إسلام ويب

أيها الشاب! حاول وأنت الحكم [الحلقة الأولى]للشيخ : سعد البريك

  •  التفريغ النصي الكامل
  • هذه المحاضرة نداء إلى كل شاب يريد الجنة، ففي هذه المحاضرة يحذر الشيخ من قرناء السوء، ويوضح كيف يتأثر الإنسان بمن حوله من الجلساء والقرناء. والشيخ يدعو إلى شد العزائم في الوصول إلى الهدف الأسمى وهو مرضاة الله جل وعلا، فمن عزم على التوبة فعليه بترك كل ما يتعلق بالمعصية، فهذا فوزي الغزالي يحطم مصنعاً للأعواد الوترية ويحطم جميع الأدوات الموسيقية. كما بين لنا أسلوب أعداء الله في إغواء الشباب باستدراجهم إلى المعصية خطوة خطوة، ثم بعد ذلك انتقل إلى بيان أن السعادة والعزة تكون بطاعة الله جل وعلا.

    1.   

    التأثر بالواقع

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أما بعد..

    أيها الأحبة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مراراً وتكراراً وأولاً وآخراً، وأسأل الله جل وعلا أن يجعلني وإياكم ممن استعمله الله في طاعته.

    أسأل الله جل وعلا ألا يجعلنا وإياكم وقوداً لجهنم، أو حطباً لنارها، أسأل الله جل وعلا أن يجعل لكل واحدٍ منكم في هذا المسجد من كل همٍ فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ومن كل بلوىً عافيةً، ومن كل فاحشةٍ أمناً، ومن كل فتنةٍ عصمةً.

    شباب الإسلام: شباب الأمة! والله إن آمالنا ما انقطعت في واحد من الشباب أياً كان وضعه، وأياً كانت حاله، وبالذات أنتم، لأنكم شباب فطرة، ولأنكم شباب عقيدة، ولأنكم شباب أمةٍ كانت خير أمة، ولا تزال أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر.

    أيها الأحبة: نريد أن نبعد عن الرسميات كثيراً، اعتبروا أن الأساتذة والمشرفين والإداريين غير موجودين، وألا يوجد في هذا المكان إلا أنا وأنتم، ولنتحدث بصراحة تامة، وليكن الحديث بيني وبينكم من القلب إلى القلب، لا تجعلوها محاضرةً رسمية تملؤها العبارات الرنانة، والفصاحة زادت أو قلت، لا. بل أريد أن تجعلوه لقاءً أخوياً، مثل ما قال أحد الدعاة جزاه الله خيراً: فقد كان ذاهباً إلى المعهد الملكي، ودخل على مجموعة من الشباب ينصحهم، فقال: يا شباب! القلوب (مكربنة) فقال واحد من الشباب: أسرع بها على الخط يا شيخ.

    فأنا أريد- تعرفون إذا (كربن الموتر) تسرع به على الخط ويصفى بإذن الله- فالشباب من عاداتهم الصراحة، ومن عادتهم الصدق، ومن عادتهم حب البعد عن التكلف والرسميات، ولذلك أريد ألا ننشغل، أريد -أيها الأحبة- أن نكون صرحاء صادقين فيما بيني وبينكم.

    أولاً: هذه المحاضرة كم تمنيت أن آتي لألقاكم وأتشرف بالجلوس معكم.

    وثانياً: فإن أحد الأساتذة -وهذه المحاضرة من عجائب الرؤى والأحلام- أخبرني قريبٌ لي وهو يدرس معكم، قال: إن الأستاذ فلاناً رآك في المنام، وقال: يا أخي! قلنا لك: تعال أعطنا محاضرة، وقلنا لك: تعال امش معنا، وقلنا: تعال أعطنا درساً، فلما أخبرني قريبـي بهذا الكلام، قلت له: قد جعلت رؤياك حقا، وهذا تأويلها بإذن الله جل وعلا، مع أن بعض الناس لا يُقبل كلامه في الحلم والعلم سوياً، الحاصل نريد أن نبدأها بكل صراحة وصدق.

    إخواني! القاعدة الأولى: ألا نيأس من أي شاب، فحينما أقول: أي شاب، أعني أي واحد منكم، أو ألا نظن أننا يمكن أن نستفيد من هذا، ولا نستفيد من هذا، أو هذا إنسان ما فيه فائدة، أو شخص على هامش الحياة، أو تصايد- على ما قالوا- على هامش الحياة، وهذا شخص نافع، لا. فالجميع فيه نفعٌ وفيه خير، وكل شاب ترونه عنده مواهب، وعنده طاقات، ولكن إذا جلس في بيئة ومع صحبة ومع إخوان يسخرون مواهبه وطاقاته لله ولأجل الله ولدين الله، كان داعيةً من الدعاة، وإن سخروا مواهبه لأمر آخر، كان منتجاً علماً بارزاً في هذا الجانب الآخر، وأضرب لكم أمثلة:

    الإنسان يتأثر بقرنائه

    حينما أجلس مع بعض الشباب مثلاً: وهم ممن تجد عندهم عناية بالحمام والطيور، ويعرفون أنواع الحمام يقول لك: هذا كويتي، يمسك المنقار وينظر إليه، وينظر في عيونه، ويقلب الريش، ويقول: هذا كويتي ممتاز، أو يأخذ طيراً ثانياً ويرجعه ثانية (يهوز ويغلط) قال: هذا يغلط في الصندقة مرتين، وفي الخيط ثلاث، وإذا بقيت تحومه أبشر بواحد ينفعك بإذن الله، (والطبة والطبتين)، تأتي لك برزق هذا عندما يأتي يبيع الحمام.

    وأنا أسألكم هذا الشاب الذي أصبح مثقفاً وفاهماً وواعياً في أمور الحمام، هذه أمور ربما بعض علماء الأحياء يحتاج زمناً حتى يدرسها، فهذا الشاب عرفها وفقهها، ويقول لك: لاحظ إذا أردت الحمامة أو الطير هذا ألا يطير من عندك، أنصحك أن تضع له في الماء سكراً، فلن يتعدى الصندقة أبداً بعد ذلك، لو تبيعه يرجع لك، وبذلك تجد الذين يبيعون الحمام تجاراً، عنده فقد أربع حمامات، يبيعها وترجع، ويبيعها وترجع، وهلم جراً.

    الحاصل: هذا الشاب من أين أخذ هذه المعلومات عن الحمام؟ وهذا بلجيكي، وهذا بصراوي، وهذا تحومه بعسيب، وهذا يريد له علباً، وهلم جراً، من أين أتت واجتمعت هذه المعلومات لهذا الشاب؟ من أين جاءت؟ هل أمه ولدته في صندقة من أجل يصبح فقيهاً من فقهاء الحمام والطيور؟، لا. فهو مولود في مستشفى الولادة، وكيف صار فقيهاً من فقهاء الحمام؟ جلس مع مجموعة شباب، وأصبح يراقب تصرفاتهم، وكيف يمسكون المنقار، وكيف يطالعون العين، كيف يفرون الريش، كيف يصفون الجناح ... وهلم جراً.

    فالإنسان بالاختلاط والمخالطة والمجالسة يكسب معلومات من الآخرين، وهذا أمر طبيعي، تجد عالماً كفيفاً، هل يستطيع أن يكتب؟ لا. هل يستطيع أن يقرأ؟ لا. ومع ذلك تجده عالماً من كبار العلماء، من أين جاء العلم؟ بالجلوس والاستماع، فهذا الشاب جلس واستمع لمجموعة من الشباب الذين يعتبرون من فقهاء الحمام والأرانب والبط والدجاج، ولذلك تلقى عندهم معلومات جيدة.

    وأنتقل بكم أيضاً إلى مجموعة من الشباب فأنت مثلاً تمسك يده وتمشي معه، ثم فترة يلتفت عنك وينظر، ويقول لك: (هذا سوبر مسحب واحد وتسعين ومشحم ومجنط) من أين جاءت هذه المعلومات؟ صحيح أي: هل أمه ولدته في ورشة؟ أو هو مولود في التشليح؟ لا. إذاً كيف عرف أن هذا (مسحب) أو أن هذا (مرفع كعكات) أو أن هذا مقدم الصدامات قليلاً، أو أن هذا وضع كيسين من الرمل في الوراء، أو إذا كان واضع (ليورات قاعد يلعب) مثل: مرة كنت في السيارة أمشي وإذا شاب معه سيارة يرقص بها، كيف استطاع أن يفعل هذا؟

    ومن أين عرفها؟ من خلال مجموعة شباب -أصدقاء وجلساء كان كل اهتمامهم السيارات، (والتشحيم والتجنيط) ... وهلم جراً، وتجد شاباً آخر من يوم أن يمسك الجريدة ويطالع فيها، في الصفحة العاشرة والحادية عشرة يقول لك: لا يهمك، هذا الحكم ما فيه خير، والدليل على ذلك أنه ما حسب لهم الفاول، وأكبر دليل على ذلك أن اللاعب تسلل، وتغاضى عنه كأنه ما رآه ... وهلم جراً، وتلقاه يعارض وبعد ذلك (هذا ما سنتر في الثمانية عشر) وما تعدى، ورقم خمسة اللاعب فلان، والظهير، والخانة الحرة، والظهير الأيمن، والدفاع والحارس، أي: معلومات رهيبة جداً، ومتى الدوري، ومتى الاعتزال، ومتى الحفل، ومتى دوري الأربعة ودوري الثمانية القبضة، ومباراة الكأس متى؟ وماذا تتوقع؟ وكيف كانت خطة الفريق؟ وهدءوا اللعب قليلاً؟!

    الله أكبر تجد هذا يعطيك تحليلاً للمباراة مثل ما يأتي شوار سكوف عندما يحلل معركة الخليج، تجد هذا الشاب يقف في درجة أولى يحلل لك اللعب، بدأ اللعب كذا، وانتهى كذا، هدئ في المنطقة الفلانية، قوي في المنطقة الفلانية، الفريق الفلاني مهدف بشدة من على هذه الجهة، وتجد عنده تحليلاً ومعلومات رهيبة جداً، وهذا هل أمه ولدته في الملعب؟! لا. وإنما خالط شباباً كان جل اهتمامهم الرياضة، ومن ثم أصبحت معلوماته وثقافته رياضية ... وهلم جراً.

    بعض الشباب -وظني وثقتي بالله ثم بكم أن ليس فيكم واحد منهم- بعض الشباب تلقاه مسكيناً عيناه صفراء، وحالته حالة، وإذا فتشت مخبأه لقيت حبوباً صفراء أو حمراء، يقول لك: (هذه سيكونال، هذه ملف شقراء، هذه تقظيم) وإنسان ما لقيت شيئاً ينصحك (شفط باتكس) إذا ما لقيت أحداً يبيعك، الشكوى على الله!!

    إذا لم تكن إلا الأسنة مركـبٌ     فما حيلة المضطر إلا ركوبها

    ما لقينا أحداً يروج اليوم، فما لنا إلا (باتكس ...) وهذا الشاب من أين عرف أنواع المخدرات، هل أخذ دورة في كلية الصيدلة؟ أو درس الطب والعلوم الطبية المساعدة؟! لا: لكن اختلط بمجموعة شباب يقولون له دائماً: ما رأيك أن تجرب هذه يا فلان؟ وما رأيك أن تضع معها الشاي؟ ما رأيك أن تضعها في الإبريق ... وهلم جراً، مثل مجموعة شباب من أصحاب المخدرات -نسأل الله لهم الهداية- زاروا واحداً، ويوم أن ذهب قاموا ووضعوا في الإبريق مخدرات، فجاء هذا المسكين وشرب من هذا الإبريق، وبعد ذلك قام يقول: فلانة! أعطيني الفاروع أعدل الدرج.

    هذا الشاب -يا إخوان- من أين عرف الحبوب والكابتاجون والسيكونال والحبوب الحمراء والصفراء والبيضاء، والشم والحقن؟ من أين عرفها؟ هذا ليس عنده شهادة في الطب، ولا في الصيدلة، لكن عرفها من خلال جلساء سوء رويداً رويداً، بدءوا يعطونه السيجارة، ثم حبة، ثم مع الشاي، ثم حقنة، ثم أصبح مدمناً، ثم أصبح مروجاً ... وهلم جراً.

    إذاً القاعدة الأولى التي نخرج بها أن الإنسان يحدد نفسه في الوسط الذي يعيش فيه، أي: اختر أنت، تريد أن تكون (عربجيا) اقعد مع شلة (عرابجة) تريد أن تكون عالماً، اقعد مع العلماء، تريد أن تكون راعي طيور ودجاج وحمام، اجلس في الزربة، أينما تريد ضع نفسك.

    أي: اجلس في المكان الذي يحدد نوعيتك وشكلك، وهذا أمر واضح يا إخوان، والإنسان شديد التأثر والملاحظة.

    البهائم تؤثر فيمن حولها

    البهيمة تتأثر مع أنها ليست بمستوى التركيز في التقليد والملاحظة والتأثر، ومع ذلك تجد البهيمة لو تأتي بصقر مع دجاج، تجد هذا الصقر أصبح يأخذ طبيعة الدجاج.

    ويقال: إن ملكاً من الملوك أُهدي له صقر رائع جداً جداً (أم شيهان وإلا حر وإلا وكري) المهم أنه أهدي له صقر ممتاز، وكان عنده وزير، وكان وزيره هذا عنده ذكاء وفطنة وفراسة، قال: تعال ياوزير، ما رأيك بهذا الصقر الذي أهدي إلينا؟ قال: أيها الملك! هذا الصقر ممتاز جداً جداً، لكنه تربى مع دجاج، فعجب الملك وسكت، وبعد أيام أهدي إلى الملك حصان، فنادى الوزير، قال: تعال وانظر هذا الحصان وجيء من الإسطبل وهو منظف من أحسن ما يكون، ما رأيك فيه؟ قال: هذا الحصان ممتاز، لكنه متربٍ مع بقر، فسكت الملك، والقصة طويلة، وفي يوم من الأيام لقط الملك هذا الوزير بجرابه، وقال تعالى: صقر ربي مع دجاج، وحصان ربي مع بقر، من أين أتيت لي بهذه المعلومات؟ ما يدريك؟

    قال: أيها الملك! أما الصقور: فالعادة جرت أنها تقع على قمم الجبال، ولذلك الصقر لا يمشي على الأرض، يوضع له شيء من أجل أن يمشي عليه، لكن لا يجلس على الأرض أبداً، لكن هذا الصقر يوم وضعناه، جلس بجانب الدجاج وصف مثلها، وقام وأنزل رأسه في وسط صدره، قال: هذه ليست من طباع الصقور، فدل على أن هذا الصقر تربى مع دجاج، فأخذ صفاتها.

    الشيء الثاني: يوم أن جاءه الصقر وهو ينقر حباً، من الذي ينقر في الأرض؟ هذه من صفات الدجاج، أما الصقور، فالعادة جرت أنها تنقض على الفريسة، أرنب أو حمامة أو أي شيء آخر، تنقض عليه وتأتي به، فمن أين تأثر هذا الصقر إلا بالمخالطة، أي: بهيمة لما خالطت بهيمة تأثرت بها من حيث لا تشعر.

    وكيف عرفت أن الحصان تربى مع البقر؟ قال: لأن الخيل دائماً لها وقفة معينة، ومن ثم إذا جاءت تتنظف، تجد الحصان ينظف جسمه بمقدم أسنانه، يلتفت، وتجده يحك الموقع الذي يريده من جسمه بمقدم أسنانه، أو يقف عند الجدار، وربما يحك منطقةً ما تصل إليها أسنانه، لكن هذا الحصان من يوم رأيته وهو مثل البقرة يلحس جسده.

    فالحاصل: يا شباب البهائم تتأثر بمن تخالط، أتظنون أنني وأنتم لو نخالط أناساً ما نتأثر بهم، والله سوف نتأثر بهم، ولذلك القاعدة الأولى: إذا شئت أن تجعل نفسك من فصيلة، فخالط أربابها وأصنافها، تريد أن تكون من فصيلة العلماء خالط العلماء، من فصيلة الدعاة؟ خالط الدعاة، من فصيلة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، خالطهم، من فصيلة أهل الحراج والسيارات خالطهم ... وهلم جراً، الإنسان يحدد موقعه ونفسه من أي شيء.

    1.   

    من الجنون استعمال الجوارح في غير ما خلقت له

    الأمر الثاني: ولو خرجنا عن هذه النقطة بعيداً، أسألكم وأنتم تجيبون، حاول وأنت الحكم كما في عنوان المحاضرة: أتوا بواحد إلى اختبار عقلي يسألونه، قالوا له: لماذا خلق الله الآذان؟ فأخذ يفكر، قال: من أجل أن نعلق عليها النظارات، وهذا أمر عجيب، قالوا: الأسلاك الكهربائية لماذا تمد هكذا طولاً هوائياً؟ فأخذ يفكر، قال: نعم من أجل أن تجلس عليها العصافير في الصباح.

    هذا مجنون؛ لأنه لا يعرف الحكمة التي من أجلها خُلق، أو وجد، أو صنع هذا الشيء، لو أتينا لإنسان وقلنا له: اشرب، قال: باسم الله، وصب الماء في عينه، ماذا تفعل؟ قال: أشرب، ما هذا الفم الجديد الذي ظهر لك فوق؟! فهذا أكيد أنه يكون من المجانين، وتجد آخر يريد أن يأكل شيئاً، وأخذ يحشو أنفه أكلاً، نقول: هذا والله أيضاً مجنون من المجانين، لماذا؟ لأنه يستعمل العين في غير ما خلقت له، العين للنظر، يستعملها للشرب، هذا مجنون يستخدم الحاسة في غير ما خلقت له، الأنف للشم يستخدمه للأكل! مجنون، أحد الناس أعطاه أوراقاً، أو أعطاه معاملة، قال: سأوصلها إلى المدير، باسم الله، ووضعها في فمه، هل يظن أن الفم أصبح جيباً؟! لا يمكن، أي: الذي يستخدم الشيء لغير ما خلق له، مجنون، هل توافقوني على هذا، أم لا؟!

    هذا البدن ابتداءً من الرأس وانتهاءً بالأقدام خلق لماذا؟ خلق لعبادة الله، فالذي يجعل بدنه لغير العبادة مجنون، أم لا؟ إذاً هو من المجانين، مع أن بعض المجانين تخرج منهم فلتات طيبة أحياناً، يذكرون أن رجلاً جاء مسرعاً بالسيارة، فسقط الإطار (والصواميل) تناثرت، فأخرج الإطار الاحتياطي يريد أن يركبه -على الأقل- حتى يوصله، لكن ما عنده (صواميل) فكلها قد وقعت وتكسرت، وكان هناك رجل واقف في مبنى مقاربٍ له ويطل عليه -المبنى هذا مستشفى المجانين- وهذا المجنون واقف ينظر إليه من أعلى، فقال المجنون لصاحب السيارة: لماذا تقف حائراً؟ قال: والله -يا أخي- وقع الإطار وانكسرت (الصواميل)، ولا أدري ماذا أفعل، قال: ألم تستطع أن تصلحه؟ قال: لا. لأني لا أملك (صواميل) قال المجنون: يا أخي! خذ من كل إطار (صامولة) وركب الإطار، قال: والله إنك ممتاز، من أين أتيت بهذه المعلومات؟ قال: هذه دار مجانين، وليست دار أغبياء.

    فالحاصل أن بعض المجانين قد تحصل منهم فلتات عقل، لكن المشكلة من شبابنا الذين الواحد منهم أي: إذا كنا أنا وأنت نحكم ونجزم بأن الذي يستخدم العين لغير ما خلقت له، ويستخدم الأنف لغير ما خلق له، مجنون، فما بالك بمن استخدم الجسم كله لغير ما خلق له، أنت -يا فلان- جسمك هذا ما عملك فيه؟ والله أبشرك اهتمامه (بريك دنس) وأنت ما هو اهتمامك؟ اهتمامه (السامري) وأنت ما هو اهتمامك؟ اهتمامه (روكي) أو (جاز) أو (بوني إم) أو (ديسكو) سبحان الله! أهذا الجسم خلق لعبادة الله، أم خلق للرقص واللهو والطرب والغفلة؟!

    من هنا -أيها الشباب- ينبغي أن نفهم جيداً أن الإنسان أول ما يحتاج إليه أن يعرف أنه خُلق لعبادة الله وحده لا شريك له، ولذلك الله جل وعلا قال: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] أين العبادة عند كثير من الشباب؟ في الأغاني؟ أين العبادة عند كثير من الشباب؟ في اللهو، والتدخين، وترك الصلاة، والعبث بالسيارات، والمعاكسة، و(نطل) الأرقام؟! رأيت من مدة كرت بطاقة شبه البطاقة الرسمية أو مثل كرت الزيارة، مكتوب عليه: يُرجى من النساء الجميلات مساعدة حامل هذه البطاقة، جمعية المعذبين قسم العشق، وخلف البطاقة -أي: من أجل أن أقول لك إلى أي درجة شبابنا أبدعوا في الانحدار، بعض الشباب أبدعوا في البعد عن طاعة الله، أبدعوا في الوقوع في معصية الله، تفننوا في ألوان اللهو والغفلة- وخلف البطاقة مكتوب: الاسم: محتار فيكِ، محل الالتقاء: لحظة التقاء عيني بعينيكِ، السكن -أظنه والله المقصفة- مكتوب: عالم أحلامنا الفسيح، الأمنية: الالتقاء بكِ، الله، الله، الله!! شبابنا إلى هذه الدرجة وقع بهم الأمر! شبابٌ آباؤهم وأجدادهم من العلماء الفاتحين من السلف الصالح من التابعين، من الصحابة، أهؤلاء يقعون في هذه المنزلقات؟!!

    يا إخوان! من هنا نبدأ حاول وأنت الحكم، وأقصد بذلك أول ما تجد في كثير من شبابنا إما أن تجد عنده انحرافاً، أو تجد عنده معصية، أو تجده متساهلاً بالمعاصي .. تدخين .. معاكسات .. مغازلة بنات .. لف ودوران في الأسواق .. اختلاس .. عبث .. مخدرات .. ملاهي .. أغاني، وأشياء كثيرة، من أين جاءه هذا الانحراف وجعله يستمر فيه؟ جاءه الشيطان، وقال له: انظر (يا أبو الليد) -على ما قالوا- قال له: أنت تأمل أن تكون إنساناً محترماً في المجتمع، لا تفكر بهذا الشيء، لكن ابحث لك عن قليل (عرابجة) وصادقهم، وأمل من الله خيراً.

    بهذا الأسلوب الصريح يأتي الشيطان، ويقول للشباب: أنت تريد أن تكون مع الدعاة؟! أنت تريد أن تكون ملتزماً؟! يأتيك الشيطان ويتحداك، وإذا جاء الواحد يريد أن يصلي، جلس الشيطان على صدره، قال: اجلس ما أنت بكفء للمساجد، ابق في اللعب والرقص وغيرها، نعم: الشيطان يتحدى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ [فاطر:6] والعدو يتحدى: فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6].

    1.   

    أخي الشاب لا ترضَ بالدون

    فيا شباب: بعض الشباب تلقاه ماسكاً السيجارة يدخن وما له نفس في التدخين، لماذا؟ لأن الشيطان أتى إليه، وقال له: أنت لست بكفءٍ في شيء، أنت إنسان تافه، أنت حقير، وسافل، وساقط، الأفضل لك أن تذهب وتنظر لك شلة ساقطة واجلس معها، ومن هنا فعلاً تجد بعض شبابنا -الله يستر عليهم- إذا أتى بعد العصر، لبس (ترنك وفنيلة) ووضع العصابة الحمراء على رأسه، اقتداءً برامبو وليس بـأبي محجن الثقفي ، ويجلس في السيارة، ومعه شباب يضع يداً على عجلة القيادة ويداً على الباب مع تلك الشلة الفاسدة.

    وكل يوم ترى من شبابنا العجائب، والله مرة رأيت شاباً ليس بعيداً من أعماركم، ومعه سيجارة، وكنت خارجاً من سوبر ماركت، شعرت بأنه قد روي تدخيناً، وأصبح هالكاً بسببها، ماسكها ومرة تذهب يميناً، ومرة تذهب شمالاً، لا يعرف يمسك السيجارة، المهم أتيت له وقلت له: يا أخي الحبيب! يا أخي الغالي! (يا الحبيب!) والله إن هذه السيجارة ما هي بكفء أنها تلمس شفتيك التي تنطق بلا إله إلا الله، هذه السيجارة النجسة هذه والله ليست بكفء أن تقف على فمك الذي ينطق بالوحدانية وشهادة أن لا إله إلا الله.

    يا أخي الحبيب: أنت إنسان كرمك الله، أبوك وجدك آدم أسجد الله الملائكة له: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا [البقرة:34] أي: أبونا آدم من كرامتنا على الله أن الله جعل الملائكة تسجد له: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً [الإسراء:70]، أي: الله فضلنا، ونحن نختار الهوان.

    الله أكرمنا ونحن نختار السفالة، لماذا؟ لأن كثيراً من شبابنا يظن أنه لا يُفلح، ولا ينفع شيئاً أبداً.

    كل شاب يستطيع أن يكون في مقدمة الركب

    إذا أردتم أن أقنعكم وأبرهن، وأثبت لكم أن شبابنا بفضل الله -وأنتم منهم- فيهم خير عظيم، اسألوني عما رأيت في أفغانستان ، رأيت شباباً قادوا ودخلوا معارك ضد الشيوعيين، أحدهم يحلف بالله، يقول: لم يكن لي هم إلا الطماطم والبيض، وإذا رأيت سيارة فيها عمال ضربت الطماط أو البيض في زجاجها، فيظل السائق يذهب يميناً ويذهب يساراً إلى أن يقف، أي: شقاوة، طبعاً فلا تطبقوها هذه بعيدة عنكم إن شاء الله، لكن أقول لك: من شقاوته ما كان له هم، فلما جاءه أحد إخوانه الدعاة إلى الله، وقال له: يا أخي الحبيب! الله خلقك من أجل أن تشتري بيضاً وتكسرها في وجوه الناس؟ أو خلقك من أجل أن تأخذ هذه الطماطم، وتضعها على زجاج السيارات؟ أو خلقك من أجل أن تعاكس وتغازل؟ ثم أهداه كتيباً ثم فتح الله قلبه للجهاد وسافر إلى أفغانستان ، وأصبح قائداً من قادات المجاهدين.

    وهذا الشاب بيده ذبح عدداً من الشيوعيين على الطريقة الإسلامية، وقديماً كان من أهل المخدرات، وقديماً كان من أهل الفساد، أي: لا يأتيك الشيطان يقول: أنت الآن سيئ لا خير فيك ... إلخ لا أمل فيك أن تستقيم، أو أن تكون داعية، أو قائداً، أو مجاهداً؟! لا. اترك هذه الظنون، وهذا العبث الشيطاني الذي يزخرف لك، لكن حاول، وامش خطوة إلى الأمام، وستجد نفسك قادراً، لا تقل: لا أستطيع، حاول، لا تقل: لا أعرف، جرب، وستجد النتيجة وأنت الحكم.

    شابٌ آخر يحدثني أحد المشايخ، وكان معي ذات مرة في رحلة في أفغانستان، يقول: شباب ذاهبون إلى جبهة من جبهات القتال، فوجدت شاباً يسبقونه وهو ينتفض، فقلت له: لماذا لا تمشي معهم؟ لماذا أنت متأخر عن القافلة؟ قال: أسأل الله أن يغفر لي ويتوب عليّ، أنا وضعي لا يسمح لي أن أمشي بسرعة، ويتلهج ويتزفر زفرات وأنات وآهات، قال له: لماذا يا أخي؟ قال له: والله كنت في سجون الأمل، كنت في المخدرات، ليس هناك نوع من أنواعها إلا فعلته وجربته، ولما منَّ الله عليَّ وتبت، ما وجدت مجالاً أستطيع أن أنشغل فيه عن جلساء السوء إلا الجهاد في سبيل الله، فذهبت أجاهد في سبيل الله حتى يتوب الله عليّ، وحتى أبتعد عن قرناء السوء، قال: فقلت الله أكبر بالأمس كان في سجون المخدرات، والآن على قمم الهندكوش في أفغانستان.

    هل استطاع الشيطان أن يحقق آماله أمام هذه العزيمة؟ لا. لقد فشل إبليس، فشل الشيطان أمام شاب كانت عزيمته أن يتوب إلى الله، وأن يعود إلى الله.

    يا إخواني! انظروا الذين ساروا في طريق الفن والطرب، منهم من مات على سوء، ولا حول ولا قوة إلا بالله! ومنهم من تداركته الرحمة فتاب قبل أن يموت، تعرفون فهد بن سعيد أبو خالد كما يقول:

    الموت حق وكلنا ذا يقينه     مير البلى من ذاق موتاً ولا مات

    الله أكبر! العزلة يا أبا خالد! زرته في السجن في سجن الحائر، كيف الحال يا أخ فهد ؟ قال: والله إني أحمد الله على الساعة التي وجدت في هذا المكان، لماذا؟ هل هناك من يحمد الله على السجن؟ قال: نعم. لأني لو استمريت على ما أنا فيه، مت كموت الحمير، بهذه العبارة.

    وفي كتيب أحضرته هديةً لكم اسمه، للشباب فقط، وستجدون في آخر الكتاب، فهد بن سعيد يتكلم أو يعترف، هي رسالة صغيرة جداً ما تأخذ منكم شيئاً، خذوا الكتاب واقرءوه، لتسمعوا اعترافات الفنانين المطربين وغيرهم، وجاءنا ذات يوم الأخ فهد بنفسه في المسجد، وألقى كلمة، قلت له: تفضل أعط كلمة، قال: أنا لست بخطيب، وما أعرف، قلت: لا أريد كلمة فصيحة أريد كلمة لشباب الحي يعرفون أن الإنسان يمكن أن يعود إلى الله، ليس من أمسك عوداً انحرف إلى جهنم وساءت مصيراً، من أكل حبة مخدرات، انحرف إلى جهنم وساءت مصيراً، لا.

    إن باب التوبة مفتوح حتى وإن فعل الفاحشة، حتى وإن وقع في اللواط حتى وإن شرب الدخان، حتى وإن أكل المخدرات، إذا تاب وعاد إلى الله عودةً صادقةً، فإن الله يقبل منه، فالأخ فهد قام وصلى معنا العشاء، وبعد الصلاة وقف، وقال: يا إخوان! أنا أخوكم في الله فهد بن سعيد كنت فناناً وكنت مطرباً، وتبت إلى الله، وأسأل الله أن يتوب عليَّ، ولي طلب واحد منكم، ما هو؟ طلبي أن من كان عنده شريط للفنان فهد بن سعيد أن يتوب إلى الله ويمسحه ويضع عليه خطبة، أو محاضرة، أو أناشيد إسلامية، أو شيئاً بعيداً عن المعصية.

    أي: إذاً لا يتوقع الواحد أنه إذا وقع في شيء يصعب عليه أو مستحيل أن يتوب منه، لا. مثلما يقول لك: شاب مرة في الحارة قديماً كنت ماشياً وهو جالس يدخن، قلت: يا يوسف ! هذا وأنت ولد حمولة؟! قال: لا أستطيع أن أتركه.

    والظاهر أنه يحمل السيجارة بالمقلوب، لم يدخن سيجارتين، ويقول: لا أقدر على تركها، فالشيطان يغرس ويعمق، ويجعل في قلبك أنك إذا وقعت في شيء لا تستطيع أن تتركه، فالدخان لا أقدر على تركه، والفاحشة لا أقدر على تركها، لا أصبر عنها، مخدرات! لا أقدر أن أتركها، غناء! لا أستطيع تركها، ما هذا الكلام؟!

    إذا أوجدت العزيمة بلغت الهدف

    أنا أعطيكم سؤالاً الآن: كثير من الشباب الذين يدخنون وغالبيتهم يصومون رمضان أم لا؟ الإجابة يصومون شهر رمضان، صحيح بعضهم لا يصوم، لكن هذا ليس بذنب التدخين، تجد عنده ذنوباً أخرى، لكن الذين يدخنون الكثير منهم يصومون رمضان؛ لأن عنده عزيمة وإرادة قلب على أن يمسك عن الطعام والشراب من الفجر إلى المغرب، فهل يأتيه الشيطان الظهر، يقول له: خذ سيجارة؟ لا. حتى وإن كان يدخن، لأن عنده عزيمة وإرادة، أي: الطريق مقفول ومغلق أمام الشيطان أن يأتيه من الفجر إلى المغرب، ليس هناك أمل أن يأكل أو يشرب أو يدخن، لماذا؟ لأن عزيمته عزمت اتباعاً للصيام ألا يذوق طعاماً، ولا شراباً، ولا غير ذلك منذ الفجر إلى المغرب، دل هذا على أن الإنسان إذا عزم على شيء عزيمة قوية استطاع أن ينشغل عن التدخين واستطاع أن يتركه، لكن في الأيام الأخرى، يقول: لا أقدر على تركه، ليس بصحيح، تأتيه في يومٍ من أيام الفطر، ومن أيام شوال، أو أي شهر وتقول له: يا أخي! لماذا تدخن؟ يقول: لا أقدر على تركه.

    ما الذي جعلك تتوقف عنه من الفجر إلى المغرب في رمضان؟ نعم. لأن عندك عزيمة جادة صادقة ألا تأكل ولا تذوق طعاماً، ولا شراباً، ولا حراماً، ولا غير ذلك.

    إذاً أيها الأحبة! لا يمكن أن نصدق مسألة أن الإنسان لا يقدر على ترك المعصية، هذا ليس بصحيح أبداً، قضية أنك لا تقدر.

    1.   

    إذا أردت التوبة فتخلص من أدوات المعصية

    والله تعظيماً لله في بيت الله اتصل بي شاب قبل أيام، قال: فلان؟ قلت: نعم. قال: يا شيخ! معك وقت تسمع مني؟، قلت له: معي وقت تفضل، قال: والله أنا مبتلى باللواط، ولا أقدر على تركه، وكلما توقفت عنه، رجعت إليه مرة ثانية، وعندي مجلات وأفلام خليعة، وعندي، وعندي، وأنا أريد أن أتوب، وأنا أريد أن أستقيم، قلت له: أنت جاد، أو هذا عبارة عن توسيع لصدرك في هذه المكالمة؟، قال: والله إني جاد، وأنا أريد أن أتوب يا شيخ، قلت له: الآن أبشر، والحمد لله أن الله جل وعلا ما قبض روحك وتوفاك وأن تفعل الفاحشة.

    ما هو شعوركم -يا إخوان- لو أن هذا الشاب الذي يتكلم جاءت الملائكة وقبضت روحه وهو يفعل الفاحشة بآخر؟ أو ما شعوركم لو أن الملائكة قبضت روحه وهو تحت وطأة السكر والمخدرات؟ أو ما شعوركم لو قبضت الملائكة روحه وهو رافع لصوت مسجل السيارة على آخر موسيقى غربية، أو صوت مايكل جاكسون ، وما صلى ولا أطاع الله ذاك اليوم، ثم مات على شر حالة؟ كيف يكون حاله؟: (يبعث الناس يوم القيامة على ما ماتوا عليه).

    إذا مت ساجداً، تبعث يوم القيامة ساجداً، إذا مت ملبياً في الحج، تبعث يوم القيامة ملبياً، تقول: لبيك اللهم لبيك، إذا مت شهيداً، تبعث يوم القيامة شهيداً، جرحك ينـزف دماً، اللون لون دم، والريح ريح مسك، والذي يموت مرابياً، يبعث مرابياً، يتخبطه الربا: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ [البقرة:275].

    الذي يموت سكراناً يبعث كذلك، والذي يموت زانياً، يبعث على حاله، والذي يموت على لواطٍ، يبعث على حاله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فقلت له: يا أخي! أولاً: احمد الله أن الله ما قبض روحك وأنت تفعل الفاحشة، الشيء الثاني: إذا كنت جاداً وتريد أن تتوب إلى الله، تعال أنا أخوك في الله والله أستر عليك، ولا أحد يعرف عنك شيئاً، تعال عندي، وائتني بأشرطتك، وائتني بمجلاتك، ونذهب نحرقها وندفنها في مكان لا أحد يعرف أين مكانها، وتتوب إلى الله، وتصلي ركعتين، وأصلي أيضاً أنا، وأدعو الله لك، وأنت تدعو، وتستغفر الله، وتعاهد الله ألا تعود إلى اللواط، وإلى الفواحش، وإلى هذه الأمور كلها.

    قال: ما أقدر يا شيخ مهلاً، سبحان الله العظيم! كيف مهلاً؟ تريد أن تتوب وأنت صادق جاد، تعال، هات أشرطتك، وهات الذي عندك، وتب إلى الله، لقد كان سليمان بن داود عليه السلام معجباً ومغرماً بالخيل: إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ [ص:31] الصافنات: الخيل الأصيلة، عرضت عليه بالعشي: فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ [ص:32]. يعني: الشمس غابت وفاتت الصلاة، ماذا فعل؟ هل قال: مهلاً؟ لا. قال: رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ [ص:33] ائتوني بالخيل مرة ثانية، وأخذ السيف وعقرها عقراً وذبحها، ودعا الفقراء يأكلونها -يجوز أكل لحم الخيل- لأنها أشغلته عن طاعة الله، وهي مباحة نحرها لوجه الله.

    قصة محمد فوزي الغزالي وتحطيمه لمصنع القيثار (الأعواد)

    وهذا شاب نقول له: تعال أقبل على الله، تب إلى الله جل وعلا، يقول: لا يا شيخ مهلاً مهلاً، فقلت: لله در أحد الشباب في جدة ، وهذا الشاب تعرفونه أو بعضكم يسمع به، هذا اسمه محمد فوزي الغزالي ، هذا صاحب بيت العود السعودي، العود ليس عود الطيب، عود أبو اثنى عشر وتراً مزدوج، أو مفرد الذي تريد، المهم هذا الشاب عنده مصنع كامل لصناعة العود، وتعليم العزف على الآلات الموسيقية (الكمنجة والمرواس، والمخافيج والطيران).

    هذا الرجل عنده مصنع للآلات الموسيقية، فجاء من ينصحه، والرجل كان في نفسه كراهية إلى هذا الأمر، فلما تاب إلى الله ماذا فعل؟ وهذا الكلام نشر في الجريدة، وحضر جمع من العلماء، وصور بالفيديو ولعلنا نرسل للأستاذ شريط الفيديو وتجتمعون وترون هذا الفنان؛ لأنه عازف على العود على مستوى كبير، ومع ذلك تاب إلى الله، وجمع جميع الأعواد التي عنده، أتاني بصور، صلى معي التراويح في شهر رمضان، وأراني الصور، صور الأعواد التي ينتجها، نوع من أنواع العود بثلاثة وخمسين ألف ريال مطعم بالعاج، وأنواع أخرى، وآلات موسيقية، أتوا بها كلها جمعوها في سيارة، وذهبوا بها في جدة وكسروها وصبوا عليها البنـزين وأحرقوها.

    وهو يقول: اللهم تب عليّ، اللهم تب عليّ، اللهم تب عليّ، انظروا يا إخوان الإقبال على الله سبحانه وتعالى، التوبة الصادقة التي فعلاً ما تجعل الإنسان يتردد، اقلع، وإن لم تقلع، سيأتيك يوم لا حول ولا قوة إلا بالله تتمنى أنك تبت، فلا استطعت، زوروا، وأرجو من الأستاذ أن يزور بكم مستشفى النقاهة، ما هو مستشفى النقاهة؟ شباب في عمر الورود، ولكن في لحظة من لحظات الغفلة، أصابه شيء ليس كلهم، بل بعضهم صار له حادث ربما خرج ذاك اليوم ما صلى الفجر، كانت الموسيقى ترتفع، ربما كان ذاهباً إلى الفاحشة، ربما كان راجعاً من الفاحشة، وأصابه الحادث، وفي موقع بسيط في آخر الظهر حساس جداً إذا ضرب فيه الإنسان يصيبه شلل كامل، فتأتي إليهم تجد الواحد متمدداً على الفراش، ويكلمك بإشارات، الله أكبر أين الشباب؟ أين النشاط؟ أين العنفوان؟ أين الحيوية؟ أين القوة؟ في لحظة يقع حادث.

    أحد الناس قطع الإشارة، وتصادم هو وسيارة، وذهب بشلل رباعي، وهذا قد انتهى وضعه، لا حول ولا قوة إلا بالله! الإنسان لا يأمل، أو يطيل الأمل، أو يسرف في الأمل وهو على معصية، لا. اتق الله، وتب إلى الله جل وعلا، وانتبه قبل أن يفاجئك الأمل.

    1.   

    هذه هي نتيجة السخرية بآيات الله

    إياكم والاستهزاء أو السخرية.

    رجل عنده أموال، ولكنه -والعياذ بالله- مولع بفاحشة اللواط، ومولع بأمور كثيرة مما لا ينبغي ذكرها الآن، ما الذي يحصل، يقول يستهزئ، يقول: إن الله يقول: وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:10]، أي: الذي معه زينة ويخفيها، خاب -والعياذ بالله- والله يا إخواني بعد هذه الكلمة أصابه سرطان في كل جسمه خلال ثمانٍ وأربعين ساعة، مع أن السرطان في العادة يأتي في موقع ويأخذ أسابيع، ثم يزداد قليلاً، ثم أسابيع، ثم يزداد قليلاً، لكن لأنه استهزأ على معصية، وفوق المعصية استهزاء ولا حول ولا قوة إلا بالله! استهزأ بهذه الآية، وجعلها في أمر اللواط الذي شُغف به، فهو الآن على فراشه، بعد أن كان وزنه ثمانين كيلو من العافية والطول والعرض والنشاط، وزنه الآن خمسة وثلاثون كيلو، تأخذه بثوبك.

    1.   

    متى التوبة يا عباد الله؟

    إذاً: يا أحباب! متى نتوب إلى الله؟ متى نقبل على الله؟ ألا يكفيناً لهواً؟! ألا يكفيناً عبثاً؟! سمعنا من الأغاني ما الله به عليم، نبيل شعيل، عبد الله الرويشد، بشير شنان، وابن سعيد والرابع والخامس والعاشر، ثم يوم القيامة إذا سئلت: يا عبدي ماذا قدمت؟ ماذا تقول؟ يا رب! حفظت أربع أغانٍ لـنبيل شعيل، أو يا رب! غيـبت أربع أغانٍ لـطلال مداح ، أو يا رب! غيبت كذا لفلان، هل تسرك هذه الأغاني عند الله جل وعلا؟

    في الدنيا لا تسرك، هل من الممكن الآن أن يصعد واحد من الشباب على هذه المنضدة، ويسمعنا أغنية لفلان أو علان، هل يرضى أن يغني أمامكم؟ لا. لأنه يعرف أنه لا يغني أمام الرجال إلا إنسان مخنث.

    نعم. الذي يرضى أن يتراقص ويهتز ويطرب، هكذا أمام الرجال، هذا ناقص الرجولة، لا يرضى، لكن لو نقول: فلان تعال اقرأ قول الله جل وعلا: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255].. قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً [الزمر:53] جاء ووقف بكل عزة وبكل فخر ووقف بطوله وصدح: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وأخذ يتلو.

    إذاً القرآن عز، والدين كرامة، والاستقامة شرف، وأما الانحراف، فهو خزي وعار ومذلة، ولا حول ولا قوة إلا بالله! فأسألكم يا شباب: هل هناك شيء يردكم ويمنعكم من أن تكونوا في عداد الصالحين؟ لو فكرنا، لوجدنا أن عندنا ذنوباً محدودة: سماع ملاهي، ربما تساهل بالصلوات، ربما وقوع في بعض المعاصي، القضية تريد إرادة قوية، فإذا جاء أصحاب السوء وجلساء السوء: يا فلان! اذهب معنا، يقول: لا والله، تريدون أن تتوبوا إلى الله، وتستقيموا إلى الله، وتمضوا على نهج الله، فأهلاً ومرحباً وحيهلاً، أما أن تريدونا أن نذهب ونرمي أرقاماً أو (نجعص)، أو (نجدع)، أو (جمس بند) أو (إحدى عشر)، أو (اثنان وعشرون) أو (تفحيط)، هذه والله ليست عندنا.

    فحينئذٍ تدخل في سجل التاريخ، الدنيا مليئة بالبشر، لكن من الذي يعد من البشر؟ داعية، عالم، آمر بالمعروف، إمام عادل، عالم عامل، رجل نافع، هؤلاء يعدون، وينفع الله بهم.

    إذا ما مات ذو علمٍ وتقى     فقد ثلمت من الإسلام ثلمة

    وموت الحاكم العدل المـولى     بحكم الأرض منقصة ونقمة

    وموت فتىً كثير الجود مـحلٌ     فإن بقاءه خصبٌ ونعمة

    وموت العابد القوام ليلاً     يناجي ربه في كل ظلمة

    وموت الفارس الضرغام الشجاع     هدمٌ فكم شهدت له بالنصر عزمة

    فحسبك خمسةٌ يُبكى عليهـم     وباقي الناس تخفيفٌ ورحمة

    وباقي الخلق همجٌ رعاعٌ     وفي إيجادهم لله حكمة

    يا شباب! هل أنتم من الرعاع، أم أنتم من الأفذاذ والأبطال والرجال؟ أحسبكم وأتمنى وأرجو أن نكون وإياكم من الرجال الذين تفتخر بهم الأمة.

    يا شباب! فليصارح كل واحد منكم نفسه، ماذا لو توفاني الله اليوم أو غداً؟ بماذا أقابل الله؟ يا شباب! فليصارح كل واحد نفسه، حينما توضع في قبرك، ماذا ترجو من أعمالك؟ يوم تقف بين يدي الله، ماذا تقول لله جل وعلا؟

    يا عبدي! ألم أخلق لك عينين؟ هل نظرت بهما في ملكوت السماء؟ هل تدبرت في خلق الله، أم أطلقت عينك في المسلسلات والأفلام والمجلات؟

    يا عبدي! خلقت لك أذنين تسمع بهما الحق، ونداء الحق، والأذان والخير، فلماذا سخرت هذه الأذن في سماع الأغاني والملاهي والمزامير؟ جعلت لك يداً ورجلاً، ماذا فعلت بها؟ مشيت بها إلى الحرام أم مشيت بها إلى المسجد؟

    1.   

    أسلوب أعدائنا في إغواء شبابنا

    يا شبابنا! إننا والله خُدعنا، أنا أقول هذا الكلام -والشباب الذين انحرفوا لم يخلقوا خبثاء خلقة، ولا انحرفوا خلقة، لا. لكن نتيجةً؛ لأن الشر جاءه رويداً رويداً.

    فلو آتي بشاب فاسق مجرم، فأمسكه وأضربه عشرة كفوف، وأربط يديه ورجليه، أقول: تذهب إلى المسجد أحرق رجليك، هل يوافق، أو لا يوافق؟ لا يرضى حتى ولو كان فاجراً فاسقاً؛ ما عاد لنا إلا المساجد يردوننا عنها، وتلقاه لا لا يحافظ على الصلاة، ولكن لأن التحدي جاء مواجهة ومباشرة، فلما تحديناه، وقلنا: لا تصلِّ، قال: أصلي غماً عنك، ويذهب يصلي بدون أن يتوضأ عناداً.

    يقولون عن شخص أنه جلس يصلي يوماً ورأى أناساً ينظرون إليه، ويتقن الصلاة ويخشع، قالوا: الله أكبر! انظروا فلان هذا خاشع، قال: هذا وأنا بدون وضوء.

    الحاصل يا إخوان! هذا الشاب بالقوة تعانده لا يقبل أبداً، تجره إلى المسجد، يرفسك برجله، وإلا يعطيك (ماي جيري) أو (جدنبراي يسار)، ويدخل المسجد رغماً عنك.

    وإذا قلنا: كم عندكم في المسجد أبواب؟ عندنا ثلاثة أبواب، قلنا: سوف نوسع لك المسجد، ونضع زيادة أبواب، لكن هذا فيلم هندي خذ اسمعه بعد صلاة العصر بساعة، وتلقى هذا الفيلم الهندي يشد هذا المسكين، ويقعد كل لحظة يصيح، وبطل الفيلم ما لقى أمه، ويظل يتابع هذا الفيلم، يؤذن المغرب فيقال له: حان وقت الصلاة، فيرد ويقول: يا أخي! خلينا ننظر هل لقي أمه أم لا. المؤذن يؤذن، يصلون، وهذا ما ذهب إلى الصلاة، تقام الصلاة، ينتهون من الصلاة، يؤذن العشاء، تُقام صلاة العشاء، يخرجون من الصلاة، ومع ذلك لا يتحرك حتى يصلي، وميكروفونات المسجد على آذانه.

    لاحظ لما ضاربناه وهاجمناه، وقلنا: لا تذهب تصلي، قال: أصلي رغماً عنك، لكن لما قلنا له: تفضل هذا المسجد ونفتح لك أبواباً في هذا المسجد زيادة، لكن تفضل انظر هذا الفيلم، يظل يتفرج، أم لا؟ إذاً نحن يا شباب قد غزينا فكرياً، هذا هو الذي يجعلنا ننقاد للمنكر، وننقاد إلى المعصية بطريقة خفية.

    الآن إذا أتينا إلى بنت من بنات المسلمين حينما نأتي ونلقاها في الشارع ونجر عباءتها ونجر (بشتها) ونقول: تبرجي وكوني سافرة، كوني منحرفة، كوني رقاصة، أترضى، أم لا؟ لا ترضى أبداً، لكن حينما نأتي لها بدعاية سلفكرين تلف شعرها يميناً يساراً دعاية، أو نأتي لها بالفتاة المتطورة، الفتاة ذات التطور والثقافة تقابل صديقها في الجامعة، وتجلس معه في (اللوكندة)، وتحاكيه في (الكازينو)، وتذهب معه، ويضرب لها بأبواق السيارة، فتخرج إليه وتصعد إلى السيارة.

    البنت المتحجبة التي داخل البيت تقول: أنا ما الذي ينقصني؟ الآن هذه تذهب مع زميلها في الجامعة، تنظر المسلسل في التليفزيون وتطبق، وهذه تلبس في أي وقت وتخرج، وتطل عليه، وتقول له: (هاي باي) وترمي عليه وردة، وتقول البنت هذه: صحيح، تقول: أنا ما الذي ينقصني؟ يعني: هذه تتمتع بالحرية وسعيدة، وأنا أجلس محرومة، لاحظوا كيف، فتبدأ البنت تريد الخروج، وتبدأ تخرج سراً، وتبدأ تضرب لها الأبواق (أبواق السيارة) فتخرج أو تقول له: دعنا في السوق، أو نتلاقى في المستشفى، طبعاً لأن أباها لا يرضى، ولا يأذن بذلك، فتبدأ تخطط لأساليب أخرى في حين أننا لو قلنا لها: تعالي لتكوني فاسقة، انحرفي تبرجي، كوني سافرة، ترفض ذلك، لكن نأتي لها بأشياء أمام عيونها، من أجل أن نقول: انظري المتطورة، وأنت متخلفة، انظري هذه حبيبها يرسل لها رسالة ومعها وردة، وأنتِ لو يرسلون لك رسالة، رجعوها بلعنة، هؤلاء جفاة ما عندهم مشاعر، ولا عواطف، وتبدأ البنت تضع مقارنة.

    1.   

    السعادة كل السعادة في طاعة الله

    فيا شباب: أنا وأنتم ليس فينا شر أصيل، نحن أبناء فطرة: (كل مولود يولد على الفطرة) ما فينا واحد خلق لكي يكون مطبلاً، أو رقاصاً، أو سافلاً، أو منحرفاً، لا. لكن جلساء السوء بالإضافة إلى الغزو الفكري، الغزو الفكري يا شباب: من خلال المجلة والصحيفة يجعلك تهتم بما ليس كفؤاً للاهتمام، وبما لا يستحق، أو ليس بجدير أن يهتم به، لذلك يا شباب! يا أحبابي! يا أبنائي! عودة إلى الله، توبة إلى الله جل وعلا، رجعة إلى الله، كم عرفنا من الشباب المنحرف الذين وقعوا في الفواحش وتابوا إلى الله، سألناهم: كيف وجدت لذة الحياة؟

    قال: والله ما وجدت اللذة إلا في طاعة الله سبحانه وتعالى، قبل ثلاثة أيام معي شاب أعرفه كنا في الحارة سواء، صديق طفولة، ثم تفارقنا، وهو -ما شاء الله- من أسرة ثرية، وأعرف عنه أنه دائماً يسافر إلى بريطانيا، كل دول أوروبا سافرها، وقابلته هذين اليومين، وقد أصبح ملتحياً، ومعه سيارة فخمة، قلت: يا أخي! بشر ما هي أخبارك؟ قال: والله يا سعد مرت علينا أيام كنت أصرف يومياً في بريطانيا ستة آلاف ريال، أي بنت يأتون بها، وأي شراب يأتون به، قلت: وماذا بعد؟

    قال: والله ما ذقت سعادة، ولا عرفت راحة، الراحة في طاعة الله .. في التوبة إلى الله .. في الرجوع إلى الله.

    1.   

    العزة كل العزة بالاستمساك بهذا الدين

    يا أحبابي: خذوها قاعدة: تريد أن تكون عزيزاً، تريد أن تكون شخصاً يعرفك الجيران بمشيك إلى المسجد .. بتبكيرك إلى الجماعة .. بجلوسك في المسجد للذكر والاستغفار، يعرفك الجيران في الأمور الخيرة؛ فكن ملتزماً مستقيماً، هل المفخرة أن الجيران يعرفون أنك إذا جاء الصبح، غسلت الإطارات بشاي من أجل أن تصبح سوداء؟ وهل المفخرة أن تشحم الجوانب؟! أم المفخرة أن تدور وتفحط في الشوارع؟! هذه كلها ليست بمفخرة، المفخرة أن تكون صادقاً مع الله، المفخرة أن تكون مستقيم القدرة والرجولة، أن الهوى يقول: اجلس اشرب، تقول: لا. افعل، لا. الرجولة أن تخالف هواك، وأن تعصي نفسك.

    والنفس كالطفل إن تهمله شب علـى     حب الرضاع وإن تفطمه ينفطمِ

    فخالف النفس والشيطان واعصهما          وإنهما ما حضاك النصح فافتهمِ

    ولا تطع منهما خصماً ولا حكماً     فأنت تعرف كيد الخصم والحكمِ

    هذا الكلام -يا إخوان- خذوه، واسمعوه، وستذكرون ما أقول لكم، والله ستذكرون هذا الكلام، فالإنسان لا يدري متى ينتهي عمره، لكن أسأل الله أن يمد في عمري وعمركم، وتذكروا هذا الكلام بعد عشر سنوات، هل تريد أن تستمر من الآن إلى خمس سنوات قادمة، إلى عشر سنوات قادمة على ما أنت عليه؟ لا والله، تريد أن تستمر على لهوك وضلالك وانحرافك ودخانك وغفلتك، ولا أخص أحداً بعينه، لكن أخاطب من وقع في هذا، هل تريد أن تستمر على هذا؟

    الناس يتطورون: الذي حفظ جزءاً، صار يحفظ أربعة، الذي عرف حديثاً، صار يحفظ عشرة، الذي قرأ كتاباً، صار ينتظم في حلقة علم، الذي كان يوماً عادياً، أصبح طالب علم، الإنسان الذي كان تافهاً وما له شغل، فتح له متجراً، أو ورشة، فتح له مخرطة..

    وبعد ذلك اعتبروا -يا إخوان- بأحوال الدنيا للآخرة منكم من يعرف هذا جيداً.

    في قسم الحدادة والحديد والتلحيم تعرفون شيئاً من ذلك، يوضع مع السيخ هذا الذي يقص الحديد قصاً، أسألك بالله هل جسمك يصبر على نار جهنم؟ لهب من النار مع مادة أخرى تضعه على الحديد، يقصه قصاً مثل ما تقص اللحم، هل جسمك يصبر على نار جهنم؟: إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً [الفرقان:12] الله أكبر! سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ * تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ [الملك:7-8] جهنم، يقال: إن الملائكة تمسكها تكاد تنقض على من كان عاصياً لله غافلاً عن طاعة الله سبحانه وتعالى.

    هل لك صبر على هذا؟ شاب ذهب يدرس في بريطانيا في دورة لحام، وكان يرى الحديد يُوضع في المنطقة هذه قوالب وأسياخ ويخرج مع الجهة الثانية يسيل مثل الماء، فانتفض جسمه مرة، قال: هذا الحديد الصلب جداً يدخل هكذا في نار الدنيا التي هي جزء من مائة جزء من نار الآخرة، يدخل هكذا قطعاً، ويخرج يسيل مثل الماء، فكيف بجسمي هل يصبر على نار جهنم؟

    هل سألت نفسك هل تصبر على نار جهنم يوم أنك تقول: لا أصبر على الدخان، أو لا أصبر عن المعصية، أو لا أصبر عن الفاحشة، أو لا أصبر عن الغفلة واللهو والطرب.

    هل سألتك نفسك: من الذي يجعل قبرك في نور؟ والله -يا أحباب- لا ينفعك إلا عملك الصالح.

    الآن مقبرة العوج رأيتم هذا البشت الجميل، وهذه البدلة الجميلة، الآن الواحد لو يأتي جرو -الله يعزكم- يريد أن يجلس على ثوبك، أو يجلس عندك أترضى؟ لا ترضى فهو نجاسة، لكن الآن إذا كان في مقبرة العوج، تخيل وأن تجلس على قبر أي واحد أكبر واحد في المقبرة وأصغر واحد في المقبرة الكلب يربض على قبره ويبول على قبره، أنت لابد أن تتخيل، درجة أولى سياحية خط عام فتختار الدرجة التي تريد أن تجلس فيها.

    أقول هذا الكلام؛ لأن حياتك ليست بشيء، الحياة الحقيقية هي حياة الدوام والسعادة، حياة الآخرة، أما الدنيا فحتى لو قُدر لك فيها الحياة، ماذا بعد ذلك؟ فجأة وتكون في عداد الأموات سواء الآن أو بعد الآن، ثم ما الذي ينفعك؟: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ [عبس:34].

    يوم القيامة لا أحد ينفع أحداً، تقول عائشة : (يا رسول الله! الرجال والنساء عراة ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: يا عائشة! الأمر أعظم وأكبر من ذلك) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ [عبس:34-36]. تذكر أمك تأتيك يوم القيامة تقول: يا ولدي! حملتك تسعة أشهر كُرهاً ووضعتك كرهاً وأزلت الأذى بيدي عنك، -تنظفك وتقلبك، وتتلذذ وهي تضحك، تبعد عنك الوسخ منك في طفولتك وأمك تضحك ما تكره هذا الشيء ولا تتقزز- وجعلت ثديي لك سقاءً، وجوفي لك حواءً، يا ولدي! حسنة، الموازين تطيش والصحف تتطاير، يا ولدي! حسنة أثقل بها ميزاني، فتقول أنت: أمي إليك عني إليك عني، لا أحد ينقذ أحداً، الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (يا فاطمة بنت محمد ! اسأليني من مالي ما شئت، لا أملك لكِ من الله شيئاً) يوم القيامة لا ينفع أحد أحداً: (اسأليني من مالي ما شئت، لا أملك لكِ من الله شيئاً) فأنت -يا أخي- تأتي أمك تقول: يا ولدي! حسنة، تقول: أنت يا أمي توكلي على الله.

    وقال كل خليلٍ كنت آمله     لا ألهينك إني عنك مشغول

    1.   

    النظرة الخاطئة للالتزام والملتزمين

    فيا أحبابي! هل نعود إلى الله؟ هل نتوب إلى الله؟ هل نجرب؟ حاول؟ افعل؟ خطوة إلى الأمام وستجد النتيجة، ستجد الراحة والطمأنينة، والسعادة، جلساء الخير، ثم إن الخير لا يكلفك، فبعض الناس يتوقع أنه إذا التزم وتاب واستقام بأن عليه الآتي.

    أولاً: يحتاج أن يذهب ويفصل ثوباً فوق الركبة.

    ثانياً: يحتاج أن يخرب المرزاب.

    ثالثاً: يضع الغترة هكذا.

    رابعاً: يأتي بمسواك طويل، ويتوقع أن الدين هكذا، كثير من الشباب الذين يجعلهم ينصرفون عن الاستقامة، ولا يلتزمون، يتصور أنه لابد أن يصير مُعقداً، إذا ضحك الناس لا يضحك، ولا يريد أن يبتسم معهم، يظنون أن الابتسامة -مثلما يقولون- عند المطاوعة حرام.

    واحد من الشباب يقول: كنا نلعب كرة مع شباب طيبين، كل واحد يأتي بفريقه، وعندنا شباك، ونظل نلعب بعد العصر، وربما شربنا الشاي إلى أن يبرد الوقت قليلاً، ولعبنا العصر، وبعد المغرب نقرأ في كتاب رياض الصالحين ، أو أحد الكتب النافعة، يقول: في يوم من الأيام، خرج معنا شاب قلنا له: تعال معنا، وعندما خرجنا وهو مستغرب مثل الذي سيدخل حديقة حيوانات، لا يعرف ما يقول، يقول: أتينا والوقت مصيف، قلنا: هيا يا شباب أعطونا الكرة والقوائم منصوبة والشباك جاهزة، يقول: والله قليلاً إلا وكل واحد لابس فنيلة وبدلته وحذاء اللعب ولعبنا الكرة، قال: يا أخي! الآن المطاوعة يلعبون كرة؟!! قال: نعم. وماذا ترى؟ ماذا تتوقع؟، قال: والله أحسبكم من يوم أن خرجتم إلى البر كل اثنين يقعدون ويصيحون، يعني: يتوقعون أن المطاوعة أناس معقدون جداً، بالعكس والله المزاح واللهو البريء والمرح، وإذا جاءت العبادة، والتبكير للصلاة، وإذا وقف الإنسان بين يدي الله، وقف وقفة الخاشع، وإذا جلس يُصلي تلذذ بالصلاة، وتجد الإيثار: فلان! ماذا تحتاج؟ فلان! ماذا تريد؟ تجد إخوانك يخدمونك في الله، يأتينا الشاب عنده مشكلة معينة، أول ما تنظر هل هو يصلي الفجر؟ هل هو شاب ملتزم؟ ما هي مشكلتك؟ مساعدة زواج؟ نساعدك، ما عندك؟ عليك مصيبة؟ ربما يساعدونه لا يريدون شيئاً، يريدون وجه الله جل وعلا، لماذا؟ لأننا نتفاضل فيما بيننا بالتقوى، الألوان والأجسام والطول والعرض والقبيلة والنسب والشرف، هذه كلها أضعها تحت رجلي، والله بعضنا يفضل بعضاً بالعبادة والتقوى، إن بلال بن رباح عبدٌ حبشي، يقول الرسول: (يا بلال! إني أسمع صوت نعليك في الجنة) وأبو لهب أشرف قريش: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ [المسد:1] في النار.

    الله أكبر! هذا الدين الذي يُشرفك لا بلونك ولا بطولك أو عرضك أو قبيلتك أو حسبك أو نسبك، بل يشرفك بالتقوى، يشرفك بالإقبال والإقدام على الله جل وعلا.

    1.   

    الحذر من قرناء السوء

    من هنا -أيها الإخوة- ينبغي أن نتدارك هذا الأمر، عودوا إلى الله، توبوا إلى الله، حاولوا أن تستقيموا، اتركوا المعصية، اتركوا المصيبة، وقرناء السوء قل له: أسألك بالله إذا جُعلت في قبري، ماذا تفعل لي؟ تدعو لي بظهر الغيب؟ تضحي عني؟ يوم القيامة هل أفتخر بك وأقول: يا رب! هذا أحبه في الله؟ لا. عرفتك في حمام، أو في صندقة، أو في سيارة، أو في دجاج، أو مصيبة، أو معصية، لكن المتحابين بجلال الله في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله (إن في يوم القيامة أناساً ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء بمنـزلتهم من الله، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: المتحابون في الله) ليسوا المتحابين في النصر والميدان، بل المتحابون في الله، إذا أحب بعضهم بعضاً في الله ولله، ولعبادة الله، نفعتهم هذه المحبة.

    أما إذا كانت الصداقة في الدنيا على المعصية والتقصير، فلا تنفع عند الله، أرجو أن يكون هذا الكلام رسالة صريحة من القلب إلى القلب، رسالة أخوية، وأتشرف بزيارة كل واحد منكم، وبرؤية كل واحد منكم عسى أن أتعرف عليه، يعرفني وأعرفه لتكون أخوة في الله ومحبة في الله وعوناً على التوبة وترك المعاصي إلى غير رجعة.

    أسأل الله أن يهديني وإياكم، اللهم ثبت هذه الوجوه، اللهم أصلحها، اللهم اهدها، اللهم حبب إليها الطاعة، وكره إليها المعصية.

    سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

    1.   

    الأسئلة

    شاب إذا خلا بمحارم الله انتهكها

    السؤال: فضيلة الشيخ/ سعد البريك حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    وبعد..

    أهلاً وسهلاً بك في لقاء الخير والمحبة، ومرحباً بك في هذا الصرح الشامخ مركز التدريب المهني الأول في الرياض، وبين أبنائك الطلبة، سؤالي هو: أعمل الصالحات دائماً، ولكن الشيطان يغلبني أحياناً في فعل بعض المعاصي، علماً أنني أنصح غيري بأن يتركوا مثل هذه المعاصي، اختصاراً: إذا خلوت بمحارم الله انتهكتها، فما توجيهكم لهذا؟

    الجواب: يا أحباب! ينبغي للمسلم أن يكون صادقاً مع الله في سره وعلنه، قال الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ [الصف:2-3] وفي الحديث: (إن رجالاً يأتون يوم القيامة بأعمالٍ وصلاةٍ وصيامٍ كالجبال يجعلها الله هباءً منثوراً، أما إنهم يصلون كما تصلون، ويصومون كما تصومون، ولهم من الليل مثل ما لكم -فارتاع الصحابة- قالوا: من هم يا رسول الله؟ صفهم؟ جلهم لنا؟، فقال: إنهم كانوا إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها) تلقى الواحد أمام الناس رجلاً، وإذا خلا -والعياذ بالله- بمحارم الله، وقع في المحارم من أولها إلى آخرها.

    فهذا يوم القيامة ربما تكون أعماله هباءً منثوراً، فينبغي للمسلم أن يصدق مع الله جل وعلا، ثم ماذا بعد ذلك؟ يا أخي! ما هذه المحرمات التي تغلبك؟ هل ضاق الحلال حتى لا تجد سبيلاً إلا في الحرام؟! أي: بعض الناس يقول لك: أشتهي أكل الخنـزير، أو أشرب الخمر! أليس هناك لحم؟ أليس هناك سمك؟ أليس هناك دجاج؟ أي: كل الطيبات والمباحات ضاقت نفسك بها ذرعاً، ولم تشته إلا الحرام، كل جميع أنواع العصيرات والفواكه الطازجة وغيرها، كلها ما اشتهتها نفسك، ولم تشته إلا هذا الحرام؟!

    كذلك بقية الأعمال، ثم يا شباب! أنصحكم -وهذا دليل الفحولة والرجولة- أنصحكم بالزواج: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة، فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج) ودعك من الكلام: أسس مستقبلاً، فما هذا المستقبل؟ أخاف أن أموت وما أسسته، إذا كان الشاب يجد في نفسه القوة والاندفاع، وتجده يكابد -دعونا نكون صريحين- إذا جاء في هذا الليل قام يتقلب، مرة الوسادة تحته .. مرة فوقه .. ومرة يمين .. ومرة يسار -والعياذ بالله- وتجده واقعاً في هذه العادة السرية، وعيونه -أعوذ بالله- في الأفلام الخليعة وفي المجلات، وفي صور النساء، وربما وقع في الفواحش، أو لواط، أو..؟ يا أخي الحبيب! لماذا لا تتزوج؟ يسر الله لك سبحانه وتعالى الزواج وتستتر وتغض بصرك، وتُحصِّن فرجك، وهذا خيرٌ لك، فأنت ربما لا أحد عرف عنك، أليس الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور؟ ما وجهك أمام الله جل وعلا وأنت تفعل هذه الفاحشة؟ أو إذا قُبض على الإنسان؟ تعرفون أن حد اللواط القتل، ولا حول ولا قوة إلا بالله! والمعاصي لا تأتي جميعاً.

    الآن الذي يريد أن يفعل فاحشة، هل من أول ما ينظر شيئاً يقوم فيخلع ثوبه ويفعل؟ لا. بل تأتي خطوة خطوة، نظرة فابتسامة، فالله جل وعلا قد أباح لي الزواج أتزوج، وهؤلاء الذين أشغلونا بقضية: وماذا تفعل؟ وكيف تصرف على الزوجة؟ إذا وجدت بنتاً من بنات المسلمين من جماعتك، تزوجها، والله يستر عليك وعليها، وكما في الحديث: (ثلاثة حقٌ على الله عونهم وذكر منهم: الناكح يريد العفاف) فإذا أعانك الله، هل ستكون فقيراً؟ لا. إذا أعانك الله، هل ستكون محتاجاً ذليلاً؟ لا.

    والله كم عرفت من الشباب كانوا فقراء مساكين، قيمة وقود (الدراجة النارية) لا توجد في جيبه، ناهيك عن وقود السيارة، ولما تزوج، فتح الله عليه الرزق، وفتح بيتاً، وأصبح معروفاً، ويولم، ويخالط وينفق ... لماذا؟ لأنه أراد أن يعف نفسه بالحلال، قال الإمام أحمد: يستدين ويقضي الله عنه.

    يا شباب! إذا كان الإنسان يعاني من مشكلة الجنس والغريزة الجنسية، بعض الشباب ما شاء الله تجد عنده قدرة، إذا وجد من نفسه بداية ميل للجنس، فوراً أخذ كتاباً وأخذ يقرأ، وأخذ يسمع محاضرة أو شريطاً، أو زار أخاً له في الله، أو ذهب إلى مكتبة خيرية في المسجد، أو ذهب إلى مكان يحاول أن يبعد نفسه، بعض الناس يقول: أنا دائماً مشغول بالجنس، وأنا مبتلى بالعادة السرية، وأنا وأنا وأنا وأنا، أنا أعطيك الجواب بسهولة، لماذا تبتلى بالعادة السرية؟ لأنك إذا جلست، غمضت عيونك، وفتحت عقلك وتتخيل رجلاً وامرأة، وتتخيل كذا، وتتخيل كذا، وتتخيل كذا، ثم نتيجة التخيل تشب، وتتأجج الغريزة، ثم لا يجد بعضهم لها طريقاً إلا العادة -والعياذ بالله- لكن الذي لا يحاول أن يتخيل، ويصرف نفسه عن هذا الأمر، ويحاول أن ينشغل عنه، بإذن الله جل وعلا يستطيع أن يسلك وأن يستمر دون الوقوع في هذا.

    فإذا وجدت نفسك تغالبك، فابحث وتزوج، وستجد من يزوجك بإذن الله جل وعلا بشرط ألا تتشرط، فعندما يأتون لك بواحدة، تقول: لا. هذه ضعيفة، فيأتون لك بأخرى، فتقول: هذه قصيرة لو تمشي على (مطب صناعي، حتت) فيأتون لك بأخرى، فتقول: هذه سمينة، لا يا أخي إذا أردت العفاف تزوج ولو أكبر منك بأربع سنوات، أو خمس سنوات، فما هو المانع؟ ألم يتزوج الرسول صلى الله عليه وسلم بـخديجة وعمرها أربعون سنة؟ إذاً ليس عيباً ما دام أنك تريد أن تكون عفيفاً سليماً من الزنا والفاحشة.

    حقيقة توبة فهد بن سعيد

    السؤال: هذا يتحدث عما ذكره الشيخ عن أبي خالد فهد بن سعيد ، يقول: كثير من الشباب والمعجبين بـفهد بن سعيد ، يقول: إذا تاب فهد بن سعيد، سوف نتوب، فإذاً الشيخ كما ذكر، هم يقولون كما يقول السائل: الآن تاب فهد ، فهل تاب هؤلاء؟ لم يتوبوا؟

    الجواب: بعض الناس لا يصدق، أنا أذكر كان عندي محاضرة في سجن المنطقة الشرقية في الدمام ، وكنت أضرب المثال لبعض المساجين، وقلت: والله فهد بن سعيد تاب إلى الله، قال أحد الناس: والله ما أصدق، ائت به حتى أنظر إليه. لا يصح أن أذهب أحنطه لك وأحضره إليك، هذا ليس بصحيح، لكن اسمع منه، واقرأ عنه، وانظر مقابلته في الجرائد، ونحن مستعدون يوماً من الأيام أن نأتي به إذا كان الشباب مستعدين.

    المخدرات وخطرها

    السؤال: يا شيخ! أحسن الله إليك إني مبتلىً في تعاطي المخدرات علماً أني قد تركتها ورجعت إليها، أرجو من سماحتكم إرشادي والدعوة لي بالهداية، وإرشادي بأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلها تكون رادعةً لي؟

    الجواب: يا أخي الكريم! المخدرات بدايتها شهوة، وآخرها مصيبة، وأعطيكم قصةً واقعيةً: كنت ذات يوم في المحكمة عند أحد القضاة (صديق لي) فجاءت امرأة عجوز كبيرة متلفلفة (ببشتها) وترددت، وذهبت ودخلت، وذهبت ودخلت، فسألت الشيخ، قلت: يا شيخ! هذه المرأة التي تتردد عليك وفي المكتب ما مشكلتها؟ قال: لا حول ولا قوة إلا بالله! قلت: ما صار عليها؟ قال: هذه كان عندها ولد يتعاطى المخدرات، وإذا سكر جاء عند أمه وقال: أعطيني فلوساً، أعطيني دراهم، ويبدأ يهددها، وتحت الخوف تقوم وتخرج مفتاح صندوقها وتفتح وتعطيه فلوساً، ومرة أخرى يأتي هذا الولد معه السكين: يا أماه! هي ظنت أنه يوم رأت السكين معه، قالت: تريد فلوس يا ولدي سأعطيك، سأعطيك، خائفة -وهذه نتيجة الخوف، إذا خافت الأم وخاف الأب على ولدهم، ولم يبلغوا عنه، ينقلب نقمة عليهم، لأنهم إذا بلغوا عنه صار ذلك سبباً في علاجه- الحاصل: هي ظنت أنه يريد فلوساً، قال: هيا ارقدي على الفراش، يا ولدي لا يصح، وتحت وطأت السكين فعل وزنى بأمه.

    والله الذي لا إله إلا هو! قضية واقعة في المحكمة، والقاضي أعرفه شخصياً، قال: فحضّرنا الولد، وشكلنا مجلس قضاء مشترك، وحكمنا على الولد بالقتل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من وقع على ذات محرم فاقتلوه).

    فيا أخي! احذر المخدرات، بعض الناس يقول لك: لا. أنا أشرب بمقياس لا أضيع، ليس هناك شيء اسمه لا أضيع، تأتيك لحظة من اللحظات وتضيع، وربما وقعت فيما هو شر من هذا، فيا أحبابي وإخواني! العودة والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى هي النجاة، لا تقل: أنا شارب مخدرات، لكن لن أكون (مطوعاً) أصير في الوسط، ليس هناك شيء اسمه وسط، الآن المعاصي في كل طريق، في كل منحى، أين ما اتجهت تجد ما يدفعك إلى المعصية.

    فإما أن تصدق مع الله وتستقيم مع الله بصدق، وإما أن تنحرف انحرافاً -ولا حول ولا قوة إلا بالله!- وتكون الهاوية إلى مثل هذه الفواحش والآثام.

    الاستهزاء بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

    السؤال: في مجالسنا مجالس الشباب، البعض منا يتحدث عن رجال الهيئة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر حديث العداء، وتصيد العيوب، فهلَّا تحدثتم عن حقوقهم، وعن موقفنا من هؤلاء الذين يتحدثون عنهم؟

    الجواب: والله يا إخوان! الكلام عن رجال الهيئة كلام طويل جداً جداً، وحسبنا من هؤلاء الشباب أنهم يقومون بعمل حساس وخطير جداً جداً، والواحد منهم تلقى راتبه ألفاً وسبعمائة ريال، أو ألف وثمانمائة ريال، يعني: مداهمة بيوت، مداهمة أماكن دعارة، مداهمة مخدرات، مداهمة فواحش، وربما يقبضون على شخص في سيارة مع بنت في خلوة محرمة ... وهلم جراً.

    فهؤلاء الذين يتعبون أخيراً لا يجدون منا حتى ولو كلمة شكر، حتى ولو كلمة دعاء، ربما الواحد منهم يخطئ، أنا لا أقول لك أن رجال الهيئة كلهم ملائكة لكن هناك سؤال: إذا أخطأ واحد من رجال المرور، نستغني عن رجال المرور كلهم؟ لا. ليس بصحيح، وإذا أخطأ طبيب من الأطباء هل نغلق المستشفيات، ونستغني عن الطب؟ لا. وإذا أخطأ رجل من رجال الشرطة هل نستغني عن الأمن العام؟ لا.

    كذلك لو أخطأ أحد رجال الهيئة، -مثلاً وجدلاً- لو أخطأ، لا يعني ذلك أن نجعل الكلام في الهيئات، والله إذا رأيت رجلاً (مطوعاً) أخذ له واحداً مسكيناً وصنع به وفعل، وتلقى القصة كلها (أرانب وحوت) من أولها إلى آخرها، أي: نصب في نصب، فلا تصدقوا، وهذا خطر -يا إخوان- قد يقودك الكلام هذا إلى السخرية والاستهزاء برجال الهيئة والأمر خطير جداً.

    التشبه بالكفار في قصات الشعر وغير ذلك

    السؤال: يا شيخ! سعد إني أحبك في الله، ماذا تقول في الشباب الذين يعملون تسريحات الشعر، ويتشبهون بغير المسلمين خاصة بأنهم كثروا بعد أحداث الخليج؟

    الجواب: أحبك الله الذي أحببتني فيه. يا أحبابي ويا إخواني! الرجل لا يمدح بشعره، ولا يمدح بلونه، ولا يمدح بطوله، أو بقصره.

    ترى الرجل النحيل فتزدريـه     وفي أثوابه أسدٌ هصور

    ويؤسفنا جداً أن نقول: إن الشاب الذي يبالغ أو يعتني بتسريحة الشعر، قصة الأسد، أو قصة حرب الخليج، أو قصة عاصفة الصحراء، أو قصة مادونا، هذه الحقيقة ما هي رجولة إطلاقاً، والشاب فخره برجولته، فعيب على رجل فضله الله الرِّجَالُ قَوَّامُونَ [النساء:34].. وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى [آل عمران:36]، يكرمه الله جل وعلا، ثم يحاول أن يقلد قَصَّةَ شعر، أنا من مدة رأيت قِصة عجيبة: شخص رأسه محلوق، بصفة دائرية، وأذكر أني رأيت في المنطقة الشرقية، في قاعة الظهران أمريكياً فعلاً رأسه كأنه مكنسة، فنتيجة أيام بسيطة جاءنا شيء غريب على مجتمعنا قلدناه بهذه السرعة! أين الأصالة؟ أين العقل؟ وللأسف أذكر من مدة في الكلية كنت أدرس، وفجأة صارت القاعة كلها أكوات مكوتة، فإذا القضية تقليد إيطالي نُقل إلى أمريكا، وجاءنا من أمريكا فوراً، أي: عندنا استعداد للتقليد عجيب جداً! خرج في أمريكا موستنج مكشوف لقيته) عندنا (موستنج) مكشوف، وهلم جراً، أي: عندنا حب للتقليد عجيب!

    وبالمناسبة: صفة التقليد والترداد هي صفة القرود والببغاوات، فالإنسان يتصف بالاستقلالية والرجولة ويفتخر بهذا.

    كنا مرة في أحد الفنادق في جدة مع أحد الأصدقاء، فنزلنا المطبخ -وليس عيباً إذا كان الإنسان محتشماً- فجاءنا (الجرسون) وأعطانا ملفاً وكتاباً، ففكرت أنه يريد أن يسجل عندنا في الكلية، وإذا فيه أسماء الأطعمة.

    المهم أتى بالأكل، أنا قلت: بسم الله الرحمن الرحيم، ومددت يدي أريد أن آكل، فقال شخص: حسبك يا أبا عبد الله لا تفشلنا. فقلت: خيراً ماذا فعلت أنا؟ توقعت أني أخطأت، قال: يا أخي! انظر الملعقة والشوكة أمامك فكل بها، قلت: تريدني أن ألاحق هذه الزيتونة، ألأن القوم يأكلون بالشوكة والملعقة، فلابد أن آكل مثلهم! يا أخي! أنت رجل فضلك الله بعقيدتك، شرفك الله بدينك، شرفك الله بإسلامك، لماذا تقلد؟ لست ملزماً بالتقليد (كل بيمينك وكل مما يليك) لا أقول لكم: الأكل بالشوكة والملعقة حرام، لا. لكن أنا آكل بالشوكة والملعقة من أجل أن أقلد، أو أستحي أن آكل بيميني، لا والله، بل أتشرف.

    قال أحد العلماء، وكان في بريطانيا ، فقال الجرسون: لماذا تأكل يا أستاذ -أو يا شيخ- بيدك، وهذه ملاعق منظفة؟، فقال له: كم تنظفون الملعقة يومياً؟، قال: ننظفها يومياً مرة واحدة ونقدمها، قال: وكم يأكل فيها من زبون؟ قال: كل زبون يأتي يأكل وننظفها بعده، قال: وأنت كم تغسل وجهك في كم؟ إذا قمت الصباح، قال: أنا أتوضأ يومياً خمس مرات، يدي ووجهي وجسمي ورجلي، ورجلي أنظف من وجهك، وأنظف من ملعقتك، نعم. صحيح يا إخوان، المسلم فضله الله، لكن قضية الانهزام والهوان الذي جعل الكثير من الناس يستحون بالدين.

    إن الدين عز، والدين شرف، هل يفتخر الذي يحفظ عشرين أغنية؟ أو يفتخر الذي يقلد الناس في كل ما فعلوا وأتوا؟ هذا أمر عجيب! حتى الأطفال الصغار عندنا، مرة ذهبت ألقي محاضرة في المتوسطة، هناك شباب صغار تعطيهم من هذه القصص لعل الله أن يهديهم، وإذا بي ألقى كلهم هكذا، ما هذه يا شباب؟ قالوا: (بنت البكار) الله أكبر! ما هذا الانهزام؟ ما هذا التقليد؟ والسبب لأننا لم نتعود أن نفتخر بعاداتنا، وقبل ذلك بديننا وعقيدتنا وقيمنا وتقاليدنا، الإنسان يفتخر بما عنده، بل بالعكس تجد كل من سواك في عاداته الهابطة سخيفاً وتافهاً، وأنت الشريف العزيز بدين الله جل وعلا.

    شباب لا يحجون رغم استطاعتهم ذلك

    السؤال: بمناسبة قرب موسم الحج، يقول: ما رأيك ببعض الشباب الذين عندهم استطاعة بكامل معاني هذه الاستطاعة، ولكنهم تكاسلوا في أداء هذا الركن بحجة أنه سوف يحج إذا تزوج، أو إذا صار مستقيماً، أو.. أو إلى آخره؟

    الجواب: تسويف الشاب للحج وتأخيره للحج مع استطاعته عليه خطر، فقد قال عمر رضي الله عنه وأرضاه: [لقد هممت أن أنظر في هذه الأمصار، فمن له جدةٌ ولم يحج أن أضرب عليهم الجزية ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين] وفي الحديث الموقوف عن علي: (إن من مات ولم يحج، فلا عليه أن يموت يهودياً، أو نصرانياً) من استطاع الحج، ومات ولم يحج، فما عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً، قال الله جل وعلا: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97].

    والواحد منا يستطيع، فيا شباب! بادروا بالحج، وليكن حج عبادة، ليس بحج استهتار، نؤذي هذا، وتتفرج على هذا، وانظر هذا لا يعرف كيف يرجم، وهذا يوقع في الحوض، لا. بل اجعله حج عبادة، وعبادة نسك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس! إن الله فرض عليكم الحج فحجوا، قال أحد الصحابة: يا رسول الله! أفي كل عام؟ قال: لو قلت نعم، لوجبت، الحج مرة، وما زاد فهو نافلة).

    فمن لم يحج، فعليه أن يبادر بالحج، وأنصحكم إذا كان الإنسان يعرف حملة من الحجاج فيهم عالم، أو طلبة علم، أو دعاة إلى الله أن يحج معهم، ففي هذا خير عظيم بإذن الله جل وعلا.

    قصة السامري والابتلاء بها

    السؤال: أحد الإخوة أعطاني سؤالاً يقول: أعرف شاباً مبتلى بالسامري، ويقول: هي طبول، وأرجو توجيه كلمة إلى هذا الشاب؟

    الجواب: يا إخوان! الذين عرفناهم ابتلوا بالسامري، ففي الحقيقة البلوى به خطيرة جداً جداً، من ناحية أن الإنسان يحفظ القصائد السامري دون كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلو تقول له: اقرأ علينا عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ [النبأ:1-2] لا يعرفها، سمع علينا تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ [الملك:1] لا يعرفها، لكن (يا حمام على الغابة ينوحي) يأخذها، هذه والله مصيبة، أن يحفظ من القصائد والأغاني الشيء الكثير، فإذا جاء ما يهمه من أمر دينه، غفل عنه، ثم إن هذا مدعاة ومشغلة في ترك الصلاة، وعدم الاهتمام بها، والوقوع في المعاصي، ومجالسة من لا يُسر الإنسان مجالسته، فأسأل الله أن يُعافيهم من هذا الابتلاء.

    وهذا الكتيب الذي يوزع لكم، أحد أحبابكم وإخوانكم في الله طلب مني أن أهديه لكل واحد منكم، وعفواً لو تقدمت للأستاذ بهذا، وأيضاً هناك شريط قال: ما دمت تذهب إلى المعهد المهني، فأرسل معك رسالة إلى شباب المعهد لكل طالب من الطلاب وهو كتيب بعنوان: للشباب فقط، وشريط بعنوان: (الشباب والتجدد) أنصحكم بقراءة الكتاب قراءة جيدة، وسماع الشريط لعل الله جل وعلا أن ينفعكم به.

    أسأل الله جل وعلا بأسمائه وصفاته واسمه الأعظم أن يكون سبباً في هدايتنا وإياكم إلى طاعته وترك معصيته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718653

    عدد مرات الحفظ

    754298547