إسلام ويب

شرح منظومة الزمزمي [4]للشيخ : مساعد الطيار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن من القراءات ما يسمى بقراءات النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعني الحكم على قراءة بأنها شاذة أنها غير مفيدة، حيث تفيدنا في الأحكام واللغة، والحفاظ من الصحابة كثير لكن لم يبرز إلا قليل منهم. ومن المباحث المهمة المتعلقة بالأداء معرفة مباحث الوقف والابتداء وما يتصل بها من تفاريع.

    1.   

    قراءات النبي صلى الله عليه وسلم الواردة عنه

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.

    أما بعد:

    قال رحمه الله تعالى: [ النوع الرابع: قراءات النبي صلى الله عليه وسلم الواردة عنه.

    وعقد الحاكم في المستدرك باباً لها حيث قرا بملك

    كذا الصراط رهن وننشز كذاك لا تجزي بتا يا محرز

    أيضاً بفتح ياء أن يغلا والعين بالعين برفع الأولى

    درست تستطيع من أنفسكم بفتح فا معناه من أعظمكم

    أمامهم قبل ملك صالحة بعد سفينة وهذي شذت

    سكرى وما هم بسكرى أيضاً قرات أعين لجمع تمضى

    واتبعتهم بعد ذريتهم رفارفاً عباقري جمعهم]

    هذا المبحث وهو قراءات النبي صلى الله عليه وسلم هو ضمن الأمر الثاني المرتبط بالسند، وقد ذكر في الأول مجموعة من أنواع القراءات للمتواترة والشاذة بأنواعها، ثم ذكر قراءات النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر أن الحاكم رحمه الله تعالى في المستدرك قد عقد لقراءة النبي صلى الله عليه وسلم بابًا.

    وهذا المبحث يعتبر من غرائب المباحث؛ لأنه قد يسأل بعض الناس فيقول: أليس كل القرآن هو قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فالجواب: بلى؛ لأن القرآن متلقى منه صلى الله عليه وسلم، فما معنى: أن تسمى بعض هذه الألفاظ -وهي قليلة جدًا- بقراءات النبي صلى الله عليه وسلم؟! وقد كتب أبو عمر الدوري كتابًا سماه قراءات النبي صلى الله عليه وسلم.

    والذي يظهر في تسمية هذه القراءات بقراءات النبي صلى الله عليه وسلم هو أنها مسندة إليه صلى الله عليه وسلم مباشرة، يعني: يصل الإسناد إليه مباشرة.

    والأمر الثاني: أنها أفراد، يعني: أسانيد مفردة، وليست من طريق القراء، بمعنى: أننا نصف القراءة بأنها قراءة النبي صلى الله عليه وسلم إذا نسبت إليه مباشرة، ولم تكن من طريق القراء، وإنما كانت من طرائق مفردة، فتسمى حينئذ في الاصطلاح قراءة النبي. هذا مجرد اصطلاح، وإلا فإن كل القرآن في الحقيقة هو قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، لكي لا يقع لبس عند بعضهم، يقول: كيف تسمى هذه قراءات النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن كله متلقى منه؟ فهذا هو وضع هذا المصطلح.

    ما ورد ضمن هذا المصطلح من القراءات منه ما هو مقبول في حيز المتواتر، ومنه ما هو شاذ.

    والمقبول والشاذ كله ضابط تسميته بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم، كونه روي بأسانيد مفردة، ليست هي الطرق المعتبرة المشهورة عند القراء، وحفص الدوري هو من القراء، ومع ذلك كتب قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، وأفردها بأسانيد ليست من طرق القراء.

    هذه فكرة القراءات ومن عُني بها من المحدثين، وهناك كتاب الحروف والقراءات عند أبي داود في سننه، وهناك قراءات كثيرة منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في كتب الصحاح والسنن والمسانيد، يقال: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم كذا، قرأ النبي صلى الله عليه وسلم كذا، وبعضها يكون في حيز المتواتر المقبول، وبعضها يكون في حيز الشاذ المردود.

    مثلًا في قوله: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ [التوبة:128]، هذه القراءة المتواترة، وقال في الشاذة: (مِنْ أَنْفَسِكُمْ)، من النَّفاسة، وليست من النَّفْس، مِنْ أَنفُسِكُمْ ، أي: من بينكم من ذواتكم، و(مِنْ أَنْفَسِكُمْ) يكون من النفاسة، بمعنى: من أعظمكم، وهو أحد معاني: (مِنْ أنفَسِكُم)، فهذه القراءة مسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بطريق مفرد آحادي، ولكنها غير مقبولة، والقراءة المتواترة هي: مِنْ أَنفُسِكُمْ [التوبة:128].

    الفائدة العلمية للقراءات المسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم

    هل لهذه القراءات التي أسندت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فائدة علمية؟ لننظر الآن هذه القراءات التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم غير القراءات المتواترة؛ لأن القراءات التي ثبتت بالتواتر وثبتت بهذه الطرق الإفرادية نحن نقبلها من جهة التواتر، وليس من جهة هذه الروايات الإفرادية، لكن القراءات الأخرى التي صحت نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها لم تبلغ حد التواتر، يعني: لم يقرأ بها القراء، هل لها فائدة علمية؟ لا شك أنها تدخل فيما يسمى بالقراءة الشاذة، والقراءة الشاذة قسمناها إلى أقسام، وأهم نوع منه: ما يصح سنده، مثل: قراءة: (والذكرِ والأُنثَى)، التي رواها الإمام البخاري في صحيحه عن أبي الدرداء، ووردت أيضاً عن ابن مسعود، وقد تلقاها أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن عندما نقول: قرأها أبو الدرداء ولا نقول: قرأها النبي صلى الله عليه وسلم، مع أن الذي أقرأه هو النبي صلى الله عليه وسلم وقد نص على ذلك، يقول: ( لقد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا: (والذكرِ والأُنثَى) )، فلا نسميها قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هذه سميناها قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنها أسندت إليه صلى الله عليه وسلم، هذا الفرق فقط، وإلا ففي النهاية كل هذه القراءات شاذها ومتواترها إذا صحت فهي مسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

    والعلماء تكلموا عن فوائد قراءة الشاذة من جهة الأحكام ومن جهة اللغة ومن جهة البلاغة، يعني: من جهة العلوم العربية ومن جهة الأحكام.

    الفائدة من القراءات الشاذة الصحيحة

    عندنا جانب آخر مرتبط بعلوم القرآن، كيف نستطيع أن نستفيد من هذه القراءات في موضوعات علوم القرآن؟ هل للقراءات الشاذة علاقة بالأحرف السبعة، أو ليس لها علاقة بالأحرف السبعة؟ كيف نستطيع أن نربط بين موضوع الأحرف السبعة والقراءات الشاذة الصحيحة التي نتكلم عنها، التي ثبتت بإسناد صحيح أنه قد قُرئ بها، إما من جهة النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، أو من حكى أنه قرأها على النبي صلى الله عليه وسلم؟ كيف نستطيع أن نستفيد منها من هذه الجهة؟

    وجه الفائدة هنا: أننا حينما نناقش موضوع نسخ بعض الأحرف، فإن القراءات الشاذة سند لنا في هذه الفكرة.

    القراءة المتواترة: وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى [الليل:3]، والشاذة التي رواها الإمام البخاري عن أبي الدرداء وهي قراءة ابن مسعود (والذكرِ والأنثى)، الآن مقروء بها أو شاذة؟

    شاذة، وما دامت شاذة فنحن نثبت أنها قراءة صحيحة، وقد قرأ بها النبي صلى الله عليه وسلم وأقرأها لبعض الصحابة، لكن إذا جئنا إلى المعتمد في العرضة الأخيرة، والذي أجمع الصحابة على أنه قرآن، هل نجد فيه: (والذكرِ والأنثى)؟

    أمامنا عدة احتمالات: الاحتمال الأول: أن يكون الصحابة تدخلوا في النص القرآني فألغوا منه: (والذكر والأنثى)، كما يدعي بعض الرافضة، ويستدلون بهذا على أن الصحابة تصرفوا في القرآن، هذا احتمال.

    والاحتمال الآخر: أن يكون الذي أنزلها هو الذي نسخها، وعندما نرجع نحن لتقرير هذه المسألة من خلال نصوص القرآن ومن خلال السنة، سنجد أن الاحتمال الثاني هو الأصل، وهو الذي يجب أن يصار إليه من جهة المنطق العقلي، ومن جهة المنهج العلمي، وأن من أخذ بالشبهة وادعى أن الصحابة هم الذين نسخوا هم الذين تركوا فقد وقع في الخطأ؛ لأن قضية نسخ أي شيء من القرآن هي من حق الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يقول عن نفسه: مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا [البقرة:106]، ولا يجوز لأحد كائناً من كان أن ينسخ شيئاً من القرآن، حتى النبي صلى الله عليه وسلم لم توكل إليه هذه المهمة.

    إذاً إذا جئنا إلى الذي له حق النسخ فهو الله سبحانه وتعالى، حتى النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن له حق أن ينسخ آية ويرفع آية؛ لأنه هو مبلغ ورسول فقط. فلا بد أن نثبت بالدليل العقلي وبالمنهج العلمي الصحيح هذه القضية، ونعزز فيها الأدلة لكي تتضح لمن يتلقى علوم القرآن، وكذلك ننتبه إلى أن شبهة، وإذا كشف عنها بالوجه العلمي زالت.

    والقرآن أنزل على سبعة أحرف يقيناً، والذي أنزله هو جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم، ولا تدخل لأحد بهذه الأحرف السبعة أبداً، ولما وجدنا نصوصاً صحيحة صريحة في أن وجوهاً من القرآن لا يُقرأ بها، فإن الدليل العقلي المبني على الواقع التاريخي للقرآن يجرنا إلى أن نقول: إن هذه القراءات مما كان يُقرأ ولكنه نسخ، والذي له حق أن يترك شيئاً من كتابه أو أن ينسخ شيئاً من كتابه هو الله سبحانه وتعالى.

    فإذا تقررت هذه المسألة واتضحت لا يكون عندنا أي إشكال، وليس عندنا أيضاً أي ضعف علمي في أن نناقش مثل هذه القضايا مع الرافضة ومع المستشرقين ومع غيرهم، أن نقول: نعم، هذه قرآن نحن نثبتها، ولكنها كانت إلى وقت، ثم بعد ذلك رفعها أو نسخها من أنزلها.

    وموضوع النسخ هناك أصلاً من ينكرونه بالكلية، ولهم في ذلك شبه كثيرة ليس هذا محلها، لكن أنا أردت فقط أن ننتبه إلى أهمية هذا المبحث فيما يتعلق بالقراءات الشاذة أو القراءات المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم، أهميته في كيف نستطيع أن نضعه، وأين نضعه، ونحن نناقش علوم القرآن.

    ومن القضايا المهمة جدًا -ونحن نناقش علوم القرآن-: أن يكون عندنا ترابط بين معلومات علوم القرآن بعضها مع بعض، فالتجزئة الزائدة هذه قد تلغي عن ذهنية الطالب الجمع بين هذه الأجزاء، فإذا اجتمعت هذه الأجزاء تتضح له بعض المسائل، فأحيانًا التجزئة تكون مفيدة، وأحيانًا قد تغيب التجزئة عنه بعض الحقائق، أو بعض الفوائد.

    1.   

    الرواة والحفاظ من الصحابة والتابعين

    قال رحمه الله تعالى: [ النوع الخامس والسادس: الرواة والحفاظ من الصحابة والتابعين الذين اشتهروا بحفظ القرآن وإقرائه.

    علي عثمان أبي زيد ولابن مسعود بهذا سعد

    كذا أبو زيد أبو الدردا كذا معاذ بن جبل وأخذا

    عنهم أبو هريرة مع ابن عباس ابن سائب والمعني

    بذين عبد الله ثم من شُهر من تابعي فالذي منهم ذكر

    يزيد أي من أبه القعقاع والأعرج بن هرمز قد شاعوا

    مجاهد عطا سعيد عكرمة والحسن الأسود زر علقمة

    كذاك مسروق كذا عبيدة رجوع سبعة لهم لا بده ].

    هذا أيضًا من المباحث التي أفردها البلقيني وتبعه السيوطي ، ونظمه الزمزمي في الرواة والحفاظ من الصحابة والتابعين الذين اشتهروا بحفظ القرآن وإقرائه، وهذا المبحث فيه بعض الإشارات.

    القراء الذين اشتهروا بالقراءة من الصحابة كُثُر، ولكن الذين برزوا قليل، فلو رجعنا إلى تاريخ الصحابة لوجدنا سرية تسمى سرية القراء، كان عددهم سبعين، وكانت في السنة الثالثة أو الرابعة.

    يعني: هؤلاء سبعون ممن اختصوا بالقرآن في ذلك الوقت، فما بالك بعده!

    بروز قلة من القراء

    وهنا ملحظ مهم جدًا، يجب أن ننتبه له، وهو الفرق بين أن يوجد قراء كُثُر، وأن يبرز مجموعة منهم.

    مثلًا: أبو زيد الأنصاري لو بحثتم عن ترجمته لا تجدون كثير ترجمة، و أنس بن مالك وهو يروي أو يذكر من أخذ القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول عنه: أبو زيد الأنصاري أحد عمومتي.

    فـأبو زيد هذا اسمه قيس بن السكن على المشهور كما يقول السيوطي، ولا تكاد تجد له ترجمة كبيرة جدًا.

    والأمر الثاني: لو نظرت إلى طرق القراء فإنك لا تجد فيها أبا زيد هذا، ومع ذلك هو ممن اشتهر بحفظ القرآن وإقرائه.

    فإذاً الشهرة شيء، وعدد الذين حفظوا وقرءوا القرآن شيء آخر، وأيضًا الشهرة نوعان: هناك من اشتهر، وبقي أثره عندنا إلى اليوم من طريق القراء، وهناك من اشتهر بأنه كان مقرئًا مثل معاذ بن جبل أو مثل أبي زيد ، ولكنه لم يرد من طريق القراء، يعني: أن أسانيد القراء لا تصل إليه، وذلك لأسباب مثلاً تقدم الوفاة وأيًّا ما كان الأمر فالمقصود: أن ننتبه ونحن نتكلم عن حفاظ الصحابة، أو من حفظ القرآن من الصحابة، أو من كان معتنيًا بالقراءة من الصحابة، ونقول: هم كثير، ولكن الذين برزوا منهم قليل، والذين بقيت طرقهم من البارزين أقل.

    نظرة في كتب طبقات القراء

    نأتي إلى قضية أخرى: بعض كتب طبقات القراء، مثل: كتاب معرفة القراء الكبار للذهبي ؛ مشى على الطبقات، وبعض الكتب مشت على (أ، ب) مثل: غاية النهاية لـابن الجزري ، وكتاب الذهبي رتبه على الطبقات فجعل الصحابة طبقات، يعني: كبار الصحابة، ثم نزل إلى من قرأ على كبار الصحابة، ثم بدأ بكبار التابعين، ثم التابعين الذين قرءوا على كبار التابعين.. وهكذا، يعني فصلهم طبقات.

    لو نظرنا إلى كتاب الطبقات للذهبي ، وهو من أنفس كتب الطبقات، وجمعنا عدد الصحابة الذين كتب الذهبي ترجمتهم في كتابه، سنجد أنهم بالنسبة لعدد الصحابة قليل، وهم الذين اشتُهر أن القرآن روي من طريقهم: عثمان بن عفان ، علي بن أبي طالب ، أبي بن كعب ، زيد بن ثابت ، عبد الله بن مسعود فهي قليل.

    ثم الطبقة التي بعدهم: أبو هريرة ، و عبد الله بن عباس ، و عبد الله بن السائب ، ولو جمعت كل هؤلاء من الصحابة الذين رُوي من طريقهم القرآن فهم قليل.

    وسبق عند الكلام عن كيفية نقل القرآن، أن المسألة مسألة شهرة وتلقي، فهؤلاء الصحابة عندما نرجع إلى الآثار سنجد أن بعض الروايات عنهم تدخل في الشاذ، يقولون: وقرأ عثمان كذا، وإن كانت قليلة، وقرأ زيد كذا وهي قليلة، وقرأ أبي كذا، وأكثر من روي عنه الشاذ هو عبد الله بن مسعود ، يقولون: أحيانًا في مصحف أبي ، في مصحف ابن مسعود ، في حرف أبي ، في حرف ابن مسعود ، في قراءة أبي ، في قراءة ابن مسعود، يعني: مصطلحات متعددة، وهي في النهاية منسوبة لهؤلاء الأعلام.

    توظيف المعلومات المتعلقة بالقراءات وجمع القرآن والأحرف السبعة

    أيضًا: كيف نستطيع أن نوظف هذه المعلومات التي ذكرناها مع قضية القراءات وجمع القرآن، والأحرف السبعة، كلها متداخل بعضها في بعض، فتحتاج إلى أننا نجمعها ثم نفككها؛ لكي يكون هناك نوع من الترابط، ثم نعرف كيف جاءت هذه القراءات، وهو نفسه المذكور عن القراءات المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم، تأتي بنفس الفكرة في القراءات المنسوبة إلى هؤلاء، ولكنها تعتبر من القراءات الشاذة، إذا صحت عنهم، وثبت أنهم تلقوها عن النبي صلى الله عليه وسلم، فتقول: إنها مما نسخ مثل قراءة: (والذكَّرِ والأنثى) التي ذكرناها سابقاً.

    اختلاف طريقة تلقي القرآن عن تلقي الحديث

    ومن حيث اشتراط التواتر المذكور في القراءات: يجب أن نعلم أن طريق القرآن في تلقيه ليس كطريق الحديث النبوي في تلقيه.

    القرآن له ميزة مهمة جدًا ننتبه لها، فلا يكاد يمر سنة على مسلم يحافظ على صلاة التراويح مع الإمام في رمضان إلا ويمر على القرآن كاملًا، والحريص منهم على القراءة سيختمه مرة بعد مرة، والحريص على أن يقرأه على غيره سيختمه مرة بعد مرة، والحريص على قراءته في الليل وفي النهار سيختمه مرة بعد مرة.

    إذاً: القرآن ليس كالحديث، القرآن يوميًا يُتلى، ويتلوه كثير من الناس، ويقرأ آناء الليل وأطراف النهار، ويُسمع من فئام كثُر، فوقوع الخطأ فيه مستحيل، يعني: أن يطبق جميع الصحابة على خطأ في قراءته، هذا مستحيل. ولو وقع خطأ من بعضهم، فإننا سنجد من يستدرك عليهم، ولو قرأ بعضهم بقراءة نسخت في العرضة الأخيرة، فإننا سنجد من يستدرك عليهم.

    إذاً: القرآن طريقة حفظه، وطريقه تلقيه ونقله أكبر بكثير من قضية أننا نقول: إنه متواتر، ونلتزم بعشرة من الصحابة، لا، هؤلاء الذين ذكرناهم مجموعة منهم هم أبرز الصحابة، لكن هؤلاء الذين هم أبرز الصحابة كانوا يقرءون، وكثير من الصحابة يسمعون، ولو كان واحد منهم يعلم أن هذا الصحابي عنده خلل في قراءته لحصل منهم التنبيه عليه، والدليل على ذلك هي الآثار التي ذكرناها، ولذلك أبو الدرداء رضي الله عنه كان يُقرِئ أهل الشام (والذكرِ والأنثى)، ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى [الليل:3]، وكون فرد واحد لم يسمع الوجه الآخر عقلًا ومنطقًا وواقعًا ممكن أو غير ممكن؟ ممكن، فيكون قد غاب عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى [الليل:3] هذا ممكن، لكن إذا غاب عن أبي الدرداء : هل يصح أن يغيب عن غيره عن الجميع؟ الجواب: لا.

    وأيضًا: القراءة التي خُتِم بها القرآن، التي يسمونها (العرضة الأخيرة)، وكُتب القرآن عليها، وأجمع عليها الصحابة، لما أجمعوا على هذه القراءة، هل موقف أبي الدرداء بعد ذلك في قراءته: (والذكرِ والأنثى) يكون مقبولاً أو مرفوضاً؟

    يكون مرفوضاً؛ لأن الحجة وهم الجماعة، أثبتوا أن هذه مما ترُك، فلا يمكن أن نحتج بفرد على جماعة، هذا عقلًا ومنطقًا لا يمكن أن يكون في أي حالة من الحالات.

    وتصوروا مسألة عقلية على سبيل الفرض، وأنتم ذاهبون إلى الجامعة هناك سيارة واقفة على اليمين، ولونها غريب، وكل الذين جاءوا يقولون: والله هذه لونها أصفر مموج، فيأتي واحد من الناس ويقول: والله لونها أحمر، فهل يمكن عندما أسمع هذا الخبر أن أقول: والله هذا الذي قال: (أحمر) هو الصواب، أنتم كلكم غلط، هل يقبل عقلًا؟ ما يقبل، فإذاً: الدليل العقلي والمنطق السليم يجعلنا عندما نأتي لمثل هذه الأمور نقول: نعم، نحن نثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بها، ونثبت أن أبا الدرداء أقرأ بها دهرًا من الزمن، وكل هذا نثبته، ولكن في النهاية لما أُلزِم الناس بالعرضة الأخيرة في عهد عثمان نقول: إن قراءة أبي الدرداء الآن غير مقبولة، أما قبل الإلزام فكان الأمر مفتوحًا.

    إذاً: لا يؤثر عندنا، ولا يؤثر علينا نحن أن نقول: بأن هناك قراءات شاذة وهي كثيرة جدًا، ولكن بعضها قد يكون كما قلنا مكذوباً، وبعضها قد يكون بلا إسناد أصلًا، وبعضها يعلق على شخص بلا إسناد، وبعضها يذكر إسنادًا، وما يذكر إسنادًا قد يصح وقد لا يصح، حسب إجراءات الإسناد.

    فإذاً: كل هذه المسائل لا تؤثر على نقل القرآن لا من قريب ولا من بعيد، وهي مسائل علمية نبحثها من خلال البحث العلمي فقط، فلو أثبتنا -ونحن نثبت- أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: (والذكرِ والأنثى)، فلا يؤثر عندنا على نقل القرآن، ولا يؤثر على أن القرآن الذي بين أيدينا كامل، وأن هذه القراءة متروكة، وأن الذي أمر بتركها هو الذي أنزلها بلا محالة.

    عدد الذين حفظوا القرآن من الصحابة

    هناك مسائل أخرى مثل: من حفظ القرآن من الصحابة؟ كم حفاظ الصحابة؟ وحديث أنس بن مالك أنه مرة عدّ أربعة، ولم يذكر فيهم فلاناً، ومرة عدّ أربعة آخرين، ولم يذكر فيهم فلاناً، هذه قضايا جزئية لا نحتاجها، ولكن المسألة حتى لو لم يحفظ جمع من الصحابة القرآن كاملًا، ولو كانوا من الفضلاء مثل ما ذكر عن أبي بكر و عمر أنهما ماتا ولم يجمعا القرآن ولم يحفظاه، فإن هذا لا يؤثر على فضلهم العام، وأيضًا لا يشكل علينا في نقل القرآن أصلًا؛ لأن هناك خلافاً فيمن جمع القرآن من الصحابة كاملًا؟ بمعنى: من حفظه؟ فذكر أبو بكر و عمر و عثمان و علي .. إلى آخره، لكن في بعض الروايات: أن أبا بكر لم يجمع القرآن كاملًا، فنقول: لو ثبت ذلك فإنه لا يؤثر على فضل أبي بكر رضي الله عنه؛ لأن المسألة في مثل هذا، هي قضية طاقات وقدرات وعبادات متنوعة، فإن لم يحفظ فلا يعني أنه لا يقرأ القرآن أو لم يقرأه كاملًا؛ لأنه لا أثر له في ذلك، فالحفظ شيء، والقراءة شيء آخر.

    1.   

    الوقف والابتداء

    قال رحمه الله تعالى: [ العقد الثالث: ما يرجع إلى الأداء، وهي ستة أنواع:

    النوع الأول والثاني: الوقف، والابتداء.

    والابتدا بهمز وصل قد فشا وحكمه عندهم كما تشا

    من قبح أو من حسن أو تمام أو اكتفا بحسب المقام

    وبالسكون قف على المحركه وزيد الاشمام لضم الحركه

    والروم فيه مثل كسر أصلا والفتح ذان عنه حتماً حظلا

    في الها التي بالتاء رسما خلف وويكأن للكسائي وقف

    منها على اليا وأبو عمرو على كاف لها وبعضهم قد حملا

    ووقفوا بلام نحو: (مال هذا الرسول) ما عدا الموالي

    السابقين فعلى ما وقفوا وشبه ذا المثال نحوه قفوا]

    دخل المؤلف في (العقد الثالث) وسماه البلقيني الأمر الثالث: وهو ما يرجع إلى الأداء وهو ستة أنواع.

    وأول وثاني هذه الأنواع الستة ذكر ما يتعلق بالوقف والابتداء، فقال:

    والابتداء بهمز وصل قد فشا وحكمه عندهم كما تشا

    الابتداء يكون بمتحرك، والوقف يكون على ساكن، وذكر المؤلف هنا كيفية الابتداء بهمز الوصل.

    أقسام الوقف وأنواعه

    ثم ذكر بعدها ما يتعلق بأنواع الوقف الأربعة المشهورة الذي هو: الوقف التام، والكافي، والحسن، والقبيح. وفي النظم بدأ بالقبيح، ثم الحسن، ثم التمام، ثم الكافي، ولكن الترتيب عندهم: التام، فالكافي، فالحسن، فالقبيح، وهذه الأنواع الأربعة هي أشهر الأنواع عند من كتب على هذا المنوال، ويزيد بعضهم: صالح، وجائز، وكافي، وأكفى، وقبيح، وأقبح، وحسن، وأحسن، يعني: مجموعة من المصطلحات، لكن الذي يغلب عليها هو هذه الأوقاف الأربعة، وبعضهم اكتفى بثلاثة: التام، والحسن، والقبيح، وبعضهم قال: التام، والكافي والقبيح. يوجد خلافات دائرة ضمن هذه المصطلحات الأربعة: التام والكافي والحسن والقبيح.

    وهناك مصطلح آخر، وهو مصطلح المغاربة، حيث يعين مكان الوقف دون تنويع، يعني: ما يكون له نوع.

    فالمغاربة يقفون فقط على المواقف ويذكرون حرف الصاد، يعني: إشارة، أو (صه) التي هي: اسم فعل أمر بمعنى (اسكت)، وهذا عند المغاربة ومن أواخر من فعله لهم الهبطي في القرن العاشر، ولا يزال معتمدًا إلى اليوم.

    وهناك وقوف أخرى كانت فيما وراء النهر وفي الهند، وهي وقوف السجوندي ، ووقوفه موجودة الآن بين أيدينا في المصحف المطبوع في الهند وفي باكستان، وأيضًا في بعض الطبعات التي في تركيا، وبعض الطبعات التي في العراق، حيث اعتمدت وقوف السجوندي : الوقف اللازم، والمطلق، والجائز، والمجوز لوجه، والمرخص ضرورة، وما لا يوقف عليه الذي هو (لا)، ثم السجاوندي عنده في وسط كتابه أوقاف أخرى أشار إليها لم يبينها، وإنما بينها داخل كتابه مثل (ق)، يعني: قد قيل، وكأن يقول: حكي وقفاً، ورموز أخرى ذكرها في كتابه، وهذا النوع هو النوع الثالث من أنواع الوقف.

    إذاً يمكن تقسيم الأوقاف إلى ثلاثة أقسام:

    القسم الأول: من مشى على الوقف الرباعي، الذي هو التام، والكافي، والحسن، والقبيح، سواء نقص أو زاد، يعني: مشى على هذا النظام، الذي هو النظام اللفظ والمعنى.

    القسم الثاني: من اعتمد وقفاً واحداً، مثل: وقوف المغاربة والمشهور هو وقف الهبطي .

    القسم الثالث: من اعتقد وقف السجاوندي وهي الأوقاف المشهورة المطبوعة في المصاحف الباكستانية والهندية، وهي: الوقف اللازم، والوقف الجائز، والوقف المرخص ضرورة، والوقف المطلق.

    ومن الكتب التي يمكن الرجوع إليها كتاب: منار الهدى حيث جمع بين وقوف السجاوندي والوقوف المشهورة: الوقف التام والكافي والحسن والقبيح؛ لأن من كتب على الوقف التام والكافي والحسن والقبيح هم أكثر العلماء، فأكثرهم مشوا على هذا المنوال، ولكن المصاحف الموجودة بين أيدينا الآن مشت أصولها على مصطلحات السجاوندي ، ومن باب الفائدة فإن أصول جميع المصاحف الموجودة اليوم في المشرق العربي كالمصحف المصري، ومصحف المدينة النبوية، والمصاحف الأخرى كلها أصولها يرجع إلى السجاوندي.

    عمدة تقسيم الوقف إلى أربعة أقسام

    لكن كيف مشى من جعل الوقوف على أربعة؟

    اعتمدوا على اللفظ والمعنى، وهو تقسيم عقلي، فإذا انعدم الارتباط بين الجملتين لفظاً ومعنى، يسمونه الوقف التام، مثل: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا * يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا [النساء:41-42]، بعدها: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43]، فقوله: (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا)، لو قلت لك: ضع وقفاً، أي أنواع الوقف تضع؟ التام؛ لأن الحديث قبل الوقف عن موضوع، والحديث بعد الوقف عن موضوع استئنافي جديد، ففيه انفصال تام في اللفظ والمعنى.

    كذلك قوله: وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ [البقرة:5]، انتهى الحديث عن المؤمنين، و إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا [البقرة:6]، ابتدأ الحديث عن الكفار، فهناك انفصال تام في اللفظ والمعنى بين الجملتين.

    وإذا كان هناك ارتباط في المعنى دون اللفظ، واللفظ هو الإعراب، هناك ارتباط في المعنى، لكن من جهة اللفظ والإعراب ليس هناك ارتباط، يسمونه: الوقف الكافي. مثال ذلك: قوله سبحانه وتعالى: خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ [البقرة:7]، ثم نقف، قوله: وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ [البقرة:7]، جملة مستأنفة مستقلة، لكن هل قوله: وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ [البقرة:7]، مثل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43] في التعلق؟ الجواب: لا.

    إذاً إذا أردنا أن نفهم الوقف الكافي أو الذي يكون فيه تعلق، سواء كان كافياً أو غيره، لو بدأنا التلاوة فقلنا: وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ [البقرة:7]، سيقول السامع: من هم؟ فهناك ضمائر تعود إلى شيء سابق، وما دام أن هناك ضمائر تعود إلى شيء سابق، فهذا يعني أن التعلق ما زال موجوداً من جهة المعنى، ولو نظرنا إلى: وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ [البقرة:7]، نجدها جملة تامة مستقلة بنفسها، لكنها مرتبطة بما قبلها من جهة السياق، والسياق يتحدث عن قوم معينين.

    النوع الثالث: الوقف الحسن، وهو مرتبط بما قبله في اللفظ والمعنى، فإذا وقفنا على الجملة فإنها تعطي معنى مفهوماً، فالجملة الموقوف عليها تستقل بنفسها، أما الجملة المبدوء بها فلا تستقل بنفسها، وهذا لا يفرقه عن الكافي. يعني: الوقف التام والكافي والحسن من جهة استقلال الجملة الأولى بنفسها متساوية، يعني: أنها كلها تتفق باستقلال الجملة الأولى بنفسها.

    فإذا كان المعنى منعدماً صار تاماً، وإذا كان غير منعدم صار كافياً، وإذا وجد الربط في اللفظ والمعنى صار حسناً، فعندما نقول: الْحَمْدُ للهِ [الفاتحة:2]، ونقف، فإنها إعراباً ومعنى مفهومة، فـ (الْحَمْدُ للهِ) جملة من مبتدأ وخبر تامة، لكن لو بدأنا فقلنا: رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، هل الآن من جهة الإعراب يجوز فنبتدئ بالجر؟ لا، إذاً هي مرتبطة بما قبلها من جهة الإعراب الذي هو اللفظ، وما دامت مرتبطة من جهة اللفظ، فقطعاً ستكون مرتبطة من جهة المعنى؛ لأن الارتباط اللفظي يلزم منه الارتباط المعنوي، أما الارتباط المعنوي فلا يلزم منه الارتباط اللفظي. يعني: وازن بين: خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ [البقرة:7]، ثم تقول: وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ [البقرة:7]، وبين: الْحَمْدُ للهِ [الفاتحة:2]، ثم تقول: رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، من جهة اللفظ والمعنى. هذه الأنواع الثلاثة.

    أما الوقف القبيح فله صورتان:

    الصورة الأولى: أن يقف على ما لم يتم معناه لفظاً، يعني: الجملة ناقصة في الإعراب.

    الصورة الثانية: أن يدخل في الجملة ما ليس منها ثم يوقف عليه.

    مثال ذلك لو قال: (الْحَمْدُ)، وسكت، فإن الجملة ناقصة لفظاً، وما دامت ناقصة لفظاً فقطعاً هي ناقصة معنى؛ لأن المعنى مرتبط باللفظ. مثال الصورة الأولى.

    ومثال الصورة الثانية: يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ [الشورى:8]، ثم نقف، فأدخلنا الظالمين في رحمته، والصواب: أنهم ليسوا بداخلين، فإذاً هنا أدخلنا في الجملة ما ليس منها ووقفنا عليها، يعني: وقفنا على الكلمة التي دخلت. كذلك قوله: إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالمَوْتَى [الأنعام:36]، هل الموتى يسمعون؟ فإذاً أدخلنا في الاستجابة من ليس من أهل الاستجابة، وهذا يسمى وقفاً قبيحاً.

    إذاً صورة الوقف القبيح: أن يوقف على جملة ناقصة من جهة الإعراب، أو أن يدخل في الجملة ما ليس في حكمها.

    وهذه كلها مرتبطة باللفظ والمعنى، فالعلماء الذين ذهبوا إلى هذا المذهب، ومنهم كبار من العلماء: ابن الأنباري ، و الداني ثم ابن الجزري ، ومجموعة من العلماء ساروا على هذا المنهج، فربطوا الموضوع باللفظ والمعنى، وكما ذكر ابن الجزري: أن القسمة رباعية، وفصلها في كتاب النشر عندما تكلم عن الوقف والابتداء.

    هذا باختصار ما يتعلق بقضية الوقف والابتداء التي ذكرها في هذا المجال.

    1.   

    الروم والإشمام

    ثم ذكر بعد ذلك: قضية الوقف على المفتوح وعلى المضموم وعلى المجرور، يعني: بم يكون الوقف على المفتوح؟ بالسكون المحض: (وبالسكون قف على المحركه)، يعني: المفتوح يوقف عليه بالسكون، (وزيد الإشمام لضم الحركه والروم فيه..) يعني: زيد الإشمام والروم في المضموم.

    ثم قال: (والروم فيه مثل كسر) يعني: أن الروم أيضاً يكون في المكسور.

    إذاً إذا وقفنا على المفتوح ففيه السكون فقط، وإذا وقفنا على المجرور ففيه السكون والروم، وإذا وقفنا على المضموم فيه السكون والروم والإشمام. ‏

    الأصل في ثبوت الروم والإشمام

    لن ندخل في تفاصيل الروم والإشمام، لكن سبق أن نبهنا في قضية الروم والإشمام بالذات إلى أن بعضاً ممن يجهل أصول القراءة ويجهل الأصول العربية، وقد يكون عالماً بعلم من علوم الشريعة الأخرى، أنه يقع في مثل هذه الأمور فتجده يستغرب هل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا أو كذا، مع أن هذه المذكورات هي عربية الأصل، بمعنى: أننا لو ذهبنا إلى كتاب من كتب النحو العربي القديمة، مثل: كتاب سيبويه سنجد عنده إشارة إلى الروم والإشمام والسكون والتضعيف، باب ما يوقف عليه من الكلم، وذكر: السكون والتضعيف والروم والإشمام.

    إذاً هو يتكلم عن كيف يقف العرب على آخر الكلم.

    فالروم والإشمام لو أردنا أن نؤصله هل هو قرائي بحت أو هو عربي قرائي؟ عربي قرائي، يعني: أصله عند العرب وأيضاً قُرئ به، يعني: أصله عربي وثبتت القراءة به، لكن ليس كل أصل عربي ثبتت به القراءة؛ لأن التضعيف لم يرد عند القراء.

    ذكر ما يدخله الروم والإشمام

    مسألة سبق ذكرها وأعيدها هنا: ما دام الأصل ثبت أن هناك روماً وإشماماً وسكوناً، فما الذي يرام وما الذي يشم؟ هذه يدخلها القياس، إذا قلنا: إن المفتوح فيه السكون، والمجرور فيه السكون والروم، والمضموم فيه السكون والروم والإشمام، فلا يأتي واحد يقول: هات لي دليلاً أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف في كل لفظة أو في كل كلمة بالروم والإشمام وكذا. نقول: ليس هذا هو الأسلوب العلمي، ففي مثل هذا يصح القياس، ولكن طالبني بالأصل، فإذا أثبت لك الأصل صح القياس.

    وعندنا الروم والإشمام في اصطلاحات القراء أكثر من نوع، والكلام هنا على ما يوقف عليه فقط، وليس الحديث عن كل ما يرام ولا على كل ما يشم، وإنما الكلام فقط عما يوقف عليه من الكلام؛ لأن الباب في باب الوقف والابتداء.

    ثم قال: (والفتح ذان عنه حتماً حظلا) يعني: الروم والإشمام لا يأتي في المفتوح، وقد حكى سيبويه في كتابه الكتاب: أن العرب تأتي بها في المفتوح.

    فإذاً قرائياً لا يوجد في المفتوح وعربياً يوجد في المفتوح، فليس كل ما ثبت عربيةً يثبت قراءةً.

    أخذ علم الروم والإشمام وغيرها مشافهة

    فائدة أخرى لكي تعرفوا قيمة المشافهة في القراءة تتعلق بالروم والإشمام: لو أنك قرأت في كتاب سيبويه ، وقرأت التضعيف والروم والإشمام، وذهبت تسأل أحد علماء العربية، لكن هذا العالم لا يعرف في القراءات أي شيء، وهذا حصل لي، فقد سألت أستاذاً ضليعاً في العربية، لكنه ما يعرف القراءات، وقلت له: ما معنى الاختلاس، حيث وردت قراءة وفيها اختلاس وروم؟ حار وقال: والله ما أعرف، قلت: طيب هذه الآن قضية عربية، لكن كيف نعرفها؟ قال: في العربية نحن نأخذها كذا، يعني: مصطلحات، لكن كيف تنطقها؟ ما عندي خبر، وعندما نرجع للقراء ماذا يعطونا؟ مشافهة طريقة، هذه نقطة مهمة جداً لا نكاد نجدها إلا عند القراء.

    كذلك كيف يلقى الشعر، يعني: كيف كان الشاعر العربي يلقي الشعر؟ يصفون لنا كيف يلقي الشعر فيه مدات وفيه.. وفيه.. إلى آخر، لكن لو قلنا للواحد منهم: هل تستطيع أن تقرأ شعر فلان مثل ما قرأه الراوي الفلاني له؟ ما يستطيع؛ لأنه ما عنده مشافهة، إنما عنده وصف، فالوصف ليس كافياً في طريقة الأداء، لكن في القرآن بالذات المشافهة أعطتنا فرصة لكي نعرف كيف يُقرأ غضاً كما أنزل، يعني: لو افترضنا أنه أذن لك أن تسمع واحداً من الصحابة وهو يقرأ بهذه الأوجه، فكأنك تسمع واحداً منا اليوم يقرأ بهذه الأوجه تماماً، ليس هناك خلاف، لماذا؟ لأنها نقلت بالمشافهة جيلاً بعد جيل.

    فإذاً هذه ميزة وقيمة في علم القراءات، ولهذا بعض أهل العربية الذين انتبهوا، ذهبوا يبحثون عن علم الأصوات من خلال القراءات، يعني: أن علم الأصوات من خلال القراءات هو المضبوط.

    حفظ بعض القراءات لبعض اللهجات العربية

    كذلك من باب الفائدة الاستطرادية، قراءة الكسائي خصوصاً عندما يقول: (قَصّيه)، يعني: هذا الصوت ما زال إلى اليوم موجوداً، فالذين يدرسون علم الأصوات من خلال القراءات سيجدون ثروة كبيرة جداً.

    وهكذا رحمت ونعمت لا تزال عند بعض أهل الجنوب، سنجد بعض لهجة أهل حايل موجودة عندنا، أيضاً وجوه القراءة صوتياً، وهكذا، فهذه القراءة الصوتية المتوزعة في جزيرة العرب، والتي وردت في القرآن، لو كنت دقيقاً في معرفة الصوتيات وعلم الأصوات، ستجد أنك وأنت تسمع قوماً من الأقوام، تقول: سبحان الله! هذا الأسلوب في الكلام يشبه قراءة فلان في كذا، وهذا يشبه قراءة فلان في كذا، وهذا يشبه قراءة فلان في كذا، وهكذا.

    المقصود أن هذه القراءات حفظت لنا تلك اللهجات العربية القديمة التي بنيت عليها، فجزء مما بنيت عليه القراءة هو هذه اللهجات.

    1.   

    الخلاف بين القراءة والرسم وعلله والأصل منهما

    رسم الهاء بالتاء

    ننتقل الآن إلى الهاء المرسومة بالتاء:

    لما قال: (في الها التي بالتاء رسماً خلف)، طبعاً هناك خلاف بين القراء في التاء ومواطنها، فقد وقع عندهم اتفاق ووقع عندهم اختلاف، بعضهم يقرؤها بالتاء المربوطة، وبعضهم يقرؤها بالتاء المفتوحة.

    هنا فائدة: التاء بالنسبة لنا نحن الآن: هل نتبع المرسوم أو ما نتبع المرسوم؟ نتبع المرسوم، لكن قبل أن يستقر الرسم العثماني، كيف كانت التاء هذه؟ هي في الأصل متلقاة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لا يجوز لأحد أن يتصرف فيها، فقبل أن تستقر كتابة المصحف العثماني بمصاحفه الستة، هذا الخلاف الذي كان وارداً عندهم نقل إلى هذه المصاحف، فبعض المصاحف رسمت فيه تاء مفتوحة، وبعض المصاحف رسمت فيه تاء مربوطة، ولو أن قارئاً يقف على التاء المكتوبة أمامه مفتوحة بالهاء حسب تعليم المقرئ مثل: نعمت فإنه يتبع القراءة لا الرسم. أي أن علم القراءة هو الأصل، لكن من باب الفائدة أيضاً لو كنا سنرسم قراءة القارئ الذي يقرأ به هذا الشخص، نرسمها بالتاء المربوطة أم المفتوحة؟

    سنرسمها له بالتاء المربوطة؛ لأنها هكذا ثبتت عنده في مصحفه، وهكذا قرأها.

    فإذاً لاحظ فتحة التاء المربوطة بالذات، وسيأتينا طبعاً باب الوصل والفصل، وهو مرتبط بقراءة القارئ، فهذا الموطن من المواطن التي نعمد فيها إلى الرسم لضبط القراءة، ولكن مع ذلك نقول أيضاً: إن القراءة هي الأصل، لكن هنا صار ضبط القراءة من خلال المرسوم ممكناً، تاء مفتوحة وتاء مربوطة، لكن في غيرها لا ينضبط.

    الأوجه المتعلقة بقراءة (ويكأن)

    بعدها ذكر الخلاف في: وَيْكَأَنَّ [القصص:82]، بعضهم قرأها كاملة فيقف على النون يقول: (ويكأنْ)، جعلها كلمة تعجب واحدة، وبعضهم قرأها: (ويْ) يقف عليها، وتكون (كأنَّ) كلمة مستقلة، وبعضهم قال: (ويكْ أنَّ)، فهذه الأوجه الثلاثة مقروء بها كلها في المتواتر، ويختلف بها المعنى، يعني: يختلف فيها الرسم ويختلف فيها المعنى، يعني: (ويْ) كلمة تفجع، وكأن ستكون تشبيهاً. أما قراءة (ويْكأنَّ) فجعلوها كلمة كاملة من كلمات التفجع.

    فإذاً المقصد من ذلك: أنه سيختلف شيء من المعنى باختلاف هذه الأوجه الثلاثة في الوقف، وبناءً عليه سيتغير، والمصحف سنضبطه على قراءة القارئ، إذا ثبت رسماً، أما إذا ما ثبت رسماً فلا.

    تكلم الآن عن أنه لا بد أن يثبت رسماً: أن الصحابة كتبوا في هذا المصحف كذا، فيثبت الرسم، فإذا ثبت الرسم تكون القراءة إما موافقة له، أو قد يكون وجه الرسم شيئاً، والقراءة شيئاً آخر كما مر تفصيله.

    رسم كلمة (مال هذا)

    كذلك قوله: مَالِ هَذَا الرَّسُولِ [الفرقان:7]، هنا نفس القضية: (ما) ثم (ل) مستقلة، ثم (هذا الرسول) وهي أربع كلمات، منها: مَالِ هَذَا الْكِتَابِ [الكهف:49]، مَالِ هَذَا الرَّسُولِ [الفرقان:7]، حيث ورد فيها فصل لام الجر عن الاسم المجرور الذي يأتي بعدها.

    علل اختلاف الرسم في المصحف

    وهنا فائدة: أن هذه الأمثلة: مَالِ هَذَا الرَّسُولِ [الفرقان:7]، وأمثالها، تدلنا على أن علل الرسم لا تنضبط، ومن اجتهد في البحث عن علل الرسم، فنقول: هناك بعض العلل منضبطة، وهناك علل لا يمكن أن تكون منضبطة، فبعض الرسم له علة مفهومة، ويمكن الوصول إليها، وبعضه ليس له علة، لماذا فصلوا هذه الأربع كلمات؟

    ستجد أن بعض المتأخرين يحرص على أن يعرف العلة في فصل هذه الأشياء، فيأتي بتكلفات يجزم الناظر لهذا الكلام الذي يقول هذا القائل، أن هذا لم يكن على بال زيد ومن كان معه والذين كانوا يكتبون القرآن، يعني: تكلفات لا داعي لها.

    والصحيح أن المسألة كلها راجعة لاختلاف التنوع في الإملاء عندهم، أي: ما نسميه بالرسم، يعني: اختلاف تنوع في الإملاء، فكل ما تجدونه من ظواهر الرسم التي لا يمكن أن تنضبط، لا يكون لها علة واضحة علة معتبرة، فهي تدخل في باب التنوع في الرسم، وبهذا نريح أنفسنا من التكلف والعناء، بأن نقول: هذه المواطن لا يلزم أن يكون هناك علة أرادها الكاتب، لماذا؟ لأننا نجد التكلف التام الواضح جداً الذي لا يمكن قبوله في مثل هذا الأمر، فنقول: إنه من باب التنوع في الرسم، يعني: التنوع في الإملاء إلى اليوم موجود، لو قلت لك: اكتبوا شؤون، فواحد سيكتبها على نبرة، والآخر يكتبها على واو، فهذا تنوع في الرسم، كذلك: اكتب الرحمن، المغربي سيثبت الألف، والمشرقي لن يثبت الألف في الرحمن.

    فإذاً هذا كله داخل ضمن التنوع في الإملاء، فإذا أثبتنا وجود التنوع في الإملاء فسيحل لنا هذه المشكلة إذا اعتبرناها مشكلة، في ما لا يمكن أن يكون مطرداً من العلل في الرسم، وسيحل لنا مشكلة أكبر وأخطر، وقد هجم المستشرقون من خلالها، وهي: أن بعض الصحابة اعترض على بعض ما رسم في عهد عثمان ، مثل عائشة ، ونحن نقول: كل هذا الذي قالوه قالوه بما يعلمون من الرسم، يعني: إن ثبت عن عائشة أنها قالت: أخطأ الكاتب، نقول: على العين والرأس يا أمنا، لكن هذا ما علمتيه أنتِ فحكمت بما تعلمين، وذاك الذي كتب كتب بما يعلم هو، فالرسم الذي عندك صحيح، والرسم الذي عنده صحيح، وهو من باب اختلاف التنوع في الرسم، وهذا حل المشكلة باختصار، فلا يكون عندنا أيضاً مشكلة في هذه القضية، وهذا يريحنا كثيرا ًمن قضية البحث عن بعض العلل المتكلفة في ماذا أرادت؟ وماذا أراد فلان؟ ولماذا قال كذا؟ نقول: إنها مجرد اختلافات في الرسم، وهي من اختلاف التنوع الذي نجده إلى اليوم في الإملاء، وهو ثابت في جميع تاريخ الإملاء.

    القول بأن رسم المصحف توقيفي

    يبقى إشارة أخيرة، فبعض من بحث ما يتعلق بالرسم، ظن أن الرسم توقيفي، وبنى عليه أن الرسم معجز، وهذا من أغرب وأضعف الأقوال على الإطلاق، ولذلك عثمان رضي الله عنه لما قال للكتبة الأربعة: زيد والثلاثة القرشيين، قال لهم: فإذا اختلفتم أنتم و زيد في شيء فاكتبوه بلسان قريش، وعلل ذلك فقال: فإنه بلسانهم نزل.

    إذاً المسألة رجعت إلى الاجتهاد أو إلى التوقيف؟ إلى الاجتهاد. إذاً كيف يبنى على الاجتهاد إعجاز؟! لا يمكن، والاجتهاد من هؤلاء الصحابة أيضاً هو الذي قادنا إلى أن نقول: إن المسألة عندهم لما أرادوا أن يكتبوا الكتاب، جعلت عندهم قضية التنوع هذه، ولا يلزم أن يكون في كل مكان له علة معينة معروفة ومشروطة، وأنهم ما كتبوا شيئاً إلا بدقة، ففصلوا هاهنا لأجل هذا المعنى، وفصلوا الثاني لأجل ذاك المعنى، وهذا ليس عليه دليل، وفيه تكلف كبير جداً، نحن في غنى عنه، لكن لو ثبت عندنا علة واضحة، مثلاً: (إبراهام) كتبوها في موطن واحد بدون سنة الياء، وفي جميع المواطن بِسنة الياء، هذه على الأقل مقبولة، نقول: إنهم أرادوا أن يشيروا إلى قراءة (إبراهام)، مع أنه لو لم ترد هذه فإن (إبراهام) ستبقى قراءة ثابتة صحيحة حتى لو ما كانت موجودة.

    فإذاً مسألة الرسم هي مسألة تأتي بعدها القراءة ولا يحكم بها على القراءة، لكن إذا ثبت عندنا علة وكانت واضحة ومقبولة فنقول بها، وندع التكلف، وإذا لم يثبت عندنا نقول: هذا من اختلاف التنوع في المرسوم كتبوه كما تعلموه من أشياخهم الذين علموهم الكتابة.

    1.   

    الإمالة

    قال رحمه الله تعالى:

    [ النوع الثالث: الإمالة

    حمزة والكسائي قد أمالا ما الياء أصله اسماً أو أفعالا

    أنى بمعنى كيف ما باليا رسم حتى إلى لدى على زكى التزم

    إخراجها سواهما لم يمل إلا ببعض لمحلها اعدل ].

    مبحث الإمالة مبحث طويل في القراءات، ولهذا السيوطي رحمه الله تعالى قال في مواضع معدودة: محلها كتب القراءات.

    والإمالة نوع من أنواع القراءة، وقرأ بها من قرأ خصوصاً أهل الكوفة، وممن قرأ بها ورش أيضاً لكنه بالتقليل، والمقصد من ذلك أن الإمالة سواءً كبرى أو صغرى، من الصوتيات الثابتة، والذين كتبوها من القراء لا يخرجون بقراءتهم من أنفسهم، كم كلمة تمال عند حفص عن عاصم ؟ كلمة واحدة، لكن إذا نظرنا إلى شعبة عنده إمالات غيرها، وهما من طريق واحد عن عاصم ، فـعاصم أقرأ حفصاً بطريق، وأقرأ شعبة بطريق آخر، هذا ما فيه إلا إمالة واحدة، وهذا فيه مجموعة من الإمالات، مما يدل على أن المسألة مضبوطة بالتلقي وليست بالتشهي، وليست أيضاً بالرأي، أي: هذه الطرق التي وردت عن القراء.

    المقصود من ذلك أن نقول: إن الإمالة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم كأصل، وثابتة عنه إمالات في مجموعة من هذه المواطن، وكونه يأتي القياس على بعض المواطن وتأتي التعليلات، فهذا أيضاً محتمل ومقبول، وليس فيه إشكال.

    والإمالة كقضية صوتية موجودة أيضاً عند العرب، فبعض العرب يميلون، وبعض العرب يقللون، وبعض العرب يفتحون، ولو رجعنا إلى كتاب سيبويه ، سنجد مسألة الإمالة موجودة عنده، أي: أن قضية الإمالة عربية قرائية، وليست من كيس القراء كما يظن بعض الناس في مثل هذه القضايا المرتبطة بالأداء.

    1.   

    المد وأنواعه

    قال رحمه الله تعالى:

    [ النوع الرابع: المد.

    نوعان ما يوصل أو ما يفصل وفيهما حمزة ورش أطول

    فـعاصم فبعده ابن عامر مع الكسائي فـأبو عمرو حري

    وحرف مد مكنوا في المتصل طراً ولكن خلفهم في المنفصل ].

    كذلك قضية المد لو رجعنا إلى مثل كتاب سيبويه سنجد أن الإشارة إلى المد وتمكين الألف إذا جاء بعدها سكون أو جاء بعدها همز موجود عند العرب، لكن ما الذي يتميز به القرآن؟ قراءة القرآن تتميز بالمقادير، لكن ثبوت المد كقضية عربية موجودة، يعني: نفترض افتراضاً أنه ما كان عندنا القرآن، وعندنا لغة العرب منقولة بدون القرآن، هل سنثبت عندهم المد أو ما نثبته؟ نثبته؛ لأنهم يمكنون الألف إذا جاء بعدها همز أو سكون.

    وهذا التمكين لو سألنا نحوياً يُقرئ هذا الموضوع في الصوتيات وقلنا له: عندما نمد كيف نمد؟ ما مقدار المد؟ ما عنده مقادير، فضبط المقادير عمل القراء.

    فإذاً أصل المد من كلام العرب، ولكن المقادير من عمل القراء، وعندما نقول: من عمل القراء فليس معناه أن القراء جاءوا بها من أنفسهم، بل من التلقي، وهم يتلقون، التابعي يتلقى عن الصحابي ثم تابع التابعي عن التابعي، وتابع تابع التابعي عن تابع التابعي وهكذا، فبدءوا يضبطون هذه المقادير، وكما يقول ابن الجزري في متواتر القراءات وشاذها: كل القراء متفقون على أن المد المتصل يزاد عن المد الطبيعي، ولهذا يبدأ بثلاث حركات ويصل إلى ست، ولا يعرف في عرف القراء أكثر من الست، يعني: الست هي آخر حد، ولهم في ضبط المقدار طرائق متعددة ومعروفة.

    المقصد من ذلك: أن نعرف ميزة القراء في هذا المجال، فهي قضية مرتبطة بالعربية يحكيها علماء النحو والصرف حكايةً عن العرب، وتأتينا عند علماء القراءة مضبوطةً بالمشافهة، وعند الرجوع إلى كلام سيبويه في باب الإدغام تجد أنه تكلم عن الإظهار والإدغام والإخفاء والقلب، وذكرها كأحكام للألفاظ العربية، وعندما يأتي بألفاظ يريد أن يبين كيف تقلب العرب النون إذا جاءت بعد الباء، يقول: مثل قولهم في عنبر: عمبر.

    إذاً الإظهار والإدغام والإخفاء والقلب أصله من عمل العرب، يعني: هذه طريقة العرب، لكن ما فيه غنة وما ليس فيه غنة ومقدار الغنة، أيضاً موجود عند العرب، لكن مقدار الغنة. هذا من عمل القراء.

    إذاً قاعدة: ضبط المقادير هو من عمل القراء، والقراء أيضاً لما ضبطوا المقادير كانوا يضبطون بناءً على ما يتلقون من أشياخهم جيلاً بعد جيل، نظروا كيف كانوا يتلقون عمن قبلهم، ثم ضبطوا هذه المقادير.

    وللأسف أن بعضاً ممن يتكلم في علم التجويد يغيب عنه أن جزءاً كبيراً جداً من علم التجويد أصلاً مرتبط بعربية الألفاظ قبل أن يكون مرتبطاً بكونه قرآناً مقروءاً بطريقة معينة، فنحن إذا أثبتنا له على الأقل عربية الألفاظ قلنا: أصلاً هذا العرب يعرفونه من قبل، ويتعاملون به من قبل، ليس جديداً، فتخف عنده وطأة النظر إلى علم التجويد، والظن أن علم التجويد علم لا يُؤبه له أو علم فيه تكلف أو.. أو أي علم من عندنا لا يخلو من تكلف، ستجد متكلفين في كثير من العلوم، لكن التكلف لا يعني أن هذا العلم ليس له أصل، وهذا أيضاً ينتبه له فيما يتعلق بقضية المدود.

    إذاً المقادير التي ذكرها والخلاف بينهم، وأطول المد عند بعضهم، وأقصرها عند بعضهم، وما الذي اتفقوا عليه، وما الذي اختلفوا فيه، كل هذا محله كتب القراءات والتجويد.

    1.   

    تخفيف الهمز

    قال رحمه الله تعالى:

    [ النوع الخامس: تخفيف الهمز.

    نقل فإسقاط وإبدال بمد من جنس ما تلته كيفما ورد

    نحو أئنا فيه تسهيل فقط ورب همز في مواضع سقط

    وكل ذا بالرمز والإيماء إذ بسطها في كتب القراء ].

    كذلك قضية تخفيف الهمز وما يتعلق بها هي كلها يرجع بها إلى كتب القراءات: قَدْ أَفْلَحَ [المؤمنون:1]، (قد افلح) هذه قضية قرائية، يعني: النقل هذا قضية قرائية. وما ذكره أيضاً مما يتعلق بقضية الإبدال والتسهيل، يعني: بين حركتين أو بين حرفين، كل هذا راجع إلى كتب القراءة، وبسطه في كتب علوم القرآن أو إدخاله في علوم القرآن، وهناك كلام سنذكره إن شاء الله في نهاية المبحث الأخير فيما يتعلق بالأداء، الذي هو النوع السادس.

    1.   

    الإدغام

    قال رحمه الله: [ النوع السادس: الإدغام

    في كلمة أو كلمتين إن دخل حرف بمثل هو الادغام يقل

    لكن أبو عمرو بها لم يدغما إلا بموضعين نصاً علما ].

    لو أردنا أن نأخذ علم باب الإدغام سنجد أن المكتوب مختصر عن باب الإدغام الطويل جداً في كتب القراء وفي كتب التجويد، والإدغام كما قال: هو إدخال حرف في مثله، أو مقاربه في كلمة أو كلمتين، وهذا يدخل فيه إدغام التماثل وإدغام التجانس وإدغام التقارب، فهذه ثلاثة أقسام ولم يدغم أبو عمر في كلمة إلا في: مَنَاسِكَكُمْ [البقرة:200]، مَا سَلَكَكُمْ [المدثر:42]، وأظهر ما عداهما لم يدغم إلا هذين الموضعين، مثل: (جِبَاهِهِمْ) و (وُجُوهِهِمْ)، أما في كلمتين فأدغم في جميع القرآن، مثل: فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ [لقمان:23]، وهذا يسمى الإدغام الكبير.

    وباب الإدغام المسألة فيه طويلة جداً، وعندما نرجع إلى تأصيله، هل الإدغام من حيث هو إدغام بغض النظر عن غنة وغير غنة، هل أصله عربي مرتبط باللفظ العربي أو لا؟ نعم، وإلى اليوم ستجد من يدغم المتماثلين أو المتقاربين أو المتجانسين في اللهجات الدائرة عند العرب في جميع مناطقهم، منهم من يدغم هذه، ومنهم يدغم هذه، ومنهم من يفك الذي يدغمه فلان، يعني: القبيلة الفلانية تفكه والقبيلة الأخرى تدغمه.. وهكذا.

    1.   

    تأثير أحكام التجويد والتلاوة على المعنى

    نختم هنا بما يتعلق بالأداء، هل له أثر في المعنى؟ الآن عندنا الوقف والابتداء بأنواعه المذكورة، وعندنا الإمالة والمد وتخفيف الهمز والإدغام.

    علاقته بالمعنى من هذه الجهة: أن الوقف أثر من آثار المعنى، يعني: أنا أفهم المعنى ثم أقف، فإذاً أنا لا أستملح وقفاً فأقف مثل ما يصنع بعض قراء عصرنا اليوم في المحاريب، فلا أستملح وقفاً فأقف وأنا لا أدري كيف يتركب المعنى، بل أفهم المعنى أولاً، فإذا فهمت المعنى ورأيت أن المعنى صواب فهناك أقف، وهذا له ضوابط ليس هذا محل ذكرها، ولكن المقصود أن الوقف بأنواعه التام والكافي والحسن وما له علاقة به للأنواع كوقوف المغاربة أو وقوف السجاوندي ، هذه أثر من آثار المعنى، فالمعنى هو الأصل، والوقف تبع له، فهذا لا بد أن يعلم.

    وأنا سأذكر مثالاً واحداً، تجد بعض القراء يستملح وقفاً، أو يستملح ابتداءً، ولا ينظر إلى المعنى ولا إلى النظم إطلاقاً، فتجد أحدهم يقرأ قوله: ذُو الْعَرْشِ المَجِيدُ [البروج:15]، بصوت ما شاء الله، يعني: من ناحية الصوت والتجويد لا كلام فيه، لكن الكلام في الوقفات هذه، قال: ذُو الْعَرْشِ المَجِيدُ [البروج:15]، ثم قال: المَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ [البروج:15-16].

    وهذا الوقف يكثر الآن عند بعض القراء، وهذا الأسلوب في نظري خطأ؛ لأنك تركب المعاني، فقولك: ذُو الْعَرْشِ المَجِيدُ [البروج:15]، هذه جملة تامة: فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ [البروج:16]، جملة تامة ثانية مستقلة ما لها علاقة بالتي قبلها، فعندما تقول: (ذُو الْعَرْشِ المَجِيدُ)، ثم تقول: (المَجِيدُ) * (فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ)، أنت كسرت النظم والنحو كله؛ لأن (فعال) هذه مبتدأ وليست خبراً، وبناءً على قراءتك سيكون (فعال) خبراً للمجيد، وهي في الأصل خبر للمبتدأ المحذوف تقديره: هو فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ [البروج:16]، فإذاً أنت جعلتها خبراً لهذا الظاهر، هذا أولاً.

    ثانياً: بناءً على هذا الوجه ستكون الجملة الأولى ناقصة؛ لأنه لا يكفي أن تقول: أنا قرأتها؛ لأنه تبقى: (ذُو الْعَرْشِ) معلقة على الوجه الثاني عندك، فتكون ناقصة.

    فإذاً هناك جملة من الأخطاء المتركبة، وهذا من استملاحات الأوقاف التي تخالف نظم القرآن العربي، خصوصاً فيما يتعلق بترتيب الكلام، يعني: النحو، الذي تكلم عنه عبد القادر الجرجاني لما تكلم عن نظرية النظم المرتبط بالنحو، فقوله تعالى: ذُو الْعَرْشِ المَجِيدُ [البروج:15] جملة مستقلة، وقوله: فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ [البروج:16]، جملة مستقلة لا علاقة لها بها، وعندما تدخل هذه في هذه بهذه الطريقة تكون قد كسرت النظم العربي، وليس هو ما أنزله الله بهذا الأسلوب.

    وهذا فيه خطورة كبيرة، وقيسوا على هذا غيره من الأمثلة كثير جداً يقع مثل هذا الأسلوب، وهناك أوقاف أخرى، كثيرة مستملحة وفيها إشكالات، وليس هذا مقامها، لكن صحة المعنى ليست دليلاً دائماً على صحة الوقف؛ لأنه حينما نأتي إلى صحة الوقف نرجع إلى التفسير، مثلاً قوله: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ [الأنعام:151]، بعضهم يقرأ بجعل (عليكم) بداية الجملة، على معنى: الزم، مع أن المفسرين لما فسروا هذه الآية: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ)، اتفقوا على أن (عليكم) مرتبطة بقوله: (أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ)، أما إذا أردنا أن نستخدم أسلوب الإملاء الحديث عندنا، فنقول: (عليكم أن لا تشركوا بالله)، فمعناها مستقيم؛ يعني: كمعنى ما هناك إشكال؛ لكن ليس هو الصحيح، فلذا الإغراب في مثل هذه الأوقاف من الأشياء التي نجدها عند بعض القراء، ولكن أنا أقول: إن استملاح الوقف حتى لو كان له وجه ليس هو الذي يقودنا إلى مثل هذه الأوقاف، وإنما نحن ملتزمون وملزمون بالمعنى من جهة، وبتفسير المفسرين من جهة أخرى، وكيف فهموا كلام الله سبحانه وتعالى، فهذا من أهم الروابط التي يجب أن ننتبه لها.

    وعلم النحو من الأمور التي هي أساسات، وكسر علم النحو يدل على خطأ الوقف أو خطأ الابتداء، وهذا بعض ما يتعلق بموضوع الوقف، أن له أثر فقط في المعنى، أما ما عدا ذلك فكلها في علم القراءة.

    وعندما نأتي إلى علوم القرآن، هل نحن بحاجة إلى هذا التفكيك في علوم الأداء: المد والإدغام والإمالة إلى آخره؟ وهذه ليست فقط علوم القراءة، هناك علوم أخرى، ومحلها كتب القراءات والتجويد، وليس كتب علوم القرآن.

    فإذاً إدخال هذه التفاصيل في علوم قرآن فيه نظر، و السيوطي رحمه الله تعالى قد أدخلها في هذه الرسالة، وأدخلها في التحبير قبل، وأبقاها أيضاً في الإتقان، والصواب في نظري: أن هذه إن ذكرت فإنما يشار إليها على أنها علوم الأداء، وأن علوم الأداء هي من علوم القرآن، وتؤخذ في كتب القراءات والتجويد بهذه التفاصيل.

    هذا باختصار ما يتعلق بقضية هذه الأنواع، وكلها لا علاقة لها، أو لا أثر لها في المعنى من قريب أو من بعيد إلا أشياء قليلة جداً، مثل: وَيْكَأَنَّ [القصص:82]، لكنها لا تؤثر فنقول: إن علم الفصل والوصل يلزم أن يكون له أثر في المعنى.

    1.   

    الأسئلة

    كيفية التفريق بين بداية الآية ونهايتها

    السؤال: كيف أفرق بين بداية الآية ونهايتها؟

    الجواب: التفريق بين بداية الآية ونهايتها بالنسبة لنا نحن الآن أمر محسوم، لكن لو كنا سنعطي الطلاب اختباراً ونأتي بالآيات سرداً من دون أن يكون فيها أرقام آيات، هناك سنعلمهم فيما يتعلق بعلم الفواصل كيف يستنبط رأس الآية، يعني: بأربعة أنواع يسمونها: المشاكلة والمشابهة والموازنة.. يعني: أربعة أنواع يستطيع أن يعرف بها الآية، لكن الآن بالنسبة لنا الأمر محسوم ومعروف.

    أول من أطلق مصطلح الإسرائيليات

    السؤال: من أول من أطلق مصطلح الإسرائيليات على الأخبار الواردة عن بني إسرائيل؟

    الجواب: والله ما أعرف، لكن أخبار بني إسرائيل، هذا موجود، لكن كمصطلح إسرائيليات لا أعرف.

    القول بنسخ القراءة الشاذة الصحيحة

    السؤال: هل يقال: إن القراءة الشاذة ما صح منها فهو منسوخ؟

    الجواب: أنا هذا رأيي: أن ما صح من القراءة الشاذة فهو منسوخ، والعلة العلمية لا يجوز لأحد كائناً من كان أن يحذف شيئاً من القرآن، وهذه القراءات الشاذة لا نقرأ بها اليوم مع أنها ثبتت، إذاً من الذي نسخها؟ هل نقول: إن عثمان هو الذي تركها؟ هل نقول: الصحابة تركوها؟ الصواب العلمي أن نقول: إنها مما رفع، وأنها تدخل ضمن قوله تعالى: مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا [البقرة:106]، هذا باختصار ما يتعلق بها.

    مراجع في الرد على أهل البدع بخصوص علوم القرآن

    السؤال: مبحث الناسخ والمنسوخ الكلام فيه خطير جداً، فلو ذكرت لنا مراجع تفيد خاصة في الرد على أهل البدعة من العقلانيين وغيرهم؟

    الجواب: المراجع كثيرة موجودة، ولا أذكر أنه يوجد كتاب أو رسالة علمية ناقشت هذه القضية، ومن باب الفائدة: بعض علوم القرآن نقلية، وبعضها عقلية، وبعض علوم القرآن أصلها نقلي ويدخلها العقل، هذه قسمة ثلاثية، يعني: بعض علوم القرآن نقلية مثل: كيف قرأ حمزة ؟ كيف قرأ حفص؟ كيف.. فهذا نقلي بحت، ما يمكن نخترع.

    وبعض علوم القرآن عقلية بحتة، كيف نثبت إعجاز القرآن؟ ما وجه إعجاز القرآن في هذه الآية؟ هذا بحث عقلي، وبعضها الأصل فيه النقل وقد يدخله الاجتهاد، مثل: المكي والمدني، الأصل فيه النقل لكن قد يدخله الاجتهاد، هذا هو أول باب يجب أن ننتبه له ونحن نلج في مناقشة أمثال هؤلاء، فإذا دخلوا في قضايا نقلية بحتة فطريقة مناقشتهم ليست مثل ما إذا كان له مدخل عقلي، وليس مثل ما إذا كان المبحث أصلاً عقلياً بحتاً، فتختلف طريقة التعامل بين هذه الأنواع والأصناف.

    والناسخ والمنسوخ يدخله النقل والعقل، يعني: مشترك بين العقل والنقل، وأصلاً لا يثبت الناسخ إلا بالتعارض، فالتعارض من أين نثبته ونورده، فالمتلقي إذا نظر سيقول: هذا فيه تعارض، فإذاً هو منسوخ، لكن إذا كان المتلقي هو الأول وهو الصحابي، فعندما يحكم الصحابي بالنسخ، فهذا يدخل في باب النقلي، فالموضوع طويل، لكن المقصود إذا نحن حررنا في هذا سنأتي إلى قضية: هل يصح النقل عقلاً أو ما يصح عقلاً؟ وهل وجد واقعاً أو ما وجد واقعاً؟ وهذا الذي نتكلم عنه.

    ومن باب الفائدة أيضاً، لأن هناك بعض الفضلاء ينكرون النسخ، تجد بعضهم له تعلق بعلم الشريعة، أو هؤلاء الذي يخالفوننا في المنهج، نقول: لا يمكن أن تأتي إلى قضية مبثوثة في كتب أهل العلم يميناً ويساراً، ويثبتونها جيلاً بعد جيل وبمجرد قلم تلغي أن يكون هناك نسخ، هذا فيه تسفيه لعقول هذه الأمة كلها التي مرت عبر هذه القرون، وهذا لا يمكن، مثل قضية إجماع الصحابة على مصحف عثمان ، ثم تأتي رواية عن أبي الدرداء فيتشبث بها رافضي، أو يتشبث بها مستشرق للطعن في القرآن، هذا مخالف للمنهج العلمي والعقلي.

    أيضاً نفس القضية في النسخ: يأتي هؤلاء يذكرون النسخ جيلاً بعد جيل، وجماعات بعد جماعات، ثم أنت بمجرد قلم تقول: لا نسخ في القرآن، هذا مخالف للمنهج العلمي.

    فإذاً نحن نحتاج إلى أن نثبت النسخ عقلاً، وأن نفهم أنواع النسخ، وأن نعرف ما هي الآثار المترتبة على النسخ، سواءً الآثار الفاسدة إذا كان يظن أنه يوجد آثار فاسدة، أو الآثار العلمية، فإذا لم يكن هناك أي آثار فاسدة فتكون قضية النسخ كقضية علمية ليس فيها أي إشكال، ويمكن أن تدرس في محيط الجانب العلمي، ولا تؤثر لا على نقل القرآن ولا على جلالة النص القرآني، كما يدعي بعضهم أن هذا يؤثر على جلالة النص القرآني.

    فإذًا المسألة تحتاج إلى أن يكون الذي يبحث في الرد على هؤلاء عنده قدرة في إدارة هذه الأمور، ويكون عنده نوع من المنطق يستطيع أن يرد به على هذه الأخطاء الموجودة عند من يرد النسخ.

    التكلف في القراءة بأحكام التجويد

    السؤال: ما رأيك فيمن يتكلف في التجويد، ومخارج الحروف والمدود حينما يتلو القرآن ويؤم الناس، حيث نجد تكلفاً واضحاً؟ وما هو ضابط التكلف؟

    الجواب: صعب هذا، هذا مرتبط بالسماع، فهذا السؤال إحالة على إبهام، فالتكلف المذكور هو في ذهنه، الآن يمكن يكون تكلفاً عنده، ولكن عند القراء المعتبرين لا يكون تكلفاً؛ لأنه هو ناقص الآلة، أو يكون بالفعل تكلفاً ويقول له القراء: إن هذا تكلف، فحكمي الآن بالتكلف على بعض القراء قد يخالفني فيه غيري ويقول: هذا ما هو تكلف، وأنا سمعت بعض القراء يتقعر يحكك الحرف حكاً، وفلان وفلان وفلان معروفون يقرءون في الإذاعة، يعني: الحرف تجده كأنه يحكه حكاً، والقلقلة عند بعضهم تجد فيها إشكالاً، والحرف الفلاني كذا.. فهذه القضية يدخلها تعدد الآراء، لكن هناك مثلاً قراءات يكاد يجمع الجميع عليها أنها قراءة متقنة، مثلاً: قراءة الشيخ: محمد أيوب ، ما يكاد أحد يسمعها إلا ويحس بأنها قراءة متقنة، القاصي والداني إذا سمع هذه القراءة يقول: هذه قراءة ما شاء الله متقنة ما فيها تقعرات، كقراءة .. كصوت .. كأداء.. كتجويد، ولا أحد يحس فيها تكلفاً، لكن آخرون قد يقرءون ويكون عندهم تكلف، فمسألة التكلف قضية نسبية، نرجع فيها إلى القراء الضابطين المعروفين وهم الذين يحكمون بأن هذه فيها تكلف أو ما فيها تكلف، هذا فيه خطأ، أو ما فيه خطأ، فليس هناك ضابط معين، هذه قضية سماعية.

    المقصود بالروم والإشمام

    السؤال: ما هو الروم والإشمام؟

    الجواب: الروم: هو الإتيان بجزء من الحركة، واختلفوا في ضبط الجزء: هل هو ثلث الحركة أو ثلثا الحركة؟ يعني: خلاف داخل الأصل، لكن الأصل هو الإتيان بجزء من الحركة. والإشمام: الإتيان بصفة الحركة، وهو لا يأتي إلا في المضموم، والروم يأتي في المضموم والمجرور، الإشمام في الضم كقوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، الآن النون عليها ضمة، فإذا أتينا بجزء من الحركة كما يقولون: يسمعه القريب دون البعيد، وإذا أتينا بصفة الحركة يراه المبصر دون الأعمى، وهذه من زيادة الضبط عند العلماء؛ لكي ينبهوك على الفرق بين الروم والإشمام، فإذا قلت: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، هذا يسمى إشماماً؛ يعني: ضممت الشفتين إشارة إلى أن حركة النون ضمة، والإشمام والروم يدل على أن العرب كانت تعنى بالإعراب، فيقرأ: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، يعني: يختلسها اختلاساً ويسمونه روماً.

    وأشهر كلمة وقع فيها الروم والإشمام في وسط المصحف هي كلمة مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا [يوسف:11]، واختلفوا في: (تَأْمَنَّا)، هل يكون الروم على الأولى أو الثانية، هذا خلاف داخل إطارها، لكن: مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ [يوسف:11]، وهذا إشارة إلى الضم، ويسمى إشماماً، يراه المبصر دون الأعمى، مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ [يوسف:11]، الذي هو الاختلاس. طبعاً ضبطي لن يكون مثل ضبط القراء المتقنين، لكن أنا أقرب لكم الصورة، وأخشى أن واحداً من القراء يقول: هذا غلط، لكن هو مجرد تقريب لها، يعني: تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ [يوسف:11]، تلتقط ماذا؟ جزء من الضمة تبينها وليس كامل الضمة، ما تقول: (تأمننا على يوسف)، (تأمننا) هذه كاملة حركة: تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ [يوسف:11]، فهي إشارة إلى الضمة، وفي الروم لا تتأثر الشفتان، يعني: ما تكون كاملة، ما تضمها ضماً كاملاً كما تضمها لو كانت مضمومة، وهذا يؤخذ طبعاً عن طريق القراء.

    الكتاب الذي يلي ضبط المعاني لمن قرأ التفسير الميسر والسراج في غريب القرآن

    السؤال: بدأت في قراءة بعض كتب التفسير مثل التفسير الميسر، السراج في غريب القرآن، فماذا تنصحني بعد هذا، وهل لكم كتاب عن القراءات أو محاضرة؟

    الجواب: نبدأ بالأخير ما لي كتاب عن القراءات، لكن هناك في البث الإسلامي عن تاريخ القراءات أو حول هذا العنوان، ففي تاريخ القرآن وتاريخ التفسير وتاريخ القراءات، في البث الإسلامي، طرحت فيه بعض القضايا في تاريخ القراءات يمكن يرجع إليه، يعني: هي ثلاثة موضوعات في ثلاث سنوات في مكة، كان واحد منها في تاريخ القراءات، لكن ما أذكر العنوان بالضبط.

    أما من بدأ بالتفسير الميسر، وأخذ معه كتاباً في غريب القرآن وختمه وضبطه، فهذه طريقة حسنة وجيدة، فيمكن أن ينتقل بعده إلى كتاب الشيخ السعدي ؛ لأن كتاب الشيخ السعدي سيكون قريباً من فكرة التفسير الميسر، وإن كان أسلوب الإنشاء في كتاب الشيخ السعدي هو من المشكلات في الكتاب، لكنه بما أنه ضبط المعاني، وهو يقرأ في كتاب الشيخ السعدي فسيكون المعنى واضحاً عنده، ليس عنده إشكال، وسيضيف الفوائد التي يشير إليها الشيخ عبد الرحمن، خصوصاً وأن هناك فوائد متعلقة بالآيات تعلقاً واضحاً يمكن أن يستفيد منها، فهو يمكن يكون مرحلة ثانية بعد ضبط التفسير الميسر مع كتاب في غريب القرآن، فإذا ضبط المعاني من خلال هذه الكتب، يمكن بعدها أن ينتقل إلى كتب تحكي الخلاف، يعني: يتعرف على الخلاف الوارد بين المفسرين.

    القول بحفظ الصحابة الذين سكنوا المدينة للقرآن

    السؤال: هل يمكن أن نقول قاعدة: إن من سكن المدينة من الصحابة ولازم الرسول صلى الله عليه وسلم فهو حافظ القرآن؟

    الجواب: لا لا يلزم؛ لأن الحفظ مهارة، صحيح أن العرب كان الحفظ عندهم كثير، لكن هذا غير لازم، يصعب أن يقال مثل هذا.

    الدليل على مد بعض الكلمات ست حركات

    السؤال: ما هو الرد على من قال: ما هو الدليل على قراءة مثلاً: السماء ست حركات، وغير ذلك من أحكام التجويد، ويقول: يا أخي! اقرأ باللغة العربية على السليقة بدون تكلف؟

    الجواب: الأصل في أحكام المد أنها عربية، يعني: زيادة المد عربي، لكن المقدار هو الذي فيه الإشكال، والمقدار يؤخذ من أهله، من أهل القراءة القراء الضابطون هم أهل القراءة، عندهم في المد المتصل ثلاث أو أربع أو خمس أو ست، ما هناك تكلف، والآن الجانب الإيجابي نقلبه إلى تكلف؛ لأنه إذا كان القراء يضبطون قراءتهم ويقولون: فلان قرأ بكذا وفلان قرأ بكذا، وهذا مد كذا وهذا مد كذا، ضبطوها إلى هذه الدرجة من الدقة في المقادير وضبطوها ضبطاً، فنجعل هذا تكلفاً بدلاً من أن نقول: هذه إيجابية، يعني: هذا الحقيقة فيه إشكال، فأنا أتمنى وأحب أن لا يغضب عليّ في أن أقول: هذا جاهل؛ ولو أن واحداً ليس له علم بالحديث، وتكلم عن الصحيح والضعيف والمدرج وغيره، ويخبط فيها تخبيطات، يرضى المحدثون بهذا؟ لا. وهذه قضية تخصصات، ونحن نأخذ من كل تخصص القضايا المسلمة عندهم، ما يأتي واحد يقول: والله الفاعل مرفوع، لا يا أخي أنا سأنصب الفاعل، ما يصلح، هذا مسلمة انتهت، فلماذا تسلم لعلماء العربية وتسلم لعلماء الحديث وتسلم للفقهاء وتسلم وتسلم، وإذا جاء التجويد ما تسلم؟

    ولهذا أنا نبهت أكثر من مرة أن التجويد أصله عربي، ولا يكون هناك نوع من زعزعة لهذا العلم، فهذا العلم متأصل وقوي جداً، لكن بعض المجودين لم ينتبه إلى أصالة هذا العلم، وليس هذا مجاله الحقيقة، ومن أراد أن يرجع إلى البث الإسلامي في تاريخ التجويد فهو موجود، وأصلته ونبهت على هذه القضايا، ونبهت على أصالة علم التجويد عربية وقراءةً، ورددت على بعض الآراء الموجودة مثل هذه التي ذكرتها.

    لزوم الوقف على مواقف الوقف اللازم

    السؤال: هل يلزم الوقف على مواضع الوقف اللازم وغيره؟ وما هي أفضل الكتب في الوقف؟

    الجواب: الوقف اجتهادي كله من أول القرآن إلى آخره، ليس هناك أي وقف ثابت لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن جبريل، ولا يوجد شيء اسمه وقف غفران، ولا وقف كفر، كل هذه الأوقاف ليست ثابتة أبداً، وليس لها إسناد. هناك طبعاً المصحف الباكستاني، وهذه من الأشياء التي يحذر منها ويجب أن ينبه عليها، في وقف النبي صلى الله عليه وسلم، في وقف جبريل عليه السلام، يوجد عشرة أوقاف يسمونها: أوقاف الكفر، مروية عن الماتريدي الإمام المشهور، ويوجد وقف يسمونه وقف غفران، كل هذه الأوقاف لم يثبت منها شيء، ولهذا من الخطورة بمكان إبقاء هذه الأوقاف وهي موجودة في المصحف الباكستاني الذي طبع في باكستان وهو معتمد على وقف السجاوندي موجود فيه هذه الأوقاف، وأنا أقول: هذا من الخطورة بمكان؛ لأن إدخال مثل هذه الأوقاف التي في أصلها ليس عليها دليل خطأ محض، وهذا مما يجب أن ينزه عنه المصحف، وليس هذا قولي فقط بل قول غيري ممن تكلم على بعض المشكلات في هذا المصحف.

    كذلك الوقف اللازم أول من تكلم به وأشار إليه السجاوندي توفي سنة (560ه)، وكان قبل يسمونه وقف البيان، ومرادهم: أن الوقف يبين المعنى، أي: عندما نقف هنا يتبين المعنى، ولو وصلنا لخفي المعنى، وهذه نفس فكرة الوقف اللازم، واللازم عند السجاوندي -وهذا نبه إليه المحررون في علم التجويد وفي علم القراءات-: هو اللزوم الاصطلاحي، وليس اللزوم الشرعي، وقد استدرك عليه بعض المتأخرين مثل ابن الجزري وقالوا: ليته لم يسمه اللازم؛ لأنه يوهم أنه اللازم الشرعي، وهو ليس مراداً من كلام السجاوندي ، فلو وضع بدل الوقف اللازم وقف البيان وضح المعنى، ولا يبقى هناك إشكال، لكن لا يوجد في القرآن وقف نقول: يجب الوقوف عليه، ولو وصلت فإنك آثم أو أنك تكفر، هذا لا يوجد، فلو وقف واقف في: إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللهُ [الأنعام:36]، فإذا ما كان في نفسه ونيته وقصده شيء، فهذا مما يتسامح به؛ لكنه ينبه ويعلم، والوقوف على المعاني لا شك أنه أكمل وأولى.

    العلاقة بين الأحرف السبعة والقراءات واللهجات

    السؤال: هل الأحرف السبعة هي القراءات أو هي اللهجات؟

    الجواب: لا هي القراءات من حيث القراءات، ولا هي اللهجات من حيث اللهجات، وإنما أخذت من هذا كله، والأحرف هي ما تصل إليه الأوجه مفردةً، يعني: كلمة كلمة، فمثلاً: قوله سبحانه وتعالى: وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ [التكوير:24]، كم وجه في (ضنين)؟ وجهان، أي: حرفان في النهاية، أنزل القرآن في هذه اللفظة بحرفين: حرف (ظنين) و (وضنين).

    كذلك (آدم) فَتَلَقَّى آدَمُ [البقرة:37]، كم وجه نزل من القرآن في آدم ؟ كم حرف؟ حرفان: (آدمَ) (آدمُ)، (كلمات) كم حرف؟ أيضاً حرفان: (كلماتٍ) (كلماتٌ)، لكن إذا تركبت القراءات، وصار فيها خلط، فهذه قضية أخرى خطأ، لكن فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ [البقرة:37]، (فتلقى آدمَ من ربه كلماتٌ)، لا يمكن الجمع بين هذه القراءات في غير هذه الطريقة، يعني: ما يصح: (فتلقى آدمَ من ربه كلماتٍ)، أو (فتلقى آدمُ من ربه كلماتٌ)؛ لأن هذا خلل في العربية، فالجمع الذي يورث مثل هذا، لا شك أن يدل على خطأ في الجمع؛ لكن (آدمُ) ثبتت، و (كلماتٌ) ثبتت، (وآدمَ) ثبتت، و(كلماتٍ) ثبتت، هذا باختصار.

    فإذاً القراءات قد تكون أصولها ثنائية أو ثلاثية أو رباعية أو خماسية أو سداسية أو سباعية، وإذا لم نجد كلمة فيها سبعة أوجه، فدل على أنه مما ترك، وكما قلنا: الذي أنزله هو الذي يأمر بتركه؛ لكن لا نستطيع أن نقول: وأين الكلمة السابعة؟ أين الوجه السابع؟ أين اللهجة السابعة؟ لا، بغض النظر في جميع أنواع الاختلافات المرتبطة باللهجة أو الصوتيات أو المرتبطة بالإعراب أو المرتبطة بقراءة التاء أو بالياء، كل هذه تدخل في الأحرف، لأنها أنواع، لكن لا يجتمع من هذه الأنواع المتعددة في كلمة أكثر من سبعة أوجه، في كلمة واحدة.

    قراءة (وهو أب لهم)

    السؤال: في قوله تعالى: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [الأحزاب:6]، إلى آخر الآية، هل هناك قراءة تزيد (وهو أب لهم)، هل هي قراءة شاذة، علماً أن المعنى جديد؟

    الجواب: نعم، هناك قراءة إذا ما كنت واهماً وهي قراءة: أبي، (وهو أب لهم)؛ لكن القراءة شاذة وهي مفسرة، يعني: يدخلونها في باب التفسير.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755930054