إسلام ويب

صلاح الدينللشيخ : أيمن الجروي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • كثيرة هي الصرخات المنطلقة من أولى القبلتين، وهي تدعو المسلمين لإنقاذ الأقصى من براثن اليهود الغاصبين. لقد انطلقت هذه الصرخات في الماضي عندما كان الأقصى يئن تحت وطأة الغزاة الصليبيين، فأجابها بطل كردي، أعاد الله على يديه المسجد إلى حوزة المسلمين، وأرغم أنوف الغزاة الغاصبين. فما هي قصة هذا البطل؟ وماذا صنع للأقصى السليب؟

    1.   

    صرخات القدس تبحث عن مجيب

    الحمد لله معز الإسلام بنصره، ومذل الشرك بقهره، ومصرف الأمور بأمره، ومزيد النعم بشكره، ومستدرج الكافرين بمكره، الذي قدر الأيام دوَلاً بعدله، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأفاض على عباده من طله وهطله، الذي أظهر دينه على الدين كله، القاهر فوق عباده فلا يمانَع، والظاهر على خليقته فلا ينازَع، الآمر بما يشاء فلا يراجَع، الحاكم بما يريد فلا يدافَع.

    أحمده على آلائه وإنعامه، وإعزازه لجنده وأوليائه، المتبعين لسنة نبيه والعاملين بقرآنه، الذين لا يخلو منهم زمانٌ ولا مكان، ما يمضي منهم واحد للقاء الرحمن إلا وقام أمثاله في سائر البلدان، لا يرضون بغير نصرة الدين بديلاً، وليس لهم لذلك سوى الجهاد سبيلاً: رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً [الأحزاب:23].

    وأشهد أن لا إله إلا الله الذي أعز يوم حطين الدينَ، ونصر المسلمين، وطهر الأقصى على يد صلاح الدين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الأمين، أرسله الله رحمةً للعالمين، فهدى به من اتبع سبيله من الأميين، وأضل به من زاغ عن هديه من الكفار والمشركين، وكتب عليهم الذلة والصغار إلى يوم الدين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وذريته وأصحابه من الأنصار والمهاجرين.

    كم هز الخطباء منابر     والقدس جريحٌ ينزف دمْ

    لم أقف لكي أخطب لكن     كي أسأل من للقدس اليومْ

    أيها الأحبة الكرام: كلما نظر المسلمون إلى ما يجري لإخوانهم في القدس المحتلة أطلق أحدهم صيحته قائلاً: وا صلاح الدين!

    وكلما سمع المسلمون عن محاولات اليهود المتكررة لهدم المسجد الأقصى صاحوا قائلين: وا صلاح الدين!

    وكلما أيقن المسلمون بأن مبادرات السلام مع اليهود ما هي إلا محاولات منهم لكسب الوقت حتى تحين لهم الفرصة للقضاء على الإسلام والمسلمين صاحوا: وا صلاح الدين!

    وكلمـا عانى المـسلمون تخاذل حكامهم وقادتهم عن استرجاع فلسطين المحتلة والقدس الأسير صاحوا: وا صلاح الدين!

    وكلما تاق الصادقون من المسلمين إلى الجهاد الحقيقي لمنازلة أعداء الله، وتلفتوا فلم يجدوا قائداً بطلاً مغواراً صاحوا مرددين: وا صلاح الدين!

    وبرغم كثرة هذه الصيحات وتنوع مصادرها، فمرةً تخرج من فلسطين، ومرةً تخرج من مصر، ومرةً من غيرها من بلدان المسلمين، من الكبير تخرج، ومن الصغير كذلك، من الرجل تخرج، ومن المرأة كذلك، من العلماء تخرج، ومن العوام كذلك، من كل هؤلاء، ومن غيرهم من المسلمين تنطلق صيحة: وا صلاح الدين! تزلزل جنبات المعمورة، ولكن -وآهٍ من لكن!- عُدِم صوت الإجابة، فلا مجيب ولا مستجيب، فلم يبرز صوت صلاح الدين في هذا الزمان ليقول للمسلمين مجيباً: وا إسلاماه! بل جبن كثيرٌ من الأبطال الزائفين والقادة المصنوعين، ورجال المواقف المتخاذلين، جَبُن هؤلاء وهؤلاء أن يجيب أحدهم هذه الصيحات قائلاً: وا إسلاماه! لأنه يعلم أن المسلمين من أصحاب هذه الصيحات لن يقبلوا منه قولاً بلا عمل، ولا نصراً بلا معركة، ولا أن يكون بطلاً بلا بطولة، فلقد سئموا من بطولات القصور، وانتصارات السياسة، ومفاوضات الموائد المستديرة، وزهو التصريحات، والألقاب الرنانة لقادة اللاحرب واللاسلام التي خسر أصحابها أمام شعوبهم في معركة الحرب فلم يعلنوها، وخسروا أمام أعدائهم في معركة السلام فلم يكسبوها.

    فيا أمتي استيقظي فالنوم طال النوم طالْ

    إن الجهاد بالذين ترينهم أمرٌ محالْ

    فجميعهم أبطال جعجعةٍ أرانب في النزالْ

    وعلى رءوسهم نياشين القتال ولا قتالْ

    هذا العقيد وذا اللواء وذا الفريق المارشالْ

    رتبٌ وتيجانٌ لمن خاضوا المعارك في الخيالْ

    يضعونها رسومٌ فوق الكتوف باختيالْ

    ولو أنهم يا ليت شعري أنصفوا رسموا غزالْ

    والله إني لا أبالغ ولا أشهر ولا أغالْ

    لو ينطق التاريخ في زماننا هذا لقالْ

    ليخلع القادة تلك النجوم والنسور ويدفنوها في الرمالْ

    هذا حالهم وعدوهم يلتهم السهول مع الجبالْ

    هذا حالهم وعدوهم يسبي النساء ويذبح الأطفالْ

    سحقاً لهم إن لم يموتوا كالأبطال أو يعيشوا كالرجالْ

    أيها الأحباب الكرام: إذا عدمنا صوت الإجابة من صلاح الدين في هذا الزمان وهو ينادي مجيباً: وا إسلاماه! فلا أقل من أن نبعث صوت صلاح الدين من الماضي السحيق لعله ينبِّه الغافلين، ويوقظ النائمين، فهيا نستمع إلى صوت صلاح وهو يجيب صيحة المسجد الأقصى التي أرسلها إليه مستغيثاً به يقول له فيها:

    يا أيها الملك الذي لمعالم الصلبان نكَّسْ

    جاءت إليك ظلامةٌ تسعى من البيت المقدَّسْ

    كل المساجد طُهِّرت وأنا على شرفي منجَّسْ

    1.   

    سيرة صلاح الدين الأيوبي

    فمن هو صلاح الدين أيها المسلمون؟!

    مولده ونشأته وتوليه الحكم

    إن صلاح الدين : يوسف بن نجم الدين أيوب بن شاذي الكردي ، بطلٌ من أبطال المسلمين الذين كان شعارهم:

    أبي الإسلام لا أب لي سـواه     إذا افتخروا بقيس أو تميمِِ

    فلم يكن صلاح الدين من العرب المسلمين، وإنما كان من الأكراد المسلمين، فهو كردي النسب، ولأجل ذلك يُهان شعب الأكراد في هذه الأيام ومنذ زمن، لا لشيءٍ سوى أنه أنجب صلاح الدين.

    وُلد صلاح الدين في قلعة تكريت بـالعراق سنة: (532) من الهجرة.

    وكان أبوه نجم الدين أيوب حاكماً لهذه القلعة من قبل السلطان محمد بن ملك شاه السلجوقي التركي في زمنٍ تدهورت فيه الخلافة العباسية بـبغداد، وضعُف فيه الخلفاء، فانفرد حكام الأقاليم والأمراء بالدول والبلدان، وأطلقوا على أنفسهم ألقاب الملوك والسلاطين.

    وقامت في بعض هذه الأقاليم دولٌ قوية أقوى من دولة الخلافة، بل وكان ملكوها أقوى من الخليفة ذاته في بعض الأحيان، مثل الدولة الخوارزمية، والدولة الغزنوية، والدولة السلجوقية التركية، والتي كان منها السلطان عماد الدين زنكي التركي الأصل، والذي كان من شأنه أنه هُزِم في إحدى المعارك، وفي أثناء عودته إلى إمارته بـالموصل، مر بقلعة تكريت، فاستضافه نجم الدين أيوب، وأحسن إليه خمسة عشر يوماً.

    ثم حدث أن نزع السلطان مسعود بن محمد بن ملك شاه قلعة تكريت من نجم الدين أيوب،، وأعطاها إلى مجاهد الدين نهروز، الذي أخرج بدوره نجم الدين منها، وفي ليلة خروجه ولد له صلاح الدين، فتشاءم به، ولكن يا لَلأخبار!

    وخرج نجم الدين أيوب من تكريت ومعه أخوه أسد الدين شيركوه إلى الموصل حيث السلطان عماد الدين زنكي، فأحسن إليهما وقربهما، وجعل نجم الدين وزيراً له، ثم بعد وفاته كان وزيراً لابنه الملك العظيم السلطان نور الدين محمود زنكي قاهر الصليبيين، والذي استرد للمسلمين خمسين مدينةً من أيدي الفرنجة، والذي تربى في كنفه صلاح الدين الأيوبي، فكان صلاح الدين حَسَنة من حسنات نور الدين محمود زنكي.

    وتبدأ قصة صلاح الدين سنة (564هـ) عندما استغاث شاور وزير مصر في عهد الخليفة العاضد آخر خلفاء الدولة العبيدية الشيعية المعروفة في التاريخ ظلماً بالدولة الفاطمية، استغاث هذا الوزير بسلطان الشام نور الدين محمود بعد أن نُزِعت منه الوزارة في مصر، فأرسل معه جيشاً بقيادة أسد الدين شيركوه الذي اصطحب معه ابن أخيه صلاح الدين الذي كان كارهاً لذلك وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:216] ولما استقر الأمر بـمصر لـشاور أراد أن يخدع أسد الدين، فقتله صلاح الدين، وأصبح أسد الدين وزير مصر.

    ثم ما لبث أن مات بعد ذلك بقليل، فكان صلاح الدين وزير مصر من بعده، وفي سنة (567هـ) توفي الخليفة العاضد، فتصالح أهل مصر على تولية صلاح الدين مَلِكاً عليهم، فأنهى حكم الدولة العبيدية بـمصر، وطهَّرها من الشيعة الباطنيين، وأعاد مصر إلى السنة، وإلى سلطان دولة الخلافة العباسية بـبغداد.

    قتاله للصليبيين وتوحيده للممالك الإسلامية

    وهكذا بقي صلاح الدين حاكماً على مصر إلى أن توفي السلطان نور الدين محمود سنة (569هـ)، وتقاسم أبناؤه وإخوتُه الملك والممالك من بعده، وصارت بينهم فتن، سارع على أثرها صلاح الدين بالعودة إلى الشام ودخول دمشق، فجمع الله به الصف، ولَمَّ به الشمل مرةً أخرى كما كان الحال على عهد نور الدين محمود.

    وأخذ صلاح الدين يفتح البلدان، ويقاتل الفرنجة الصليبيين، الذين كانوا قد استولوا على بلاد الشام وبيت المقدس منذ (91) سنة، فقتلوا الرجال، وسبوا النساء، وذبحوا الأطفال، وانتهكوا الحرمات، واستحلوا المقدسات، ونشروا الكفر، ورفعوا الصلبان، وحجبوا نور التوحيد والإيمان، حتى صار الحال كما قال القائل:

    أحل الكفرُ بالإسلام ضيماً     يطول عليه للدين النحيبُ

    فحقٌ ضائعٌ وحمى مباحٌ     وسيفٌ قاطعٌ ودم صبيبُ

    وكم من مسلمٍ أمسـى سليباً     ومسلمةٍ لها حرمٌ سليبُ

    وكم من مسجدٍ جعلـوه ديراً     على محرابه نُصِبَ الصليبُ

    أمورٌ لو تأملهنَّ طفلٌ     لَطَفِلَ في عوارضه المشيبُ

    أتسبى المسلمات بكل ثغرٍ     وعيشُ المسلمين إذاً يطيبُ؟!

    أما لله والإسلام حـقٌ     يدافع عنه شبانٌ وشيبُ

    فقل لذوي البصائر حيث كانوا     أجيبوا الله ويحكم! أجيبوا

    فكان المجيب هو: صلاح الدين الأيوبي، الذي استمر في جهاده لتوحيد بلدان المسلمين تارة، ولقتال الفرنج الصليبيين تارةً أخرى مدة عشر سنين، حتى مرض سنة (581هـ)، فنذر لئن شفاه الله تعالى من مرضه هذا ليصرفن همته كلها إلى قتال الفرنج، ولا يقاتل بعد ذلك مسلماً، وليجعلن أكبر همه فتح بيت المقدس ولو أنفق في سبيل ذلك جميع ما يملك من الأموال والذخائر، فعند ذلك شفاه الله عز وجل من مرضه.

    فأخذ صلاح الدين يجمع الأفراد، ويجيش الجيوش، ويوحد صفوف الملوك والأمراء لقتال الصليبيين.

    إلى أن كانت سنة (583هـ) وفيها كانت وقعة حطين في ربيع الآخر، حيث قصد السلطان صلاح الدين الصليبيين في اثني عشر ألفاً من الجنود، وكان عدد الصليبيين ثلاثة وستين ألفاً، وفيها تواجه الفريقان، وتقابل الجيشان، وأسفر وجه الإيمان، واغبر واغتم وأظلم وجه الكفر والطغيان، ودارت دائرة السوء على عبدة الصلبان، وتبارز الشجعان، ثم أمر السلطان بالتكبير والحملة الصادقة فحمَلوا وكان النصر من الله عز وجل، فمنحهم الله أكتاف عدوهم فقُتِل من الصليبين في ذلك اليوم ثلاثون ألفاً، وأسر ثلاثون ألفاً من شجعانهم وفرسانهم، وكان في جملة الأسرى جميع ملوكهم، ولم يُسْمَع بمثل هذا اليوم في عز الإسلام وأهله ودمْغ الباطل وأهله، حتى ذُكِر أن بعض الفلاحين رآه أحدهم يقود نيفاً وثلاثين أسيراً قد ربطهم بحبل خيمة، وباع أحدُهم أسيراً بنعلٍ يلبسها في رجله، وجرت أمورٌ لم يُسْمَع بمثلها إلا في زمن الصحابة والتابعين.

    فلله الحمد حمداً دائماً كثيراً طيباً مباركاً فيه.

    ثم بعد أن هزم السلطان صلاح الدين الصليبيين في حطين سار إلى قلعة طبرية فأخذها.

    ثم سار إلى عكا ففتحها.

    ثم سار منها إلى صيدا وبيروت، وتلك النواحي من الساحل يأخذها بلداً بلداً.

    فكان جملة ما افتتحه السلطان في هذه المدة القريبة خمسين بلداً كباراً.

    فتحه لبيت المقدس

    ثم أمر الجيش بالراحة ليستعدوا لفتح بيت المقدس، وطار في الناس أن السلطان قد عزم على فتح بيت المقدس، فقصده العلماء والصالحون والمتطوعون وجاءوا إليه من كل حدبٍ وصوب، فاجتمع من عباد الله ومن الجيوش شيءٌ كثيرٌ جداً.

    فعند ذلك قصد السلطان القدس، وأمر العساكر فاجتمعت.

    ثم سار نحو بيت المقدس فوصلها في الخامس عشر من رجب من نفس السنة، وحاصر السلطانُ بيت المقدس، وقاتل الصليبيون قتالاً هائلاً، وبذلوا أنفسهم وأموالهم في نصرة دينهم وباطلهم.

    فعند ذلك أمر السلطان بنصب المنجنيق، وبادر هو وأصحابه إلى الناحية الشمالية من سور البلد، فنقَّب السور وأحرقه حتى سقط ذلك الجانب، ولما شاهد الصليبيون ذلك الحادث الفظيع قصد أكابرهم السلطان، وتشفعوا إليه أن يعطيهم الأمان ويخرجوا منها، فامتنع من ذلك، وقال: لا أفتحها إلا عنوة كما افتتحتموها أنتم عنوة، ولا أترك بها أحداً من النصارى إلا قتلته، كما قتلتم أنتم من كان بها من المسلمين.

    فعند ذلك طلب حاكم بيت المقدس الصليبي الأمان من السلطان ليحضر عنده، فأمَّنه السلطان، فلما حضر ترقق للسلطان وذل بين يديه ذلاً عظيماً، وتشفع إليه بكل ما أمكنه، فلم يجبه السلطان إلى الأمان، فعند ذلك قال للسلطان: إن لم تعطنا الأمان رجعنا فقتلنا كل أسيرٍ بأيدينا، وكانوا قريباً من أربعة آلاف، وقتلنا ذرارينا وأولادنا ونساءنا، وخربنا الدور والأماكن الحسنة، وأحرقنا المتاع، وأتلفنا ما بأيدينا من الأموال، وهدمنا قبة الصخرة، وحرَّقنا ما نقدر عليه، وبعد ذلك نخرج فنقاتل قتال الموت، ولا خير في حياتنا بعد ذلك، فلا يُقْتَل واحدٌ منا حتى يَقْتُل أعداد منكم، فماذا ترتجي بعد هذا من الخير؟

    فلما سمع السلطان ذلك أجاب إلى الصلح على أن يبذل كل رجلٍ منهم عن نفسه عشرة دنانير، وعن المرأة خمسة دنانير، وعن كل صغيرٍ وصغيرة دينارين، ومَن عَجَز كان أسيراً للمسلمين، وأن تكون الغلات والأسلحة والدور للمسلمين، وأنهم يتحولون منها إلى مأمنٍ بمدينة صور، وأن من لم يبذل ما شُرِط عليه إلى أربعين يوماً فهو أسيرٌ للمسلمين، فكان جملة الأسرى ستة عشر ألفاً من رجالٍ ونساءٍ وولدان.

    ودخل السلطان والمسلمون البلد يوم الجمعة قبل وقت الصلاة بقليل، وذلك في يوم السابع والعشرين من شهر رجب، ولم يتمكنوا من صلاة الجمعة ذلك اليوم، فأخذوا في تنظيف المسجد الأقصى مما كان فيه من الصلبان والرهبان والخنازير، وغُسِلت قبة الصخرة بماء الورد والمسك الفاخر.

    ثم قَبَض السلطان من الصليبيين ما كانوا بذلوه عن أنفسهم من الأموال، وأطلق خلقاً منهم من غير فداء، وفرَّق السلطان جميع ما قبض منهم من الذهب والأموال على الجنود والأمراء، ولم يأخذ منه شيئاً مما يُقْتَنى ويدخر، وكان رحمه الله جواداً كريماً.

    ثم لما تطهر بيت المقدس مما كان فيه من الصلبان والنواقيس والرهبان، ودخله أهل الإيمان، ونودي بالأذان، وقرئ القرآن، ووُحِّد الرحمن، كانت أول جمعة أقيمت في اليوم الرابع من شعبان، بعد يوم الفتح بثمان، فنُصِب المنبر إلى جانب المحراب، وبُسِطَت البُسُط، وعُلِّقت القناديل، وتلي التنـزيل، وجاء الحق وبطلت الأباطيل، وصفت السجادات، وكثرت السجدات، وتنوعت العبادات، وارتفعت الدعوات، ونزلت البركات، وانجلت الكربات، وأقيمت الصلوات، وأذَّن المؤذنون، وخرس القسيسون، وزال البؤس، وطابت النفوس، وأقبلت السعود، وأدبرت النحوس، وعُبِد الله الأحد الصمد، الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:3-4] وكبره الراكع والساجد، والقائم والقاعد، وامتلأ الجامع، وسالت لرقة القلوب المدامع، وبرز من السلطان المرسوم الملكي: بأن يكون القاضي محي الدين بن الزكي اليوم خطيباً، فخطب الناس خطبةً فصيحة بليغة ذكَر فيها شرف البيت المقدس، وما ورد فيه من الفضائل، وكان أول ما قال: فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:45] ثم أورد تحميدات القرآن كلها.

    وبعد هذه الجمعة أرسل السلطان إلى حلب فاستحضر المنبر الذي كان الملك نور الدين رحمه الله قد أعده لفتح بيت المقدس، وقد كان يؤمِّل أن يكون الفتح على يديه، فما كان إلا على يد تابعه الأمين صلاح الدين الأيوبي.

    فجزاهما الله خيراً على ما قدما للإسلام والمسلمين، وجمعنا بهما يوم الدين مع النبيين والشهداء والصديقين وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً [النساء:69] .

    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

    أقول ما تسمعون.

    وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    من مواقف صلاح الدين الأيوبي

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى هديه.

    وا خجلي منك يا صلاح الدين ! وا خجلاه! حررتَ القدس فضيعناه، ورفعت الرأس فنكسناه، بك عز التاريخ وبنا دمعت عيناه، علَّمتَ العالَم أن المسلم لا يخشى إلا مولاه، أما نحن فعلَّمناه أن المسلم يخشى كل الدنيا إلا الله.

    أيها الأحباب الكرام: في حياة صلاح الدين الأيوبي مواقف لا تنسى، وعاها التاريخُ، وسطرتها كتبُه بمداد من نور، مواقف لا تصدر إلا من عظماء الرجال، فإليكم بعضاً من هذه المواقف التي هي غيضٌ من فيض، وقطرةٌ من بحر في حياة صلاح الدين.

    فمن هذه المواقف: أنه رجع بعد فتح بيت المقدس من إحدى غزواته إلى دمشق فوجد وكيل الخزانة قد بنى له داراً بالقلعة هائلة، فغضب عليه وعزله، وقال له: إنا لم نُخلق للمقام بـدمشق ولا بغيرها من البلاد، وإنما خُلقنا لعبادة الله عز وجل، والجهاد في سبيله، وهذا الذي عملتَه مما يثبط النفوس، ويقعدها عما خُلقت له.

    من هذه المواقف: أنه في أثناء حصار الفرنج لـعكا حدث أن أخذ بعض المسلمين صبياً رضيعاً ابن ثلاثة أشهر فوَجِدَت أمُّه عليه وَجْداً شديداً، واشتكت إلى ملوك النصارى، فقالوا لها: إن سلطان المسلمين رحيم القلب، فاذهبي فاشتكي إليه أمركِ، فجاءت السلطان، وأخبرته بحالها، فرق لها رقةً شديدةً حتى دمعت عينه، ثم أمر بإحضار ولدها، فإذا هو قد بيع في السوق، فأمَر بدفع ثمنه إلى المشتري، ولم يزل واقفاً رحمه الله حتى جيء بالغلام فأخذَتْه أمه وأرضعته وهي تبكي من شدة فرحها وشوقها إليه، ثم أمر السلطان بحملها إلى خيمتها على فرسٍ مُكَرَّمةً، فرحمه الله تعالى وعفا عنه.

    من هذه المواقف: وفي أثناء حصار الفرنج لـعكا أيضاً أتى الصليبيون من أوروبا لنجدة إخوانهم، وعلى رأسهم ملك الإنجليز، وكان شديد البأس في قتال المسلمين، فحدث أن مرض ذلك الملك، فأرسل إلى السلطان محتالاً يطلب منه دجاجاً وطيراً فعَرَف السلطان أن ذلك إنما يطلبه لنفسه، فأرسل إليه شيئاً كثيراً من ذلك كرماً منه، ثم أرسل يطلب من السلطان فاكهةً وثلجاً، فأرسل إليه أيضاً، فلم ينفع معه الإحسان، بل لما عوفي عاد إلى شرٍ مما كان عليه من قتاله للمسلمين.

    من هذه المواقف: أنه بعد الهدنة بين المسلمين والصليبيين كان من شروط الصلح: السماح للنصارى بدخول بيت المقدس للحج إلى كنيستهم القيامة، وكان السلطان يُكْرِم رؤساءَهم إذا جاءوا للزيارة، ويصنع لجميع النصارى مأدبةً عظيمةً تأليفاً لقلوبهم.

    ومن مواقفه رحمه الله: أنه أمر بإطلاق سراح فتاةٍ فرنسية كانت ضمن من وقع في الأسر، ولكنها بدلاً من أن تشكر السلطان صرخت في وجهه قائلةً: أيها المجرم السفاح! لقد قتلتَ أبي وأسرتَ أخويَّ، فلم يعد لي عائل، وهأنت تمنُّ عليَّ بالحرية، كيما يزداد بلائي، فلم يغضب رحمه الله من قولها، ولكن قال لها: أما أبوكِ فقد قُتِل في حربٍ هو الذي أشعل نارها، واعتدى بها على القوم الآمنين، وأما ما ذكرتِ من أسر أخويكِ فإني أطلق سراحهما إكراماً لامرأةٍ في حاجةٍ إلى العائل المعين، فاعتذرت إليه الفتاة، فسألها إلى أين أنتِ ذاهبة؟

    فقالت: إلى بلادي.

    فسألها: وماذا ستقولين لقومك؟

    قالت: أقول لمتعصبيهم كلمة الحق في الإسلام والمسلمين.

    وآخر ما نذكر من مواقفه رحمه الله: ما رواه القاضي بهاء الدين بن شداد، قال: كنت مع السلطان صلاح الدين أثناء فتح عكا ، فسرنا يوماً على الساحل، وكان الزمان شتاءً والبحر هائجاً، وموجه كالجبال، وكنت حديث عهدٍ برؤية البحر، فعظُم عندي، واستخففت رأي من يركب البحر، فبينما أنا كذلك التفتَ إليَّ السلطان وقال: في نفسي إنه متى يسَّر الله تعالى فتح بقية الساحل قسَّمتُ البلاد وأوصيتُ وودعتُ، وركبت هذا البحر إلى جزائرهم؛ أتبعهم فيها، حتى لا أبقي على وجه الأرض من يكفر بالله أو أموت.

    فانظروا إلى هذه الهمة العالية، وإلى تلك الروح السامية!

    هو نفسه رحمه الله يكتب للخليفة العباسي قائلاً: وهذه المقاصد الثلاثة:

    الجهاد في سبيل الله.

    والكف عن مظالم العباد.

    والطاعة للخليفة.

    هي مراد الخادم -يقصد نفسه- هي مراد الخادم من البلاد إذا فتحها، واللهُ العالِم أنه لا يقاتِل لعيشٍ ألين من عيش، ولا لغضبٍ يملأ العيان.

    1.   

    أخلاق صلاح الدين الأيوبي وصفاته

    أيها الأحباب الكرام: هذا عن مواقفه الخالدة، فماذا عن أخلاقه وصفاته رحمه الله؟

    أما عن أخلاقه وصفاته: فحدث ولا حرج، فلقد كان رحمه الله كريماً، شجاعاً، قوياً، رحيماً، حليماً، صابراً، محتسباً، زاهداً في الدنيا، متقللاً في ملبسه ومأكله ومشربه، لا يلبس إلا القطن والكتان والصوف.

    وكان رحمه الله صابراً على مُرِّ العيش وخشونته مع القدرة التامة على غير ذلك، مواظباً على حضور الصلوات في جماعة، حتى إنه لم تفته صلاة الجماعة قبل وفاته بدهرٍ طويل، يحب سماع القرآن والحديث والعلم، ويواظب على سماع الحديث حتى إنه سمع الحديث وهو بين الصفَّين أثناء القتال، وكان يفاخر بهذا ويقول: هذا موقفٌ لم يَسْمع أحدٌ في مثله حديثاً.

    وكان رحمه الله رقيق القلب، سريع الدمعة، ما يُقرأ عليه القرآن إلا ويبكي.

    وكان رحمه الله طاهر المجلس، لا يُذكر بين يديه أحدٌ إلا بخير.

    وكان طاهر اللسان، فما كان يسب أحداً ولا يشتمه.

    وكان رحمه الله حسن العشرة، طيب الفكاهة، حسن الْخُلُق، يسأل الواحد عن مطعمه، ومشربه، وتقلبات أحواله.

    وكان رحمه الله صابراً محتسباً، فقد جاءه خبر وفاة ابنه إسماعيل وهو في المجلس مع أمرائه، فصبر واحتسب، ولم يخبر أحداً، ولم يظهر عليه شيءٌ من الألم سوى دمعةٍ خرجت من عينه.

    ولقد كان رحمه الله عادلاً رءوفاً رحيماً ناصراً للضعيف على القوي، وكان يجلس للعدل في كل يوم إثنين وخميس في مجلس عام يحضره الفقهاء والقضاة والعلماء، ويفتح الباب للمتحاكمِين، حتى يصل إليه كل أحد من كبيرٍ وصغير، ورجلٍ وامرأة، وكان يفعل ذلك سفراً وحضراً، وما استغاث به أحدٌ إلا وقف وسمع قضيته، وكشف ظلامته، واعتنى بقصته.

    وكان رحمه الله كريماً جواداً، يعطي في وقت الضيق كما يعطي في وقت السعة، وكان نُوابُ خزائنِه يخفون عنه شيئاً من المال لعلمهم أنه متى علم به أخرجه وأنفقه كله، وكان يعطي الطالب فوق ما يؤمِّل، وما سُمِع قط يقول: أعطينا لفلان كذا، ولفلانٍ كذا.

    وكان رحمه الله كثير التغافل عن أصحابه، يسمع من أحدهم ما يكره ولا يُعْلِمه بذلك، ولا يتغير عليه، كان يوماً جالساً فرمى بعضُ المماليك بعضاً بقشر موزة، فأخطأته ووصلت إلى السلطان، ووقعت بالقرب منه، فالتفت إلى الجهة الأخرى يتغافل عنها، رحمة الله عز وجل عليه.

    وكان رحمه الله كذلك متواضعاً أشد التواضع، يخرج للقاء مَن يقدُم عليه، وربما طلب الماء من خدمه فلا يستجاب له، ولا يقول لهم شيئاً.

    قال مستشاره الفاضل القاضي عبد الرحيم البيسني : دخلت بين يديه في يوم ريحٍ مطيرٍ كثير الوحل، فنَضَحَت البغلةُ التي أركبها عليه في الطين حتى أهلكت جميع ما كان عليه وهو يبتسم، فرحمه الله رحمةً واسعة.

    1.   

    وفاة صلاح الدين الأيوبي

    توفي رحمه الله في شهر صفر سنة (589هـ) وذلك في أثناء الهدنة التي كانت بينه وبين الصليبيين بعد أن مرض ثلاثة عشر يوماً.

    ويروى أنه لما اشتد به المرض في آخر ليلة استدعى الشيخ أبا جعفر القارئ ليبيت عنده ليقرأ القرآن ويلقنه الشهادة إذا جد به الأمر.

    فلما كان الفجر وأذن للفجر جاء القاضي الفاضل فدخل عليه وهو في آخر رمق، فلما قرأ القارئ: لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ [التوبة:129] تبسم السلطان، وتهلل وجهه، وأسلم روحه إلى ربه سبحانه وتعالى، ومات رحمه الله، وطيب ثراه، وجعل الجنة مأواه.

    وخلف رحمه الله سبعة عشر ولداً وبنتاً واحدة، ولم يترك في خزانته من الذهب سوى دينارٍ واحد وستة وثلاثين درهماً، ولم يترك داراً ولا عقاراً ولا مزرعة ولا بستاناً، ولا شيئاً من أنواع الأملاك، وإنما لم يترك أموالاً ولا أملاكاً لجوده وكرمه وإحسانه إلى أمرائه وغيرهم، حتى إلى أعدائه رحمة الله عليه.

    ولما دُفِن رحمه الله أمر القاضي الفاضل أن يُدفن معه سيفُه الذي كان يحضر به الجهاد، وتفاءلوا بأن يكون معه يوم القيامة يتوكأ عليه.

    فجزاه الله خيراً على ما قدم للإسلام والمسلمين، وجمعنا به وبخيرة الأمة من الشهداء والأمراء والعلماء على حوض نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.

    أيها الأحباب الكرام: هذه صفحةٌ مضيئة من تاريخ الأمة الإسلامية، كلما تذكرناها دمعت العيون، وتحسرت النفوس على مجدٍ كان للمسلمين بناه أوائلهم بجهادهم وتضيحاتهم لما أعزوا دين الله ونصروه، فأعزهم الله ونصرهم.

    إني تذكرت والذكرى مـؤرقةٌ     مجداً تليداً بأيدينا أضعناهُ

    أنَّى اتجهت إلى الإسلام في بلدٍ     تجده كالطير مقصوصاً جناحاهُ

    كم صرَّفَتْنا يدٌ كنا نصرِّفها     وبات يملكنا شعبٌ ملكناهُ

    استرشَدَ الغرب بالماضي فأرشده     ونحن كان لنا ماضٍ نسيناهُ

    إنا مشَينا وراء الغرب نقتبـس     من ضيائه فأصابتنا شظاياهُ

    بالله سَلْ خلف بحر الروم عن عربٍ     بالأمس كانوا هنا واليوم قد تاهوا

    وانزلْ دمشق وسائل صخـر مسجدها     عمَّن بناه لعل الصخر ينعاهُ

    هذي معالِمٌ خُرْسٌ كلُّ واحدةٍ     منهن قامت خطيباً فاغراً فاهُ

    الله يعلم ما تليت سيرتهم     يوماً وأخطأ دمع العين مجراهُ

    لا بَرَّ بَرُ امرئٍ يطري أوائلَـه     فخراً ويُطْرِق إن ساءلتَه ما هو؟

    يا من يرى عمراً تكسوه بردتُهُ     والزيت أدمٌ له والكوخُ مأواهُ

    يهتز كسرى على كرسيه فرقاً     مِن خوفه وملوكُ الروم تخشاهُ

    يا ربُ فابعث لنا من مثلهم نفراً     يشيدون لنا مجداً أضعناهُ

    اللهم إنا نسألك باسمك الأعظم الذي إذا سُئلت به أعطيت، وإذا دُعيت به أجبت أن تمنَّ علينا بقائدٍ رباني تجمع به شملنا، وتوحد به صفنا، ونقاتل تحت رايته عدونا، يَحْكُمُ بكتاب الله ويَحْكُمُنا، وينقادُ إلى شريعته ويقودنا، لا يخضع للشرق الملحد، ولا للغرب الكافر.

    اللهم ولِّ علينا خيارنا، واكفنا شر أشرارنا، واجعل ولايتنا في مَن خافك واتقاك، وحذر سخطك واتبع رضاك.

    اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بخيرٍ فاجعل عز الإسلام على يديه، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بسوء، فاجعل تدبيره تدميره، واجعل الدائرة عليه.

    اللهم رد حكامنا إلى دينك رداً جميلاً، اللهم رد حكامنا إلى دينك رداً جميلاً، اللهم رد حكامنا إلى دينك رداً جميلاً.

    اللهم اجعل بلدنا هذه وسائر بلاد المسلمين أمناً رخاءً رغداً، يا أرحم الراحمين!

    اللهم انصر الإسلام والمسلمين، واهزم المشركين والملحدين، وقاتل الكفرة أعداء الدين.

    اللهم اقتلهم بدداً وأحصهم عدداً، ولا تغادر منهم أحداً.

    اللهم طهر المسجد الأقصى من أيدي اليهود، اللهم طهر المسجد الأقصى من أيدي اليهود.

    اللهم ارزقنا فيه صلاةً طيبة، اللهم ارزقنا فيه صلاةً طيبة.

    اللهم انصر المسلمين المستضعفين المجاهدين في فلسطين.

    اللهم نصرك الذي وعدتَ للمسلمين المستضعفين في فلسطين.

    اللهم وحد كلمتهم، اللهم ثبت صفوفهم، اللهم سدد رميتهم، اللهم اجمع على الحق قلوبهم، يا رب العالمين!

    اللهم عليك باليهود الغاصبين، والنصارى الحاقدين، والشيوعيين الملاعين.

    اللهم دمرهم تدميراً، والعنهم لعناً كبيراً، اللهم دمرهم تدميراً، والعنهم لعناً كبيراً، اللهم دمرهم تدميراً، والعنهم لعناً كبيراً، واجعل الدائرة عليهم يا عزيز يا حكيم!

    اللهم لا تَدَع لنا في هذا اليوم العظيم ذنباً إلا غفرته، ولا تائباً إلا قبلته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا دَيناً إلا قضيته، ولا عدواً إلا رددته، ولا طريداً إلا آويته، ولا فقيراً إلا أغنيته، ولا صاحب حاجةٍ إلا قضيتها له، برحمتك يا أرحم الراحمين!

    اللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، وزدنا علماً.

    اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.

    اللهم اجز نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم خير ما جزيت به نبياً عن أمته، ورسولاً عن قومه، واحشرنا اللهم في زمرته، ولا تحرمنا رفقته، واسقنا بيده الشريفة شربة ماءٍ لا نظمأ بعدها أبداً.

    عباد الله: إن الله عز وجل قد أمركم في كتابه بأمرٍ عظيم جليل، بدأ فيه بنفسه، وثنى فيه بملائكته، فقال سبحانه وتعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على عبدك رسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    وآخر دعوانا: أن الحمد لله رب العالمين.

    وأقم الصـلاة إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [العنكبوت:45].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755776138