إسلام ويب

المسيح الدجالللشيخ : أحمد القطان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستعيذ بالله من أربع في دبر كل صلاة، ومن هذه الأربع: التعوذ من فتنة المسيح الدجال، فهي أعظم فتنة في الدنيا. وفي هذه المادة يتحدث الشيخ عن عظم هذه الفتنة مع بيان أوصاف الدجال المذكورة في السنة.

    1.   

    عظم فتنة المسيح الدجال

    الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله الذي خلق فسوى، والذي قدَّر فهدى، والذي أخرج المرعى، فجعله غثاءً أحوى.

    الحمد لله رفيع الدرجات، الحمد لله الحي الذي لا يموت والإنس والجن يموتون، وأصلي وأسلم على قرة عيني وقدوتي وحبيبي ومعلمي محمد بن عبد الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً أُثقل بها الميزان، وأحقق الإيمان، وأخسئ الشيطان، وأفك الرهان في يومٍ لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

    عباد الله: أوصيكم بوصية الله ألا وهي تقوى الله: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] .. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].

    اللهم ألف على الخير قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، وأسألك لي وللحاضرين وللمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها حسن الاعتقاد، وإخلاص النية، وصلاح العمل، ونور اليقين، وبرد الرضا، وحلاوة الإيمان، وبر الصدق، وبركة الدعوة، وإجابة الدعاء، إنك على ذلك قدير، وبالإجابة جدير، برحمتك يا أرحم الراحمين!

    وأسألك أن تنصر إخواننا المجاهدين في كل مكان، اللهم سدد رميهم، واجبر كسرهم، وفك أسرهم، واغفر ذنبهم، ووحد صفهم، وثبت أقدامهم، وقاتل عنهم إنك أنت وليهم في الدنيا والآخرة.

    اللهم حقق بالصالحات آمالنا وآمالهم، واختم بالطاعات أعمالنا وأعمالهم، وأسألك اللهم أن تُكرم الشهداء وتجعل أرواحنا وأرواحهم في عليين، وأسألك اللهم أن تثبت الغرباء، وتفك أسر المأسورين، وسجن المسجونين من الدعاة الصادقين المخلصين.

    اللهم ثبتهم بالقول الثابت، اللهم أذقهم أنس ذكرك يا رب العالمين! اللهم أحط من وراءهم بالرحمة، اللهم زد في إحسان محسنهم، وارجع بمسيئنا إلى التوبة، وأحط من وراءنا بالرحمة.

    اللهم صن أعراضهم، واحقن دماءهم، واحفظ أموالهم، وسلم أعراضهم، وفرج همهم، واكشف غمهم، وخفف وطأة الطواغيت عليهم، إنك على ذلك قدير برحمتك يا أرحم الراحمين!

    أحبتي في الله: أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم أمته أن تدعو في دبر كل صلاة بأربع دعوات: (أعوذ بك اللهم من عذاب جهنم -هذه هي الاستعاذة الأولى- ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن وفتنة المسيح الدجال) أربع استعاذات، وإن شئت فقل: خمساً باعتبار الحياة والممات اثنتان.

    أخي الكريم: بعض الفقهاء والعلماء لما رأى ابنه صلى ولم يدع بهذه الدعوات والاستعاذات أمره أن يعيد الصلاة؛ لأنه يرى وجوب قراءتها في التشهد الأخير؛ ولا عجب فإنها قد حوت فتناً عظيمة لا يجير ويعيذ منها إلا الله، والاستعاذة لا تقع إلا من المسلم، أما الغافل الذي لا يصلي فهو عنها بعيد.

    1.   

    صفات المسيح الدجال

    إن أعظم الفتن كما ذكر الحبيب صلى الله عليه وسلم فتنة الدجال.

    الدجال يهودي الجنسية

    لقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم هويته، فقال: (إنه يهودي، وإنه لا يولد له، وإنه لا يدخل المدينة ولا مكة ) رواه مسلم ، جنسيته يهودي، وهذا يبين لنا الدور الخطير الذي يلعبه من ينادي بمشاريع السلام مع اليهود، والذين يلتقون معهم في المؤتمرات والزيارات؛ فإن أولئك جميعاً يمهدون لخروج الدجال، ويطبعون الشعوب للإيمان بالدجال الذي يظهر أول ما يظهر رجلاً صالحاً، ثم بعد ذلك يدعي النبوة بعد أن يُخدِعَ الناس بصلاحه، ثم بعد ذلك يدعي الربوبية من دون الله رب العالمين.

    وتجد الدجاجلة الصغار يمهدون له، لقاءات على مستوى القيادات، هؤلاء كلهم خدم وأفراخ له، يحشرون معه، فلا مانع من الإيمان بالدجال ممن آمن بـبيريز وبيجن وموشي ديان كلهم يهود، وكلهم يتآمرون على الإسلام والمسلمين.

    الدجال عقيم لا يولد له

    يقول صلى الله عليه وسلم: (لا يولد له) حتى لا يأتي من يزعم بعد أن يقتل المسيح عليه السلام الدجال في فلسطين يأتي من يزعم: أن هناك خليفة للدجال، وأن عنده ولداً وأن ولده مختفٍ.. وإلى آخر تلك الخرافات، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا يولد له) قطع دابر الخرافات التي يقوم عليها أهل البدع من المعتقدات.

    منع الدجال من دخول مكة والمدينة

    ثم قال: (لا يدخل المدينة ولا مكة ) شرفهما الله وكرمهما وعظمهما، ويا حسرة من يسافر للسياحة طوال العام يبحث عن المنتجعات والليالي الحمراء، وينفق آلاف الأموال من الدولارات وغيرها، وإذا قلت له: يا أخي! هل حججت؟ قال: لا. أنا مشغول ليس عندي وقت!! هل اعتمرت؟ قال: لا أستطيع أن أترك الزوجة والأولاد يضيعون.

    إن أمثال هؤلاء لا شك أنهم سيحرمون من دخول مكة والمدينة يوم الفتنة الكبرى؛ لأن المدينة عند قدوم الدجال ترجف رجفة يخرج منها كل منافق، فالذي قلبه لا يتعلق بـالمدينة ولا بـمكة وإنما يتعلق بالسياحات على (البلاجات) فمصيره أن يكون من أتباع الدجال لا محالة.

    الدجال أعور العين اليمنى

    ثم يقول صلى الله عليه وسلم: (عينه اليمنى عوراء) رواه أحمد ، مشوه، ولا عجب أن يكثر أتباعه مع أنه أعور؛ فإن هناك من يهوى العور، (كل عوير وزوير) يجد له في عالمنا أتباع، وما الأعور الهالك ديان عنا ببعيد، فكم تآمر والتقى وخطط ونفذ وحارب وهُزم.

    صفة عين الدجال اليسرى

    يقول صلى الله عليه وسلم: (واليسرى كأنها كوكب دري) اليسرى تبرق كالكوكب الدري، أي: كالقمر الصناعي، عندما يمر قمر صناعي وأنت نائم على ظهرك في الليل المظلم تراه يبرق في أجواء الفضاء، يبرق بالعمالة والخيانة، وتسلط الأقمار الصناعية على توافه الأمور، ولا ينقلون لنا الجهاد الأفغاني الذي يبث الروح الإيمانية في القلوب، كل يوم تتحقق معركة بدر على أرض أفغانستان والقمر الصناعي يأبى إلا أن ينقل الحفلات الساهرة الراقصة.

    مترجمو الدجال من كل لسان

    يقول صلى الله عليه وسلم: (معه من كل لسان) له مترجمون من كل لسان، ويعلم الله أن الدجال لا يحتاج إلى مترجم عربي؛ لأن العرب يسيرون في مرحلة التطبيع مع اليهود، وقد تكون الثقافة اليهودية ودراسة اللغة العبرية من المناهج التي ستدرس في بعض الدول العربية مع الأسف الشديد، ولا يسمى المتخرج مثقفاً إلا إذا أجاد هذه اللغة، ولا ننسى مطالبة حكومة الكنيست الإسرائيلي بأن تعمم الثقافة اليهودية على البلاد التي تسالمها، ولما أذاع التلفاز في تلك البلاد سورة البقرة وشرحها أحد العلماء، وعرَّت هذه السورة العظيمة اليهود ومؤامراتهم أرسلت حكومة إسرائيل وسفارتها في تلك البلاد مذكرة احتجاج شديد، لأن سورة البقرة انتهكت حرمة المعاهدة بين البلدين.

    وكان رد الإعلام أغبى من بقرة بني إسرائيل التي فضح الله بها مكرهم وكيدهم، كان الرد بالاعتذار وعدم تكرر الأمر من أولي الأمر.

    الدجال معه صورة الجنة والنار

    يقول صلى الله عليه وسلم: (معه صورة الجنة وصورة النار) صورة ليست حقيقية، الجنة الحقيقية يملكها الله الذي تركع له وتسجد، أما الدجال فجنته دجالة مثله، وناره كذلك، هو كذاب وجنته كاذبة مزيفة، وفي حديث آخر يقول: (معه مثال الجنة) وليست الجنة: (من رأى جنته لا يدخل بها فهي نار، وناره ماء بارد) انظر إلى الخداع والغدر لأتباعه! كل الذين اتبعوه عندما يأذن لهم أن يلقوا بأنفسهم في جنته يكتشفون في النهاية أنهم تساقطوا في الجحيم، خداع عظيم تصاب به البشرية ما دام شعارها الكذب والدجل: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ [الواقعة:82] وعود وعهود وتخدير.

    خروج الدجال من أصبهان

    يقول صلى الله عليه وسلم: (يخرج من خراسان -رواية أحمد وأصبهان) رواية مسلم وهاتان البلدتان في بلد واحد، وهو يخوض الآن حرباً شعواء منذ ست سنوات لا تبقي ولا تذر، ولا شك أن هذه الحرب ستخدم في النهاية الدجال.

    ويقول صلى الله عليه وسلم: (ويتبعه من يهود أصبهان سبعون ألفاً عليهم الطيالسة)الثياب البراقة اللماعة السوداء، هذه أحاديث صحيحة عن رسول الله الذي علمه الله وفهمه، فهل من معتبر؟! وهل من مدكر؟!

    الدجال مكتوب بين عينيه كافر

    يقول عليه الصلاة والسلام: (مكتوب على جبهته وبين عينيه "كافر") وفصلها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ك) و(ف) و(ر) -ثلاثة حروف- يقرؤها كل مسلم وكل من كره أمره).

    إذاً.. المثقفون والمتفيهقون والذين يتكبرون عن دخول بيوت الله ولا يصلون مهما كانت شهاداتهم عليا فلن يستطيعوا قراءة كلمة واحدة على جبين الدجال؛ لأنه لا يؤذن بمعرفتها وقراءتها إلا لمن أخلص العبودية لله رب العالمين فأسلم وجهه وأحسن، يقرؤها كل مسلم ولو كان لا يعرف القراءة ولا الكتابة، كلمة واحدة! وهذا الحديث رواه الشيخان.

    ويقول عليه الصلاة والسلام: (اقرءوا فواتح سورة الكهف فإنها تعصم من الدجال) وهذا من بركة صلاة الجمعة، ومن السنة أن تقرأ سورة الكهف يوم الجمعة، فالذي لا يصلي الجمعة ويذهب إلى (الشاليهات) ويقعد أمام الفيديو والتلفاز، أو يلبس (المايو) ويتزلج على البحر؛ سيتمكن الدجال منه ومن ذريته عاجلاً أو آجلاً؛ لأنه محروم من بركة عيد المسلمين في يوم الجمعة، فمن السنة الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة وهم في ليلة الجمعة يسهرون على المعاصي، وفي وقت الصلاة ينامون فلا يعرفون من سورة الكهف حرفاً واحداً.

    والسر في سورة الكهف: أن العشر الآيات الأول نسفت عقيدة اليهود وعقيدة النصارى وهم أكثر أتباع الدجال، فعقيدة اليهود تقول: عزير ابن الله، وعقيدة النصارى تقول: المسيح ابن الله! وآيات سورة الكهف ماذا تقول؟ يقول الله سبحانه وتعالى عن هاتين العقيدتين: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا * قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً * وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً * مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً [الكهف:1-5] هذا هو السر، من اعتقد أن الله أحد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد تنفعه تلك الآيات، والواجب على الآباء أن يحفظوا الأبناء أوائل سورة الكهف؛ فالدجالون كثرون ولا ندري متى يخرج الدجال؟

    الدجال يعيث في الأرض

    قال صلى الله عليه وسلم: (عاث يميناً وعاث شمالاً) والعيث: هو أشد أنواع الفساد، والذين يخططون للفساد الآن يمهدون له، الحفلات والرقص والغناء المستمر الذي لا ينقطع كل ذلك تمهيداً للدجال الذي يكمّل تلك الحفلات ويقيم المهرجانات، وأكبر مهرجان سيقيمه الدجال، أنه يأتي برجل طويل عريض، شاب جميل، ثم يضربه بالسيف يقطعه نصفين كل قطعة بعيدة عن الأخرى، وبعد ذلك يشير له أن أقبل، فيأتي كل نصف لمفرده يرقص ويرقص ثم يلتئم ويضحك..! وهذا سحر ودجل، والدجال لا يستطيع أن يقتل إلا رجلاً واحداً فقط، حتى أتباع الدجال على كثرتهم من الإنس وشياطين الجن لن يستطيعوا قتل أحد، والأحاديث تذكر ذلك، رجل واحد فقط يخرج من المدينة المنورة يقول له أتباع الدجال: أين أنت ذاهب؟ يقول: لأرى هذا الذي خرج - يحقره -. فيقولون: اقتلوه، فيرد بعضهم على بعض: لا. أما علمتم أن الدجال منعنا أن نقتل أحداً، فعندما يقتله الدجال، يقول له: قم، فيقوم، فيقول: ألا تؤمن أني أنا ربك؟ يقول: ما ازددت بك إلا بصيرة. وهنا تأتي أهمية دور العقيدة، يقول له: يا دجال.. ما بربنا من خفاء، الذين يتعلمون توحيد الله في أسمائه الحسنى وصفاته العلى ووحدانيته، الذين يتدارسون عقيدة محمدٍ وأصحابه هم الذين يعرفون الله، أما غيرهم فهم الذين يخدعون بالدجال، دجال أعور، ولو كان رباً صادقاً لأصلح عينه، رب معه صورة جنة فيها نساء وجمال، وأزهار وأطيار، وهو أعور؟! من يفقه هذه الحقيقة البديهية؟ يفقهها من درس العقيدة الإسلامية، ومعاني أسماء الله الحسنى: الله، الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن.. كلها حسنى، تسعاً وتسعين يتركونها ويتركون الله الذي تسمى بها ووصف نفسه بأكمل الصفات، ويتبعون أعوراً!

    الدجال عينه كالنخامة على الجدار المجصص

    قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (عينه كالنخاعة أو النخامة على الجدار المجصص) أي أنه أبيض، وشكله أبرص وعيونه خضراء مثل النخاعة؛ ومع هذا يعبدونه من دون الله وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى [الأعراف:180]، وهنا يظهر دور دراسة العقيدة، يأتي صاحبها فيقول: ما بربنا من خفاء، ما ازددت بك يا كذاب إلا بصيرة، تدارسوا عقيدة أهل السنة والجماعة يرحمكم الله.

    اللهم إنا نعوذ بك من فتنة الدجال وأتباع الدجال، وأعوان الدجال، وزمن الدجال، وأحواله إنك على ذلك قدير.

    اللهم ثبتنا يوم الفتنة، واهدنا يوم الضلالة، ودلنا يوم الحيرة، وأمنا يوم الفزع، وصبرنا يوم الجزع، وأطعمنا يوم الجوع، واسقنا يوم الظمأ، واسترنا يوم العورة.. آمين، برحمتك يا أرحم الراحمين!

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

    مدة لبث الدجال في الأرض

    الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، والنار حق، لك أسلمنا، وبك آمنا، وعليك توكلنا، وإليك أنبنا، وبك خاصمنا، وإليك حاكمنا، فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير.

    ويقول عليه الصلاة والسلام عن الدجال: (اثبتوا عباد الله. قالوا: ما لبثه في الأرض؟ قال: لبثه أربعون يوماً، يومٌ كسنة) اليوم الأول من الأربعين مدته سنة كاملة (اثنا عشر شهراً) فقال الصحابة رضي الله عنهم: (ذاك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة - أي: كصلاة اليوم خمس صلوات فقط؟ - فقال: لا. بل اقدروا له قدره) أي: وقتوا واضبطوا المواقيت للصلوات وصلوا في يوم الدجال صلاة سنة كاملة هذه فتوى من الرسول صلى الله عليه وسلم فلا نحتاج إلى فتاوى أحد، فتوى لها خمسة عشر قرناً حتى لا يختلف المسلمون، هذا يقول: نصلي صلاة يوم، وذاك يقول: نصلي صلاة عشر، وذاك يقول: صلاة شهر، ويكون شعارهم الاختلاف: (اقدروا له قدره).

    ورضي الله عن الصحابة لم يسألوه إلا عن الصلاة، ولو كان هذا الحديث نطق به النبي صلى الله عليه وسلم في زماننا هذا، لا أدري ما سيقول الناس! لعلهم يقولون: يا رسول الله.. هل تدفع لنا الحكومة راتب سنة أم راتب يوم؟! مساكين، هَم الناس الخبز، لا أدري ما ستقول النساء: يكفينا فستان واحد للصباح، وفستان واحد للمساء لمدة سنة أو نبدل الفساتين؟

    هذا المجتمع المخملي اللاهث خلف الموديلات وبيوت أزياء الدجاجلة، لا أدري ما ستقول الإذاعات: تكفينا حفلة ساهرة إلى الصباح، ليلة الجمعة مع كوكب الشرق؟

    ابحثوا في الأرشيف هل تجدون أشرطة "هل رأى الحب سكارى .. تكفي لمدة سنة؟

    لأن يوم الدجال يوم وليلة، اليوم الذي هو النهار ستة أشهر والليلة ستة أشهر، والسهرة لابد أن تكون إلى الصباح ستة أشهر وكوكب الشرق لابد أن تغني! لا يجدون.

    مظنة الصلاح في الدجال

    يقول عليه الصلاة والسلام: (وإن الرجل ليأتيه يحسب أنه مؤمن فيتبعه) هذا هو الإيمان المهزوز، هذا هو الإيمان الذي درسه أصحابه في المدارس (18) سنة، ولما تخرج تخرج مسلماً شيوعياً، مسلماً يسارياً، لا أدري كيف تلتقي اليسارية والشيوعية مع الإسلام! هذا وأمثاله يتحدى الذي يقول: لا أحتاج للصلاة؛ فالصلاة رياضة وأنا رياضي، ولا أحتاج للصيام الصيام ريجيم وأنا أعمل ريجيماً، وهكذا الزكاة ما هي إلا إقطاعية وبرجوازية، ويأتيك بمثل هذه الألفاظ.. هذا مصيره، يكون من أتباع الدجال.

    إخراج الدجال الكنوز من الخربة

    يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يمر بالخربة) القصور التي تهدمت، القصور التي دفنت فيها الكنوز من أموال الشعوب المنهوبة، التي دفنها يمر عليها الدجال، هذا نهاية المال الحرام إلى الحرام؛ لأنه لم يأت عن طريق الحلال، التجار الذين يتاجرون بالربا، الكنوز المنهوبة المسلوبة، الميزانيات التي لا تذكر والتي تقسم على فئة من الملأ يمر عليها الدجال بعد أن يموت أصحابها، كما يقول الله: وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ [الحج:45] (يمر بالخربة يقول: أخرجي كنوزك، فتخرج الكنوز من الخرائب تتبعه كيعاسيب النحل).

    الفرار من الدجال إلى الجبال

    ويقول صلى الله عليه وسلم وهو يذكر عن أحوال الدجال: (ليفرن الناس من الدجال في الجبال) أي: أن الجبال تحمي الناس، البلاد الجبلية تنفعها الجبال، ونحن ليس عندنا جبال فأين نذهب؟! نذهب إلى البرج؟ لا يوجد، لا ندري لعل مكر خير الماكرين سيزلزل ويزحزح الجبال حتى يوصل إلينا جبلاً أو جبلين، فالله يقول: وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ [إبراهيم:46].

    ويقول صلى الله عليه وسلم لـأم شريك التي سألت لما قال: يفرون إلى الجبال، قالت: [وأين العرب؟] هذه الأحاديث كلها صحيحة وحسنة وليس فيها حديث ضعيف، تقول أم شريك رضي الله عنها: (وأين العرب يا رسول الله؟ قال: هم قليل) ما الذي قللهم؟! حروب الإبادة بين بعضهم البعض، الذباحون الذين يذبحونهم باسم الإسلام وباسم الكرامة وباسم الحرية.

    ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يخرج الدجال في خفة من الدين - وفي رواية أحمد - في خفقة من الدين) ورواية الحاكم ورواية أحمد تؤديان نفس المعنى، وهذا له مؤشرات، من مؤشراته: محاربة الصحوة الإسلامية اليوم، الصحوة الإسلامية تنادي الدين، وتؤزر الدين، وتناصر الدين، وتكثِّر الدعاة الصالحين، والطواغيت يفتحون لهم السجون، ويعلقون لهم المشانق ولن تجد بلداً إلا من رحم الله قد امتلأت سجونه بما يسمونهم بالمشعوذين والمتطرفين والإرهابيين والرجعيين إلى آخر تلك المسميات وهم عباد الله: وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [البروج:8-9].

    خروج الدجال في خفة من الدين

    يقول: (يخرج في خفة من الدين) والذي يتسبب في هذه الخفة أولئك الذين يحاربون الدعاة المخلصين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.

    ويقول صلى الله عليه وسلم: (وله حمار يركبه) أي: الدجال، الدجال يأتي معه حمار، لا يحتاج الدجال أن يركب مكوكاً فضائياً (ديسكفري) أو (شلنجر) الساقط، لم يأت عليه الدجال، أي: أن الدجال في وقته لا يحتاج إلى تبعية أحد من خلال مكوك فضاء وإنما يأتي على حمار، يكفيه أن يأتي على حمار: (فيجرون خلف حماره ينثر ذنبه عليهم ما تبقى من عذرة فيه) فهذا جزاؤهم، الأذناب لها الأذناب.

    ويقول صلى الله عليه وسلم وهو يذكر عنه تلك الحقيقة: (هو أهون على الله من ذلك) لما سأل الصحابي النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا رسول الله! يقولون: معه جبل من خبز، ومعه جنة ونار، فقال: هو أهون من ذلك) أي: أحقر على الله أن يفعل بإرادته ومشيئته ذلك، إنما المشيئة والإرادة والقوة والعظمة لله، وما هو إلا ابتلاء وامتحان ينجح فيه من ينجح ويسقط فيه من يسقط.

    عباد الله! الزموا الإسلام والقرآن وسنة الحبيب صلى الله عليه وسلم، وادعوا في دبر كل صلاة واستعيذوا ربكم ، نعوذ بك اللهم من فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، ومن عذاب جهنم، ومن عذاب القبر الزموا ذلك دبر كل صلاة، وعند ذكركم هذه الفتنة في نهاية كل صلاة إياكم! ثم إياكم! أن تنسوا الاستعاذة من أعوان الدجال الذين يمهدون لخروجه ويتآمرون على الإسلام والمسلمين.

    اللهم أرنا في أعوان الدجال عجائب قدرتك، اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحدا، اللهم جمد الدماء في عروقهم، اللهم مزقهم واجعلهم في الأرض أحاديث.

    اللهم منزل الكتاب، ومنشئ السحاب، ومجري الحساب، وهازم الأحزاب، اهزم جميع أحزاب الباطل وانصر حزب الحق يا رب العالمين!

    اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا تائباً إلا قبلته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا سوءاً إلا صرفته، ولا عيباً إلا سترته وأصلحته، برحمتك يا أرحم الراحمين!

    نسألك اللهم العافية في الجسد، والإصلاح في الولد، والأمن في البلد، برحمتك يا أرحم الراحمين!

    عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ؛ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756170615