.
روى الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً، ونعله حسنة، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس) وفي رواية الترمذي : (ولكن الكبر من بطر الحق وغمص الناس) ورواه الإمام أحمد رحمه الله عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان، ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر، فقال رجل: يا رسول الله! إني ليعجبني أن يكون ثوبي غسيلاً، ورأسي دهيناً، وشراك نعلي جديداً -وذكر أشياء حتى ذكر علاقة سوطه- أفمن الكبر ذاك يا رسول الله؟ قال: لا. ذاك الجمال، إن الله جميل يحب الجمال، ولكن الكبر من سفه الحق، وازدرى الناس).
هذا الرجل مالك بن مرارة الرهاوي رضي الله عنه؛ لما سمع أنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر خشي أن يكون التجمل بالمباحات وإن كان دون إسراف، وفي حدود الشرع، خشي أن يكون التجمل في المظهر من الكبر، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس كذلك، وأن الله جميل؛ جميل في ذاته سبحانه، جميل في صفاته، جميل في أفعاله عز وجل، أجمل شيء في الوجود رب العزة سبحانه، ولذلك إذا نظر أهل الجنة إلى ربهم نسوا كل نعيم في الجنة يوم القيامة.
إذاً فما هو الكبر الذي من كان في قلبه مثقال ذرة منه لا يدخل الجنة؟ قال: بطر الحق، أي: دفعه وإنكاره ترفعاً وتجبراً، التجبر على الحق فلا يراه حقاً، التكبر عن الحق فلا يقبله، هذا هو بطر الحق.
وغمط الناس أي: احتقارهم.
وعند هذه المسألة في قوله: ( بطر الحق ) نقف.
أيها الإخوة! إذا راجعنا أنفسنا يتبين لنا أن مما ابتلينا به أننا ندفع الحق في كثير من الأحيان ولا نقبله، ونجادل بالباطل ونحن نعلم أن ما عرض علينا هو الحق، ونترفع عن قبوله ونصد عنه، هذه ظاهرة خطيرة، وهي أساس كل بلاء، وهي عدم قبول الحق والإذعان له، وقد قال الله سبحانه وتعالى عن أخلاق المسلمين: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ [الزمر:18] فإذا عرض عليك الكلام وكان فيه حق فاستمع واقبل، وقبول الحق من العدل الذي أمر الله به بقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ [النساء:135] قبول الحق من علامات التواضع.
سئل الفضيل بن عياض رحمه الله عن التواضع فقال: يخضع للحق وينقاد له ويقبله ممن قاله، وقال ابن القيم رحمه الله: إن من أعظم التواضع أن يتواضع العبد لصولة الحق، فيتلقى سلطان الحق بالخضوع له والذل والانقياد، والدخول تحت رقه؛ بحيث يكون الحق متصرفاً فيه تصرف المالك في مملوكه، فبهذا يحصل للعبد خلق التواضع.
خضوع العبد لصولة الحق وانقياده له هو التواضع، بل قمة التواضع أن تخضع للحق، فهذا معنى عظيم من معاني التواضع غفل عنه الناس.
كلنا يفتقر إلى الحق، خلق الإنسان ظلوماً جهولاً، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليل فيفتتح صلاته بقوله: (اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة؛ أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) فيجب أن يكون عندنا افتقار إلى الحق، وأن نشعر أننا محتاجون إليه، وأننا لا غنى لنا عن الحق وإلا صرنا في نار جهنم.
وكان الخلفاء الراشدون يلتمسون الحق ويريدون معرفة أخطائهم، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عبارته الذهبية: [رحم الله من أهدى إلي عيوبي] وقال عمر بن عبد العزيز لمولاه مزاحم : [يا مزاحم ! إن الولاة جعلوا العيون على العوام، وإني جاعلك عيني على نفسي -جعلتك جاسوساً عليَّ- فإن سمعت مني كلمة تربأ بها عني، أو فعلاً لا تحبه، فعظني عنده، وانهني عنه] وقال عمر بن عبد العزيز لـعمر بن مهاجر : [إذا رأيتني قد ملت عن الحق، فضع يدك في تلبابي، ثم هزني ثم قل: يا عمر ما تصنع؟] وهذا من حرصهم على الحق ومعرفة أخطائهم، والرغبة في تقويمهم، كل واحد يريد أن يقوم، وأن ينبه، وأن يبين له خطؤه حتى لا يستمر على الضلال.
الرغبة في التقويم: إذا لم تكن عند كل واحد منا الرغبة في التقويم؛ فلن يتعلم ولن يتقدم ولن يهتدي، وكلام الأئمة في تواضعهم، كلام أئمة الفقه والعلم معروف مشهور، قال الشافعي رحمه الله: كل مسألة تكلمت فيها بخلاف الكتاب والسنة، فإني راجع عن كلامي في حياتي وبعد مماتي، وكذلك قال مالك رحمه الله، والنبي صلى الله عليه وسلم علمنا أن نقبل الحق ولو من الكافر، ولو من اليهودي، عن قتيلة الجهنية قالت: (إن يهودياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنكم تشركون، تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، وأن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت) أخرجه الإمام أحمد والنسائي .
إذاً: لم يجد النبي صلى الله عليه وسلم أي غضاضة من قبول تنبيه اليهودي لأنه حق، وأخذ به، وأمر أصحابه به واعتمده، وهكذا يقبل الحق من أي مكان جاء، ومن أي شخص مهما كان كبيراً أو صغيراً، وعلى هذا جرى الأئمة.
وقال محمد بن عمار الموصلي : رددت على المعافى بن عمران حرفاً في الحديث، فسكت، فلما كان الغد جلست في مجلسه من قبل أن يحدث، وقال: إن الحديث كما قال الغلام، قال ابن عمار : وكنت حينئذٍ غلاماً أمرد ما في لحيتي أي شعرة.
وسأل رجل علياً عن مسألة فقال فيها، فقال الرجل: ليس كذلك يا أمير المؤمنين، ولكن كذا وكذا، فقال علي رضي الله عنه: أصبتَ وأخطأتُ، وفوق كل ذي علم عليم. وقال عبد الله بن وهب المصري : كنا عند مالك ، فسئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء وكذلك اليدين، فلم يرَ ذلك، فتركت حتى خف المجلس، فقلت: إن عندنا في ذلك سنة، فذكر حديث: (إذا توضأت خلل أصابع رجليك) فرأيته بعد ذلك يسأل عنه فيأمر بتخليل الأصابع، ويقول: ما سمعت هذا الحديث قط إلا الآن، لكنه رجع إليه وأفتى به رضي الله عنه.
وهكذا كانت سنة الأئمة وأهل العلم في قبول الخطأ عند التنبيه عليه، يعترفون به ويرجعون إليه، ويعلنون ذلك كما قال أحدهم: أرجع وأنا صاغر، ولما صنف الإمام عبد الغني كتاباً في أوهام الحاكم، المحدث المشهور، لما وقف الحاكم على هذا الكتاب جعل يقرأه على الناس، ويعترف لـعبد الغني بالفضل والشكر، ويرجع إلى ما أصاب فيه من الرد عليه رحمة الله عليهما.
هكذا كانوا إذاً في تقبلهم للحق، بل وإكرامهم، حتى قام الكسائي وعانق وأجلس إلى جنبه من نبهه على خطأ في المجلس، وقال إسماعيل بن أبي أويس للبخاري : انظر في كتبي وما أملكه لك، وأنا شاكر لك ما دمت حياً أنك نبهتني.
وأن يعلم الإنسان منا أن الرجوع إلى الحق فيه أجر وثواب، لما حلف أبو بكر الصديق ألا ينفق على مسطح ولا يعطيه شيئاً؛ لأنه ظلم ابنته عائشة ، أنزل الله تعالى: وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور:22] ولا يأتل: أي: لا يمتنع، وكان مسطح قريباً للصديق وقال: والله لا أنفق على مسطح شيئاً بعد الذي قال لـعائشة ، فلما نزلت الآية قال أبو بكر رضي الله عنه: [بلى والله، إني لأحب أن يغفر الله لي] فرجع إلى النفقة التي كان ينفق عليه وقال: [والله لا أنزعها منه أبداً] وكفر عن يمينه، هكذا فعل.
فإذاً ثواب الرجوع إلى الحق هو الذي يدفع المؤمن إلى الرجوع، وهي خصلة عظيمة، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، اللهم اجعلنا من أهل الحق، وأقمنا على ملة الحق، وأمتنا على الحق إنك أنت الحق المبين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
عباد الله: إن بعض الناس يتصور أن الرجوع إلى الحق ضعف، وأن العودة عن قوله أو فعله الخاطئ اهتزاز في شخصيته، ويأتي الشيطان لينفخ فيه فيقول له: إذا تراجعت فأنت ضعيف شخصية، بينما الحقيقة بخلاف ذلك تماماً، فإن الإنسان ولو توهم أن تراجعه ضعف أمام الآخرين، فإنه في الحقيقة رفعة في نظرهم، ويكبر في أعينهم، ولكن المسألة تحتاج إلى شيء من المصابرة والمجاهدة، لقد تلكأ علي رضي الله عنه عن بيعة الصديق لأنه كان يعتقد في زمن أن له في ذلك حقاً؛ كما روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها، ثم لما تبين الحق لـعلي رضي الله عنه رجع، وقال لـأبي بكر : موعدك العشية للبيعة، فلما صلى أبو بكر على المنبر، رقى على المنبر، فتشهد وذكر شأن علي ، أي: فضله ومنزلته، وعذره بالعذر الذي اعتذر إليه، ثم استغفر له، وتشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه فعظَّم حق أبي بكر ، وأنه لم يحمله على الذي صنعه -أي من التأخر عن بيعته- نفاسة على أبي بكر -ليس حقداً ولا حسداً- ولا تقديماً لنفسه على نفس الصديق ، ولا إنكاراً للذي فضله الله به، قال: [ولكنا كنا نرى لنا في الأمر نصيباً ونحن آل محمد صلى الله عليه وسلم] ثم عرف أن الحق فيما أجمع عليه الصحابة من بيعة الصديق ، فبايع علناً أمام الناس، قال الراوي: فسر المسلمون بذلك وقالوا: أصبت، فكان المسلمون إلى علي قريباً حين راجع المعروف، قال ابن حجر رحمه الله: أي كان ودهم له قريباً، إذاً ازدادت المودة لـعلي رضي الله عنه لما راجع، لم تهتز شخصيته في أعينهم، لم يصبح ضعيفاً في أعينهم، وإنما ازدادت مودتهم له لما رجع إلى الحق.
وقال عبد الغني الأزدي : لما رددت على أبي عبد الله الحاكم الأوهام التي في المدخل إلى الصحيح في كتابه، بعث إلي يشكرني ويدعو لي، فعلمت أنه رجل عاقل، فإذاً الراجع إلى الحق يزداد في أعين الناس، وإن أوهمه إبليس في البداية أنها ضعف شخصية وأنها إهانة.
والذي لا يراجع الحق كبراً فإن الله يحرمه من معرفة الحق، كما قال الله عز وجل: سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ [الأعراف:146] قال ابن جريج رحمه الله: أي سأصرفهم عن أن يتفكروا فيها ويعتبروا بها، قال المفسرون: سأرفع فهم القرآن عن قلوبهم، وهكذا يكون مصير الذي يتكبر على الحق أن يحرم عن معرفته وتبينه، وهذه لا شك كارثة كبيرة ومصيبة عظيمة فادحة تنزل بالإنسان، غضباً من الله، وعقوبة له على تكبره عن الحق، أنه لا يعود ليميزه ولا يعرفه ولا يهتدي إليه.
وبعض الناس ربما يقبل الحق ممن هو أكبر منه، لكن إذا كان من أقرانه أو ممن هو أصغر منه لا يقبل، وهذه مصيبة أيضاً، وقد تقدم حال السلف رحمهم الله في قبول الحق من الأطفال؛ لأجل منزلة الحق وعظم الحق في قلوبهم.
ومن الناس من يكون في نفسه عجب يمنعه من قبول الحق.
إذا نصحت لذي عجب لترشده فلم يطعك فلا تنصح له أبداً |
فإن ذا العجب لا يعطيك طاعته ولا يجيب إلى إرشاده أحداً |
صاحب العجب (المعجب بنفسه) كيف ينقاد للحق؟!
وبعض الناس لا يرجعون إلى الحق لجهلهم، وأكثر النفوس على جهل ما لم تعلمه:
وضد كل امرئٍ ما كان يجهله والجاهلون لأهل العلم أعداءُ |
وبعض الناس يرد الحق لأنه يخالف ما ألفه ونشأ عليه:
وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه |
وهكذا تتوارث الأجيال كثيراً من العادات والسلوكيات الخاطئة، وتتناقلها جيلاً بعد جيل، حتى تتحول إلى مُسِلَّمة من المُسلَّمات التي لا تقبل النظر والمراجعة، فضلاً عن تركها والبعد عنها، وحينئذٍ يجبن الكثيرون عن التصويب، وهكذا ما ترى من عادات بعض القبائل من الأمور المحرمة التي لا يرجعون عنها، ويعتبرونها قانوناً لا يسعهم التخلف عنه، وحجتهم هي حجة أهل الجاهلية: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً [النساء:61] ماذا يقول هؤلاء وغيرهم: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ [الزخرف:23] وجدنا آبائنا هكذا، فنحن على ما وجدنا عليه آبائنا، تقول: هذا الحق، وهذا الكتاب، وهذه السنة، فيقولون: نحن على ما نشأنا عليه، وما ألفناه وما عرفناه، ويرفضون الحق.
فيا عبد الله! أيهما ينجيك عند الله: تقليد الآباء والأجداد، أم تقليد الكتاب والسنة؟ وما الذي سيقبله الله منك؛ أن تقول: وجدت أبي وجدي، والمجتمع من حولي، أو أن تعترف بما في الكتاب والسنة، وتراجع ذلك؟
وبعض الناس عندهم كبر تجاه الدعاة إلى الله والناصحين، لا يقبلون منهم نصيحةً، قال ابن مسعود رضي الله عنه: [إن من أكبر الذنب، أن يقول الرجل لأخيه اتق الله، فيقول: عليك نفسك .. أنت تأمرني؟!] وهكذا ازدراء الخلق، وإذا كان هؤلاء الخلق دعاة وفضلاء فإن ازدراءهم أعظم إثماً ولا شك، وهذه مسألة خطيرة -أيها الإخوة- ومبدأ مهم في حياتنا يجب اعتماده، والذي يخالف ذلك سيكون عرضة للهلاك بلا شك، وتأمل في أكثر مصائبنا وسبب انحرافاتنا تجد السبب أننا لا نرجع إلى الحق، وكثير من المشكلات بين الأب وأبنائه، والزوج وزوجته، والأخ وإخوانه، والجار وجاره، وهكذا، وبين المدعو والداعية، تجد أن السبب في المشكلة عدم الرجوع للحق، وعدم قبول الحق، ينبغي أن تقدر القضية حق قدرها، وأن تعطى شأنها، وأن نكون متواضعين للحق.
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن يخافك في الغيب والشهادة، وممن يقول كلمة الحق في الغضب والرضا، اللهم إنا نسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، اللهم إنا نشهدك أنك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، وأنك تبعث من في القبور.
ونسألك في مقامنا هذا في هذه الساعة أن تعتق رقابنا من النار، وأن تجعلنا من أهل الجنة الأبرار، اللهم إنك أنت الرحيم فارحم عبادك إنك على كل شيء قدير، اللهم ارفع البأس عن المسلمين، اللهم ارفع البأس عن المسلمين، اللهم ارفع البأس عن المسلمين.
هذه المؤامرات تحاك في بلاد المسلمين أيها الإخوة، وهذه الدوائر تدور عليهم من أعداء الإسلام والمسلمين، وهؤلاء الصرب يهددون أهل كوسوفو عند حصول أي شيء لهم بمذابح رهيبة، وآلاف مؤلفة من عصابات المذابح التي كانت في البوسنة التي يسمونها عصابات أراكان وعصابات النمور تتربص بالمسلمين المزيد من المذابح، بعد أن أنهوا عدداً كبيراً منها في المدة الماضية، والعالم مشغول كما يقولون، وهكذا تحاك حول المسلمين في فلسطين وما حولها في بلاد الشام وغيرها، تحاك الدوائر حولهم، ولكن الله سبحانه وتعالى لن يرفع الذل عن الأمة إلا إذا رجعت إليه، وأنابت إليه، والله يخوف الأمة وينذرها بهذه الأحداث والكوارث والقوارع، فمن الذي ينزجر: وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ [الرعد:31] .. وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَاناً كَبِيراً [الإسراء:60] والواجب علينا الاعتبار والاتعاظ ومراجعة الحق والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى.
اللهم اجعلنا في بلادنا آمنين مطمئنين، اللهم إنا نسألك الأمن في البلاد، والرحمة للعباد، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.
وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر