إسلام ويب

الزوجة الوفيةللشيخ : محمد المنجد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لو نظرنا إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته لوجدنا أن الرجال لم ينفردوا بنصرة هذا الدين ومؤازرة النبي صلى الله عليه وسلم، بل وجد من النساء من فاقت كثيراً من الصحابة بفهمها ونصرتها لرسول الله، ومؤازرتها له، ورجاحة عقلها وحنكتها وحكمتها في تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم في بدء دعوته للناس، مما جعل في قلب رسول الله أشد الحب لها.

    1.   

    فضائل خديجة كما في الأحاديث النبوية

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    وبعد:

    فإن من القصص العظيمة التي تُذكر لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في عهده عليه الصلاة والسلام قصة تلك الزوجة الوفية المخلصة النقية التي دافعت عن زوجها، وكانت تقية: خديجة بنت خويلد رضي الله تعالى عنها التي يجهل سيرتها الكثيرون، ولا يقدرها حق قدرها إلا من عرف حياتها واطلع على سيرتها، وهاكم -أيها الإخوة- بعض الأحاديث الصحيحة في فضل هذه المرأة وشأنها؛ لتكون نبراساً للنساء والرجال.

    عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خير نسائها مريم ، وخير نسائها خديجة).

    وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما غرت على امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة، هلكت قبل أن يتزوجني لما كنت أسمعه يذكرها، وأمره الله أن يبشرها ببيت من قصب، وإن كان ليذبح الشاة فيهدي في خلائلها -في أصدقاء خديجة- فيرسل قطعة من الشاة لهذه وقطعة لهذه، يرسل إليهن ما يسعهن).

    وعنها رضي الله عنها قالت: (ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة من كثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها، وتزوجني بعدها بثلاث سنين، وأمره ربه عز وجل أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب).

    وعنها رضي الله عنها قالت: (ما غرت على أحدٍ من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة ، وما رأيتها ولم أدركها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها إلى صدائق خديجة ، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة ، فيقول: إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد).

    وعن إسماعيل ، قال: قلت لـعبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما: (هل بشر النبي صلى الله عليه وسلم خديجة ؟ قال: نعم، ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب).

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: (أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب).

    وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (استأذنت هالة بنت خويلد -أخت خديجة - على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف استئذان خديجة فارتاع لذلك، فقال: اللهم هالة ، قالت: فغرت، فقلت: ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر، قد أبدلك الله خيراً منها).

    1.   

    نسب خديجة وشرفها

    أما خديجة فهي بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، وبه تجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهي من أقرب نسائه إليه في النسب، ولم يتزوج من ذرية قصي غيرها إلا أم حبيبة ، وتزوجها سنة خمس وعشرين من مولده صلى الله عليه وسلم، زوجه إياها أبوها خويلد ، وقيل: غيره، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتزوج خديجة قد سافر في مالها مقارضاً إلى الشام ، فرأى منه ميسرة -غلامها- ما رغبها في تزوجه، قال الزبير : وكانت خديجة تُدعى في الجاهلية الطاهرة، وماتت بعد المبعث بعشر سنين في شهر رمضان، فأقامت معه صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين سنة، وكذلك فإنها ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين.

    1.   

    أسباب محبة النبي صلى الله عليه وسلم لخديجة

    قوة يقين خديجة عند نزول الوحي

    ومن ثباتها في الأمر ما يدل على قوة يقينها، ووفور عقلها، وصحة عزمها، ما حدث عندما أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الحادثة المشهورة لما جاءه الوحي أول ما جاءه، ضمه جبريل مرة ومرتين وثلاث، حتى بلغ منه الجهد وهو يقول له: اقرأ، والنبي عليه الصلاة والسلام يخبره أنه لا يقرأ: ما أنا بقارئ حتى علمه: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ [العلق:1-3] فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، فقال: ( زملوني زملوني، فزملوه، فقال لـخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة : كلا والله ) هذه هي الكلمات المهمة التي تقال في الوقت العصيب، قالتها المرأة الصالحة رضي الله عنها لزوجها محمد صلى الله عليه وسلم، فثبتت بها فؤاده، قالت خديجة : (كلا والله، لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم -تعرف زوجها- وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، ثم انطلقت به إلى ورقة بن نوفل وهو ابن عمها، فقالت له خديجة : يا ابن عم! اسمع من ابن أخيك، فقال له: يا بن أخي! ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى، يا ليتني فيها جذعاً -ليتني عندما تقوم بالدعوة أكون قوياً حتى أنصرك- ليتني أكون حياً حين يخرجك قومك، فقال صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم؟ قال: نعم. لم يأتِ رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً) ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي.

    فهذه خديجة رضي الله عنها التي كان لها الفضل العظيم في تثبيت زوجها محمد صلى الله عليه وسلم، وأنها قالت له: ( كلا والله، لا يخزيك الله أبداً ) ثم استدلت من سيرته عليه الصلاة والسلام ومن خبره وحاله وما تراه من شأنه في الاستدلال على أنه على صراط مستقيم.

    مؤانسة خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم حال المواقف الحرجة

    كذلك فإنها آنسته بذكر ما ييسر عليه الأمر ويهونه عليه، وأنَّ من نزل به أمر يستحب له أن يطلع من يثق بنصيحته وصحة رأيه، وهكذا لجأ إليها صلى الله عليه وسلم، أول ما لجأ صلى الله عليه وسلم بعد ذلك الموضوع المخيف الذي حصل له عليه الصلاة والسلام لجأ إلى زوجته الأمينة وهو يقول: (لقد خشيت على نفسي) ثم قامت بواجبها خير قيام في إلقاء الطمأنينة في نفسه وإشاعة الأمن في قلبه رضي الله تعالى عنها، وهذا مما يدل على قوة قلبها، ويقينها، ورزانة عقلها، وثبات أمرها، فلا جرم أنها كانت أفضل نسائه صلى الله عليه وسلم على الراجح، وهي التي قال فيها صلى الله عليه وسلم: ( خير نسائها خديجة ) والمقصود بالضمير في نسائها -أي: الدنيا- أي: خير نساء الدنيا خديجة رضي الله تعالى عنها، وجاء في رواية عنه عليه الصلاة والسلام أنه أشار - وكيع - في الرواية إلى السماء والأرض، والمراد: أن يبين أنها خير نساء الدنيا تحت السماء وفوق الأرض من النساء خيرهن خديجة رضي الله تعالى عنها.

    وكذلك فإنها كانت في الأرض معه صلى الله عليه وسلم حتى صُعد بروحها إلى السماء.

    منزلة خديجة ومريم ابنة عمران في الأفضلية

    كذلك فإنها قد ساوت مريم بنت عمران لما ذكرهما معاً في هذا الحديث، وإذا كانت مريم خير نساء زمانها، فإن خديجة رضي الله تعالى عنها خير نساء زمانها، وقد جاء في رواية عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لقد فضلت خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين) وهذا حديث حسن الإسناد كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى، واستدل به من استدل على أن خديجة أفضل من عائشة ، ونسائها يشمل كل امرأة على الأرض ممن كانت موجودة في زمن خديجة وممن ستوجد بعد ذلك.

    وقد أخرج النسائي بإسناد صحيح عن ابن عباس مرفوعاً: (أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة ومريم وآسية) فهؤلاء خير نساء الجنة، وقد قال صلى الله عليه وسلم أيضاً: (سيدة نساء العالمين مريم ، ثم فاطمة ، ثم خديجة ، ثم آسية)، وقيل: إن مريم نبية، وقال بعضهم إنها ليست بنبية، لأنه لا يبعث من الأنبياء إلا رجال: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً [يوسف:109].

    وهذا الحديث تقول عائشة رضي الله عنها فيه: (ما غرت على امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة) وهذا يدل على أن الغيرة تقع من النساء الفاضلات فضلاً عمن دونهن، وأن عائشة كانت عندها غيرة عظيمة، فكانت تغار من خديجة مع أنها لم تجتمع هي وإياها في مكان واحد، أو تشترك هي وإياها في زوج، ومع ذلك غارت منها لكثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم إياها، ولذلك قالت في السبب: (من كثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها) وغيرة المرأة ناشئة من تخيل محبة غيرها أكثر منها، فإذا تخيلت أن زوجها يحب غيرها أكثر منها فهذا مبعث ومنشأ الغيرة.

    ولا شك أن كثرة ذكر الرجل للمرأة يدل على كثرة المحبة، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يكثر من ذكر خديجة لكثرة محبته لها؛ يمدحها ويثني عليها، ويذكر أياديها البيضاء، وسالف أيامه الجميلة مع تلك الزوجة الوفية، تقول عائشة رضي الله عنها: (هلكت قبل أن يتزوجني) مع أنها ماتت قبل أن يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة، ومع ذلك كانت الغيرة موجودة، كيف لو كانت خديجة حية؟

    إذاً لكانت الغيرة أشد.

    تقول في الحديث: (وأمره الله أن يبشرها) وهذا دال على محبة الله لها، قالت: (وإن كان ليذبح الشاة، ثم يقسمها في خلائلها في أصدقاء خديجة -أي: صويحبات خديجة ، يذبح الشاة وفاء لذكرى زوجته- فيرسل قطعة من الشاة لهذه وقطعة لهذه، يرسل إليهن ما يسعهن) أي: ما يكفيهن وما يتسع لهن وما يشبعهن.

    تقول عائشة رضي الله عنها: (وتزوجني بعدها بثلاث سنين) أرادت بذلك زمن الدخول، وأما العقد فكان بعد ذلك بسنة ونصف، (وأمره ربه عز وجل أن يبشر خديجة رضي الله عنها ببيت في الجنة من قصب).

    تقول عائشة : (وما رأيتها ولم أدركها) كما في راوية لـمسلم.

    أما إدراكها لها فلا نزاع فيه؛ لأن عائشة كان عمرها عند موت خديجة ست سنوات، لكنها لعلها أرادت أنها ما اجتمعت بها عند النبي صلى الله عليه وسلم، وبناءً عليه ما أدركتها في تلك الحال، ولقد ماتت قبل أن يتزوجها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم عندما يذكر خديجة رضي الله عنها يكثر من ذكرها، تقول عائشة : (كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة) فكان عليه الصلاة والسلام يرد، ويقول: (إنها كانت وكانت) يذكر صفاتها.. كانت عاقلة.. كانت فاضلة.. كانت وفية، إنها رعتني، إنها دافعت عني، إنها أنفقت علي من مالها، وفي رواية: (آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء).

    جميع أولاد النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة إلا إبراهيم

    وقوله صلى الله عليه وسلم: (وكان لي منها ولد) لأن جميع أولاد النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة إلا إبراهيم ، فإنه كان من جاريته مارية ، وأولاده صلى الله عليه وسلم من خديجة : القاسم وبه يكنى عليه الصلاة والسلام، مات صغيراً قبل البعثة أو بعدها، وكذلك بناته الأربع: زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة ، وقيل: إن أم كلثوم كانت أصغر من فاطمة ، وعبد الله ولد بعد المبعث، فكان له الطيب أو الطاهر ، ويقال: هما أخوان له، فإذاً القاسم وعبد الله ، ويقال: إن لقب عبد الله الطاهر أو الطيب، ويقال: هما أخوان مستقلان، وكل الذكور ماتوا صغاراً، فهو عليه الصلاة والسلام له أجر فقد الولد، فقد أخبر عليه الصلاة والسلام عن أجر فقد الولد الذي لم يبلغ الحلم (وأنه يأتي إلى باب الجنة يفتحه لأبيه) تقول عائشة رضي الله عنها: (فأغضبته يوماً، فقلت: خديجة ! فقال: إني رزقت حبها) وكان حبه صلى الله عليه وسلم لـخديجة لما تقدم ذكره من الأسباب، وهي كثيرة، كل واحد يكفي ليكون سبباً مستقلاً لوجود المحبة.

    1.   

    خصائص خديجة رضي الله عنها

    لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على خديجة أحداً

    ومما كافأ به النبي عليه الصلاة والسلام خديجة في الدنيا أنه لم يتزوج في حياته غيرها، ولذلك تقول عائشة رضي الله عنها: [لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على خديجة حتى ماتت] فمن عظم قدرها عنده ومزيد فضلها، لأنها أغنته إلى غيرها؛ ليس بحاجة إلى أن يتزوج امرأة أخرى.

    مكثت خديجة مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلثي الحياة الزوجية

    واختصت بقدر لم يشترك فيه غيرها، لأنه صلى الله عليه وسلم عاش بعد أن تزوجها ثمانية وثلاثين عاماً، انفردت خديجة بخمس وعشرين عاماً منها، أي: ثلثي المدة، ومع طول المدة التي قضاها معها، فصان قلبها من الغيرة ومن نكد الضرائر، لأن الضرة تسمى ضرة لأنها تضر بصاحبتها، وهي: الزوجة الأخرى، وما يكون بينهما من النكد والحسد والتنافس والخصومات ونحو ذلك، فـخديجة استأثرت بثلثي الحياة الزوجية للنبي عليه الصلاة والسلام، وأغنته عن غيرها من النساء، وواسته بمالها، ودافعت عنه، وكانت هي التي تحميه وتثبته وتصبره، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم ما نسي لها ذلك الفضل، فلم يتزوج عليها في حياتها ألبتة.

    سبق خديجة نساء الأمة إلى الإيمان بالنبي عليه الصلاة والسلام

    ومما اختصت به خديجة رضي الله عنها: أنها سبقت نساء الأمة كلها في الإيمان، وهذا يمكن أن يكون من أفضل ما حصل من الخير لهذه المرأة، ولذلك سنت لكل من آمنت بعدها من النساء سنة حسنة، فيكون لها مثل أجورهن؛ لأن من سنَّ سنةً حسنة، كان له أجرها وأجر من استن بها إلى يوم القيامة، وقد شاركها في ذلك أبو بكر الصديق بالنسبة للرجال، ولا يعرف قدر ما لكل منهما من الثواب إلا الله عز وجل، لأن الصديق فتح الباب، فسنَّ السنة للرجال، وخديجة فتحت الباب فسنت السنة للنساء، فكل امرأة بعد خديجة تكون مقتدية بـخديجة ، فلـخديجة مثل أجرها، وكونه عليه الصلاة والسلام عاش معها في هذا الوفاء فإنه يدل على حسن العهد، وحفظ الود، ورعاية حرمة الصاحب والمعاشر حياً وميتاً، لأن حسن العهد من الإيمان، كون الإنسان يكون وفياً لصاحبه الذي عاش معه السنوات الطويلة هذا من الإيمان.

    وكذلك في هذا الحديث إكرام وإعانة الصديق والصاحب؛ لو مات لك صاحب عزيز، فإكرام أصدقائه من السنة، والنبي عليه الصلاة والسلام لما ماتت زوجته خديجة ، أكرم صويحباتها؛ لأجل خديجة ، وكان يهديهن ويذبح لهن الشاة ولا ينساهن.

    تبشير النبي صلى الله عليه وسلم لخديجة ببيت من قصب

    بشر النبي صلى الله عليه وسلم خديجة ببيت من قصب، والمراد به: اللؤلؤة المجوفة الواسعة كالقصر المنيف، كأنه قصد قصب اللؤلؤ، وليس من هذا القصب الذي في الدنيا، إنه قصب منظوم بالدر واللؤلؤ والياقوت، فلماذا اختير لفظ القصب؟

    لعله كما قال السهيلي شارح السيرة: أحرزت قصب السبق بمبادرتها إلى الإيمان دون غيرها، ولذلك قال: بيت من قصب، ثم إن القصب من طبيعته وصفته أنَّ أكثر أنابيبه مستوية، فلـخديجة من الاستواء ما ليس لغيرها؛ إذ كانت حريصة على إرضائه بكل ما يمكن عليه الصلاة والسلام، ولم يصدر منها قط ما يغضبه كما وقع من غيرها، فغيرها أغضبنه أما هي فلم تغضبه، ولا نقل: أنها في شيء أغضبته صلى الله عليه وسلم، ولذلك أعدَّ الله لها بيتاً من قصب لا نصب فيه ولا صخب مثل ما أنها لم تتعب زوجها أبداً، ولم تكدر خاطره، وما شقت عليه، كذلك كان الجزاء من جنس العمل، فكان بيتها لا نصب فيه، لأنها لم تتعب زوجها.

    كذلك البيت الذي لها في الجنة لا نصب فيه، مع أن الجنة كلها ما فيها نصب، لكن بيت خديجة خص بهذا مزيداً من العناية ومزيداً من الراحة في الجنة لهذه المرأة.

    ولماذا قال: بيت، ولم يقل: قصب؟

    خديجة أول ربة بيت في الإسلام

    أيضاً من المناسبات أنها كانت أول ربة بيت في الإسلام، لم يكن على وجه الأرض عندما بعث محمد صلى الله عليه وسلم بيت إسلام إلا بيت هذه المرأة، وهذه فضيلة لم يشاركها فيها غيرها، وجزاء الفعل يذكر غالبًا من جنسه.

    أن مرجع أهل البيت إلى خديجة

    وكذلك فإن مرجع أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم إليها، أيضاً قال: "في الجنة بيت"، لأن مرجع البيت إلى خديجة : إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ [الأحزاب:33] قالت أم سلمة رضي الله عنها لما نزلت: (دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة وعلياً والحسن والحسين ، فجللهم بكساء، فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي) مرجع أهل البيت إلى خديجة؛ لأن الحسنين من فاطمة وهي من خديجة ، وعلي رضي الله عنه نشأ في بيت خديجة، ثم تزوج ابنتها بعد ذلك، فمرجع أهل البيت النبوي في النهاية إلى خديجة دون غيرها.

    خديجة لم تزعج زوجها ولم تلجئه إلى صخب وصياح

    حيث أن خديجة رضي الله عنها لم تزعج زوجها في شيء، ولم تتعبه بشيء، ولم تحوجه إلى صياح ولا خصام ولا شيء، ولا بينها وبينه أي تكدر في العلاقات، فكان بيتها لا صخب فيه ولا نصب، والصخب هو: الصياح والمنازعة برفع الصوت، فلأنها لم تحوج زوجها إلى صراخ ولا منازعة، ولذلك كوفئت ببيت لا صخب فيه، كما أن بيتها في الدنيا لا صخب فيه، فكذلك بيتها في الآخرة لا صخب فيه، وكما أنها وفرت الراحة للنبي عليه الصلاة والسلام في بيتها في الدنيا، فالله يوفر لها الراحة في الآخرة في هذا البيت العظيم (لا صخب فيه ولا نصب)، لا عيب ولا صياح ولا تعب في هذا البيت، لم تحوجه إلى رفع صوته ولا إلى منازعة ولا إلى تعبٍ، بل على الضد من ذلك؛ أزالت عنه كل نصب وتعب، وآنسته من كل وحشة، وهونت عليه، فناسب أن يكون منزلها الذي بشرت به من ربها بهذه الصفة، بل إنها كانت عوناً له على دعوته، وما أحوج نساء الدعاة إلى الاقتداء بسيرة خديجة رضي الله تعالى عنها!

    هؤلاء نساء الدعاة ليسن كبقية النساء، لأن الداعي إلى الله سبحانه وتعالى من طبيعته الانشغال والكد والتعب في الدعوة، فإذا لم يكن له زوجة موفقة تزيح عنه الهموم والغموم، ولا تكدر خاطره، ولا تجلب له مشكلات، بل إنها تفرج عنه همومه، وتسكن خاطره، وتهدئ من روعه، وتزيل مخاوفه، وتثبت جنانه بكلماتها التي تعلمتها وأخذتها من الكتاب والسنة، لا شك أنها هي الخط الخلفي، وهي عامل النجاح وصمام الأمان في حياة هذا الداعية.

    أن الله عز وجل أقرأ على خديجة السلام وجبريل

    لقد جاءت خديجة بإدام أو طعام أو شراب، جبريل كان عند النبي عليه الصلاة والسلام وخديجة آتية بهذا الإناء، فقال جبريل للنبي عليه الصلاة والسلام، والملك يرى ما لا يرى النبي عليه الصلاة والسلام، قال: (هذه خديجة قد أتت بإناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، فقالت خديجة جواباً على ذلك لما أخبرها صلى الله عليه وسلم: هو السلام ومنه السلام وعلى جبريل السلام)، وقد قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يقرئ خديجة السلام، فقالت جواباً: إن الله هو السلام، وعلى جبريل السلام، وعليك يا رسول الله! السلام ورحمة الله وبركاته) ماذا يعني ذلك؟ أي شرف أعظم أن امرأة أو شخصاً يقال له: إن ربك يقرأ عليك السلام! ولذلك لا يوازي فضل هذه المرأة العظيمة من بقية النساء بعدها شيء، فإن السلام حصل من الله ومن جبريل كلاهما لـخديجة رضي الله تعالى عنها، كما أن هذا دليل على فقه خديجة ، لأنها لم تقل لما قال رسول الله: ( إن الله يقرأ عليك السلام ) ما قالت: وعليه السلام؛ لأن الله هو السلام، كيف تقول: وعليه السلام وهو السلام؟

    ولذلك قالت: (إن الله هو السلام، وعلى جبريل السلام، وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته) هذه النقطة فاتت رجالاً حصلت لهم قصة بعد ذلك، كان الصحابة يقولون في التشهد: السلام على الله من عباده، فنهاهم النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: (إن الله هو السلام قولوا: التحيات لله) فـخديجة اكتشفت هذا الأمر وفقهته وعرفته منذ سنوات قبل هؤلاء الصحابة، أول ما جاء إليها، قال: (إن الله يقرأ عليك السلام، قالت: إن الله هو السلام) من أسمائه سبحانه: السلام، الذي سلم عباده المتقون من عقوبته.

    السلام: السالم من كل نقص وعيب سبحانه وتعالى.

    وأي سلامة مصدرها من الله، فلا يقال: السلام على الله، الله هو السلام، فعرفت خديجة بصحة فهمها أن الله لا يرد عليه السلام كما يرد على المخلوقين؛ لأن السلام اسم من أسمائه، ثم إذا قلت: السلام عليك أنت تدعو له بالسلامة من كل شر، أو السلام عليك، أي: أن الله فوقك يراقبك، السلام اسم من أسمائه فوقك يراقبك.

    وأيضاً: السلام عليك: دعاء للشخص بالسلامة من الشرور والآثام، فلا يقال: السلام على الله، ولذلك ردت بالرد الذي يليق لله عز وجل، وقالت بعد ذلك: (وعلى جبريل السلام، وعليك السلام يا نبي الله ورحمة الله وبركاته). وهذا فيه أيضاً من الفقه الذي تعلمناه من خديجة: رد السلام على من أرسل السلام وعلى من بلغ السلام، فعندما يأتي شخص يقول لك: فلان يقرأ عليك السلام ورحمة الله وبركاته، ماذا تقول له؟

    تقول: وعليك وعليه السلام، فترد السلام على المسلم والمبلغ، والذي يظهر أن جبريل كان حاضراً عند جوابها، فردت عليه وعلى النبي صلى الله عليه وسلم، لكنها كانت لا تراه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم ليبلغها.

    كذلك عائشة حصل لها موقف مشابه أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغها سلام جبريل، لكن خديجة أفضل، لأن خديجة بلغها النبي صلى الله عليه وسلم سلام الله وسلام جبريل، وعائشة بلغت بالسلام من جبريل فقط، ولـعائشة بطبيعة الحال من الفضائل مالا يحصى، ولكن لعل الذي يترجح -والله أعلم- هو تفضيل خديجة رضي الله تعالى عنها.

    1.   

    المفاضلة بين خديجة وفاطمة وعائشة

    أما المفاضلة بين خديجة وبين فاطمة رضي الله عنها من جهة، وبين عائشة وفاطمة من جهة أخرى، لأنه لا شك أن من جهة الأزواج فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب خديجة ثم عائشة ، وهناك من العلماء من فضل خديجة مع عائشة ، وبقية نساء النبي صلى الله عليه وسلم سواء في الفضل.

    ومن كرامة خديجة عند زوجها عليه الصلاة والسلام أن هالة بنت خويلد أخت خديجة استأذنت مرة على النبي عليه الصلاة والسلام وهي قادمة إلى المدينة، وكانت من المهاجرات، فجاءت إليه عليه الصلاة والسلام وكان في قيلولة، فلما سمع صوتها وهو في القيلولة، ارتاع -فزع- وقال: (هالة ! هالة) وفي رواية قال: (اللهم هالة) اللهم اجعلها هالة ، هذه التي أتت لتكن هالة، كان راقداً فاستيقظ مرتاعاً، لماذا؟ لأنه بعد هذه السنين الطويلة تذكَّر فجأة صوت زوجته الأولى، لأن الصوت يشبه الصوت، عرف استئذان خديجة من استئذان هالة ، لأنها ذكرته باستئذان خديجة لشبه صوتها بصوت أختها، فتذكر خديجة فارتاع وقام من القيلولة فزعاً متغيراً من السرور الذي حصل له من هذه المفاجأة السارة، ومن أحب شيئاً أحب ما يشبهه وما يتعلق به، وهذه معروفة، وقاعدة في نفوس الناس: أن الذي يحب شيئاً يحب كل شيء يشبهه، بل ربما إذا أحب شخصاً أحب كل من اسمه نفس اسم هذا الشخص، وإذا ذكر اسم شخص مشابه للشخص الذي يحبه، نبض قلبه وتسارعت خفقاته مما سمع، فالنبي عليه الصلاة والسلام من شدة حبه لـخديجة لما استأذنت هالة عرف صوتها، وارتاع، كل ذلك يوقظ في نفس عائشة الغيرة رضي الله تعالى عنها، فقالت: ( ما تريد من عجوز حمراء الشدقين هلكت في الزمن الغابر ) حمراء الشدقين: لعل المقصود بذلك أن المرأة أو الشخص إذا سقط أسنانه من الشيخوخة، فإنه لا يبقى داخل فمه إلا اللحم الأحمر من اللثة وغيرها، فتقول: ( ما تريد من عجوز حمراء الشقين ) وهنا لا بد أن نتذكر أن المرأة أو الزوجة تسامح فيما لا يسامح فيه غيرها من شدة الغيرة، فقالت: ( ما تريد من عجوز حمراء ) لا زلت تذكر خديجة وهي عجوز حمراء الشدقين قد أبدلك الله خيراً منها، وإن سلمنا أنها خير منها، ففي حسن الصورة وصغر السن ممكن، ولكن في الفضل لا، بل إنه قد ورد في بعض الطرق أنه عليه الصلاة والسلام رد، فجاء عند أحمد والطبراني ، قالت عائشة : (أبدلك الله بكبيرة السن حديثة السن، فغضب حتى قلت: والذي بعثك بالحق لا أذكرها بعد هذا إلا بخير) غضب عليه الصلاة والسلام من هذا الفعل، والروايات تفسر بعضها بعضاً، وفي رواية أنه عليه الصلاة والسلام قال: (ما أبدلني الله خيراً منها، آمنت بي إذ كفر بي الناس) ولكن هذا يدل على أن الغيرة تسامح فيها الزوجة ولا تعاقب لما جبلت عليه النساء، ولذلك لم يعاقب عليه الصلاة والسلام عائشة على هذا الكلام، ولعلها كانت في صغر سنها وأول شبيبتها، فصفح عنها عليه الصلاة والسلام، وكان يدللها كثيراً، وحملتها الغيرة على ذلك، ولذلك فإنه صلى الله عليه وسلم تجاوز عنها.

    هذا طرف من سيرة هذه المرأة رضي الله عنها، ولكن أعظم ما فيها الشيء الذي نتذكره كثيراً الفائدة التي حصلت للإسلام من وراء خديجة : نصرة الدين، أي: أهم شيء فعلته خديجة رضي الله عنها نصرة الدين، وعندما يكون الدين في أوله، ويكون المسلمون في خطر عظيم، هم قلة وحولهم أوباش قريش ومن يترصد للمسلمين في أول الأمر، والخشية على الإسلام، يكون الأمر شديداً جداً، فتكون التضحية في هذه المدة بالنفس والمال وتقديم النصرة لله ورسوله: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا [الحديد:10] كيف إذا كان في أول نزول الوحي؟!

    وكيف إذا كانت المسألة لما ساموه عليه الصلاة والسلام سوء العذاب وضيقوا عليه؟! وواسته خديجة وما كان معه شيء.. واسته خديجة وكانت امرأة غنية فأنفقت مالها عليه وعلى الدعوة وعلى أصحابه أول بيت في الإسلام.

    إذاً: أعظم مآثر هذه المرأة حقيقة: نصرتها لدين الله من ذلك القلب المعمور بالإيمان.

    نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرضى عنها، وأن يجزل مثوبتها، وأن يرفع درجتها، وأن يجعلنا ممن يقتفي أثر هذه السيدة الكريمة رضي الله تعالى عنها، وأن يجعل نساءنا ممن يسرن على خطاها، غفر الله لها ورحمها، وصلى الله على نبينا محمد.

    1.   

    الأسئلة

    معنى قول العلماء: بالاتفاق

    السؤال: ما معنى قول الفقهاء: بالاتفاق؟

    الجواب: معناه: أن أكثر العلماء على ذلك، حتى أن بعض المصنفين يقول: اتفقوا، ويقصد ثلاثة من الأئمة الأربعة، أما الإجماع: فكل من يعتد به من أهل العلم أجمعوا على كلام واحد لم يخالف أحد منهم.

    أم زوجة الأب ليست بمحرم

    السؤال: هل يجوز لإنسان أن يتزوج امرأة وابنه يتزوج أمها؟

    الجواب: نعم يجوز للإنسان أن يتزوج امرأة وابنه يتزوج بأمها، لأنها ليست من محارمه.

    حكم من جاوز الميقات بدون إحرام

    السؤال: سافرت إلى جدة وكنت أنوي أداء العمرة قبل سفري، فلما وصلت إلى جدة قضيت فيها أسبوعاً ثم أحرمت منها؟

    الجواب: كيف تحرم من جدة وأنت نويت العمرة قبل مجاوزة الميقات؟ إذاً يجب عليك ذبح دم يوزع على فقراء الحرم.

    كيفية زكاة الذهب

    السؤال: لدى زوجتي ذهب، بعضه اشتريناه قبل سنة، وبعضه اشتريناه قبل ستة أشهر؟

    الجواب: تزكي عما مضى عليه سنة، والباقي تزكي عنه بعد ستة أشهر إذا بلغ النصاب، حيث يكون قد مضى عليه سنة.

    عدة المطلقة وأنواعها

    السؤال: ما هي عدة المطلقة؟

    الجواب: المطلقة أنواع:

    إذا كانت حاملاً فعدتها وضع الحمل.

    وإذا كانت تحيض فعدتها ثلاث حيضات.

    وإذا كانت يائسة كبيرة، أو صغيرة لم تبلغ سن الحيض فعدتها ثلاثة أشهر.

    هذه عدة المطلقة، وهذا بعد الدخول.

    أما قبل الدخول؛ أي: عقد على امرأة فطلقها قبل الدخول فلا عدة لها، لقوله تعالى: فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49].

    مكالمة الزوجة المطلقة بالهاتف

    السؤال: هل يجوز مكالمة الزوجة المطلقة بالهاتف؟

    الجواب: إذا دخل بالمرأة وطلقها، فالعدة تكون في بيته: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ [الطلاق:1] فهي لا تزال في عصمته، وهذه تعتبر فترة مراجعة نفس، وتمكين للزوج من مراجعة الزوجة، ويعيد النظر في القرار، وهذا في الطلاق الرجعي، أما الطلاق البائن فتذهب من عنده.

    فالمطلقة طلاقاً غير بائن تكون عنده في بيته، وهي زوجته؛ فيجب عليها أن تستأذن منه إذا أرادت الخروج، ويستطيع أن يخلو بها ويكشف عليها فهي ما زالت زوجته، لكنها دخلت في عدة الطلاق.

    حكم أداء العمرة عن الغير

    السؤال: بعض الناس إذا ذهب للعمرة يأخذ عمرة ثانية عن أبيه؟

    الجواب: السنة عمرة واحدة في السفرة الواحدة.

    علامات رؤية ليلة القدر

    السؤال: علامات رؤية ليلة القدر؟

    الجواب: ليلة القدر ليلة طلقة بلجة، -أي: منيرة- لا حارة ولا باردة، ولا يرمى فيها بنجم، وتكون الشمس صافية، وتطلع الشمس صبيحتها لا شعاع لها مثل الطست، ليس لها شعاع يبهر العيون، مستديرة صافية حمراء ضعيفة أي: لا شعاع لها، لكن هذه العلامات تكون في صبيحتها وتعرف بعد انقضائها.

    وعلى أية حال، إجهاد النفس في العبادة أولى من إجهادها في معرفة هل هذه الليلة ليلة القدر، وهل هي صافية.. فيها غيم، أو ليس فيها غيم.. هل هي باردة أم حارة أم معتدلة؟ هل هي منيرة أو غير منيرة؟ هل فيها نور أم لا؟ ليس هذا هو المقصد الأساسي، بل إنها أخفيت حتى يجتهد العباد في العبادة.

    وجود الجنة والنار

    السؤال: هل الجنة والنار موجودتان الآن؟

    الجواب: نعم. لا شك في ذلك، فإن الله خلق الجنة والنار، وقال لجبريل: اذهب وانظر إليهما، فذهب ونظر إليهما، فحفت النار بالشهوات، وحفت الجنة بالمكاره، فهي قطعاً موجودة، والنبي عليه الصلاة والسلام في صلاة الكسوف تقدم ليأخذ قطفاً من عنب عرض له، وتأخر -أيضاً- لأنه خشي من لهب النار، فالجنة والنار موجودتان الآن، فـالمعتزلة والمبتدعة والضالون يقولون: إنهما غير موجودتان وغير مخلوقتان الآن، وهذا من ضلالهم وإفكهم.

    ومن الأدلة على أنهما موجودتان: أن الإنسان عندما يموت إذا كان من أهل الجنة تفتح له طاقة إلى الجنة ويأتيه من ريحها وريحانها ويرى مقعده وزوجاته وقصره من هذه النافذة، وأما الذي في النار، فتفتح له طاقة إلى النار، فيأتيه من سمومها وحميمها.

    وقال عز وجل لما قبض آل فرعون: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً [غافر:46] وهم في البرزخ يعرضون على النار غدواً وعشياً.

    إذاً: لا شك في وجودهما -الآن- قطعاً.

    القزع .. كيفيته وحرمته

    السؤال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حلق القزع، ما هي كيفيته؟

    الجواب: القزع: هو حلق بعض الرأس من أي جانب، فإذا حلق من الخلف، أو من اليمين، أو من الشمال، أو من الوسط، أو من المقدمة، فإنه يكون قزعاً منهياً عنه، فيدخل في التشبه بالكفار تخفيفه جداً من الجوانب وترك الوسط كالطاقية مثلما يفعل بعض المقلدين للكفرة، والآن الابتداعات والبدع في الشعر كثيرة جداً، ولذلك ينبغي التنبيه على أحكام الشعر، لأن كثيراً من الناس يقعون في مشابهة الكفار ويقعون في أشياء محظورة، فالشعر أصبح مجالاً للمحرمات، فمثلاً: بعض النساء تقصره جداً حتى يكون مثل الرجل وهذا حرام، وبعضهن تصبغ كل خصلة بلون؛ مشابهة لبعض فرق الخنافس والبنكس، وكذلك من العبث به حلق بعضه وترك بعضه، أو تقصير بعضه من الجوانب وتوفيره في الوسط، كذلك مشطة المائلات المميلات للنساء، المشطة المائلة التي هي من منكرات الكوافير في الشعر.

    كذلك بعضهم عندهم الآن رسم على الرأس، فيحلقون القفا ويرسمون عليه وجهاً لا تميز وجهه من قفاه، واخترع الكفرة أشياء وقلدهم كثير من المسلمين في هذا الأمر، فالمهم أن الشعر مجال واسع في التلاعب بالخلقة، وتغيير خلق الله؛ مشابهة للكفار، وارتكاباً للمحذورات، وبعض النساء يحلقن الشعر بالكلية حلاقة، وحلاقة المرأة لشعرها حرام، اللهم إلا إذا كان لعلاج أو شيء اضطراري، فالمهم أنه ينبغي معرفة أحكام الشعر في الشريعة حتى لا يقع الإنسان في المحظورات.

    معنى: لا يفد إليّ لمحروم

    السؤال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى يقول: إن عبداً أصححت له جسمه، ووسعت عليه في معيشته، تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إلي لمحروم) ما المراد بقوله: لا يفد إلي لمحروم؟

    الجواب: أي: في الحج لا يأتي البيت العتيق، والحديث حسن أو صحيح.

    حكم من طاف للقدوم بدون وضوء ولم يذكر إلا بعد الحج

    السؤال: ذهبت إلى مكة لأداء مناسك الحج، ودخلت في النسك بنية التمتع بعد الانتهاء من طواف القدوم، ثم تذكرت أني لم أكن على طهارة، وأنهيت جميع المناسك؟

    الجواب: إذا كان المقصود من أنه أنهى جميع المناسك، يعني: ذهب إلى عرفة ومزدلفة ومنى ورمى الجمرات، فهذا يكون حجه قد انقلب من تمتع إلى قران، لأن طواف العمرة قد فسد، إذاً ماذا فعل هذا عندما أحرم بالحج في اليوم الثامن؟

    أدخل العمرة على الحج وصار قارناً، لكن لو كان ذكر ذلك أنه على غير وضوء بعدما سعى، أو قبل أن يسعى فماذا يفعل؟ يعيد طواف القدوم.

    نصيحة مقدمة للزوجات الضرائر

    السؤال: يقول: في تناولك لموضوع الضرة حيث أن زوجتي معي، فهل من كلمة عن صبر المرأة على الضرة ولو من كلمات قليلة جداً حتى لا يحدث هذه الليلة طرد من المنزل، والله أعلم أين أنام؟

    الجواب: على أية حال: هو لم يقل: لا تقرأ الرسالة، فلعل قراءتها لوحدها موعظة، إن كان يمزح، فالحمد لله، وإن كان جاداً فهذه المصيبة، أن الرجل يخشى ما سيحدث له، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه) إذا كان الذي لا يأمن جاره يبقى في خوف، الليلة لا يدري ماذا يحدث له من جاره يا ترى! أي مصيبة ستنـزل علي من جاري؟ فإذا كان الزوج لا يأمن على نفسه هذه الليلة ماذا سيحدث له من زوجته وأي مصيبة ستفعلها له، فهذه من الطوام! والحديث السابق دلَّ على غيرة عائشة رضي الله عنها، وكيف تحمل النبي صلى الله عليه وسلم غيرتها، وأنه لما غضب لم يخرج من عند عائشة إلا وقد تعهدت بعدم إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت: [لا أذكرها إلا بخير] وأن عائشة رضي الله عنها كل الذي حصل منها كلام في قضية ما تذكر من خديجة ، أما التمرد على الزوج فهذا شيء خطير، الآن بعض النساء تقول: هذه عائشة ونحن نفعل أكثر، نقول: لا.

    أولاً: عائشة إذا كان الذي صدر كلام، فبعض الزوجات تمتنع من الخدمة، ومن المبيت مع الزوج، ولا تطبخ طعامه، ولا تكوي ثيابه ولا تغسله، ولا تنظف بيته، وهذا تمرداً ونشوز.

    ثانياً: عند عائشة من الفضائل ما يغطي على كل ما فعلت، فماذا عند النساء هؤلاء من الفضائل حتى يغطين كل ما يفعلن؟ فلا تقول هي: إذا فعلت عائشة كذا نحن نفعل أكثر، لا، لأن عائشة عندها من الفضائل ما إذا انغمرت فيها هذه الكلمات ذهبت، لكن ماذا عند المرأة من الفضائل حتى تغمر إيذاءها لزوجها فيه، يعني: هذا كلامنا كله في خديجة ، وكيف أنها هيأت لزوجها السكن المريح والجو الهادئ وخدمته ونحو ذلك، هذا الذي ينبغي أن تقوم به المرأة تجاه زوجها، ونحن بلينا بالأفلام والمسلسلات التي تصور أن الشقاء لازم لكل من تزوج اثنتين، وأنه لابد أن تحدث كوارث، ولابد أن ينتهي بطلاق إحداهما، وأنه إذا انكشف أنه تزوج الثانية معناه أنه سوف يحصل شر عظيم ونحو ذلك، كل هذا جاء من أعداء الإسلام لأجل أن يقع الناس في الحرام ولا يتزوجوا الزوجة الثانية والثالثة، وتكون هناك عوائق كبيرة جداً أمام من يريد أن يعف نفسه، فهذا الكلام هذا طويل في موضوع تعدد الزوجات، وليس الآن مجال الطرح، ولكن نوصي الزوج إذا أراد التعدد فعليه بالعدل، ويجب على الزوجات أن يتقين الله في الزوج، والعدل أساس كل شيء بالتجربة، كل المجربين يقولون: إن المرتاح هو الذي يعدل، لأنه إذا عدل، لم يبق لامرأة أي كلام عليه.

    حكم لبس القفازين في الصلاة

    السؤال: ما حكم من تصلي وهي لابسة القفازين؟

    الجواب: جائز، ولكن تركه أولى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم استحب لنا مباشرة الأرض، فتخلع القفازين وتصلي، إلا إذا كان هناك رجال أجانب مثلاً فلا تخلعها.

    وجوب الإحرام من الميقات

    السؤال: شخص يريد أن يذهب إلى أهله في الإجازة إلى مكة والمدينة وعنده نية أن يعتمر فماذا يفعل؟

    الجواب: إذا مر بالميقات أحرم ما دام عنده نية.

    سجود السهو بعد السلام للزيادة في الصلاة

    السؤال: إمام أراد أن يقوم في صلاة المغرب من الرابعة ظناً منه أنها الثالثة، ثم تيقن أنها الرابعة، فرجع؟

    الجواب: إذا كان قد قام، فإنه يسجد للسهو بعد السلام.

    الهدية بمقابل تعتبر رشوة

    السؤال: ما الحكم في أحد أعطى موظفاً هدية نظير خدمة أسداها له؟

    الجواب: لا يجوز إعطاء الموظف هدية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هدايا العمال غلول) إذاً لا يجوز أن يعطيه، وهذه تعتبر رشوة.

    بقاء المرأة مع زوجها في الجنة

    السؤال: هل المرأة تبقى مع زوجها في الجنة أم تستطيع أن تختار من تشاء من أهل الدنيا؟

    الجواب: قال عليه الصلاة والسلام: (المرأة لآخر أزواجها) فإذا كانت هي وإياه من المؤمنين، فإنها ستتغير وهو سيتغير قلباً وقالباً، ولذلك لن يكون شعورها نحوه في الجنة مثل شعورها الآن، فإنه يختلف تماماً.

    حكم من حلف أكثر من مرة

    السؤال: من حلف اليمين أكثر من مرة لا يتذكر عددها فكيف يخرج الكفارة؟

    الجواب: يقدرها تقديراً بما يغلب على ظنه، ويخرج الكفارة.

    بيان النقاب الشرعي ووجوبه

    السؤال: ماذا أفعل في النقاب الشرعي لزوجتي؟

    الجواب: إذا كنت تقصد أنها تلبس نقاباً واسعاً فيه فتحتين، فهذا يعني: أنك تحتاج إلى إصلاح وضع النقاب بأن تكن فيه فتحة صغيرة على قدر العين أو لا تكن فيه فتحة إذا كانت تحسن الرؤية من وراء الغطاء، وأما إن كانت لا تضع شيئاً على وجهها أصلاً، فعند ذلك لا بد أن تستر الوجه الذي فيه معالم الجمال عند المرأة.

    فينبغي إذاً التركيز على قضية تبيان الحجاب ووجوب ستر المرأة وجهها، وهذا قد ذكر العلماء فيه رسائل، مثل: رسالة الحجاب للشيخ/ محمد بن صالح العثيمين وهي رسالة جيدة فيها ردود على الشبهات، فلعلها تكون محل إقناع أو حجة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755983275