إسلام ويب

الحجابللشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تعتبر فاحشة الزنا من أصول المفاسد التي تقضي على المجتمع، ولهذا كانت أعظم كبيرة بعد الكفر بالله وقتل النفس، ولذلك حارب الإسلام هذا المنكر فعاقب الزاني والزانية الأبكار بالجلد والتغريب، وعاقب القاذف بالجلد ثمانين جلدة، وأوجب غض البصر، وأمر بالحجاب وهو تغطية المرأة كامل جسمها بما في ذلك الوجه والكفين؛ لأنهما عورة وفيهما يكمن الجمال، ولهذا شجع الأعداء المرأة على كشف وجهها لأنه سبيل لكشف كامل جسدها.

    1.   

    الأصول المستفادة من آية (قل إنما حرم ربي الفواحش ...)

    الحمد لله، وصلاة الله وسلامه على نبيه ومصطفاه سيدنا محمد عليه وعلى آله وصحابته وجميع من آمن به، واستن بسنته واهتدى بهداه.

    أما بعد:

    معشر الأبناء والإخوان أحييكم جميعاً بتحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    لقد طلب إلي أحد الإخوان بأن أتحدث معكم عن الحجاب، ولا أدري هل الحديث في هذا الباب ينفع أو لا ينفع!

    يقول الله تبارك وتعالى وقوله الحق: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ * وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:33-34].

    هذه آية من سورة الأعراف يا أهل القرآن العظيم، هذه الآية الكريمة اشتملت على أصول المفاسد، تلك المفاسد التي متى ظهرت في أمة أو شاعت في أناس إلا أنهت حياتهم، وأدت بهم إلى الدمار الكامل والخسران التام، فمن الخير أن نعرف هذه المفاسد التي اشتملت عليها هذه الآية، ولندرسها مسألة مسألة، أو أصلاً أصلاً.. ولنعد تلاوة الآية مرة أخرى وتأملوا يفتح الله عليكم.

    قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ * وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:33-34].

    تحريم إشاعة الفاحشة

    فأول مفسدة هي: مفسدة ظهور الفاحشة بين الناس، واقترافها علناً، أو فعلها سراً؛ إذ حرم الله عز وجل على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وفي كتابه عامة الفواحش، سواء كانت علنية أو كانت سرية خفية، لا فرق بينهما.

    والفواحش: جمع فاحشة، وإذا أطلق هذا اللفظ فإنه يتناول أعظم الفواحش وهو فاحشة الزنا واللواط.

    إذا ذكر لفظ الفاحشة يتناول فيما يتناوله ابتداء فاحشة الزنا واللواط، وما ظهرت الفاحشة بهذا المعنى في أمة إلا وتبرئ منها، وهبطت وفقدت كل شيء، فإما أن تباد وإما أن تعيش عيشة البهائم والحيوانات.

    وباسم الله نذكر أن الله تبارك وتعالى حرم الزنا في غير ما آية في كتابه، قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [الإسراء:32].

    وتعلمون أن الله عز وجل وضع لهذه الفاحشة أي: لفاعليها حداً من أقسى أنواع الحدود، ألا وهو الرجم بالحجارة حتى الموت، فهذا الحد لا أقسى منه أبداً، هذا الحد وضعه الله تعالى على لسان رسوله ونفذه رسوله صلى الله عليه وسلم بيده في ماعز والغامدية رضي الله تعالى عنهما، هذه الفاحشة التي صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ليس هناك ذنب بعد الشرك بالله وقتل النفس أعظم من نطفة يضعها الرجل في رحم لا تحل له ).

    عظم جريمة الزنا وخطرها

    ما من ذنب أعظم من هذه الفاحشة بعد الشرك والكفر بالله وقتل النفس، وقد جاء في سورة الفرقان من صفاتنا يا عباد الرحمن قال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ [الفرقان:68] فذكر ثلاثاً من كبريات الذنوب وأمهاتها: الأولى: الشرك، والثانية: قتل النفس بغير حق، والثالثة: الزنا.

    وجاء في حديث صحيح أخرجه الشيخان وغيرهما أن عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه وقف وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: ( أي الذنب أعظم عند الله يا رسول الله؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قلت: ثم ماذا؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم ماذا؟ قال: أن تزاني حليلة جارك ) فانظروا كيف تطابقت السنة مع الكتاب! فلا فرق بين الآية من سورة الفرقان وبين هذا الحديث في الصحيح، أعظم الذنب عند الله أن يشرك العبد بمولاه سواه، أو أن يقتل ولده خشية أن يأكل معه، أو أن يزني بحليلة جاره.

    معاشر الأبناء والمستمعين! ليدلنا على عظم هذه الفاحشة استعراضنا للآيات التي اشتملت عليها سورة النور، فلنستعرضها جميعاً.

    أولاً: اسمع الله تعالى يقول: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور:2].

    فهذه لفتة نظر إلى عظم هذه الفاحشة، فالبكر من فتياننا وفتياتنا، الذي لم يسبق له أن تزوج وعرف ما الزواج، هذا البكر إذا زنى يجلد مائة جلدة، قد يموت فيها وقد يحيا، وبعدها يغرب عاماً كاملاً، ينفى من القرية أو المدينة نفياً بعيداً لمدة سنة كاملة؛ حتى يزول ذلك القتر الذي على وجهه، وتذهب تلك الوصمة التي يشار إليها، والسر وراء ذلك حتى لا يذكر المؤمنين والمؤمنات بالفاحشة؛ لأنه إذا حد -إذا جلد- ثم أطلق يمشي بين الناس، لا يمر بين يدي فرد إلا ذكره بالفاحشة، وأعوذ بالله ممن يذكر الناس بالفواحش.. إنه الشيطان، إذا لم يغرب، إذا لم ينف، إذا لم يبعد بعيداً عن المدينة والقرية، وتركناه يغدو ويروح بين الناس، فما يمر بين يدي أحد إلا ذكره الفاحشة، هذا الذي زنى وجلد أمس عند باب المسجد.

    وهذه الفاحشة من أقوى عواملها المسببة لها والداعية إليها: ذكرها؛ فلهذا لا يسمح لمن ارتكب هذه الفاحشة أن يبقى معنا لمدة سنة كاملة حتى ننساها وننساه معها.

    أرجو من الأبناء والإخوان أن يتأملوا، لم يغرب هذا الشاب؟ لم ينفى؟ لم يبعد وقد حد وضرب ظهره أمام الملأ؟

    الجواب: حتى لا يذكرنا بالفاحشة؛ لأنه إذا بقي يمشي بيننا ذكرنا بها، والتذكير بها داع إلى عملها والوقوع فيها.

    1.   

    محاربة الأسباب الداعية للفاحشة وإشاعتها

    هل يليق بنا ونحن الذين نعرف قيمة الطهر كما نعرف قبح هذه الفاحشة، هل يليق بنا أن نوجد عوامل من شأنها أن تذكرنا بالزنا؟

    لا يليق ولن يليق، ومن هنا لا يحل لأحدنا أن يصور صورة فتاة من جميلات الفتيات ويعلقها في منزله، لأنها لا تذكره بربه وإنما تذكره بالفاحشة.

    ومن هنا لا يحل لتاجر من تجارنا أن يستورد بضائع ترسم عليها وجوه المومسات، فينظر إليها الفتى من فتياننا وتنظر إليها الفتاة، ولا تستغربوا هذا عندما تقرءون قول الله عز وجل: لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ [النور:12].

    هذه الآية تطارد الفاحشة من الألسن؛ لأن الألسن إذا نطقت بها خففت وطأتها على القلوب، وإذا مالت إليها القلوب طلبتها الأعضاء وارتكبت الفاحشة في ديارنا، وهي ديار الطهر والصفاء.

    فلاحظ: الزاني والزانية قبل أن يحصنا فالحد: جلد مائة وتغريب سنة كاملة، وهذا بالنسبة إلى الفتى إجماع وبالنسبة إلى الفتاة خلاف؛ لأن الفتاة لا تخرج بيننا ولا تذكرنا بالفاحشة، فلا معنى لتغريبها.

    ثانياً: يقول تعالى: الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور:3] فماذا تفهمون من هذه اللفظة القرآنية؟

    افهموا: إن الشاب إذا أفحش في قوله وعمله وعربد وأصبح يعرف بالزاني لا يحل لنا أن نزوجه بناتنا المسلمات أبداً، إلا بعد أن يتوب وتصح توبته ويشتهر بها، ولا أدري أبعد سنة أم سنوات.

    والفتاة مثله إذا عرفت بالدعارة ووصمت بوصمة الفاحشة وقيل فيها: زانية، لا يحل أبداً أن نزوجها شبابنا، اللهم إلا إذا تابت توبة نصوحاً وعرفت بها، واشتهر بين أهل القرية أنها تابت منذ كذا سنة، قولوا: لم؟

    لأن الفتى الذي عرف بالزنا لا يمكنك -يا عبد الله- أن تزوجه ابنتك؛ لأنه والعياذ بالله يعلمها الخنا، فما إن تراه إلا وتذكرت فواحشه وما كان يأتيه، ولن نستطيع أبداً أن نزوج شاباً أو رجلاً قد يأتي بعاهر إلى بيته فيفسد علينا ابنتنا، فما دام ملوثاً بأوضار هذه الجريمة، فلا يحل لنا أن نزوجه أبداً، والذي يتزوج عاهرة مومسة عرفت بالزنا ماذا أراد سوى أن يلوث فراشه ويدمر بيته، ويوجد -والعياذ بالله تعالى- بؤرة شر وفساد بين أولاده وأهله.

    معاقبة الذين يرمون المؤمنين بالفاحشة

    وبعد هذا فالذي يذكر الفاحشة ويرمي بها مؤمناً أو مؤمنة يجلد ثمانين جلدة، الذي يذكر الفاحشة وينسبها إلى زيد أو عمرو أو زليخة أو خديجة، مجرد قول قاله، يجب أن يأتي بأربعة شهود يشهدون على دعواه، وإلا فظهره والعصا يجلد ثمانين جلدة، لم هذا يا معاشر المستمعين؟ لأن الله عز وجل حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن؛ لأن الله يبغض الفواحش فحرمها، فكل سبيل يؤدي إلى ارتكابها فهو سبيل محرم، وسلوكه ممنوع وباطل، فالذي يقول: فلان أو فلانة تفعل، هذه الكلمة تحدث مساءة عظيمة في بلادنا، عندما نتحدث في مجالسنا ونقول: فلان يفعل، يفعل ماذا؟ فلانة تفعل، تفعل ماذا؟ تفعل الفاحشة، إذاً ذكرناها، ونحن مطالبون أن نطردها من ألسنتنا، والله ما حل لمؤمن ولا مؤمنة أن يذكر الفاحشة؛ لأن ربنا يكره ذلك ولا يحبه، واقرءوا قول الله تعالى: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ [النساء:148] فألسنتنا طاهرة فلا تلوث بذكر الفاحشة.

    فالذي يتجرأ على مؤمن أو مؤمنة ويقول: يا فاعل أو يا فاعلة ينشر الفاحشة بلسانه بإلصاقها باطلاً بأبنائنا وبناتنا، هذا لا بد وأن يكشف عن ظهره ليجلد ثمانين جلدة، والله يقول: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور:4] وهل بعد الفسق من وصمة يوصم بها المؤمن؟ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ [الحجرات:11]، ويقول تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النور:19].

    فلاحظ يا عبد الله! الذي يهوى بنفسه أن يقال: فلان فعل أو فلانة تفعل، مجرد حب فقط يتوعده الله تعالى بأليم العذاب، مجرد حب، مجرد اشتهاء في نفسه لو أن فلاناً فعل كذا، فلم يرض الله تعالى بمجرد الحب والرغبة في ظهورها، فكيف بدعاتها والعاملين على نشرها؟!

    وتأملوا، وكتاب الله كتابنا، وكل منا يفهم بقدر ما فتح الله عليه ما معنى قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ [النور:19] أليس هذا وعيداً شديداً؟ عذاب في الدنيا وعذاب في الآخرة، ما جريمتهم؟ ماذا فعلوا؟ إنهم يحبون مجرد حب باطني، ما تكلموا ولا فعلوا، فقط يحبون أن تظهر الفاحشة، إذا علمنا هذا فلننظر إلى هذا ولننظر إلى دعاة الفاحشة، والذين يعملون على نشرها وإظهارها، وأمامنا الكثير من هذه التنبيهات لنعرف قيمة الحجاب عند الله:

    غض البصر عن عورات المسلمين وأثره في منع انتشار الفاحشة

    شرع الله تبارك وتعالى لنا ونحن عبيده، أننا إذا أراد أحدنا أن يدخل بيتاً من بيوت الناس فعليه أن يستأذن، وعليه أن يطلب الإذن، وألا يفاجئ أهل البيت بأن يدخل عليهم كالحيوان، بل لا بد من استئناس واستئذان يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النور:27] لم شرع هذا الاستئذان؟ حتى لا ترمي بعينك فتنظر إلى امرأة محرمة عليك وليست من محارمك، فلو لم يكن الحجاب فريضة وشريعة لكان علينا أن نفرضه ونلتزم به، قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ [النور:30-31] الآيات.

    أسائلكم: هل قول الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ [النور:30] ليس أمراً؟

    بلى، ومن الذي أمره الله أن يبلغنا؟ رسوله محمد صلى الله عليه وسلم؛ لعظم هذه المسألة وخطرها، بلغهم عنا، قل لهم: يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [النور:30] فإذا أردنا أن نمتثل أمر الله عز وجل فما هو الطريق الذي يؤدي بنا إلى أن نمتثل أمر الله بغض البصر وإحصان الفرج؟

    الجواب: ألا نرى النساء وألا ترانا النساء، ولا سبيل إلى تحقيق هذا الأمر إلا من هذا الطريق، إما أن يحتجب الرجال في البيوت ويخرج النساء إلى الأسواق والمساجد والمصانع، غاديات رائحات والرجال محتجبون في البيوت، حتى يمكننا أن نطيع ربنا! وفي هذا عكس للفطرة، أو نحجب النساء ونقصرهن في البيوت، والرجال يغدون ويروحون يصنعون ويعملون؛ لأنهم أقدر على العمل من النساء.

    أقول: أُمرنا جميعاً، النساء مأمورات والرجال مأمورون، ولا بد من الطاعة وإلا فهي المعصية، وبالتالي الشقاء والعذاب الأبدي، فماذا نصنع؟ نحن بين خيارين: إما أن نحجب الرجال، وهذا معاكسة للفطرة البشرية، وإما أن نحجب النساء وهذا هو المطلوب، ويومئذ نكون قد امتثلنا أمر الله، أما أن نسمح للنساء أن يخرجن ويسرحن في كل مكان، وتقول لي: غض بصرك، فهذا مما لا يطاق، هذا هو المستحيل بعينه.

    الحجاب وأثره في منع انتشار الفاحشة

    إذاً: الحجاب إن لم يفرضه القرآن الكريم فالمؤمنون الذين يخافون الله مضطرون لإيجاد حائل يحول بينهم وبين نسائهم؛ إذ لا يمكنهم أن يطيعوا الله عز وجل إلا بفصل النساء عن الرجال.

    ثم القرآن الكريم ما نسخ، ما زال بيننا غضاً طرياً كأنه ينزل الآن، لما أراد الله عز وجل أن يفرض على النساء الحجاب ما هي أول آية نزلت؟ عرس النبي صلى الله عليه وسلم في السنة السادسة بـزينب بنت جحش ، فجاء إلى منزله فإذا بجماعة جالسين، فخرج وعاد فإذا بهم جالسين، واستحى أن يقول: ضايقتمونا، أو الوقت ليس وقت جلوس، وكل يحب بيوت الرسول وأن يجلس بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53] وهنا أسدل الستار على المرأة المسلمة في المدينة النبوية، من هذه الآية ما أصبح رجال الأنصار والمهاجرين يسمحون لنسائهم أن يأتين المساجد إلا بالليل، ويؤكد هذه الحقيقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: ( ائذنوا للنساء في إتيان المساجد بالليل ) لما نزلت هذه الآية وما هي إلا أن تليت حتى غشيت كل بيت وتلاها كل مهاجر وأنصاري، وإذا بالمجتمع يتغير، وإذا بالحجاب يبرز ويظهر، وتقول عائشة رضي الله عنها: رحم الله نساء الأنصار، لما نزلت آية الحجاب خرجن وكأن على رؤوسهن الغربان، تعني: أنهن تخمرن بالخمر السوداء توضع على الرأس فتغطي الوجه وتغطي الرأس إلى الكتفين، ومن تحت ذلك الدرع السابغ الحصين، خرجن وكأن على رءوسهن الغربان السود؛ لأن الخمر التي وضعنها على رءوسهن يتخمرن بها كانت من اللون الأسود.

    1.   

    مسألة: تغطية الوجه والكفين للمرأة والشبهات حولها

    في القرآن الكريم آية لا يستطيع أحد أن يردها على الله، ولا يستطيع أحد أن يقنع من فهمها بأن الحجاب ليس في الوجه والكفين، قل لي ففيم الحجاب إذا لم يكن في الوجه والكفين؟

    هل النساء يخرجن عاريات ليس عليهن من ثياب؟ أيعقل هذا؟ فما الذي يحجب عن أعين الناس؟

    فتنة المرأة وجمالها في وجهها

    اسمع الآية الكريمة، وهي سيف قاطع وحجة دامغة، ولا يستطيع أحد أن يفهمها ويقول: لا بأس أن تكشف المرأة وجهها، قال تعالى من سورة النور، هذه السورة: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ [النور:60] والقواعد: جمع قاعد، وهي من قعدت عن الحيض والحمل لكبر سنها لتجاوزها الثلاث والخمسين من السنين وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا [النور:60] آيسات من الزواج لكبر سنهن، لا يحملن ولا يحضن، هؤلاء فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ [النور:60] أي حرج أو إثم أو تضييق ومضايقة فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ [النور:60].

    معاشر المسلمين! ما معنى أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ [النور:60]؟ كيف تفهمون من هذه الكلمة؟ تضع ثيابها تخرج حمراء عارية؟ أيخطر ببال آدمي هذا؟ فما الذي تضعه في قوله: فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ [النور:60] أي الثياب التي كانت تستر الوجوه والمحاسن ودائرة الحسن في الوجه.

    تضع ذلك الخمار المعبر عنه بالثوب، وتخرج إلى الشارع تقضي حاجتها فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ والحال أنهن غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ [النور:60] أليس هذا كلام الله؟ ما معنى غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ [النور:60]، ما هي الزينة؟ أليست الكحل في العينين، والأحمر في الشفتين، والخاتم والأسورة في السواعد والأصابع والخلاخل في الأرجل، أو العقد حول العنق، أليست هذه هي الزينة.

    إذاً أعطاهن الرخصة في أن يخرجن كاشفات عن وجوههن، ومنعهن من التعسف في الحكم، أو استعمال الرخصة بالتحيل بأن تخرج وأكفها مخضبة بالحناء وخواتم الذهب في أصابعها، أو الأحمر والأبيض في عينيها وفي خديها.

    أعطيت رخصة فاستعمليها كما هي، اكشفي عن وجهك ولكن لا تحمري ولا تصفري ولا تتجملي، هذا معنى قوله تعالى: غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ [النور:60] فإن تبرجن بالزينة فممنوع عليهن الخروج، وليبقين كما كن في الملاءة والخمار.

    وأخيراً يقول لهن ربهن تعالى: وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60] ما معنى يستعففن؟ أي يطلبن العفة بالبقاء في البيوت، وإذا خرجن خرجن بالملاءات والخمر، لا يرى منهن شيء.

    أليس هذا اختيار الله؟ هل توجد عاقلة تقول: يختار لي ربي كذا وأنا لا أقبل ما يختار لي؟ فلهذا على العجوز بنت الثمانين أن تختار أن تبقى في ملاءتها وخمارها على رأسها حتى تلقى الله عز وجل.

    والآن توجد حملة كبيرة قوية شديدة تشن هذه الأيام على هذه الديار، حتى لا يبقى في ديار المسلمين ما يشار إليه، وحتى لا يبقى في دنيا الإسلام ما يشار إليه، ركزت الماسونية والصليبية والملاحدة على إنهاء الحجاب في هذه البلاد، تعاون الإنس والجن، وهم عاملون كلما استطاعوا، والله أسأل أن يخيب مسعاهم، وأن يبقي على هذا الحصن كما هو حتى توجد للإسلام حصون ودروع أخرى، فهذا النغم جديد؛ نغم كشف الوجه وكون الوجه ليس بعورة، وها أنتم تشاهدون هنا وهناك نساء ليست إحداهن زائرة ولا معتمرة، بل وطنيات سعوديات ولو بالتجنس يخرجن والوجوه مكشوفة.. هل هذا يجوز؟

    اقرءوا هذه الآية وتكلموا على علم، من هي القاعد التي أعطيت الإذن بأن تخرج بدون ملاءة، وعلى شرط ألا تمس شيئاً اسمه زينة، لا في عينيها ولا أصابعها ولا في أي موطن من مواطن زينتها، بهذا الشرط وإلا فلا.

    ومن استطاعت من عجائز المؤمنين والمؤمنات أن تبقى على ما هي عليه حتى تلقى ربها، فذاك اختيار الله لها وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60] تكمل أيامها القليلة وهي في حجابها، أحسن من أن تكشف عن وجهها.

    وسبحان الله! الحملة هذه ينبغي أن تبوء بالفشل، ولكن الأمر يتوقف عليكم يا أرباب المروءات، يا من عرفتم الطريق إلى الله، أما أن هذه الفتنة تنتهي تلقائياً وبدون ما مقاومة فسنة الله ما جرت على هذا، سنة الله قائمة على أن المنكر إذا ظهر ينبغي أن يغير.

    الرد على من يقول بعدم تغطية الوجه والكفين

    الله الله كلمة بسيطة تأملوها معي: هذا الذي يسمح لابنته وامرأته أن تخرج بادية الوجه للأسواق والشوارع والمساجد والمدارس، بحجة أن الوجه ليس بممنوع الكشف، وليس بعورة.. هل يسمح للرجال أن يدخلوا إلى بيته؟ هل يسمح للأجانب أن يدخلوا على أهله في بيته؟ لم لا يسمح؟ أليست هي التي كانت في الشارع؟ أما إذا دخلت البيت تصان، يغلق عليها الباب، وإذا كانت في الشارع لا بأس! هذا أمر يستدعي العجب!!

    إذا قلنا ما دامت كاشفة الوجه والكفين والساعدين في الشارع، لما تدخل البيت تتحجب لم؟ معنى هذا انتهى الحجاب، ولا إله إلا الله، بمجرد ما تكشف المرأة عن وجهها في الشارع انتهى الحجاب من الإسلام، أنا ما استطعت أن أفهم: امرأتي في الشارع قد يراها مكشوفة الوجه، ولما تدخل البيت أقول لصديقي أو لابن عمي: ادخل الحجرة حتى لا تشاهد المرأة، ما دام انكشف الوجه في الشارع، لأن يكشف في البيت من باب أولى.

    وحينئذ نحن جالسون وبناتنا ونساؤنا معنا، أنتم ضيوف فبناتنا يخدمنكم، نساؤنا يقدمن الطعام والشراب، يجلسن يتحدثن معكم، كما هي الآن في السوق والدكان، أي فرق؟ ومن هنا فإن من يتفطن يعلم أن كشف الوجه هو التبرج وهو السفور، وهو الذي جاء القرآن بمنعه.

    وأعيد القول وأكرره: الدعوة الآن قائمة على أن الوجه ليس بعورة، نعم ما هو بعورة، العورة السوءتان، العورة ما يُستحى من كشفه، أما الوجه مأمور بستره؛ لأنه منبت الحسن وموطن الجمال والفتنة، أما أعجاز النساء أو أكتاف النساء أو بطونهن، هذا أي جمال فيه يلفت النظر؟

    ورحم الله شاعراً قديماً يقول:

    نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء

    رتبها ترتيباً طبيعياً: نظرة، إذا كانت أمامك أو غادية بين يديك ونظرت إليها ونظرت إليك، سوف تبتسم لها أو تبتسم لك، وإذا ابتسمت أو ابتسمت يعقب ذلك التحية والسلام، وإذا وقع سلام وقع كلام قطعاً وانفتح الباب، وإذا حدث الكلام والابتسامة والتحية مع أجنبية.. فلم يبق إلا التواعد في محل كذا، أو مكان كذا.

    التحذير من أعداء الدين الداعين إلى التبرج والفتنة

    يا ديار الإيمان! يا ديار الإيمان! أجيبي، يا سكان ديار الإيمان إن العدو قد مكر بكم، وأقسم بإلهه أن ينزلكم من عليائكم، فإما أن تقفوا وقفة الرجل الواحد حتى تخيبوا كل أمل لهم، وثقوا أنكم أنتم المسلمون بحق، وإلا فسوف يحل بكم ما حل بغيركم، وسوف تندمون ولا ينفع الندم، ما زلتم في بداية الطريق، من رأى امرأة رجل من إخوانه كشفت عن وجهها يجمع له جماعة من الناس ويقول: ابنتك يا فلان، أو زوجتك، ما نراها بعد اليوم تنشر هذا الفساد في بلادنا أو في حينا أو قريتنا، وأيما داع يدعو إلى السفور يجب أن يلقم الحجر، وأن يلعن بيننا كما تلعن الشياطين.

    وأيما امرأة تحت ستار العلم والتعلم، أو تحت ستار آخر من الستر الماكرة، تظهر في هذا المظهر الداعي إلى السفور في بلادنا إلا ويجب أن نلعنها، وكانوا يموهون علينا ويغالطوننا، ويقولون: ما هو إلا الوجه، واختلف في ستره واختلف في تغطيته، وما انتهوا بنا إلا لما أن خمت ديار المسلمين بالزنا.

    في بداية الأمر كانوا يطالبون بكشف الوجه في بلاد المسلمين، هل انتهى الأمر بكشف الوجه؟ انتهى بنصف الثوب وربعه، ثم يضللوننا وهم مضللون بأصابع الماسونية يقولون: عفة المرأة في نفسها، وبالتالي خمت الدنيا بالزنا، وأصبح أبناء الزنا يلقون في الشوارع، فماذا فعلوا؟ أوجدوا دور الحضانة لأبناء الشعب، وأصبحوا يربون جيوشاً من أولاد الزنا، لو يحكمون في يوم ما لقلبوا الحياة جحيماً، لا يعرفون إلّاً ولا ذمة، لا يعرفون كرامة ولا ديناً ولا إيماناً، لا آباء لهم ولا أمهات.. أبعد هذا الذي شاهدناه في ديارنا الإسلامية ننخدع نحن ونجري وراءهم مرة ثانية؟ يجب أن نقسم بالله أن السفور محرم في ديارنا، والذي لا تطيب له الحياة بيننا عفيفاً طاهراً فليرحل من ديار الإسلام.

    1.   

    وجوب التعاون على محاربة الفواحش وأسبابها

    معاشر المسلمين! إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، إن الذين يجاورون الله عز وجل لن يكونوا إلا من ذوي الأرواح الطيبة، إن الخبث والخبث لن يكون أبداً سبيلاً إلى دار السلام.

    فلهذا يجب أن نقدر موقفنا معاشر المؤمنين والمؤمنات، وأن نعرف أننا عرضة لهذه الفتنة، ولنتشجع ولنتحمل مسئوليتنا، ولنتعاون فإن الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر من سماتنا الخاصة وصفاتنا المميزة لنا بين الأمم والشعوب كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [آل عمران:110] فالذي يعرف من جاره أو من قريبه أو من صديقه، يعرف منه أن فتاة في بيته تخرج سافرة، لم لا يخلو به وينصح له؟ لم لا يبعث بزوجته لأم تلك الفتاة تنصح لها وتقول لها: اتقي الله، ولا تفعلي هذا في ديار الإسلام، احتجبي وغطي محاسنك، واستري الوجه عندما تخرجين.

    إننا إذا تخلينا عن الحجاب تخلينا عن أم الفضائل، الصحيح إذا تخلينا عن الحجاب فتحنا أبوابنا لكل فساد وشر، لا شك أنكم تسمعون، ونحن نسمع أكثر؛ لأننا نسأل ونستفتى، هل بلغكم في ديار الإسلام أن الرجل يعتدي ويرتكب الفاحشة مع ابنته؟ هل بلغكم أن فلاناً زنا بأخته وأنجبت؟ هل سئلتم أن الرجل الفلاني يريد أن يزني بامرأة ولده من صلبه -حبيبة ابنه-؟! هل كان هذا يذكر في ديار الإسلام والمسلمين؟ كيف حصل هذا الآن؟ كيف وجد؟ ما هي عوامله، ما هي أسبابه؟

    إنه الاختلاط وهدم الحجاب، إن ربك تعالى عليم حكيم عندما شرع الحجاب وفرضه على نساء الرسول أولاً وهن أمهات المؤمنين، لا يحل لرجل أن يتزوج امرأة محمد صلى الله عليه وسلم بعد موته، كما لا يحل له أن ينكح أمه، ومع هذا لنعرف قدرنا نحن، أمهات المؤمنين ضرب عليهن الحجاب، فما بال غيرهن من نساء المؤمنات؟

    إنه من باب أولى، فقول الله تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ [الإسراء:23] الضرب محرم بمليون مرة من كلمة أف، ولكن الله ما ذكر الضرب مكان أف، فإذا فرض الله الحجاب على أمهات المؤمنين فمن دونهن اللائي هن عرضة لأن يتزوجن وأن ينكحن من باب أولى، ثم يغالطون، نتحداهم، أولئك الذين يدعون أن الرسول صلى الله عليه وسلم أو أصحاب الرسول أذنوا في الوجه والكفين أن يثبتوا أن نساء الصحابة كن يخرجن كاشفات عن وجوههن؟ لن نأتي بأثر، ثم لو كان كشف الوجه مأذوناً فيه مشروعاً، فلم المحرمة مأمورة بأن تكشف عن وجهها؟ فهل المكشوف يؤمر بكشفه؟

    يا عباد الله! إذا كان الوجه مكشوفاً دائماً للغادي والرايح من الناس، فلم يأمرها الله تعالى أن تكشف وجهها إذا أحرمت بحج أو عمرة؟

    هلا تفطنتم؟ أما علمتم أن فقهاء الإسلام يقولون: إحرام المرأة في وجهها، بمعنى أن عليها أن تكشف وجهها إذا لم تخف الفتنة، فلو كان الوجه مكشوفاً دائماً فهل ستؤمر النساء بكشفه في الإحرام؟ الآن لو كشف الرجال رءوسهم يقول لهم الخطيب يوم الجمعة: أيها المحرمون لا تغطوا رءوسكم، يغطون ماذا؟ هم كاشفو رءوسهم دائماً وأبداً، لكن كان الرجل يستحي أن يكشف رأسه، فلما أراده الله في إحرامه أمره أن يتجرد وأن يكشف رأسه طاعة لله، فالمرأة لو كانت تعيش كاشفة الوجه بين الأجانب، فلم يقولون لها: يا أمة الله! اكشفي عن وجهك؛ لأنك محرمة؟

    والكلام كثير، والحقيقة التي نريد أن نخلص إليها: أنصح لكم، أذكركم بالله، أذكركم بأنكم البقية الباقية في ديار الإسلام، أن هناك مكراً كبيراً، وأن هناك خداعاً عظيماً، أن الفتنة قائمة ومركزة على ألا يبقى حجاب في هذه البلاد، فلا تمكنوهم من أنفسكم، واعلموا أنكم قادرون في هذه الأيام على أن تصونوا نساءكم وبناتكم، وأن تحجبوهن، أما إذا أغمضتم أعينكم لا أقول ربع قرن، بل اثنتي عشرة سنة فقط، فإنكم لو أردتم أن تردوا الحجاب لكان كالذي يريد أن يرد الشباب بعد الشيب، تفلت زمامه.

    وليبلغ الشاهد الغائب، وتعاونوا فإن التعاون بين المؤمنين فريضة الله، وأمر أوجبه الله .. أعينوني أنا ضعيف، غلبتني امرأتي، أعينوني عليها، ابعث أنت بزوجتك، واتصل أنت بأب الزوجة، وانصح له وبين له، وقل له: هذه ظاهرة سفور، احجب امرأتك، فإذا تم هذا التعاون ولم نرض أبداً بكلمة اسمها: كشف الوجه تحرير، هذه الكلمة خبيثة وماكرة ومنتنة.

    واعلموا أن كثيراً من المؤمنات في ديارنا الأخرى أخذن يرجعن ويؤبن إلى الحق ويلتزمن بالحجاب.

    فكيف إذاً نحن نعود إليهم؟! من يغالطنا هذه المغالطة؟ وكيف نقبل المغالطة؟

    إن القرآن كما نزل لم ينسخ، وهو كما هو وبه نتعبد الله عز وجل ونعبده، آيات الحجاب أعظمها دلالة قول الله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53] لو كان كشف الوجه ممدوحاً أو مأذوناً فيه مباحاً، فلم لا ندخل ونتناول منها المتاع؟ ممنوع؛ كي لا أشاهد وجهها، فإذا كان كشف الوجه مباحاً في الشارع، لم لا يكون مباحاً في البيت؟ إباحته في البيت أولى يا عباد الله؛ لأن البيت معمور، أما أن نكشف عن وجوه نسائنا في الشوارع، وإذا دخلن البيوت نقول: الحجاب، حجاب ممن؟

    أكتفي بهذا، وأجيب عن بعض الأسئلة، لعلها تدعم هذا الموضوع.

    1.   

    الأسئلة

    حكم كشف الممرضة وجهها وتطبيبها للرجال

    السؤال: هل يجوز للممرضة والطبيبة كشف الوجه وتطبيب الرجال؟

    الجواب: يجوز ذلك إذا احتجنا احتياجاً إلى طبيبات أو ممرضات؛ لكوننا في وقت حرب وشهداؤنا وجرحانا ينقلون من الميدان بالألوف، وكانت الضرورة أن تداوي المرأة الرجل وتطببه وتمرضه، ونساء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل وفاطمة الزهراء في أحد كن يسقين المرضى ويضمدن جراحاتهم.

    أما في حالة اليسر، في حالة الاختيار، فالنساء يعالجن النساء، والممرضات يمرضن النساء، وأطباؤنا الذكور الفحول والممرضون الذكور يعالجون ويمرضون الذكور، لا خلط ولا خبط، هذا رجل وهذه امرأة، هذا دين الله، ومن أراد غير هذا أراد الخروج عن دين الله تعالى.

    فالحل هو هذا، وأيما أخ عنده بنت أو أخت تشتغل ممرضة، فلا تمرض الرجال بل تمرض النساء فقط.

    حكم وجود الخادمات في البيوت الإسلامية

    السؤال: ما رأيكم في ظاهرة انتشار الخادمات في بيوتنا الإسلامية، وبعضهن غير مسلمات، وهل يجوز أن تكشف وجهها لصاحب الدار؟

    الجواب: هذا مما ينبغي أيضاً معرفته والوقوف على حقيقته، لا يحل لك يا عبد الله أن تأتي بخادمة شابة غير متدينة، ما بلغت سناً لا تحمل فيها ولا تحيض، أن تأتي بها إلى بيتك وتسمح لنفسك ولأولادك أن يخلوا بها، ويتحدثوا معها، ويتكلموا معها.. كأنها أختهم، هذا طريق الزنا وارتكاب الفاحشة في البيوت.

    ولا يصح ولا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن ينظر إلى خادمة شابة تتزوج وتنكح.

    وإذا رآها في الشارع قد لا يتأتى له أن ينال منها كما إذا رآها في بيته ويخلو بها في غرفته، محنة الخدم محنة جديدة وقاسية، ما رأيكم في الخادم الذي نعطيه بناتنا يسوق بهن السيارة، ويخرج بهن إلى المدرسة أو إلى السوق؟!

    لا يهلك على الله إلا هالك، لا يحل لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يرسل بناته أو نساءه مع سائق لا يعرف له ديناً ولا ملة، ويخرج بهن إلا من ضرورة، وإذا كان ولا بد فلا يحمل امرأة وحده أو بنتاً وحدها.

    أخوك تعجبه امرأتك ويظل معها في بيت واحد، يمكن أن يأتي الفاحشة معها! هذا هو الطريق، وإذا أتى بالفاحشة قتل، فهو إذاً الموت.

    اجتماع النساء حول الباعة في الشوارع

    السؤال: نساؤنا يخرجن إلى البائع في الشوارع ويجتمعن حوله ويأخذن ويعطين معه؟

    الجواب: لماذا يحدث هذا؟ ألأن البائع في نظرهن ليس فحلاً؟! فنظرته بسيطة؛ لأن هذا البائع فقير ما هو بفحل!!

    والله ما جاء هذا في دين الإسلام، إذا اضطرت المرأة أن تشتري فعلى وجهها خمارها، وتوجز في الكلمات: أعطني كذا وخذ، وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا [الأحزاب:32]، ومن عندها رجلها أو ابنها أو جارتها العجوز يجب ألا تخرج لحاجتها، بل تنيب من يقضي حاجتها، وإذا احتاجت تخمرت وخرجت ولكن لا تطيل الحديث، خذ وأعطني.

    يا أبناء الإسلام! يا أبناء الإيمان! يا سكان الديار المقدسة! تفطنوا لما يراد لكم، انتبهوا، مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، وإلا سوف تلقون في يوم من الأيام حثالة كحثالة الناس لا كرامة ولا مروءة.

    حكم زيارة القبور للنساء

    السؤال: ما حكم زيارة القبور للنساء؟

    الجواب: زيارة القبور للنساء مكروهة وقد تكون حراماً، إذا كثرت فهي محرمة، وإن قلت فأقل أحوالها أنها مكروهة، فهي محرمة وإن قلت أقل أحوالها أنها مكروهة، عفا الله عن المرأة أموراً كثيرة وخفف عنها، من ذلك: ألا تدفن الميت ولا تشاهده ولا تتبع جنازة، ولا تزور مقبرة، من أراحه الله فليقبل.

    مصافحة المرأة إذا كانت محرماً كأمك وأختك وبنت أخيك جائزة، أما أجنبية تصافحها فهذا لا يجوز إلى يوم القيامة.

    حكم تعليق الحروز من القرآن أو السنة

    السؤال: ما حكم تعليق حرز من القرآن أو السنة؟

    الجواب: بدلاً من أن نعلق الحروز من الآيات المكتوبة أو الدعاء المكتوب، نقرؤها ونمسح على وجوهنا أو على جسم مريضنا، الرقية مشروعة لا يختلف فيها مؤمن مع آخر، الرقية بالكلم الطيب والقرآن الكريم فيها شفاء، نقرأ على المريض ونمسح، نقرأ على الماء ويشرب، أما تعليق الحرز ففيه شبه كثيرة، ومن الخير تركه، أرأيتم كيف يطاردوننا، حتى النعل كتبوا فيه اسم الجلالة: الله، عزموا على تكفيرنا.

    فلهذا لا يحل لمؤمن ولا مؤمنة أن يلبس نعلاً فيه اسم الله، ثم من رآه وعرفه وتعمد ذلك فقد ارتد وخرج من الإسلام، ومن لم يعرفه فهو آثم واقع في ذنب عظيم، والحمد لله الحكومة تحركت ووضعت ترتيبات القضاء على هذه الفتنة، ولكن فقط قلنا لكم من باب أن عدوكم يجري وراءكم، كالكلب المسعور، المهم ألا نبقى مسلمين عندهم، والعياذ بالله.

    لا يحل لك ولا لي أن نشتري جريدة لنقرأها ثم نرمي بها في الشارع، لا يحل لمؤمن ولا مؤمنة أن يشتري جريدة ليقرأها ثم يجعلها كيساً، أو يضعها مائدة وسفرة لطعامه، أو يجلس عليها، أو يرميها في المزبلة.. وهو يعلم أن فيها قال الله وقال رسوله، وهو يعلم أن فيها اسم الله، من فعل هذا متعمداً فقد ارتكب أعظم الإثم، وإن كان مستخفاً فهو مرتد.

    الجرائد تجمع في كيس في بيتك ثم تنقلها إلى البحر فترميها فيه، أو تدفنها في الأرض كما يدفن الناس الموتى، أو يحرقها في مكان لا تتطاير فيه وتبقى في المكان.

    ولهذا قلت لكم: نحن -يا جماعة- مسلمون أو نصارى؟ هذه هي طبيعة ديننا، النصراني يستجمر بالجريدة أليس كذلك؟

    المسلم لا يحل له أن يستجمر بشيء محترم حتى العظم، فكيف إذاً اسم الله الأعظم، بسم الله الرحمن الرحيم، يدوسه برجليه ويبقى مسلماً؟ ارتد، لكن بما أن إخواننا يجهلون نقول: ارتكبوا ذنوباً عظاماً، وما وصلوا إلى الردة، وإنما يرتد من يعلم أنه اسم الله ثم يهينه والعياذ بالله.

    الاقتراحات كثيرة، تريدون اقتراحات أو لا؟

    نحن نقول: جرائدنا نحن المسلمين جرائد نظيفة طاهرة، صحف مطهرة فيها كتب قيمة، ما يكتب فيها الباطل ولا الشر ولا الفساد ولا صور، كل ما فيها حق وخير، وتجمع وتصبح كتباً عندنا، لكن ما دام فيها الغث والسمين والباطل والشر والخلاعة والفساد، من هنا استهان الناس بها، لكن ماذا نصنع ما دام فيها اسم الله؟ نخشى أن يقولوا في يوم من الأيام: إذاً لا نكتب لكم فيها أحاديث ولا آية ولا نقول: باسم الله، كجرائد اليهود، فأين وصلنا إذاً؟ إلى مرتبة أسوأ أيضاً، فمن الخير أن نعمل على جمعها دائماً في أكياس وندفنها أو نحرقها أو نرمي بها في البحر إذا كنا من سكان السواحل، هذا هو الطريق.

    حكم تشبيك الأصابع في الصلاة

    السؤال: ما حكم تشبيك الأصابع في الصلاة؟

    الجواب: تشبيك الأصابع في الصلاة مكروه.

    حكم إدخال مجلة فيها صور إلى البيت

    السؤال: ما حكم الذي يدخل الجريدة أو مجلة فيها صور إلى بيته؟

    الجواب: الملائكة تعتزل بيتكم.

    حكم تعليق الآيات في الجدران

    السؤال: ما حكم تعليق الآيات في الجدران؟

    الجواب: يجوز إذا كانت تذكرك بالله، أو حكمة تنظر إليها وتحفظها من الأذى، يجوز على أصل الإباحة.

    حكم ترك السنن الراتبة

    السؤال: السنن الراتبة هل تركها محمود أو مذموم؟

    الجواب: لا يتركها إلا محروم، من استطاع ألا يترك الرواتب فلا يتركها إلا من عذر، أما أن يصلي الفريضة فقط ويترك النافلة ويذهب ليلعب، فهذا طريق الخسران.

    حكم البقاء في قرية يصافح الرجال فيها النساء

    السؤال: شاع في قريتنا مصافحة الرجال للنساء الأجانب، وإذا أمرنا أو نهينا لا يستجاب لنا؟

    الجواب: هاجر إلى قرية أخرى.

    والد يمنع من حجب البنات

    السؤال: والده منعه أن يحجب بناته، قال: وإن حجبت بناتك فلا حق لك في الميراث، ولا تدخل في بيتي؟

    الجواب: هذا أبوك -والعياذ بالله تعالى- زلت قدمه، وقلبه امتلأ بقيح الإلحاد، فيجب أن تهاجر من بلاده وقريته.

    الوالد يأمر بالباطل! أعوذ بالله من هذه الحياة.

    أبو إبراهيم كافر يا بني! هذا يلبس لباس المسلمين ويقول أنه مسلم، ويأمر حفيداته أن يخرجن متبرجات.

    معاشر الأبناء نستودعكم الله تعالى، والله أسأل أن يغفر لي ولكم، وأن يتجاوز عنا وعنكم وسائر المؤمنين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755929583