافات العقدية وغرسها في الأطفال وفي الأسرة, وكذلك يكون في غالب البيئات المترفة التي هي أبعد عن التعلق بأبنائها, ونرى أن الطبقات العالية في المجتمع من أصحاب الأموال والثراء, ومن أصحاب الوجاهة, وربما من أصحاب السلطة يسلمون أبناءهم الذين هم أمل المستقبل في إدارة دفة الأمور وفي تولي كثير من المناصب يسلمونهم لهؤلاء الخادمات ليقمن بهذه العملية التدميرية المسخية للعقائد.

    وهذا نص بالنسبة للنصرانية أو للمبشرين: يقول أحدهم: يجب أن نؤكد في جميع ميادين التبشير جانب العمل بين الصغار وللصغار, وترانا مقتنعين لأسباب مختلفة بأن نجعله -أي: هذا العمل- عمدة عملنا في البلاد الإسلامية؛ لأن الأثر المفسد في الإسلام يبدأ باكراً جداً.

    يقولون: إن الإسلام يفسد به الأطفال، أي أن المسلمين يفسدون أطفالهم بهذا الإسلام منذ صغرهم, فإذا كان الصغير الذي لا يعقل يقول: (لا إله إلا الله) ويقول: (الله أكبر) وإذا قلت له: من أين جاءك هذا؟ قال: من الله. من أعطاك هذا؟ قال: الله. فإن هذا الفساد -في نظرهم- يبدأ مبكراً، من أجل ذلك يجب أن يحمل الأطفال الصغار إلى المسيح قبل بلوغهم الرشد, وقبل أن تأخذ طبائعهم أشكالها الإسلامية.

    إذاً المسألة واضحة في هذا الجانب, والخطر عظيم جداً, ليس الخطر متعلقاً بالصغار في الحقيقة, بل إن الخطر -أيضاً- متعلق حتى بالكبار من الشباب والشابات, خاصة في ظل وجود الفراغ العلمي، بحيث تجد كثيراً من هؤلاء لا يعرفون دينهم, ولا يعرفون الحقائق الإيمانية عن يقين وعن وضوح، بحيث إنه يمكن أن تكون الشبه التي تطرح والتساؤلات التي تلقى تثير عندهم الريبة, وتزعزع عندهم المسلمات العقدية, بل إنه تنشأ هناك ظاهرة موجودة في الأسر حتى عند أرباب الأسر من الرجال والأزواج, وهي موضوع حرية التدين وإخاء الأديان, فيقول أحدهم: أنا عندي خادمة مسيحية, وعندي سائق بوذي, والحقيقة أن لهم أخلاقاً جميلة, وتعاملهم جميل, وهذه كلها ديانات, ولكل إنسان أن يأخذ الدين الذي يراه, وليس هناك مانع في مثل هذا, والأديان كلها واحدة, والأديان قضية شخصية.

    وهذا لا شك -أيضاً- أنه انحراف عقدي؛ لأن فيه أن لا يوقن الإنسان بأن الإسلام كما قال الله سبحانه وتعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ [آل عمران:19]، وأن لا يوقن بأن هذا الدين فحسب هو الدين الخالد الذي يرضاه الله سبحانه وتعالى لعباده وللناس أجمعين, وأن بقية الديانات السماوية علاها التحريف حتى غدت في كثير من نصوصها كفرية, فهذا الاعتقاد عدم وجوده في المسلم هو نوع من التميع في الاعتقاد, بل نوع من الانسلاخ من حقائق أساسية في هذه العقيدة الإيمانية, إضافة إلى الحب والولاء لهؤلاء الكفرة من الخدم أو الخادمات.

    خطر الخادمات على الثقافة والتصورات واللغة العربية

    الخطر الثالث متعلق بالثقافة والتصورات، خاصة في اللغة، ففي الإحصائيات التي أجريت على دول الخليج ذكرت أن ثمان في المائة فقط من الخادمات لديهن إلمام باللغة العربية, والبقية ليس عندهن هذا الإلمام, فتجد العجمة سرت إلينا من لكنة الخدم, وأصبح كثير من الأسر يستخدم الكلمات من اللغة الهندية أو اللغة الأندنوسية، وأصبحنا نذكّر المؤنث ونؤنث المذكر, ونخلط خلطاً عجيباً لأجل أن نتفاهم مع هؤلاء.

    وهذا لا شك أنه يغير الذوق عند الإنسان, ويغير ملكته وقدرته على القراءة والاستيعاب؛ لأن هذه الانحرافات لها أثر في القضية التعليمية، خاصة عند الصغار، فالصغير ينحرف تماماً في هذا الجانب، ويصبح فهمه للغة وتفاعله معها وقراءته واستفادته من قراءته في اللغة ضعيفاً في هذا الجانب.

    وكذلك من الناحية المتعلقة بالجانب الفكري والثقافي، فما تقرؤه الخادمة، وما تتابعه من الاهتمامات في القدوات والفن والقصص الماجنة ونحو ذلك ينعكس بصورة أو بأخرى على الأطفال والأسرة.

    خطر الخادمات على الجوانب الأسرية

    الخطر الرابع: ما يتعلق بالناحية الأسرية, فإنها أيضاً تشكل مخاطر على الأسرة بشكل عام بعيداً عن هذه الجوانب التي أشرنا إليها, ومنها: انعدام الشخصية في الطفل، فيصبح الطفل معتمداً اعتماداً كلياً على الخادمة، ولا ينشأ شخصية يمكن أن تعتمد على نفسها.

    ومنها: ضعف العلاقات الأسرية بين الأفراد، فكل فرد من أفراد الأسرة له علاقة واعتماد على الخادمة أكثر من الآخرين, فالزوج يتعامل مع الخادمة أكثر من معاملته مع زوجته, والزوجة تتعامل مع الخادمة أكثر من تعاملها مع زوجها, والابن يتعامل مع الخادمة أكثر من تعامله مع أبيه ومع أمه, فإنه يسألها عن الذين ذهبوا والذين حضروا، ومن هو موجود، ومتى خرج، ومتى دخل، ويسألها إذا أراد طعاماً أو شراباً, ويسألها إذا أراد أي أمر من الأمور، وبالتالي تتقطع الأواصر بين الأسرة، وتصبح هذه الخادمة هي الوسيط، حتى إن الخادمات أصبحن يقمن بحل المشكلات بين الزوج والزوجة، أو بين الأبناء والآباء، وإذا غضبت البنت فإن الزوجة أو الأم توسط الخادمة حتى تهدئ البنت وترضيها ونحو ذلك، وأصبحت الخادمة هي المحور الأساس في الأسرة, وبالتالي تستطيع أن تمارس الدور بقوة, بل بالفرض أحياناً وبالتهديد الإجباري بالرضوخ لأوامرها والاستجابة لها, لا سيما إذا كان عندها من المواقف والأحداث ما تمسكه وتهدد به المرأة أنها قد تكشفها أمام زوجها, أو الزوج أن تكشفه أمام زوجته، أو الابن أو البنت ونحو ذلك من الأمور.

    وكذلك إثارة المشاكل قد تتولد بسبب الخادمة بين الزوج والزوجة, فهو يقول لزوجته: لماذا الخادمة أحسن منك؟ وهي تقول له: أنت دائمًا تنظر إلى الخادمة. فصارت الخادمة هي مسار الخلاف والنزاع باستمرار, وربما لو أخرجت لكانت بمثابة نزع فتيل الاشتعال.

    والنقطة الأخيرة في مسائل الخادمات: ما يتعلق بالتأثير على المجتمع، فالقضية ليست قضية الأسرة كما أشرت, وإنما القضية أنه داء قد يعم الآخرين, من ذلك انتشار الجريمة وفواحش الزنا على وجه الخصوص، فإن الخادمات يمارسن الفواحش، سواء مع السائقين أو مع العاملين أو مع الراغبين، ويبعن أعراضهن بثمن بخس، كما يحصل في كثير من الوقائع، فإن وجودهن بلا أزواج وبلا ضوابط إيمانية أو ضوابط أخلاقية يجعلهن بمثابة سوسة تنخر في كيان المجتمع كله.

    ومن الجرائم أيضاً السرقة، فكم نسمع أن خادمة سرقت, وأن خادمة نهبت، ويحصل بذلك كثير من المشكلات.

    و تتدرج الجرائم فتصل إلى حد القتل, وكم قرأنا عن خادمة جاءت على أهل البيت عن بكرة أبيهم وذبحتهم واحداً واحداً! لأنها تعرف وقت نومهم, وتعرف مفاتيح أبوابهم, وتعرف مواطن ضعفهم، لأنها قد يكون لها غرض في سرقة أو غرض في انتقام أو نحو ذلك.

    وفي مسألة المجتمع إفساد الذوق العام, وتحطيم العرف الشرعي, فيمكن أن تجد في الأسرة أن البنت تتحجب ولا تختلط, لكن الخادمة نوع آخر, ونجد أيضاً نساءً في الشوارع أو في الأسواق قد يتحجبن، لكن نجد المرأة بجوارها خادمتها ليست متحجبة, وهذا نوع من التحطيم للعرف الشرعي وللآداب الشرعية, ونوع من إفساد الذوق العام في الظواهر الاجتماعية في الأسواق وفي المجتمعات وفي المناسبات وغير ذلك من الأمور.

    وقد أطلنا في هذا الجانب لأنه أكثر الجوانب حيوية, وأكثرها خطورة في نفس الوقت.

    1.   

    خطر السائقين والخدم على الأسرة والمجتمع

    أنتقل إلى النقطة الثانية،وهي قضية السائق أو الخادم, والأسباب هي نفس الأسباب السابقة في الغالب، أعني موضوع الترف والمحاكاة وما يلحق بذلك, وانشغال الأب ونحو هذه الأسباب, والمخاطر أيضاً فيها نوع من التقارب, لكن هنا اختلاف، فهناك العنصر النسائي مع الرجال, وهنا العنصر الرجالي مع النساء.

    فمن هذه المخاطر خلوة السائق بالنساء من زوجة أو بنت أو غيرها, وكثرة الخلطة؛ فإن بعض صور التفريط تجعل السائق أكثر اختلاطاً بنساء البيت من الأب مع بناته, ومن الزوج مع زوجته, فالسائق يعرف ذوقها في الألوان، ويعرف مزاجها في الاستيقاظ والنوم، ويعرف تحب من الأطعمة ونحو ذلك، فيستطيع أن يلبي هذه الاحتياجات ويستحوذ على قلب المرأة، والمرأة مخلوقُ ضعيف، كما قال تعالى: أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ [الزخرف:18]، فهي تسترقها الكلمة العذبة, ويستمليها التصرف الجميل, وأحياناً تظهر التصرفات على أنها نوع من المجاملات العادية, فقد يهدي للبنت أو للزوجة, أو يثني على مظهرها, فهو الذي يذهب بها إلى مكان التجميل, فإذا خرجت يقول لها باللهجة العامية أو بلهجته المتكسرة: أنت اليوم جميل. أو نحو ذلك، فيلفت نظرها, فتسمع منه ما لا تسمعه من زوجها، وكثرة الخلطة تؤدي إلى أن يكون هناك سبب وتهيئة لحصول الفاحشة والجريمة, وهذا يقع أحياناً.

    النقطة الثانية في خطورة السائق أنه يعلم ويجمع الأخبار, ويتستر ثم يضغط, وقد يستفيد من هذه الأحوال، فهناك انحرافات, وهناك تجاوزات, حيث قد تخرج المرأة بغير أذن زوجها، والذي يوصلها هو الخادم، فيعرف المكان الذي ذهبت إليه، وقد تقوم البنت أحياناً عندما يوصلها إلى مكان بعمل معين، وهو يشاهدها, بل هو الذي يرافقها، وللأسف فهناك بعض النساء يرافقهن السائقون إلى داخل المحلات التجارية, فالمرأة تشتري وهو الذي يحمل, فيعرف ما أشترت من ملابسها، ويعرف أخص ما تحتاج إليه من كل الأمور، فيطلع على هذا, ويطلع على بعض العلاقات وبعض المخالفات, وبعض الأمور يتستر عليها, وقد يكون وسيط سوء، كما قد تكون الخادمة كذلك في تسهيل الأخطاء والفواحش.

    وأيضاً قد يستخدم هذا لأسلوب الضغط ليحظى هو أيضاً بهذه الجريمة أو الفاحشة، عياذاً بالله سبحانه وتعالى، وهذا أيضاً يقع؛ لأنه يطلع على ما لا يطلع عليه غيره.

    النقطة الثالثة: وقوع الفواحش خارج إطار الأسرة, وذلك بين الخدم والخادمات, وشيوع هذا الأمر، حتى ترتب عليه عدم الاهتمام بهذا الجانب.

    النقطة الرابعة: عدم الاهتمام بالأحكام الشرعية, فكأن هذا السائق رجل من فصيلة أخرى من غير فصيلة بني آدم، ومن غير جنس البشر, فالمرأة تتكشف أمامه, وتنبسط معه, وتتحدث إليه, وقد تضع يدها على ظهره, وقد تصافحه, وقد تمزح معه وتظنه شيئاً آخر, وما هو إلا رجل فيه فطرة الله التي أودعها في كل إنسان, ويقع مثل هذا الأمر.

    وهكذا الجرائم التي أشرت إليها من السرقة والقتل والفاحشة التي تقع سواءً في مجتمع الأسرة أو في المجتمع العام هي أيضاً داخلة في هذا الإطار.

    1.   

    الأسباب التي تجعل من الهاتف مشكلة

    القضية الثالثة: قضية الهاتف, وما أدراك ما الهاتف -كما يقولون-!

    فهناك نقاط نحتاج إلى إيجازها بشكل محدد حتى لا نغفل النقاط، وإن كان نغفل التفصيل فيها, فما هي الأسباب التي تجعل من الهاتف مشكلة؟

    أولاً: عدم التربية الأخلاقية الإيمانية، فهناك تسيب وعدم التزام من أفراد الأسرة مما يسهل هذا.

    ثانياً: عدم التوعية، فإنه قد تكون الفتاة متربية أو الفتى متربياً، لكن لا يوعيان ببعض المخاطر وبعض المزالق وبعض ما ينشأ عن هذه الأجهزة من أمور لا يفطن لها.

    ثالثاً: عدم المتابعة والمراقبة، لأنه حتى بعد التربية والتوعية قد يحصل الخطأ مرة, فلابد من أن يكون هناك تنبيه ولفت نظر وتذكير وموعظة, أما الغفلة فإنها تجر شيئاً وراء شيء آخر.

    رابعاً: تأثير الإعلام والمجتمع، لأن هذا التأثير يصل بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الأفراد، فيتعلقون بالهاتف من الوجه السلبي الذي سيأتي ذكره.

    ثم هناك أسباب عملية في حصول المشكلات الناتجة من الهاتف.

    الجانب الأول: من هذه الأسباب -ولعله من أولها وأخطرها-: التبريرات الوهمية في الاستخدام الخاطئ للهاتف, فمثلاً: يتصل الشاب بخطيبته، وينبسط معها بحجة أنها خطيبته أو أنه يريد أن يخطبها, أو يريد أن يتصل بواحدة ليتعرف عليها ومن ثم يختبرها ويفحصها وبعد ذلك يخطبها ويتزوجها, فهو له مقصد شريف, وأحياناً قد تكون مثل هذه الأمور بحسن نية، وإن كانت من جهة الشباب يغلب عليها سوء النية ومن جهة الفتيات -في بعض الأحيان إن لم يكن في أكثرها- يغلب عليهن الغفلة وحسن النية.

    ومن هذه التبريرات الوهمية التجربة, فالشاب يسمع عن المعاكسات وكذا, فإذا جاء اتصال يقول: لماذا لا أجرب؟! وهذا نوع من حب الاستطلاع، ونوع من هذه التبريرات, وكذلك أيضاً تقول الفتاة: أنا في البيت وهو بعيد، فلماذا لا أعطيه كلمتين وآخذ وأعطي معه حتى أرى ماذا يمكن أن يكون؟ ثم لا يعلم الإنسان أن هذا بمثابة الشبكة التي تصيد السمك.

    ومن التبريرات الوهمية أيضاً قصد النصح والوعظ, فقد تتصل واحدة فيقول: دعني أذكرها وأعظها وكذا. وإذا به يقع، وقد وقع هذا في تجارب عملية.

    فهذا الجانب الأول, وهو التبريرات الوهمية.

    الجانب الثاني: التساهل في الاستخدام, فهناك استخدامات مطلوبة, فقد تضطر المرأة إلى الاتصال –مثلاً- بجهة معينة أو بأسرة معينة, فيرد رب الأسرة، فتطلب زوجته أو تطلب ابنته أو نحو ذلك, وهذا الأمر يحصل, لكن التساهل يحصل أنه إذا رد رب الأسرة تقول له: كيف الحال؟! وهل أنتم طيبيون؟! وكذا، أو تتصل هي لتقضي غرضاً معيناً, أو تتصل بالمستشفى لتسأل عن موعد العيادة, أو تتصل وتوسع دائرة الاتصال، وهذا التساهل يعود على كثرة الاتصال بين الرجال والنساء؛ مما قد يقع به بعض الخطأ والخلل.

    الجانب الثالث من الأسباب العملية -أيضاً- وجود أرقام هاتفية خاصة لكل فرد أو لبعض أفراد الأسرة, فهناك رقم للفتاة, ورقم للشاب, ورقم للزوجة, أو على الأقل بعضهم يكون عنده رقم خاص, وهذا سبب مهيئ لحصول بعض المشكلات والمفاسد.

    الجانب الرابع: عدم التدقيق في المكالمات وطبيعتها من ربات وأرباب الأسر، فالمكالمة الليلية التي تأتي بعد منتصف الليل لابد من أن تثير الريبة, فما هو الأمر الجلل الذي يستدعي هذا الاتصال؟! وما هي القضية المهمة التي تدفع إلى المهاتفة في مثل هذا الوقت؟! وهذا السبب أيضاً الغفلة عنه توقع في بعض هذه المشكلات.

    وهكذا الوسائل التي يقع بها تبادل الأرقام لغرض حصول المعاكسات أو الفتنة, والتغرير بالمرأة على وجه الخصوص, فهناك وسائل كثيرة، من هذه الوسائل:

    أولها: العشوائية. أي: أن ينتقي أي رقم عشوائي ليجرب من يرد عليه, وأحياناً يحفظ هذا الرقم بالكتابة, أو يكون عنده الهاتف الذي يعيد الرقم مسجلاً على الشاشة، بحيث يضبط هذا الرقم مع المكالمة أو مضمونها.

    النقطة الثانية: استخدام أرقام للأقارب والمعارف، فإن كثيراً من المشكلات ثبت أن الذين يعاكسون فيها هم من العالمين والعارفين بهذه الأسر ومن فيها وما فيها, وبحكم هذه المعرفة تستخدم هذه المعلومات لنوع من الضغط أو التخويف, أو أحياناً تستخدم كنوع من إثارة حب الفضول والاستمرار في المكالمات.

    النقطة الثالثة: الأسواق وما يرمى فيها من الأرقام على الأسلوب المعروف, فهذا الأسلوب -للأسف- أصبح معروفاً ومنتشراً، ولم يعد يقوم به الشباب تجاه الشابات، بل حتى الفتاة يكون معها في حقيبتها عدة نسخ من رقم الهاتف لتوزعه على الرائحين والغادين، وهذا -أيضاً- للأسف ظاهرة موجودة.

    النقطة الرابعة -وهي من أخطر هذه النقاط على الإطلاق-: الزملاء والزميلات, فإن كثيراً من الشباب الذين يمارسون الانحراف من خلال هذا الهاتف يوصون ويعطون الأرقام لزملائهم، ويقول أحدهم لزميله: هذا رقم فلانة الفلانية. أو: هذا رقم واحدة تدرس في الجامعة. بحسب ما عنده من المعلومات, وكذلك الزميلات في المدارس يعطين زميلاتهن أرقاماً لفلان وفلان, مع التشجيع والتحريض والتعليم –للأسف- على أسباب المكالمات, وكيفية الإغراء، ونحو ذلك من الأمور!

    1.   

    المخاطر والمفاسد الناتجة من الاستخدام السلبي للهاتف

    والأمر المهم في هذه الناحية بإيجاز -أيضاً- بعد ذكر أسباب المشكلة نظريًا ثم عملياً ثم بعض الوسائل هو: ما الذي يحصل من المفاسد والأخطار من هذا الهاتف نتيجة الاستخدام السلبي؟ لأن الاستخدام الإيجابي معروف أنه يقضي الحوائج.

    أول قضية: قضية ضياع الوقت فيما لا فائدة فيه ,بل فيما قد يكون أمراً محرماً, فطول المكالمات التي تقع -سواء بين النساء أو حتى ربات البيوت- ضياع للوقت, وغالباً ما يكون فيها الغيبة والنميمة, والقيل والقال, وأخبار فلانة وعلانة, وبني فلان وأهل فلان.. إلى آخر ذلك, وتستمر المكالمات ليس الساعة والساعتين, بل الثلاث والأربع، وكذلك المكالمات التي تقع بين الشباب والشابات والفتيان والفتيات أيضاً تستمر إلى ساعات طويلة, ويكون فيها من كلام الفتنة والإغواء والإغراء ما فيها, إضافة إلى أنهم يستخدمون جزءًا طويلاً من الأوقات في مساعدات, بمعنى أنه ليس بالضرورة أن يكون طول المكالمة هو الحديث, بل ربما يستخدم المسجل أو الراديو ليسمع الطرف الآخر أغنية, ثم يعلقان على الأغنية، أو نحو ذلك من الأمور, أو يكون جزءٌ من المحادثات صمتاً وتفكيراً وآهات ونحو ذلك، وهذا كله من الأسباب التي تؤدي إلى الفتن وإلى زيغ القلوب، نسأل الله سبحانه وتعالى السلامة.

    ومن المفاسد أيضاً حصول التعلق بالمحرمات والمعاصي, والقرب منها, واللهفة عليها, وهذا يحصل من خلال الاستمرار في هذه المكالمات والمعاكسات والمغازلات ونحو ذلك، فإنك تجد مثل هذا الأمر يستمرئه الإنسان شيئاً فشيئاً, ويقع منه أخطاء كبيرة تدريجياً، فهذا الجانب أيضاً تقع به الخطورة, فتجد الفتاة دائماً في الأحلام الوردية، وفي فتى الأحلام, وتبقى هائمةً مع معسول الكلام الذي هو عبارة عن نوع من الطعم الذي تصاد به, والخاسر الأول والأخير فيه هو هذه البنت أو تلك الفتاة المغررة الغافلة الساذجة.

    وكذلك أيضاً من القضايا الخطيرة ما يترتب على هذه المكالمات من أسباب عملية, على نسق قول القائل:

    نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء

    وكذلك الإغواء، كما قال القائل:

    خدعوها بقولهم حسناء والصبايا يغرهن الثناء

    فهذا الإغواء والإغراء ينتج عنه أنه يطلب مقابلتها, وبعد المقابلة يطلب المصاحبة, وبعد المصاحبة يطلب المرافقة أو الخلوة الطويلة, ثم ينشأ عن ذلك ما هو معلوم في آخر الأمر من وقوع الفواحش نسأل الله سبحانه وتعالى السلامة.

    وللأسف -أيضاً- أن الهاتف السيار الذي هو من النعم يستخدم استخدامًا سيئاً في هذا الجانب, فإن المكالمة تكون في السيارة, ثم يتم وصف المنزل, ويواصل: أنا في هذا الشارع عند هذه الإشارة، خذ يمينك، خذ يسارك. حتى يصل إلى الموقع فيقال: انظر إلى الدور الثالث، انظر إلى النافذة المفتوحة. وهذا يقع بالفعل, ويحصل منه كثير من المشكلات؛ لأنه يسحب ويجر من حيث يشعر هؤلاء أو لا يشعرون, والأسرة غافلة, والأب والأم في سهو ولهو, بل إن المشكلات تتضاعف حيث إنه تقع المشكلة في مقتل أكبر عندما تقع في هذا الأمر وفي هذه الفتنة ليست الفتاة وإنما الزوجة، فإذا بالزوجة تنحرف مع رجل آخر, وإذا بالزوج يتعلق بامرأة أخرى, وتقع فوضى من التحلل والانحراف وحصول الفاحشة والجرائم بما لا يمكن أن يتصوره الإنسان عندما لا يسد هذا الباب.

    أيضاً من القضايا التي تقع في هذه المكالمات ما يقع -أيضاً- من الإغراء أو من حصول الأمر الذي يسهل الفواحش ويجعلها هينة سهلة, فتجد أن بعض هذه المكالمات تستخدم فيها كل الألفاظ البذيئة والعارية والمكشوفة, بل إنها ربما تبلغ مبلغاً يكون فيه من الأوصاف ما لا يكون إلا في المعاشرة بين الرجل وزوجته.

    وأيضاً من الأسباب الخطيرة استخدام المكالمات في الحصول على المطالب، فإن بعض الناس وبعض هؤلاء الشباب -خاصة المنحرفين والمحترفين في نفس الوقت- يسجلون هذه المكالمات, ثم يهددون بها الفتيات الغافلات, مثل التي تقول: أجرب في أول الأمر. فإذا بها تجد أن المكالمة مسجلة, ثم يتصل مرة أخرى ويسمعها صوتها، ومن غفلتها أو من خوفها أو من رهبتها من أهلها تبدأ الأمور تختلط على هذه الفتاة, وتقع في ما لا تحمد عقباه.

    وأيضاً تستخدم هذه الأشرطة -وللأسف الشديد- كنوع من أشرطة الإغواء والأغراء بشكل عام, وكأنها شريط فيديو فاحش أو نحو ذلك؛ لأن فيها تسجيلات أحياناً بذيئة, وقد رأيت ذلك وسمعت بعضاً منه ممن أخبرني به وأتى به إلي, وللأسف أنه في بيئاتنا ومجتمعاتنا وفي مدينتنا ليس في غيرها.

    ومن هذه المفاسد والأخطار إثارة المشكلات العائلية، حيث يسبب استخدام الهاتف -في مثل هذا خاصة- في إثارة المشكلة بين الرجل والمرأة أو الأبناء والبنات, وذلك من خلال بعض المعلومات التي يعرفها, سواء أكان قريباً أم من المعروفين, أم من خلال التدرج في الاتصالات الهاتفية، ثم يجد الصد أو يجد المنع, فحينئذ يتصل بالرجل ويقول له: إني أعرف زوجتك. أو: اتصلت بها أو ذهبت معها. أو نحو ذلك, أو يفتعل قضية غير صحيحة، لكن لها بعض الأسباب، كما يستخدم أيضاً في الغفلة أحياناً عندما يتصل متصل, فتظن المرأة أنه صوت أخ لها أو قريب لها, فتأخذ معه في الحديث ولا تنتبه, وتعطيه بعض المعلومات, ثم يبدأ يستخدم هذه المعلومات مرة أخرى في سبيل تدمير الأسرة, خاصة حينما يكون هناك عداء أو قصد لهذا الضرر, فإنك تجد أن الهاتف واستخدامه السيئ يصل بهذه القضايا إلى حد الطلاق, بل إلى حد وقوع الجرائم التي تصل إلى جريمة القتل.

    فهذا الأمر يقع به كثير من المخاطر كما أشرنا وأوجزنا, فالقضية تترتب على أن هذا الاستخدام ينبغي أن يكون موجهاً ومنضبطاً ومراقباً من قبل رب الأسرة, وأن لا تكون تلك الأسباب التي أشرنا إليها مما فيها دفع إلى الخطأ والأخطار أو تهيئة لها متروكة العنان.

    وربما كان في الحديث مزيد من التفصيلات والتفريعات, لكن الوقائع في هذا كثيرة جداً, ونجد أن الأمهات والآباء -لا سيما إذا كانوا كباراً في السن- تنطوي وتنطلي عليهم حيل الأبناء التي تعلموها –وللأسف- من الزملاء ومن المدارس ونحو ذلك, فالابن يتكلم مع البنت، ويذكر الضمائر, ويكون معروفاً بين الاثنين أنه يقول لها: كيف حالكَ؟ فتعرف أنه قد جاء أحد إلى مكان الولد, والبنت تؤنث حينما تتحدث مع الرجل, فتخاطبه مخاطبة الزميلة، ويكون الآباء والأمهات غافلين.

    ولقد جاءني أحد المصلين مرة يشكو أنه ليس مقيماً مع أهله, بل هم في مكان آخر, فإذا به عندما زارهم في أحد المرات وجد أن بعض أخواته متعلقة بالهاتف بنوع من المعاكسات والاتصالات غير المحمودة, فأراد أن يتحقق، فاكتشف وسجل, فوجد أن المفاسد قد تغلغلت، فلما نصحها قالت: هذا صديقي! وماذا يكون في أن أكلمه في الهاتف؟! فلما شكا للأم قالت له: إذا أردت أن تزورنا بدون مشاكل فحياك الله, أما أن تسبب مشاكل فلا، فالبنات طيبات, وليس عندهن مشكلة، وأنا دائماً معهن, وما رأيت منهن سوءًا قط. وأصبح هو المتهم وهو المخطئ، وهذا يقع –وللأسف- كثيراً.

    1.   

    حكم اتخاذ الخدم والسائقين

    هناك إيجاز في فتاوى العلماء بالنسبة للخدم والسائقين أحيل إليها, فقد أفتى كثير من العلماء والمشايخ بعدم جواز استخدام واستقدام الخادمة غير المسلمة, كما ذكروا أن الحجاب المفروض على الخادمة وكذلك أمام الخادم هو نفس الحجاب الشرعي, وليس هناك أي تساهل أو تفريط, وكذلك ذكروا عدم جواز اجتماع دينين في أرض الجزيرة على وجه الخصوص, وغير ذلك من الفتاوى الكثيرة المنشورة، وأكثرها مجموع في رسالة (الفتاوى الاجتماعية) المتعلقة بالأمور الاجتماعية, ففيها مجموعة من الفتاوى لفضيلة الشيخ: عبد العزيز بن باز وفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين، وفيها كثير من القضايا المتعلقة بهذه الجوانب, ونكتفي بهذا القدر، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لمرضاته والابتعاد عن معصيته ومخالفته.

    والحمد لله رب العالمين، وصل -اللهم- وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756228690