إسلام ويب

جلسات رمضانية لعام 1410ه[1-3]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الله جل وعلا قد بين لنا الحلال والحرام، وهو الذي بيده التحليل والتحريم، وقد تحدث الشيخ عن الأشياء المحرمة التي ذكرها الله جل وعلا في كتابه، ثم ذكر حكم طعام أهل الكتاب.

    1.   

    وقفات مع آيات بينات من سورة المائدة

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين وإمام المتقين نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    أما بعد:

    فإننا في هذه الليلة تَلَونا قولَ الله عزَّ وجلَّ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ [المائدة:3] إلى آخر الآية.

    وهذا من المُحَرَّم المفصَّل، والله سبحانه وتعالى يقول: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119].

    وإنما كان التفصيل في المحرم؛ لأن ما أحله الله لنا أكثر مما حرمه علينا؛ فجعل المحرمات محصورة مفصَّلة معيَّنة، أي: وما سوى ذلك فهو حلال.

    وبناءً على هذه الآية: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ لو شككنا في شيء من الأشياء، مطعوماً كان أم مأكولاً أم ملبوساً أم مستعملاً، لو شككنا فيه هل هو حلال أو هو حرام؟ لقلنا: إنه حلال؛ لأنه لو كان حراماً لفصَّله الله لنا؛ فإن الله تعالى قد فصَّل لنا ما حرَّم علينا.

    فلو صاد الإنسان طيراً، وأشكل عليه هل هو حلال أو حرام؟ فهو حلال، هذا هو الأصل.

    ولو وجد زاحفاً في الأرض من الحيوانات الكثيرة في الأرض، وأشكل عليه أحلال هو أم حرام؟ فهو حلال؛ حتى يقوم دليل على التحريم؛ لأن الله سبحانه وتعالى فصَّل لنا ما حرم علينا.

    ومع ذلك فإن هذه المحرمات المفصَّلة إذا اضطر الإنسان إليها صارت حلالاً، ولهذا قال: إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119] فما دعت الضرورة إليه من المحرمات ولو كان من أخبث ما يكون من المحرمات، فإنه يكون حلالاً لنا، ولا يُستثنى من هذا شيء؛ لأن الله عزَّ وجلَّ قال: إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ .

    في آية المائدة -التي نحن بصدد الكلام عليها بما تيسر- يقول الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3] :

    فمن الذي حرمها؟ الذي حرمها هو الله عزَّ وجلَّ؛ لأنه لا يتولى التحليل أو التحريم إلا الله عزَّ وجلَّ، كما قال الله تعالى: وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ [النحل:116].

    ولقوله: قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ [يونس:59].

    فالذي بيده التحليل والتحريم والإيجاب والإباحة هو: الله عزَّ وجلَّ.

    تفسير قوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة)

    حرم الله علينا الميتة، والميتة قال العلماء: هي: كل حيوان مات حتف أنفه، أو ذُكِّي بغير ذكاة شرعية.

    فالأول الذي مات حتف أنفه: هذا ميتة لغة وشرعاً.

    والذي ذُكِّي على غير وجه شرعي: هذا ميتة شرعاً؛ وإلا فقد يكون أُنْهِرَ الدم فيه؛ لكنه ميتة؛ لأنه لم يذكَّ على طريق شرعي.

    فلو أن رجلاً ذَكَّى شاة بحادٍّ، يعني: بسكين حادة، وقطع كل ما يعتبر قطعه، ولكنه لم يذكر اسم الله عليها، فإنها تكون حراماً، تكون ميتة، لماذا؟ لأنها لم تذكَّ على وجه شرعي.

    ولو أن وثنياً أو مرتداً ذبح شاة وقال: باسم الله، وقطع ما يجب قطعه فإن هذه الشاة ميتة شرعاً.

    وعلى هذا فلو أن رجلاً لا يصلي ذكى شاة وقال: باسم الله، وقطع ما يجب قطعه فإن هذه الشاة لا تحل؛ لأن الذي لا يصلي مرتد كافر، لا تحل ذبيحته.

    إذاً: الميتة ما هي؟

    هي: التي تموت حتف أنفها، يعني: تموت بدون سبب، أو بذكاة غير شرعية.

    يُستثنى من ذلك: ما استثناه الرسول عليه الصلاة والسلام وهو: السمك، والجراد؛ فإن السمك ميتته حلال، حتى وإن لم تَصِده، لو وجدته على ساحل البحر ميتاً فهو حلال تأكله، وكذلك الجراد لو وجدته ميتاً فهو حلال تأكله؛ اللهم إلا أن يكون قد قُتل بمواد كيماوية، يُخشى منها الضرر، فهذا لا يؤكل من أجل ضرره؛ لا من أجل أنه ميت، قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن عمر رضي الله عنهما: (أحلت لنا ميتتان ودمان: فأما الميتتان: فالجراد، والحوت، وأما الدمان: فالكبد، والطحال).

    تفسير قوله تعالى: (والدم)

    الثاني: وَالدَّمُ [المائدة:3] :

    الدم: هذا عام يشمل كل دم؛ لكن بشرط ألا يكون الدم مما ذُكِّي ذكاة شرعية، فإن كان مما ذُكِّي ذكاة شرعية فإنه حلال، يعني: لو أنك ذبحت شاة ذبيحة شرعية وماتت، وبدأتَ تسلخها وظهر منها دم ولو كان كثيراً، فإن ذلك حلال؛ لأنه خرج من مُذَكىً ذكاة شرعية، أما ما خرج من حيوان حي فهو حرام، وكانوا في الجاهلية إذا سافروا وانقطع بهم السفر، ونفد طعامهم يَفْصِد الإنسانُ عِرْقاً من ناقته ويَمُصُّه، يشرب الدم، هذا عند الضرورة لا بأس به؛ لكن لغير الضرورة لا يجوز.

    تفسير قوله تعالى: (ولحم الخنزير)

    قال تعالى: وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ [المائدة:3]:-

    وهو حيوان خبيث معروف حرام.

    وقد أَعَلَّ الله عزَّ وجلَّ الميتة والدم ولحم الخنزير بقوله: فَإِنَّهُ رِجْسٌ [الأنعام:145].. قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ [الأنعام:145] أي: خبيث، خبيث شرعاً، وخبيث طبعاً؛ لأن هذه الثلاثة: الميتة، والدم، ولحم الخنزير تؤثر على صحة الإنسان، تؤثر عليها تأثيراً بالغاً؛ لكن أحياناً تظهر أعراض هذا التأثير بسرعة، وأحياناً تتأخر.

    تفسير قوله تعالى: (وما أهل لغير الله به)

    قال تعالى: وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [المائدة:3] : أي: ما ذُكِر عليه اسم غير الله، مثل: أن يقول عند الذبح: باسم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، أو باسم المسيح، أو باسم الرئيس، أو باسم الملِك، أو باسم الملَك، أو ما أشبه ذلك، فإنه يكون حراماً لا يحل، كل ما ذُكِر عليه اسم غير الله فهو حرام سواءً ذَكَرَ معه اسم الله أم لم يذكر، لو قال: باسم الله واسم الرسول، ثم ذبح صار حراماً، لأنه اختلط حرام بحلال، ولا يمكن ترك الحرام إلا باجتناب الحلال فصار حراماً.

    تفسير قوله تعالى: (والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع)

    قال تعالى: وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ [المائدة:3] :

    هذه أربع؛ لكن هذه الأربع من الميتة؛ إلا أن ميتتها على صفة معينة.

    المنخنقة هي: التي تموت خنقاً، سواءً خنقاً بالحبل، رُبِط حبل في رقبتها حتى خُنِقَت، أو خنقاً بدخان، أو خنقاً بحبس الهواء عنها، أو بأي سبب من أسباب الخنق، فإنها تكون حراماً وهي من الميتة؛ أي: نوع من الميتات.

    الموقوذة هي: التي تموت بضرب، تضربها بعصا حتى تموت، أو بحبل قوي شديد حتى تموت هذه أيضاً حرام؛ لأنها موقوذة.

    المتردية هي: الساقطة من العالي؛ من الشيء العالي؛ من جبل، تدحرجت من الجبل حتى ماتت، أو سقطت من جدار، أو ما أشبه ذلك.

    والنطيحة هي: المنطوحة التي نطحتها أختها، يعني: شاتان تناطحتا، فقتلت إحداهما الأخرى، هذه أيضاً حرام؛ لأنها نطيحة.

    قال تعالى: وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ [المائدة:3] :

    ما أكل السبُع: السبُع يعني: الذي يعدو على الفريسة من الغنم أو غيرها، فيأكل منها شيئاً ويبقي شيئاً.

    تفسير قوله تعالى: (إلا ما ذكيتم)

    قال الله عزَّ وجلَّ: إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ [المائدة:3] :

    يعني: إلا ما أدركتم ذكاته فذكيتموه من المنخنقة، والموقوذة، والمتردية والنطيحة، وما أكل السبع، فما أدركناه حياً فإننا نذبحه، ويكون حلالاً؛ ولكن كيف نعلم أنه حي، يعني: جئنا إلى شاة قد فرى الذئب بطنها، وهي الآن محتضَرة، تكاد أن تموت، فذبحناها؛ سمينا وذبحناها، كيف نعرف أن فيها حياة؟

    قال بعض العلماء: نعرف ذلك بأن يتحرك شيء منها، يد، أو رِجل، أو أذن، أو ذنَب، أي شيء يتحرك فهي دليل على أن فيها حياة فتحل، فإن لم يتحرك منها شيء، فإنها لا تحل، فجعلوا علامة الحياة الحركة، وقالوا: إذا ذبحناها وتحرك منها أي جزء، فإنها تكون حلالاً؛ لأن حركتها دليل على أنها تألمَّت من الذبح، ولا تتألم إلا وفيها حياة، ولو غمَّضت بعينها أو فتحت بعينها؟ كذلك أيضاً دليل على أنها حية.

    وقال بعض العلماء: بل العلامة سَيَلان الدم الأحمر الحار، ولو لم تتحرك؛ لأنها قد تكون مع شدة الألم الذي أصابها من أكل الذئب، أو من التناطح، أو من الوقذ، أو من التردي، أو من الإنخناق قد تكون لا تتحرك؛ لأن قواها انحطت؛ لكن إذا سال منها الدم الأحمر الحار فهذا دليل على أنها حية، فتكون حلالاً.

    قالوا: والدليل على هذا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أَنْهَرَ الدمَ وذُكِرَ اسمُ الله عليه فكُلْ) وهذا الذبح هو أَنْهَرَ الدم، خرج الدم الحار الأحمر، أما لو ذبحناها فخرج منها دمٌ أسود بارد يسيل بصعوبة، فهذا دليل على أنها قد ماتت.

    وهذا القول هو القول الراجح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية .

    وعلى هذا فتكون علامة الحياة في هذه الذبيحة هو: سيلان الدم الأحمر الحار الذي يخرج من الحية عادة.

    تفسير قوله تعالى: (وما ذبح على النصب)

    قال الله تعالى: وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ [المائدة:3] :

    يعني: ما ذبح للأصنام فهو حرام بكل حال، ولم يَستثنِ الله منه شيئاً؛ ما استثنى منه شيئاً؛ لأنه ذبح لغير الله، فيكون حراماً.

    وعلى هذا فما ذُبِح للقبور تقرُّباً لأصحابها فهو حرام، وما ذُبِحَ تعظيماً لملِك من الملوك، أو رئيسٍ من الرؤساء تعظيماً لا تكريماً فإنه حرام؛ لأنه أُهِلَّ لغير الله به، وهو أيضاً شرك مُخْرِج عن الملة، يجب على صاحبه أن يتوب إلى الله؛ لأنه لا أحد يُعَظَّم بالذبح إلا الله عزَّ وجلَّ: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2].. قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:162].

    وانتبه لقولنا: ما ذُبِح تعظيماً لا تكريماً.

    أما لو ذُبِحَ تكريماً له؛ ليأكله ضيافةً، فهذا لا بأس به، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه).

    لكن تعظيماً، يعني: نعظمه بمجرد الذبح هذا لا يكون أبداً إلا لرب العالمين عزَّ وجلَّ: وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ [المائدة:3].

    تفسير قوله تعالى: اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم)

    ثم قال بعد جُمَلٍ: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ [المائدة:5].

    قوله: الْيَوْمَ أي: وقت نزول هذه الآية.

    أُحِلَ لنا الطيبات:

    كل طيب أباحه الله عزَّ وجلَّ وهذا من فضله وضد ذلك الخبيث، فكل خبيث فهو محرم علينا، وهذا من حماية الله لنا أن مَنَعَنا مما يضرنا؛ لأن الإنسان بشر ضعيف ظلوم جهول؛ لكن الله عزَّ وجلَّ حَمَاه مما يضره، فحرم عليه كل خبيث.

    قال تعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ .

    مَن هُم الذين أوتوا الكتاب؟

    الذين أوتوا الكتاب هم: اليهود والنصارى، كما قال الله تعالى: أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ [الأنعام:156] فأهل الكتاب هم: اليهود والنصارى.

    طعامهم حلٌ لنا:-

    حسناً! ما هو طعامهم؟

    يعني: الخبز، والتمر، والأرز، وما أشبهه؟!

    لا. المراد بطعامهم: ذبائحُهم، كما قال ذلك عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ترجمان القرآن: [أي: ما ذبحوه، فهو حلال لنا] ولا نسأل، لا يلزمنا أن نسأل، وليس من حقنا ولا من المشروع لنا أن نسأل كيف ذبحوه، بل سؤالنا كيف ذبحوه من باب التنطع في دين الله، فإذا وُجِدَت ذبيحةُ يهودي أو نصراني فكُلْها، ولا تقل: كيف ذَبَحْتَها؟! ولا تقل: هل سَمَّيْتَ عليها؟! سؤالك هذا خلاف السنة.

    فالنبي صلى الله عليه وسلم سيد الوَرِعين؛ أهدت إليه المرأة في خيبر شاة فأكل منها، ولا قال: كيف ذبحتيها؟! ولا قال: هل سَمَّيْتِ الله عليها؟!

    وكذلك دعاه غلام يهودي إلى طعام؛ خبز وإهالة سنخة، وأكل ولم يسأل.

    ورأى مع عبد الله بن مغفل رضي الله عنه جِراباً فيه شحم، في غزوة خيبر ، رُمِي به فأخذه عبد الله بن مغفل ، فالتفت، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم يضحك حين قفز عبد الله وأخذه بسرعة وأقَرَّه على ذلك.

    وجاءه قوم فقالوا: (يا رسول الله! إن قوماً يأتوننا بلحم، لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال: سَمُّوا أنتم وكُلُوا) وكانوا حديثي عهد بكفر، لِتَوِّهِم مسلمين، وحديثُ عهدٍ بالكفر يَخْفَى عليه كثير من أحكام الإسلام، فقال: (سَمُّوا أنتم وكُلُوا) وفي هذا شيء من الانتقاد عليهم حين سألوا: هل يحل لنا هذا وإلاَّ لا؟! كأنه قال: لَسْتُم مسئولين عن فعل غيركم، ولا تسألوا عنه، اسألوا عن فعلكم، فعلكم أنتم إذا أردتم أن تأكلوا فسَمُّوا الله على الأكل.

    إذا وَرَدَتْنا ذبيحةٌ من يهود أو نصارى السؤال: كيف ذبحوها، أو هل سَمَّوا الله عليها، هذا خلاف السنة، وهو من التنطع في الدين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هلك المتنطعون) ؛ لأن الإنسان الذي يتنطع في الدين يتعب ويبقى في قلق وفي شك، لو أراد الإنسان أن يسلك سبيل التنطع لقلنا: حتى الذي يُجْلَب في أسواق المسلمين يحتاج أن نسأل عنه، ربما أن الجزار ما سَمَّى! ربما أن الجزار لا يصلي، لا ندري، وكذلك أيضاً نسأل؛ جاء إنسان يعرض علينا سلعة نقول: تعال، ربما هذا غاصب للسعلة أو سارق، نحقِّق معه.

    نقول: تعال، من أين جاءتك السلعة هذه؟!

    قال: والله! اشتريتها من فلان.

    هات فلان. من أين اشتريتها يا فلان؟!

    قال: من فلان.

    هات فلان. من أين اشتريتها؟!

    قال: والله! ورثتها من أبي.

    ثم لازم ننظر أسباب الإرث، هي متوفرة أم لا، والموانع منتفية...!!

    لو أراد الإنسان أن يتنطع في الدين تعب وهلك؛ لكن هذا من رحمة الله بنا، أن نُجْرِي الأمور على ظاهرها، وما دام الشيء وقع من أهله، فلا تسأل كيف وقع، هذه قاعدة شرعية، إذا وقع الشيء من أهله فلا تسأل كيف وقع، فالأصل السلامة وعدم القوادح، ولهذا قال: (سَمُّوا أنتم وكُلُوا) نعم لو جاءتنا ذبيحة لا ندري مَن ذبحها، ونحن في بلاد غير إسلامية، في بلاد -مثلاً- شيوعية، أو في بلاد وثنية، هنا نعم نسأل؛ لأن هذه بلاد غير إسلامية، وغير نصرانية، ليست من بلاد النصارى أو اليهود، فإذاً: لابد أن نسأل خوفاً من أن يكون الذابح ليس أهلاً للذبح.

    ونقتصر على هذا القدر.

    1.   

    الأسئلة

    حكم الدم المتبقي في الذبيحة

    السؤال: ما حكم الدم المتبقي في الذبيحة؟

    الجواب: أما الدم فهو معروف هذا الأحمر الذي يخرج من الحيوان هو الدم، واستُثْنِي من ذلك ما يكون بعد الذبح، هذا حلال.

    أن تشربه.

    أما ما كان بعد الذبح فهو حلال طاهر، يعني: لو شققت القلب بعد ذبحها وفيه الدم هذا وأكلته ما فيه مانع، نعم.

    معنى الاستقسام بالأزلام

    السؤال: ما معنى الاستقسام بالأزلام؟

    الجوب: كان العرب في الجاهلية إذا هَمَّ الإنسان بأمر وتردد فيه استقسم بالأزلام، فوضع أشياء؛ ثلاثة أشياء مكتوب في واحد منها: (افعل)، ومكتوب في الثاني: (لا تفعل)، والثالث: ما فيه كتابة، ثم يضعها في كيس أو ما أشبه ذلك، ويخلط بينها، ثم يخرج منها واحداً، إذا كان فيه (افْعَلْ): فَعَل، إذا كان فيه (لا تفعل): لَمْ يَفْعَل، وإذا خرج السهم الغير مكتوب فيه أعاد الاستقسام مرة أخرى، والاستقسام معناه: طلب القِسْم والنصيب، يعني: طلب ما يُقْسَم لك.

    هذا الاستقسام أبدله الله عزَّ وجلَّ في الإسلام بخير منه؛ بصلاة الاستخارة، وهو: أن الإنسان إذا هَمَّ بأمر وتردد فيه صلى ركعتين، فإذا سلَّم دعا بالدعاء المشهور: (اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك...) إلى آخره، فإذا استخار الإنسان وتبيَّن له الأمر، أو انشرح صدره لشيء من الأشياء أقدم عليه.

    والعلم باختيار الله لك يكون بأسباب:

    إما أن يرى الإنسان رؤيا ترجِّح أحد الأمرين.

    وإما أن ينشرح صدره لأحد الأمرين.

    وإما أن يقدَّر له الشيء بدون أن يتسبب له.

    وإما أن يستشير أحداً فيشير عليه بأحد الأمرين.

    كل هذا يدل على أن الله اختار لك، ولهذا الاستخارة من أحسن ما يكون للإنسان؛ ولكن المراد بالأمر الذي تتردد فيه، فالحديث حديث الرسول عليه الصلاة والسلام قوله: (إذا هَمَّ أحدُكم بالشيء فليصلِّ ركعتين...) إلى آخره، المراد: بالشيء الذي تتردد فيه، ولهذا نحن نعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يصلِّ صلاة الاستخارة في الغزو إذا أراد الغزو، ولا يصلِّي صلاة الاستخارة حين أراد الحج، ولا يصلِّي صلاة الاستخارة إذا أراد أن يصلِّي، ولا يصلِّي صلاة الاستخارة إذا أراد أن يعِظَ الناس، أبداً! فهذا ليس على عمومه، بل المراد: إذا هَمَّ بأمر وتردد فيه.

    أخذ الدم للتحاليل لا ينقض الصيام

    السؤال: ذهبتُ إلى المستشفى فاشترطوا أخذ الدم للتحليل خلال الصيام فهل هذا ينقض الصيام؟

    الجواب: أخذ الدم للتحليل لا يضر الصائم شيئاً؛ لأنه ليس بمعنى الحجامة، والأصل صحة الصوم، وكذلك قلع الضرس، لا يؤثر على الصوم؛ ولكنه إذا قلع ضرسه لا يبتلع الدم؛ لأن الدم حرام كما قرأناه قبل قليل، وكذلك لو أرعف أنفُه فإنه لا يضره شيء، وكذلك لو انجرح شيء من بدنه، فإنه لا يضره؛ ولو كثر الدم؛ لأن ذلك بغير اختياره.

    حكم صرف الرجل زكاته لأخته الأرملة الفقيرة

    السؤال: هذا رجل عنده أخت متزوجة وزوجها متوفَّى عنها، وهي مقيمة في بيت زوجها وعلى ماله، فهل يجوز صرف زكاة أخيها إليها، مع العلم أن لها وارثاً وهي بنتٌ واحدة؟

    الجواب: إذا كانت هذه فقيرة فإنه يجوز أن يَدفع إليها من الزكاة ما تقوم به كفايتها؛ إلا إذا كان يستطيع أن ينفق عليها فإنه يجب عليه الإنفاق بقدر استطاعته، فإذا أنفق عليها استغنت بإنفاقه عن الزكاة.

    حكم بيع التلفاز

    السؤال: فضيلة الشيخ! أنا امرأة أشاهد التلفاز؛ ولكن هداني الله ولله الحمد، فهل يجوز بيعه، أي: هذا الجهاز؟

    الجواب: بيع التلفاز لا يجوز؛ إلا إذا بعته من شخص يغلب على ظنك أنه يستعمله في شيء حلال، مثل: أن تبيعه على شخص يستعمله في الأخبار، أو شخص يستعمله في الفيديو الحلال، فهذا لا بأس به، وأما أن تبيعه على عامة الناس، فمن المعلوم أن عامة الناس يستعملون هذا الجهاز في أشياء مُحَرَّمة.

    والقاعدة الشرعية: أنه لا يجوز أن يبيع الإنسان شيئاً على شخص يغلب على ظنه أنه يستعمله في شيء مُحَرَّم؛ لأن هذا من باب التعاون على الإثم والعدوان، فإذا جاء شخص يريد أن يشتري هذا الجهاز يعرفه البائع وأنه لم يستعمله في المُحَرَّم فلا بأس من بيعه.

    الصلاة لا تسقط بأي حال من الأحوال

    السؤال: يوجد في المستشفى مريض له ستة أشهر ولم يصلِّ؛ حيث لا يستطيع، وكذلك الصيام، ما هو العمل لأداء الصلاة والصوم عنه؟ وجزاك الله خيراً.

    الجواب: أما الصلاة فلا أظن أحداً لا يستطيعها؛ لأن الصلاة يجب أن يصلي الإنسان قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنب؛ يومئ برأسه، فإن لم يستطع أومأ بعينه، ولا يومئ بالإصبع كما يفعله العامة؛ فإن هذا لا أصل له، فإن عجز عن الإيماء بالعين صلى بقلبه، يعني: كبَّر وقرأ يعني: الفاتحة بعد الاستفتاح، ثم كبَّر ونوى أنه ركع، وقال: سبحان ربي العظيم، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ونوى أنه رفع، فيصلي بالنية، فإن كان ليس له وعي، فإن الصلاة في هذه الحال تسقط عنه؛ لأنه غير مميِّز.

    أما الصوم فإنه إن استطاع أن يصوم صام، وإن لم يستطع فإنه يُنْظَر إن كان مرضُه يُرجى برؤه، انْتُظِر حتى يُشْفَى فيصوم، وإن كان لا يُرجى برؤه: فإنه يُطْعَم عنه عن كل يوم مسكين.

    حكم الذهاب إلى الكاهن أو الساحر لفك السحر

    السؤال: هذا سؤال طويل، فحواه: أن امرأة زوجها قد أصيب بالسحر، فهل يجوز لها أن تذهب إلى كاهن أو ساحر ليَفُكَّ سحرَه عنه؟

    الجواب: أولاً: قد يَتَوَهَّم بعضُ الناس أن الإصابة هذه بسحر وليس كذلك، فأسباب الأمراض كثيرة لا تنحصر في السحر؛ قد تكون سحراً، وقد تكون عيناً، وقد تكون مرضاً ليس له سبب، أو له سبب غير معلوم لنا.

    لكن على كل حال إذا تحققنا أنه سحر فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله: هل يجوز أن يُحَلَّ السحر بسحر للضرورة؟ أو لا يجوز؟ وفي هذا قولان في مذهب الإمام أحمد رحمه الله، وإذا استفتَتْ إنساناً فأفتاها بما يرى، وهي واثقة من فتواه فلتعمل بها.

    كيفية مدارسة القرآن في رمضان

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما هي صورة مدارسة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم في رمضان للقرآن؟ وهل يدل على أن الاجتماع أفضل من الانفراد على القرآن؟ وهل هناك مزية لليل على النهار في المدارسة؟ نرجو التوضيح! وجزاكم الله خيراً؟

    الجواب: نعم. أما كيفية المدارسة فلا أعلم كيفيتها.

    وأما هل المستحب أن يجتمع الناس على القرآن أو أن يقرأ كل إنسان بانفراده؟ فهذه ترجع إلى الإنسان نفسه، إن كان إذا اجتمع إلى إخوانه وتدارسوا القرآن صار أخشع لقلبه وأنفع في علمه فالاجتماع أفضل، يعني: إذا كان إذا اجتمعوا صار هناك حضور قلب، وخشوع، وتدبر للقرآن، وتساؤل فيما بينهم؛ مناقشة في معناه، فهذا أفضل، وإن كان الأمر بالعكس فالإفراد أفضل.

    وأما مدارسة جبريل للنبي عليه الصلاة والسلام فهو من أجل تثبيت القرآن بقلب النبي صلى الله عليه وسلم.

    وأما الفقرة الثالثة في السؤال، وهو: هل لليل مزية في دراسة القرآن؟ نعم، فدراسة القرآن في الليل لها مزية؛ لكن الإنسان قد يكون له أشغال في الليل مثلاً، أو لا يستطيع أن يدرس في الليل، ويجعل أكثر دراسته في النهار، أو بالعكس، فالإنسان ينظر ما هو أنفع له؛ لعموم قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (احرص على ما ينفعك) فما كان أنفع لك إذا لم يكن محظوراً شرعاً فأنت تلجأ إليه أحسن، أو فإن لجوءك إليه أحسن.

    حكم لبس (دبلة) الخطوبة

    السؤال: وهذه سائلة تسأل عن حكم (دبلة) الزواج! هل يجوز للمرأة لبسها أم لا؟

    الجواب: (الدبلة) إذا كانت مصحوبة باعتقاد، فهي حرام بلا شك، وعلامة كونها مصحوبة باعتقاد: أن بعض الناس يكتب اسم الزوج على دبلة زوجته، واسم الزوجة على دبلة الزوج، وهذا يدل على أن هناك عقيدة، وأن كون اسم زوجته بيده واسمه بيد زوجته، معناه: الاقتران، ولهذا إذا قلنا لبعض الناس الذين عليهم دبل من الذهب: هذا حرام، ويجب خلعها، قالوا: إني إذا خلعتُه تزعل الزوجة، نعم، هذا يدل على أن هناك عقيدة.

    فإذا كان لبسها مصحوباً بعقيدة فلا شك أنه حرام.

    وإذا لم يكن به عقيدة فقد يقال: إنه حرام؛ لأن أصله من النصارى، فيكون منشؤه منشأً محرَّماً، وفيه تَشَبُّه.

    وقد يقال: إنه لما شاع بين المسلمين صار غير خاص بالنصارى، فيكون من جنس الألبسة التي تكون أصلها عند غير المسلمين، ثم تشيع فيهم وفي المسلمين، فيزول التَّشَبُّه.

    ولا شك أن عدمها أولى فيما أرى.

    حكم استخدام المال العام في المنفعة الشخصية

    السؤال: فضيلة الشيخ! أحبك في الله، السؤال: تمر علينا في مكاتب الدولة -حيث أننا موظفون- بعضُ الأمور التي نتحرَّج منها؛ ولكن الناس غير حريصين على السؤال عنها، فما الحكم في هذه الأمور، مثاله: استخدام آلات تصوير الأوراق، واستخدام الهاتف، والخروج أثناء الدوام، والتأخر في الحضور، والانصراف مبكرين، ومجاملة بعض الموظفين الذين تحت رئاستنا، والكثير الكثير، أفتونا مأجورين؟!

    الجواب: أولاً: أسأل الله الذي أحببتنا فيه أن يجعلنا وإياك وإخواننا من أحباب الله.

    أما بالنسبة لما ذكره من المسائل: فمن المعلوم أن الأصل في المال الذي بين أيدينا للدولة، الأصل أنه محرم، وأنه لا يجوز لنا أن نستعمله في المسائل الخاصة بنا، فآلة التصوير -مثلاً- لا نستعملها في الأشياء التي من خصائصنا، أما إذا كان من مصلحة العمل، فالأمر واضح أنه جائز.

    وأما استخدام الهاتف فالظاهر أن الدولة تسمح به إذا كان في داخل البلد، بدليل أنها نزعت (الصِّفْرَ) منه، ونَزْعُها (الصِّفْرَ) يدل على أمرين:

    الأول: على منع الاتصال الخارجي.

    الثاني: وعلى جواز الاتصال الداخلي.

    فيكون هذا جائز.

    وأما استعمال أوراق الدولة فهذا لا شك أنه حرام إذا استعملتَه في الأشياء الخاصة، أما إذا استعملته في أشياء من مصلحة العمل فلا بأس به.

    وأما التأخر في الحضور، أو التقدم في الخروج، فهو أيضاً حرام، ويُعتبر سرقة وقتٍ مملوك لغيرك، فكما أنك لا ترضى أن ينقص راتبك ولو شيئاً قليلاً، فلا يجوز لك أن ترضى أن تُنْقِص وقت الدولة ولا تهتم به.

    وأما مجاملة من تحت أيديهم فهذا يُنظَر فيه، إن جاملوه في أمر لهم فيه سعة، فلا بأس، وإن جاملوه في أمر ليس لهم فيه سعة، فإن ذلك لا يجوز، مثال ذلك: لو جاملت الذين تحت يدك في تقديم شخص غيره أحق منه، مثل: هذه المعاملات عندك مكدَّسة، جاءك إنسان من الموظفين عندك، وأخرج من أسفل المعاملات معاملة صديق له، وقال: انظر فيها، فقدمتَها على غيرها، فهذا لا يجوز؛ لأن الله قال: وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ [النساء:58] وأما إذا لم يترتب عليه، أي: على مجاملة من تحت يدك شيء من المحرمات، فلا بأس بالمجاملة؛ لأن المجاملة من الأخلاق الحسنة إذا لم تكن على حساب الدين، أو على حساب الغير.

    حكم الدم الخارج من المرأة بسبب عملية جراحية

    السؤال: امرأة بعد إجراء عملية جراحية لازمها خروج الدم، ويزيد مع الحركة، فما الحكم في صومها وغُسلها؟

    الجواب: نعم. لقد بيَّن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل هذا الدم بياناً شافياً كافياً، فقال عليه الصلاة والسلام في المستحاضة: (إنما ذلكِ دم عرق) وهذا يدل على أن كل دم يخرج من المرأة من العروق ليس له حكم الحيض، فهذا الدم الذي خرج من العملية بالنسبة لهذه المرأة ليس بحيض قطعاً؛ لأنه خرج بسبب العملية، وعلى هذا فلا يلزمها غسل من أجله، ولا يمنعها من صوم، ولا صلاة، ولا معاشرة زوج؛ لأن ذلك ليس بحيض، وكذلك لو كان في المرأة قرحة في رحمها يخرج منها الدم، فإن ذلك لا يمنع من صيام، ولا صلاة، ولا معاشرة زوج، ولا يوجِب الغسل، وذلك لأنه دم عرق، والرسول عليه الصلاة والسلام قال كلمة واضحة بيِّنة، فكل ما كان سببه غير الدم الطبيعي فإنه ليس بحيض.

    السائل: إذا لم تميز بين الدم الخارج بسبب العملية ودم الحيض؟

    الشيخ: إذا لم تميز بينهما، فإنها أولاً: تجلس أيام عادتها، إذا كان الدم الذي يخرج من العملية ويخرج من الحيض مستمراً، كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فإن نسيت عادتها، فإنها تجلس غالب الحيض ستة أيام أو سبعة، من أول كل شهر.

    حكم رفع اليدين في دعاء القنوت وتقبيلها بعد الدعاء

    السؤال: ما حكم رفع اليدين في دعاء القنوت؟ ومسح الوجه وتقبيلهما بعد الانتهاء من ذلك الدعاء؟

    الجواب: أما رفع اليدين في دعاء القنوت فهو صحيح، ثبت عن عمر وبعض الصحابة رضي الله عنهم، كـأبي هريرة .

    وأما مسح الوجه بعد انتهاء الدعاء فليس بسنة، لا في القنوت ولا في غير القنوت.

    وأما تقبيلهما فهو أيضاً أبعد وأبعد من السنة، فلا يشرع للإنسان إذا مسح وجهه بعد الانتهاء من الدعاء أن يقبل يديه.

    فالرفع -إذاً- سنة، والمسح والتقبيل ليسا بسنة؛ لكن المسح وردت فيه أحاديث ضعيفة، وأما التقبيل فلم يرد فيه حديث، لا صحيح ولا ضعيف.

    حكم التصدق بعمل ولائم في مجتمعات غير فقيرة

    السؤال: ما حكم الذبائح في رمضان التي تصنع منها الولائم وهي ما تسمى بعشاء الوالدين، وهل هي أفضل من التصدق بالمال أم بما يحب الناس من الأرزاق وغيرها؟ أفيدونا أفادكم الله؟

    الجواب: عشاء الوالدين تسمية حديثة، وأصلها أن الناس فيما سبق فيهم إعواز، وفيهم فقر، ويفرحون بالطعام، إذا حصل لهم، ومن المعلوم أن رمضان من أفضل أوقات الصدقة فكان الناس يحرصون على أن يطعموا الطعام في رمضان، فيصنعون طعاماً للفقراء، يأتون ويتعشون ويحصل في هذا خير كثير.

    أما في الوقت الحاضر فمن المعلوم أن الطعام الآن -ولله الحمد- يستغني عنه أكثر الناس، بل أحياناً تدعو الناس أن يأتوا للطعام ولا يجيبك أحد؛ لأن كل واحد مستغنٍ ولله الحمد، ففائدة الطعام الآن قليلة، فلو أنه صُرف هذا الذي يُنفق في الطعام، صُرف دراهم للفقراء لكان أنفع وأفيد وأفضل.

    وأما ما يفعله بعض الناس الآن وهي حادثة أيضاً حديثة، أنهم يصنعون كل يوم ولائم، ويذبحون الذبائح، ويقولون: هذه عِشوة، فهذه إذا قصدوا بها التقرب فهي بدعة بلا شك؛ لأن هذا ليس من عادة السلف، والذبح لا يكون قربة إلا في الأضاحي والهدي إلى البيت الحرام والعقيقة، أما رمضان ما فيه ذبح، فيه ذبح للأكل، ما هو ذبح ليتقرب به الإنسان إلى الله عزَّ وجلَّ، وهذه مسألة سمعتُ الآن أنه يجتمع الناس من الحارة، يجعلونها كل ليلة عند واحد، ذبيحة أو ذبيحتان، فهي في الحقيقة ولائم وليست صدقات، ويحصل فيها من إتلاف الأموال وإضاعتها ما هو معلوم.

    ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشدنا إلى أن ندعو للأموات، ونجعل العمل لنا، الأعمال الصالحة اجعلها لنفسك، صلاة.. قراءة قرآن.. صدقات، اجعلها لنفسك، واجعل الميت له الدعاء، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له).

    والعجيب أن بعض الناس إذا تصدق لنفسه، يكون في إخلاصه ورجاء الثواب أضعف مما إذا تصدق عن ميت! تجده إذا تصدق عن الميت يشعر بأنه سيثاب على ذلك، ويشعر بأن هذا فيه قربة، وإذا تصدق عن نفسه صار أضعف عنده، وهذا لا شك من الجهل.

    فأنت يا أخي! انفع نفسك، واجعل لأمواتك الدعاء، هذا هو المشهور.

    حكم الذبائح بالصعق الكهربائي

    السؤال: طريقة الذبح بالصعق الكهربائي قبل استعمال السكين، سواءً كان من المسلمين، أم من أهل الكتاب؟

    الجواب: يقول هذا: طريقة الذبح بالصعق الكهربائي، هل هو حلال أو حرام؟

    نقول: أما إذا اقتُصِر على الصعق بالكهرباء حتى ماتت فهي حرام؛ لأنها وقيذ؛ موقوذة.

    وأما إذا كان تُصعق ثم تُذبح ويخرج الدم قبل أن تموت، فالذبيحة حلال؛ لكن الصعق فيه أذية لها، وفيه تعذيب، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة).

    لكن قالوا لي: إنهم كانوا يستعملونه في البقر والشيء الكبير الذي يعجزون عن طرحه، فيضربونه بشيء يصعق به، حتى يُغمى عليه، ثم يذبحونه، فإذا كانوا لا يقدرون عليه إلا على هذا الوجه صار حلالاً، أما إذا كان يمكن أن يُذبح بدون الصعق فالصعق لا شك أنه أذية، وأنه خلاف ما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام من إحسان الذبح.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755980022